صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 45

الموضوع: نظراتُ فى سِفر الحكمة .

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    تلك إذاً قسمة ضيزى

    فالعجب كل العجب من تلميذ يتعالم على أستاذه ..
    ومن مملوك يتيه على سيده ..

    مادام قد ثبت بالدليل القاطع حكمة الخالق عز وجل وملكه وتدبيره ..
    فإذا رأى الإنسان عالماً محروماً .. وجاهلاً مرزوقاً ..
    أوجب عليه الدليل المثبت لحكمة الخالق التسليم إليه ونسبة العجز عن معرفة الحكمة إلى نفسه ..
    فإن أقواماً لم يفعلوا ذلك جهلاً منهم ..
    أفتراهم بما حكموا بفساد هذا التدبير ..؟ أليس بمقتضى عقولهم ..؟
    أوما عقولهم من جملة مواهبه ..؟
    فكيف يحكم على حكمته وتدبيره ببعض مخلوقاته ..
    التى هى بالإضافة إليه أنقص من كل شئ ..
    أفتظن أن يعطيك ربك بالكمال من الحكمة ويرضى لنفسه بالدون .. ؟
    أفيصفيك من العقل ما تعترض به عليه ويرضى بالدون ..؟
    أيخلقك ويعطيك رحمة لا توجد عنده ..؟
    ويمنحك عطفاً وحناناً تعترض به عليه ..؟

    تلك إذا قسمة ضيزى .. !!!
    وإنما الذى يرى ذلك مؤتماً بإبليس حين قال ((أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا. ))
    حاكماً بعقل (( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ )) فوجب الإحتراز فإن عقلك ورحمتك وحكمتك من جملة مصنوعاته يامسكين ..
    ومرد هذا الأمر أن ينظر الإنسان فى نفسه فيرى لها عقلاً تحكم به
    يستحسن به .. ويستقبح به .. ويرى له حكمة .. يحكم بها على الأشياء ..
    ويرى أنها وضع الشئ فى موضعه .. وموافقة الواقع وإلتزام ما يحسن وإجتناب ما يقبح ...
    وقد علم كل ذى لب أن ما يقبح لدى إنسان يستحسن لدى آخر ...
    وما يراه عدلاً يراه البعض جوراً وإن إتفقوا على معان عامة ..
    ثم إن ما يراه الإنسان حكمة من قتل القاتل قد يقبح لدى القاتل ..
    ومايراه من ذبح الحيوان وأكله قد يقبح لدى الحيوان
    بل لدى بعض البشر أيضاً ..
    فثبت لنا أن حكم عقولنا لا يصلح كمرجع موحد للحكم على الأشياء
    من ناحية التحسين والتقبيح ..
    وأنه لابد من إستيفاء العلم بالمسألة .. وملابساتها .. وما تنتج عنه .. وما يترتب عليه ..
    والمفاسد المتوقعة والمصالح المرجوة .. ومآلات الأفعال .. ودقائق التفاصيل ..
    حتى تعطى حكماً تاماً ... وبهذا يستشعر الإنسان حدود عقله وحكمته ..
    ويسلم الى واهبها .. وخالقها..وفاطرها ومبدعها ..
    حتى يفوز بالأمان ويتبع ما عليه العقل والبيان ..
    ولو تفكر ملياً وتلبث هنياً لأدرك هذه المسألة ..
    وأتضحت له الشبهة وزال عن عقله الإشكال ..
    والله أعلم


    يتبع إن شاء الله ...

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ..
    (( إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ))

    يقول إبن الجوزى
    رأيت فى العقل منازعه الى معرفة جميع حكم الحق عز وجل فى حُكمِه ..فربما لم يتبين له شئ منها ..
    (( مثل النقض بعد البناء )) فيقف متحيراً وربما إنتهز الشيطان الفرصة فوسوس إليه ... أين الحكمة من هذا ..؟!
    فقلت له إحذر أن تخدع يامسكين ... إنه قد ثبت بالدليل القاطع لما رأيت من إتقان الصنائع مدى حكمة الصانع ..
    فإن خفى عليك بعض الحكم .. فلضعف إدراكك ..
    ثم ما زالت للملوك أسرار .. فمن أنت حتى تطلع بضعفك على جميع حكمه ..؟
    يكفيك الجُمل .. وإياك .. إياك .. أن تتعرض لما يخفى عليك ..
    فإنك بعض موضوعاته و ذرة من مصنوعاته .. فكيف تتحكم على من صدرت عنه ..؟
    ثم قد ثبتت عندك حكمته .. وحُكمه وملكه ..
    فأعمل آلتك على قدرِ قوتك ..فى مطالعة ما يمكن من الحكم ...
    فإنه سيورثك الدهش ..
    وأغمض عما يخفى عليك ..فحقيق بذى البصر الضعيف ألا يقاوى ضوء الشمس ....
    يقول إبن القيم :
    فالله تعالى هو الغنى الحميد .. العليم الحكيم ..
    .. ومصدر خلقه و أمره وثوابه وعقابه .. غِناه وحَمدهِ وعِلمه وحكمتِه
    وليس مصدرها مشيئة مجردة ولا قدرة خالية من الحكمة والرحمة والمصلحة والغايات المحمودة المطلوبة له خلقاً وأمراً ..
    لذلك فهو لا يسئل عما يفعل لكمال حكمته ووقوع أفعاله كلها على أحسن الوجوه وأتمها ..
    مقتضية للصواب والسداد ومطابقة الحكم ..
    أما العباد فيسئلون إذ كانت أفعالهم كذلك ..
    ولهذا قال خطيب الأنبياء شعيب عليه السلام :
    (( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))
    فالأية تخبر عن عموم قدرته تعالى وأن الخلق كلهم تحت تسخيره وقدرته...
    وأنه آخذ بنواصيهم .. فلا محيص لهم عن نفوذ مشيئته وقدرته فيهم ..
    ثم عقب ذلك بالإخبار عن تصرفه فيهم ..
    وأنه بالعدل لا بالظلم وبالإحسان لا بالإساءة ... وبالصلاح لا بالفساد ..
    ** فهو يأمرهم وينهاهم إحساناً إليهم وحماية وصيانة لهم .. لا حاجة إليهم ولا بخلاً عليهم بل جوداً وكرماً ولطفاً وبراً ...
    ** ويثيبهم إحساناً وتفضلاً ورحمة لا لمعاوضة وإستحقاق منهم ودين واجب لهم يستحقونه
    ** ويعاقبهم عدلاً وحكمة لا تشفياً ولا مخافة ولا ظلماً كما يعاقب الملوك وغيرهم ..
    بل هو على الصراط المستقيم وهو صراط العدل والإحسان فى أمره ونهيه وثوابه وعقابه ..
    فتأمل ألفاظ هذه الأية وما جمعته من عموم القدرة وكمال الملك ومن تمام الحكمة والعدل والإحسان ..
    فإنها من كنوز القرأن .. قد كفت وشفت لمن فتح عليه بفهمها ..
    فكونه تعالى على صراط مستقيم
    ** ينفى ظلمه للعباد وتكليفه إياهم ما لا يطيقون..
    ** وينفى العيب من أفعاله وشرعه ..
    ** ويثبت لها غاية الحكمة والسداد رداً على منكرى ذلك ..
    فهو سبحانه على صراط مستقيم فى عطائه ومنعه وهدايته وإضلاله ..
    فى نفعه وضره وعافيته وبلاءه وإعناؤه وإفقاره وإنتقامه وثوابه وعقابه وإحيائه وإماتته وأمره ونهيه وتحليله و تحريمه ..
    وفى كل ما يخلق وكل ما يأمر به ..
    ولهذه الأية نظير فى قوله تعالى (( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَىءٍ وَهُوَ كَلٌّ
    عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))

    فالمثل الأول للصنم وعابده والمثل الثانى ضربه الله لنفسه وأنه يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ..
    لا يُسأل عن أفعاله لأنها من حكيم عليم على صراط مستقيم ..
    وقد نبه على ذلك فى كتابه فقال ..(( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ
    حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ
    يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ))

    فهنا تنبيه على حكمته تعالى المقتضية تمييز الخبيث من الطيب وأن ذلك التمييز لا يقع إلا برسله فأجتبى منهم من يشاء وأرسله إلى عباده فيتميز برسالته الخبيث من الطيب والولى من العدو ..ومن يصلح لمجاورته وقربه وكرامته ممن لا يصلح إلا للوقود ..
    وفى هذا تنبيه على الحكمة فى إرسال الرسل وأنه لا بد منه وأن الله تعالى لا يليق به الإخلال به ..
    وأن من جحد رسالة رسله فما قدره حق قدره ولا عرفه حق معرفته ونسبه الى ما لا يليق به ..


    يتبع إن شاء الله ..
    التعديل الأخير تم 06-02-2011 الساعة 09:25 PM

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    لو منعك ماهو لك فقد حرمك ..

    فالهدى من الله يضعه فى قلوب عباده .. ويختار له من يصلح ..
    والقلوب ليست سواسية ..
    فشتان بين إبليس ((لَمْ أَكُنْ لأسْجُدَ )) وآدم ((رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا ))
    وبين موسى ((رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )) وفرعون ((أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ))
    فإن قال قائل فلماذا هذا وليس ذاك ... جاء البيان ..
    ((أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا .. ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ..))
    يقول إبن القيم ..(( من ذا الذى شفع لك فى الأزل حيث لم تكن شيئا مذكورا حتى سماك باسم الإسلام ووسمك بسمة المؤمنين وجعلك من أهل قبضة اليمين وأقطعك فى ذلك الغيب عمالات المؤمنين فعصمك من العبادة للعبيد وأعتقك من التزام الرق لمن له شكل ونديد ثم وجه وجهة قلبك إليه سبحانه دون ما سواه فاضرع إلى الذى عصمك من السجود للصنم وقضى لك بقَدَمِ الصدق فى القِدِم أن يتم عليك نعمة هو ابتدأها وكانت أوليتها منه بلاسبب منك , ولا تقنع بالخسيس والدون وعليك بالمطالب العليا والمراتب السامية التى لا تنال إلا بطاعة الله تعالى فإن الله سبحانه وتعالى قضى أن لا ينال ما عنده إلا بطاعته ومن كان لله كما يريد كان الله له فوق ما يريد فمن أقبل إليه تلقاه من بعيد ومن تصرف بحوله وقوته ألان له الحديد ومن ترك لأجله أعطاه فوق المزيد .. )) أ هــ
    هذا فى حق المؤمنين .. وفى حق الكافرين مثله ..
    ثم إن العليم الحكيم قال فى كتابه الكريم ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))
    وهو .. هو .. من قال : ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ))
    فقد علم من نفسك أنها تصلح للتكليف
    ولولا ذاك ما كلفك .. ((اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ))
    ولولا ذاك ما أمرك ((وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ))
    ولولا ذلك ما باعك وأشترى منك ماهو له ...
    يتاجر معك لتربح .. تجارة ((إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ )) !!
    أليس قد أبان لك الطريق ((بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ))
    وأراك صراط الهداية .. وسُبل الغواية ...(( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ))
    فهل عقد لسانك عن نطق الشهادتين ثم قال لك إشهد ..؟
    وهل جمد أطرافك ثم قال لك إسجد .. ؟
    وهل حرمك المال ثم أمرك بالزكاة .. ؟
    وهل حرمك العقل .. ثم قضى عليك بالتكليف ...؟!!
    فأى باب تحتج به .. وأى عذر تبحث عنه .. وأى ظلم تدعيه ..
    وقد قيل لك ((سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ
    كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا
    إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ))

    فلا حجة لك ولا برهان لديك ... وباطل ما تدعيه ..
    فإن أصررت فأين المفر من ((فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ))
    وهل ستخرج من أرضه وسماءه .. وحكمه وميعاده ..
    ((إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ))
    فأختر لنفسك قبل يوم معادها .. ما يتقى ناراً يطول سعيرها

    يتبع إن شاء الله ..

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الدنيا تفهم فى سياق الآخرة ..

    فإن من شاهد الدنيا وظن أنها غاية الإنسان ... ومنتهى آماله وكامل حياته لم يجد لها معنى يذكر ..
    ولم ير للفضيلة فيها قيمة .. ولا للرذيلة فيها إنتقاص ..ورأى فى قسمة البارى ظلماً .. وفى أحكامه نقصاً ..
    لكن الميزان يستقيم بالآخرة .. حيث الثواب و العقاب .. والحساب والجزاء وقسماً إنها لواقعة
    (( فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ))
    وفى الآخرة يكون الجزاء ((هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ))
    حيث يعرض الناس برهم فاجرهم .. محسنهم ومسيئهم ..
    مؤمنهم وكافرهم .. طائعهم وعاصيهم ...
    يعرضون للحساب ...(( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ))
    يعرض كل شئ فى الإنسان
    قلبه .. .. بدنه .. عمله .. طويته وسريرته .. جهره وعلانيته .
    يؤتى بأنعم أهل الأرض ..... فينسيه غمسة فى النار نعيمها
    ويؤتى بأشقى اهل الأرض ... فتنسيه غمسة فى النار شقائها
    فهل يبقى للألم والأحزان مكان ..؟ إن كان من أمر الجنة ما كان ..؟؟! ومن نعيمها ما يعجز عن وصفه البيان ..؟
    وهل يبقى من التكبر والطغيان بعد الغمس فى النيران .. ما يفرح به ظالم ما كان ..؟
    وإنما يعين على الصبر على هذه الأقدار .. مانجده فى القرأن والسنة .. وما يقضى به العقل ..
    فأما النقل ففى ((القرأن)) و ((السنة))
    أما القرأن : فمنقسم إلى قسمين .
    أحدهما بيان سبب إعطاء الكافر العاصى ..
    فمن ذلك قوله تعالى (( إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا ))
    (( وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ))
    وقوله تعالى ::((وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ))
    وفى القرأن من هذا كثير ....
    والثانى إبتلاء المؤمن بما يلقى كقوله تعالى ((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ))
    (( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ))
    (( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ))
    وفى القرأن من هذا كثير ..

    وأما السنة : فمنقسمة إلى ((قول)) و ((حال))
    أما الحال .. فإنه كان يتقلب على رمال حصير تؤثر فى جنبه .. فبكى عمر رضى الله عنه وقال .. كسرى قيصر فى الحرير الديباج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفى شك أنت ياعمر .. أترضى أن تكون لنا الآخرة و لهم الدنيا .؟
    وأما القول.. فكقوله (( لو أن الدنيا تساوى عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء ))

    وأما العقل
    ** فإنه يقوى عساكر الصبر بجنود منها أن يقول : قد ثبت عندى الأدلة القاطعة على حِكمةِ المقدِر.. فلا أترك الأصل الثابت .. لما يظنه الجاهل خللاً
    ** ومنها أن يقول : ما قد إستهولته أيها الناظر من بسط يدى العاصى هى قبض فى المعنى .. وما قد أثر عندك من قبض يد الطائع هى بسط فى المعنى .. فذاك بسط يوجب عقاباً طويلاً وذاك قبض يرث إنبساطاً فى الأجر جزيلاً ..
    ** ومنها أن يقول .. إن المؤمن بالله كالأجير وأن زمان التكليف كبياض نهار ولا ينبغى للمستعمل فى الطين أن يلبس نظيف الثياب بل ينبغى أن يصابر ساعات العمل .. فإذا فرغ تنظف ولبس أجود ثيابه .. فمن ترفه وقت العمل .. ندم وقت تفريق الأجرة .. وعوقب على التوانى فيما كلف .. فهذه النبذة تقوى أزر الصبر ..
    ** وأزيدك بسطاً فأقول . أترى إذا أُريد إتخاذ شهداء فكيف لا يخلق خلقاً يبسطون أيديهم لقتل المؤمنين أفيجوز أن يفتك بعمر إلا مثل أبى لؤلؤة .. وبعلى إلا مثل إبن ملجم .. وبيحي بن زكريا إلا جبار كافر ..
    ** ولو أن عين الفهم زالت عنها غشاء العشا لرأت المسبب لا الأسباب والمقدر لا الأقدار .. فصبرت على بلائه .. إيثاراً لما يريد .. ومن ههنا ينشأ الرضى ..
    وقد قيل :
    إن كان رضاكم فى سهرى .... فسلام الله على وسنى


    يتبع إن شاء الله ...

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    موسى والخضر .. مثال وبيان ..

    وقد ضرب الله لنا فى القرأن هذا المثل .. بياناً وإيضاحاً لما خفى علمه ..
    وكيف أن الفعل المستقبح... قد يكون وراءه من المنافع والحكم ...ما الله به عليم .
    فهذا موسى الكليم أحد أولى العزم من الرسل .. وهو من أُنزل عليه التوراه يعترض على أفعال الخضر ..
    حين خرق السفينة و قتل الغلام وأقام جداراً فى قرية قوم بخلاء ..
    فأنكر موسى عليه بظاهر المشاهدة ..
    فلما تبين له تأويل الحكمة .. أذعن وأقر .. ولله المثل الأعلى ..
    فإنه لما فعل الخضر عليه السلام أشياء تخرج عن العادات أنكر موسى عليه السلام ..
    ونسى إعلامه له بأنه ينظر فيما لا يعلمه من العواقب ..
    فإذا خفيت مصلحة العواقب على موسى عليه السلام .. مع مخلوق ..
    فأولى أن يخفى علينا كثير من حكمة الحكيم ..
    وهذا أصل .. إن لم يثبت عند الإنسان أخرجه الى الإعتراض والكفر ..
    وإن ثبت إستراح عند نزول كل آفة ..
    فهذا عطب سفينة ينقذ المساكين من ظلم الملك الغاشم .... عدل ورحمة
    وفى قصة مقتل الغلام مثال واضح لمن أراد التدبر فى حكمة المولى الرحيم ..
    فهذا عمل يؤدى لقتل غلام ربما يكون صغيراً
    بلا ذنب ظاهر ولا حكمة بائنة ..
    ثم تأتى الحكمة التى لا نعلمها فى فعل وصفه نبى من أنبياء الله بأنه ((شَيْئًا نُكْرًا ))
    فإن أكثر الناس تضرراً من هذا الفعل هم الأبوان ..(( الأب والأم ))
    لكن تعليل هذا الفعل الذى يستقبحه كل عاقل
    يبين أن خفاء الحكمة على الناس لا يعنى إنتفائها
    فإنهما أكثر الناس إستفادة من وقوع هذا الشر (( فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا )) ..
    وهذا إقامة الجدار لأيتام فى قرية قوم بخلاء حفظاً لهما ورعاية لصلاح الأبوين .... حكمة ورحمة بالأب الصالح وبالغلامين اليتيمين ...
    وفى النهاية .. يُثبت الله هذه الحقيقة ....
    ((رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ )) و (( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ))
    ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبراً ..
    هذا هو دأب البشر .. محاولة معرفة الحكمة فى عجالة .. دون تأن ..و لا صبر ..
    فكم من موقف يمر بالإنسان يحزنه ثم يعلم فى النهاية أن الخير كله فيه ..
    فى الأثر المتفق عليه (( فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ جَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ,
    قَالَ لَهُ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِن الْبَحْرِ ))

    فأوكل الأمر معترفاً بقصور حكمته .. إلى من وسع كل شئ علماً ..
    فسبحان الملك القدوس ..


    يتبع إن شاء الله ..
    التعديل الأخير تم 06-15-2011 الساعة 03:02 AM

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    نماذجٌ من الضُّلاّلِ فى بـابِ الحكمةِ ..

    التقبيح والتحسين .. طرفين ووسط ..
    أهل السنة بين الأشاعرة والمعتزلة

    فالأشاعرة ..
    قالوا أنه لا يَحسُن الحسن .. ولا يقبح القبيح عقلاً ..
    وإنما الشرع هو ما يقرر الحسن والقبيح ..
    وجوزوا الأمر بالمنكر وقتل الأطفال وتعذيب المجنون والصغير إذا جاء الشرع بذلك ..
    سالبين الأفعال ما أودعه الله فيها من حسن وقبح يُعلم عقلاً وفطرةً ..
    وزعموا أن الحُسن والقُبح لا يعود لنفسِ الفعل ..
    وإنما يعود إلى عادة مجردة أو وهم أو خيال أو مجرد الأمر والنهى ..
    وزعموا أن الحكمة هى مطابقة المعلوم للعلم ..
    ووقوع المقدور على وفق القدرة ..
    نافين الحكم والغايات .عن الأمر والنهى وأفعال الله تعالى ..
    مفسرين لها بالعلم والقدرة .. وزعموا أن المشيئة هى المحبة ..
    فما شاءه الله هو ما أحبه وما لم يشئه هو ما أبغضه ..
    وما يلزم ذلك من لوازم عدم التفريق بين المشيئة الشرعية والكونية ..
    وإنما كان ذلك منهم لأنهم قاسوا صفات الله وأفعاله على صفات المخلوقين ..
    فلما رأوا قتل الأطفال وإيلام الحيوان وغرق وإحتراق البعض ..
    وقاسوا قبح ذلك من العباد على أفعال الخالق ..
    نفوا كون هذه الأفعال قبيحة لذاتها ..
    فأُتوا من باب تشبيه وقياس أفعال الله على أفعال البشر ..
    وكان مخرجهم كالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال لتتقى الخطر .. وما زاولته بعد ..
    والمعتزلة ..
    أثبتوا قبح وحسن الأفعال عقلاً وفطرة ..
    وأنها مستلزمة لوجود الحكمة فيها وإنتفائها ..
    لكنهم أعادوا تلك الحكمة إلى المخلوق ولم يعيدوها إلى الخالق عز وجل على فاسد أصولهم فى نفى قيام الصفات به ..
    فقاسوا حكمة الله على حكمة العباد .. ولزمهم من ذلك إنتفاء الحكمة فيما يستهجنه عقل البشر من قضاء الله تعالى فى الكون ..
    ثم إنهم أوجبوا على الله تعالى فعل الأصلح للعباد وحرموا عليه فعل ما يضرهم ...فلزمهم من ذلك اللوازم الشنيعة ..
    لعل أشهرها مثال الأشقاء الثلاثة ** ..
    وذهبوا أن التكليف إنما مرده الى العقل الحاكم بقبح وحسن الأفعال لذاتها .
    دون حاجة الى شرع يقرر .. .رغم تفاوت العقول وتباينها ..
    فلزمهم مذهب البراهمة الهنود فى نفى الحاجة إلى البعثة والنبوات ...

    *** ووجه دخول هذا الكلام فى موضوع الحكمة ..
    هو إختلافهم حول أفعال الله عز وجل .. بعد إختلافهم فى أفعال العباد ..
    فبحثوا كون الكذب وقتل الأطفال .. وإنقاذ الغريق والمحترق .. هل تقبح هذه الأفعال أم تحسن ... ؟
    فمن قائل لا تقبح ولا تحسن عقلاً (( وهم الأشاعرة )) بل قالوا إنما ثبوت حسنها وقبحها بالشرع
    وإحتجوا بأن الله سبحانه وتعالى قضى قتل الأطفال وغرق البعض وإحتراق الآخرين ..
    ولا يمكننا نسبة القبيح إلى الله ( فنفوا التحسين والتقبيح العقلى )
    وعلى الجانب الآخر قال (( المعتزلة )) بقبح وحسن الأفعال عقلاً ..
    لكنهم نفوا الحكمة عن أفعال الخالق وحكموا على أفعاله بعقولهم وحكمتهم هم ..
    فلزمتهم من اللوازم الشنيعة ما يسقط مذهبهم ..
    حيث أوجبوا على الخالق فعل الأصلح لعباده وحرموا عليه فعل خلاف ذلك ..
    أما أهل السنة ..
    فقالوا أن الحُسنُ والقُبحُ صفات ثبوتية للأفعال معلومة بالعقلِ والشرعِ ..
    وأن الشرعَ جاء بتقريرِ ما هو مستقرُ فى الفطرِ من تحسين الحسنِ وتقبيح القبيحِ والنهى عنه ..
    وأن الشرعَ لم يأتِ بما يخالف العقل والفطرة ..
    وإنما جاء بما تعجز العقول عن أحواله والإستقلال به ..
    فالشرائع قد تأتى بمحارات العقول لا محالاتها ..
    وفرق بين ما لا تدرك العقول ما حسنه وبين ما تشهد بقبحه ..
    وأثبتوا الحكمة لله عز وجل وأنه لا يفعل شيئاً خالياً عن حكمة ...
    بل كل أفعاله مقصودة لعواقبها الحميدة ..
    وغاياتها المحبوبة له سبحانه وتعالى ..
    وخالفوا المعتزلة فى أن حكمة الله عز وجل حكمة تليق به لا يشبه خلقه فيها ..
    بل نسبتها إليه كنسبة صفاته إلى ذاته ..
    فكما أنه لا يشبه خلقه فى صفاته .. فكذلك فى أفعاله ..
    ولا يصح الإستدلال بقبح القبيح وحسن الحسن منهم .. على ثبوت ذلك فى حقه تعالى ..
    والله أعلم ..
    أكثره من كلام إبن القيم ..

    يتبع إن شاء الله ..

    _________________________________

    ** سأل أبو الحسن الأشعري أبا علي الجبائي (( من كبار المعتزلة )) عن ثلاثة إخوة لأب وأم مات أحدهم صغيرا وبلغا الآخر فاختار لإسلام وبلغ الآخر فاختار الكفر فاجتمعوا عند رب العالمين فرفع درجة البالغ المسلم فقال أخوه الصغير: يا رب! ارفع درجتي حتى أبلغ منزلة أخي. فقال: إنَّك لا تستحق، إنَّ أخاك بلغ فعمل أعمالا استحق بها تلك الدرجة. فقال: يا رب! فهلا أحييتني حتى أبلغ فأعمل عمله!؟. فقال: كانت تلك لمصلحة تقتضي اخترامك قبل البلوغ، لأنِّي علمت أنَّك لو بلغت لاخترت الكفر فكانت المصلحة في قبضك صغيرًا؟ قال: فصاح الثالث بين أطباق النار، وقال: يا رب! لِمَ لم تمتني صغيرًا ؟!
    - فما جواب هذا أيها الشيخ؟!
    - فلم يرد إليه جوابًا.
    التعديل الأخير تم 06-17-2011 الساعة 12:06 AM

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    يرفع حتى يتبع ..

  8. افتراضي

    بارك الله فيكم ونفع بكم

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    يرفع حتى يستكمل إن شاء الله ...

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2,064
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    للرفع

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2,064
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    أعتقد والله أعلم :
    أن هذا الموضوع يستحق التثبيت ........
    ففيه شرحٌ لصدر المُعرض .. وتنبيه لعقل الغافل .. وتذكير لفكر الجاهل ..
    وتأليف لقلب الذي تاهت به شبهاته في متاهات الإلحاد واللا أدرية
    أضم صوتي الى صوتك استاذي الكريم

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2,064
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    يرفع حتى يستكمل إن شاء الله ...
    بانتظار ابداعاتك استاذي الكريم ....جزاك الله خيرا ...ولكن عندي سؤال حول هذه النقطه في المشاركه رقم 14

    وإنما جواب ذلك من عدة وجوه ..
    أحدها : أن التكليف يستحسن عقلاً فى حق العباد .. وهو ما أسلفناه ..
    ثانيهما : أن التكليف بالعبادة هو مقتضى الفطرة التى أتى الشرع لتأكيدها
    يبدو ان الرد ناقص فأنت لم تذكر الاراده الشرعيه وهي ان الله يحب ان يعبد لذلك خلق العباد ...ولكي يظهر اثار صفاته ...فالله من صفاته المعبود ولابد ان يكون له عباد لكي يظهر اثر هذه الصفه .....انت تقول ان الله هو المعبود حتى لو لم يكن هناك عباد ارجو التوضيح ,,,وكذلك شرح الاقتباس ....يبدو ردك للوهله الاولى غير مقنع بالنسبه لموضوع لماذايكلفنا الله وهو غني عنا ؟؟؟ ارجو التوضيح وجزاكم الله خيرا
    التعديل الأخير تم 10-11-2011 الساعة 12:11 AM

  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    يبدو ان الرد ناقص فأنت لم تذكر الاراده الشرعيه وهي ان الله يحب ان يعبد لذلك خلق العباد ...ولكي يظهر اثار صفاته ...فالله من صفاته المعبود ولابد ان يكون له عباد لكي يظهر اثر هذه الصفه .....انت تقول ان الله هو المعبود حتى لو لم يكن هناك عباد ارجو التوضيح ,,,وكذلك شرح الاقتباس ....يبدو ردك للوهله الاولى غير مقنع بالنسبه لموضوع لماذايكلفنا الله وهو غني عنا ؟؟؟ ارجو التوضيح وجزاكم الله خيرا
    توضيح الأمر أن حُسن التكليف من الله تعالى للعباد ثابت بوجوه عدة أهمها ..

    داعى العقل :

    ** وبيانه كما يقول إبن القيم ..
    يقول أبن القيم رحمه الله – في كتابه مفتاح دار السعادة :

    (فلا ريب أن إلزام الناس شريعة يأتمرون بأوامرها التي فيها صلاحهم وينتهون عن مناهيها التي فيها فسادهم أحسن عند كل عاقل من تركهم هملا كالأنعام لايعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا وينزو بعضهم على بعض نزو الكلاب والحمر ويعدوا بعضهم على بعض عدو السباع والكلاب والذئاب ويأكل قويهم ضعيفهم ولا يعرفون الله ولا يعبدونه ولا يشكرونه ولا يمجدونه ولا يدينون بدين بل هم من جنس الأنعام السائمة ومن كابر عقله في هذا سقط الكلام معه ونادى على نفسه بغاية الوقاحة ومفارقة الإنسانية وما نظير مطالبتكم هذه إلا مطالبة من يقول نحن نطالبكم بإظهار وجه المنفعة في خلق الماء والهواء والرياح والتراب وخلق الأقوات والفواكه والأنعام بل في خلق الأسماع والأبصار والألسن والقوى والأعضاء التي في العبد فان هذه أسباب ووسائل ووسائط * أما أمره وشرعه ودينه فكماله غاية وسعادة - في المعاش والمعاد - , ولا ريب عند العقلاء أن وجه الحسن فيه أعظم من وجه الحسن في الأمور الحسية - وأن كان الحس هو الغالب على الناس - وإنما غاية أكثرهم إدراك الحسن والمنفعة في الحسيات وتقديمها وإيثارها على مدارك العقول والبصائر قال تعالى (ولكن أكثر الناس لايعلمون*يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)- الروم -7,6
    ** وما أسلفناه .. من كون ترك الإنسان بلا تكليف هو من المستقبح عقلاً ..
    حيث قلت ..
    ولو قدر أن الأمر كما يقولون : (( وهو أن يترك العبد لزمام الإختيار يفعل ما يشاء
    جرياً على رسوم طبعه المائل إلى لذيذ الشهوات ثم يجزل له العطاء من غير حساب ))
    وظنهم أن هذا مستحسن للعقل وأفضل للإنسان ..فإن كلامهم هذا من أبطل الباطل ..
    يبطل عقلاً ونقلاً
    أما العقل فهو أقبح شئ وأعظمُ نقص فى الآدمى ..
    ولو ترك لرسوم طبعه لكانت البهائم أكمل منه ..
    ولم يكن مكرماً مفضلاً على كثير من خلقِ الله ..
    ولصار شراً فى الطباع من الذئاب والخنازير والحيات ..
    وأما الشرع فالله أنكر هذا الأمر فقال .. (( أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى )) ..
    وأخبر أن الحكمة تقتضى الحساب فقال (( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ))
    ثم أخبرقائلاً ((فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ))
    لأن مقتضى حكمته وربوبيته وإلهيته عدم العبث ..
    والخلق والإثابة بدون حساب ..
    ومثيله قوله تعالى ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
    مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ))
    والحق هنا هو إلهيته وحكمته وأمره ونهيه ووثوابه وعقابه ..

    وداعى الفطرة ..


    وقد نقلت فيه ما يلى
    أن التكليف بالعبادة هو مقتضى الفطرة التى أتى الشرع لتأكيدها .
    ((فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
    ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ ))
    فجعل مقتضى الفطرة التقوى والإنابة والإقبال عليه بمحبته وحده والإعراض عما سواه ..

    وداعى الشرع ..

    وهو ما تعقبته أخى الكريم ولم أذكره إبتداءً لكون السؤال عقليا عن التكليف ..
    لكن بلا شك فإن أى أمر يريده الله تعالى فإرادته الشرعية له كافية فى بيان حسنه وتمامه وكماله ..
    وأى حُسن فوق حُسن ما أمر الله به وشرعه ..
    وأى شر أكبر مما نهى الله عنه ومنعه ..
    فمن الواضح حسن التكليف بناءً على أمر الله تعالى به ..

    ......
    وأصل القضية الخلاف بين أهل البدع وأهل السنة ..
    فإنهم إختلفوا فى علة التكليف وحكمته مع إقرار الجميع بغنى الله عن العباد ..
    فقالت الجبرية ..ذلك صادر عن محض المشيئة ولا علة له إلا الإرادة ...
    وقالت القدرية .. أن التكليف إستئجار من الله لعبيده لينالوا أجرهم بالعمل فيكون ألذ من إقتضائهم الثواب بلا عمل ..
    وأهل السنة ..شهدوا بحكمة الله التى تفوق أفهام البشر ..وأن التكليف مقتضى العقل والفطرة والشرع ..وهو ما أسلفناه
    والله أعلم ...


    هناك قضية أخرى
    فى سؤال لماذا يكلفهم وهو الغنى عنهم ...
    وهى قضية أن ثبوت الغنى التام لله عز وجل ثابت خارج مناقشة قضية لماذا يكلفهم عقلا ونقلا ...
    فكونه الغنى قد أقرته العقول والنقول ..
    فالعقول أقرت بأن معطى الكمال أحق بالكمال ..وأن كل كمال ثبت للمخلوق غير مستلزم النقص فخالقه ومعطيه أولى به ..
    والنقول إستفاضت بأن الله عز وجل لا يبلغ العباد ضره فيضروه ولا نفعه فينفعوه ..
    وأنهم لو كانوا على أتقى قلب رجل أو أفجر قلب رجل فيهم ما زاد ذلك ولا نقص من ملكه عز وجل شيئاً ..


    قضية ثالثة

    وهى كون الله هو المستحق للعبادة حتى قبل وجود الخلق ..
    وقد اسلفتها فى هذا المكان ...
    وكونه سبحانه وتعالى أهلاً لأن يعبد ويثنى عليه أمر ثابت له لذاته ..
    فكما أنه الغنى الحى القيوم السميع البصير فهو الإله الحق المبين ..
    والإله هو الذى يستحق أن يؤله محبةً وتعظيماً وخشيةً وخضوعاً وتذللاً وعبادة ..
    فهو الإله الحق ولو لم يخلق خلقه .. وهو الإله الحق ولو لم يعبدوه ويحمدوه ...
    فهو الله الذى لا إله إلا هو قبل أن يخلقهم وبعد أن خلقهم .. وبعد أن يفنيهم ..
    لم يستحدث بخلقه لهم ولا بأمره إياهم إستحقاق الإلهية والحمد ..
    بل هى صفاته الذاتية يستحيل مفارقتها له ...
    كحياته وجوده وقدرته وعلمه وسائر صفات كماله ..
    سلِم ... تسلَم ...
    فإنك لا تدرى غور البحر إلا وقد أدركك الغرق قبل ذلك ..


  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2,064
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل .....على التوضيح

  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    يرفع
    سلِم ... تسلَم ...
    فإنك لا تدرى غور البحر إلا وقد أدركك الغرق قبل ذلك ..


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الحكمة في القرآن (الحكمة ضالة المؤمن)
    بواسطة عساف في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 03-04-2010, 05:17 AM
  2. الحكمة من خلق المشوّه
    بواسطة Titto Divitto في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 39
    آخر مشاركة: 03-09-2009, 01:21 AM
  3. لماذا وما الحكمة ؟؟؟
    بواسطة The Lost في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 09-16-2008, 05:00 AM
  4. ما الحكمة من هذا ؟؟؟
    بواسطة محمد علام في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-23-2006, 01:55 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء