الحمد لله رب العالمين و سلام على المرسلين لا نفرق بين احد منهم و نحن له مسلمون..
زميلي المقدسي.. لقد طرحت سؤالين تستدل بهما علينا رغم انهما حجة عليك ايضا..!!؟, فهذا من الأسس التي يُفترض أن تكون من المسلمات المتفق عليها من شتى المذاهب و النحل فان شككت فيها فسوف تصل الى نتائج لن تقبلها انت يا زميلي ولست مضطرا بعدها ان تسمع رأي الآخرين..
سوف انتهج معك هذه المرة الأسلوب العلمي المنطقي في الاستدلال فلعلنا نصل الى شيء.. سننطلق من مقدمات و سنرى النتائج التي نصل اليها عبر مجرى التفكير المنطقي العلمي..
سؤالك الاول : علام كان علم العربية محفوظا..
لنفترض جدلا ان علوم اللغة و دلالات المفردات تغيرت مع مر السنين منذ الرعيل الأول الى عصرنا هذا و ننطلق من هذه المقدمة..فكتاب الله الكريم و حتى كتب الروايات و التفاسير أتتنا من الرعيل الاول.. اذا.. كتاب الله الكريم و معه كتب الروايات و التفاسير و كل الموروث من الرعيل الأول قد تغيرت دلالات مفرداتها و قواعد اللغة و النتيجة ان كل ما وصلنا من الرعيل الاول مبهم الدلالات غامض المعاني لا نستوعب جله في عصرنا هذا..!!!, هذا استدلال منطقي زميلي فالمقدمة توصلك الى هذه النتيجة حتما فهل النتيجة صحيحة..!!؟, فان اعتبرتها كذلك فانك ستزلزل كل الموروث من أوله لأخره يقينه و ظنه ثم لا يبقى لك منه شيئا يا زميلي..!!, أما إن اعتبرت النتيجة خاطئة فستكون المقدمة أيضا خاطئة و هذا ما نتفق عليه كلنا يا زميلي.. فالدلالات و المعاني محفوظة إلى ان يرث الله تعالى الأرض و من عليها "طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)" (النمل), فالكتاب المبين هدى و بشرى للمؤمنين منذ العصر الاول الى قيام الساعة مادام على الارض من يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يوقن بالاخرة..
اما عن سؤالك الثاني زميلي فلقد انتهجت انت الاسلوب الاستدلالي المنطقي من حيث تدري او من حيث لا تدري.. فلقد انطلقت من مقدمة أساسها اختلاف علماء اللغة العربية في دلالات الألفاظ و الإعراب.. و بما ان القران الكريم نزل بلسان عربي و صلت الى نتيجة مفادها اختلاف كبير في تفسير القران الكريم و دلالاته.. فهل ستقبل بهذه النتيجة زميلي..؟, ثم كيف ترد أنت على من يقول باختلاف التفاسير لاختلاف معاني و دلالات ألفاظ العرب ان كنت انت تعتقد بهذا..؟, ثم هل قواميس العرب و معاجمهم مع اختلافها حجة على دلالات كتاب الله تعالى..؟.
اما انا فاعود و اقول بان كتاب الله الكريم لا تقيده قواعد البشر من نحو و اعراب و املاء.. كتاب الله الكريم فوق البشر فلا يقاس على شيء مما أسس له البشر و يقاس عليه كل شيء.. "فاصح الطرق في تفسيره ان يفسر القران بالقران, فما اجمله في موضع فسره في موضع اخر.." هذا ما جاء في مقدمة ابن كثير نفسه يا زميلي..
ساعطيك امثلة زميلي على ان كتاب الله تعالى فوق قواعد البشر..
يقول تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (المائدة 69), لماذا لم تنصب "ان" اسمها في هذه الآية بينما نصبته في قوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة 62)
و لماذا تُذكَر السماء في قوله تعالى "السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا" (المزمل 18) و تؤنث في قوله تعالى "أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ" (ق 6)
و لماذا تكتب الهمزة في كلمة فوق السطر في قوله تعالى "وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ" (البقرة 171) بينما تكتب على الواو في قوله تعالى "قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاؤ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ" (غافر 50)
يازميلي.. هذه قواعد ربانية مطلقة لا تقاس على قواعد البشر وهذا يثبت ان كتاب الله تعالى لم يُغير منه حرف و لم يُبدل و قد رُسمت حروفه تماما كما لقاها جبريل عليه السلام للرسول الكريم حرفا حرفا و كلمة كلمة ثم دون بأشرافه عليه الصلاة و السلام من طرف الصحابة و صدق رب العزة اذ يقول "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"
اللهم اغفر و ارحم و أنت خير الراحمين..
Bookmarks