بحثنا عن قلوبنا الآن فوجدناها .. لكن ما الذي أوصلها لهذه الحال
من ذا الذي أغراها و لربها أنساها و عن أوامره نهاها و للدنيا هداها و عن الحقيقة أعماها
من كان سبب الضياع ..و اللؤم و الخداع ..و الغرق في الأوحال و الاستمتاع.. بما للغرور من متاع
أبرز المتهمين في ذلك
آفة الأمل :
الأمل في طول العمر و هو ما حذرنا ربنا عز وجل منه إذ قال:
((
ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ )) الحديد 16
قال الإمام القرطبي : "
طول الأمل هو الحرص على الدنيا والانكباب عليها ! والحب لها ! والإعراض عن الآخرة !"
و كان من صفات أعداء الله طول الأمل فقد ذمهم جل و علا و قال فيهم
((
ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ )) [الحجر:3].
و قال أيضا : ((
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )) [البقرة:96].
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (
لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل ) [رواه البخاري ومسلم].
الفتن ما ظهر منها و ما بطن :
و من أجلى الفتن و أظهرها و أخطرها فتنة النساء كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم قائلا
(
ما تركت من بعدي فتنة أخطر على الرجال من النساء ) متفق عليه
فالمرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان فزينها للرجال الذين قد تجرفهم أمواج الغفلة فيضعفون و يحكمون أهواءهم
ففتنة النساء اليوم اكتست بأبهى الحلي و تلونت بشتى ألوان السفور و الفجور و العياذ بالله
هاهي تلك القنوات الخليعة و الأفلام الهابطة و المجلات العاهرة
و غير بعيد .. تلك الأسواق المختلطة و المنتديات السائبة التي جرفت فتيات كن شريفات
فكسرت في خلقهن الحياء و هدمت في نفوسهن الفضيلة و و حطمت في أرواحهن العفاف و النقاء
فمكر الأعداء عظيم ((
وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)) - إبراهيم 46-
فأصبحنا نسمع اليوم ما يعرف بالحرب الإعلامية على الأمة الإسلامية فلم تعد حرب أفراد أو جماعات
بل صارت تعني منظمات و مؤسسات مسلطة على النساء المسلمات بنية إفسادهن عبر النت و القنوات
حيث صار التنافس على أي منها أكثر عهرا و حقارة و قذارة و مجونا و خلاعة
فاحذروا عباد الله .. الله الله بغض الأبصار .. الله الله بمقاطعة القنوات و المواقع السافلة
أيتها اللؤلؤة المكنونة والدرة المصونة ..
لا تتركي حياءك و لا تبيعي شرفك و اعلمي أن الشرف كعود الكبريت لا يشتعل إلا مرة واحدة
أضيئي حياتك بالعفاف و الطهر و الستر
فما بعد التبرج و التغنج و التمايل و التحايل إلا ظلام الأسى و حرقة الندامة
المحيط و الصحبة :
لننظر إلى محيطنا و إلى من نصاحبهم و نخاللهم و نعايشهم
و لنعطي كل مفهوم تسميته دعونا من المصطلحات المريبة و التي لا تدل على محتوى قضيتنا
نسأل الشخص من تصاحب فيجيب :
الشلة .. الجماعة .. الأحباب .. الفرندز
و غيرها من المسميات العامة .. فدعونا لا نخادع أنفسنا و لنحدد صحبتنا أهي من أهل الغفلة
فتجعلنا من الغافلين أم من أهل الذكرى فتجعلنا من الذاكرين
فهل إذا جالسنا هؤلاء الأصحاب ذكرنا الله أم عصيناه ؟؟
حضرنا مجالس القرآن أم رتعنا بمجالس الشيطان ؟؟
فمن تعود على المعصية في بيئته و شغله و سيارته و مجالسه و حركاته و كلماته
كيف يريد قلبا سليما معافى من الغفلة و الضلال .. فحتما ستغرقه الأوحال و تكبله الأغلال
ليعرف كل منا نفسه أين يرعرعها و أي أمور يعلمها و بأي قوت يزودها و على أي طريق يقودها و يسيرها
الفتور عن ذكر الله :
تحدثنا عن النفس و جاء دور اللسان و كله موثوق بالقلب
فغفلة القلب تجر غفلة كل الحواس و منها اللسان و ما كان ذلك الا بسبب استحواذ الشيطان علينا
((
اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ الَّلهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) المجادلة -19-
أغرانا الشيطان فألهانا عن ذكر الرحمن و غفلنا عنه سبحانه و تغلفت غفلتنا بنعمه و إحسانه
فقد قال عز و جل : ((
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ الَّلهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ))
-المنافقون 9 -
أجل .. هو الرحمن الرحيم الرؤوف الودود.. ينعم علينا .. يرزقنا بالأموال و الأولاد
فعز علينا حتى حمده و شكره .. بل غفلنا عن ذكره و حجبنا قلوبنا و ألسنتنا عن ذكره
فيا حسرتاه على من رأى الموت حيا و لم ينطق لا إله إلا الله
ربطت لسانه غفلته .. و ما تنفعه اليوم عودته
قد صار الآن ممدودا على اللوح .. و جرد من ملابسه بلا روح
ما اغتنمنا دنيانا و عشنا الشقاء .. و نعتناه بالبلاء و هو الداء و الأمَرّ ..
أننا لم نسعى للدواء و رضينا بمرافقة الشيطان .. و اتحذناه أقرب الخِلَّان
((
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)) -الزخرف 36 -
فبقينا في الضنك حائرين .. و لمعانيه مغيبيه
إنه الضنك .. الضاء للضيق و النون للنكد و الكاف للكرب
منقول
Bookmarks