العينان توفران عناء التعب والجهد للمختخيل لو سألتك هذا السؤال:
كم أنف فى وجهك؟
فما ستكون إجابتك؟... أنف واحدة؟
ماذا أدراك؟
طبعاً يمكنك أن تتحسس وجهك بيدك فتشعر بأنفك الوحيدة... أو تنظر فى المرآة فتراها... أو تنظر إلى من حولك فتعلم أن الإنسان كائن له أنف واحدة فقط.
لكن ماذا لو فرضنا... (وهو فرض خيالى مستحيل عملياً) أنك لا تعرف أى شىء عن البشر...
وأن يداك مقيدتان ولاتوجد أمامك أى مرآة...
كم أنف لديك فى وجهك؟
ستكون إجابتك بلا شك... إثنان !
وهذا لأن عيناك تريان أنفك الوحيدة من زاويتان مختلفتان، فيخيل إليك أنها إثنان.
يحدث هذا عندما تنظر بعيناك إلى أى جسم فى أى إتجاه حولك... فقطعاً هذا الجسم يقع على مسافة أبعد من أنفك... مما يجعل الأنف تقع فى منطقة عمياء بالنسبة لإتجاه النظر، فتزدوج صورتها أمام العينان.
وأرجو المعذرة والتصحيح إن كنت أخطأت... فأنا لم أدرس أى شىء عن البصريات ولا أتذكر سوى فتات ما تعلمته أثناء الدراسة الثانوية.
دعونا الآن ننتقل إلى مثال أوسع قليلاً:
نفترض أن أمام العينان جسمان كرويان (أ) و (ب)... وأن الكرة (أ) تقع على مسافة أبعد من الكرة (ب)
فإذا نظرت العينان نحو الكرة (أ)... وقعت الكرة (ب) فى منطقة عمياء فتزدوج بالنسبة للناظر كما هو موضح هنا:
والعكس تماماً إذا توجهت العينان لإبصار الكرة (ب) الأقرب من (أ)... فنجد أن الكرة (أ) قد إزدوجت
حتى الآن كل شىء سليم... (على ما أتمنى)...
السؤال هو:
هل لاحظتم أن الفارق الكبير فى المسافة بين بعدى الكرتان (أ) و (ب) عن العينين ينتجان فارق ضئيل جداً فى زاوية الرؤية بالنسبة لكل عين على حدة؟
طيب، هل لاحظتم أن العينين تقومان بتحديد هذه الزاوية بكل دقة وسهولة؟
هناك من يسألنى: وما الغريب فى ذلك؟
حسناً،
دعونا نجرى هذا الإختبار:
كلنا نعرف مصباح الليزر الصغير... يستخدمه أساتذة الجامعه عادة للشرح على السبورة، وفى مصر يستخدمه الأطفال فى معاكسة القطط والكلاب ويستخدمه الشباب فى معاكسة الفتيات.
ما علينا...
جرب أن تمسك بيديك مصباحان صغيران من مصابيح الليزر هذه... مصباح فى كل يد... وإبتعد حوالى عشرة أمتار عن الشاشة...
ثم حاول أن تصوب كلا المصباحين نحو هذا الهدف:
ما رأيك فى هذه العملية؟
لاحظ أن نقطتا الليزر يجب أن تتلاقيا معاً فوق الهدف بدون أى إنحراف !
عملية صعبة؟
هل تدرك أن عيناك تقومان بهذه العملية بمنتهى اليسر والبساطة منذ أن فتحتهما أنت على الدنيا وحتى الآن؟
فكل شىء حولك يقع فى مناطق عمياء عدا الجسم الذى تنظر إليه !
كل ما حولك مزدوج ماعدا الشىء الذى تنظر إليه !
ومع ذلك... فلم تواجهك أية مشكلة فى هذا منذ بدأت تبصر بعينيك وحتى تلك اللحظة !
فالمخ يقوم بتصويب العينان نحو أى هدف بمنتهى السرعة لدرجة أنك تقريباً لا تلاحظ هذا الإزدواج !
العملية ليست هكذا فحسب...
فلكى يقوم المخ بحساب زاوية توجيه العينين... ينبغى أن يحدد مدى بعد الجسم المراد النظر إليه عن العين... ثم يقوم بحساب هذه الزاوية
فكيف يتم ذلك فى بضعة أجزاء من الثانية وبهذه الدقة المتناهية؟
حتى الرجل الآلي يستطيع حساب هذه المسافة بكل سهولة ان وجدت له عينين صناعيتين او كامرتين اثنتين
Bookmarks