جيد هذا، إذاً فأمرُ ولي الأمر على ثلاث:
الأول: أن لا يخالف الشرع
الثاني: أن يخالف الشرع
الثالث: أن لا يكون فيه مخالفة صريحة للشرع
فقد بينتَ يا أبا عمر أن حكم الثاني حرمة الطاعة، و الثالث محل نزاع يجب رده إلى الله و رسوله، و لكن لم تذكر الأول في تقسيمك و الذي حكمه الوجوب لعموم الآية السابقة فيه.
فالنزاع المذكور في الآية ليس بقرينة تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب و إنما هو تخصيص للعموم، فعموم الأمر الموافق لطاعة الله و رسوله يفيد الوجوب أما ما يتنازع فيه تنازعا معتبرا و هو في مواطن الاجتهاد فهذا يرد إلى كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ليعلم هل هو مخالف أم موافق لهما فإن كان موافقا وجبت الطاعة و إن كان مخالفا حرمت الطاعة و إن تعذر الاتفاق فأمر ولي الأمر يرفع الخلاف.
- أولا الأحاديث الصحيحة متعددة في وجوب طاعة ولي الأمر و السمع و الطاعة له في المعروف فلا أدري كيف تتركها لحديث مختلف في صحته؟ بل لا أدري لماذا تصر على أن ولي الأمر لا تجب طاعته في المعروف؟ ما الذي يدعوك إلى اعتقاد أن مخالفة أمره في المعروف لا يستحق بها عقوبة الله يوم القيامة؟ أراك تعتقد ثم تستدل فتلوي عنق الآية و تترك أحاديث صحيحة مبينة لها إلى حديث مختلف في صحته.
- ثانيا على فرض صحة الحديث فإنه لا يخدمك بشيء في فكرتك بل هو داعم للآية و مثال تطبيقي لها، كيف؟
1- لا أوافقك أن لولي الأمر تقييد مباح هكذا بلا مصلحة راجحة، لأنه إن فعل ذلك فقد خالف الشرع بلا شك كأن يمنع ولي الأمر من تناول البرتقال هذا لا يجب طاعته فيه لأنه حرم أي منع ما أحل الله. فينتقض استدلالك من أصله.
2- عمر رضي الله عنه إذا رأى مصلحة في تسقيف المهور راجحة على المفسدة لهذا أمر بما أمر.
3- المرأة نازعت أمير المؤمنين تطبيقا للآية و ليعلم أن ديننا ليس دين طاعة عمياء و لا هو دين طاعة أهواء و إنما وسط بين إفراط و تفريط، وسبب النزاع هو أحد اثنين:
أ- إما أن المرأة نبهت عمر رضي الله عنه إلى أن تقييده هذا مخالف للآية "و آتيتم احداهن قنطارا" و عمر كان وقافا عند كتاب الله فرجع عن أمره إذ لا تحل الطاعة إلا في المعروف و عمر حاشاه أن يأمر بخلاف كتاب الله فتراجع عن أمره.
بـ- أو كما قلتَ أنت أن المرأة رأت رجحان المفسدة خلاف ما رأى عمر فتراجع عن ذلك و إن كان منطوق الحديث لا يدعم هذا الاحتمال.
يا أبا عمر اعلم أنه لا دليل لك لا من عقل و لا من نقل فيما تقول فلا أدري لما إصرارك على الفكرة بل لا أرى أي فائدة منها إلا أن تزيد تهاوننا في وظائفنا و في احترامنا للقوانين التنظيمية.
Bookmarks