كتب الأخ متعلم:
اعترض المتهوك على من يقطع في الخاص دون العام، وفخر بمن لا يقطع في خاص ولا عام !
يُقال لهذا المأفون القائل كلمة الكفر في هذا الموطن وغيره :
اعترضت على شرع الله لأنه - حسب قولك - يقطع اليد في المال الخاص دون العام .. فكان الأولى أن تعيب على شريعتك الوضعية - التي أنت بها فرح فخور - لأنها لا تقطع اليد - ولا الأصبع - لا في خاص ولا عام !
ويتصل بهذه المسألة صورة أخرى .. تفقد فيها السرقة أحد شروطها ، وبالتالي لا تعد "سرقة" أصلاً ، وعليه فلا قطع فيها .. وإن كان هناك التعزير طبعًا ..
والصورة : أن "رئيس خزانة" مثلاً لإحدى الجهات أو الجمعيات ، أخذ من المال الذي تحت يده بغير حق ..
فأهل العلم قالوا : إن هذا ليس "سرقة" .. وبالتالي لا يقام عليه حد السرقة ولا تقطع يده .. قالوا: وإنما هو ارتكب جريمة تستحق التعزير والتنكيل ..
قالوا : لأن من شروط السرقة - التي يقام فيها حد السرقة - أن يكون المال المسروق في "حرز" .. وهذا المال الذي تحت يد "المختلس" استأمنه الناس عليه وأعطوه حق التصرف فيه بشكل ما (بحقه طبعًا) ..
وهذه الصورة لا يختص بها المال العام الذي للمسلمين جميعـًا .. أعني مال الدولة أو بيت المال .. بل هذه الصورة تشمل أيضـًا أي قائم على أي مال خاص وهو موكل بالتصرف فيه ، ولو كانت الجهة جمعية خيرية خاصة مثلاً .. وهذا رابط فيه مثال جيد على مسألتنا :
http://www.okaz.com.sa/new/issues/20...1008308380.htm
"عقوبة الاختلاس لا تصل إلى حد السرقة"
والمقصود أنه لتطبيق حد السرقة شروط منها : (( أن يكون المال مأخوذًا من حرز )) .. فيخرج بهذا الشرط صور : الاختلاس ، والاغتصاب ، والاختطاف ، والانتهاب ... إلخ.
بالطبع هذه جرائم ، وتستحق التعزير .. لكن الشارع لا يخصص لها حد السرقة فلا قطع فيها ..
فما الحكمة من قطع الشارع ليد السارق وعدم قطعه ليد الناهب والغاصب والمختطف ؟!
قال ابن القيم رحمه الله في (أعلام الموقعين) :
(( وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم ، وترك قطع المختلس والمنتهب والغاصب فمن تمام حكمة الشارع أيضا ؛ فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه ؛ فإنه ينقب الدور ، ويهتك الحرز ، ويكسر القفل ، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك ، فلو لم يشرع قطعه لسرق النَّاس بعضُهم بعضاً ، وعظم الضرر ، واشتدت المحنة بالسرَّاق ، بخلاف المنتهب والمختلس ؛ فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس ، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه ، ويخلِّصوا حقَّ المظلوم ، أو يشهدوا له عند الحاكم ، وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلةٍ من مالكه وغيره ، فلا يخلو من نوع تفريطٍ يمكن به المختلس من اختلاسه ، وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ لا يمكنه الاختلاس ، فليس كالسارق ، بل هو بالخائن أشبه .
وأيضاً : فالمختلس إنما يأخذ المال من غير حرز مثله غالباً ، فإنه الذي يغافلك ويختلس متاعك في حال تخلِّيك عنه وغفلتك عن حفظه ، وهذا يمكن الاحتراز منه غالباً ، فهو كالمنتهب ؛ وأما الغاصب فالأمر فيه ظاهر ، وهو أولى بعدم القطع من المنتهب ، ولكن يسوغ كف عدوان هؤلاء بالضرب والنكال والسجن الطويل والعقوبة بأخذ المال )).
Bookmarks