بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جاءت الشريعة الإسلامية السمحة ببيان الأصول وتركت الفروع لاجتهادات المختصين ، وقوله تعالى: اليوم أكلت لكم دينكم ... هو إكمال للأصول ، إوترك الفروع لاجتهادات المختصين دلالة على يسر الشريعة ومقدرتها على مسايرة الزمن، والمقصود بالأصول بشكل تقريبي ما لايستغني عنه المسلم بحيث لو فقدت هذه الأصول أو اختلت لاختل نظام المسلم ، ومن هذه الأصول أركان الإيمان والإسلام ، والأدلة الناظمة لحق المسلم على المسلم المسلمين ...، ولابد من البيان أن ماجاء به القرآن واتت به السنة لايعد في واقع الأمر من الأصول مالم يجتمع أمران :
الأول : كون النص قطعي الثبوت ، وهذا بالنسبة للقرآن لا إشكال فيه أما السنة فيدخل في هذا الجانب الأحاديث المتواترة ، وهو الحديث الذي رواه جمع عن جمع بحيث تحيل العادة على تواطؤهم على الكذب وذلك من مبدأ التلقي حتى تدوين النص ، و هناك كتب كثيرة ألفت في موضوع متواتر السنة ، وعلى ذلك لايمكن أن نجعل أمرا ما على انه من أصول الشريعة ما لم يكن متواترا وهذا اعتمادا على منهج المتكلمين ومن تبعهم من الأصوليين ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحديث إذا صح ولو كان آحاد ا يعد أصلا عند كثير من المحدثين
الثاني: كون النص - قرآنا وسنة - قطعي الدلالة وعليه لايمكن أن نجعل أصلا مختلفا في دلالته ،
هذا بشكل مختصر والغريب في هذه الأيام ان المتابع للفكر الإسلامي اليوم يجد عدم الانسجام بين هذين النوعين ، ، فالفروع - الكلامية والفقهية-مع وضوحها تعد أصلا عند بعض الناس ولذلك تجد التراشق بالتكفير والتضليل مع أنها مسائل فرعية قابلة للاجتهاد واختلاف وجهات النظر ، وهذا يعطي للآخرين الحق في اتهام المسلمين بالتشدد والغلو ، كما أن الأصول العقدية تعد فروعا عند البعض ، سيما الذين يبحثون في حوار الأديان وتقارب الثقافات فتجد عندهم عدم ضوابط دقيقية تميز بين المسلم والآخر ، مع أن هذا التمييز أمر مرتبط بالهوية لايستغني عنه المسلم ، وهذا يقود إلى عدم وجود ضوابط دقيقة تميز المسلم عن غيره ، وهو ما يؤدي إلى نسف كثير من أصول الشريعة .وخطأ هؤلاء ليس أقل من خطأ اولئك .وغالبا ما يحصل هذا الأمر عند غير المختصين في الدراسات الإسلامية أو عند أولئك الذين يبحثون عن الانتفاعات الشخصية والمصالح الفردية .
وعلى هذا ، فالتمميز بين الأصول والفروع وعدم الخلط بينهما يحتاج إلى أمرين أساسين:
الأول: التخصص في الشريعة الإسلامية وعدم جعلها كلأ مباحا يرعى فيها من شاء ماشاء
الثاني: الإخلاص لله في العمل وتغليب هذا الجانب على المصالح الآنية .
وخير معين ومساعد لوضع ضوابط بين الأصول والفروع الاعتماد على " قطعي الثبوت والدلالة"
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
والسلام