تَوْجِيهَاتٌ وَأَفْكَارٌ مُوَجَّهَةٌ


إِلَى المَرْأَةِ فِي رَمَضَانَ







عبد الحليم توميات








فالمرأة يذهب كثيرٌ من وقتها خلالَ هذا الشّهرِ المبارك في مطبخها، خاصّةً في السّاعات المباركة، مثل ساعات الغروب، وأوقات الاستجابة، وكذلك ساعات السّحر في وقت السّحور، ولكنْ حتّى لا تُعتَبَر هذه السّاعات الطّويلة ضَياعاً، فعليها أن تنتبه-كما علينا نحن أيضا أن ننبِّه زوجاتِنا وبناتِنا ونساءَنا- إلى مثل هذه الأمور حتّى
يُكتب لها وقتُها ولا يضيع عليها ومنها:






أ‌/ استحضار النيّة والإخلاص في إعداد الفُطُور والسَّحور واحتساب التّعب والإرهاق في إعدادها،



فعن أنس رضي الله عنه قال: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فمنّا الصّائم، ومنّا المُفطِر، قال: فنزلنا يوماً منزلنا حارّا، وأكثرنا ظِلاًّ صاحب الكساء، ومنّا من يتّقي الشّمس بيده، قال: فسقط الصُّوَّام، وقام المفطرون، فضربوا الأبنية، وسقَوْا الرّكْبَ،




فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (( ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأَجْرِ ))
[البخاري ومسلم].






إذن فيا أيّتها المسلمة !
إنّ عملك لا يضيع أبداً،
بل هل تصدِّقِين إنْ قلتُ لك:
إنّ هذا العمل حُرِمَ منه كثير من الرّجال ؟





لأنّ القائم على الصّائم له أجرٌ عظيمٌ، فما بالكِ وأنتِ صائمةٌ ؟! ثمّ أنتِ أيضاً تُعِدِّين هذا الطّعام وتقضِين كثيراً من وقتك في إعداده، فلا شكّ أنّك على خيرٍ، فالمهمّ هو استحضارُ هذه النيّة من طاعةٍ للزّوج ورعاية للأولاد، وغير ذلك،




قال تعالى: ( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)
[الكهف: من الآية30].







ب‌/ كثرة الذّكر والدّعاء: يمكنك-أيّتها الأخت !- استغلالَ هذه السّاعات فى الغنيمة الباردة، وهى كثرةُ الذِّكر والتّسبيح، والاستغفار، والدّعاء، وأنتِ تعملين.. فبدلاً من أن يضيع عليك وقتك في رمضان دون فائدة، فإنّك تجمعين بين الحُسْنَيَيْن: استحضار النيّة في خدمة الزّوج، وكثرة الذّكر والدّعاء



( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ) [الجمعة4]






ت‌/ الاستماع للقرآن والمحاضرات عبر جهاز التّسجيل الخاصّ بالمطبخ
[ وأقول الخاصّ بالمطبخ لأحثَّ الأزواج والإخوان على الحرص على توفير جهاز تسجيل خاصٍّ بالمطبخ]


لماذا ؟


لأنّ المرأة تقضي كثيراً من وقتها في المطبخ فلعلّها أن تستغلّ هذا الوقت فى الاستماع إلى شريط، وتارة بالتسبيح والتهليل والتحميد.






ث/ شراء ملابس وحاجيات العيد فى بداية رمضان:وفي ذلك مكاسب أهمّها:استغلال أيّام وليالي رمضان، وخاّصة العشر الأواخر، فما الذى يحدث ؟ يضيع وقت كثير من النساء وكذلك أولياء أمورهنّ في الذّهاب إلى شرّ البقاع ( الأسواق )! تاركين خير البقاع (المساجد) ! في خير الأيّام (العشر الأواخر) ! وهكذا تضيع الأوقات الثّمينة في أمورٍ يمكن قضاؤها والانتهاء منها قبل دخول الشّهر أو في أوّله حيث تكون الأسواق شِبْهَ فارغةٍ، والأسعارُ منخفضة، فلماذا ننتظر إلى وقت الزّحام وغلاء الأسعار ؟!





أمر أخر وهو: تفريغ الزّوج، وعدمُ إِشغاله في أعظم الأيّام، وهي العشر الأواخر.. لماذا تفتُنين ولدك، أو زوجك،أو غيرَه بمخالطة النّساء المتبرّجات في مثل هذه الأيّام الفاضلة ؟!





ج/ صلاة التراويح فى المساجد: صلاة التراويح من السّنن الجماعيّة، ومن الآثار النّبيلة الّتي تنالها المرأة بها روحانيّة متميّزة، فتجد صفوف المسلمين والمصلّين متراصَّةً، وتسمع التّسبيحَ، والبكاء، والتضرّع والدّعاء.




إلاّ أنّ هذا الخير قد تُحْرمُه بعضُ نسائِنا لا إهمالاً منهنّ، وإنّما انشغالاً بالأولاد، والجلوس معهم، وهي بهذا بين أمرين كلاهما ثقيل،




الأوّل: الذّهاب إلى المسجد وأخذ صغارها، وقد يُؤْذُون المصلّين، فتنشغِل بهم..




الثّاني: الجلوس فى البيت، وحرمان النّفس من المشاركة مع المسلمين، وربّما حاولت الصّلاة فى بيتها ولكنّها تشكو من ضعف النّفَس وقلّة الخشوع، وكثرة الأفكار والهواجس، فماذا تفعل إذن ؟





أسوق هذا الاقتراح: لم لا تتّفق مع بعض أخواتها على الاجتماع في أحد البيوت للصّلاة جماعة، مع اهتمام إحداهنّ بالصّغار،



أو تجلس إحداهنّ مع الصّغار، والأُخريات يذهبْن للصّلاة في المسجد، وهكذا إذا اتّفقت الأخوات على أن تقوم واحدةٌ منهنّ كلّ ليلةٍ بالاهتمام بالصّغار،



فإنّها على الأقلّ ستكسب كثيراً من الأيّام والّليالي من رمضان مع المسلمين، أمّا أن تخسرَهَا بهذه السّهولة فلا.





وأقول أيضا: على الأزواج والآباء الحرصُ على حثّ أزواجهم، وأخواتهم، وبناتِهم، على الذّهاب معهم إلى المساجد، فإلى متى ونحن نترك المرأة -أيّها الأخيار- وحدها في البيت، ونحرمُها من الدّروس والتّوجيه والرّوحانيّة في الصّلاة مع المسلمين، وسماع الخير الكثير..؟؟






ح/ مراعاة الآداب: إنّ في ذهابها خيراً كثيرا إذا خرجت بصفة شرعيّة غير متعطّرة ولا متجمّلة أو متبرّجة.


كذلك ينبغي لها ألاّ تخضعَ بالقول، وألاّ ترفع صوتها في المسجد فتؤذي المصلّين، وعليها أن تتجنّب الحديث في المسجد لغير حاجةٍ، خشية أن تقع ف المحرّم من غِيبةٍ أو نميمةٍ..





وخلاصة القول أنّه ينبغي أن يُعلَم أنّ صلاة المرأة في بيتها أفضل، وإنّما ندعو إلى خروجها للمسجد لتحصيل منافع لا يمكن تحصيلها في البيت، بشرط التحلِّي بالآداب الشّرعيّة، وإلاّ فبيوتهنّ خيرٌ لهنّ.





خ/حذار من الإسراف: نصيحتي هذه بتذكيرها بالمسؤوليّة أمام الله سبحانه وتعالى: فهي مسؤولةٌ عن الإسراف في بيتها..نعم، هي المسؤولة الأولى عن الإسراف في الطّعام، والشّراب، وتعدّد أنواع الطّعام.




وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيََّّتِهِ...
وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا
وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا )).





د/استغلال وقت الحيض والنّفاس في الذِّكر وأعمال البِرِّ.. فبعض النّساء إذا حاضت أو نفِست، تركت الأعمال الصّالحة، وأصابها الفُتور، ممّا يجعلُها تَحرِم نفسَها من فضائلَ كثيرة في هذا الشّهر !! فنقول لهذه الأخت: وإن تركتِ الصَّلاةَ والصِّيام، فإنّ هناك ولله الحمد عباداتٍ أُخرى مثل الدّعاء، والتّسبيح، والاستغفار، والصّدقة، والقيام على الصّائمين، وتفطيرهم، وغيرها من الأعمال الصّالحة الكثيرة..





ثمّ أبشِّرك أنّه يُكتَب لك من الأجر مثل ما كنت تعملين وأنت صحيحة قويّة.


كيف ذلك ؟


لحديث رسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:


(( إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ تَعَالَى مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحاً مُقِيماً )).




إذن فاستبشري ! واعلمي ضرورة استحضار النيّة الصّالحة، والحرص على كثير من الخيرات التي تطيقينها..






ثمّ عن قراءة القرآن للحائض والنّفساء:


ففيه خلاف مشهور بين العلماء، والصّواب أنّ قراءتها للقرآن من غير مصحف جائزة، بل مستحبّة، أمّا قراءتها من المصحف فجائز لِمَن خَشِيت نسيان القرآن.



( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ )..