:: ليس كما يتوهّمون :: (1) الاطلاع على الغيب عند علماء أهل السنة و الجماعة .. !؟!
بسم الله و الحمد لله
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان ..
نبتديء إخوتي هذه السلسلة من
تصحيح المفاهيم
التي أُطلقت إطلاقاً خاطئاً ..
ناقص التحقيق !
و هي في مسائل حساسة انبنى عليها
اتهام أئمة و أولياء مجاهدين بالكفريات و المخالفات العقدية !؟!
بحيث حرمت جمهور المسلمين اليوم و من خلفهم بالتالي من منافع كبرى بل مصيرية في الاقتراب من أولئك العظماء و محاضنهم الإيمانية و تجديدهم للدين !؟!
و أذكّر هنا من لا يريد ان يتذكّر و أنبّه جميع الإخوة إلى أن الانشغال بالمعارك الجانبية جريمة إلا أن تكون هذه المعارك هي أصلا مع من يثيرها كما هو الحال في " فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " مع أنهم ما خرجوا إلا لإيقاف القتال .. فإذا بهم يقاتلون ! مع كبير فارق في أننا نطرح هذه المسائل و نحن نرجو و ندعو هؤلاء إلى تقوى الله في أمّتهم و دينهم .. و ندعو لهم !؟!
كما و أنبّه إلى أن طرح هذه المسائل عندي و في سياقي قد يختلف قليلا أو كثيرا عن سياق من أقتبس منهم أو أنقل عنهم ؟ و هو هذا السياق :
إذا رأيتموني أطرح مسألة ما مثل التراويح أو الطلاق الثلاث أو الربيبة فسياقي فيها ليس ذاك السياق المسفّه للرأي الفقهي الذي قد يأخذ به المخالف .. و إنّما الخلفية الفكرية التي يكوّنها برأيه ذاك في تقديم المسألة أولا على الشكل الظاهري المعروف المعاصر في تجهيل أهل التحقيق و رميهم بترك النصوص !؟! و ثانيا في تكوين جماعة منفصلة عن جماعة المسلمين العامة بزعم السلفية و السلف من فهمهم برآء ؟ برآاء ليس في أن فيهم من لا يعتقد ببعض ما يعتقدون به .. بل في أنهم لم يتّخذوا مواقف حدّيّة تبديعية تفريقية من الآخرين كما هو الحال مثلا في الربيبة و غيرها مما سيرد ...
و هذا البحث منقول عن الكاتب : صقر الإسلام
ـــــــــــــــــ
إطلاع الأنبياء على بعض الغيب وإطلاع الأولياء على بعض المغيبات بإذن الله تعالى
( الغيب المقيد والفراسة والإلهام)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسلَ رسولَه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
والصلاة والسلام على سيدنا محمَّدٍ الذي نصر دينه بالجلاد والجدال، وتكفَّلَ لأمَّته أن لا يزالوا على الحق ظاهرين حتى يقاتل آخرَهم الدجال، وعلى آله الطيبين، وأصحابه الذين وصفهم بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم، وألحق التابعين بإحسان في رضاه بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد ...
إطلاع الأنبياء على بعض الغيب وكذلك الأولياء
الغيب المطلق لا يعلمه الا الله وما يعطيه لعباده هو ما يسمى بالفراسة
والإلهام وهو ما صنفه العلماء تحت غيب الشهادة وغيب الارادة
والمعنى واضح فمن يتصف بالقدرة المطلقة هو رب العباد ويعطي الله ما يشاء لمن يشاء وقتما يشاء والإحاطة بالغيوب كلها لا يكون إلا لله وإعطاءه بعض العلم لعباده من الغيب المقيد
كمخيطٍ وضعته فى المحيط ثم أخرجته فماذا أخذ من المحيط؟!
هذا من باب إيضاح المعنى بالمثال وإلا فعلم الله لا يحد كما يُحد البحر مهما عظم واتسع .
يقول ربنا عز وجل: (قل لو كان البحرُ مداداً لكماتِ ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلماتُ ربي ولو جئنا بمثله مدداً)
فالغيب المطلق الذاتي هو لله تعالى سبحانه..
وهو يتكرم على من شاء من عباده بما شاء
ولا يعلم الغيب أحد إلا الله، ومفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو وهو سبحانه وتعالى أطلع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومن شاء من رسله تعالى صلوات الله تعالى عليهم جميعاً أطلعهم على ما شاء من الغيب ثم إن ما يتكرم الله تعالى به على أوليائه من إطلاعهم على بعض الغيوب إنما هو من بحر عطائه لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم الذي أطلع أمته على بعض مما أعطاه الله من هذه الغيوب كما ورد أنه خرج صلى الله عليه وآله وسلم ومعه كتاب بيمينه فيه أسماء أهل الجنة وكتاب بيساره فيه أسماء أهل النار، فذلك الكتاب الصغير حوى أسماء أهل الجنة وأسماء أهل النار فقد يتكرم الله تعالى على بعض أوليائه بشيء من جنس ما أكرم به حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم..
فالإحاطة بالعلم كلها لله، وهو سبحانه الذي يأذن لبعض من خلقه بالإحاطة ببعضٍ من هذا العلم
لا يعلم الغيوب علماً تاماً مستقلا إلا هو - سبحانه -
فأما ما أطلع عليه بعض أصفيائه من الغيوب فهو إخبار منه لهم اي فهو المنفرد بعلم المغيبات على الإطلاق كليها وجزئيها دون غيره.
قال الله تعالى ( يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)
أولاً:
الادلة من صريح الكتاب على العلم اللدني (الغيب المقيد)
1- قال تعالى (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) سورة مريم 19
من المعلوم أن أم سيدنا عيسى عليه السلام لم تكن نبي ولا رسول وإنما كانت صديقة
وقد أطعلها الله على بعض المغيبات بأذنه سبحانه عن طريق سيدنا جبريل عليه السلام وهو ما يسمى بالكشف.
2- (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) القصص 7
ومن المعلوم أن أم سيدنا موسي عليه السلام لم تكن من الانبياء أو الرسل!!!
وقد اخبرها الله بأمر غيبي سبحانه تعالى قال إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
3- قَالَ : تَعَالَى { وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا } الكهف
ففي هذه الآية علم الله الخضر اي علمه سبحانه اشياء من
<علم الغيب > الذى استاثر به كما ذكر في جميع التفاسير
قال الطبري
وقوله فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ) يقول: وهبنا له رحمة من عندنا( وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) يقول: وعلمناه من عندنا أيضا علما.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) : أي من عندنا علما.
وقال البغوي
في تفسير قوله سبحانه في حق سيدنا الخضر رضي الله عنه : {وعلمناه من لدنا علما}(1)[19]) أي: علم الباطن إلهاما ولم يكن الخضر نبيا عند أكثر أهل العلم
معالم النزيل في التفسير (3/584)
جاء في شرح الحكم العطائية
أي من علمك اللدني الذي اختزنته عندك لخاصة أوليائك كما قلت في كتابك العزيز في حق الخضر عليه السلام : { وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا } ( 65 ) الكهف
(1\ 149)
وجاء في تفسير الخازن
ذلك قوله سبحانه وتعالى { فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة } أي نعمة { من عندنا وعلمناه من لدنا علماً } أي علم الباطن إلهاماً ولم يكن الخضر نبياً عند أكثر أهل العلم .
وقال الشوكاني في فتح القدير
{ وعلمناه من لدنا علما } وهو ما علمه الله سبحانه من علم الغيب الذى استأثر به
وكذلك ورد في القران الكريم وبالهامش زبده التفسير من فتح القدير
وهو مختصر من تفسير الامام الشوكانى المسمى فتح القدير الجامع بين فنى الدرايه والروايه من علم التفسير , الدكتور محمد سليمان الاشقر .الصفحه : 390 الطبعه : دار الفيحاء ( دمشق ) / دار السلام ( الرياض )
يقول : هو الخضر , وعلى ذلك دلت الاحاديث الصحيحه ....
ثم يقول فى تفسير قوله تعالى ( وعلمناه من لدنا علما )
يقول : علمه سبحانه اشياء من < علم الغيب > الذى استاثر به .
ثم يقول فى تفسير قوله تعالى ( قال له موسى هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا )
يقول : ....... ((( وكان علم الخضر علم بعض < الغيب > ))
وقال الالوسي
وكذا في قوله سبحانه : { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا } أي علماً لا يكتنه كنهه ولا يقادر قدره وهو علم الغيوب وأسرار العلوم الخفية ، وذكر { لَّدُنَّا } قيل لأن العلم من أخص صفاته تعالى الذاتية وقد قالوا : إن القدرة لا تتعلق بشيء ما لم تتعلق الإرادة وهي لا تتعلق ما لم يتعلق العلم فالشيء يعلم أولا فيراد فتتعلق به القدرة فيوجد .
وذك أنه يفهم من فحوى { مّن لَّدُنَّا } أو من تقديمه على { عِلْمًا } اختصاص ذلك بالله تعالى كأنه قيل علماً يختص بنا ولا يعلم إلا بتوقيفنا ، وفي اختيار { علمناه } على آتيناه من الإشارة إلى تعظيم أمر هذا العلم ما فيه ، وهذا التعليم يحتمل أن يكون بواسطة الوحي المسموع بلسان الملك وهو القسم الأول من أقسام الوحي الظاهري كما وقع لنبنا صلى الله عليه وسلم في أخباره عن الغيب الذي أوحاه الله تعالى إليه في القرآن الكريم ، وأن يكون بواسطة الوحي الحاصل بإشارة الملك من غير بيان بالكلام وهو القسم الثاني من ذلك ويسمى بالنفث كما في حديث إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله تعالى واجملوا في الطلب والإلهام على ما يشير إليه بعض عبارات القوم من هذا النوع ، ويثبتون له ملكاً يسمونه ملك الإلهام ، ويكون للأنباء عليهم السلام ولغيرهم بالإجماع ، ولهم في الوقوف على المغيبات طرق تتشعب من تزكية الباطن .
وقال ايضاً
{ وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا } [ الكهف : 65 ] وهو العلم الخاص الذي لا يعلم إلا من جهته تعالى ، وقال ذو النون : العلم اللدني هو الذي يحكم على الخلق بمواقع التفويق والخذلان .
وقال الجنيد قدس سره : هو الاطلاع على الأسرار من غير ظن فيه ولا خلاف واقع لكنه مكاشفات الأنوار عن مكنون المغيبات ويحصل للعبد إذا حفظ جوارحه عن جميع المخالفات وأفني حركاته عن كل الإرادات وكان سبحاً بين يدي الحق بلا تمني ولا مراد ، وقيل : هو علم يعرف به الحق سبحانه أولياءه ما فيه صلاح عباده . وقال بعضهم : هو علم غيبي يتعلق بعالم الأفعال وأخص منه الوقوف على بعض سر القدر قبل وقوع واقعته وأخص من ذلك علم الأسماء والنعوت الخاصة وأخص منه علم الذات .
وجاء في البحر المديد
وقوله تعالى : {وعلّمناه من لدُنَّا علمًا} ، العلم اللدني : هو الذي يفيض على القلب من غير اكتساب ولا تعلم
قال الشيخ الشعراوي في تفسيره للآية
لقائل:{ فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً }[الكهف: 65].
أي أن العلم الذي أعطاه الله لذلك العبد لم يَعْلَمْه موسى، وعطاء الله للعلم خاضع لمشيئته
وقال رحمه الله
ثم يقول بعدها: { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً.. } [الكهف: 65] أي: من عندنا لا بواسطة الرسل: لذلك يسمونه العلم اللدني، كأنه لا حرجَ على الله تعالى أن يختار عبداً من عباده، ويُنعِم عليه بعلم خاص من وراء النبوة.
إذن: علينا أنْ نُفرِّق بين علم وفيوضات تأتي عن طريق الرسول وتوجيهاته، وعلم وفيوضات تأتي من الله تعالى مباشرة لمن اختاره من عباده؛ لأن الرسول يأتي بأحكام ظاهرية تتعلق بالتكاليف: افعل كذا ولا تفعل كذا، لكن هناك أحكام أخرى غير ظاهرية لها عِلَل باطنة فوق العِلل الظاهرية، وهذه هي التي اختصَّ الله بها هذا العبد الصالح (الخضر) كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم.
جاء في تفسير الوسيط
وعلم لدنى يهبه الله - سبحانه - لمن يشاء من عباده فقد قال - تعالى - فى شأن الخضر { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } أى : علما خاصا أطلعه الله عليه يشمل بعض الأمور الغيبية
وجاء في تفسير أبي السعود
ء { وعلمناه من لدنا علما } خاصا لا يكتنه كنهه ولا يقادر قدره وهو علام الغيوب
...
Bookmarks