صفحة 4 من 4 الأولىالأولى ... 234
النتائج 46 إلى 58 من 58

الموضوع: الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان

  1. افتراضي

    لا تبخلوا علينا بإتمام هذا الكتاب الرائع أرجو إكمال تفريغه و وفقكم الله لكل خير

  2. #47
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    376
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    العقل الأداتى والعقل النقدي

    مصطلح العقل إذن ليس مصطلحاً بسيطاً . وقد ساهم مفكرو مدرسة فرانكفورت (ماركوز - هوركهايمر- أدرنو - هابرماس) في إلقاء المزيد من الضوء على العقل وإشكالياته ، فميزوا بين العقل الأداتي والعقل النقدي، وبيَّنوا وحشية العقل الأداتي. والعقل الأداتي ترجمة للمصطلح الإنجليزي إنسترومنتال ريزون instrumental reason ويُقال له إيضاً العقل الذاتي أو التقني أو الشكلي وهو على علاقة بمصطلحات مثل العقلانية التكنولوجية أو التكنوقراطية ويقف على الطرف النقيض من العقل النقدي او الموضوعي.
    والعقل الأداتي هو العقل الذي يلتزم، على المستوى الشكلي، بالأجراءات دون هدف أو غاية، أي إنه العقل الذي يوظف الوسائل في خدمة الغايات دون تساؤل عن مضمون هذه الغايات، وهل هي إنسانية أم معادية للإنسان؟ وهو، على المستوى الفعلي، العقل الذي يحدد غاياته وأولوياته وحركته انطلاقاً من نموذج عملي مادي بهدف السيطرة على الطبيعة والإنسان وحوسلتهما.

    وفي محاولة تفسير هيمنة العقل الأداتي على المجتمعات الغربية الحديثة ، يرى اعضاء مدرسة فرانكفورت أن احد أهم اسباب ظهوره هو آليات التبادل المجردة في المجتمع الرأسمالي. فتبادل السلع يعني تساوي الأشياء المتبادلة، فما يُهم في السلعة ليس قيمتها الإستعمالية المتعينة وإنما ثمنها المجرد. والأيدولوجيا النابعة من هذا التبادل المجرد هي أيدولوجيا واحدية تمحي الفروق وتُوحد الواقع مساويةً بين الظواهر المختلفة بحيث يصبح الواقع كله مادةً لاسمات لها. ولم تشكل المجتمعات التي كانت اشتراكية إي بديل ، فهي الأخرى سيطر عليها العقل الأداتي متمثلاً في التكنوقراطيات الحاكمة.
    ولا يفسر اعضاء مدرسة فرانكفورت اصول العقل الأداتي استناداً إلى عناصر مادية أو اقتصادية أو سياسية وإنما يرجعونه إلى عنصر ثقافي حضاري على طريقة ماكس فيبر. فالعقل الأداتي –حسبما يرى هوركهايمر وأدورنو –يعود إلى الأساطير اليونانية القديمة، خصوصاً اسطورة أوديسيوس بأعتبار أن الألياذة والأوديسة هما اللبنة الأسطورية الأساسية للوجدان الغربي .وقد جاء في الأوديسا أن اوديسيوس طلب من بحارته أن يضعوا في آذانهم حتى لا يسمعوا غناء الحوريات ، وهو غناء ينتهي بمن يسمعه إلى الأستسلام لهن ولإغوائهن. وطلب منهم أن يقيدوه إلى ((صاري)) السفينة ، وأن يزيدوا تقييده كلما ازداد الغناء . وتنتهي الأسطورة بانتحار الحوريات لأن اوديسيوس سمع غناءهن وعرف سرهن.

    وتفسر هذه الأسطورة على النحو التالي :

    1- علاقة الإنسان بالطبيعة في الأوديسة هي علاقة صراع وهيمنة وليست علاقة توازن .وأوديسيوس وبحارته هم رمز الإنسان الذي يود الهيمنة على الطبيعة

    2- يتم أنجاز هذا الهدف عن طريق إهدار إنسانية الإنسان وتلقائيته ، فالبحاره ، رمز الطبقة العاملة ، يفقدون الصلة تماماً مع الطبيعة ، واوديسيوس , رمز الطبقة الحاكمة ، لا يستمع إلى الغناء إلا وهو مقيد إلى الصاري ، إي إنه يحلم بالسعادة دون أن يعيشها ويحلم بالطبيعة دون أن يرتبط بها .


    3- لاينتج عن هذا نفصال الإنسان عن الطبيعة وحسب وإنما ينتج عنه إيضا انفصال المثال عن الواقع وانفصال الجزء الإنساني عن الكل الطبيعي، وبذا اصبح الإنسان يعيش بعقله في مواجهة البيئة يحاول استغلالها وحسب دون أن يتفاعل معها ، أي أن الإنسان الكلي الحي يموت ليحل محله إنسان اقتصادي إمبريالي ميت ، لأنه لا يحوي داخله الجوهر الإنساني المتكامل.



    4- تنتهي الأسطورة بانتحار الحوريات وموت الطبيعة ، لأنها فقدت سحرها وقدسيتها .

    ويرى مفكرو مدرسة فرانكفورت أن جذور العقل الأداتي تعود إلى المنطق الأرسطي الذي يكشف عن الميل لإخضاع جميع الموضوعات ، سواء كانت عقلية أم جسمية ، اجتماعية إنسانية أم طبيعية مادية ، لنفس القوانين العامة للتنظيم والحسابات والأستنتاج.

    وأخيراً ، يذكر هوركهايمر وأدورنو ذاتية ديكارت حين وضع الذات مقابل الموضوع وخلق هذه الثنائية الحادة والصلبة بينهما وكأن الذات يمكن أن تُوجَد مستقلة عن الموضوع ، وكأن الموضوع يمكن أن يوجد في حد ذاته مستقلاًَ عن الذات . واستقلال الذات هنا يعني أنها ستحول الطبيعة إلى مجرد موضوع للتأمل (كما فعل اوديسيوس) يمكن توظيفه وحوسلته والسيطرة عليه .ويميز أدورنو وهوركهايمر بين المحاكاة والإسقاط. فالمحاكاة هي إدراك مركب يحفظ التوازن بين الذات والموضوع كما يحفظ التوتر الخلاف بينهما . أما الأسقاط فهو شكل من اشكال البارانويا إذ يحول البيئة إلى مجرد امتداد للذات .

    وحركة الأستنارة هي قمة منطق السيطرة والهيمنة يشيرون لها بأنها الأستانرة المريضة والإستنارو اللاإنسانية والمدنية في مقابل الحضارة، فهي حركة إسقاط لا محاكاة إذ تلغي الطبيعة تماماً وتعلن إمكانية السيطرة النهائية من خلال تجريدها من خصائصها الضرورية (قداستها – حرمتها- اسرارها –غيبها ) ، وتفتيتها إلى ذرات منفصلة ، وأدركها من خلال مقولات واحدية مادية بسيطة، وإخضاعها للقياس والحساب والتحكم والسيطرة .ولكن المفارة تكمن في أن الأستنارة بذلك أدركت الإنسان نفسه من خلال مقولات العلوم الطبيعية البسيطة (الموضوعية المنفصلة تماما عن الذات ) . وينتهي الأمر حين يسوي التنوير كل شيء بكل شيء آخر ، ويصبح العالم مادة استعمالية خاضعة لمؤسسات العقل الأداتي الأدارية ولابيروقراطية الذي ينفلت من أية غائيات إنسانية حتي يصبح قوة مستقلة تماماً لها أجزاؤها وأهدافها التي تتجاوز ما هو إنساني . وتصل هذه الاستنارة اللاإنسانية إلى قمتها في الفاشية التي هي شكل من أشكال البارانويا المتطرفة التي تُسقط الذات الإنسانية على الطبيعة وتُلغي الطبيعة تماماً ، فالرأسمالية التقليدية تعتمد على وساطة السوق ، ولذا ثمة علاقة ما بين الذات والموضوع ، أما الفاشية فهي تُسقط السوق وتحاول السيطرة الكاملة عليه بشكل مباشر من خلال ممارسة القوة غير المحدودة .

    ويمكن القول بأن العقل الأداتي ، بعد تبلوره ، يتسم بالسمات التالية :

    1- ينظر العقل الأداتي إلى الواقع من منظور التماثل ولا يهتم بالخصوصية ، ولذا فهو يبحث عن السمات المتماثلة في الأشياء ويهمل السمات التي تميز ظاهرة ما عن أخرى .

    2- العقل الأداتي قادر على أدراك الأجزاء ، ولذا فهو يفتت الواقع إلى أجزاء غير مترابطة ، ويفككه دون ان يستطيع إعادة تركيبه إلا من خلال نماذج اختزالية بسيطة .

    3- ينظر العقل الأداتي إلى الإنسان باعتباره مجرد جزء يشبه الأجزاء الطبيعية/المادية الأخرى. وهذا الجزء ليس له ما يُميزه عن بقية العالم، ولذا فهو مُستوعب في كليته في النظام الاجتماعي وفي تقسيم العمل السائد وفي الطبيعة/المادة.

    4- العقل الأداتي ينظر إلى الإنسان من منظور العلوم الطبيعية باعتباره شيئاً ثابتاً وكماً واضحاً ووضعاً قائماً لا يحوي إية إمكانيات.

    5- العقل الأداتي ينظر إلى الطبيعة والإنسان باعتبارهما مادة استعمالية يمكن توظيفهما وحوسلتهما لخدمة أي هدف.

    6- الهدف النهائي من الوجود هو الحفاظ على بقاء الذات وهيمنتها وتفوقها ، ومن هنا تسميته بالعقل الذاتي إيضاً .

    7- لتحقيق هذا الهدف ، يلجأ العقل الأداتي إلى فرض المقولات الكمية على الواقع وإخضاع جميع الوقائع والظواهر الطبيعية والإنسان للقوانين الشكلية والقواعد القياسية والنماذج الرياضية ، حتى يمكن التحكم في الواقع ويصل هذا إلى ذروته في الفلسفة الوضعية .
    { إن الموقف الألحادي موقف ينقصه الحكمة ،بل إنه موقف غير حكيم بالمرة مادام يجعل البحث عن سبب العالم وسبب الوجود أمرا غير ذي أهمية !!
    لذا دعني أهمس في أذن الملحد بمقولة لأكبر عقل فلسفي أنجبه التاريخ العربي أقصد بن رشد الذي يقول "إن الحكمة ليست شيئا أكثر من معرفة أسباب الشيء."
    ففكروا في سبب وجودكم ليكون لديكم شيئ من صفات الحكماء! }


    { ما أكثر الملاحدة الذين يحملون عقلا بدائياً لا يفهم الألوهية الا إذا تجسدت في صنم مرئي ملموس . }

  3. #48
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    150
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي تتمة

    ينتج عن هذا ما يلي:

    1_أن العقل الأداتي يصبح عاجزاً تماماً عن إدراك العمليات الاجتماعية و السياسية و التاريخية في سياقها الشامل الذي يتخطى حدوده المياشرة , بل إنه يعجز تماماً عن إدراك غائيات نهائية أو كليات متجاوزة للمعطيات الجزئية الحسية و المعطيات المادية الآنية ( و لذا, يمكن تسميته بالعقل الجزئي ) , و هو ما يعني أن يصبح عاجزاً تماماً عن تحقيق أي تجاوز معرفي أو أخلاقي .

    2_ لهذا السبب نفسه يصبح العقل الأداتي غير قادر على تجاوز الحاضر للوصول إلى الماضي و إلى استشراف المستقبل , أي أن العقل الأداتي يسقط تماماً في اللازمنية و اللاتاريخية .

    3_مع غياب أية مقدرة على إدراك الكلى المتجاوز و أية أسس تاريخية و رؤوى مستقبلية . أي مع غياب أية أرضية معرفية ثابتة , يمكن أن تستند إليها معايير عامة = يسقط العقل الأداتي تماماً في نسبية المعرفة و الأخلاقية و الجمالية و إذ تصبح كل الأمور متساوية , و من ثم تظهر حالة من اللامعيارية الكاملة , و مع هذا , يمكن القول بأن النموذج الكامن المهيمن على الإنسان يصبح مع تساوي الأمور هو : الطبيعة / المادة _السلعة_ الشيء في ذاته_ علاقات التبادل المجردة .

    4_لكل هذا يصبح العقل الأداتي قادراً على شيء واحد : قبول الامر الواقع و التكيف مع ما أماماه من وقائع قائمة و احداث و جزئيات و ظروف القهر و القمع و التشيؤ و الاغتراب , وهو ما يعني تثبيت دعائم السلطة و علاقات القوة و السيادة القائمة في مجتمع معين , و كبح أية نزعات إبداعية تلقائية تتجاوز ما هو مألوف.

    5_لكل ها فان العقل برغم تحرره من الأساطير إلا أنه تحول هو نفسه إلى قوة عقلانية تحاول السيطرة على الطبيعة و على الإنسان و ترشيد الحياة بشكل يؤدي الى نفية الحرية تماماً , كما يبتدّى في البنى الرشيدة الحديثة للتسلط , و لذا فالتقدم أدّى إلى عكسه و التنوير أدّى الى الشمولية و المجتمعات الحديثة التى تسعى الى الفردية همشت الفرد , و لذا فهي في طريقها إلى شكل من أشكال البربرية تتقدم بخطى حثيثة ((نحو الجحيم )) , و ما جرى في معسكرات الإبادة النازية ما هو إلا جزء عضوي من هذه المسيرة الشيطانية .

    و قد رصد بورجين هابرماس , أخر ممثلي مدرسة فرانكفورت , ظاهرة العقل الأداتي و ترةيض الإنسان في المجتمعات الحديثة و سماها استعمار الحياة , أي عالم الموجود المتعين المعاش الذي توجد فيه الذات و تتفاعل معه و تستمد وجودها منه , فالترشيد الأداتي و الحوسلة المتزايدة لمجالات متنامية في الحياة الإجتماعية , من قبل الأنظمة و المؤسسات الاقتصادية و السياسية و الإدارية , يؤدي الى استعباد الإنسان , و إلى تقليص عالم الحياة و هيمنة عالم الأداة , و استعباد كثير من جوانب حياته الثرية و إمكانيته الكامنة المتنوعة.

    و في مقابل العقل الأداتي يضع مفكرو مدرسة فرانكفورت العقل النقدي و العبارة ترجمة للمصطلح الإنجليزي (critical reason ) و العقل النقدي : هو المفهوم الأساسي في كتابات مفكري مدرسة فرانكفورت (النظرية النقدية) و يقال له أيضاً : العقل الكلي أو العقل الموضوعي في مقابل العقل الأداتي أو العقل الجزئي أو العقل الذاتي , و كلمة نقدي هنا مبهمة نوعاً ما , و تعود الى مفهوم كانط في النقد , فكانط كان يرى عمله باعتباره جزءًا من المشروع التنويري الغربي الذي رفض جميع الحجج التقليدية القائمة و أخضع كل شيء للنقد , و لكنه لم يتوقف عند هذا الحد و غنما خذ خطوة للإمام , و أخضع العقل للعملية النقدية ذاتها , أي أن كانط أخضع أداة الاستنارة الكبرى للنقد و بيّن حدودها الضيقة , متجاوزاً بذلك عقلانية عصر الاستنارة , أي أن هناك عقلانيتين: عقلانية مباشرة و سطحية , و عقلانية أكثر عمقاً و هذا هو الذي ترجم نفسه إلى عقلانية العقل الأداتي , و عقلانية العقل النقدي .

  4. #49

    افتراضي

    الان فقط وبعد فترة ليست بالقليلة من البحث عن الكتاب اجد هذا الموضوع
    لا املك الا دعوة خالصة في ساعة الجمعة ان يرزقكم الله الخير كله أوله وآخره وعاجله وآجله ويكفيكم الشر كله اول وآخره وعاجله وآجله
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تركتُكم على الواضحةِ ، ليلُها كنهارِها ، لا يَزيغُ عنها إلَّا جاحدٌ "

  5. #50
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    150
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواضحة مشاهدة المشاركة
    الان فقط وبعد فترة ليست بالقليلة من البحث عن الكتاب اجد هذا الموضوع
    لا املك الا دعوة خالصة في ساعة الجمعة ان يرزقكم الله الخير كله أوله وآخره وعاجله وآجله ويكفيكم الشر كله اول وآخره وعاجله وآجله
    جزاكم الله خيراً و نفع بكم أختنا .

  6. #51
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    150
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي تابع

    و يتسم العقل النقدي بما يلي :

    1_ لا ينظر العقل النقدي إلى الإنسان باعتياره جزءاً من كل أكبر منه يعيش داخل أشكال إجتماعية ثابتة معطاة , مُستوعَباً تماماً فيها و في تقسيم العمل القائم , و إنما أعتباره كياناً مستقلاً مبدعاً لكل ما حوله من الأشكال التاريخية و الاجتماعية .

    2_ العقل النقدي يدرك العالم , الطبيعة و الإنسان , لا كما تدركه العلوم الطبيعية باعتباره مُعطى ثابتاً و وضعاً قائماً و سطحاً صلباً , و إنما يدركه باعتباره وضعاً قائماً و إمكانية كامنة .

    3_العقل النقدي لا يقنع بإدراك الجزئيات المباشرة , فهو قادر على إدراك الحقيقة الكلية و الغاية من الوجود الإنساني .

    4_ العقل النقدي قادر على التعرف على الإنسان و دوافعه و إمكانيته و الغرض من وجوده .

    5_ العقل النقدي لكل ما سبق , قادر على تجاوز الذات الضيقة و الإجراءات و التفاصيل المباشرة و الحاضر و الأمر الواقع , و لذا يمكن تسمية العقل النقدي بـ العقل المتجاوز , و لذا فهو لا يذعن لما هو قائم و يتقبله , و إنما يمكنه القيام بجهد نقدي تجاه الأفكار و الممارسات و العلاقات السائدة و البحث في جذور الأشياء و أصولها و في المصالح الكامنة وراءها و المعارف المرتبطة بهذه المصالح , و هذا هو الجانب التفكيكي في العقل النقدي .

    6_ الحقيقة الكلية التي يدركها العقل النقدي و الإمكانيات الكامنة التي ليست أموراً مجردة متجاوزة للإنسان , الفكرة الهيجلية الملطقة و إنما كامنة في الإنسان ذاته , و العقل النقدي قادر على رؤيتها في كمونها هذا ؛ أي أن الإنسان يحل على الفكرة المطلقة .


  7. #52
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    376
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    7-لكل هذا ،فالحقيقة لا توجد في الواقع بذاته وإنما تقع بين الواقع الملموس كما يحدده المجتمع من جهة ، والخبرة الذاتية من جهة اخرى . ولذا فالوضع الأمثل هو وضع التوازن بين الذات والموضوع ، وهذا ما يقدر علي إنجازه العقل النقدي وما يفشل فيه االعقل الأداتي .

    8-التاريخ هو عملية كاملة تتحقق من خلالها الذاتية الإنسانية ، أي إن التاريخ هو الذي يُرد إلى الإنسان ، خالق التاريخ ، وليس الإنسان هو الذي يرُد إلي التاريخ . ولذا ، فإن المجتمع في كل لحظة هو تجل فريد للإنسان ، وتحقق الإمكانية الإنسانية في التاريخ هو الهدف االإنساني .
    9- يمكن إنجاز عملية انعتاق الإنسان من خلال التنظيم الرشيد للمجتمع المبني على ادراك الإمكانية الإنسانية من خلال الترابط الحر بين افراد ، عند كل منهم نفس الإمكانية لتنمية نفسه بنفس الدرجة وبذا يمتنع الاستغلال .

    10-يمكن للعقل النقدي أن يساهم في هذه العملية من خلال الجهد التفكيكي الذي اشرنا إليه . ويمكنه ايضاً القيام بجهد تركيبي إبداعي ، فهو قادر على التمييز بين ما هو جوهري وبين ما هو عرضي ، وعلى صياغة نموذج ضدي لا انطلاقاً مما هو معطي وإنما مما هو متصور وممكن في آن واحد ، ويمكن علي اساسه تغيير الواقع ، أي أن العقل النقدي يطرح أمام الإنسان إمكانية تجاوز ما هو قائم دائما ً إنطلاقاً من إدراكه لما هو ممكن داخله ، إي إنه يفتح باب الخلاص والتجاوز أمام الإنسان ، وهو عكس التكيف والإذعان للأمر الواقع على طريقة العقل الأداتي.

    وبرغم أن مفكري مدرسة فرانكفورت لم يصرحوا بهذا ، فيمكن القول بأن الحقيقة الكلية التي يتحدثون عنها هي حقيقة ثابتة ، وأن الغاية الإنسانية التي يتحدثون عنها هي غاية نهائية ، فكأنهم يعارضون ما هو ثابت ونهائي وكامن ، ويضعونه في مقابل ماهو متغير وآلي وظاهر . ولذا برغم حديثهم الدائم عن المادية والتاريخ ، فهم أكثر تركيباً من ذلك . فالكل الأجتماعي الذي يتحدذون عنه والإمكانية الإنسانية الكامنة التي يتعرفون عليها والكل الإنساني الذي لا يمكن فهمه إلا من منظور الغائية الإنسانية الكامنة فيه، هذه كلها ليست مفاهيم علمية مادية وإنما هي مفاهيم فلسفية متجاوزة لعالم الطبيعة / المادة . لكل هذا ، يُطلق علي مدرسة فرانكفورت اصطلاح إنسانية (هيومانية ) ميتافيزيقية ، أي إن مقولة الإنسان تصبح مقولة متجاوزة لقوانين الطبيعة /المادة .وانطلاقاً من هذا ، فإن مفكري مدرسة فرانكفورت يذهبون إلي أن آلية الخلاص ليست الطبقة العاملة ، وإنما المثقفون القادرون على التعرف على الأمكانيات الكامنة في الإنسان وعلى رؤية الماضي والحاضر والمستقبل ، ثم يضيفون إلي المثقفين (( العناصر تطوراً في الطبقة العاملة)) أي أكثر العناصر اقتراباً من المثقفين .

    ويظهر التحليل الفلسفي في مقابل التحليل العلمي المادي في رؤيتهم لليبرالية وعلاقتها بالفاشية . فالليبرالية ، ابنة عصر الإستنارة ، تدور حول المصلحة الآنية والعقل الذاتي الأداتي ، ويتم التناسق في المجتمع من خلال اليد الخفية التي لا يتحكم فيها احد ، والتي تتجلي بشكل متبلور في السوق وآليات العرض والطلب والبيع والشراء، أي إن ثمة غياباً كاملاً لأي إدراك للإمكانيات الإنسانية الكامنة وللغائية الإنسانية . ولذا ، فإن العلوم الطبيعية والحسابات الكمية الصارمة تسيطر دون اعتبار لما هو إنساني . وحينما يدخل المجتمع بالطريقة نفسها دون اي اعتبار لأية غائية إنسانية ، ويسيطر العقل الأداتي تماماً . فآليات السوق ليست هي السبب في تحول الليبرالية إلي فاشية ، فالسبب الحقيقي هو هيمنة العلوم الطبيعية والمنطق الكمي . وبهذا المعني ، فإن الفاشية كامنة في الليبرالية وكلاهما كامن في فكر حركة الإستنارة .
    { إن الموقف الألحادي موقف ينقصه الحكمة ،بل إنه موقف غير حكيم بالمرة مادام يجعل البحث عن سبب العالم وسبب الوجود أمرا غير ذي أهمية !!
    لذا دعني أهمس في أذن الملحد بمقولة لأكبر عقل فلسفي أنجبه التاريخ العربي أقصد بن رشد الذي يقول "إن الحكمة ليست شيئا أكثر من معرفة أسباب الشيء."
    ففكروا في سبب وجودكم ليكون لديكم شيئ من صفات الحكماء! }


    { ما أكثر الملاحدة الذين يحملون عقلا بدائياً لا يفهم الألوهية الا إذا تجسدت في صنم مرئي ملموس . }

  8. #53
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    376
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل الرابع
    المادية في التاريخ

    بعد ان تناولنا بعض معالم الفلسفة المادية وفشلها في تفسير ظاهرة الإنسان باعتباره ظاهرة مركبة ، فلنحاول ان نري ترجمة ذلك في التاريخ . ونحن نذهب إلي ان الرؤية المادية تترجم نفسها إلي الداروينية الأجتماعية ، اكثر الفلسفات مادية ، وإلي ما نسمية العلمانية الشاملة ، والرؤية العلمانية الإمبريالية .

    الداروينية الإجتماعية

    الداروينية ترجمة لكلمة داروينيزم Darwinism الإنجليزية ، ويقال لها ايضاً : الداروينية الإجتماعية . وهي كلمة منسوبة إلي تشارلز داروين (1731-1820 م ). وهي فلسفات علمانية شاملة ، واحدية عقلانية مادية كمونية تنكر أية مرجعية غير مادية ، وتستبعد الخالق من المنظومة المعرفية والأخلاقية ، وترد العالم بأسره إلي مبدأ مادي واحد كامن في المادة وتدور في نطاق الصورة المجازية العضوية والآلية للكون . والآلية الكبري للحركة هي الصراع والتقدم اللانهائي وهو صفة من صفات الوجود الإنساني . وقد حققت الداروينية الإجتماعية ذيوعاً في اواخر القرن التاسع عشر ، وهي الفترة التي اتسع فيها التشكيل الإمبريالي الغربي ليقتسم العالم بأسره. ويمكن القول بأن الداروينية هي النموذج المعرفي الكامن وراء معظم الفلسفات العلمانية الشاملة ، إن لم يكن كلها .

    ويري دعاة الداروينية الاجتماعية ان القوانين التي تسري علي عالم الطبيعة والغاية هي ذاتها التي تسري علي الظواهر الإنسانية ، التاريخية والاجتماعية . وهم يذهبون إلي ان تشارلز داروين قد وصف هذه القوانين في كتابيه الكبيرين : حول (اصل الأنواع) من خلال الأنتخاب الطبيعي و (بقاء الأجناس) الملائمة في عملية الصراع من اجل الخياة . وقد ذهب داروين إلي ان الكون بأسره سلسلة متواصله في حالة حركة من اسفل إلي اعلي وان الإنسان إن هو إلا إجدي هذه الحلقات ، قد يكون ارقاها ولكنه ليس آخرها . ويري داروين ان تقدم الأتواع البيولوجية الحية يعتمد علي الصراع من اجل البقاء الذي ينتصر فيه الأصلح إن عالم داروين عالم مستمر ومغلق لا ثغرات فيه ، ولا فراغات ، ولا مسافات فكل حلقة تؤدي إلي التي تليها تماماً كما هو الحال مع عالم اسبينوزا ونيوتن حيث تحرك كل عجلة العجلة التي بجوارها وبالفعل ، وصف احدهم داروين بأنه نيوتن العلوم البيولوجية . وهكذا تؤدي اليرقة إلي القرد ، والقرد إلي الإنسان بطريقة آلية تماماً كما تتحرك الأجسام تحت تأثير قانون الجاذبية ، وكما تتحول الأفكار الجزئية إلي افكار آلية بطريقة آلية في منظومة لوك .

    وهذا هو تصور داروين أو فرضيته . ولكنه كان في واقع الأمر عاجزاً تماماً من الناحية العلمية عن إثبات كثير من فرضياته . ولذا فهناك حديث عن الحلقة المفقودة ، وهي تعني وجود مسافة بين القرود والإنسان ، ولذا فقد تحدثوا عن الطفرة بمعني سد الثغرة في الزمان من دون سبب واضح ، وتم فرض الاستمرارية والواحدية دون وجود شواهد مادية علمية . ومع هذا ذهب دعاة الداروينية الاجتماعية إلي ان فرضية داروين نظرية وحقيقة علمية ، ثم نقلوا هذه الفرضية من عالم الطبيعة إلي عالم الإنسان، وقرروا أن العلاقة بين الكائنات الحية في الطبيعة لا تختلف عن العلاقات بين الأفراد داخل المجتمعات الإنسانية ، ولا عن العلاقات بين المجتمعات والدول . وعلي هذا، تم استخدام النموذج الدارويني لا لتفسير الطبيعة / المادة وحسب ، وإنما لتفسير حياة الإنسان الفرد في المجتمعات ، وفي تفسير العلاقات بين الدول والمجتمعات علي المستوي الدولي.

    وقد وظفت الداروينية الاجتماعية في تبرير التفاوت بين الطبقات داخل المجتمع الواحد وفي الدفاع عن حق الدولة العلمانية المطلقة وفي تبرير المشروع الإمبريالي الغربي علي صعيد العالم بأسره . فالفقراء في المجتمعات الغربية وشعوب آسيا وإفريقية (والضعفاء علي وجه العموم ) هم الذين اثبتوا ان مقدرتهم علي البقاء ليست مرتفعة ، ولذا فهم يستحقون الفناء أو علي الأقل الخضوع للأثرياء ولشعوب اوروبا الأقوي والأصلح .

    ويمكن تلخيص الأطروحات الأساسية في الداروينية الاجتماعية علي النحو التالي :

    1- كل الأنواع العضوية ظهرت من خلال عملية من التطور ، وهي عملية حتمية شاملة تشمل كل الكائنات ، وضمن ذلك الإنسان ، وكل المجتمعات في المراحل التاريخية كافة .

    2- العالم كله في حالة تطور دائم ، وهذا التطور يتبع نمطاً واضحاً متكرراً ، برغم ان التطور قد يكون بطيئاً وغير ملحوظ احياناً ، وقد يأخذ شكل طفرة فجائية واضحة احياناً اخري .

    3- تتم عملية التطور من خلال صراع دائم بين الكائنات والأنواع . فالصراع دموي حتمي ، وهو صراع جماعي لا فردي .

    4- السبب الذي يؤدي إلي تغير الأنواع هو الأختيار الطبيعي الذي يؤثر في جماعات الكائنات العضوية ويترك عليها آثاراً مختلفة .

    5- الكائن أو النوع الذي ينتصر علي الكائنات والأنواع الأخري ، ويحقق البقاء المادي لنفسه ، يثبت بالتالي أنه نوع أرقي من الأنواع الأخري إذ حقق البقاء علي حسابها ، فبقي هو بينما كان مصيرها الفناء .

    6- تحقق الكائنات البقاء إما من خلال التكيف البرجماتي مع الواقع ، فتتلون بألوانه وتخضع لقوانينه ، أو تحقق البقاء من خلال القوة وتأكيد الإرادة النيتشوية علي الواقع ، والبقاء من نصيب الأصلح القادر علي التكيف والأقوي القادر علي فرض إرادته. ومن اشكال التكيف ، الأنتقال من التجانس (البسيط ) إلي اللاتجانس (المركب) .

    7- مهما كان آلية البقاء ، لا علاقة لها بأية قيم مطلقة متجاوزة ـ مثل الأمانة أو الأخلاق أو الجمال ، فالبقاء هو القيمة المحورية في المنظومة الداروينية التي تتجاوز الخير والشر والفرح والحزن .

    8- النوع الذي ينتصر يورث الخصائص التي أدت إلي انتصاره –سر بقائه – إلي بقية اعضاء النوع ، بمعني أن التفوق يصبح عنصراً وراثياً .

    9-هذا يعني استحالة وجود مساواة مبدئية بين الأنواع أو بين اعضاء الجنس البشري.

    10-مع تزايد معدلات التطور ، يصبح هناك كائنات اكثر رقياً من الكائنات الأخري بحكم بنيتها البيولوجية ، ومن ثم يصبح للتفاوت الثقافي اساسً بيولوجياً حتمياً .
    { إن الموقف الألحادي موقف ينقصه الحكمة ،بل إنه موقف غير حكيم بالمرة مادام يجعل البحث عن سبب العالم وسبب الوجود أمرا غير ذي أهمية !!
    لذا دعني أهمس في أذن الملحد بمقولة لأكبر عقل فلسفي أنجبه التاريخ العربي أقصد بن رشد الذي يقول "إن الحكمة ليست شيئا أكثر من معرفة أسباب الشيء."
    ففكروا في سبب وجودكم ليكون لديكم شيئ من صفات الحكماء! }


    { ما أكثر الملاحدة الذين يحملون عقلا بدائياً لا يفهم الألوهية الا إذا تجسدت في صنم مرئي ملموس . }

  9. #54
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    376
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ولعله لا توجد فلسفة اثرت في عصرنا الحديث أكثر من الفلسفة الداروينية ، كما لا توجد فلسفة بلورت الرؤية العلمانية للكون اكثر من الفلسفة الداروينية :

    1- فقد رسخت الفلسفة الداروينية افكار الواحدية المادية الكونية التي تذهب إلي أن العالم إن هو إلا مادة واحدة صدر عنها كل شىء ، مادة خالية من الغرض والهدف والغاية ولا توجد داخلها مطلقات متجاوزة من أي نوع ، فالعالم طبيعة ، والطبيعة محايدة لا تعرف الخير أو الشر أو القبح أو الجمال . ولا توجد اية ثغرات في الكون إذ أن المنطق المادي حتمي شامل يشتمل علي كل شىء . ولا توجد ثنائيات في الكون إذ يُرد كل شىء إلي المادة ويفسر كل شىء بالتطور المادي . ومع هذا ، توجد الثنائيات الأجتماعية الصلبة : الأقوياء / الضعفاء – الأثرياء / الفقراء- السادة/ العبيد – القادرون علي البقاء / ضحايا الصراع .

    2-الإنسان إن هو الا جزء من هذه الطبيعة وهذة المادة ، وقد صدر هو أيضاً عنهما من خلال عملية التطور ، إذ لا يوجد سوي قانون طبيعي واحد يسري علي الإنسان والأشياء ، فالوجود الإنساني نفسه يتحقق من خلال الآليات التي يتحقق من خلالها وجود كل الكائنات الأخري ، اي الصراع والقوة والتكيف . وهو وجود مؤقت ، تماماً مثل مكانته في قمة سلم التطور ، إذ إنه حتماً سيفقد مكانته هذه من خلال سلسلة التطور التي دفعت به إلي القمة . بل ويمكن القول بأن الأميبا من منظور تطوري صارم اكثر تطور من الإنسان لأنها حققت البقاء لنفسها مدة اطول من الإنسان ، والإنسان شأنه شأن الأميبا ، لا يتمتع بأية حرية ولا يحمل ابعاء أخلاقية ، فالقوانين الأخلاقية هي مجرد تطور لأشكال من السلوك الحيواني الأقل تطوراً والحرص الغريزي علي البقاء البيولوجي . وهذا يعني ان القانون الأخلاقي ، وكل القوانين ، هي قوانين مؤقتة ونسبية ، ترتبط بحلقة التطور التي افرزتها ، ولذا يتم الأحتفاظ بالقوانين ما دامت تخدم المرحلة . ومن ثم فإن الأخلاق المطلقة تقف ضد التقدم العقلاني المادي ، خصوصاً إذا كانت هذه الأخلاق اخلاق دينية تدعو إلي حماية الأضعف والأقل مقدرة الإشفاق عليه والعناية به . وهذا يعني ان كل الأمور نسبية تماماً ولا توجد اي مطلقات ، ولذا يمكن القول بأن النظرية الداروينية هي الأساس العلمي للفكر النسبي ، وإذا كان التطور يتم احياناً عن طريق الصدفة وتحدده الحوادث العارضة ، فيمكن القول بأن النظرية الداروينية هي ايضاً اساس التفكير العبثي .

    3- إذا كان الأمر كذلك ، فإن افضل طريقة لتفسير سلوك الإنسان ووجوده ، لا يمكن ان يتم إلا من خلال النماذج الطبيعية المادية ، ومن هنا حتمية وحدة العلوم . وإذا كان للظاهرة تاريخ ، فهو تاريخ مادي يمكن دراسته من خلال دراسة بنية الظاهرة . وقد قام داروين نفسه بتفسير الظواهر البيولوجية من خلال دراسة تاريخها البيولوجي . وكما قال احد الباحثين : هذا يعني في واقع الأمر عدم وجود إي فارق اساسي بين مجموعة من الشباب الذين يختطفون فتاة ويقتلونها وقطيع من الذئاب تهاجم ظبياً وتلتهمه . فكلاهما تدفعه غريزة طبيعية مادية قوية . ولعل الفارق الثانوي الوحيد أن الشبان قد هاجموا عضواً من نفس نوعهم ، وهو الأمر الذي يعوق عملية البقاء وهذا هو المنطق الوحيد المقبول في أطار دارويني عقلاني مادي

    4- وبرغم الواحدية الكونية التي تصدر عنها الداروينية ، وبرغم رفضها لأن تكون اية نقطة متجاوزة للمادة مصدراً للحركة ، وبرغم انها تفترض عدم وجود مخطط إلهي وراء الكون ، إلا إنها تفترض مع ذلك كله وجود غائية طبيعية كالتطور باعتباره حركة من نقطة أدني إلي نقطة اعلي ومن التجانس البسيط إلي اللاتجانس المركب ، حركة حتمية تماماً مثل التقد الحتمي الذي تفترضه معظم الإيدولوجيات العلمانية . والغائية التي يطرحها داروين غائية غير متجاوزة تأخذ شكل إيمان بأن هناك غاية كامنة في الطبيعة نفسها . لكن هذه الغائية قد تكون زيادة في التركية والتطور من البسيط إلي المركب . وقد تكون شيئاً يسمي إرادة الحياة أو القوة ، وقد يكون شكلاً من اشكال الوعي ظهر بالصدفة من خلال عملية كيماوية زادت من تركيب المادة . والمهم أن التطور ، مهما بلغ بالكائنات من ارتفاع ورقي ، فليس ثمة تجاوز إذ إن كل شىء ، وضمن ذلك الإنسان ، اصله مادي ويرد إلي المادة . وينطبق الشىء نفسه علي نظرية الأخلاق ، فالبقاء هو القيمة الوحيدة ، والصراع هو الآلية ،والأنانية وحب الذات هما مصدر الحركة ، ولذا فإن العالم هو ساحة قتال بين الذئاب من البشر ، والإنسان الذئب يفترس اخاه الإنسان ، وبين الأمم التي لابد أن تصرع بعضها بعضاً لغاية البقاء ، فهي حرب الجميع ضد الجميع . ولاتوجد قيمة مطلقة لأي شىء ، إذ إن ما يحدد القيمة هو القدرة علي الصراع والبقاء . ويمكن القول بأن النظرية الداروينية هي خليط من الصورة المجازية العضوية والصورة المجازية الآلية ، فالكون في حالة تطور عضوي مستمر ، يتبع نمطاً ثابتاً لا يتغير ، ومن ثم لا يختلف التطور العضوي عن الحركة الآلية في النمطية أو الرتابة .
    { إن الموقف الألحادي موقف ينقصه الحكمة ،بل إنه موقف غير حكيم بالمرة مادام يجعل البحث عن سبب العالم وسبب الوجود أمرا غير ذي أهمية !!
    لذا دعني أهمس في أذن الملحد بمقولة لأكبر عقل فلسفي أنجبه التاريخ العربي أقصد بن رشد الذي يقول "إن الحكمة ليست شيئا أكثر من معرفة أسباب الشيء."
    ففكروا في سبب وجودكم ليكون لديكم شيئ من صفات الحكماء! }


    { ما أكثر الملاحدة الذين يحملون عقلا بدائياً لا يفهم الألوهية الا إذا تجسدت في صنم مرئي ملموس . }

  10. #55
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    715
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرا جزيلا عميما - ونشكر لك هذا الجد والعزيمة والإصرار أعانكم الله

  11. #56
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    376
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشرف 7 مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا جزيلا عميما - ونشكر لك هذا الجد والعزيمة والإصرار أعانكم الله
    بارك الله فيك سيد مشرف 7 ..
    { إن الموقف الألحادي موقف ينقصه الحكمة ،بل إنه موقف غير حكيم بالمرة مادام يجعل البحث عن سبب العالم وسبب الوجود أمرا غير ذي أهمية !!
    لذا دعني أهمس في أذن الملحد بمقولة لأكبر عقل فلسفي أنجبه التاريخ العربي أقصد بن رشد الذي يقول "إن الحكمة ليست شيئا أكثر من معرفة أسباب الشيء."
    ففكروا في سبب وجودكم ليكون لديكم شيئ من صفات الحكماء! }


    { ما أكثر الملاحدة الذين يحملون عقلا بدائياً لا يفهم الألوهية الا إذا تجسدت في صنم مرئي ملموس . }

  12. #57
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    376
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي 103 -104 (المادية في التاريخ ) تكملة

    تبدت المنظومة الداروينية بشكل واضح في الرؤية المعرفية العلمانية الامبريالية ، من انكار لقيمة اي شىء أو أية مرجعية متجاوزة إلي تأكيد ضرورة التنافس والصراع علي حرية السوق وآلياته وعدم تدخل الدولة بحيث يهلك الضعفاء ولا يبقي سوي الأقوياء . والأمبريالية هي تدويل للرؤية الداروينية حيث اصبح العالم كله سوقاً ، مسرحاً لنشاط الإنسان الأبيض المتفوق الذي اباح لنفسه قتل الآخر ضماناً لبقائه وتأكيداً لقوته . وقد ساهمت الداروينية ايضاً في تزويد النظريات العرقية الغربية والتجارب الخاصة بتحسين الأجناس والنسل والقتل الرحيم علي اساس علمي .

    وقد هيمنت النظرية التطورية ، ذات الأصل الدارويني ، علي العلوم الأجتماعية . فالأيمان بالتقدم والحتمية التاريخية جميعها اشكال من التطورية . وهناك كثير من النظريات التاريخية والأجتماعية هي تطبيقات لمبدأ التطور من التجانس البسيط إلي اللاتجانس المركب . لقد درس هربرت سبنسر التاريخ باعتباره تطوراً من المجتمع العسكري إلي المحتمع الصناعي ، ورآه دوركهايم تطوراً من التضامن الميكانيكي إلي التضامن العضوي ، ورآه ماركس تطوراً من الشيوعية البدائية إلي الشيوعية المركبة (عبر حلقات محددة المجتمع العبودي فالإقطاعي فالرأسمالي فالاشتراكي ). وقد بَين اوجست كونت أن التطور هو تطور من مجتمع يستند إلي السحر إلي مجتمع يستند إلي الدي وصولاً إلي المجتمع الحديث الذي يستند إلي العلم . والفكر العرقي الغربي هو فكر تطوري إذ يري أن الإنسان الأبيض هو آخر حلقات التطور وأعلاها ، ولذا فله حقوق معينة .

    وقد تبلور الفكر التطوري العرقي في الأيدولوجيا النازية التي تبنت تماما فكرة وحدة العلوم وطبقت القوانين الطبيعية بصرامة علي الكافة ، وحاولت الاستفادة من قوانين التطور من خلال قواعد الصحة النازية (إبادة المعاقين والمتخلفين عقلياً وأعضاء الأجناس الأخري ) ومن خلال محاولات تحسين النسل من خلال التخطيط وعقد زيجات أو تنظيم علاقات إخصاب تؤدي إنجاب اطفال آريين أصحاء.

    والفكر الصهيوني ، مثله مثل الفكر النازي ، هو ترجمة للرؤية الداروينية ، فالصهاينة قاموا بغزو فلسطين باسم حقوقهم اليهودية المطلقة التي تَجُبُ حقوق الآخرين ، كما انهم جاؤوا إلي فلسطين ممثلين للحضارة الأوروبية ويحملون عبء الرجل الأبيض . وهم نظراً لقوتهم العسكرية ، يملكون مقدرة اعلي علي البقاء . إي انهم جاؤوا من الغرب مسلحين بمدفعية أيدولوجية وعسكرية داروينية علمانية ثقيلة ، وقاموا بتسوية الأمور من خلال الموقع الدارويني النيتشوي فذبحوا الفلسطينيين وهدموا قراهم واستولوا علي اراضيهم ، وهي امور شرعية تماماً من منظور دارويني علماني ، بل وواجبة . ولعل تأثر معظم المفكرين الصهاينة بنيتشة امر له دلالته في هذا المقام .
    { إن الموقف الألحادي موقف ينقصه الحكمة ،بل إنه موقف غير حكيم بالمرة مادام يجعل البحث عن سبب العالم وسبب الوجود أمرا غير ذي أهمية !!
    لذا دعني أهمس في أذن الملحد بمقولة لأكبر عقل فلسفي أنجبه التاريخ العربي أقصد بن رشد الذي يقول "إن الحكمة ليست شيئا أكثر من معرفة أسباب الشيء."
    ففكروا في سبب وجودكم ليكون لديكم شيئ من صفات الحكماء! }


    { ما أكثر الملاحدة الذين يحملون عقلا بدائياً لا يفهم الألوهية الا إذا تجسدت في صنم مرئي ملموس . }

  13. #58
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    بلاد الله
    المشاركات
    376
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية الشاملة -105

    -الرؤية المعرفية العلمانية الامبريالية الشاملة

    الفلسفة الداروينية تُشكل اللبنة الأساسية في الرؤية الغربية الحديثة للعالم ، وقد شكلت هذه الفلسفة المادية الإطار المعرفي لما نسمية الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية . ولتوضحي ابعاد هذه الرؤية فلنبدأ بتعريف العلمانية الشاملة التي يمكن ان نسميها ايضاً العلمانية المادية أو العلمانية العدمية هي رؤية شاملة للعالم ،
    عقلانية مادية ، تدور في إطار المرجعية الكامنة ، التي تري أن مركز الكون كامن فيه غير مفارق أو متجاوز له، وأن العالم بأسره مُكون أساساً من مادة واحدة ، ليست لها أية قداسة ولا تحوي أية أسرار ، وفي حالة حركة دائمة لا غاية لها ولا هدف ، ولا تكترث بالخصوصيات أو التفرد أو المطلقات أو الثوابت . هذه المادة تشكل كلا من الإنسان والطبيعة ، فهي رؤية واحدية كونية مادية .

    والعلمانية الشاملة ، بهذا المعني ، ليست مجرد فصل الدين أو الكهنوت أو هذه القيمة أو تلك عن الدولة أو عما يسمي الحياة العامة ، وإنما فصل لكل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية المتجاوزة لقوانين الحركة والحواس عن العالم ، أي عن كل من الإنسان والطبيعة بأعتبارها فلسفة مادية محضة نافعة نسبية لا قداسة لها – توظف وتُسخَّر . والهدف من وجود الإنسان في الأرض هو زيادة معرفة قوانين الحركة والطبيعة البشرية والهيمنة عليها من خلال التقدم المستمر الذي لا ينتهي ، ومن خلال تراكم المعرفة وسد كل الثغرات وقمع الآخر إلي أن يخضع كل شىء ، الإنسان والطبيعة ، لحكم العقل وقانون الأرقام وهو قانون يستمد مشروعيته من المعارف العلمية المادية ، بحيث تحول الواقع بأسره طبيعه وبشراً إلي جزء متكامل عضوي تنتظمه شبكة المصالح الاقتصادية والعلاقات المادية ، فيصبح الواقع اشبه ما يكون بالسوق والمصنع ، كل شىء فيه محسوب ومظبوط بعد استبعاد كل الاعتبارات الغير مادية ، مثل الغيبيات والمطلقات والخصوصيات ، ذلك لأن ما بداخله غيب أو أسرار ، وكل ما هو فردي فريد لا يمكن قياسه أو التحكم فيه أو غزوه أو توظيفه أو حوسلته .

    وقد تم تهميش الإله أو إلغاؤه باسم الإنسان وصالح الجنس البشري وبعد إلغاء إي مرجعية متجاوزة ، تظهر المرجعية الكامنة فيصبح مركز الكون كامناً فيه ، ويصبح الإنسان هو مركز الكون دون أي استخلاف من الإله ، وتظهر الحركة الإنسانية (الهيومانية ) . ولكن في إطار المرجعية الكامنة يُختزل الإنسان ويُرد في كليته إلي الطبيعة/ المادة ، ويصبح إنساناً طبيعياً مادياً غير قادر علي تجاوز ذاته الطبيعية المادية ولا يتجاوز الطبيعة / المادة بحيث يسري عليه ما يسري علي الظواهر الطبيعية من قوانين وحتميات ، وهذا ما يعني أن الإنسان يفقد إنسانيته المركبة وتنزع عنه القداسة تماماً والإنسان الطبيعي إنسان لا حدود ولا قيود عليه ، يقف وراء الخير والشر ، متمركز حول منفعته ولذته ، ولا راد لقضائه أو رغبته في البقاء وهو لايلتزم بأية قيم معرفية أو أخلاقية أو أبعاد نهائية فهو يتبع القانون الطبيعي ولا يلتزم بسواه ، بل ولا يمكنه تجاوز.لكل هذا اصبح الإنسان كائناً غير قادر إلا علي التمركز حول مصلحته ومنفعته ولذته ، المادية وبقائه المادي ، فمفهوم الإنسانية جمعاء مفهوم اخلاقي مطلق متجاوز لقوانين المادة ، وليس هناك ما يلزم الإنسان الطبيعي مرجعية ذاته المتمركز حولها أن يؤمن بمثل هذه المطلقات وهذه المثل العليا غير المادية ، فماذا في قوانين الطبيعة يلزمه بأن يتجاوز مصلحته الخاصة الضيقة وألا يحول الآخر إلي مادة توظف لصالحه ؟


    لكل هذا ، بدلاً من مركزية الإنسان في الكون تظهر مركزية الإنسان الأبيض في الكون ، وبدلاً من الدفاع عن مصالح الجنس البشري بأسره يتم الدفاع عن مصالح الجنس الأبيض ، وبدلاً من ثنائية الإنسان والطبيعة وأسبقية الأول علي الثاني تظهر ثنائية الإنسان الأبيض في مقابل الطبيعة / المادة ، وبقية البشر الآخرين الذين يصبحون جزءاً لا يتجزأ منها ةتظهر اسبقيته وأفضليته عليهم . ويصبح هم هذا الإنسان الأبيض هو غزو الطبيعة المادية والبشرية وحوسلتها وتوظيفها لحسابه واستغلالها بكل ما أوتي من إرادة وقوة ، وهكذا تحولت الإنسانية الهيومانية الغربية إلي إمبريالية .
    { إن الموقف الألحادي موقف ينقصه الحكمة ،بل إنه موقف غير حكيم بالمرة مادام يجعل البحث عن سبب العالم وسبب الوجود أمرا غير ذي أهمية !!
    لذا دعني أهمس في أذن الملحد بمقولة لأكبر عقل فلسفي أنجبه التاريخ العربي أقصد بن رشد الذي يقول "إن الحكمة ليست شيئا أكثر من معرفة أسباب الشيء."
    ففكروا في سبب وجودكم ليكون لديكم شيئ من صفات الحكماء! }


    { ما أكثر الملاحدة الذين يحملون عقلا بدائياً لا يفهم الألوهية الا إذا تجسدت في صنم مرئي ملموس . }

صفحة 4 من 4 الأولىالأولى ... 234

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. تعليقات على كتاب (الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان)
    بواسطة الإشراف العام في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 07-05-2011, 10:33 PM
  2. أورخان محمد علي: الأدلة العلمية تنقض الفلسفة المادية
    بواسطة رائد الخير في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-30-2009, 05:07 AM
  3. الشريط الوراثي (دي إن إيه) ينقض أسس الفلسفة المادية
    بواسطة abd_allah في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-28-2008, 12:46 PM
  4. الإلزام الخلقى بين الفلسفة والإسلام
    بواسطة أبو مريم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 11-09-2007, 09:42 PM
  5. الإلزام الخلقى بين الفلسفة والإسلام
    بواسطة أبو مريم في المنتدى أبو مريم
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-14-2005, 03:30 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء