صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 38

الموضوع: استفسار عن الحجر الأسود والطواف بالكعبة في الاسلام

  1. افتراضي استفسار عن الحجر الأسود والطواف بالكعبة في الاسلام

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخواني الاعزاء عندي شبهه ارجو الرد عليها
    ماهو الرد على من يقول بان الطواف وتقبيل الحجر الاسود عبادة للاصنام فان قلت انه تقرب لله فسيقول بان المشركين كانو ايضا يتقربوا للاصنام والحجاره تقربا لله
    فارجوا الرد على هذه الشبهه بالتفصيل جزاكم الله عنا خير الجزاء ولا تبخلوا علينا بالرد الشافي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
    بداية ...تقبل الله طاعاتكم ...
    ماهو الرد على من يقول بان الطواف وتقبيل الحجر الاسود عبادة للاصنام
    اولا لا مجال للمقارنة بين عبادة الاصنام والتوجه لها بالدعاء والعبادة وبين التوجه نحو الكعبة بانها قبلة والطواف حولها طاعة لله . لان عبادة الاصنام هي التوجه بالصلاة والعبادة لها والذبح عندها والتوسل اليها بالشفاء والعلاج ودفع الضرر .
    ثانيا : الطواف حول الكعبة انما هو طاعة لله تعالى . كما الصلاة وحركاتها عبادة .لان الله عز وجل يعبد كما يأمرنا عز وجل.
    ثالثا : عندنا من زعم ان الدعاء يوجه للكعبة او للحجر الاسود بنفع او ضرر انه اشرك بالله . وعندنا الكعبة بناء من الحجارة لا تملك ضرا ولا نفعا . وانما امرها كامر مخلوقات الله التي ان عملت بها الطاعة انتفعت وان دعوتها لتشفيك او تدفع عنك ضرر ليس مما يسأل او يدفع الضرر انك ظلمت نفسك .
    رابعا : كل من وجه دعاء او عبادة للكعبة او للحجر الاسود فهو عندنا مشرك .
    خامسا : التقرب الى الله تعالى لا يتم الا بما شرع لا بما يفعل الناس ويشتهوا فلا ينفع الزيادة عما امر بتمامه بقدر معين ولا يقبل بنقص ايضا.لان العبادة تشرع تشريعا بعكس المعاملة التي تمنع تشريعا فلاصل بالعبادة التشريع والاصل في المعاملة الاباحة .
    سادسا : انما يعبد الاصنام من يقدس المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع كما يقدس الصليب ويعتبرونه جلبا للنفع او ذرء للضرر . وكما يقوم الناس اليوم بعبادة القوانين الوضعية والاشخاص الاعتبارين . فالقانون الذي يخالف شرع الله انما هو صنم عكف عليه اصحابه . وكذا العمل تقديس الاشخاص من حكام او مسؤولين أكثر مما رفعهم الله انما هو زور وبهتان وتعظيمهم اكبر من قدر البشر انما هو شرك .
    ارجوا ان اكون وضحت الفرق بصورة ما
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  3. افتراضي

    أرجو تغيير عنوان الموضوع إلى (الاستفسار عن شبهة تقبيل الحجر الاسود والطواف بالكعبة) لأن العنوان خطأ بلا شك لأنه يقول شبهة الأصنام في الإسلام والإسلام ليس فيه أصنام بتاتًا وإنما مقصود السائل شبهة تقبيل الحجر الأسود والطواف بالكعبة.

    أرجو تغيير العنوان لو سمحتم.

    وجزاكم الله خيرا.

  4. افتراضي

    هل يعني الطواف حول الكعبة عبادتها

    لاحظ ما يقول المسلم في طوافه حولها ( لبيك اللهم لبيك .... لبيك لا شريك لك لبيك .... لا شريك لك ).

    ورغم كثرة أصنام العرب (((( حول ))) الكعبة لم يُعهد أنهم عبدوها لذاتها أو تقربوا منها لذاتها لتشفع لهم.

    ولو كان عند الكعبة أي تقديس عند المسلمين لما قال رسول الله :salla2: أن الكعبة لو هدمت حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم مسلم.

    فلو كانت مقدسة لذاتها لضحى المسلمون كلهم بحياتهم حماية لحجارتها.

    لذا فإن رسول الله :salla1: أخبر بأنه قبل الساعة ستهدم الكعبة على يد رجل يدعى ذو السويقتين

    أما تقبيل الحجر الأسود يعد عبادة فهذا لا يؤمن به أحد من العقلاء

    فالجندي الشيوعي يقبل علم بلاده فهل نقول انه يعبده

    والنصارى يقبلون يد بابا الفاتيكان فهل يعبدونه ؟

    أليس البابا قد قبل أرجل بعض النصارى ؟؟؟ ألا تذكرون تلك الصورة ؟

    التقبيل ليس عبادة وإلا لعبد كل شخص آلاف الأشخاص !!!!!

    خاصة في العيد


    مع محبتي
    أسئلة في الإعجاز البياني للدكتور فاضل السامرائي
    http://www.islamiyyat.com/lamasat-index.htm

    شبهات حول القرآن الكريم ونقدها

    http://55a.net/firas/arabic/index.ph...ect_page=rodod

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ..

    " تقديس " الكعبة يجب تحديد معناه، فإن قُصد به عبادتها فهو باطل قطعًا، كما تفضل الإخوة الكرام وبينوا، وأما إن قُصد به تعظيم حرمتها وإثبات شرفها فذلك حق لا مرية فيه.

    وفضل الكعبة لا يُنكر. قال تعالى : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ . فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } آل عمران 96 - 97. وفى صحيح السنة : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ". وأيضـًا : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في سواه إلا المسجد الحرام، فصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة ". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة، فأنزل الله { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام } فوجه نحو الكعبة وكان يحب ذلك.

    وأما رواية ( لأن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون عند الله من أن يراق دم مسلم ) فلم أقف على صحتها. ولو صحت فليس فيها التهوين المطلق من شأن الكعبة، بل فيها ضد ذلك؛ لأن مفادها تعظيم حرمة دم المسلم، فلو كانت حرمة دم المسلم أعظم من شىء هين لا أهمية له، لكان فى ذلك تهوين من حرمة دم المسلم، والرواية تريد ضد ذلك. ولذلك صح عن ابن عمر رضى الله عنه أنه نظر يوما إلى الكعبة فقال : ( ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك ).

    وأما هدم الكعبة فى آخر الزمان، فالنبى عليه الصلاة والسلام يرويه على أنه من المصائب، وليس للتهوين من شأن الكعبة. ففى الحديث : ( كأني أنظر إليه أسود أفحج ينقضها حجرا حجرا - يعني الكعبة )، ولذلك نصح صلى الله عليه وسلم أمته باتقاء شر الحبشة، وعلل النصيحة بصدور الشر من بعضهم آخر الزمان، وهو تخريب الكعبة واستخراج كنزها، فقال صلى الله عليه وسلم : ( اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة ). وفى الحديث المتفق عليه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم ). قالت : قلت يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم. قال : ( يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم ).

    والتقديس لغة : التطهير والتبريك. وقال تعالى : { أن طهرا بيتى } وقال { للذى ببكة مباركـًا }.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    egypt
    المشاركات
    2,149
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستفسر عن شببهه
    المشركين كانو ايضا يتقربوا للاصنام والحجاره تقربا لله
    أخى " مستفسر عن شبهه " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

    ممكن تقول لى يا أخى الكريم الدليل من القرآن الكريم او السنة الصحيحة على ان " المشركين " كانوا يعبدون الاصنام " تقرباً لله " ؟؟

    شكراً لك

  7. افتراضي

    اول احب اشكر الاخوان الذين قاموا بالرد كفوا ووفوا الله يعطيهم العافيه
    ونرحب باي اضافه فنامل ان يكون فيه خير
    بالنسبه للاخ الذي طلب دليل فهو قوله تعالي (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)
    وجزاكم الله خير

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    egypt
    المشاركات
    2,149
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أخى الكريم " مستفسر عن شبهة " :

    شكراً لك على ردك . . والآية الكريمة (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }الزمر3 ) لايمكن ان نستنبط منها ان هؤلاء كانوا يعبدون الآلهة لكى يتقربوا الى الله ويعتبر استنباط سطحي لا يقول به الا من لم يتعمق في فهم آيات القرآن الكريم ,, انهم ما كانوا يقرون بوجود الله تعالى اصلاً فكيف يتقربون إليه ؟؟؟!! وإنما قالوا ذلك عند محاججة النبي :salla2: ومجادلته إياهم وإفحامه لهم بالادلة التي تثبت وجود الله تعالى وتبطل إلهية ما يعبدون من دون الله سبحانه .

    عندما كان النبى عليه الصلاة والسلام يثبت لهم وجود الله تعالى ويأمرهم ان يتركوا عبادة الاصنام التى لاتنفع ولاتضر وقد امره الله تعالى بذلك عندما قال له ( وجادلهم بالتى هى احسن ) . . فكان النبى عليه الصلاة والسلام يجادلهم ويثبت لهم وجود الله فكانوا يتحرجون منه ويتهربون ويتحججون بقولهم ( ما نعبدهم ) أي هذه الاوثان ( إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) .

    ولو تلاحظ ان هذا كذب صريح منهم لانهم ما كانوا يعتقدون بوجود الله خالق كل شىء . . بدليل ان الله امر هؤلاء بالتفكر فى خلق السموات والارض والانعام والجبال الخ حتى يعرفوا ان لهم إله واحد ويؤمنوا به :

    ( أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت ، والى السماء كيف رفعت ، والى الجبال كيف نصبت ، وإلى الارض كيف سطحت ، فذكر إنما أنت مذكر ، لست عليهم بمصيطر ) الغاشية 22 ،

    قال سبحانه ( يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ) التوبة : 8

    كما ان المعروف ان هؤلاء كانوا يعبدون الاصنام ويحجون لها ويتقربون إليها ( واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ) يس : 74 ( أفرأيتم اللات والعزى ، ومنوة الثالثة الاخرى ) النجم : 19 - 20 .

    بل احدهم سأل قائلا : من يحيى العظام وهى رميم ؟؟؟ . . فرد عليه الله تعالى : قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) يس : 79 . فهل هذا يعلم ان الله موجود ويتقرب اليه ؟

    (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا : وما الرحمن ؟ أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا ) الفرقان : 60 .

    فهل هؤلاء يقولون بوجود الله الرحمن الرحيم ويتقربون إليه ؟!!

    والله تعالى أعلم .

    مع أطيب التحيات

  9. افتراضي

    قال تعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) [لقمان : 25]
    فهم يقولون بوجود الله ، ولكن المشكلة أنهم عبدوا مع الله غيره ، لذلك سماهم الله (مشركين) كما كانت عبادتهم للأوثان مقدمة على عبادتهم لله ، حتى قال الله فيهم : (وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (136) ) [الأنعام]
    ولكن العرب كانوا على ملل عدة منهم الدهريون الذين قال عنهم القرآن : (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ) [الجاثية : 24]
    فعبادتهم لله ثابتة لا شك ، ولكنهم أشركوا به ، والشرك ينافى التوحيد ، لذلك خاطبهم القرآن بـ (الكافرين).
    كما يعدوا كافرين لأنهم وإن كانوا آمنوا بالله فإنهم لم يؤمنوا باليوم الآخر ، وهذا من قبيل الكفر ، لأنه تكذيب لله وللرسول ، ولا شك أن تكذيبهما كفر بالإجماع.
    ==========
    عذراً إن كان الحوار قد خرج عن موضوعه.
    ( فاعلم أنه لا إله إلا الله )
    أنصار | أذكار | الموقع | نجاح | متقين | السنة | جامع | معرفة | اعرف | معلومة

  10. افتراضي

    يقول الله عز وجل في كتابه الكريم )إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً ‏لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96) ‏وهذا يعني أن الكعبة المشرفة‎ ‎عاصرت مطلع التاريخ الإنساني
    يقول المفسرون ومنهم البيضاوي: إن المراد أن البيت الحرام (الكعبة) أول بيت‎ ‎وضعه ‏للناس، وكان الهدف أن يعبد الله فيه، وأنه كان موجودًا قبل هبوط آدم- عليه‏‎ ‎السلام- إلى ‏الأرض، فلما هبط أمره بأن يحج إليه ويطوف حوله حتى لا تتوقف الصلة بين‎ ‎الخالق ‏والمخلوق.‏

    لقد عظم العرب الكعبة المشرفة منذ بنائها وكان لها عندهم مكانة‎ ‎ومنزلة خاصة وما كان وضعهم حشود الأصنام والأوثان حولها‎ ‎إلا اختيارًا لأعظم بقعة لديهم، حتى ‏ينصبوا فيها الوسائط التي يتقربون بها إلى الله‎ ‎زلفى فجعلوا منها أكبر‎ ‎مُجمَّع لأصنامهم حتى غدا المسجد ‏الحرام أكبر معبد للوثنية في جزيرة العرب، فحَوْل‎ ‎الكعبة ثلاثمائة وستون نصبًا، وبعدد أيام ‏السنة القمرية؛ ولذلك ارتباط بعبادة‎ ‎النجوم التي جسمت الأوثان لتكون بديلاً أرضيًّا عنها، ‏ونقل العرب ذلك عن أصحاب‎ ‎هياكل الأصنام في الشام والعراق وأدخلوه على ملة إبراهيم ‏فشوهوها به.‏

    وأوصل المشركون وثنيتهم إلى الكعبة من داخلها،‎ ‎ولم يكفهم ما نصبوه حولها، فوضعوا فيها ‏ضمن ما وضعوا صورة إبراهيم وإسماعيل- عليهما‏‎ ‎السلام- وفي أيديهما الأزلام وهي قداح ‏يضربونها لمعرفة هل يفعلون الشيء أم‎ ‎يتركونه؟!.‏

    ولعل هذه الصورة جاءت تأثرًا بالأيقونات التي‎ ‎صنعها النصارى لعيسى ابن مريم وأمه- ‏عليهما السلام- وعبدوها، خاصة أن النصرانية‏‎ ‎كانت تحيط بالجزيرة العربية من أطرافها؛ ‏فالروم والغساسنة في الشمال الغربي،‎ ‎والمناذرة حلفاء الفرس وكانوا نصارى في الشمال ‏الشرقي ونصارى اليمن في الجنوب، وفي‎ ‎الغرب على ضفاف بحر القلزم الغربية (البحر ‏الأحمر) نصارى الحبشة أصحاب التجارات‎ ‎البحرية الواسعة، وكل هؤلاء لم يكن يخفى ‏حالهم على أهل مكة؛ بل كانت للمكيين تجارات‎ ‎معهم.‏

    وقد مكث النبي- صلى الله عليه وسلم- فترة الدعوة‏‎ ‎في مكة اثنا عشر عامًا وبضعة أشهر ‏يطوف بالبيت، ويصلي عنده، دون أن يحطم شيئًا مما‎ ‎أحاط به من أصنام، أو يزيل ما ‏بداخله من صور، ودخل- صلى الله عليه وسلم- مكة ومعه‎ ‎أصحابه في عمرة القضاء سنة ‏‏7هـ وطاف بالبيت والطواغيت قابعة حوله فلم يمسها للعهد‎ ‎الذي بينه وبين قريش (صلح ‏الحديبية).‏

    وكان ذلك كله طبيعيا؛ إذ لا بد من هدم الوثنية في‎ ‎النفوس قبل إزالة مظاهرها المادية من ‏الوجود ولو بدأ بإزالة هذه المظاهر لخالف سنة‎ ‎التدرج، ولكان أكثر مدعاة لتمسك الوثنيين ‏بوثنيتهم، وعنادهم أمام الدعوة‎ ‎الجديدة.‏

    ولم يسبق تكبيل البيت بالأصنام طويلا؛ فالرسالة‎ ‎التي جاءت تحريرًا للإنسان من قيود ‏الشرك تستهدف أيضًا تحرير المكان من هذه‎ ‎الوثنية، وأي مكان أولى بذلك من محضن ‏التوحيد الأعظم البيت الحرام؟!‏

    وكان الموعد في رمضان من العام الثامن للهجرة أي‎ ‎بعد عشرين عامًا من بدء البعثة ‏النبوية، وهو عام الفتح الأعظم؛ حيث عاد مَن‎ ‎طُرِدُوا من بيوتهم، وأُخرِجُوا من أموالهم ‏بالأمس إلى رحاب مكة وكلهم عزة وقوة‎ ‎بالله وبدينهم، وأُزِيلَت الأصنام من المكان الطاهر.‏

    وصف عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- ذلك فقال:‏‎ "‎دخل النبي- صلى الله عليه وسلم- ‏مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب، وجعل يطعنها‎ ‎بعود في يده، ويقول: "جَاءَ الحقُّ ‏وزَهَقَ البَاطِلُ إنَّ البَاطِلَ كانَ زهوقًا"،‎ ".. ‎جاءَ الحقُّ وما يُبدِئُ الباطلُ وما يُعيدُ" رواه ‏البخاري.‏

    وكانت الأصنام مشدودة بالرصاص فما أشار- صلى الله‏‎ ‎عليه وسلم- إلى صنم منها في ‏وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار إلى قفاه إلا وقع لوجهه؛‎ ‎حتى ما بقي منها صنم إلا وقع (سيرة ‏ابن هشام 4/44).‏

    وأما الصور التي في داخل الكعبة؛ فقد أدركها ما‎ ‎أدرك سابقاتها من الهلاك، يقول ابن ‏عباس- رضي الله عنهما-: "إن رسول الله- صلى الله‏‎ ‎عليه وسلم- لما قَدِمَ أبي أن يدخل ‏البيت وفيه الآلهة؛ فأمَرَ بها فأُخرِجَت؛‎ ‎فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما ‏الأزلام فقال رسول الله- صلى الله عليه‏‎ ‎وسلم-: "قاتلهم الله! أما والله قد علموا أنهما لم ‏يستقسما بها قط؛ فدخل البيت‎ ‎فكبَّر في نواحيه" رواه البخاري.‏

    وذكر ابن إسحاق أن رسول الله- صلى الله عليه‏‎ ‎وسلم- لما دخل الكعبة وجد فيها حمامة من ‏عيدان؛ فكسرها بيده، ثم طرحها.‏

    إنها ثورة أبت أن تتصالح مع أي مظهر من مظاهر‎ ‎الوثنية؛ فطردتها من القلوب، وطاردت ‏كل أشكالها في عادات الناس، وأفنت رموزها‎ ‎ومعابدها التي وصلت إليها.‏

    والحمــد للــه علـــى نعمــــة الإســـــلام

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ..

    الزعم بأن الآية الثالثة من سورة الزمر ( لا يمكن ان نستنبط منها ان هؤلاء كانوا يعبدون الآلهة لكى يتقربوا الى الله ) زعم باطل نبين بطلانه فيما بعد إن شاء الله.

    أما الزعم بأن هذا الاستنباط ( يعتبر استنباط سطحي لا يقول به الا من لم يتعمق في فهم آيات القرآن الكريم ) فهو زعم فيه سوء أدب واتهام لعلماء المسلمين وأئمتهم على مر العصور، لأن جميعهم رضى الله عنهم وأرضاهم استدلوا بظاهر هذه الآية على أن أكثر طوائف العرب وقت البعثة أقرت بالخالق، وأنهم إنما صوروا الأصنام لترمز للشفعاء الذين يشفعون لهم عند الله فى جلب نفع أو دفع ضر، فالزعم بأن ما استنبطه علماء المسلمين وأئمتهم على مر العصور هو ( استنباط سطحى لا يقول به الا من لم يتعمق في فهم آيات القرآن الكريم ) زعم ناقص الأدب مع ورثة محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه اتهام ظاهر لهم بأنهم لم يتعمقوا فى فهم القرآن. وإذا كان علماء المسلمين وأئمتهم سطحيين لا يتعمقون فى فهم القرآن، فغيرهم من أمة المصطفى أولى بالسطحية وعدم التعمق، فالزعم يحمل فى طياته دعوى سطحية أمة محمد صلى الله عليه وسلم على مر الأزمان المتعاقبة .. سطحية فهمها لكتاب ربها ! .. فأين صحابة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ وأين التابعون ؟ وأين المسلمون وعلماؤهم طوال أربعة عشر قرنـًا ؟ .. هل كانوا كلهم يتلون كتاب ربهم دون فهم أو تعمق ؟! .. تالله إنها لإحدى الكبر !

    ألا فليتق مسلم ربه، وليمسك لسانه عن ورثة محمد صلى الله عليه وسلم، وليلجم نفسه عن مثل هذه الاتهامات.

    ========================================


    والحق مع أئمة المسلمين وعلمائهم، فالآية صريحة فى اعتقاد عباد الأصنام بوجود الخالق، وقد دل على ذلك غيرما آية من كتاب الله عز وجل.

    قال تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } العنكبوت 61

    وقال : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } العنكبوت 63

    وقال : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } لقمان 25

    وقال : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } الزمر 38

    وقال : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } الزخرف 9

    وقال : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } الزخرف 87

    وقال : { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } يونس 31

    ولذلك كانوا إذا لبوا قالوا : ( لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك ).

    فالاستدلال بقوله تعالى { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } على عدم إنكارهم للخالق هو عين التعمق فى كتاب الله وتدبره. كما قال جل شأنه : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } يونس 18

    ========================================


    فأما الزعم بأنهم كانوا إذا أُفحموا زعموا ذلك كذبًا، فلا يصح لغياب دليل ذلك الزعم، ولأن القرآن يستخدم إقرارهم بتوحيد الخالق ليحتج عليهم بتوحيد الإله، كما سنبين إن شاء الله.

    ========================================


    وأما اتهام الله لهم بالكذب، فى مثل { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ } وأشباه ذلك، فليس لأنهم ادعوا خالقًا وهم لا يؤمنون بذلك، ولكن لأنهم زعموا أن قصدهم التقرب لله، فهذا كذبهم، لأنهم ما قصدوا التقرب لله فى الحقيقة، وإنما قلدوا ملة الأسلاف بغير علم، كما قال تعالى { إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان }.

    ========================================


    وأما الاستدلال على إنكارهم للخالق بقوله تعالى { أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ . وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ . وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ . وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } فلا يصح، لأن التفكر فى مخلوقات الله لا يثبت وجود الخالق فقط، بل يثبت قدرته وعلمه وحكمته وعظمته أيضًا، وثبوت هذه الصفات تثبت استحقاقه وحده للألوهية من ناحية، كما تثبت قدرته على البعث والحساب. ولم يكن المطلوب من الكافرين مجرد الإيمان بوجود الخالق، وإنما طولبوا بإخلاص العبادة له ، والعمل ليوم الحساب. ولذلك قال الزمخشرى : ( والمعنى أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الشاهدة على قدرة الخالق حتى لا ينكروا اقتداره على البعث ). وقال ابن عطية : ( ثم أقام تعالى الحجة على منكري قدرته على بعث الأجساد بأن وقفهم على موضع العبرة في مخلوقاته ). وقال أبو السعود : ( استئناف مسوق لتقرير ما فُصّل من حديث الغاشية، وما هو مبني عليه من البعث الذي هم فيه مختلفون، بالاستشهاد عليه بما لا يستطيعون إنكاره .... أي أينكرون ما ذكر من البعث وأحكامه ويستبعدون وقوعه من قدرة الله عز وجل فلا ينظرون إلى الإبل التي هي نصب أعينهم .... والمعنى أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار إلى كيفية خلق هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور ليرجعوا عما هم عليه من الإنكار والنفور ويسمعوا إنذارك ويستعدوا للقائه بالإيمان والطاعة ).

    ========================================


    وأما قوله تعالى { يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ } فهى مدنية أصلاً، وسياقها مختلف عما نحن بصدده، إذ يتحدث عن قتال المشركين. قال تعالى فى سورة التوبة : { كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (9)}.

    ========================================


    وأما الاستدلال بتعبير { من دون الله } على إنكارهم للخالق، فلا يصح؛ لأن التعبير مستخدم مع كل من أشرك بالله حتى مع عباد المسيح الذين لا ينكرون الخالق. فلو جاز هذا الاستدلال لجاز لعباد الصليب الاحتجاج على القرآن بحجة أنهم لا يعبدون المسيح { من دون الله } وإنما يعبدونه مع الله، ومعلوم بطلان ذلك. وإنما جاز مع جميع طوائف المشركين التعبير { من دون الله } لأن كل من أشرك بالله تركه الله وما أشرك به، فكأنه لم يعبد الله أصلاً. ونظير هذا قوله تعالى { لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ }، فليس لأحد موالاة الكافرين بحجة أنه يواليهم (مع) المؤمنين وليس ( من دون ) المؤمنين، وإنما التعبير { من دون المؤمنين } ينبه على أن من تولى الكافرين لم يكن مواليًا للمؤمنين حقًا، لأن من والى أحدًا لا يصح أن يوالى عدوه الذى يريد به الشر.

    ========================================


    وأما قوله تعالى { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى . وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى } فليس حجة على إنكارهم للخالق، بل هو حجة على اعترافهم به؛ لأن الأصنام الثلاثة المذكورة كان المشركون يدعون أنها بنات الله، وتمام الآيات من سورة النجم : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) }. قال ابن عطية : ( ووقف الله تعالى الكفار على هذه الأوثان وعلى قولهم فيها؛ لأنهم كانوا يقولون هي بنات الله، فكأنه قال : أرأيتم هذه الأوثان وقولكم هي بنات الله ألكم الذكر وله الأنثى ؟ أي النوع المستحسن المحبوب هو لكم وموجود فيكم، والمذموم المستثقل عندكم هو له بزعمكم ؟ ). وقال ابن كثير : ولهذا قال تعالى : { أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى } ثم قال تعالى : { ألكم الذكر وله الأنثى } أي أتجعلون له ولدا وتجعلون ولده أنثى، وتختارون لأنفسكم الذكور ؟ فلو اقتسمتم أنتم ومخلوق مثلكم هذه القسمة لكانت { قسمة ضيزى } أي جورا باطلة، فكيف تقاسمون ربكم هذه القسمة التي لو كانت بين مخلوقين كانت جورا وسفها ؟).

    ========================================


    وأما قول الكفار { من يحيى العظام وهى رميم } فليس فيه إنكارهم للخالق، بل نفس آيات السياق تؤكد اعترافهم به. وتمام الآيات آخر سورة يس : { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}.

    فالسائل منكر للبعث لا للخالق، فاحتج الله بما يقر به السائل من أن الله هو الخالق، على ما ينكره من البعث، وضمن سبحانه الحجة فى حكاية السؤال أولاً، وهى من طريقة القرآن العجيبة فى الرد على الشبه أثناء حكايتها وقبل روايتها : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا .. وَنَسِيَ خَلْقَهُ .. قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ }. ولذلك قال بعدها : { قل يحييها الذى أنشأها أول مرة } وهو ما يقر به السائل، وإلا لكان الله يحتج عليه بما لا يقر به، وهذا ممتنع.

    قال السعدى : ( وهذه الآيات الكريمات فيها ذكر شبهة منكري البعث والجواب عنها بأتم جواب وأحسنه وأوضحه. فقال تعالى : { أو لم ير الإنسان } المنكر للبعث أو الشاك فيه أمرًا يفيده اليقين التام بوقوعه، وهو { أنا خلقناه } ابتداء { من نطفة } ثم تنقله في الأطوار شيئا فشيئا حتى كبر وشب وتم عقله واستتب { فإذا هو خصيم مبين } بعد أن كان ابتداء خلقه من نطفة، فلينظر التفاوت بين هاتين الحالتين، وليعلم أن الذي أنشأه من العدم قادر على أن يعيده بعدما تفرق وتمزق من باب أولى. { وضرب لنا مثلا } لا ينبغي لأحد أن يضربه، وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق، وأن الأمر المستبعد على قدرة المخلوق مستبعد على قدرة الخالق، فسر هذا المثل بقوله { قال } ذلك الإنسان { من يحيي العظام وهي رميم } أي هل أحد يحييها ؟ استفهام إنكار، أي لا أحد يحييها بعدما بليت وتلاشت. هذا وجه الشبهة والمثل، وهو أن هذا أمر في غاية البعد على ما يعهد من قدرة البشر، وهذا القول الذي صدر من هذا الإنسان غفلة منه ونسيان لابتداء خلقه، فلو فطن لخلقه بعد أن لم يكن شيئا مذكورا فوجد عيانا، لم يضرب هذا المثل، فأجاب تعالى عن هذا الاستبعاد بجواب شاف كاف فقال { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة } وهذا بمجرد تصوره يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه أن الذي أنشأها أول مرة قادر على الإعادة ثاني مرة، وهو أهون على القدرة إذا تصوره المتصور { وهو بكل خلق عليم } هذا أيضا دليل ثان من صفات الله تعالى، وهو أن علمه تعالى محيط بجميع مخلوقاته في جميع أحوالها في جميع الأوقات، ويعلم ما تنقص الأرض من أجساد الأموات وما يبقى ويعلم الغيب والشهادة، فإذا أقر العبد بهذا العلم العظيم علم أنه أعظم وأجل من إحياء الله الموتى من قبورهم. ثم ذكر دليلا ثالثا فقال { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون } فإذا أخرج النار اليابسة من الشجر الأخضر الذي هو غاية الرطوبة مع تضادهما وشدة تخالفهما، فإخراجه الموتى من قبورهم مثل ذلك. ثم ذكر دليلا رابعًا فقال { أو ليس الذي خلق السماوات والأرض } على سعتهما وعظمهما { بقادر على أن يخلق مثلهم } أي أن يعيدهم بأعيانهم { بلى } قادر على ذلك، فإن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس { وهو الخلاق العليم } وهذا دليل خامس، فإنه تعالى الخلاق الذي جمع المخلوقات متقدمها ومتأخرها وصغيرها وكبيرها، كلها أثر من آثار خلقه وقدرته، وأنه لا يستعصي عليها مخلوق أراد خلقه، فإعادته للأموات فرد من أفراد آثار خلقه، ولهذا قال { إنما أمره إذا أراد شيئا } نكرة في سياق الشرط فتعم كل شيء { أن يقول له كن فيكون } أي في الحال من غير تمانع { فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء } وهذا دليل سادس، فإنه تعالى هو الملك المالك لكل شيء، الذي جميع ما سكن في العالم العلوي والسفلي ملك له، وعبيد مسخرون ومدبرون، يتصرف فيهم بأقداره الحكيمة وأحكامه الشرعية وأحكامه الجزائية، فإعادته إياهم بعد موتهم لينفذ فيهم حكم الجزاء من تمام ملكه، ولهذا قال { وإليه ترجعون } من غير امتراء ولا شك؛ لتواتر البراهين القاطعة والأدلة الساطعة على ذلك. فتبارك الذي جعل في كلامه الهدي والشفاء والنور ).

    ========================================


    وأما قوله تعالى فى سورة الفرقان : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) } فلم ينكروا الخالق، وإنما أنكروا الاسم تعنتًا ومغالطة. قال ابن عطية : ( ولما ذكر في هذه الآية {الرحمن} كانت قريش لا تعرف هذا في أسماء الله، وكان مسيلمة كذاب اليمامة تسمى بالرحمن، فغالطت قريش بذلك، وقالت : إن محمدًا يأمر بعبادة الرحمن اليمامة، فنزل قوله تعالى { وإذا قيل لهم } الآية). وقال ابن كثير : ( ثم قال تعالى منكرا على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الأصنام والأنداد { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن } أي لا نعرف الرحمن، وكان ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمن، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب : ( اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ). فقالوا : لا نعرف الرحمن ولا الرحيم، ولكن اكتب كما كنت تكتب : باسمك اللهم . ولهذا أنزل الله تعالى { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى } أي هو الله وهو الرحمن ).

    ========================================



    يتبع إن شاء الله ..

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ومما يؤكد ما قرره علماؤنا عليهم رحمة الله ما اشتهر عن بعض طوائف العرب من عبادة الملائكة، فلم ينكروا الخالق، وإنما عبدوا الملائكة على أنهم بنات الله بزعمهم.

    قال تعالى : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا } النساء 117 . فأخرج الطبرى عن الضحاك : قال المشركون : الملائكة بنات الله، وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. قال : فاتخذوهن أربابا، وصوروهن جواري، فحكموا وقلدوا، وقالوا : هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده. يعنون الملائكة . وقال ابن كثير : ( وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى { أفرأيتم اللات والعزى } الآيات، وقال تعالى { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا } الآية، وقال { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا } الآيتين.

    وقال تعالى فى سورة الزخرف : { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) }. فتشبيههم الملائكة بالإناث، ونسبتهم إلى الله على أنهم بناته، كل ذلك يستلزم اعترافهم بالخالق الذى ينسبون الملائكة إليه.

    قال ابن كثير : ( { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } أي : إن ما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام، اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم، فعبدوا تلك الصور، تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة؛ ليشفعوا لهم عند الله تعالى في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمور الدنيا. فأما المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به. قال قتادة والسدي ومالك عن زيد بن أسلم وابن زيد : { إلا ليقربونا إلى الله زلفى } أي ليشفعوا لنا ويقربونا عنده منزلة. ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم : لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون في قديم الدهر وحديثه، وجاءتهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بردها، والنهي عنها، والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له، وأن هذا شيء اخترعه المشركون من عند أنفسهم، لم يأذن الله فيه، ولا رضي به، بل أبغضه ونهى عنه : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت }، { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }. وأخبر أن الملائكة التي في السماوات ـ من الملائكة المقربين وغيرهم ـ كلهم عبيد خاضعون لله، لا يشفعون عنده إلا بإذنه لمن ارتضى، وليسوا عنده كالأمراء عند ملوكهم يشفعون عندهم بغير إذنهم فيما أحبه الملوك وأبوه { فلا تضربوا لله الأمثال } تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقوله عز وجل ( إن الله يحكم بينهم ) أي يوم القيامة ( فيما هم فيه يختلفون ) أي سيفصل بين الخلائق يوم معادهم ويجزي كل عامل بعمله : { ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون } وقوله عز وجل { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } أي لا يرشد إلى الهداية من قصده الكذب والافتراء على الله تعالى وقلبه كافر بآياته وحججه وبراهينه ).

    ========================================


    ولا إنكار على أن بعض العرب أنكر الخالق، لكن الإنكار على أنهم كانوا أكثر العرب، وعلى أن كل هاتيك الآيات كانت موجهة لهم. بل إن آية { وما يهلكنا إلا الدهر } نازع بعض العلماء فى دلالاتها على من ينكرون الخالق. قال أبو جعفر النحاس فى ( إعراب القرآن ) : ( وتكلم جماعة في معنى الآية، فقال بعضهم : هؤلاء قوم لم يكونوا يعرفون الله جل وعز، ولو عرفوه لعلموا أنه يهلكهم ويميتهم. وقال قوم : يجوز أن يكونوا يعرفون الله جل وعز وعندهم أن هذه الآفات التي تلحقهم إنما هي بعلل ودوران فلك، يقولون هذا بغير حجة ولا علم. وقال قوم : هؤلاء جماعة من العرب يعرفون الله جل وعز، يدل على قولهم { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } وفيهم من يؤمن بالبعث قال زهير : ( يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل فينقم ) غير أنهم كانوا جهلة لا يعلمون أن الآفات مقدرة من الله عز وجل. وهذا أصح ما روي في الآية، وأشبه بنسقها، وقد قامت به الحجة بالظاهر ).

    ========================================


    ومما ينبغى معرفته فى هذا المقام، أن أكثر المشركين بالله يعتقدون صلة بين معبوداتهم وبين الله، فعباد المسيح اعتقدوا بأنه ابن الله، وعباد الملائكة اعتقدوا أنهم بنات الله، وعباد الكواكب اعتقدوا أنها أجزاء من الله أو من نوره، وعباد الصالحين اعتقدوا أن لهم تأثيرًا على الله ... وهكذا.

    ثم إنهم اعتقدوا فى الشفاعة الشركية بسبب هذه الصلة التى اخترعوها بين معبوداتهم وبين الله. قال ابن عطية : ( وكأن هذه الطوائف كلها كانت ترى نفوسها أقل من أن تتصل هي بالله فكانت ترى أن تتصل بمخلوقاته ).

    ثم إن أشخاص المعبودات لا تكون حاضرة فى الغالب، فاحتاج عابدوها إلى صنم يجسدها أو وثن يمثلها أو نصب يرمز إليها، فمن هنا كانت أيقونات المسيح وتماثيله، وكانت الأصنام والأوثان التى ترمز للملائكة والكواكب والصالحين، ومن هنا كانت النصب التى على قبور الصالحين. وما ذاك إلا لشدة تعلق المشركين بالأجسام الحاضرة، كما قالت يهود { اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة }، ولم يعلموا أنه شرط فى الإله الحق، أن يكون محتجبًا عن الخلق.

    ========================================


    يتبع إن شاء الله ..

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أما أهم ما ينبغى معرفته فى هذا المقام، وهو ما نريده منذ البداية، فهو التعرف على طريقة القرآن فى الاحتجاج على المشركين، فى إثبات أحقية رب العالمين وحده بالعبادة. وذلك أنهم يقرون بأن الله هو خالقهم وخالق السموات والأرض، فالقرآن يستخدم ما يقرون به ويعترفون لإثبات تفرد الله بالعبادة، لأن مَن له أفعال الربوبية هو وحده المتفرد بالألوهية المستحق للإفراد بالعبادة. ومَن فهم هذه الطريقة القرآنية فتح له كنز من كنوز القرآن، يغترف من لآلئه كيف يشاء.

    وأفعال ربوبية الله تتنوع بين الخلق والرزق والإحياء والإماتة والملك عمومًا وغير ذلك، لكن سنركز هنا على فعل الخلق، لتقريب الأمر، ولتعلقه بموضوعنا.

    أسوق إلى القارئ مثالاً توضيحيًا ..

    قال تعالى فى سورة الأحقاف : { قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (4)}.

    أعجزهم القرآن بالطلب، وحجهم بالسؤال { أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السموات }، ومعلوم أن المشركين يقرون بأن معبوداتهم الباطلة لم تخلق السموات والأرض ولا باقى المخلوقات، وكذلك لم يكن لها { شرك } فى بعض الخلق. والعقل يوجب أن من تفرد بالخلق تفرد بالعبادة دون غيره. فهذه حجة القرآن العقلية عليهم ..

    ولم يبق لهم إلا النقل ، فقال : { ائتونى بكتاب من قبل هذا } لأحد الأنبياء السابقين، لأن {هذا} الكتاب (القرآن) لا احتجاج لهم به وهو ينهاهم عن عبادة غير الله، فليأتوا إذن بكتاب من قبله، ومعلوم أنهم لن يجدوا فى أى كتاب من كتب الأنبياء دعوة لعبادة غير الله، لأن أشهر أمر أثر عن جميع الأنبياء هو دعوتهم إلى نبذ المعبودات من دون الله ..

    لكن بقى أن يكون الأمر بعبادة غير الله ورد فى كلام الأنبياء فى غير الكتب الإلهية وورثه عنهم العلماء، فقال لهم { أو أثارة من علم }، ومعلوم أن أحدًا من العالمين لا يمكنه سرد سند متصل إلى أحد الأنبياء يأمر فيه بعبادة غير الله. فانقطع طريق النقل على المشركين. فحجهم القرآن بالعقل والنقل.

    ثم قال { إن كنتم صادقين } لأنهم كاذبين فى دعواهم التقرب إلى الله، وإنما يتبعون أهواءهم وأهواء آبائهم.

    ثم قال بعدها { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) }. فحُق للقرآن وصفهم بالضلال بعدما بين انعدام حجتهم من العقل والنقل. وسبحان من أنزل هذا الكتاب.

    ومثل ذلك قوله تعالى فى فاطر : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) }.

    ========================================


    ثم أسوق إلى القارئ تقرير القاعدة من كلام أحد أئمة المسلمين .. قال الشنقيطى :

    قوله تعالى { خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } النحل 3 ، بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه هو خالق السموات والأرض، وأن مَن يخلق هذه المخلوقات العظيمة يتنزه ويتعاظم أن يُعبد معه ما لا يخلق شيئًا ولا يملك لنفسه شيئًا . فالآية تدل على أن مَن يبرز الخلائق من العدم إلى الوجود لا يصح أن يُعبد معه مَن لا يقدر على شيء، ولهذا أتبع قولَه { خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ } بقوله { تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }.

    وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ } البقرة 21، فدل على أن المعبود هو الخالق دون غيره.

    وقوله { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } النحل 17

    وقوله { أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } الرعد 16

    وقوله { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا . الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا . وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا } الفرقان 1 - 3

    وقوله جل وعلا { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } لقمان 11

    وقوله { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ } فاطر 40

    وقوله { قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } الأحقاف 4

    وقوله جل وعلا { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } الأعراف 191

    وقوله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ } الحج 73

    وقوله { أ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ . أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } الطور 35 - 36

    وقوله { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ . أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء } النحل 20 - 21

    .. إلى غير ذلك من الآيات.

    فهذه الآيات تبين أن الذي يستحق أن يُعبد هو من يخلق الخلق ويبرزهم من العدم إلى الوجود، أما غيره فهو مخلوق مربوب محتاج إلى مَن يخلقه ويدبر شئونه . ا.هـ. كلامه رحمه الله.

    ========================================


    وإلى القارئ أسوق مثالاً آخر يفسره ابن كثير رحمه الله، والآيات ناضحة بإقرار المشركين بالخلق والملك ..

    قال تعالى فى سورة (المؤمنون) : { قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}.

    قال ابن كثير رحمه الله :

    يقرر تعالى وحدانيته واستقلاله بالخلق والتصرف والملك؛ ليرشد إلى أنه الله الذي لا إله إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، ولهذا قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين، العابدين معه غيره، المعترفين له بالربوبية، وأنه لا شريك له فيها، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهية، فعبدوا غيره معه، مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئا، ولا يملكون شيئا، ولا يستبدون بشيء، بل اعتقدوا أنهم يقربونهم إليه زلفى { مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } فقال : { قل لمن الأرض ومن فيها } أي مَن مالكها الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات وسائر صنوف المخلوقات { إن كنتم تعلمون سيقولون لله } أي فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك { قل أفلا تذكرون } أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرازق لا لغيره ..

    { قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم } أي مَن هو خالق العالم العلوي بما فيه من الكواكب النيرات والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات، ومَن هو رب العرش العظيم يعني الذي هو سقف المخلوقات .... { سيقولون لله قل أفلا تتقون } أي إذا كنتم تعترفون بأنه رب السماوات ورب العرش العظيم، أفلا تخافون عقابه وتحذرون عذابه في عبادتكم معه غيره وإشراككم به ....

    { قل من بيده ملكوت كل شيء } أي بيده الملك { مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها } أي متصرف فيها .... فهو سبحانه الخالق المالك المتصرف { وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون } كانت العرب إذا كان السيد فيهم فأجار أحدا لا يخفر في جواره، وليس لمن دونه أن يجير عليه؛ لئلا يفتات عليه، ولهذا قال الله { وهو يجير ولا يجار عليه } أي وهو السيد العظيم الذي لا أعظم منه، الذي له الخلق والأمر، ولا معقب لحكمه، الذي لا يمانع ولا يخالف، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن .... { سيقولون لله } أي سيعترفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه هو الله تعالى وحده لا شريك له { قل فأنى تسحرون } أي فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك.

    ثم قال تعالى { بل أتيناهم بالحق } وهو الإعلام بأنه لا إله إلا الله، وأقمنا الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك { وإنهم لكاذبون } أي في عبادتهم مع الله غيره ولا دليل لهم على ذلك . ا.هـ.

    والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.

  14. افتراضي

    هل يجب عليَّ دائما القيام بدور الشرطي الذي يفصل بين الأطراف... لا مانع لدي أن أقوم بهذا الدور مقابل مائة دولار عن كل ساعة.... وقتي أثمن حتى من المائة دولار.. ولذلك أعتذر عن الدور وعن القيام به.. عفوا لا تعيدوا طرح الموضوع فأنا أرفضه.... قلت أرفضه.. فدعونا نبدأ المشاركة أفضل لي ولكم.



    موضوع الأخ الحبيب (متعلم) الذي كتبه في بحثه الجميل حول تفسير الآيات جدير بأن يخرجه أخونا من هذا الرابط ويزيده تحريرا وإضافة... ويعيد فيه ما شاء .. ثم يضعه لنا مفردا في رابط خاص به لنستفيد منه دائما وأبدا عند الحاجة... بدلا من دفنه في زاوية جانبية في هذا الرابط... أرجو أن يحقق أخي (متعلم) هذا الحلم لنا.. أو أن تقوم الإدارة بنقل الموضوع إلى رابط آخر يخصه بعنوان يلائمه وتضع لنا هنا رابط الموضوع للاستفادة منه هنا بدلا من التشويش على الموضوع الأصلي هنا من جهة... ودفن موضوع مفيد كالذي كتبه (متعلم) في مشاركاته الأخيرة هذه من جهة أخرى.... أكرر الرجاء بتلبية هذا النداء.

    أعود بكم الآن إلى أرض منتدى التوحيد حيث يسأل السائل في هذا الرابط فيقول في أول مشاركة في الرابط:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخواني الاعزاء عندي شبهه ارجو الرد عليها
    ماهو الرد على من يقول بان الطواف وتقبيل الحجر الاسود عبادة للاصنام فان قلت انه تقرب لله فسيقول بان المشركين كانو ايضا يتقربوا للاصنام والحجاره تقربا لله
    فارجوا الرد على هذه الشبهه بالتفصيل جزاكم الله عنا خير الجزاء ولا تبخلوا علينا بالرد الشافي
    حيثيات السؤال تحديدا:
    مقدمة ونتيجة.
    المقدمة قوله: (ما هو الرد على من يقول بأن الطواف وتقبيل الحجر الأسود عبادة للاصنام) فهنا أثبت القائل أن في الإسلام أصنام هي الكعبة والحجر الأسود وبنى على هذه المقدمة نتيجة وهي أن طواف المسلمين بالكعبة وتقبيلهم للحجر الأسود يعتبر عبادة للأصنام في نظره.
    ثم رد على من سيقول له: (إنه تقرب لله) بقوله: (بأن المشركين كانوا أيضا يتقربوا للأصنام والحجارة تقربا لله).

    فهل في الإسلام أصنام؟ وهل الكعبة والحجر الأسود صنمان؟

    الجواب ليس في الإسلام ما يمكن تسميته بالأصنام ... لعدم انطباق تعريف الصنم وشروطه على الكعبة أو الحجر الأسود أو على أي شيء في الإسلام... كيف؟

    يقول الإمام اللغوي ابن منظور في كتابه (لسان العرب) تحت مادة (صنم):
    ( صنم ) الصَّنَمُ معروفٌ واحدُ الأَصْنامِ يقال: إنه معرَّب شَمَنْ وهو الوَثَن قال ابن سيده وهو يُنْحَتُ من خَشَبٍ ويُصَاغُ من فضة ونُحاسٍ والجمع أَصنام وقد تكرر في الحديث ذكرُ الصَّنَمِ والأَصنام وهو ما اتُّخِذَ إلهاً من دون الله وقيل هو ما كان له جسمٌ أَو صورة فإن لم يكن له جسم أَو صورة فهو وَثَن وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي الصَّنَمةُ والنَّصَمةُ الصُّورةُ التي تُعْبَد وفي التنزيل العزيز: (واجْنُبْني وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصنام) قال ابن عرفة ما اتخذوه من آلهةٍ فكان غيرَ صُورةٍ فهو وَثَنٌ فإذا كان له صورة فهو صَنَمٌ وقيل الفرق بين الوَثَن والصنمِ أَن الوَثَنَ ما كان له جُثَّة من خشب أَو حجر أَو فضة يُنْحَت ويُعْبَد والصنم الصورة بلا جثة ومن العرب من جعل الوَثَنَ المنصوبَ صنماً وروي عن الحسن أَنه قال لم يكن حيٌّ من أَحْياءِ العرب إلا ولها صنمٌ يعبدونها يسمونها أُنثى بني فلان ، ومنه قول الله عز وجل: (إنْ يَدْعون مِنْ دونِه إلاَّ إناثاً) والإناث كل شيء ليس فيه روح مثل الخَشبة والحجارة)) ا.هـ [والانثى هنا غير الانثى المقابلة للذكر في أجناس الإنسان وغيره].

    فمن شروط الصنم أو الوثن كما نرى هنا: أن يُعْبَدَ من دون الله.

    فهل عَبَدَ المسلمون الكعبة والحجر الأسود من دون الله؟ الجواب: لا.
    والدليل على ذلك: أنهم ما طافوا حول الكعبة ولا قبلوا الحجر الأسود إلا بأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتشريع ذلك لهم.. فلو لم يشرع لهم الإسلام ذلك لما فعلوه.

    فالدافع هنا في عبادة المسلمين هو إرضاء الله عز وجل واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به الله وما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فهم يفعلون هذه الأشياء تقربا إلى الله عز وجل.

    فإن قيل: فإن المشركين تقربوا إلى الله بعبادتهم أصنامهم؟ فالجواب: أن المسلمين لم يعبدوا الكعبة ولا الحجر الأسود وإنما شرع الإسلام لهم الطواف فطافوا والتقبيل فقبلوا وفقط... بخلاف المشركين فهم الذين شرعوا لأنفسهم التقرب إلى الله بعبادة أصنامهم.
    هذا فرق.
    والفرق الآخر والجوهري: أن المسلمين لم يتخذوا الكعبة ولا الحجر الأسود أصناما لأنهم لم يعبدوهم... ولم يعتقدوا فيهم الضر والنفع... بخلاف المشركين فقد عبدوا أصنامهم... وجعلوهم شركاء مع الله عز وجل... فلم ينفع المشركين حينئذ اعترافهم لله بالخلق.. لأنهم لم يعترفوا له بالأمر.... وقد قال سبحانه وتعالى: (ألا له الخلق والأمر) فآمن المسلمون بالخلق والأمر... بينما اعترف المشركون بالخلق وأشركوا في الأمر آلهة أخرى.

    فالكعبة ليست إلها والحجر الأسود ليس إلها.... بخلاف أصنام المشركين فكانت آلهة.

    وكونهم اعترفوا لله بالخلق لم ينفعهم كما ذكرتُ لإشراكهم معه آلهة أخرى اتخذوها وسائط بينهم وبين الله عز وجل... بخلاف المسلمين فلم يتخذوا الكعبة والحجر الأسود وسطاء.... وإنما تقربوا إلى الله بفعل ما أمره الله عند هذه الأشياء لا أكثر.

    وهذا فرقٌ جوهري ومهم بين المسلمين والمشركين... وهو يعني خطأ السؤال المذكور أساسا لأنه مبني على قاعدة لا تصح أساسا كما نرى.

    وهذا هو تعريف الشرك من (لسان العرب) للإمام ابن منظور أيضا:
    ( شرك ) الشِّرْكَةُ والشَّرِكة سواء مخالطة الشريكين يقال اشترَكنا بمعنى تَشارَكنا وقد اشترك الرجلان وتَشارَكا وشارَك أَحدُهما الآخر ..... وأَشْرَك بالله جعل له شَريكاً في ملكه تعالى الله عن ذلك والإسم الشِّرْكُ قال الله تعالى حكاية عن عبده لقمان أنه قال لإبنه: (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بالله إن الشِّرْكَ لَظُلم عظيم) والشِّرْكُ أَن يجعل لله شريكاً في رُبوبيته تعالى الله عن الشُّرَكاء والأنداد وإِنما دخلت التاء في قوله (لا تشرك بالله) لأن معناه لا تَعْدِلْ به غيره فتجعله شريكاً له وكذلك قوله تعالى (وأَن تُشْرِكوا بالله ما لم يُنَزِّل به سُلْطاناً) لأن معناه عَدَلُوا به ومن عَدَلَ به شيئاً من خَلقه فهو كافرّ مُشرِك لأن الله وحده لا شريكَ له ولا نِدَّ له ولا نَديدَ وقال أَبو العباس في قوله تعالى (والذين هم مُشْرِكون) معناه الذين هم صاروا مشركين بطاعتهم للشيطان وليس المعنى أنهم آمنوا بالله وأَشركوا بالشيطان ولكن عبدوا الله وعبدوا معه الشيطان فصاروا بذلك مُشْركين ليس أَنهم أَشركوا بالشيطان وآمنوا بالله وحده رواه عنه أَبو عُمر الزاهد قال وعَرَضَه على المُبرِّد فقال مُتْلَئِبٌّ صحيح الجوهري الشِّرْك الكفر وقد أَشرك فلان بالله فهو مُشْرِك ومُشْرِكيٌّ مثل دَوٍّ ودَوِّيٍّ وسَكٍّ وسَكِّيّ وقَعْسَرٍ قَعْسَريّ بمعنى واحد قال الراجز ومُشْرِكِيٍّ كافرٍ بالفُرْقِ أَي بالفُرقان وفي الحديث (الشّرْك أَخْفَى في أُمتي من دبيب النمل) قال ابن الأثير يريد به الرياء في العمل فكأنه أشرك في عمله غير الله ومنه قوله تعالى (ولا يُشْرِكْ بعبادة ربه أَحداً) وفي الحديث (من حلف بغير الله فقد أَشْرَك) حيث جعل ما لا يُحْلَفُ به محلوفاً به كاسم الله الذي به يكون القَسَم وفي الحديث (الطِّيَرةُ شِرْكٌ ولكنّ الله يذهبه بالتوكل) جعل التَطَيُّرَ شِرْكاً به في اعتقاد جلب النفع ودفع الضرر وليس الكفرَ بالله لأنه لو كان كفراً لما ذهب بالتوكل وفي حديث تَلْبية الجاهلية (لبيك لا شريك لك إلاَّ شريك هُوَ لك تملكه وما مَلكَ) يَعْنون بالشريك الصنم يريدون أَن الصنم وما يملكه ويختص به من الآلات التي تكون عنده وحوله والنذور التي كانوا يتقرّبون بها إليه كلها ملك لله عز وجل فذلك معنى قوله (تملكه وما ملك) قال محمد بن المكرم: اللهم إنا نسألك صحة التوحيد والإخلاص في الإيمان أنظر إلى هؤلاء لم ينفعهم طوافهم ولا تلبيتهم ولا قولهم عن الصنم هُوَلَكَ ولا قولهم تملك وما مع تسميتهم الصنم شريكاً بل حَبِطَ عَمَلهُم بهذه التسمية ولم يصح لهم التوحيد مع الإستثناء ولا نفعتهم معذرتهم بقولهم (إلا ليقرّبونا إلى الله زُلْفى) ا.هـ

    فهذا فارق آخر مهم بين المسلمين والمشركين وهو أن المسلمين يعترفون لله عز وجل بالخلق (الربوبية) والأمر (الألوهية) بخلاف المشركين الذين اعترفوا بالخلق ثم أشركوا مع الله آلهة أخرى وهو معنى قولهم في تلبيتهم الجاهلية (إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك) يعني أنهم يشركون مع الله بعض خلقه فيما يزعمون ويظنون.. وهذا مناط شركهم وكفرهم.

    ولست بحاجة لسرد أدلة أكثر فقد سبقت أدلة ذلك بوضوح في مشاركات الأفاضل التي سبقت مشاركتي هذه.... فجزى الله الجميع خيرا.
    التعديل الأخير تم 11-09-2005 الساعة 02:07 AM
    الفرصة لا تأْتي إلا مرةً واحدة.. فاغْتَنِم فرصتك.. وابحثْ عن الحقيقة!

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لا مانع عندى من تنفيذ اقتراح أخينا (الفرصة الأخيرة) الخاص بنقل مشاركاتى ـ عدا الأولى الخاصة بالكعبة ـ إلى رابط آخر بعنوان ملائم، بدلا من التشويش على الموضوع الأصلي، على أن تنقل معها مشاركة أخينا الكريم ATmaCA .

    وأناشد الإدارة عدم الإلحاح على أخينا (الفرصة الأخيرة) للقيام بالدور المشار إليه. ولأنى لست من مقاطعى المنتجات الأمريكية فيما يخص السندات المالية، وإنقاذًا للموقف سأضحى وأقبل القيام بالدور المطلوب لا مقابل مائة دولار عن الساعة بل مقابل نصفها فقط ( أو حتى عشرها ) توفيرًا على الإدارة.

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الحجر الأسود والخرافات
    بواسطة اّدم في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-19-2014, 01:32 AM
  2. شبهات وردود .....حول تعظيم الحجر الأسود
    بواسطة ومضة في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-10-2013, 03:56 PM
  3. الحجر الأسود هل هو حجر عادي أم نازل من السماء ؟؟؟؟
    بواسطة ATmaCA في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 03-10-2013, 08:23 PM
  4. حوار حول الحجر الأسود
    بواسطة الألوهي اللاديني في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 01-07-2006, 05:38 PM
  5. تقبيل الحجر الأسود
    بواسطة عماد في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-23-2005, 11:23 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء