الأستاذ المكرّم حسام الدين حسم الله به شرور أعداءه:
توجيه ماذكرت - والله أعلم - مقتض للنظر في أصل قبله، وهو أصل لغوي عقدي، وهو أن السؤال يختلف معناه باختلاف المتكلم، والمتكلم هنا هو الباري جل وعلا، فالسؤال صورته صورة استفهام واستخبار، وإلا فهو في حقيقته تبكيت وإنكار، وليس سؤال عن معدوم حقيقة، لأن الاستفهام الحقيقي منتف عن الله، فكأنه يقول: ليس لهم إله غير الله ضمناً على سبيل الإنكار. ومحل الخلاف كما لا يخفاكم فيما إذا كان المتكلم غير الباري الذي يعلم ما كان وما سيكون، أي نحن البشر. [للفائدة انظر: (مع الحاشية) "نكت القرآن" للإمام الكرجي (جــ 2، ص 286، ط. دار ابن القيم وابن عفان) ].
أما بخصوص اللفظ atheism فلا يخفاك أنه مشتمل على أداة تفيد السلب وهي "a"، فالأدق أن يقال "عدم الإيمان بالإله"، وليس أي إله وإنما إله الأديان العليا higher religions – كما يقولون – لأن theism عندهم في الغالب تعبير عن مفهوم الإله في الكتب السماوية الثلاثة، أي الإله بأسماء وصفات، الإله المتعال البائن عن خلقه transcendent ، الذي جحده دارون وسبينوزا وأينشتاين ودوكنز، لذا تجد بعضهم كالثلاثة الآخرين ودارون في بعض المواضع لا يُمانع أن يؤمن بإله اتحادي/حلولي (pantheistic) مع/في الوجود، أو إله مطلق غير معيّن – ولابن تيمية في شرح العقيدة الأصبهانية عبارة مختصرة في تشخيص هذا التصور- لا علاقة له إطلاقاً بالبشر والأخلاق والعقاب والثواب أو أي شيء يؤثر في مصير الإنسان، فهذا من جهة لغوية صرفة، أن "a" وظيفتها السلب والإعدام، أما قولنا "إنكار الخالق أو وجود الخالق" فهو معنى زائد على مجرد السلب لأنه مشتمل على الإنكار، فتكون الترجمة الأدق هي disbeliever ليتضمن معنى الإنكار، لأن اللاحقة dis- أنسب للإنكار وأدل عليه من "a"، ولعل من اللطائف التي يمكن توظيفها اصطلاح "التعطيل" الذي استعمله علماؤنا في باب الأسماء والصفات، لأن التعطيل سلب الله الأسماء والصفات كما جاءت عند السلف، وهكذا اللاحقة القبلية "a" في "atheism" فهي تعطل وجود الخالق، أي أن الملحد يُعطل الوجود من وجود الخالق،. كما قلت: كل ما سبق من جهة الصناعة اللغوية فقط أما من جهة نفسية واقعية، فإني مؤمن أن القوم في حقيقتهم يجحدون أو يتجاهلون شعورهم بضرورة وجوده (أفي الله شك فاطر السموات والأرض).
Bookmarks