الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبين وآله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن سار على نهجه واتبع هداه الى يوم الدين وبعد :
فان الفطرة التي اودعها الله عز وجل للناس هي من الحجج الدامغة لابن ادم على نفسه . وقد ذكرني أخي مالك مناع على اهمية الموضوع فاحببت ان اكتب فيه على نحو ما أخبرني من مواضيع مع تصرف في الزيادة لما أجده مناسبا اثناء الكتابة .
ماذا نعني بالفطرة؟ قال في لسان العرب :
وهذا ما يقال عنه دليل الفطرة لا الفطرة عامةوالفِطْرةُ ما فَطَرَ الله عليه الخلقَ من المعرفة به
اذ ان كلمة الفطرة هي من الكلمات التي يختلف معناها باختلاف استخدامها فانها ان جردت تكون الفطرة :هي ادراك الشيء دون الحاجة لتعلمه من الاخرين.
فالفطرة امر لا يتعلق بما يتعلمه الانسان من اعمال ولكنها معرفة مرتبطة بالتكوين او الخلق , وسميت الفطرة فطرة لانها ترتبط مع الخلق من بدايته , وهي امر غير مكتسب بتعلم من الاخرين , فارتباطه بالفطر او الخلق سميت فطرة , وكل عمل يقوم به الانسان من غير تعلم مكتبسب بواسائل اكتساب المعرفة من سمع وبصر وفؤاد وما يتبعها من باقي الحواس هو امر فطري .
واهل الالحاد ينكروا الفطرة من حيث كونها موجودة , وهذا انكار عناد لاننا نعرف وجودها من المشاهد من تصرفات المخلوقات وافعال الناس , فان قال قائل هل تذكر لنا ادلة تبين صحة ما ذكرت من وجودها بتلك الصورة .؟ فنقول : تجد ذلك في كل المخلوقات في اعمال تقوم بها قبل ان تتعلمها من احد : كبحث المولود عن الحليب في موضعه ومصه الحليب دون ان يعلمه احد من قبل .
فهل تعلم المولود الرضاعة من احد ام انه عمل فطري بالغريزة ؟
ومن الفطرة معرفة وجود خالق يعرف بفضله على الناس . لذالك لا تجد امة لها تاريخ او حضارة الا وجدت لها معابد .
فيعترض معترض يقول : قلتم ان الفطرة في ادراك الخالق . فما دوروها ان كان الناس يعبدوا ما لا يحصى من الاله وهذا مشهود فيما نراه من معابد عبد فيه كل شيء الحجر والشجر والشمس والقمر والنجوم والناس وحتى الطين والفئران عبدت كلها فهل هذا مما يفسد قولكم من هذه الناحية ؟ فالجواب بالطبع لا . لان الفطرة تكون سليمة قبل ان يدخل الانسان عليها ما يفسدها ومع هذا فان الفطرة تنفي ان يكون شيء عبد من دون الله اله وانما يركن لذلك من اغلق قلبه وفتح سمعه دون وعي بتقليد من قبله عن غير بينة وهذا معنى قول الله تعالى :
اي خلقوا على ذلك لا على الشرك والكفر .فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم دور الفطرة وكيف يدخل على الانسان ما يفسد فطرته :
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه :كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء(حتى تكونوا أنتم تجدعونها) قالوا يا رسول الله أرأيت الذي يموت وهو صغير قال الله أعلم بما كانوا عاملينفالفطرة هي ما يجبل عليه الانسان دون تدخل احد . فاذا تدخل الاهل من اب او ام لا ينتهي دور الفطرة بل تكون مغروزة في قلب الانسان ولو انكرها بما غيره ابواه من تهويد او تنصير واو من تعليم ما يخالف وحدانية الله ووجوده .فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم
ما دليل زوال ما ما يشوب الفطرة من تعليم الابوين ؟
ذلك يمكن معرفته من وجوه : الاول ان الابن بتبع والديه ولكنه ان لم يتعلم منهم لسبب ككسل الوالدين او عصيانهما انه لا يفعل ما يعتقدوا به .
الثاني : ان العقل لا يقبل ما يشوب الفطرة . فلا يقبل عاقلا ان يكون خالقه اضعف منه ولا اجهل منه ولا ان يكون اصما ولا يكون لغيره عليه فضل .
الثالث : ان الانسان لو عاش الحادا او شركا وتعرض لمحنة فانه سيترك كل شيء ويدعوا الله الواحد القهار.
الرابع : ان الالحاد لا يزدهر الابسفك الدماء والاكراه الجبري بعكس الاديان حيث يتوجه اليها الافراد دون اجبار اختياريا وبدون شذوذ بين الناس بعكس الالحاد بالله وجودا الذي يعتنقه بعض الناس شذوذا .
فالفطرة لا تفسد وانما يخالف صاحبها العمل . فالفطرة ملازمة للانسان حتى موته لانها ليست مما يكتسب من الافعال
يتبع باذن الله تعالى
Bookmarks