صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 56

الموضوع: مع المستشرق موراني حول دعوى ((تحقيق القرآن)) واحتمال الزيادة والنقص واختلاف الترتيب

  1. Arrow مع المستشرق موراني حول دعوى ((تحقيق القرآن)) واحتمال الزيادة والنقص وتغيُّر الترتيب

    المستشرق الألماني د. ميلكوش موراني، كلية الآداب ـ جامعة بون ـ بألمانيا، وهو مستشرق بروتستانتي، تيسر له الاطلاع على بعض المخطوطات العربية والإسلامية، في بلاد المغرب وغيرها، خاصة مخطوطات الفقه المالكي.
    وقد سجل في (ملتقى أهل الحديث) و(ملتقى أهل التفسير)، ورأيتُ له كلامًا في هذا وذاك.
    وله لقاء مطول أجرته معه شبكة (ملتقى أهل التفسير).
    ليس جديدًا عليَّ، ولستُ جديدًا عليه، فبيننا مراسلات خاصة لا حصر لها، منذ أن تكلمتُ حول (الرقابة على التراث)، وجميعها حول التراث وقضايا المخطوطات، عدا بعض الرسائل الأخيرة فكانت من نصيب موضوعنا الحالي.
    دعوتُه للحوار والمناقشة العلنية العامة هنا في هذا المنتدى أو غيره، فلم أتلق منه أي ردٍّ حتى الساعة، ولا زلتُ في انتظار رده..
    ولذا لن أبادر بالدخول في الموضوع مباشرة، وسأقتصر على التمهيد اليسير له حتى يأتيني رد د.موراني بالإيجاب أو السلب على طلب مناظرته ومحاورته فيما ذهب إليه.
    ولن يطول انتظاري، وسأبدأ في طرح الموضوع في حال تأخر رده، أو التأكد من عدم حضوره، وإن كان الأمل في حضوره الآن قد أصبح ضعيفًا نوعًا ما، ولكن لا علينا من الانتظار قليلاً.
    لماذا الإصرار على طرح الموضوع؟
    لأنه يتعلق بأصل الإسلام العظيم ومعجزته الخالدة القرآن الكريم، وسيأتي كلام د.موراني وما فيه من مساس بجانب القرآن، واعتبار ذلك إهانة كبرى منه للقرآن المقدس، لها توابعها التي ستأتي الإشارة إليها إن شاء الله.
    وله أن يأتي ويتبرأ من هذا الكلام، أو ينفي صلته به، أو يعترف بأنه قد أخطأ في التعبير، ويعتذر للمسلمين في شتى البقاع عن خطئه الذي لم يقصده.
    نعم له هذا، ولسنا ممن يصدرون النتائج قبل سماع الشهود، ولا نحن ممن يصادر أقوال الآخرين ورأيهم الحر النزيه القائم على البحث العلمي المجرد، طلبًا للحقيقة، ولا شيء سوى الحقيقة..
    ولنا أن نقوم بالكشف والبيان له ولغيره عن حقيقة هذه الفكرة المغلوطة عن القرآن الكريم، والتي أنتجتها عداوة وبغضاء وحقد القرون الطويلة لدى الكنيسة النصرانية..
    ثم هاهي تتسرب شيئًا فشيئًا إلى ديار العروبة والإسلام بأقلام المستشرقين، تحت ستار البحث العلمي النزيه، أو التجرد والإنصاف، وهلم جرًّا من العبارات الجوفاء التي لا تنطلي على الجاد في البحث، العارف بما بين السطور من خبايا الأمور..
    ونحن هنا لا نبخس أحدًا حقَّه أبدًا، وإنما نعترف بالحق والصواب إذا كان لدى مخالفنا، بنفسٍ راضية مطمئنة؛ لأنه العدل الذي أسَّسَه الإسلام في أرواحنا، وأصَّلَه القرآن في قلوبنا، وغزَّتْه السنة وروته في أجسادنا.
    لكنَّا في الوقت نفسه لن نقبل المساس بديننا ولا بمقدساتنا بوجهٍ من الوجوه، ونعرف معنى كلام الخصم ومغزاه، ولا يخفى علينا بحمد الله ما يرمي إليه خصمنا من الطعن في الإسلام العظيم جملة وتفصيلا عن طريق إهدار القرآن والسنة وإثبات الانقطاع في هذا وذاك، ليصل إلى تلك الحقيقة التي باتت مشهورة عن الإنجيل المعاصر الآن، وهي أنه ليس وحيًا ربانيًّا، وإنما هو من تأليفات عقول البشر، وعمل أيديهم؛ والله أعلم بما عملوا..!!
    لا تخفى علينا هذه الحقيقة أبدًا، وسنكشف أبعادها وأطوارها، وكيف أردوا لها أن تسري في عقول أمتنا!!
    كل ذلك وغيره لابد من كشفه؛ لأنه حق من حقوق القرآن والإسلام في أعناقنا، كما وأنه حق للقراء المسلمين علينا أن نكشف لهم ما يحاك بدينهم، وأن نحذرهم منه، وأن ندافع لهم عن دينهم وكيانهم، وقرآنهم.
    ثم هو حق للمستشرقين جميعًا، بما فيهم د.موراني أن نعلمهم ما علمناه القرآن والسنة والإسلام العظيم، وأن نوضح لهم صورته الحقيقية الناصعة البياض، ليهلك من هلك بعد ذلك عن بينةٍ، ويحيى من حيَّ عن بينةٍ.
    كما وأنه من حق البحث العلمي علينا أن لا نبخل عليه بعلم علمناه، ولا بجهد قدرنا عليه دفاعًا عن الحقيقة التي يؤمن بها البحث، ويؤكدها النظر السليم، فمن الخيانة للبحث العلمي وللنظر السليم أن نعمّي نتائجهما عن الناس، أو أن نحيد بهما ونزورهما في نظر التاريخ والأجيال اللاحقة..

    وأختم بقول الله عز وجل:
    ((إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ [119] وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [120] الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ [121] يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ [122] وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ)) [البقرة :123].



    ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير..
    ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا..
    ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين..

  2. Arrow بداية القصة

    رأيتُ كلامًا للدكتور موراني سبق نقله في قسم الكلام على الكتب من ملتقى أهل الحديث، أثناء الكلام عن موطإ مالكٍ رحمه الله، في هذا الرابط:
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...729#post176729
    وفيه (نقلا عن لقاء شبكة التفسير بالمستشرق د. موراني) يقول الدكتور موراني:
    (.....كان هناك مشروع في النص القرآني قبل الحرب العالمية الثانية ، وجَمعَ تلاميذُ نولدكه المشهورون المتخصصون في القراءات نسخاً للقُرآنِ بغرض تحقيقِ النصِّ القرآنيِّ تَحقيقاً علميَّاً كما تُحقَّقُ كتبُ التراث.إذ ما بين يدينا مطبوعاً هو النص المتفق عليه وليس نصاً مُحقَّقاً بِمعنى التحقيق. ويقال : إِنَّ هذه المَجموعة من النسخ قد فُقِدت أثناءَ الحربِ ولا أحدَ يعلمُ بوجُودِها ، إلاَّ أَنَّ هناك مَن يَزعمُ أَنَّها في المكتبة الدوليةِ في مِونيخ ، والله أعلم.
    لدينا اليوم عدةُ نُسخٍ ثَمينةٍ ونادرةٍ ، مثل المصاحف التي في جامع صنعاء وفي غيرها في المكتبات. بعضها على البَردي ، وبعضها الآخر على الرَّقِّ أو الكاغد، لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا العَمَلِ الضخم من أجل إخراج النصِّ القرآنيِّ على منهج الدراسة المقارنة الإجمالية للنصِّ synopsis لَما كانَ هناك مجالٌ للجدال حول تخطئةِ (القرآن). رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر , حتى ولو كان جزئي , للآيات
    كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا ، وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ ، وهذه الأمور كلها واردة عند الدراسة المقارنة للنص .
    حدث ذلك ـ نعم ! ـ عند دراسة النصوص في الإنجيل ....).


    ـــــــــــ
    انتهى كلام د.موراني، فلما رجعتُ إلى لقاء شبكة ملتقى أهل التفسير به إذا بهذا الكلام هناك بنصه، واضحًا جليًّا لا لبس فيه، وواضحٌ من السياق أن د.موراني كان يقظًا حين ألقاه، ولم يكتبه في لحظة ضعفٍ أو سهوٍ..
    ملتقى أهل التفسير: http://www.tafsir.net/vb/showthread....5&page=7&pp=15

  3. Arrow تمهيد

    لقد تسربت هذه الفكرة الغريبة إلى بعض الناس غير د. موراني، فرأينا من يقول بالمساواة بين القرآن وبين بقية الكتب الإلهية التي أنزلها الله عز وجل على أنبيائه ورسله السابقين، ورأينا من يتكلم عن الجميع، ويقول: الكتب السماوية الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن.
    كما رأينا من يحاول جاهدًا كالدكتور موراني هنا أن يطعن في أسانيد القرآن وإلهيته وكونه وحيًا ليوافق بذلك ما أقرَّ هو نفسه به من بشرية الإنجيل!!
    وسيأتي هذا كله..
    فكان لزامًا علينا للفصل بين هذه الثلاثة أن نُعَرِّف القراء الكرام بها أولاً.
    لابد أن نعرف أولاً ماذا تعني التوراة والإنجيل، ثم نعرف ماذا يعني القرآن؟
    الموضوع شائك وحساس؛ نعم..
    ولكني آمل تفاعلا منصفًا من القرآء الكرام، كما وآمل بحثًا علميًّا وجادًّا، يخرج من قول الله عز وجل في قرآنه الكريم: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)) [المائدة :8]
    نعم؛ آمل تفاعلا عادلا مع المخالف والموافق، وأن لا تخرجنا عصبيتنا لديننا وقرآننا عن العدل الذي قامت به السموات والأرض.
    ولما كان د.موراني قد ربط بين القرآن وبين الإنجيل في كلامه، فسنقتصر في التعريف هنا بالقرآن والإنجيل.
    ولكني سأبدأ بأهم المهمات في الموضوع.
    نعم أهم المهمات أن نعرف البناء الذي خرج منه د.موراني..
    أن نعرف المحيط والكيان الذي جاء منه..
    فالإنسان ما هو إلا إفراز من إفرازت كيانٍ بعينه، يعيش فيه، يؤثر ويتأثر..
    فلنعرف كيان د.موراني وما هي الصلة بين ما ذكره وبين بقية أقاويل المستشرقين؟
    وهل ثمة فرق بين ما يراه د.موراني وبين ما يراه غيره؟
    أم ثمة خيط مشترك بين الجميع؟
    وبعدها لابد أن نبدأ بالإنجيل فنعرفه؟
    نعم ؛ لابد أن نعرف ما هو الإنجيل على الحقيقة، ولكن مع لزوم الاختصار غاية الاختصار وبلا إخلال..
    فإلى موراني وكيانه ننطلق بإذن الله تعالى..
    وإلى لقاءٍ قريبٍ قادمٍ إن شاء الله..

  4. Arrow الإنجيل..

    الإنجيل هو كتاب الله عز وجل الذي أنزله على عيسى بن مريم البتول عليهما السلام.
    وأعظم الناس توقيرًا للإنجيل هم أهل الإسلام.
    كما أن أعظم الناس وأكثرهم توقيرًا ومحبةً لعيسى ومريم عليهما السلام هم أهل الإسلام.
    فنحن في الإسلام نعتقد أن الإنجيل كتاب الله عز وجل المنزل على عيسى عليه السلام، ونؤمن به، ونذعن ونقِرّ بأنه كتاب الله سبحانه وتعالى.
    كما نُقر بنبوة عيسى عليه السلام، وأنه كان عبدًا رسولا، وأن الله رفعه إليه سبحانه وتعالى، وسيعود في آخر الزمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
    هذا بإيجاز ما يؤمن به المسلمون ـ وأنا منهم ـ حول الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام.
    وهذا الإنجيل العظيم لا يجوز الطعن فيه أبدًا، ولا يصح إيمان مسلمٍ حتى يؤمن بكتب الله كلها، ومنها الإنجيل.
    فالمسلم يؤمن بالإنجيل وغيره من الكتب الإلهية، إضافةً إلى إيمانه بالقرآن الكريم..
    بخلاف غيرنا من الأمم..
    ولهذا كان المسلم هو أسعد الناس حظًّا في الإيمان بكل الرسل، وبكل الكتب..

    أحببتُ البدء بهذه المقدمة الضرورية حتى لا يُساء فهم كلامنا، ولا يظنَّن ظانٌّ أننا نطعن في الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى، حاشا وكلا..

    إِذن ما هو الإنجيل الذي سنبحث فيه فيما بعدُ؟ ولماذا؟
    الإنجيل نوعان:
    الأول: الإنجيل الذي نزل على عيسى بن مريم عليهما السلام، فهذا قد مضت عقيدة المسلمين فيه، ونحن نؤمن به إيمانًا مجملا.
    الثاني: الإنجيل الذي بيد النصارى الآن، وهذا هو محل بحثنا، لنتعرف عليه.
    وبناءً على هذا آمل من القراء الكرام الانتباه إلى أن البحث سيدور حول الإنجيل الذي بيد النصارى الآن، وليس مرادنا في البحث ذلك الكتاب الرباني الإلهي الذي أنزله الله على نبيه عيسى عليه السلام.

    ومن أي جهة سيكون البحث؟
    لن نبحث في الإنجيل من حيث التحريفات التي صاغها النصارى فيه، ولا من حيث الاضطرابات والاختلافات التي لا حصر لها فيه، ولكنا سنتناوله من زاوية واحدةٍ فقط، وهي زاوية الثبوت.
    هل يثبت هذا الإنجيل عن عيسى عليه السلام؟
    هل يثبت عن غير عيسى من أنبياء الله؟ أم هو كتاب مؤلف صاغه بعض الكذابين في أزمنة ماضية؟ أم ..
    كل هذا سنتناوله باختصار من خلال بعض النقول اليسيرة التي تؤكد كلامنا ومذهبنا فيما نقول..

    ولماذا الاقتصار على قضية الثبوت فقط؟
    لأن كلام د.موراني عن قضية الثبوت من حيث كونه وثيقة، كما صرح لي بذلك، وكما صرح به في موضعٍ آخر، سيأتي نقله، فهو يرى أن الكلام عن هذه الأشياء لابد أن يكون متجردًا من الكلام في الإيمان، وأن هذه الأشياء تخضع للبحث العلمي المجرد، بعيدًا عن قضايا الإيمان..
    كذا يرى د.موراني، وبغض النظر عن مناقشتنا لهذا الكلام الآن، إلا أن علينا الأمانة في النقل، وأن نعامله كما صاغه كاتبه وأراده..

    ولماذا الاختصار؟
    لأن البحث في هذا ليس مطلوبًا على الحقيقة هنا، وإنما جاء مكملا لبحثنا الأم حول القرآن، فأردنا أن نكمل الموضوع برسم الصورة التي بنى عليها د.موراني كلامه السابق نقله عنه..

    وبعدها سنأتي على د.موراني ونحاول التعرف عليه أيضًا من خلال الربط بينه وبين غيره من المستشرقين.

    وبهذا نكون قد مهدنا لبحثنا حول دعوى د. موراني محل الرد..

    وإلى لقاءٍ..

  5. Arrow

    نفع الله بكم جميعًا، وممتنٌ لكم..
    وقد أعجبني هذا المقال السابق، لحداثة صدوره، وإلا فالنتيجة التي توصل إليها قد باتت مقررة لدى الكثيرين من كبار علماء العهدين القديم والجديد من زمنٍ سحيقٍ.
    ولعل أشهر من شهرها في أوائل عصرنا هذا أستاذ اللاهوت الكبير الذي أسلم وصار اسمه: ((إبراهيم خليل)) رحمة الله عليه، وناظر عددًا كبيرًا من القسيسين في السودان، في مناظرة شهيرة طبعتها دار الإفتاء السعودية تحت عنوان: ((المناظرة بين الإسلام والنصرانية)) لمحمد جميل غازي رحمة الله عليه..
    لا أطيل في هذا فسيأتي ما يؤكده.
    بل لم ينف هذا د.موراني، فهو ممن أكدوا بشرية الإنجيل أيضًا، وسيأتي كلامه.
    لكن دعونا نرجع إلى كلام د.موراني السابق هنا، والذي ردده في أكثر من مناسبة في رسائله الخاصة وكلامه العام في ملتقى أهل التفسير..
    وذلك بعد التذكير إلى أنه ليس من حق د.موراني أدبيًا أن ينسحب الآن، ومن حق البحث العلمي والقراء الكرام عليه أن يفسر لهم مراده، ولا يكفي أن يفسره لي أو لغيري في رسالتين أو ثلاثة، بل ما كُتِبَ علانية لا يُفسَّر إلا علانية..
    ثم هذا من حقوق المسلمين اللذين اطلعوا على هذا الكلام وفهموا منه الإهانة للقرآن الكريم..
    فآمل أن يفهم د.موراني هذا الأمر جيدًا..
    ثم مِنْ حقِّنا بعد ذلك إذا رفض الحضور أن نفسِّر كلامَه حسبما تقضيه طبيعة معرفتنا وخبرتنا بالاستشراق والمستشرقين وواقع الدراسات الاستشراقية وغير ذلك من الكيانات المحيطة بـ د.موراني، ثم من خلال كلام د.موراني نفسه وتصرفاته وألفاظه وخبرتنا به.
    ولا لوم علينا في الدفاع عن القرآن الكريم بالطريقة التي تناسبنا، ونرى فيها مصلحةً للبحث العلمي والقارئ الكريم؛ لأننا نحاكم كلامًا ماثلاً أمامنًا، ولسنا نحاكم شيئًا خفيًّا أو كلامًا لا زال في ضمير كاتبه لم يخرج للعيان..
    فسواء حضر د.موراني أو لم يحضر لن يغير ذلك من الأمر شيئًا بالنسبة لنا؛ ولكنه ربما نفعه حضوره من وجوهٍ كما لا يخفى.. ولا شأن لنا باختيارات غيرنا على كل حال!!

  6. Arrow إهانات د.موراني المتكررة للقرآن، وانطلاقه في كلامه عنه من أسسٍ دينيةٍ


    إهانات د.موراني المتكررة للقرآن، وانطلاقه في كلامه عنه من أسسٍ دينيةٍ
    عبارة د.موراني السابقة تقول: ((وجَمعَ تلاميذُ نولدكه المشهورون المتخصصون في القراءات نسخاً للقُرآنِ بغرض تحقيقِ النصِّ القرآنيِّ تَحقيقاً علميَّاً كما تُحقَّقُ كتبُ التراث.إذ ما بين يدينا مطبوعاً هو النص المتفق عليه وليس نصاً مُحقَّقاً بِمعنى التحقيق)).
    ويقول أيضًا: ((لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا العَمَلِ الضخم من أجل إخراج النصِّ القرآنيِّ على منهج الدراسة المقارنة الإجمالية للنصِّ synopsis لَما كانَ هناك مجالٌ للجدال حول تخطئةِ القرآن .رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر , حتى ولو كان جزئي , للآيات
    كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ
    وهذه الأمور كلها واردة عند الدراسة المقارنة للنص . حدث ذلك ـ نعم ! ـ عند دراسة النصوص في الإنجيل...)).
    فهذا الكلام الواضح الصريح الذي لا يحتاج لتأويل أو كبير تدبُّرٍ وتدقيق لفهمه، يحتوي على الآتي:
    أولاً: ((إذ ما بين يدينا مطبوعاً هو النص المتفق عليه وليس نصاً مُحقَّقاً بِمعنى التحقيق)).
    ثانيًا: ((لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا العَمَلِ الضخم من أجل إخراج النصِّ القرآنيِّ على منهج الدراسة المقارنة الإجمالية للنصِّ synopsis لَما كانَ هناك مجالٌ للجدال حول تخطئةِ القرآن)).
    ثالثًا: ((رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر حتى ولو كان جزئي للآيات
    كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ وهذه الأمور كلها واردة عند الدراسة المقارنة للنص)).

    رابعًا: ((حدث ذلك ـ نعم ! ـ عند دراسة النصوص في الإنجيل)).
    فهنا يُثْبت د.موراني أن النصَّ القرآني المتفق عليه الآن ليس محققًا، وأنه ربما ترتب على تحقيقه إعادة صياغة هذا النص القرآني من جديدٍ؛ لأننا قد نحصل على كلمةِ نقصٍ هنا وكلمة زيادة هناك.
    ويفطن د.موراني إلى أن القراء الكرام سيصدمهم هذا الكلام فحاول إزالة الاستغراب والصدمة عنهم بقوله: ((حدث ذلك ـ نعم! ـ عند دراسة النصوص في الإنجيل)).
    والسؤال الذي يطرح نفسَه هنا:
    إذا كان د.موراني ينطلق من البحث العلمي المجرد، كما يزعم، فهل من قواعد البحث العلمي أن نثبت النتيجة ونصل إليها قبل البحث؟
    هل من قواعد البحث أن نقول: ربما أدت المقابلة والتحقيق إلى وجود نقص هنا وزيادة هناك واختلاف في الترتيب؟ نقول هذا كله ونحن لم نبدأ بعدُ في البحث أو المقابلة؟
    خاصة وأننا نتعامل مع المتفق عليه، كما يعترف بذلك د.موراني نفسه.
    فهل يُعامل المتفق عليه، وعبر أربعة عشر قرنًا من الزمان بمثل هذه المعاملة المبنية على احتمال النتيجة قبل البحث فيه؟
    فكيف سيفعل د.موراني فيما لم يُتَّفَق عليه إذن؟
    فهل هذه أمانة العلم والبحث التي يزعمها د.موراني، ويطالبنا بالسير خلفه فيها؟
    فليقل لنا: مَن مِن الناس على مدار التاريخ قد توصل للنتيجة قبل بحثه؟
    خاصةً وأن المستقر والمعمول به والمتفق عليه بشهادة د.موراني هو النص الموجود بين يدي المسلمين الآن..
    وحتى لا يتشتت معنا القراء الكرام أقول بعبارة وجيزة:
    البحث وسيلة والنتيجة غاية، والغاية لدى د.موراني توضع قبل الوسيلة، وأمام القراء الكرام نصّ كلامه الدال على ذلك.
    بخلاف الباحثين والجادين في العلم فالوسائل عندهم لا تتجاوز قدرها ولا حدّها، وتبقى عاجزةً عن طرح النتيجة التي هي الغاية من الوسائل إلا باستكمال أكثر الوسائل، والسير قُدُمًا نحو الغاية المنشودة.
    مجرد معرفة الوسائل لا يكفي في استخراج الغايات أو النتائج منها؛ ما لم نسلك هذه الوسائل، لتؤدي بنا في نهاية المطاف إلى النتيجة التي هي الغاية..
    ومن لم يسلك الطريق مسافرًا إلى بلدةٍ معينة فلن يصلها أبدًا، ولو ظل عمره جالسًا يفكر في طريقة السفر!!!
    بخلاف د.موراني فقد بلغ البلدة، وسافر من محله الذي هو فيه إلى الغاية والنتيجة مباشرة وبلا وسائل أو بحثٍ مسبقٍ.
    يقول هذا كله رغم اعتراف بأن الموجود من القرآن الآن هو المتفق عليه!!
    فأي اتفاقٍ هذا الذي يزعمه د.موراني بعد نسفه لكل اتفاق؟
    ولا أقول أين كان علماء المسلمين على مدار أربعة عشر قرنًا من الزمان، وهم من هم دينًا وعلمًا وفطنةً وذكاءً؛ بل أقول: وأين كان علماء النصارى الأكثر علمًا وحقدًا على الإسلام من د.موراني؟ أمثال: إبراهيم أحمد خليل الذي تحول إلى الإسلام، وهو أستاذ اللاهوت المعروف، والذي صار بعد ذلك شيخًا عظيمًا ينافح عن القرآن الكريم، ويكشف فساد فهم المستشرقين وغيرهم حول مسائل الإسلام المختلفة..
    دعنا ننقل لـ د.موراني كلمة ذاك المستشرق الألماني (بلد د.موراني) رودي بارت (1143م) حين يقول: (إن الهدف من الكتابات الاستشراقية كان إقناع المسلمين بلغتهم ببطلان الإسلام واجتذابهم إلى الدين المسيحي) [الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية للمستشرق رودي بارت ص 11 ترجمه إلى العربية مصطفى ماهر، ونشرته دار الكتاب العربي].
    ثم دعنا نرى ما هو الخط المشترك بين د.موراني وبين غيره من المستشرقين في قضية القرآن الكريم.
    لنرى ما هو المنطلق الذين ينطلقون منه؟
    وما هي الزاوية التي يقصدونها بالتحديد وبلا (لف أو دوران)؟
    نرى أن جولدزيهر اليهودي وغيره من المستشرقين يرددون في غير مناسبة دعوى أن القرآن ليس وحيًا من عند الله، وما هو من وجهة نظرهم العليلة إلا مجموعة من ترهات محمدٍ [صلى الله عليه وسلم]، وأنه قد اعتراه التحريف والتبديل بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يثبت جمعه في زمن النبي صلى الله علي وسلم، وأن الحروف الموجودة في أوائل السور (حم عسق) ونحو ما هي في نظرهم إلا أسماء لأصحاب النسخ التي استخدمها زيد بن ثابت [رضي الله عنه] في جمع المصحف في مصحفٍ واحدٍ!!
    ويقول هاملوت جيب (1895 ـ 1965م): ((ولما كان محمد يريد أن يشمل دينه الشعوب الأخرى غير العربية أدخل ذلك كله ضمن منهج القرآن)).
    وقد فنَّد هذه الأباطيل وردها كلها الأستاذ أنور الجندي رحمه الله في ((المستشرقون والقرآن الكريم)) والشيخ محمد الغزالي في ((دفاع عن العقيدة والشريعة)) وغيرهما..
    والذي يهمنا هنا أن الكيان الذي تعلم فيه د.موراني وقرأ وتغذى على كتبه هو هذا الكيان السابق بالطعن في القرآن ونفي إلهيته ومعجزته..
    لكن فاق د.موراني كيانه المذكور فجاء يزعم البحث العلمي، حتى إذا سلمنا له بالبحث العلمي المزعوم قال لنا: لا توجد نسخة واحدة من نسخ المصحف الحالي قد كُتِبَتْ في عصر النبوة، وأقدم نسخ مخطوطات المصاحف كتبت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فيظن أنه بذلك يصل بنا إلى أن القرآن منقطع الإسناد، وأنه لم يثبت به نقل ثابت، وأنه ليس وحيًا!!!
    كذا أراد ويريد د.موراني أن يقول، ولكنه لا يصرح به، ومن هنا يفصل د.موراني بين الوحي والعلم في قضيةٍ يستحيل فيها الفصل!!
    فيقول: (القرآن نص) ولابد لنا أن نعامله كوثيقة، ووثيقة مهمة، ولا شأن لنا بالوحي، ويزعم أنه لن يكون منصفًا لو تعامل معه على أنه وحي..
    ثم يُتْبِع ذلك بأن البحث العلمي في هذا النص القرآني ربما أدى إلى وجود زيادة ونقص واختلاف ترتيب في هذا النص القرآني الموجود بيد المسلمين الآن؛ لأنه في نظره ليس محققًا بمعنى التحقيق، وإن كان متفقًا عليه؟!!!
    فهل رأى القراء الكرام عبثًا بالألفاظ، ولا تناقضًا وتنافرًا بين لفظين متجاورين أبشع في تاريخ البشرية من هذه الدعوى المتهالكة؟!!
    ثم لنا أن نسأل: هل تغيَّرَت نظرة جولدزيهر وغيره من المستشرقين للقرآن؟ أم أن د.موراني وغيره يرددون تلك النظرة القديمة الرامية للطعن في القرآن ولكن بأسلوب جديد؟
    نجد الجواب عن ذلك عند د.موراني حين يقول لنا بوضوحٍ تامٍّ أثناء كلامه عن إدوارد سعيد فيقول د.موراني: ((غير أنه قال كلمة حق ولم يرد بها الا الحق عندما زعم أنّ موقف المستشرقين لم يتغير في جوهره عن موقف أسلافهم , يعني بذلك في الدرجة الأولى موقف المستشرقين من النبي ومن القرآن . الاّ أنه أخطأ عندما زعم أن منهجية الأبحاث لم تتغير)) [مستند 5].
    ويقول د.موراني أيضًا: ((أما الموقف المبدئي من القرآن فهو لم يتغير : الاستشراق لا ينظر الى القرآن انه وحي وكتاب منزل بل يعتبره ( كما سبق لي أن قلت) نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد . وهذه النظرة متواترة في الدراسات الدينية حول تأريخ النصرانية واليهودية أيضا)) [مستند 5].
    ويُفسِّر لنا د.موراني الأمر ويزيده تلبيسًا وتزويرًا للحقيقة في مكانٍ آخر فيقول: ((ومن جانب آخر لا أذكر طعنا ما أو حقدا ( الحقد.... لماذا ؟ ) او حتي تشويها مقصودا لدى Nöldeke الذي أجرى دراسات دقيقة حول (عربية القرآن) حسب منهجية اللغويين , أي بحث وحلل بعض الآيات من ناحية اللغة وأشار الى بعض الظواهر اللغوية والنحوية في نص القرآن ولم يتدخل في شؤؤن العقيدة ولم يطعن أو (يحارب) شيئا من هذا الدين . بل اعتبر المواد التي درسها , كما فعل جولدزيهر , نصا وموضوعا للبحث فقط بدون أي اشعار الى عقيدته هو أو الى عقيدة غيره)) [مستند 6].
    فهو راضٍ عن بلايا جولدزيهر وطعوناته في القرآن، والتي سبقت الإشارة لبعضها، ثم هو يلعب بعقول القراء ويُلَبِّس عليهم ويستخف بهم فيقول: ((وأشار الى بعض الظواهر اللغوية والنحوية في نص القرآن ولم يتدخل في شؤؤن العقيدة ولم يطعن أو (يحارب) شيئا من هذا الدين)).
    وكأن القرآن ليس أساسًا لعقيدة المسلمين، بل هو لا يمت لعقيدتهم في نظر د.موراني بصلة، فهو كأن لم يكن!! لأن البحث في الظواهر اللغوية فيه وغير ذلك ليس تدخلاً في العقيدة، فإذا كان البحث في القرآن ليس تدخلاً في العقيدة كما يزعم د.موراني، فهذا يعني أن القرآن ليس من العقيدة أصلاً، ولا يمت لها بصلة!!
    فهذا هو البحث الحر النزيه الذي يريده د.موراني.
    مما يؤكد للقراء الكرام أن د.موراني ينطلق من أسسٍ دينية بحتة، وأنه هو هو جولدزيهر وغيره من الطاعنين في القرآن لا فرق بينهم سوى في آليات التناول كما أشار هو نفسه من قبل في كلامه على إدوارد سعيد.
    ويؤكد هذه الحقيقة قول د.موراني في سبب عناية المستشرقين بالقرآن: ((ان السبب ليس كما يقال : كلمة الحق يراد بها الباطل ! بل , القرآن يحتل المرتبة الأولى والعليا باعتباره كتابا مقدسا للدين , ومن هنا يعتبر منطلقا أساسيا لفهم الدين ولدراسته)) [مستند 6].
    وهكذا يكتب الله عز وجل التصريح الواضح الجلي على لسان د.موراني لتشهد عليه الأجيال الحالية واللاحقة بما كتبه و خطَّه..
    ومن هنا لم يجد د.موراني حرجًا في الإعلان عن مؤتمرٍ أولى محاضراته بعنوان: [اللحن في القرآن . مسائل لغوية وتفسيرية ( ملخص)] [مستند 4].
    كما لم يجد د.موراني حرجًا أيضًا أن يُصَرِّح بأن درسات نولدكه المخربة للقرآن والطاعنة في لغته هي ((من الأعمال المعتمد عليها)) فيقول د.موراني:
    ((فيما يتعلق بدراسات نولدكه حول لغة القرآن ( القرآن والعربية) , فهي دراسات لغوية وأيضا مقارنة باللغات السامية الأخرى فهي تعتبر حتى اليوم من الأعمال المعتمد عليها في االدراسات الحديثة . لا يقول نولدمه انّ في الفرآن (عيوب لغوية) , بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات استعمالا متناقضة لغويا ليس لها مثيل عند الشعراء وفي لغتهم))
    [مستند 3].
    ولا ينس د.موراني هنا أن يستخفَّ بعقول المسلمين والقراء كعادته فيقول: ((لا يقول نولدمه انّ في الفرآن (عيوب لغوية) , بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات استعمالا متناقضة لغويا)).
    فلينتبه القراء الكرام‌‌‍‍‍‍!! فهي ليستْ عيوبًا ولكنها ((ظواهر لغوية متناقضة لغويا)) و((استعمال مفردات استعمالا متناقضة لغويا)).
    وعليكم يا قراء أن تصدقوا بالشيء ونقيضه في مكانٍ واحدٍ وعلى الرحب والسعة!!
    فهل ظنَّ د.موراني بعقول القراء أنها قد بلغت مثل هذا السَّفَه؟!!
    أم غرَّه سكوتُ الناسِ عنه على مدار الأيام الماضية؟!! فظنَّ أن سيفلت بجريمته وطعوناته في القرآن المقدس ومن وجهةِ نظرٍ دينية؟!!
    وبعد هذا الاستخفاف بعقول القراء والإهانة للقرآن المقدس والانطلاق في طعوناته عليه من أسسٍ دينية كما مضى ذلك واضحًا صريحًا، فبعد هذا كله لا مانع لدى د.موراني أن يمرر تلك الجرائم والإهانات بكلمةٍ تخفي ما مضى في ظنّه، أو يخدع بها السذّج فيقول:
    ((الباجي يكتب في اجابته مشكورا :

    أما أصل المسألة فنحن المسلمين على ثقة فوق التامة بصحة نقل كتابنا حرفا حرفا، هذا أمر منتهى منذ نزل به الروح الأمين، وإلى يوم يرفع من الأرض.

    أقول : أنا لا أشكّ ولم أشك أبدا بما تقولون, غير أنّه ليس موضوع الحوار)) [مستند 7].

    فأين هذا الذي لا تشك فيه؟! وهل أبقيتَ منه شيئًا حتى تشك أو لا تشك؟!!

  7. Arrow هل يُعَدّ د.موراني مبشِّرًا نصرانيًّا؟!

    هل يُعَدّ د.موراني مبشِّرًا نصرانيًّا؟!

    لا زلنا نُمَهِّد لموضوعنا الذي قصدنا لبيانه، وهو إزالة شبهة د.موراني المذكورة حول القرآن الكريم، ولكن كان علينا كما سبق أن نتعرف أولاً على د.موراني، وأفضل من يُعَرِّفنا به هو كلامُه الذي وقفنا عليه، ثم علينا بعد ذلك أن نتعرَّف على هذا الكتاب الذي قرَنَه د.موراني بالقرآن الكريم، وأراد عبثًا أن يُسوّي بينهما، وإِنْ لم يقلها صراحةً؛ لكنها فاحتْ من بين السطور، وما بين السطور يهتك خبايا المستور‍‍!!
    لا زلنا نتعرف على د.موراني، وجوانب شخصيته!!

    وقد أثبتنا في المداخلة السابقة بما لا يدع مجالا للشك، ومن خلال كلام د.موراني انطلاقه في بحثه ودراسته حول القرآن وغيره من علوم الإسلام من أسسٍ دينيةٍ بحتةٍ، وأشرنا إلى تلك الإهانات التي وجهها للقرآن الكريم، وللدين الإسلامي.

    كما أشرنا إلى أسلوبه الملتوي في الاستخفاف بعقول القراء والتلبيس عليهم، لتنطلي عليهم حيلته!!
    وإِذْ وصلنا إلى هذا الحد: علينا الآن أن نسأل: هل كان د.موراني مبشرًا نصرانيًّا؟
    نسأل د.موراني عن هذا الأمر وننتظر جوابه كعادتنا فإذا به يقول لنا:
    ((ومن يتساءل ويشك فيما يؤمن المسلم به أو يرفض علانية ان هذا الكتاب غير منزل ويخوض حوارا ومجادلة من زاوية دينه وايمانه ضد (أهل القرآن) فهو ليس من المستشرقين . قد يكون (مبشرا) أو داعيا الى فرقة من الفرق الدينية الكثيرة))
    [مستند 6].
    فالمبشر عند د.موراني هو من رفض أن الكتاب (يعني القرآن) غير منزل، وهو من خاض حوارًا ومجادلة من زاوية دينه وإيمانه ضد أهل القرآن كما يقول، ففي هذه الحالة:
    ليس من المستشرقين
    قد يكون مبشرًا
    أو داعيًا إلى فرقة من الفرق الدينية الكثيرة..
    هذه هي النتائج الثلاثة التي ذكرها لنا د.موراني.
    وأقول: قد سبق بيان انطلاق د.موراني في بحثه من أسسٍ دينيةٍ، كما سبق ما يدل على متابعته لأسلافه في الطعن في القرآن وعدم الإيمان بإلهيته أصلا؛ لأنهم هكذا كانوا يؤمنون به ـ يعني أسلافه ـ ثم جاء د.موراني ليقرر كما سبق في المداخلة السابقة أن موقف الاستشراق من القرآن لم يتغير، في الوقت الذي أشاد فيه د.موراني بأمثال جولدزيهر وغيره ممن أنكر أن يكون القرآن وحيًا، فهذا يعني لدى أقل العقول فهمًا أن يكون د.موراني متابعًا لهم حذو القذة بالقذة..
    ثم يعني ذلك لدى أقل العقول ممارسةً للفهم: أن يكون د.موراني مبشِّرًا نصرانيًّا حتى النخاع!!
    ولسنا في حاجة للإطالة بعد كلام د.موراني السابق نقله عنه في المداخلة السابقة، فقد قطع قولَ كلِّ خطيب!!

    وما هي أوصاف هؤلاء المبشِّرين لدى د.موراني؟ وهل تعرفها وتبينها لنا أيها الكاتب؟

    أقول: نعم وقفتُ على بعض الأوصاف في كلام د.موراني للمبشرين أو لمن يقوم بتحريف القرآن.
    فيقول لنا في وصفه لجماعة قاموا بإصدار مصحف اسمه مصحف الفرقان، حرفوا فيه تحريفًا عظيمًا، واخترعوا سورًا من عندهم، وحشوه بالتنصير والنصرانية، وسموا بعض سوره بأسماء سور القرآن تلبيسًا وتزويرًا منهم للحقيقة، فقال د.موراني: ((هذا مثل آخر لتلك الفرق الكثيرة المنتشرة في الغرب خاصة في أمريكا كان من المستحسن تجاهلهم تماما وعدم ذكرهم لان ذكرهم بمثابة اشهار لهم وهذا ما يريدون......وهم شرار خلق الله
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا)).

    http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=2683

    وقال موراني في موضع آخر أثناء كلامه عن كتاب (جمع القرآن) لبعض المستشرقين [مع ملاحظة عدم الانخداع بتفريقه بين المبشرين والمستشرقين هنا]، حيث قال:
    ((الى من بصدد هذا الأمر :
    لقد صدر هذا الكتاب عام 1989
    ولم اسمع به الى يومنا هذا ( والحمد لله !)
    أما المؤلف فلم اجد اسمه مذكورا في الدراسات الاستشراقية حتى اليوم
    ولم أعثر على اسمه مشاركا في المؤتمرات والندوات الاكاديمية حتى يومنا هذا أيضا
    كل ما يقلقني في هذا الأمر أن كل من يغمس لسانه في الحضارة الاسلامية
    دينا كان قرآنا او حديثا تفسيرا أو أدبا أو شعرا ...الخ فهو يسمى ب(مستشرق).
    هذا أيضا من الشبهات ! هذا المؤلف قام بشيء مرفوض رفضا تاما
    وينبغي ألا نعالج أسلوبه بأساليب العلم أو بأساليب الايمان
    لأن كل ما وراء كلامه لا يدخل من باب الاستشراق بل مكانه في دار النصارى المتعصبين والمبشرين .
    وأرجو من الجميع أن يتفضلوا بالتفريق بين هذا وبين الاستشراق مشكورين لأن هذا في واد والمستشرق في واد آخر تماما
    موراني
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا))

    وقال في موضع آخر أثناء الكلام عن ((الاختلافات اللفظية في استشهادات قرآنية... شبهات تنصيرية)):
    ((الاخ الكريم ش . م .
    ربما كنت أنا متفاءلا أكثر منكم عند معالجة المسألة المطروحة هنا .
    لأنني لا أظن أنّ هناك مسلما واعيا معتصما بدينه يتعرض لفتنة بسبب ما يزعم هؤلاء أذلة وأقلة من الناس .
    السبيل الوحيد لايقاف هذه الآراء الفاسدة من جانب هؤلاء الضالين هو عدم ذكرهم وعدم الرد عليهم . هذا الطريق نافع جدا في الانترنيت على الأقل .
    عندما تجيب عليهم بما هو أحسن وأصح , بل الصحيح , فدخلت معهم في الحوار والمجادلة . وهذا هو بالضبط ما يريدون !
    التجاهل الكامل في هذه الحالة خير من مجادلتهم .
    وفقكم الله
    موراني
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا)).

    http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=7471#post7471
    ولا شك أن دعوة د.موراني لتجاهلهم هنا المراد منها أن يتجاهلهم أولوا العلم والنهى، ليُتْرك لهم المجال الرحب الفسيح مع عامة الناس وضعفاء العلم يلبسون عليهم دينهم ويفعلون ويفعلون!!
    وبهذا الذي سبق عن د.موراني أختتم لقاء اليوم مع القراء الكرام، آملاً أن ييسر لي الله عز وجل العودة القريبة لاستكمال الموضوع بكافة جوانبه إن شاء الله.
    خاصةً وأننا لا زلنا في بداية الطريق، ولا زلنا نمهد للكثير والكثير!!
    وآسف لاستعجال كشف هذه الحقيقة التي ربما طالبني بعض الأفاضل بتأخيرها حينًا؛ لكني ممَّن يؤمنون بالحكمة القائلة: ((لا تؤخِّر عمل اليوم إلى الغد))!!
    وإلى لقاءٍ قادمٍ إن شاء الله تعالى..
    بعد أن نُذَكِّر القراء الكرام بحصاد اليوم الإخباري!!..

  8. Arrow المستندات

    المستندات
    لكننا نؤجل حصاد اليوم الإخباري حتى يقف القراء الكرام أولا على مصدرنا الذي أخذنا منه كلام د.موراني، وأشرنا إليه عقب النقل منه بقولنا: ((مستند1، مستند 2)) إلخ..
    فلابد أولا من وضع هذه المستندات تحت تصرف القراء الكرام، ليروا بأنفسهم، ويستخرجوا منها ما لم يسبق لنا استخراجه، ويعينونا في هذا السبيل بالنصح والمشورة والمساعدة إن شاء الله عز وجل..
    وهذه المستندات التي أذكرها للقراء الآن هي مشاركات د.موراني، أذكرها بنصها عن طريق القص واللصق بالجهاز مباشرة، وأضع في نهايتها رابطها على الشبكة إن شاء الله تعالى..
    وآمل أن يتدبر القراء الكرام فيها، ويخرجوا منها ما لم نخرجه فيما سبق..
    وهي كالتالي:


    [مستند 1]
    يقول د.موراني في بعض المناسبات:
    ((الباجي المحترم يقول :
    فكلا قصديه باطل لا محالة، لأن القرآن مصدره الوحي الإلهي ليس غير، فهو من عند الله لفظا ومعنى، وما على الرسول إلا البلاغ المبين.

    حسن ! يتبين من خلال هذا القول ان صاحبه ينطلق من ايمانه المطلق بالوحي . وليس لي أن أمسّ شيئا في هذا الايمان بل عليه أيضا أن أحترمه . فهذا هو ما أفعله دائما في الحوار العلمي مع غيري , مع المسلم المؤمن .
    الي جانب هذا الاحترام هناك شيء آخر لا بد من ذكره (بدلا من مهاجمته) , فهو :
    انّ القرآن نصّ ( الى جانب أنه وحي لمن يؤمن به)
    والأبيات لهؤلاء الشعراء أيضا نص ( ولا أقول انّ هذا النص مزيّف )

    ومن هنا لا أقول انّ النص القرآني أدخل فيه شيء من الشعر
    كما لا أقول أن الشعر قد أخذ شيئا من نص القرآن .

    عندما نجتنب القضايا التي تتعلق بالايمان فقط نجد أننا نواجه نصّين : القرآن من ناحية والأبيات في شعر هؤلاء الشعراء من ناحية أخرى .

    فمن هنا لا نقول : القرآن جزء من الشعر المعاصر في عصر النبوة , كما لا نقول انّ النص القرآني ( الوحي ) له تأثير على هذا الشعر .
    لا شك في أن المجتمعات في جزيرة العرب تأثرت بالأفكار الحنيفيين , أي بفكرة التوحيد .

    وقد بلغت هذه الحركة التأريخية ذروتها في النبوة : .....(ورضيت لكم الاسلام دينا ) , كما ذكرت ذلك في اللقاء مع هذا الملتقى المفيد من قبل .

    الباجي المحترم : عندما تترك مسألة الايمان الى الجانب وتحاول اجراء الحوار وفق البحث الوضعي سترى اننا سنصل في النهاية الى خلاصة في البحث لا يشك فيها أحد : هذا يرضى بايمانه بالنص , وذلك يرضى برأيه العلمي المعتمد على النص أيضا .
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا)).
    http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3363

    [مستند 2]
    الجمع بين الأسئلة
    أشكر للجميع على اهتمامهم ومشاركاتهم في هذا الحوار .
    قد يكون من المستحسن أن أجمع بين بعض الأسئلة المطروحة في الأيام السابقة وذلك بسبب
    التشابه بعضها بالبعض حينا وبين أهدافها حينا آخر .
    كما أبرزت في مطلع هذا الحوار ليس في الاستشراق المعاصر والحديث أغراض لتشويه الدين الاسلامي أو زرع بذور الشكوك في قلوب المسلمين . الهدف الرئيس في البحث هو اتّباع المبدأ الأساسية في جميع نواحي الدراسات , وهو الموضوعية في البحث. ليس هذا المبدأ وليدة العقود الماضية بل هو المنطلق عند دراسة جميع الأديان والحضارات شرقية كانت أو غربية.
    نقطة الخلاف بين الاستشراق الغربي والمفهوم الذاتي لدى المسلمين ترجع أساسا الى مسألة الفصل بين الدين ومتطلباته من ناحية وبين العلم ومتطلباته من ناحية أخرى . ما كان في الدين فرضا لا مجال للشك فيه يصبح في العلم موضوع البحث ومن هنا لا يخضع للمعايير الدينية .
    عندما يقترب الباحث من القرآن باعتباره وحيا وكتابا منزلا يأتي بنتائج لا تخرج من نطاق المتطلبات الدينية بل تتفق مع ما فرضت التعاليم الدينية على الباحث .
    عند القراءة في الكتب التي ألفت حول نبي الاسلام يتبين للجميع مسلما كان أو غير مسلم أنّ الاستشراق يعتبر محمدا شخصية تاريخية ونبيا معا . فالسبب لذلك لا يعود الى (ايمان) الباحث بالنبوة بل الى اقتناعه الثابت أن محمدا قد رأى نفسه رسولا وعبرت عن ذلك عدة آيات في القرآن كما عبرت عن اخلاصه وعن أبعاد ايمانه الذي لا يشك فيه أحد . فالوثيقة التأرخية التي تؤدّي بالباحث الى هذه المعرفة هي القرآن نفسه . أو بعبارات أخرى : لقد وصلت الى نفس الحقيقة والى نفس المعرفة التي يؤمن به المسلم بعدم اعتبار مصدري ( أي القرآن) وحيا بالضرورة أو كتابا منزلا .
    لقد كتب الاستشراق كتبا ومقالات ودراسات حول عصر النبوة والتاريخ الاسلامي في مختلف فتراته غير أنني لا أذكر كتابا رفض مؤلفه فيه النبوة . من هذه الكتب الأساسية ما أصدره المستشرق الانجليزي W.Montgomery WATT في مجلدين : محمد في مكة ومحمد في المدينة . ولخصهما في كتيب عام 1961 تحت العنوان : محمد النبي والسياسي Muhammad Prophet and Statesman .
    فالباحث يعترف اذا بهذه الشخصية نبيا وسياسيا ويرى في سيرته تطورا هائلا مرسوما في كتب السيرة وفي الفرآن معا . بل يرى أيضا أن هناك تطورا ملموسا حتى في اللغة من الآيات المكية الأولى الى ما بلغ هذا الدين ذروته في الآية:

    ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )
    وكذلك في خطبة حجة الوداع .
    اذا يتخذ الباحث مبدأ (الموضوعية) أساسا لبحثه فيجب أن يعترف بالعظمة التأريخية وأبعادها بكل سهولة تاركا مسألة الايمان والشعور الدينية الى الجانب .

    (سيتبع)
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
    http://www.tafsir.net/vb/showthread....5&page=2&pp=15

    [مستند 3]
    فيما يتعلق بدراسات نولدكه حول لغة القرآن ( القرآن والعربية) , فهي دراسات لغوية وأيضا مقارنة باللغات السامية الأخرى فهي تعتبر حتى اليوم من الأعمال المعتمد عليها في االدراسات الحديثة . لا يقول نولدمه انّ في الفرآن (عيوب لغوية) , بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات استعمالا متناقضة لغويا ليس لها مثيل عند الشعراء وفي لغتهم. ويتأسف على أنّ كتاب القراءات للطبري بقي في حكم المفقود .
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
    http://www.tafsir.net/vb/showthread....5&page=3&pp=15

    [مستند 4]
    المؤتمر ال29 للمستشرقين الألمان
    يعقد المؤتمر التاسع والعشرون للمستشرقين الألمان في مدينة Halle في ألمانيا بين 20 الى 23 هذا الشهر .
    ونظرا الى أن الأخبار حول هذا اللقاء العلمي باللغة الألمانية في الغالب أود أن أفيدكم بعناوين بعض المحاضرات المتعلقة بدراسات القرآنية :
    - اللحن في القرآن . مسائل لغوية وتفسيرية ( ملخص) .
    - حول تفسير بعض الآيات القرآنية في الكتاب لسيبويه.
    - أقدم مدرسة للغة العربية .
    - ملاحظات حول نشأة فقه اللغة وعلاقته بتفسير القرآن .
    - يسار نوري أزترك و(العودة الى القرآن) في تركيا .
    - التفسير الأدبي في مصر .
    - قضية الحكم في التفسير لدي سيد القطب .
    - تأريخية القرآن . مناقشات معاصرة عند الأكادميين في تركيا .

    http://www.dot2004.de/aktuell.php

    موراني
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
    http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=2627

    [مستند5]
    (الاستشراق) لأدوارد سعيد
    لم يكن مؤلف هذا كتاب مستشرقا ولم يدرس المواد الاستشراقية , بل (كما يقال) كان (مفكرا عربيا) ومتخصصا في الأدب الانجليزي . وحكمه وموقفه من الاستشراق الحديث يتركزان على بعض أعمال الاستشراقية باللغة الانجليزية بغير لفط النظر الى الاستشراق الألماني أو الفرنسي وحتى الاسباني حتى ولو بجملة قصيرة .
    غير أنه قال كلمة حق ولم يرد بها الا الحق عندما زعم أنّ موقف المستشرقين لم يتغير في جوهره عن موقف أسلافهم , يعني بذلك في الدرجة الأولى موقف المستشرقين من النبي ومن القرآن . الاّ أنه أخطأ عندما زعم أن منهجية الأبحاث لم تتغير . انه كان عاجزا من أن يرى أن المنهجية والاقتراب من العلوم الاسلامية قد تغيّر كما تغيرت الأوضاع بظهور المصادر الجديدة التي لم يتناولها الأسلاف بسبب عدم وجودها في بداية القرن 20 م مثلا .
    أما الموقف المبدئي من القرآن فهو لم يتغير : الاستشراق لا ينظر الى القرآن انه وحي وكتاب منزل بل يعتبره ( كما سبق لي أن قلت) نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد . وهذه النظرة متواترة في الدراسات الدينية حول تأريخ النصرانية واليهودية أيضا . اذ لا يعتبر الباحث الانجيل (مثلا) كتابا مقدسا في الأبحاث الموضوعية اذ ان اعتبره مقدسا أو حتى وحيا فارق ميدان الموضوعية في البحث . وكيف يعتبره وحيا عندما يجد في بداية كل كتاب فيه اسم مؤلفه الذين نشؤوا ما بين 60 الي110 عام بعد نشاط عيسى ! النظرة التأريخية شيء ونظرية الكنيسة وتعاليمها شيء آخر تماما . وهكذا الامر في الدراسات حول القرآن أيضا الذي يعتبر نصا تأريخيا . أنا شخصيا أنصح وأصرّ على النصيحة لطلابي ألا ينسوا أن هذا الكتاب الذي جعلوها موضوعا لدراساتهم ليس نصا فحسب بل هو أيضا وحي لمن يؤمن به ولذلك ليس لي أن أتجاوز حدودا رسمتها الأخلاق كما فرضها عليّ الاحترام تجاه ايمان الآخر به .
    عندما ننظر الى الحضارة الاسلامية بعد الانتشار السريع والمذهل للاسلام ديانة جديدة من الحجاز الى بلاد الشام والعرق ومصر خلال ما يقل عن 30 سنة من التأريخ فلا بد أن نعترف بالحقيقة أن لقاء الحضارات والمجتمعات المختلفة بعضها ببعض لم يتم بغير تأثير متبادل , فمن هنا للاسلام وجوه حتى الى يومنا هذا , أم لا يرى المرء المتأمل آثارا فارسيا وهنديا وغيرها في الحضارة العربية ؟
    لقد قلتم :
    الإسلام مزيج ثقافي مستعار من عدة ثقافات أخرى يهودية ونصرانية، يونانية وفارسية , كما جاء ذلك على لسان الاستشراق .
    ربما كانت العبارة ( مستعار) في غير موضعها . قد يكون من المستحسن أن يقال أنّ الأديان التوحيدية تكمن فيها جميعا عناصر متشابهة وأصول تجمع بين هذه الأديان , وهي فكرة التوحيد . لا أحد يزعم حسب علمي أنّ الاسلام لا ذاتية أصلية له كما لا أحد يزعم أنّ جميع العناصر والأفكار الاخلاقية (مستعارة) من غيره .
    ومن يزعم أن الاسلام دينا وحضارة قد نشأ في فراغ بغير علاقة بما حوله من البيئة فتجاهل الوقائع التأريخة المسلّم بها في حضارة البشرية .
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
    http://www.tafsir.net/vb/showthread....5&page=2&pp=15

    [مستند 6]
    لكي أجيب على السؤال الذي طرحه الاستاذ عبد الرحمن الشهري مشكورا , وهو :
    (وهل ما كتب أعلاه على صواب أم أن فيه تحاملاً على المستشرقين .)
    أقول صراحة لكن بتحفظات :
    ليس صوابا ! بل هو تحامل شديد لأسباب لا يذكرها الا القليل النادر , وسأذكرها أنا
    فيما بعد .
    نعم , كل من يهتم باللغات والحضارات الشرقية بدءا باللغة التركية ( العثمانية القديمة) عبر الحضارات الى الحضارة اليابانية اهتماما علميا وعلى مستوى الكليات والجامعات
    يسمى بمستشرق . أما نحن فالمقصود في هذا المجال المستشرق القائم بدراسات لجوانب الحضارة الاسلامية . ولهذه العبارة جوانب سلبية بلا شك غير أنني لا أتحدث ههنا بلسان رسمي الذي لا وجود له ولا أدافع عن أحد في الفئات الاستشراقية المعاصرة أو الماضية , بل أحب أن أشير الى أن هناك اختلافا ملموسا وأساسيا عند معالجة ظواهر هذه الحضارة وهذا الدين وعند البحث فيه, وهو يرجع الى الآتي :
    [SIZE=6]المستشرق لا ينطلق في أبحاثه من الأسس الثابتة في الايمان أو العقيدة , بل هو بذاتي علماني بالمعنى أنه لا يقوم بابحاث قرآنية على الأساس أن هذا الكتاب وحي
    أو بأخرى أن هذا الكتاب منزل , بل يقول :
    ان هذا الكتاب الذي يعتبره كل مسلم وحيا وكتابا منزلا على البشر , هذا الكتاب نص !


    ومن يتساءل ويشك فيما يؤمن المسلم به أو يرفض علانية ان هذا الكتاب غير منزل ويخوض حوارا ومجادلة من زاوية دينه وايمانه ضد (أهل القرآن) فهو ليس من المستشرقين . قد يكون (مبشرا) أو داعيا الى فرقة من الفرق الدينية الكثيرة .
    ومن هنا يأتي الاختلاف ( في نظري) بين المسلمين والمستشرقين وما أدى الى وصف المستشرقين (بطعن) و(تشويه) و (عداوة ) و(حقد) ما الى ذلك في القاموس من المفردات والصفات السلبية ضد المستشرقين .

    ولذلك ( بمنتهى الايجاز ) أرى أن الرأي المذكور أعلاه ليس صوابا بل ينطلق من نقطة أخرى غير انطلاق المستشرق .
    يبقى السؤال المطروح : ما هو السبب لاهتمام المستشرقين بالقرآن وجمعه وعلومه ؟

    ولهذه المشاركة تتمة .

    تقديرا

    موراني
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا


    لقد جاء ذكر بعض المستشرقين الذين قاموا بدراسات حول القرآن وعلومه , وهم من قدماء المستشرقين ما عدا John Burton
    الذي أخرج كتاب الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام ( اعتمادا على المخطوط أحمد الثالث , الرقم 143 أ ) عام 1987 . هذا , فيرى بيرتون أن القرآن كان بين يدي المسلمين عند وفاة نبي الاسلام كما هو بين يدينا اليوم . هذا من جانب .

    ومن جانب آخر لا أذكر طعنا ما أو حقدا ( الحقد.... لماذا ؟ ) او حتي تشويها مقصودا لدى Nöldeke الذي أجرى دراسات دقيقة حول (عربية القرآن) حسب منهجية اللغويين , أي بحث وحلل بعض الآيات من ناحية اللغة وأشار الى بعض الظواهر اللغوية والنحوية في نص القرآن ولم يتدخل في شؤؤن العقيدة ولم يطعن أو (يحارب) شيئا من هذا الدين .
    بل اعتبر المواد التي درسها ,
    كما فعل جولدزيهر , نصا وموضوعا للبحث فقط بدون أي اشعار الى عقيدته هو أو الى عقيدة غيره .


    نعم , ما هو السبب لهذا الاهتمام بالقرآن وعلومه لدى المستشرقين ؟

    ان السبب ليس كما يقال : كلمة الحق يراد بها الباطل ! بل , القرآن يحتل المرتبة الأولى والعليا باعتباره كتابا مقدسا للدين , ومن هنا يعتبر منطلقا أساسيا لفهم الدين ولدراسته .
    وكذلك أيضا عند المسلمين : أليس القرآن هو البداية والنهاية لجميع أمور الناس في حياتهم اليومية ومعاملاتهم بعضهم البعض وما بعدها في ايمانهم بالآخرة ؟
    الفرق بين هؤلاء وأولائك أن الأول لا يبحث حسب معايير القواعد العقائدية الثابتة ( كما قلت سابقا ) بل يبحث في القرآن باعتباره الوثيقة العليا نصا لهذه الحضارة التي لا يشك في عظمتها الا الضال والمضل في الفئات والفرق الدينية السابق ذكرها !

    الاهتمام بالقرآن وبعلومه اذا مفروض وفهمه واجب (حسب القدرة !) والبحث فيه
    من الضروريات العلمية الملحة على كل من يود التقارب الى هذا الدين علميا ( ولا أقول روحيا .... وأرجو التمييز في هذا الموضع بالذات ) .

    لقد ازداد اهتمام بعض المستشرقين المعاصرين بالقرآن في الأعوام العشرة أو أكثر الماضية وقام بعضهم في دراسات لغوية وتحليلية حول نص القرآن وعرضوا أبحاثا لا بأس بها حول النحو والتفسير في القرون الأولى للاسلام ( المدارس النحوية في البصرة والكوفة ) ,
    وقام البعض الآخر بدراسات تأريخية حول روايات كتب التفسير وتحديد نشأتها تاريخيا
    ( وقد هاجموني أنا شخصيا فيها لرأئي المغاير لهم ....لكن هذا سيكون موضوعا آخر) ,
    كما درس الآخرون النص وميزات السور المكية والمدنية من ناحية اللغة فيها .

    لا أذكر في هذه الدراسات شيئا من الطعن .

    هكذا الأمر في حضارة النصارى : الاهتمام في (انجيل) مستمر كما الاهتمام بالتوراة لدى اليهود مستمر أيضا . هنا عند النصارى وهناك عند اليهود فرقتان : احداهما يدرس الكتاب من الناحية الدينية فقط
    والأخرى يدرسه من الناحية العلمية التأريخية اللغوية فيترك الايمان ايمانا ويفضل
    في ذلك العلم علما .
    الدراسات حول الانجيل تملي مكتبات , وهي دراسات موضوعية ومتناقضة بعضها البعض حول فهم النص وتأريخه كما هو بين يدينا اليوم . وليس في ذلك شيء من الحرج , بل هذه دراسات تعتبر من المواد العلمية في الدراسة في كليات الجامعات
    منذ أكثر من 100 عام . أما الفريق الآخر فيتمسك بمفاهيم الايمان لما جاء في هذه الكتب .
    وهكذا الأمر في دراسات المستشرقين حول القرآن وعلومه .

    لتجنب سوء التفاهم بين أعضاء الكرام في هذا الملتقى وبين ما ذكرت هنا في سطور سريعة أود أن أبرز انني لا أدافع عن أحد له نصيب في صنعة الاستشراق قديما كان أو حديثا , الا أنني أرجو وأتمنى أن يحترم المرء الرأي الآخر ويضع في عين الاعتبار أن هذا الآخر لا يتركز على القواعد العقائدية بالضرورة عندما يدرس الكتب المقدسة للأديان عامة .

    ولهذه المشاركة أيضا ربما (!) تتمة .



    موراني
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
    http://www.tafsir.org/vb/showthread....&threadid=1454


    [مستند 7]
    الباجي يكتب في اجابته مشكورا :

    أما أصل المسألة فنحن المسلمين على ثقة فوق التامة بصحة نقل كتابنا حرفا حرفا، هذا أمر منتهى منذ نزل به الروح الأمين، وإلى يوم يرفع من الأرض.

    أقول : أنا لا أشكّ ولم أشك أبدا بما تقولون , غير أنّه ليس موضوع الحوار .
    __________________
    الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
    http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3333

  9. Arrow حصاد اليوم الإخباري..

    والآن جاء أوان الوفاء للقراء الكرام بما وعدتهم به سابقًا من التذكرة بـ (حصاد اليوم الإخباري)، وهي عادة سنكررها بإذن الله تعالى كل مدة للتذكير بأهم الأنباء..

    الــعـــنــاوين

    ـ إهانات د.موراني المتكررة للقرآن، وانطلاقه في كلامه عنه من أسسٍ دينيةٍ

    ـ هل يُعَدّ د.موراني مبشِّرًا نصرانيًّا؟!

    ـ وما هي أوصاف هؤلاء المبشِّرين لدى د.موراني؟ وهل تعرفها وتبينها لنا أيها الكاتب؟

    ـ المستندات

    أهم أقوال د.موراني السابقة

    ـ ما بين يدينا مطبوعاً هو النص المتفق عليه وليس نصاً مُحقَّقاً بِمعنى التحقيق

    ـ رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر , حتى ولو كان جزئي , للآيات
    كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ


    ـ لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا العَمَلِ الضخم من أجل إخراج النصِّ القرآنيِّ على منهج الدراسة المقارنة الإجمالية للنصِّ synopsis لَما كانَ هناك مجالٌ للجدال حول تخطئةِ القرآن

    ـ الاستشراق لا ينظر الى القرآن انه وحي وكتاب منزل بل يعتبره ( كما سبق لي أن قلت) نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد .

    ـ القرآن يحتل المرتبة الأولى والعليا باعتباره كتابا مقدسا للدين , ومن هنا يعتبر منطلقا أساسيا لفهم الدين ولدراسته
    ـ لا يقول نولدمه انّ في الفرآن (عيوب لغوية) , بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات استعمالا متناقضة لغويا
    ـ وهم شرار خلق الله

    أقوال محورية سابقة

    يقول المستشرق الألماني (بلد د.موراني) رودي بارت (1143م): ((إن الهدف من الكتابات الاستشراقية كان إقناع المسلمين بلغتهم ببطلان الإسلام واجتذابهم إلى الدين المسيحي)).

  10. Arrow ماذا وارء مقارنة د.موراني بين القرآن وبين الإنجيل (الحالي)؟


    ماذا وراء مقارنة د.موراني
    بين القرآن وبين الإنـجـيـل (الحالي)؟


    الإنجيل نوعان:
    الأول: ما أنزله الله عز وجل على عيسى عليه السلام، فهذا نؤمن به إيمانًا مجملاً؛ بل لا يصح إيمان المسلمين إلا بالإيمان بالله وكتبه ورسله..
    والثاني: الإنجيل الذي بيد النصارى الآن، وهذا هو محل هذه اللفتة السريعة هنا..
    وعلى الرغم من أنه ليس مقصودًا بالبحث هنا؛ إلا أنه قد فرض نفسَه على البحث لوروده في عبارة د.موراني التي قرن فيها القرآن بالإنجيل حين قال: ((كان هناك مشروع في النص القرآني))..إلخ.
    فالكلام هنا كما يرى القراء عن النص القرآني، لا عن الإنجيل، لكنه استطرد في كلامه عن القرآن حتى وصل إلى احتمال نتائج تحقيق القرآن وما تُسفر عنه الدراسة المقارنة لنُسَخِه ـ بزعمه ـ فقال: ((رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر حتى ولو كان جزئي للآيات كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ وهذه الأمور كلها واردة عند الدراسة المقارنة للنص)) وقبل أن يعترض معترِضٌ بسؤال أو استغراب بادر هو بالجواب عن هذا كله عقب كلامه السابق مباشرة فقال: ((حدث ذلك ـ نعم ! ـ عند دراسة النصوص في الإنجيل .....)) (وقد سبق نقلها عن شبكة التفسير مباشرة، مع ضرورة لفت أنظار القراء أن النقل دائمًا هو عن الشبكة نفسها، لا عن لقائها بـ د.موراني بعد تعديله ونشره في عدة منتديات).
    ومهما قال د.موراني من كونه لم يقصد المقارنة ولا المقابلة بين القرآن الكريم وبين الإنجيل الذي بأيدي النصارى الآن؛ فمهما حاول د.موراني نفي هذه المقارنة؛ فإن السياق الذي سبق له يأْبَى إلا المقابلة والمقارنة بين القرآن العظيم، وبين الإنجيل الذي بيد النصارى الآن..
    لأنه لابد للمذكورين معًا في سياقٍ واحدٍ من رابطٍ مشتركٍ بينهما، أيًّا كان هذا الرابط!!
    فالمقابلة أو المقارنة حاصلةٌ لا محالة في عبارته.
    فهو تكلم أولاً على القرآن، وذكر حاجته للتحقيق، ثم نفى استغراب القراء حول هذه القضية بأن ربطها بما حصل من قبلُ في الإنجيل.
    فكأنه يقول لهم: ربما حصلنا على اختلاف ترتيب وزيادة ونقص عند الدراسة المقارنة، ثم يحتمل أن غيره قاطعه واعترض عليه مندهشًا لهذا الكلام، فأزال عنه الدهشة والاستغراب بقوله: ((حدث هذا ـ نعم ـ عند دراسة النصوص في الإنجيل))!!
    فهذه مقابلة ومقارنة مقصودة، كما يرى القراء الكرام..

    ولا يكاد د.موراني يملّ من هذه المقارنة أبدًا، فهو يرددها في أكثر من مناسبة، فنراه يقول في موضع آخر مثلاً: ((أما الموقف المبدئي من القرآن فهو لم يتغير : الاستشراق لا ينظر الى القرآن انه وحي وكتاب منزل بل يعتبره ( كما سبق لي أن قلت) نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد . وهذه النظرة متواترة في الدراسات الدينية حول تأريخ النصرانية واليهودية أيضا)) [مستند 5].

    وبناءً على هذه المقابلة والمقارنة المتعمدة، وفي أكثر من مكانٍ؛ كان علينا أن نتعرض لهذا الجزء من عبارة د.موراني، لنقف على غايته ومقصده من وراء هذه المقارنة..
    نعم.. كان لابد من فهم غاية د.موراني من هذه المقارنة المتكررة والمقصودة؟

    واختصارًا لجدلٍ طويلٍ ربما يقوم به بعضهم، وقطعًا للنقاش فسنسأل د.موراني نفسه عن رأيه في الإنجيل؟ لنتعرف من خلال ذلك على ما وراء مقارنته بين القرآن وبين الإنجيل في عبارته السابقة.
    وبلا شك أن مقارنة السيف بالسيف تختلف عن مقارنة السيف بالعصا!!

  11. Arrow مقدَّسٌ حتى إشعار آخر!! الإنجيل في نظر د.موراني وماذا يريد من القرآن؟

    مقدَّسٌ حتى إشعار آخر!!
    الإنجيل في نظر د.موراني
    وماذا يريد من القرآن؟


    يتحدث د.موراني عن الإنجيل فيقول: ((لا يعتبر الباحث الانجيل (مثلا) كتابا مقدسا في الأبحاث الموضوعية اذ ان اعتبره مقدسا أو حتى وحيا فارق ميدان الموضوعية في البحث . وكيف يعتبره وحيا عندما يجد في بداية كل كتاب فيه اسم مؤلفه الذين نشؤوا ما بين 60 الي110 عام بعد نشاط عيسى ! النظرة التأريخية شيء ونظرية الكنيسة وتعاليمها شيء آخر تماما)).http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3015&page=2&pp=15
    وسنقتصر من عبارة د.موراني على أمرين:
    أولاً: أن مؤلفي الإنجيل الحالي لم يُدْرِكوا نبي الله عيسى عليه السلام، فالإسناد منقطع، بدلالة قول د.موراني: ((الذين نشؤوا ما بين 60 الي110 عام بعد نشاط عيسى!)).
    ويُعَلِّل أحد القسيسين هذه القضية في مناظرة العلامة رحمة الله الهندي له بقوله (يعني القس): ((إن سبب فقدان السند عندنا وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة)).
    وهذه ليست بعلة على الحقيقة، لأن ما أصاب المسلمين عبر العصور هو أكبر وأعظم مما أصاب النصارى، ومع هذا احتفظ المسلمون بأسانيدهم حتى اليوم، مما يؤكد أن الله عز وجل اختصهم دون غيرهم بشرف الإسناد، وقد ذكر ذلك جماعة من علماء المسلمين، كأبي عمرو بن الصلاح في ((معرفة أنواع علم الحديث)) المشهور بـ ((مقدمة ابن الصلاح))، وغيره..
    فالنصارى لم يأتِ عليهم ما أتى على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الاضطهاد والأذى، ولا ما أتى على المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم، من ألوان الحروب المختلفة التي قادها التتار حينًا والصليبيون أحيانًا..
    ومع كل هذا احتفظ المسلمون بأسانيدهم..
    وقد ألمح الإنجيل الذي بيد النصارى الآن إلى بعض ما أصاب المسلمين حين قال: ((وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم... متى جاء المعزي ...، فهو يشهد لي، وتشهدون أنتم أيضاً ...... لكني أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم.... إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية)) [يوحنا 14/26، 15/26، 16/14].
    فهذه البشارة الواردة في الإنجيل بالنبي صلى الله عليه وسلم تُسَمِّيه صلى الله عليه وسلم: ((المعزي))، وذلك لكثرة ما كان يعزي أصحابه، من جراء ما يلحقهم من الأذى والعنت الشديد.
    ثم تتابعت على المسلمين أيام وليالي، ذاقوا فيها ألوانًا عديدة من القهر والاستبداد والاحتلالات ومحاولة قلب الحقائق وتغيير الهوية وقطع الصلة بينهم وبين إسلامهم.. ومع كل هذا بقي الإسلام، وبقيت الأمة المسلمة، وبقيت الأسانيد والإجازات حتى عصرنا هذا.. وستبقى إن شاء الله إلى ما شاء الله.
    وأنا شخصيًّا أتشرَّف ببعض هذه الأسانيد..
    فالعلة إذن في فقدان أسانيد النصارى ليست في المصائب ولا الفتن كما يبررها القس المشار إليه.. ولو كانت المصائب والفتن هي العلة لكانت أمتنا المسلمة أولى وآكد على ضياعِ أسانيدها، وهذا ما لم يحدث بحمد الله تعالى..

    ثم الانقطاع في أسانيد الإنجيل بدأ مبكرًا جدًا.. في قصة بولس الذي يعتبره النصارى: ((مؤسس النصرانية)) كما يعبر القس عبد الأحد داود، لكنا نلحظ أنه لم يأخذ عن المسيح مباشرة، وإنما ذكر قصةً حاصلها أنه كان في قافلةٍ متوجهًا ناحية دمشق، فتجلى له المسيح بعد رفعه بسنوات فمنحه منصب الرسالة، واختلفت روايات الإنجيل كالعادة هل رأت القافلة ما حدث أم لم تره؟ ولكن المهم لدينا أنه كان رجلا يهوديًا معاديًا للمسيح وأصحابه، بل وحضر إعدام بعض أصحاب المسيح!! ومع هذا اصطفاه المسيح بالرسالة دون أصحابه المقربين!! كما يزعم الإنجيل الذي بيد النصارى، ثم يذهب بولس فيجلس ثلاثة أعوام في ((العربية)) (مكان) ثم يعود..
    فمهما حاول النصارى ادِّعاء الاعتماد على المشافهة أو النَّقْل الحي للإنجيل فلن يفلحوا إِذن أبدًا؛ لأن الانقطاع حاصلٌ في الأسانيد، وباعتراف علمائهم أنفسهم!!

    ثانياً: ويستفاد من كلمة د.موراني السابقة أيضًا أن الإنجيل الذي بيد النصارى الآن ليس وحيًا! وإنما هو كتابٌ مؤلَّفٌ صاغه بشرٌ، بدلالة قول د.موراني: ((وكيف يعتبره وحيا عندما يجد في بداية كل كتاب فيه اسم مؤلفه)).
    ويطيب لي هنا أن أنقل النص الأول من كتاب العلامة أحمد ديدات ((هل الكتاب المقدس كلام الله؟)) الذي يقول فيه: ((يعتبر السيد و.جراهام سكروجي عضو معهد مودي للكتاب المقدس من أكبر علماء البروتستانت التبشيرين وهو يقول في كتابه (هل الكتاب المقدس كلام الرب؟)، تحت عنوان (كتاب من صنع البشر ولكنه سماوي) ص 17: (نعم؛ إن الكتاب المقدس من صنع البشر، بالرغم من أن البعض جهلا منهم قد أنكروا ذلك) (إن هذه الكتب قد مرت من خلال أذهان البشر، وكُتِبَت بلغة البشر وبأقلامهم، كما أنها تحمل صفات تتميز بأنها من أسلوب البشر)) أهـ

    وهذه الحقيقة هي التي يقررها مؤلفوا الإنجيل أنفسهم..
    فنرى يوحنا يقول في خاتمة إنجيله: ((وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله)) [يوحنا: 20/30 – 31].
    بينما يفتتح لوقا إنجيله بمقدمة يقول فيها: ((إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز تاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به)) [لوقا: 1/1-4].
    وأما بولس فبلغ به الأمر مبلغًا عجبًا، حتى وصل به الحال أن طلب رداءً تركه في كورنثوس، فيقول لصاحبه: ((الرداء الذي تركته في تراوس عند كابرس أحضره متى جئت)) [تيموثاوس: (2) 4/13 – 21].

    فهذه مقدمات وخواتيم الأناجيل وأنصافها دالةٌ على أنه كلام بشر، ورسائل أشخاص لأناسٍ بأعيانهم، إما أصدقاء لهم، أو أهل قريةٍ بعينها.. إلخ.
    وقد أكدتْ ذلك كلمة د.موراني السابقة في هذا الصدد، كما أكد ذلك غيره من علماء النصارى.

    لكن حتى هذه الأناجيل البشرية الموجودة بيد النصارى لم يثبت لها إسنادٌ كما سبق، بل ولم تثبت لها نسخة خطية مكتوبة في زمن مؤلفيها، أو تلامذتهم، أو قريبًا من ذلك..
    وقد اعترف علماء النصارى بهذا كله، لكن اختلفوا في المدة التي كُتِبَتْ فيها هذه النُّسَخ الكثيرة التي تكلم عنها القس سويجارت في مناظرته الشهيرة مع العلامة أحمد ديدات، فحصرها سويجارت بقوله: ((يوجد ما يقرب من أربعة وعشرين ألف مخطوط يدوي قديم من كلمة الرب من العهد الجديد)).
    لكن سويجارت يتحدث عن أقدم هذه النُّسَخ فيقول: ((وأقدمها يرجع إلى ثلاثمائة وخمسين عاماً بعد الميلاد، والنسخة الأصلية أو المنظورة، أو المخطوط الأول لكلمة الرب لا وجود لها)).
    ويخالفه موريس نورن في (دائرة المعارف البريطانية) فيزيد مدة الانقطاع بالنسبة لكتابة هذه النسخ فيقول: ((إن أقدم نسخة من الأناجيل الرسمية الحالية كتب في القرن الخامس بعد المسيح، أما الزمان الممتد بين الحواريين والقرن الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الأناجيل الأربعة الرسمية، وفضلاً عن استحداثها وقرب عهد وجودها منا، فقد حرفت هي نفسها تحريفاً ذا بال، خصوصاً منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا)).

    وبعد هذا الانقطاع الطويل، وصلت النسخ محرَّفةً مختلفةً متنافرة الأجزاء.
    ولهذا يقول د. روبرت في كتابه ((حقيقة الكتاب المقدس)): ((لا يوجد كتاب على الإطلاق به من التغييرات والأخطاء والتحريفات مثل ما في الكتاب المقدس)).
    ويقول دنيس نينهام في تفسيره لإنجيل مرقس: ((لقد وقعت تغييرات تعذر اجتنابها، وهذه حدثت بقصد أو بدون قصد، ومن بين مئات المخطوطات لإنجيل مرقس، والتي لا تزال باقية حتى اليوم لا نجد نسختان تتفقان تماماً، وأما رسائل بولس فلها ستة قراءات مختلفة تماماً)). ويقول: ((ليس لدينا أي مخطوطات يدوية يمكن مطابقتها مع الآخرين)).

    وهذا يعني أنه لا توجد أية وسيلة من وسائل الاتصال بين هذا الإنجيل الذي في يد النصارى الآن، وبين عيسى عليه السلام، لا من حيث السند، ولا من حيثُ النسخ الخطية‍‍!!

    ولا زال النصارى يُحدِّثون طبعاتهم ونسخهم من الأناجيل، بناءً على ما يظهر من نسخٍ خطية، أو بناءً على ما يتفقون عليه في مجامعهم، حتى قال د. منقذ السقار في كتابه ((هل العهد الجديد كلمة الله)): ((والنص المنشور للعهد الجديد ليس نصاً نهائياً، إذ هو رهين اكتشاف المزيد من المخطوطات، تقول مقدمة العهد الجديد للرهبانية اليسوعية: (وبوسعنا اليوم أن نعد نص العهد الجديد نصاً مثبتاً إثباتاً حسناً، وما من داع إلى إعادة النظر فيه إلا إذا عثر على وثائق جديدة).
    إنه عهد جديد مؤقت حتى إشعار آخر)).

    وعليكم أيها القراء الكرام الآن الربط بين قول الرهبانية اليسوعية عن الإنجيل: ((وما من داع إلى إعادة النظر فيه إلا إذا عثر على وثائق جديدة)). وبين قول د.موراني عن القرآن: ((لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا العَمَلِ)) يعني: ((تحقيق القرآن)) على نسخه الخطية: ((رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر , حتى ولو كان جزئي , للآيات كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ )). انتهى.
    إذن فهو قرآن ليس نهائيًّا عند د.موراني، ولكنه قابل للتطوير والتغيير إذا وُجِدَتِ النُّسخ الجديدة، وكلما وُجِدَت نسخة أخرى أضافت شيئًا آخر، وهكذا..

    هذا ما يريده د.موراني!!
    فهو يستدل بما جرى في أناجيلهم من زيادات وتغييرات على جواز ذلك بالنسبة للقرآن لو تم تحقيقه كما يزعم!!
    ويمكن صياغة عبارة ومراد د.موراني بلغة المناطقة على الشكل الآتي:
    قرآن = إنجيل
    إنجيل = محرف، ليس وحيًا، منقطع
    النتيجة المنطقية لكلامه هنا: قرآن = محرف، ليس وحيًا، منقطع

    فقد آن للقراء الكرام أن يعرفوا الوجهة التي ينطلق منها د.موراني، والخلفية التي يبني عليها نظرياته هذه.. وما يرمي إليه من كلامه

    نعم هذا هو البحث الذي يرمي إليه د.موراني:
    بعد أن صار الإنجيل الحالي ((إنجيل حتى إشعار آخر)) = يريد د.موراني أن يكون لدينا ((القرآن حتى إشعار آخر)) مِثْلاً بِمِثْل..

    وصدق الله عز وجل حين قال: ((وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ)) [البقرة: 109].

  12. Arrow مَنْ يملك حق تحقيق القرآن؟!

    مَنْ يملك حق تحقيق القرآن؟!


    وعلى سذاجة السؤال، لكن لابد منه ليرى القرآء ما يجرهم إليه د.موراني رويدًا رويدًا..
    بداية يدعو لتحقيق القرآن، حتى لا يكون هناك مجالا لتخطئة القرآن.. ويضيف إلى ذلك احتمال وجود زيادة ونقصان واختلاف ترتيب!!
    فإذا انخدع به المغفلون قال لهم: قفوا فالتحقيق ليس لكم!!
    ليس من حقكم أن تحققوا القرآن، ولكنه مقصور على فئة معينة تخيلها د.موراني، وأوكل إليها الحق في ذلك حين قال:

    ((أود أن أعيد السؤال الذي طرحه مشرفو هذا الملتقي موضوعا للحوار مع الأستاذ الكريم غانم قدوري وفقه الله وهو :
    ما هي أهم المصاحف المخطوطة في العالم ؟ وهل يمكن الحصول على مصوراتها للتدرب على دراسة رسمها ؟ وهل يمكن الظفر بشيء من هذه المصورات في ملتقى التفسير؟
    فلا شك في أن هذا الموضوع الهام لدراسة النص القرآني يتعلق من طريق مباشر بالسؤال المطروح أيضا للحوار :
    وهو : من هم الخبراء في قراءة المصاحف المخطوطة في العالم الآن ؟ وكيف يمكن الاستفادة من هؤلاء ؟

    هل يرى الاستاذ المحترم فائدة في البحث النقدي المقارن للنص معتمدا فيه على ما ورد في المصاحف القديمة مثل ما تم اكتشافها ـ على سبيل المثال ـ بالخط الحجازي من أواخر القرن الأول الهجري باليمن) , وهو أمر لا يخفى عليكم لما قضيتم من الزمن هناك .
    هل هناك معاهد خاصة لقراءة هذه المصاحف المخطوطة ومقارنتها بالمصحف المطبوع ؟الـدكتور م . مــورانـي
    مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا )).

    http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3507

    فهناك مرحلة أخرى قبل مرحلة التحقيق التي يدعو إليها، وهي مرحلة: مَنْ هم الخبراء في قراءة المصاحف المخطوطة الآن؟
    فليس من حق الجميع النظر والتحقيق، ولكنه من حق الخبراء بطبيعة الحال، وسيكون د.موراني أول هؤلاء الخبراء، فهو صاحب الفكرة وحامل لوائها..
    فهل هذا الترتيب إلا متعمَّد ومقصود؟
    لأنه صادر عن رجل يزعم الاطلاع على المخطوطات الإسلامية، وأنه يحتفظ ببعضها!
    ولماذا فرَّق د.موراني بين المصحف وغيره هنا؟ ولماذا حددَ طائقة معينة هي طائفة الخبراء؟
    ألم أقل لكم: آن أن يقف القراء على خلفية د.موراني التي ينطلق منها، وعلى غايته ومقصده في كلامه..

    نحن نعلم أن النسخ الخطية تستوي جميعها من حيثُ المكتوب فيها بالنسبة للقارئ لها؛ بمعنى أنه لا فرق بين أن يقرأ مخطوطة للمصحف، أو مخطوطة لصحيح البخاري..
    الفارق بين النسخ الخطية يأتي من وجوهٍ أخرى لا دخل للمكتوب فيها به، مثل وضوح الرؤية، فالمخطوطة الواضحة الرؤية تختلف عن كثيرة الطمس والسواد..
    كما أن الخط المشرقي أيسر في القراءة من الخط المغربي لدى المشارقة، بخلاف المغاربة فخطهم أيسر لهم.. وهكذا.
    ولا دخل لهذا كله بالمكتوب داخل المخطوطة.
    فالمكتوب بداخلها شيء، وقراءة المخطوطة والقدرة على القراءة شيءٌ آخر.
    وهنا يستوي المصحف مع غيره من حيثُ ضرورة وضوح المخطوطة والتدرب على قراءة الخط.. إلى آخر ما يلزم لقراءة المخطوطات.
    فيمكن للباحث في الحديث مثلا أن يكون خبيرًا ضليعًا في قراءة المخطوطات، ولدينا ما لا حصر له من الباحثين المقتدرين على قراءة النسخ الخطية والتعامل معها بحمد الله، وهؤلاء تستوي عندهم مخطوطة المصحف مع مخطوطة البخاري، مع بقية النسخ الخطية؛
    لأن العبرة ليست بالمكتوب داخل المخطوطة، وإنما العبرة في العوامل الخارجية التي تؤثر سلبًا وإيجابًا على قراءة المخطوطة، مثل ما أشرتُ إليه من مسألة الخط، أو وضوح الرؤية..

    وهنا يطرح السؤال نفسه: هل كان د.موراني من السذاجة بحيث لم يعلم مثل هذا الجواب؟
    أم أنه قصد أن يوصل رسالة تشكيك في القرآن الكريم رويدًا رويدًا كما ذكرتُ لكم؟
    فهو يدعو أولا لتحقيق المصحف، ثم يبحث عن الخبراء، فكأنه يقول لكم: لابد من تحقيق المصحف؛ لأنه بزعمه السابق ليس محققًا، ولكن ثمة مشكلة في نظره ستقابلكم، وهي عدم وجود الخبراء والأكفاء لهذا العمل، وبناءً على هذا، ونتيجةً منطقية وحتمية لما قرَّره: عليكم أيها القراء الرضى بكتابكم الذي ليس محققًا إلى أن يمن الله عليكم بالخبراء في يوم من الأيام، وبطبيعة الحال إذا لم يكن ثمة خبراء اليوم، فلن يكون غدًا.. إلا أن يشاء الله..
    وهكذا يبقى القرآن دائمًا وأبدًا في أيديكم ليس محققًا كما يقوله لكم د.موراني..

    فهل فهمتم الرسالة؟!!

    وإنها لإحدى الْكُبَر!!

  13. Arrow شهادة من ألماني

    شهادة من ألماني

    يقول د. مراد هوفمان: ((إن المستشرقين حاولوا إثبات أن القرآن ليس من عند الله وفشلوا، كما فشلوا فى إثبات حدوث تغيير فى أى حرف أو كلمة فيه، وقد يرفض غير المسلم محتوى القرآن، ولكنه لا يستطيع أن يتجاهل تأثيره الخلاب على قارئه والمستمع إليه، ويجد الباحث أن فى القرآن إشارات علمية لم تكن معلومة فى هذا الزمان ثم ثبت صدقها مؤخرا . والقرآن هو الكتاب الوحيد فى العالم الذى يحفظه ملايين البشر عن ظهر قلب، ولغة القرآن هى العربية التى تجمع العالم الإسلامى الذى يزيد على 1200 مليون مسلم، والقرآن هو الذى حافظ على اللغة العربية بقواعدها وكلماتها، ولذلك فهى اللغة الوحيدة فى العالم التى كتب بها القرآن منذ أكثر من 1400 عام، ولا يزال مئات الملايين من عامة أهلها يستطيعون قراءته دون تأهيل بدراسات خاصة ودون ترجمته إلى اللغة المتداولة الآن عند العرب، فلغة القرآن هى اللغة التى يتكلم ويكتب بها العرب حتى اليوم. ولأن قراءة القرآن على أسس غير صحيحة تؤدى إلى نتائج عكسية فقد جاءت السنة شارحة ومفصلة للقرآن، وكثيرا ما تؤدى عدم الإحاطة بالأحداث التى نزلت فيها آيات، أو عدم الأخذ بكامل السياق القرآنى إلى افتقاد الصواب فى الفهم))أهـ
    q=cache:QlulhhJ22MsJ:http://www.sis.gov.eg/islamic/html/i...TF-8&inlang=ar]رابط الموضوع على الشبكة[/URL]

  14. Arrow إضافة مهمة..

    وصلني الآن من أستاذنا الجليل (حارث همام) نفع الله به الفصل السابع من كتاب: (الفيزياء ووجود الخالق) لـ أ.د جعفر شيخ إدريس، فرأيتُه فصلا ماتعًا في الكلام عن (الإنجيل) وتاريخ مخطوطاته، فأردتُ إتحاف القراء به..
    وأشكر أستاذنا الكريم (حارث همام) نفع الله به على تفضُّله بإرساله لي، ورجوتُ لو وصلني قبل كتابة ما سبق عن نسخ الإنجيل للاستفادة منه وإفادة القراء، فقدر الله وما شاء فعل؛

    وتفضلوه الآن في المرفقات أدناه..

  15. Arrow هكذا يبطلون المعجزة القرآنية ويهدمون الإسلام!! فهل يقدرون على مثله؟!

    هكذا يُبْطِلُونَ المعجزةَ القرآنية ويهدمون الإسلام!!
    فهل يقدرون على مثلِه؟!
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المستشار سالم عبد الهادي
    يقول الدكتور موراني:
    (.....كان هناك مشروع في النص القرآني قبل الحرب العالمية الثانية ، وجَمعَ تلاميذُ نولدكه المشهورون المتخصصون في القراءات نسخاً للقُرآنِ بغرض تحقيقِ النصِّ القرآنيِّ تَحقيقاً علميَّاً كما تُحقَّقُ كتبُ التراث.إذ ما بين يدينا مطبوعاً هو النص المتفق عليه وليس نصاً مُحقَّقاً بِمعنى التحقيق. ويقال : إِنَّ هذه المَجموعة من النسخ قد فُقِدت أثناءَ الحربِ ولا أحدَ يعلمُ بوجُودِها ، إلاَّ أَنَّ هناك مَن يَزعمُ أَنَّها في المكتبة الدوليةِ في مِونيخ ، والله أعلم.
    لدينا اليوم عدةُ نُسخٍ ثَمينةٍ ونادرةٍ ، مثل المصاحف التي في جامع صنعاء وفي غيرها في المكتبات. بعضها على البَردي ، وبعضها الآخر على الرَّقِّ أو الكاغد، لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا العَمَلِ الضخم من أجل إخراج النصِّ القرآنيِّ على منهج الدراسة المقارنة الإجمالية للنصِّ synopsis لَما كانَ هناك مجالٌ للجدال حول تخطئةِ (القرآن). رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر , حتى ولو كان جزئي , للآيات
    كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا ، وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ ، وهذه الأمور كلها واردة عند الدراسة المقارنة للنص .
    كان لابد من إعادة كلام د.موراني ثانية لنرى ما سبق لنا الكلام عليه مما لم يسبق، ولنُذكِّر به القراء؛ لحاجتنا إليه هنا..
    وسنخصص هذا اللقاء للكلام على أمرٍ في غاية الأهمية، ليقف القراء على خطورة الكلام المذكور، وأثره على الإسلام من ناحية، وعلى قائله من ناحية أخرى.
    لا يشك القراء الكرام، ولا يشك أحدٌ أبدًا في أن الدراسة المقارنة التي يتكلم عنها د.موراني (مع اعتراضنا على هذا الكلام أصلا كما سيأتي لاحقًا)، فلا يشك القراء في أنها تعني وبإيجاز شديد: مقارنة أشياء بعضها ببعضٍ، وإثبات ما بينها من تفاوتٍ وفروق!
    وبالنسبة لدعوى د.موراني المذكورة فهو يطالب بمقارنة نسخ المصحف لأنها كما يزعم أسلافه مختلفة فيما بينها، وكما يزعم هو: ربما يترتب على ذلك ترتيب آخر، كما قد يحصل هو على كلمة نقصٍ هنا وكلمة زيادة هناك..
    الأمر في نظر د.موراني إلى هنا لا يتصل بعقيدة، ويردد دائمًا لا شأن لي بمسائل الإيمان.
    وأقول: صدقتَ، لإنه لن تكن ثمة مسائل لإسلام أو إيمان بعد كلامك هذا الذي يؤدي إلى هدم الدين الإسلامي ونسفه من أساسه وقواعده!!
    الدراسة المقارنة ستؤدي في نظر د.موراني إلى وجود فروقات، وتغيير في الترتيب ولو جزئي؛ فماذا يعني هذا الكلام؟
    يعني بكل إيجاز أن يُغير بشرٌ في المصحف، ويؤخر ويُقَدِّم في ترتيب القرآن، كما يعني أنه سيكون الْحَكَم والقاضي على هذه الفروقات التي يزعمها د.موراني فيُرَجّح بينها حسب المعطيات التي يتوصل إليها بعقله البشري!

    ربما لم تصل الصورة لذهن القراء بعدُ فأُكَرِّر:
    يعني بكل إيجاز أن يُغير بشرٌ في المصحف، ويؤخر ويُقَدِّم في ترتيب القرآن، كما يعني أنه سيكون الْحَكَم والقاضي على هذه الفروقات التي يزعمها د.موراني فيُرَجّح بينها حسب المعطيات التي يتوصل إليها بعقله البشري!

    ومعنى أن يوجد بشرٌ يؤخر ويُقَدّم في القرآن الكريم، ويُصَيّر نفسَه حكمًا على القرآن؛ معنى ذلك بكل إيجاز: أن القرآن قد صار مقدورًا عليه.. يعني لم يصبح القرآن معجزة إلهية غير مقدورٍ عليها..

    ففي ذلك أمور:
    الأول: إثبات البشرية على القرآن، ونفي المعجزة عنه؛ لأنه قد صار مقدورًا عليه للبشر، بحيث يستطيع بعض البشر أن يُقَدّم ويؤخر فيه.
    الثاني: أنه بذلك يهدم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، بل يهدم الإسلام كله؛ لأن القرآن هو المعجزة الخالدة التي مَدّ الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، كما أنه أصل الإسلام.


    لابد أن يُعْلَم أن الأصل في نقل القرآن على السماع لا على النُّسخ، وسيأتي التفصيل في هذا إن شاء الله، ولنقتصر هنا على بيان أقوال المسلمين فيمن زعم أن القرآن مقدورٌ عليه، وكيف أنه بهذا يهدم الإسلام جملة، وأن سبيل من زعم هذا أن يزعم أن بإمكانه أن يأتي بمثل القرآن، أو بعضه، أو يزعم الزيادة والنقصان فيه، أو يزعم إعادة ترتيبه..إلخ.

    فماذا لديكم يا علماء المسلمين؟ وما قولكم أعلى الله درجاتكم، وأدام النفع بكم؟

    وقفتُ على عشرات الأقوال لعلماء المسلمين في هذه المسألة، وقد جمع طائفةً منها صاحب كتاب ((الفرقان في بيان منزلة القرآن)) لمؤلفه صلاح فتحي هَلَل (إصدار: مكتبة الأنصار، بالقاهرة) فرأيتُ أن أقتصر على نقل بعضها من الكتاب المذكور لالتصاقه بما نحن فيه، وحاجتنا لتعليقات المؤلف على هذه الأقوال، [مع رجاء مراعاة الملاحظات المذكورة في مداخلتنا الآتية إن شاء الله عز وجل].
    حيث يقول صاحب ((الفرقان)) [والكلام له حتى آخر هذه المداخلة]: تحدَّى اللهُ عز وجل فُصَحاءَ العرب، وأئمةَ اللغةِ أَنْ يأتوا بمثل القرآن فعجزوا عن ذلك.
    كما قال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:23-24].
    وقال عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس:38].
    وقال جلَّ شأنه: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [هود:13].
    يتحدَّاهم سبحانه وتعالى بهذا كله فيعجزوا، وهم مَنْ هم في الفصاحة والبلاغة ونبوغ اللغة.
    يقول القاضي أبو بكرٍ الباقلاني: ((والذي يدل على أنهم كانوا عاجزين عن الإتيان بمثل القرآن: أنه تحدَّاهم إليه حتى طال التَّحدِّي، وجَعَلَهُ دلالةً على صِدْقه ونُبُوَّتِه، وضَمَّنَ أحكامَهُ استباحةَ دمائِهم وأموالِهِمْ وَسَبْى ذُريتهم، فلو كانوا يقدرون على تكذيبه لفعلوا، وتوصَّلُوا إلى تخليص أنفسِهم وأهليهم وأموالهم من حُكْمِهِ بأَمْرٍ قريبٍ هو عادتهم في لسانهم ومألوف مِن خطابهم، وكان ذلك يغنيهم عن تَكَلُّفِ القتال، وإكثار المراء والجدال، وعن الجلاء عن الأوطان، وعن تسليم الأهل والذرية للسبي.
    فلمَّا لم تحصُل هناك معارضة منهم عُلِمَ أنهم عاجزون عنها.
    يُبَيِّنُ ذلك: أَنَّ العدوَ يقصد لدفع قول عدوِّه بكل ما قَدَر عليه من المكايد، لا سيما مع استعظامه ما بَدَهَهُ [فَجَأَهُ] بالْمَجِيء مِنْ خَلْعِ آلهته، وتسفيه رأيه في ديانته، وتضليل آبائه، والتَّغريب عليه بما جاء به، وإظهار أمر يُوجِبُ الانقياد لطاعته، والتصرُّف على حُكْمِ إرادته، والعدول عن إِلْفِهِ وعادتهِ، والانخراط في سلك الأتباع، بعد أَنْ كان متبوعًا، والتشييع بعد أَنْ كان مُشَيَّعًا، وتحكيم الغير في ماله، وتسليطه إِيَّاه على جملةِ أحواله، والدخول تحت تكاليف شاقة، وعبادات متعبة بقوله، وقد علم أن بعض هذه الأحوال مما يدعو إلى سلب النفوس دونه، هذا والحمية حميتهم، والهمم الكبيرة هممهم، وقد بذلوا له السيف فأخطروا بنفوسهم وأموالهم!
    فكيف يجوز أن لا يتوصلوا إلى الرَّدِّ عليه، وإلى تكذيبه، بأهون سعيهم، ومألوف أمرهم، وما يمكن تناوله من غير أن يعرق فيه جبين، أو ينقطع دونه وتين، أو يشتمل به خاطر، وهو لسانهم الذي يتخاطبون به، مع بلوغهم في الفصاحة النهاية التي ليس وراءها متطلع، والرتبة التي ليس فوقها منزع ومعلوم أنهم لو عارضوه بما تحداهم إليه لكان فيه توهين أمره وتكذيب قوله وتفريق جمعه وتشتيت أسبابه، وكان مِنْ صدق به يرجع على أعقابه، ويعود في مذهب أصحابه.
    فلمَّا لم يفعلوا شيئًا مِنْ ذلك، مع طول المدة، ووقوع الفسحة، وكان أمره يتزايد حالًا فحالًا، ويعلو شيئًا فشيئًا، وهم على العجزِ عن القدحِ في آيتهِ، والطعن بما يُؤَثِّر في دلالته؛ عُلِمَ مِمَّا بَيَّنَّا أَنَّهم كانوا لا يقدرون على معارضته، ولا على توهين حُجَّته.
    وقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم قومٌ خصمون [إشارةً إلى قوله تعالى: {وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (الزخرف: 58)] وقال: {وتنذر به قومًا لدا} [مريم: 97]، وقال: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [سورة يس: 77] [ذكر الباقلاني رحمه الله بعض الآية بمعناه، وبعضها بلفظه، فذكرت لفظها كله كما في المصحف].
    وعُلِمَ أيضًا ما كانوا يقولونه مِنْ وجوهِ اعتراضهم على القرآن، مما حكى الله عز وجل عنهم مِنْ قولهم: {لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين} [الأنفال: 31]، وقولهم: {ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين} [القصص: 36]، وقالوا: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} [الْحِجْر: 6]، وقالوا: {أفتأتون السحر وأنتم تبصرون} [الأنبياء: 3]، وقالوا: {أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} [الصافات: 36]، وقال: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا} [الفرقان: 4 - 5]، {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} [الفرقان: 8]، وقوله: {الذين جعلوا القرآن عضين} [الحِجْر: 91].. إلى آيات كثيرة في نحو هذا، تدل على أنهم كانوا مُتَحَيِّرِينَ في أمرهم، مُتَعَجِّبِيْنَ مِنْ عجزهم، يفزعون إلى نحو هذه الأمور من تعليل وتعذير ومدافعة بما وقع التحدِّي إليه ووجد الحث عليه.
    وقد عُلِمَ منهم أَنَّهم ناصبوه الحرب، وجاهدوه ونابذوه، وقطعوا الأرحام، وأخطروا بأنفسهم، وطالبوه بالآيات والإتيان بالملائكة وغير ذلك من المعجزات، يريدون تعجيزه لِيَظْهَرُوا عليه بوجهٍ مِنَ الوجوه.
    فكيف يجوز أَنْ يقدروا على معارضتهِ القريبة السهلة عليهم، وذلك يدحض حجته، ويُفسد دلالته، ويُبطل أمره، فيعدلون عن ذلك إلى سائر ما صاروا إليه من الأمور التي ليس عليها مزيد في المنابذة والمعاداة، ويتركون الأمر الخفيف؟!
    هذا مما يمتنع وقوعه في العادات، ولا يجوز اتفاقه من العقلاء.
    وإلى هذا الموضع قد استقضى أهل العلم الكلام، وأكثروا في هذا المعنى واحكموه، ويمكن أن يقال: إنهم لو كانوا قادرين على معارضته والإتيان بمثل ما أتى به لم يجز أن يتفق منهم ترك المعارضة، وهم على ما هم عليه من الذرابة والسلاقة والمعرفة بوجوه الفصاحة، وهو يستطيل عليهم بأنهم عاجزون عن مباراته، وأنهم يضعفون عن مجاراته، ويكرر فيما جاء به ذِكْر عجزهم عن مثل ما يأتي به، ويُقَرِّعهم ويُؤَنِّبهم عليه، ويدرك آماله فيهم، وينجح ما سعى له في تركهم المعارضة، وهو يذكر فيما يتلوه تعظيم شأنه وتفخيم أمره حتى يتلو قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء: 88]، وقوله: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون} [النحل: 2]، وقوله: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} [الحِجْر: 87]، وقوله: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحِجْر: 9]، وقوله: {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون} [الزخرف: 44]، وقوله: {هدى للمتقين} [البقرة: 2]، وقوله: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} [الزمر: 23].. إلى غير ذلك من الآيات التي تتضمن تعظيم شأن القرآن، فمنها ما يتكرر في السورة في مواضع، ومنها ما ينفرد فيها، وذلك مما يدعوهم إلى المبادرة، ويحضهم على المعارضة، وإن لم يكن متحدِّيًا إليه.
    أَلَا تَرَى أنهم قد ينافر شعراؤهم بعضُهم بعضًا؟ ولهم في ذلك مواقف معروفة وأخبار مشهورة وآثار منقولة مذكورة، وكانوا يتنافسون على الفصاحة والخطابة والذلاقة ويتبجحون بذلك ويتفاخرون بينهم؟
    فلن يجوز والحال هذه أَنْ يتغافلوا عن معارضته لو كانوا قادرين عليها؟! تحداهم أو لم يتحدهم إليها؟!
    ولو كان هذا لقبيل مما يقدر عليه البشر لوجب في ذلك أمر آخر، وهو أنه لو كان مقدورا للعباد لكان قد اتفق إلى وقت مبعثه من هذا القبيل ما كان يمكنهم أن يعارضوه به، وكانوا لا يفتقرون إلى تكَلُّف وضعه، وتعمُّل نظمه في الحال.
    فلمَّا لم نرهم احتجوا عليه بكلام سابق، وخطبة متقدمة، ورسالة سالفة، ونظم بديع، ولا عارضوه به فقالوا: هذا أفصح مما جئتَ به وأغرب منه أو هو مثله؛ عُلِمَ أَنَّه لم يكن إلى ذلك سبيل، وأنه لم يوجد له نظير، ولو كان وُجِدَ له مِثْلٌ لكان يُنْقَلُ إلينا ولعرفناه، كما نُقِلَ إلينا أشعار أهل الجاهلية وكلام الفصحاء والحكماء من العرب، وأُدِّيَ إلينا كلام الكهان وأهل الرجز والسجع والقصيد وغير ذلك من أنواع بلاغاتهم وصنوف فصاحاتهم)) [((إعجاز القرآن)) للباقلاني (ص/20 – فما بعد)] انتهى.
    فأصبح بدهيًا بعد ذلك:
    أَنْ تُقَدَّسَ وتُنَزَّه كلماته وحروفه ومعانيه عن النَّقْدِ، وأَنْ لا يُتَسَلَّق إليه بخيالٍ ذهنيٍّ؛ لأنَّهُ يعلو ولا يُعْلَى عليه، ولا تحوزه كلماتُ بشرٍ، ولا يرتفع عليه كلام إنسانٍ، كما لا ترتفع ذات أحدٍ على ذات قائله المتكلِّم به، وهو المولى سبحانه وتعالى، وقد سبق مرارًا أنَّ الكلام في الصفة فرعٌ على الكلام في الذات.
    فكما أنَّهُ لا يجوز لأحدٍ أَنْ يرفعَ ذاته فوق ذات الله ـ تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا ـ؛ كذلك لا يجوز لأحدٍ أَنْ يرفعَ كلامَه على كلام الله؛ فإِنَّ كلام الله لا يُشْبه كلام البشر، ولا يُحيط بإعجازه مخلوقٌ، فلا يصحّ شرعًا ولا عقلاً أَنْ يخضعَ المعصوم لحُكْمِ ونَقْدِ مَن اقْتَرَنَ به الخطأ؛ كما لا يصح أَنْ تُحَاكَمَ المعجزة قياسًا على أوهام العقول، وحصائد الأفكار، وثمار الأَلْسُن.
    وبعبارةٍ أخرى: لا يصح أَنْ يخضع الأعلى للأدنى؛ إلا في عقلِ مجنونٍ لا يَعِي ما يخرج من رأسهِ، أو ملحدٍ؛ لا يُؤْمِن بأله الكون، ولا يَعْتَرِف بوجوده سبحانه وتعالى.
    وكيف يُتَصَوَّرُ في عقلٍ أنْ يستدركَ مخلوقٌ على كلامِ الخالقِ ونَظْمِهِ ولَفْظِه؛ اللهم إلا أَنْ يكون عقلاً فاسدًا لا يعرف الفرق بين البِذْرة والعذرة، فمثله فاقدٌ للأهلية غير مُعْتَبرٍ به؛ إِذْ لا عبرة بما صدر عن المجنون والمعتوه ونحوهما.
    وكيف يصح أَنْ يأتي أَعَاجِمُ العصر بما عَجَزَ عنه أصحابُ اللُّغةِ الفصيحةِ وأربابُها؛ في قريشٍ، حين تَحَدَّاهم المولى أَنْ يأْتوا بمثلِ هذا القرآن أو آثَارَةٍ مِن عِلْمٍ؛ فعجزوا؟!

    وكيف يصحّ في الأذهانِ شيءٌ ....... إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل
    ومِن هنا تعلم فساد تلك الفتنة القديمة التي أثارها بعضُ الزَّنادِقَةِ زورًا وبهتانًا، حين زَعَمَ إخضاع القرآن للنَّقْد اللغوي، وبدأ هو مشوار السقوط، فأخْسَأَهُ الله، وأَخْزَاه، وأَخْمَدَ فتنتَهُ وذِكْرَه.
    وأما القرآن فمعجزةٌ خالدة، أَيَّدَ الله عز وجل بها نبيَّه صلى الله عليه وسلم، وَجَعَلَ الإيمانَ بذلك أصلاً أصيلاً من أصول الإسلام التي لا يصح الإسلام بدونها، فمَنْ شكَّ في إعجاز القرآن وعدم قُدْرَةِ الخلق على الإتيان بمثله؛ فقد عاد على أصل إسلامه بالبطلان؛ والعياذ بالله.
    ولذا قال أهل العلم قديمًا وحديثًا: مَنْ قال: إِنَّ القرآنَ ليسَ بِمُعْجِزٍ فقد كَفَرَ.
    ومِنْ ذلك: ما نُقِلَ عنِ الإمامِ أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أَنَّهُ قال: ((مَنْ قال: إِنَّ القرآنَ مقدورٌ على مثلِهِ ولكنَّ الله مَنَعَ قُدْرَتَهُمْ: كَفَرَ؛ بل هو مُعْجِزٌ بنَفْسِه، والْعَجْزُ شَمَلَ الْخَلْق)) [((الفروع)) لابن مفلحٍ رحمه الله (6/161)].
    قال ابنُ مُفْلِحٍ رحمه الله:
    ((وجزم ابنُ عقيل بأنَّ مَن وُجِدَ منه امتهانٌ للقرآنِ، أو غَمْصٌ منه [يعني احتقره أو عابه]، أو طَلَبُ تناقُضِهِ، أو دعوى أنه مختلفٌ أو مُخْتَلَقٌ، أو مقدورٌ على مثلِه، أو إسقاطٌ لحُرْمَتِهِ: كلُّ ذلك دليلٌ على كفرِهِ، فيُقْتَلُ بعد التوبةِ))[المصدر السابق].
    وقال القاضي عياض رحمه الله:
    ((مَن أنكرَ القرآنَ، أو حرفًا منه، أو غَيَّرَ شيئًا منه, أو زَادَ فيه؛ كفِعْلِ الباطنيّة والإسماعيليّة, أو زَعَمَ أَنَّه ليس بحُجَّةٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أو ليس فيه حُجَّةٌ ولا مُعْجِزَةٌ؛ كقولِ هشـامٍ الْفُوطِيِّ ومَعْمَرٍ الصَّيْمَرِيِّ: إِنَّه لا يدلُّ على الله ولا حجةَ فيه لرسولهِ ولا يدل على صوابٍ ولا عقابٍ ولا حُكمٍ؛ ولا مَحَالَةَ في كُفرِهما بذلك القول, وكذلك نُكَفِّرُهُمَا بِإِنْكَارِهِمَا أَنْ يكونَ في سائرِ معجزات النبيِّ صلى الله عليه وسلم حجةٌ له, أو في خلقِ السماوات والأرض دليلٌ على الله؛ لمخالفتِهم الإجماعَ والنقلَ المتواترَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم باحتجاجهِ بهذا كلِّه، وتصريحِ القرآن به))[((الشفا)) للقاضي عياض (2/250)].
    وقال القاضي عياض رحمه الله:
    «واعْلَمْ أَنَّ مَن استخفَّ بالقرآنِ, أو المصحفِ, أو بشيءٍ منه, أو سَبَّهُما, أو جَحَدَهُ, أو حَرْفًا منه، أو آيةً, أو كَذَّبَ به, أو بشيءٍ منه, أو كَذَّبَ بشيءٍ مما صُرِّحَ به فيهِ؛ مِنْ حُكْمٍ أو خَبَرٍ, أو أَثْبَتَ ما نفاهُ أو نَفَى ما أَثْبَتَهُ, على عِلْمٍ منه بذلك, أو شَكَّ في شيءٍ مِن ذلك: فهو كافرٌ عند أهل العلم بإجماعٍ.
    قال الله تعالىوإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل ما بين يديه ولا مِن خلفه تنزيل من حكيم حميد) [فصلت:41-42])).
    قال القاضي عياض رحمه الله:
    ((وقد أَجْمَعَ المسلمون أَنَّ القرآنَ المتلوَّ في جميعِ أقطارِ الأرض، والمكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، مما جَمَعَهُ الدَّفَّتَانِ مِنْ أَوَّلِ (الحمد لله رب العالمين) إلى آخر (قل أعوذ برب الناس) أنه كلامُ الله، ووَحْيُهُ الْمُنَزَّلُ على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأَنَّ جميعَ ما فيه حقٌّ، وأَنَّ مَنْ نَقَصَ منه حرفًا قاصِدًا لذلك، أو بَدَّلَهُ بحرفٍ آخَرَ مكانَهُ، أو زادَ فيه حرفًا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه، وأُجْمِعَ على أَنَّهُ ليس مِن القرآنِ، عامِدًا لكلِّ هذا أَنّه كافرٌ.
    ولهذا رَأَىَ مالكٌ قَتْلَ مَنْ سَبَّ عائشةَ رضي الله عنها بالفِرْيَةِ؛ لأنَّه خَالَفَ القرآنَ، ومَنْ خالَفَ القرآنَ قُتِلَ؛ أَيْ: لأَنَّهُ كَذَّبَ بما فيهِ.
    وقال ابنُ القاسم: مَنْ قال: إِنَّ الله تعالى لم يُكَلِّم موسى تكليمًا يُقْتَلُ.
    وقاله عبدُ الرَّحْمَن بنُ مهدي.
    وقال محمد بن سُحْنُونٍ - فيمن قال: الْمُعَوِّذَتَانِ لَيْسَتَا مِنْ كتابِ الله -: يُضْرَبُ عُنُقُهُ؛ إلاَّ أَنْ يتوبَ، وكذلك كلُّ مَنْ كَذَّبَ بحرفٍ منه.
    قال: وكذلك إِنْ شَهِدَ شاهِدٌ على مَنْ قال: إِنَّ الله لم يُكِّلم موسى تكليمًا وشَهِدَ آخر عليه أَنَّهُ قال: إِنَّ الله لم يَتَّخِذْ إبراهيمَ خليلًا؛ لأنهما [يعني: الشاهدين] اجتمعا على أَنَّهُ كَذَّبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم .
    وقال أبو عثمان الحداد: جميع من ينتحِلُ التوحيد متفقونَ أَنَّ الْجَحْدَ لحرفٍ مِن التنزيلِ: كُفرٌ.
    وكان أبو العالية إذا قَرَأَ عندهُ رجلٌ لم يقل له: لَيْسَ كما قَرَأْتَ، ويقولُ: أَمَّا أَنا فأَقْرَأُ كذا، فبَلَغَ ذلك إبراهيمَ، فقال: أُرَاهُ سَمِعَ أَنَّهُ مَنْ كَفَرَ بحرفٍ منه فقد كَفَرَ به كلِّه.
    وقال عبد الله بن مسعود: مَنْ كَفَرَ بآيةٍ مِن القرآنِ فقد كَفَرَ به كلِّه [أَوْرَدَهُ البيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/43)].
    وقال أَصْبَغُ بنُ الفَرَج: مَنْ كَذَّبَ ببعضِ القرآنِ فقد كَذَّبَ به كلِّه، ومَنْ كَذَّبَ به: فقد كَفَرَ به، ومَن كَفَرَ به: فقد كَفَرَ بالله.
    وقد سُئِلَ القَابِسيُّ عَمَّنْ خَاصَمَ يهوديًا فحلفَ له بالتوراةِ، فقال الآخرُ: لَعَنَ الله التوراةَ، فشَهِدَ عليه بذلكَ شاهدٌ ثم شَهِدَ آخرُ أَنَّه سأَلَهُ عن القضيةِ؛ فقال: إِنَّما لَعَنْتُ توراةَ اليهودِ، فقال أبو الحسن [وهو القابِسي]: الشاهدُ الواحد لا يُوجِبُ القتلُ، والثاني عَلَّقَ الأمرَ بصفةٍ تحتملُ التأويلَ؛ إِذْ لعلَّهُ لا يَرَى اليهودَ مُتَمَسِّكِينَ بشيءٍ مِنْ عند الله؛ لتبدِيلِهِمْ وتحرِيْفِهِمْ، ولو اتَّفَقَ الشاهدانِ على لعن التوراةِ مُجَرَدًّا لضاقَ التأويلُ.
    وقد اتَّفَقَ فقهاءُ بغدادَ على استتابةِ ابن شَنْبُوذَ الْمُقْرِيءِ أحدِ أئمةِ الْمُقْرِئينَ الْمُتَصَدِّرينَ بها معَ ابنِ مجاهدٍ؛ لِقِرَاءتهِ وإِقْرَائِهِ بِشَوَاذٍّ مِن الحروفِ، مما ليسَ في المصحفِ، وعَقَدوا عليه بالرجوعِ عنه، والتوبةِ منه سِجِلًّا أَشْهَدَ فيه بذلك على نفسِه في مجلسِ الوزيرِ أبى عليِّ بنِ مُقْلَةَ سنةَ ثلاثٍ وعشرين وثلاثمائةٍ وكان فيمَنْ أَفْتَى عليهِ بذلك أبو بكرٍ الأَبْهَرِيُّ وغيره.
    وأَفْتَي أبو محمدٍ بنُ أبى زَيْدٍ بالأدبِ فيمَنْ قال لصبيٍّ: لَعَنَ اللهَ مُعَلِّمَكَ وما عَلَّمَكَ، وقال [يعني مَنْ لَعَنَ الصبي]: أردتُ سوءَ الأدبِ ولم أُرِدِ القرآنَ، قال أبو محمدٍ: وأمَّا مَنْ لَعَنَ المصحفَ فإِنَّهُ يُقْتَلُ))[السابق (2/263-265)]ـ
    وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى:
    ((باب ما جاء مِن الحجةِ في الرَّدِّ على مَنْ طعنَ في القرآنِ وخالَفَ مصحف عثمان بالزيادة والنقصان: لا خلاف بين الأمة، ولا بين الأئمة أهل السنة؛ أن القرآن اسمٌ لكلام الله تعالى الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم معجزةً له على نحو ما تقدم، وأنه محفوظٌ في الصدور، مقروءٌ بالألسنة، مكتوبٌ في المصاحف، معلومةٌ على الاضطرارِ سورُه وآياتُه، مبرأةٌ مِن الزيادةِ والنقصانِ حروفُه وكلماتُه، فلا يحتاج في تعريفه بحَدٍّ، ولا في حَصْرِهِ بِعَدٍّ، فمَنِ ادَّعَى زيادةً عليه أو نقصانًا منه فقد أبطلَ الإجماع، وبَهَتَ الناسَ، ورَدَّ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مِنَ القرآن المنزل عليه، ورَدَّ قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء:88]، وأبطل آيةَ رسولهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه إِذْ ذاكَ يصير القرآن مقدورًا عليه حين شِيبَ بالباطل، ولما قُدِرَ عليه لم يكن حجة ولا آية، وخرج عن أَنْ يكون مُعْجِزًا، فالقائل: إِنَّ القرآنَ فيه زيادةٌ ونقصانٌ رَادٌّ لكتابِ الله، ولما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان كمن قال: الصلوات المفروضات خمسون صلاة، وتَزَوُّج تسع مِن النساء حلالٌ، وفرض الله أيامًا مع شهر رمضان، إلى غير ذلك مما لم يثبت في الدين، فإذا ردّ هذا الإجماع؛ كان الإجماع على القرآن أثبت وآكَد وأَلْزَم وأَوْجَب)).
    ونقل القرطبي كلامًا مطولاً عن ابن الأنباري رحمه الله، ومنه ذلك قول أبي بكرٍ ابن الأنباري رحمه الله تعالى:
    ((إِنَّ الله عز وجل قد حَفِظَ القرآن مِن التغيير والتبديل والزيادة والنقصان، فإذا قَرَأَ قارئٌ: (تبت يدا أبي لهبٍ وقد تبّ ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارًا ذات لهبٍ ومريته حمالة الحطب في جيدها حبل من ليف)؛ فقد كذبَ على الله جل وعلا، وَقَوَّلَهُ ما لم يقل، وبَدَّلَ كتابَهُ وحَرَّفَهُ، وحاول ما قد حَفِظَهُ منه ومنع مِن اختلاطه به، وفي هذا الذي أَتَاهُ توطِئَةُ الطريق لأهل الإلحاد ليُدْخِلُوا في القرآن ما يُحِلُّون به عُرَى الإسلام، وينسبونه إلى قومٍ كهؤلاء القوم الذين أحالوا هذا بالأباطيل عليهم، وفيه إبطال الإجماع الذي به يُحْرَسُ الإسلام، وبثباته تُقَامُ الصلوات، وتُؤَدَّى الزكوات، وتُتَحَرَّى المتعبّدات، وفي قول الله تعالى: {الر كتاب أحكمت آياته} [هود:1]: دلالة على بدعةِ[يعني: إتيانه بقولٍ مُحْدَثٍ لم يُسْبَق إليه] هذا الإنسان وخروجه إلى الكفر؛ لأنَّ معنى )أُحْكِمَتْ آياتُه( [هود:1]: منع الخلق مِن القدرةِ على أَنْ يزيدوا فيها، أو ينقصوا منها، أو يعارضوها بمثلِها، وقد وجدنا هذا الإنسان زاد فيها: (وكفى الله المؤمنين القتال بعليٍّ وكان الله قويًّا عزيزًا) فقال في القرآن هُجْرًا وذَكَرَ عليًّا في مكانٍ لو سَمِعَهُ يذكرهُ فيه لأَمْضَى عليه الْحَدَّ وحَكَمَ عليه بالقتلِ، وأَسْقَطَ مِنْ كلامِ الله: {قل هو} وغَيَّرَ {أحد} فقرأَ: (الله الواحد الصمد)، وإِسْقَاطُ ما أسقطَ نفيٌ له وكفرٌ، ومَن كفر بحرفٍ مِنَ القرآن فقدَ كفر به كلَّه، وأَبْطَلَ معنى الآية؛ لأنَّ أهل التفسير قالوا: نزلت الآية جوابًا لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صِفْ لنا ربك أمِنْ ذهبٍ أم مِن نحاسٍ أم مِن صفر؟ فقال الله جل وعزَّ ردًّا عليهم: {قل هو الله أحد} [الإخلاص:1] ففي {هو} دلالة على موضعِ الرَّدِّ ومكان الجواب، فإذا سقط بطل معنى الآية، ووضح الافتراء على الله عز وجل والتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ويُقَالُ لهذا الإنسان ومَنْ ينتحل نُصْرَتَه: أَخْبِرونا عن القرآن الذي نقرؤه ولا نعرف نحن ولا مَن كان قبلنا مِن أسلافنا سواه: هل هو مشتملٌ على جميع القرآن مِن أوله إلى آخره؟ صحيح الألفاظ والمعاني؟ عارٍ عن الفساد والخلل؟ أم هو واقع على بعض القرآن والبعض الآخر غائب عنا كما غاب عن أسلافنا والمتقدمين مِن أهل ملتنا؟ فإِنْ أجابوا بأَنَّ القرآن الذي معنا مشتملٌ على جميع القرآن لا يسقط منه شيء صحيح اللفظ والمعاني سليمها مِنْ كل زللٍ وخللٍ؛ فقد قضوا على أنفسِهم بالكفر حين زادوا فيه: (فليس له اليوم هاهنا حميم وليس له شراب إلا مِن غسلين مِن عين تجري مِن تحت الجحيم)، فأي زيادةٍ في القرآن أوضح مِن هذه؟ وكيف تُخْلَطُ بالقرآن وقد حرسَهُ الله منها؟ ومنعَ كلَّ مفترٍ ومُبْطِلٍ مِنْ أَنْ يُلْحِق به مثلها؟»[((تفسير القرطبي)) (1/80- 85)].
    ثم استطردَ ابن الأنباري رحمه الله في بيان فساد الزيادة المذكورة، وبيان معنى الآية ((فيما أَنْزَلَ الله تبارك وتعالى على الصحَّةِ في القرآنِ الذي مَن خالفَ حرفًا منه كَفَرَ)) على حَدِّ تعبيره.
    فظهر مِنْ هذا كله:
    - أَنَّ القرآنَ مُعْجِزٌ مِنْ كل جهاته، غيرُ مَقْدورٍ على الإِتْيانِ بِمِثْلِه، بوجهٍ من الوجوه.
    - وأَنَّهُ مُنَزَّهُ عن النَّقْدِ والطَّعْنِ في حروفه ونظمه ومعانيه، وكافة وجوهه.
    - وأَنَّ التعرُّضَ لبعضهِ بنقدٍ يعني التعرُّضَ له جميعًا.
    - وأَنَّ مَنِ اعتقدَ القدرة على مثله وأنَّهُ غير مُعْجِزٍ: فقد كفرَ بلا خلافٍ.
    ولا يزال الناس في انبهارٍ دائمٍ بالقرآن المقدَّس منذ نزوله وإلى أن يشاء الله سبحانه وتعالى.

    وانظر إلى قول الأديب الأريب الأستاذ سيد قطب رحمه الله، حين يقول في مقدمة تفسيره لسورة ((الرعد)): ((كثيرًا ما أقف أمام النصوص القرآنية وقفة المتهيب أن أمسها بأسلوبي البشري القاصر المتحرِّج أن أشوبها بأسلوبي البشري الفاني ، ولكن ماذا أصنع ونحن في جيل لا بد أن يقدم له القرآن مع الكثير من الإيضاح، ومع هذا كله يصيبني رهبة ورعشة كلما تصدَّيْتُ للترجمة عن هذا القرآن))[((في ظلال القرآن)) (4/2038)].
    وقد أشار الله عز وجل في مواضع من كتابه العزيز إلى كثيرٍ من صفات القرآن الأصيلة، ودلائل إعجازه، وبراهين عظمته، فوصفَه سبحانه وتعالى بالمبين والحكيم والمنير والنور والمبارك، وغيرها من الصفاتِ الْعَلِيَّةِ، ونفى عنه الريب والشكّ والاختلاف، وغيرها من الصفات المشينة، كما نَزَّهَهُ اللهُ عز وجل وبرَّأَهُ من مشابهة أقوال الشعراء والكُهَّان.
    وطَالَبَ اللهُ سبحانه وتعالى الناسَ بالتَّدبُّر في آياتِ كتابه،.
    وتحدَّى به سبحانه وتعالى الناس كلهم، ونفى قُدْرَتهم على المجيء بمثله، أو بعضه، ولو اجتهدوا في ذلك، وجمعوا أنصارهم وشهداءهم، وطالَبَهُمُ الله سبحانه وتعالى بالتَّدبُّرِ فيه، والنظر في آياته، متحدِّيًا لهم أن يجدوا فيه اختلافًا، أو شيئًا يشينه، وهذا مما يُظهر محاسنه، وينفي عنه كل عيبٍ، ويلفت الأنظار إلى متانته وإعجازه لفتًا، ويُجَلِّي صفاته أمام الأعين فتبصرها بلا عناء، صافيةً بلا كَدَرٍ.
    كما ذَكَرَ عز وجل أَنَّهُ كتابُ تذكرة وهدىً وبشرى للمؤمنين، وحسرةً على الكافرين، يهدي به الله أهل الطاعة والاستجابة إلى صراطٍ مستقيمٍ، ويُثبِّتَ به قلوبهم.

صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. القرأن الكريم واحتمال تعدد الأرباب.
    بواسطة عُبَيّدُ الّلهِ في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-13-2014, 02:58 PM
  2. مع المستشرق موراني حول دعوى ((تحقيق القرآن)) واحتمال الزيادة والنقص واختلاف الترتيب
    بواسطة المستشار سالم عبد الهادي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 79
    آخر مشاركة: 01-10-2011, 11:54 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-09-2005, 08:04 PM
  4. أنت تسأل و د.موراني يجيب (لقاء مع د.موراني)
    بواسطة شاهد عيان في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 70
    آخر مشاركة: 09-12-2005, 05:29 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء