ترددت طويلاً قبل أن أطرح تلك المسألة...
والسبب أنى طالما فكرت فى تلك المعضلة منذ نعومة أظافرى (رجاء عدم السخرية)
وقد طرحتها على الكثيرين من قبل... فلم يفهمنى أحد !
لأننى -والحمد لله على كل حال- أتميز بقدر عال جداً من التلعثم و(اللخبطة) فى الكلام !
مما يجعل شرح أى مسألة أمراً صعباً بالنسبة لى... وأكثر صعوبة ومشقة بالنسبة لمن يحاول أن يفهم تلك المسألة منى !
عافاكم الله مما ابتليت به...
أما الآن... فهاقد بلغت من العمر ما أظنه كافياً لكى أشرح تلك المسألة كما ينبغى... بالإضافة إلى أن إمكانية شرحها كتابياً ستكون أيسر وأسهل من الشرح الشفهى بإذن الله...
لدى هنا سؤالان... أظن والله أعلم أن إجابتهما ستكون واحدة...
السؤال الأول:
تخيل نفسك شخص ضرير... (والحمد لله على نعمة البصر)... كيف تستطيع أذناك إخبارك بمكان الشخص المتحدث إليك بكل دقة؟
من عرف أو يعرف شخصاً ضريراً... يعلم تماماً هذه القدرة العجيبة للضرير على تحديد مكان أى مصدر صوتى بكل دقة بمجرد سماعه.
ونفس هذه القدرة موجودة لدى المبصرين أيضاً ولكن بدرجة أقل قليلاً نظراً لإعتمادهم على حاسة الإبصار.
طبعاً هذه الآلية التى يحدد المخ بموجبها مكان المصدر الصوتى دون رؤيته... ترجع إلى الخاصية التى أودعها الله فى موجات الصوت
حيث تضعف الموجة الصوتية خلال مرورها فى الوسط الغازى الذى يحيط بنا.
وهنا عدة أشكال توضيحية قمت بتصميمها بنفسى لتيسير وصول الفكرة:
فى هذا الشكل نرى أن الأذن اليمنى قد إستقبلت نسبة 40% من موجة الصوت المنبعثة من المصدر الصوتى... بينما إستقبلت الأذن اليسرى 60% من موجة الصوت نظراً لقرب هذا المصدر نسبياً لها...
فبناء على ذلك قام المخ بعملية حسابية سريعة ليس لإرادة الإنسان دخل فيها... ثم بترجمة هذه العملية الحسابية فى لحظة واحدة... يدرك المخ أن مصدر الصوت يقع فى هذا المكان بالتحديد كما هو موضح.
__________________________________________________ ___________وهنا إستقبلت الأذن اليمنى أيضاً 40% من الموجة الصوتية... أما الأذن اليسرى فقد إستقبلت هذه المرة 80% من موجة الصوت...
فقام المخ بترجمة كل ذلك لا إرادياً وفى لحظة واحدة... أن الجسم مصدر الصوت على مسافة ثابتة من الأذن اليمنى ويقترب من الأذن اليسرى... فأدرك المخ أن هذا المصدر يقع فى هذا المكان كما هو موضح.
__________________________________________________ ___________أما هنا فقد تغيرت المعطيات... إستقبلت الأذن اليمنى 50% من الموجة الصوتية... بينما إستقبلت اليسرى 30% من الموجة الصوتية...
فقام المخ بتحديد مكان مصدر الصوت كما هو موضح.
حتى الآن... كل هذا شرح نظرى...
نأتى الآن للسؤال:
فى الشكل السابق أخذنا مثالاً واحداً من الأمثلة الثلاثة السابقة... وليكن المثال الأول:
نرى أن الأذن اليمنى قد إستقبلت 40% والأذن اليسرى 60%... فالمخ هنا بصدد إحتمال من إثنين... إما أن يكون الجسم مصدر الصوت واقعاً فى المكان (أ) أو واقعاً فى المكان (ب)
فكيف عرف المخ أن الجسم يقع فى النقطة (أ) وليست النقطة (ب) ؟
علماً بأن:
- النقطتان (أ) و (ب) تقعان على نفس المسافة من الأذن اليمنى... وتقعان على نفس المسافة من الأذن اليسرى.
- النقطتان (أ) و (ب) تقعان على نفس سطح المستوى مع الأذنين اليمنى واليسرى
(كلمة المستوى سيفهمها فقط من لديه معرفة بالهندسة الفراغية)
وللتوضيح أكثر:
كل من الأذنين والمصدر الصوتى (1-أ) و (1-ب) يقع على سطح المستوى (1)
وكذلك كل من الأذنين والمصدر الصوتى (2-أ) و (2-ب) يقع على سطح المستوى (2)
نرى الآن أن هناك عدد لا نهائى من المستويات الفراغية تمر بكل من الأذنين... وعند حدوث صوت من مصدر يقع على النقطة (2-أ) فكيف يعرف المخ أن هذه النقطة هى مصدر الصوت وليست النقطة (2-ب) ولا النقطة (1-أ) ولا النقطة (1-ب) ؟
شكل توضيحى أكثر دقة:
نتخيل أن (أ) هو خط وهمى يمر بنقطتى التأثر بالسمع (الأذنين) ويمر كذلك بمركز الدائرة الموضحة فى الشكل...
معنى هذا أن جميع النقاط اللانهائية التى تقع على هذه الدائرة... تبعد نفس المسافة عن الأذن اليمنى ونفس المسافة عن الأذن اليسرى...
فعند حدوث شىء مؤثر (صوت) من نقطة ما على هذه الدائرة... مستحيل نظرياً تحديد أى نقطة هى مصدر ذلك الصوت من خلال نقطتين تأثير فقط (الأذنين)
ولكن فى الحياة العملية نجد مخ الإنسان يحدد تلك النقطة بدقة عجيبة من وسط هذا العدد اللانهائى من النقاط المحتملة الواقعة على نفس الدائرة !
فكيف يحدث ذلك؟
(السؤال الثانى أظنه والله أعلم مرتبط بتفسير هذا السؤال الأول)
Bookmarks