الأخ الكريم ...
جزاك الله خيرا ًعلى
التعقيب المفيد ...
وبالفعل أ ُحب دوما ًالاستشهاد في كلامي
بالقرآن والسنة وكلام العلماء ..
ولكن لما كانت هذه
فضفضة صادقة ارتجالية في معظمها : فقد تركت ذلك
لظرفه أثناء الكتابة .. فربما وافق ذلك عندي
متسعا ً.. وربما كتبته على
عجل ..
وعلى العموم : كلامك في محله جزاك الله خيرا ً..
وأسأل الله - تبارك وتعالى - أن يجعلك من الأئمة المهدين والعلماء الراسخين ويهديك إلى صراطه المستقيم، وأسأله تعالى أن يمن علي بالعلم النافع والعمل الصالح إنه ولي ذلك والقادر عليه.
آميـــن ..
-----------
16...
بعض الإخوة هداهم الله : يحترف
اصطياد أخطاء الآخرين وتهويلها !!..
لا يهمه في ذلك أن كان المُخطيء
عالماً أو
شيخا ًأو
طالب علم أو
عامي !!..
ونجده للخطأ الواحد (
وخصوصا ًفي العقيدة التي يفرق فيها الحرف الواحد
أو الضمير) :
يُسارع
لتعميم الحُكم على المخطيء بأنه
أشعري -
معتزلي -
إباضي -
خارجي إلخ
فهو يفرح في ذلك
لذكائه أنه استطاع من
وسط كلام المخطيء : أن
يصطاد هذا
الخطأ لأنه سيُبرزه هو في صورة العالم المُطلع ...!
والوقوف على الخطأ والتنبيه عليه والتحذير منه : هو
محمود بل وربما يصل
للوجوب
في كثير حالاته !!..
ولكن
المذموم هنا هو : حمل الأوصاف على المُخطيء
بما ليس فيه !!!..
فربما كان هذا المُخطيء من أهل السنة والجماعة :
جاهلا ًبهذه النقطة بعينها دون غيرها :
فيُعذر بجهله !!..
وربما كان هذا المخطيء من أهل السنة والجماعة :
عاميا ًأو
طالب علم ٍمبتديء :
فيُعذر بجهله أيضا ً!!!..
بل ربما هو
لا يعرف أصلا ًما هو فكر
الأشاعرة ولا
المعتزلة ولا
المرجئة و
الإباضية إلخ !
وربما كان هذا المُخطيء من أهل السنة والجماعة : قد أخطأ خطأ ً
غير مقصود ٍبل : ربما جاء
هذا الخطأ في وسط كلام ٍطويل ٍ
يدل على صحة اعتقاده :
فبأي وجه ٍ
يُرمى الكلام الطويل :
ثم
يُتمسَك بما يُناقضه مما وقع فيه قائله أو كاتبه
بغير قصد ؟!!!..
ولهذا تجد
غرائب الأحكام على الناس من مثل هذا الأخ الذي
نذم !!..
بل قد تجد مثله وقد عمد إلى
أئمة ٍراسخين في العلم والدين والعقائد : يُريد أن
يتهمهم
بما تطفح كتبهم بعكسه : لخطأ ٍرآه : سواء وقع منهم هذا الخطأ
عن غير قصد ٍبالفعل :
أم
تخيله صاحبنا !!..
والسؤال الآن ..
لو أن هذا الأخ المذموم : له صاحب
طالب علم : أو له شيخ
حُجة في العلم ..
وهو يعرفهما
منذ زمان .. ويعرف أنهما
على درب أهل السنة والجماعة والسلف وأهل
الحديث والأثر ..
ثم صدر عن أي ٍمنهما
خطأ : إما عن
غير قصد .. وإما عن
جهل ٍبمسألةٍ ما تحدث فيها
أحدهما باجتهاده
فأخطأ : أو وافق كلامه فيها كلام
إحدى الفرق الباطلة :
فهل سيُسارع هذا الأخ إلى إطلاق الأوصاف عليهما مُعمما ً:
بالاعتزال أو
الجهمية أو
الأشعرية أو
المرجئة أو
الإباضية أو
الخوارج إلخ ؟!!..
أم أن
معرفته السابقة بحالهما ومنهجهما الحق وفرقتهما الحق :
سيمنعه من هاتيك اتهامات
وتشنيعات وتعميمات ؟!..
أقول :
ما أجمل ما أحببت من إخواني
تصحيحهم لأخطائي : بكل أدب ٍوحلم ٍوهم يعلمون أنها
ما صدرت إلا عن
جهل ٍبمسألة ٍبعينها (
ومَن منا عالمٌ بكل شيء ؟!) أو عن
خطأ ٍغير
مقصود كالسرعة في الكتابة أو قلة التركيز للانشغال أو الإرهاق أو غلبة النوم ..
وهذا لا يعني بالطبع
حسن الظن على الدوام مع مَن كثرت أخطاؤه وتركزت في
ميله
لأفكار فرقةٍ ضالة أو أكثر بعينها :
فمثله إن كان
جاهلا ً: أُمر بالسكوت حتى يتعلم .. وإلا كان فضح باطله للناس ..
ومثله إن كان
عالما ًمعتقدا ًلما يقول : كان حقا ًفضح باطله أيضا ًللناس للتحذير منه !
والله تعالى أعلى وأعلم ...
--------
17...
ممَن يشقى بهم قطار السلفية أيضا ًأقوام ٌ:
استهانوا بتكفير العوام وغيرهم :
ممَن لم تقم عليهم الحُجة
حتى أمام ربهم !!!..
فتجده يأتي للعامي البسيط الذي
ورث شرك الدعاء لغير الله مثلا ًأبا ًعن جد ٍبجهل :
فيُكفره بعينه !!..
والصواب : أن يُخبره
بكفر هذا الفعل أو الشرك من أجل كذا وكذا .. ويذكر له
أدلة هذه المسألة الفطرية من القرآن والسنة !!..
وهذا كان فعل النبي مع مَن قال قولة كفر أو اعتقدها من المسلمين عن جهل ٍمثلا ً!
ونجده يأتي لأحد
المخدوعين بفكر ٍما باطل (
سواء فكر ديني أو فلسفي أو علماني)
إلخ :
فيُكفره هكذا بعينه : وأمام
نفسه بل : وربما
أمام الناس !!!..
وهذا والله وإن نفع الناس في شيء (
وهو قليل بهذه الصورة الفجة) : إلا أنه
لن ينفع
الواقع فيه في أغلب الأحيان !!.. بل ربما أخذته
الحمية لنفسه وعناده : للاستمرار
على ما هو فيه
وربما المزيد !!!..
فأين الدعوة هنا المأمور بها المسلم مع أمثاله ؟!!!..
ولقد شاهدت بنفسي في أحد سكن المغتربين شبابا ً:
فيهم ذلك وفيهم ذاك !!..
فيهم شاب ٌ
مخدوع ٌبأكاذيب العلمانية والليبرالية :
وتشويههم لشرع الإسلام ..
فجلس معه شاب ٌ:
قسى عليه في الكلام والتوبيخ والوعظ : فما زاد الآخر إلا
عنادا ً
وإعراضا ًحتى عن سماع المزيد أو ما يمت للدين بصلة !!..
ثم جاءه شابٌ آخر :
مُطمئنٌ لما معه من الحق أنه دامغ ..
هاديء الحوار عاقله ..
فجلس له الشاب المخدوع بالعلمانية وأنصت !!..
فما تركه الشاب الثاني هذا إلا وقد قال هذا المخدوع
بنفسه أن مَن يعتقد بهذه
الأفكار
على علم (
يقصد العلمانية وفصل الدين إلخ) : فهو
كافر !!!..
فوالله :
ما اختلف كلام الشاب الثاني الهاديء عن كلام الشاب الأول القاسي في شيء !!..
وإنما اختلف
الأسلوب !!!..
ففي حين بدأ الأول
بتكفير الشاب : جعل الثاني الشاب
يصل لتكفير العلمانية بنفسه !!..
فسبحان الله العظيم !!!..
إذا ً...
ليست العبرة وليست المهارة في
إلباس الناس الكفر على التعيين !!..
فمنهم
الجاهل : ومنهم
حديث الإسلام : ومنهم
المُغيب : ومنهم مَن نشأ في بلد ٍ
مطموس
الشرع الإسلامي مُحارَبٌ فيه ومُشوه ... إلخ
وإنما المهارة هي
تنزيل كل خطأٍ على درجته من صاحبه ..
والعلم بأن
دعوة المخطيء أو الكافر أو المشرك
لصحيح الدين بعد توضيحه له :
هي أجدى وأنفع من
المسارعة بتكفيره بعينه وهو يجهل ..!
ففي حين قد يأت
تكفيره بنتائج عكسية ومتزايدة في السوء ومحاربته لدين الله عن عناد :
ففي
دعوته وهدايته ربما خيرٌ كثير ٌبل : وقد يصير داعيةً ينفع الله تعالى به في يومٍ من الأيام !
فاللهم ارزقنا القصد بين الشدة واللين مع مَن يستحق ..
واللهم لا تجعلنا
عبيدا ً: إلا
لك ..
ولا
راجين : إلا
لعطائك ..
ولا
معاتبين : إلا
لأنفسنا أولا ً..
ولا
مُعظمين : إلا
لذنوبنا ..
ولا
مُستصغرين : إلا
لأعمالنا ..
واجعلنا بإذنك
هداة مهديين ..
ولا تجعلنا أبدا ً
ضالين مُضلين ..
آميـــن ..
والحمد لله رب العالمين ..
Bookmarks