"وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)
" (الشورى)
ما زلت تهيننا يا زميلي المقدسي.. وتدعي انك تصفنا بما فينا.. لست تعرفنا زميلي و لست ترمينا من تلاعب و كذب و عبث إلا لأننا إختلفنا معك فنقول بما لا تقول.. و نعتقد بما لا تعتقد.. فهل يستقيم هذا يا زميلي.. هلا نرد هذا كله إلى حكم الله تعالى في كتابه العظيم و لا نتخذ من دونه أولياء..
أما عن التواتر زميلي.. فلقد ابتدعت تعريف لم يسبقك إليه احد.. اعلم أن التواتر لغة يعني التتابع و التوالي و لا خلاف في ذلك.. و لكن هل يكفي هذا التعريف فيما اصطلح عليه بعلم إسناد الحديث.. هل مجرد تتابع الرواة بغض الطرف على عددهم يكفي أن نقول أن الرواية متواترة أم يلزم عددا كاف من الرواة (قد اُختلف في عددهم) يستحيل تواطئهم على الكذب في كل طبقة من طبقات الإسناد ليقال أنها متواترة..!!
فالقول بان الروايات أتت بنفس طرائق كتاب الله تعالى ظلم كبير للكتاب العظيم.. فلقد حفظ رب العالمين كتابه في الجيل الأول بعُصبة من الصحابة الأخيار.. فدُوِن بإشراف الرسول الكريم و حفظه من حفظه عن ظهر قلب.. ثم تواتر الكتاب المعلوم المختوم و المحفوظ في الصدور عبر الأجيال من الرسول عليه السلام بالألاف المؤلفة ممن سخرهم الله تعالى لحفظ كتابه العظيم في كل جيل.. ثم إنه معجزة بذاته.. لا يُربط بزمان و لا مكان و لا بشر.. وكأنه نزل لكل جيل.. في كل مكان.. و ما على الأجيال عبر الأزمنة و الأمكنة إلا أن يتدبروه فيجتهدوا فيما تركه كتاب رب العالمين للاجتهاد لتحقيق العدل و الإنصاف و المساواة..
هذا حال كتاب رب العالمين فهل هو حال الروايات..!!؟, أبدا ليس هذا حالها.. فإنها لم تدون إلا في القرن الثالث للهجري و لم يتواتر إلا القليل القليل منها بنسبة لا تكاد تُذكر..!! فيدعي أحدهم انه سمع من رسول الله تعالى ما لم يسمع الأخر.. و لقد نسب الكثير الكثير من الروايات زورا و بهتانا إلى الرسول الكريم.. ثم ابتدعت علوم و علوم بأسس بشرية أغلبها ظنية خاضت في ثبوت الرواية وتصنيفها تصنيفا عجيبا..!!, هذا صحيح و هذا حسن و هذا ضعيف وذاك موضوع.. فالرواية اما ان تثبث عن الرسول الكريم يقينا و إما لا فلماذا كل هذه التصانيف..!!؟, وهذا كتاب الله تعالى ينطق بالحق "قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)" (يونس)
أما عن تفسير القران الكريم زميلي cactus.. فلم اخرج على الموضوع زميلي.. ولم ابتعد أبدا عما طرحته أنت.. فهذا أساس صلب لا يستطيع احد أي يبني دونه او يتجاوزه.. فان اختلفنا على هذا الأساس فلن نتفق إذا أبدا.. هذا لأنه نقطة التقاء كل الأمة.. فان فُسر بعقائد مذهبية سيصبح نقطة اختلافها و تناحرها وتلك هي المصيبة التي نحن علينا.. "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" (العنكوت 51)
ثم تتكلم عن المغالطة و انت من يغالط يا زميلي.. من قال أن عدم معرفة النبي لبعض المنافقين يعني أن النبي لا يعرفهم جميعا.. لماذا تتقول علينا ما لم نقله أبدا.. لماذا تتهموننا بما ليس فينا و تنسون أنفسكم.. الم اقل أن المنافقين صنفان.. صنف يعلمهم خاصة الناس و عامتهم بصفاتهم و سلوكهم و قد نزلت فيهم آيات بينات منها "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)" (التوبة), فهؤلاء كانوا معروفين و إلا لما نهاه الله تعالى أي يستغفر لهم و أن يقم على قبورهم و أن يأذن لهم بالخروج معه للقتال.. اما الصنف الثاني من المنافقين فكانوا غير معروفين.. لا يعرفهم احد إلا الله تعالى.. "وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" (التوبة 101), "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" (الأنفال 60)
أما عن نقل القرآن الكريم و نقل الروايات فلن أمل من التكرار أنهما لا يستويان أبدا.. فلا يلزم أن تُعدل جيلا بأكمله لتقول أن كتاب رب العالمين محفوظ.. يكفي انه مدون في عهد الرسول عليه السلام و متواتر بأعداد هائلة و قبل هذا كله.. يكفي انه معجزة خالدة.. (هذا و الله ما يجعلني أصدقه حرفا حرفا ولا شي غير هذا..) هذا يختلف تماما على حال الروايات.. فهي أحاد رواه فلان عن فلان.. ثبوتها ظني.. فإستلزم أن يُعدل جيلا بأكمله فلا يكذب ولا يُدلس كي يؤسس لهذا.. وكم من غرائب.. و كم من عجائب في الروايات..
ثم يا زميلي.. ما حال الصنف الثالث ممن صاحب النبي عليه السلام..!!؟, ما حال أولائك الذين خلطوا أعمالهم صالح بسيء..!!؟، أولائك العوام من الناس..!!, هل صنفوا من قبل أهل الإسناد مع العدول من الصحابة أم تراهم مع المنافقين...!!؟، هل ذكروا لنا أسماءهم...!!؟، فكيف يُعدلوا كلهم...!!؟، فسبحان من لا يعلم السرائر و لا ما تُخفي الأنفس إلا هو..
ثم يا زميلي.. و بإتباع منطقكم.. هل يلزم ان نعدل كل أفراد الأمة الإسلامية فردا فردا في زماننا هذا كي يدعي أبناءنا من بعدنا أن الكتاب محفوظ..!!؟، أبدا ليس لزاما.. و مع هذا فكتاب الله تعالى سيبقى محفوظ الى يوم الدين فلماذا تُنكر هذا في الأولين.. اتعلم لماذا زميلي...!!؟، لانه لزاما عليك ان تعدل كل أفراد الأمة فردا فردا لتنصح أبنائك أن يأخذوا بكل رواية سمعوها من كل فرد في جيلنا هذا.. أرأيت الفارق يا زميلي..
ربي اغفر و ارحم و انت خير الراحمين..
Bookmarks