الأدلة على ختم النبوة والرد على القائلين باستمرارها



الأدلة من القرآن على ختم النبوة :

أولا : قوله تعالى :" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين".[1]

فهذه الآية دليل صريح على ختم النبوة بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا نبي بعده هذا ما فهمه المسلمون السابقون لكتاب الله ـ عز وجل ـ منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا وفي سبب نزول هذه الآية أخرج الترمذي عن عائشة قالت :" لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب قالوا تزوج حليلة ابنه فانزل الله : " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " الآية.[2]

فبهذه الآية رد الله سبحانه وتعالى على إعتراضات الكفار والمنافقين الذين قالوا أن محمد تزوج مطلقة متبناه زيد ‘ بأن محمد ما كان أبا احد بل رسول الله وآخر النبيين.

ثانيا: قوله تعالى :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".[3]

فبهذه الآية يمن الله على عباده المؤمنين بأنه قد أكمل لهم دينهم فرائضه وشرائعه دون نقصان فلا حاجة إلى نبي جديد طالما أن الدين اكتمل فلا زيادة عليه ولا نقصان فو دين كامل.

يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية :" هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل الله لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه . ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن فلا حلال إلا ما أحله ولا حرام إلا ما حرمه ولا دين إلا ما شرعه وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق".[4]

ويقول السيوطي والمحلي :"(اليوم أكملت لكم دينكم) أحكامه وفرائضه فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام".[5]

ثالثا: قوله تعالى :" قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا".[6]

فهذه الآية انه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم لأنها تدل على عموم رسالته إلى الناس جميعا حيث كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعث ـ صلوات الله عليه ـ إلى الناس عامة وهذه الخاصية التي انفرد بها تدل على عدم وجود النبوة بعده.

يقول ابن كثير :" يقول الله تعالى لنبيه ورسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قل يا محمد : ( يا أيها الناس) وهذا خطاب للأحمر والأسود والعربي والعجمي (إني رسول الله إليكم جميعا) أي جميعكم وهذا من شرفه وعظمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه خاتم النبيين ومبعوث إلى الناس كافة".[7]

رابعا : قوله تعالى :" وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين‘ فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون".[8]

ووجه الإستدلال من هذه الآية أن المقصود بكلمة رسول هو محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‘ فما معنى أن يأخذ الله ميثاق النبيين أن يؤمنوا بمحمد وينصروه لولا انه آخرهم .

خامسا :قوله تعالى :"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".[9]

تعهد الله بحفظ القران الكريم الذي هو كتابه المنزل على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو تعهد بحفظ هذا الدين وصيانته من التبديل والتحريف بخلاف الكتب والأديان السابقة التي تعرضت للتحريف والتبديل وهذا يدل على خاتمية هذه الرسالة فأي حاجة إلى نبوة جديدة والقرآن محفوظ".

[1] الأحزاب 40
[2] سنن الترمذي
[3] المائدة 3
[4] مختصر تفسير ابن كثير ص 299
[5] تفسير الجلالين ص 113
[6] الأعراف ص 158
[7] مختصر تفسير ابن كثير ص 412
[8] آل عمران 81 ـ 82
[9] الحجر 9
الأدلة من السنة النبوية على ختم النبوة :

أولا : عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال :" وانه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون كلهم يزعم انه نبي ‘ وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي".[1]

ثانيا : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" فضلت على الأنبياء بست ‘ أعطيت جوامع الكلم ‘ ونصرت بالرعب ‘ وأحلت لي الغنائم ‘ وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ‘ وأرسلت إلى الخلق كافة ‘ وختم بي النبيون ".[2]

ثالثا : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجلا بنى دارا بناء فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة ‘ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين".[3]

رابعا : عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ انه قال :" إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي ".[4]

خامسا : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ‘ كلما هلك نبي خافه نبي ‘ وانه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون".[5]

سادسا : عن المطعم بن عدي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :أنا محمد وأنا أحمد ‘ وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر‘ وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي ‘ وأنا العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبي".[6]

سابعا : عن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج إلى تبوك واستخلف عليا فقال: أتخلفني في النساء والصبيان ؟ قال :" ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي".[7]

ثامنا : عن أبي الطفيل ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" لا نبوة بعدي إلا المبشرات ‘ قيل وما المبشرات يا رسول الله : قال :" الرؤيا الحسنة أو قال الرؤيا الصالحة".[8]

تاسعا : عن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ في الحديث الطويل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " وأنا آخر الانبياء وانتم آخر الأمم".[9]

عاشرا: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" إني آخر الأنبياء وإن مسجدي آخر المساجد ".[10]

حادي عشر : عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" أنا محمد النبي الأمي ‘ قاله ثلاث مرات ‘ ولا نبي بعدي".[11]

ثاني عشر :عن أبي قبيلة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في حجة الوداع :" لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم".[12]

ثالث عشر :عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث".[13]

رابع عشر : عن عقبة بن عامر ـرضي الله عنه ـ قال :سمعت رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـ يقول :" لو كان بعدي نبي لكان عمر".[14]

خامس عشر: عن جابر بن عبد الله ـرضي الله عنه ـ أن النبي ـصلى الله عليه وسلم قال:"أنا قائد المرسلين ولا فخر وأنا خاتم النبيين ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر".[15]

سادس عشر : عن عرباض بن سارية ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :"أني عبد الله لخاتم النبيين وإن آدم لمجندل في طينته ".[16]

سابع عشر : عن أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" أني خاتم ألف نبي وأكثر ما بعث نبي يتبع إلا قد حذر أمته الدجال ".[17]

وهكذا فإن أحاديث ختم النبوة متواترة كلها تصرح بأنه لا نبي بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ذكر هذا التواتر كثير من العلماء نذكر أقوال بعضهم :

يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ :" وقد أخبر الله تعالى في كتابه ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في السنة المتواترة عنه انه لا نبي بعده ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل ".[18]

ويقول القرطبي ـ رحمه الله ـ :" وقد روي من طريق التواترـ من غير أن يحتمل تأويلا ـ بإجماع الأمة قوله عليه الصلاة والسلام :" لا نبي بعدي " وقال تعالى : (وخاتم النبيين).[19]


ويقول عبد القادر البغدادي ـ رحمه الله ـ :" وقد تواترت الأخبار عنه ـ أي النبي صلى الله عليه وسلم ـ بقوله :" لا نبي بعدي ".[20]
[1] الترمذي واحمد والحاكم وأبي داوود
[2] البخاري ومسلم وأحمد
[3] البخاري ومسلم واحمد
[4] أحمد والحاكم والترمذي
[5] البخاري ومسلم
[6] البخاري ومسلم ومالك واحمد والدارمي والترمذي وأبو داود والحميدي
[7] البخاري ومسلم واحمد وأبو داوود والترمذي وابن ماجة والطبراني
[8] احمد والطبراني
[9] أبو داود والحاكم وابن ماجة
[10] مسلم والنسائي
[11] أحمد
[12] الطبراني
[13] ابن عساكر وابن أبي حاتم
[14] احمد
[15] احمد
[16] احمد
[17] احمد والحاكم
[18] مختصر تفسير ابن كثير ج3 ص 22
[19] الجامع لأحكام القرآن ج11 ص 29
[20] أصول الدين ص 163

اقول العلماء في تفسير ختم النبوة :
اقوال العلماء المفسرين :

قال مقاتل ـ رحمه الله ـ :" وخاتم النبيين يعني آخر النبيين لا نبي بعد محمد ـصلى الله عليه وسلم ـ ولو كان لمحمد ولدا لكان نبيا رسولا " تفسير مقاتل بن سليمان ج 3 ص 49.

وقال الإمام الطبري ـ رحمه الله ـ :" يقول تعالى ذكره ما كان أيها الناس محمد أبا زيد بن حارثة ولا أبا أحد من رجالكم الذين لم يلده محمد عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها ولكنه رسول الله وخاتم النبيين الذي ختم النبوة فطبع فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة وكان الله بكل شيء من أعمالكم ومقالكم وغير ذلك علم لا يخفى عليه شيء " وذكر عن قتاده قوله "وخاتم النبيين" أي آخرهم" جامع البيان عن تأويل آي القرآن ‘ الطبري ج20 ص 278.

وقال الزمخشري ـ رحمه الله ـ :"وخاتم النبيين يعني انه لو كان له ولد بالغ مبلغ الرجال لكان نبيا ولم يكن هو خاتم الأنبياء" الكشاف ‘ الزمخشري ج3 ص 544.

وقال الثعلبي النيسابوري ـ رحمه الله ـ :" وخاتم النبيين أي آخرهم ختم الله به النبوة فلا نبي بعده ولو كان لمحمد ابن لكان نبيا" الكشف والبيان ‘ الثعلبي ج8 ص 50.

وقال الماوردي ـ رحمه الله ـ:" وخاتم النبيين يعني آخرهم" النكت والعيون ‘ الماوردي ج4 ص 409.

وقال ابن عطية الأندلسي ـ رحمه الله ـ :" وهذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاه على العموم التام مقتضية نصا انه لا نبي بعده ـ صلى الله عليه وسلم ـ" المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ‘ ابن عطية ج5 ص 388.

وقال الكرماني ـ رحمه الله ـ :" وأفاد أيضا أنه خاتم النبيين ‘ ولو كان له ابن كبير لاقتضى بمنصبه ـ عليه السلام ـ أن يكون الابن نبيا ‘ فلم يكن حينئذ خاتم النبيين" غرائب التفسير وعجائب التأويل ‘ الكرماني ج2 ص 917.

وقال البغوي ـ رحمه الله ـ :" ختم الله به النبوة وقرأ عاصم "خاتم" بفتح التاء على الاسم أي آخرهم وقرأ الآخرون بكسر التاء على الفاعل ‘ لأنه ختم النبيين فهو خاتمهم وقال ابن عباس :" يريد ـ أي الله عز وجل ـ لو لم أختم به النبيين لجعلت له ابنا يكون بعده نبيا " معالم التنزيل ‘ البغوي ج6 ص 358.

وقال الفخر الرازي ـ رحمه الله ـ :"وخاتم النبيين وذلك لأن النبي الذي يكون بعده نبي إن ترك شيئا من النصيحة والبيان يستدركه من يأتي بعده وأما من لا نبي بعده يكون أشفق على أمته وأهدى لهم وأجدى إذ هو كوالد الولد ليس له غيره من أحد قوله :"وكان الله بكل شيء عليما" يعني علمه بكل شيء دخل فيه أن لا نبي بعده فعلم أن من الحكمة إكمال شرع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـبتزوجه بزوجة دعيه تكميلا للشرع " التفسير الكبير.

وقال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ :"ومن قرأ "خاتم" بكسر التاء فمعناه وختم النبيين ومن فتحها فالمعنى آخر النبيين " زاد المسير ‘ ابن الجوزي ج6 ص 393.

وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ :" وخاتم النبيين قال ابن عطية :" هذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاه بالقبول على العموم التام مقتضية نصا أنه لا نبي بعده ـ صلى الله عليه وسلم ـ" الجامع لأحكام القرآن ‘ القرطبي ج14 ص 196.

وقال البيضاوي ـ رحمه الله ـ :" وخاتم النبيين وآخرهم الذين ختمهم أو ختموا به على قراءة عاصم بالفتح " أنوار التنزيل وأسرار التأويل ‘ البيضاوي ج4 ص 377.

وقال النسفي ـ رحمه الله ـ :" بفتح التاء عاصم بمعنى الطابع آي آخرهم يعني لا ينبأ أحد بعده" مدارك التنزيل ‘ النسفي ج3 ص 246.

وقال الخازن ـ رحمه الله ـ:" وخاتم النبيين ختم الله به النبوة فلا نبوة بعده أي ولا معه ‘ وكان الله بكل شيء عليما ‘ أي دخل في علمه أنه لا نبي بعده " لباب التأويل في معاني التنزيل ‘ الخازن ج5 ص 265.

وقال القمي النيسابوري ـ رحمه الله ـ:" وكان الله بكل شيء عليما ومن جملة معلوماته انه لا نبي بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ" تفسر غرائب القرآن ورغائب الفرقان ‘ القمي ج5 ص 464.

وقال ابن حيان ـ رحمه الله ـ :" وقرأ الجمهور خاتم بكسر التاء بمعنى انه ختمهم أي جاء آخرهم " البحر المحيط ‘ ابن حيان ج7 ص 228.

وقال ابن كثيرـ رحمه الله ـ :" فهذه الآية نص في انه لا نبي بعده وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من حديث جماعة من الصحابةـ رضي الله عنهم ـ" مختصر تفسير ابن كثير ج3 ص 21.

وقال السيوطي والمحلي ـ رحمهما الله ـ :" وكان الله بكل شيء عليما منه بأن لا نبي بعده" تفسير الجلالين ‘ السيوطي ص 429.

وقال الشوكاني ـرحمه الله ـ :" وخاتم الشيء آخره ومنه قولهم خاتمة المسك" فتح القدير ‘ الشوكاني ج4 ص 285.

وقال الخطيب الشربيني ـرحمه الله ـ :" وخاتم النبيين أي آخرهم الذي ختم لأن رسالته عامة ومعها إعجاز القرآن فلا حاجة مع ذلك إلى إستنباء ولا إرسال" السراج المنير ‘ الشربيني ج3 ص 314.

وقال أبو السعود ـ رحمه الله ـ :" وخاتم النبيين أي كان آخرهم الذين ختموا به" إرشاد العقل السليم ‘ أبو السعود ج7 ص 106.

وقال الألوسي ـ رحمه الله ـ :" والمراد بكونه ـ عليه الصلاة والسلام ـ خاتمهم انقطاع حدوث وصف النبوة في أحد من الثقلين بعد تحليه ـ عليه الصلاة والسلام بها في هذه النشأة" روح المعاني ‘ الألوسي ج22 ص 34.

وهذه اقوال العلماء غير المفسرين :

1. الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المتوفى سنة 101هـ

يقول في خطبته بعد توليه الخلافة :" أيها الناس : أنه لا كتاب بعد القرآن ولا نبي بعد محمد ـ عليه السلام ـ وإني لست بقاض ولكن منفذ وإني لست بمبتدع ولكني متبع" البداية والنهاية ج9 ص 224.

2. أبو حنيفة المتوفى سنة 150هـ

وقد تنبأ رجل في زمانه وطلب الإمهال حتى يأتي بالعلامات على نبوته فقال أبو حنيفة :" من طلب منه علامة فقد كفر لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا نبي بعدي " مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة ‘ الموفق أحمد مكي ج1 ص 161.

3. أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي المتوفى سنة 321هـ

يقول :" وانه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء وسيد المرسلين وكل دعوى بعده فغي وهوى" شرح العقيدة الطحاوية ص 166.

4. محمد بن محمد المتريدي المتوفى سنة 333هـ

يقول :" ثم من حكم الله أن يختم بمحمد ـ عليه السلام ـ النبوة وأن لا يرسل إلى أمته بعده رسولا" التوحيد ص 272.

5.عبد القاهر البغدادي المتوفى سنة 429هـ

يقول :" وإن أقروا بالقرآن ففيه أن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم النبيين . وقد تواترت الأخبار عنه بقوله " لا نبي بعدي " ومن رد حجة القرآن والسنة فهو الكافر " أصول الدين ص 163.

6.ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456هـ

يقول :" وإن الوحي قد إنقطع منذ مات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ برهان ذلك أن الوحي لا يكون إلا إلى نبي وقد قال عز وجل :" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" المحلى ج1 ص 26.

7 . القاضي عياض المتوفى سنة 476هـ

يقول :" أخبرـ صلى الله عليه وسلم ـ انه خاتم النبيين لا نبي بعده وأخبر عن الله تعالى انه خاتم النبيين وانه أرسل كافة للناس وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره وأن مفهومه المراد منه دون تأويل ولا تخصيص" الشفا في تعريف حقوق المصطفى ص 285.

8. الغزالي المتوفى سنة 505هـ

يقول :" إن الأمة فهمت بالإجماع من هذا اللفظ ـ أي لا نبي بعدي ـ ومن قرائن أحواله انه افهم عدم مجيء نبي بعده أبدا وعدم رسول أبدا وانه ليس فيه تأويل ولا تخصيص فمنكر هذا لا يكون إلا منكر الإجماع" الإقتصاد في الإعتقاد ص 178.

9. ابن تيمية المتوفى سنة 728هـ

يقول :" ولما كان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسولا إلى جميع الثقلين جنهم وإنسهم عربهم وعجمهم وهو خاتم الأنبياء لا نبي بعده" الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج2 ص 333.

10.ابن خلدون المتوفى سنة 732هـ

يقول شارحا معنى الختم :" ويطلق على النهاية والتمام ومنه الأمر إذا بلغت آخره وختمت القرآن ومنه خاتم النبيين وخاتم الأمر" مقدمة ابن خلدون ص 226.

11. علي بن محمد بن العز المتوفى سنة 746هـ

يقول :" لما ثبت أنه خاتم النبيين علم أن من أدعى النبوة بعده النبوة فهو كاذب" شرح العقيدة الطحاوية ص 166.

12.زين الدين بن نجيم المتوفى سنة 970

يقول :" إذا لم يعرف أن محمد آخر الأنبياء فليس بمسلم لأنه من الضروريات" الأشباه والنظائر ص 222.

13.الملا علي القاري المتوفى سنة 1016هـ

يقول :" ودعوى النبوة بعد نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كفر بالإجماع" منح الروح الأزهر في شرح الفقه الأكبر ص 451.



الأدلة من اللغة على تفسير معنى خاتم النبيين
معنى خاتم النبيين في اللغة

أجمعت الأمة الإسلامية على أن الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو خاتم النبيين ولا نبي بعده ‘ وان مسألة ختم النبوة من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة وأن من يدعي النبوة بعده إما أن يكون مجنون أو دجال لكن في العصر الحديث ظهرت فرقتان قالتا بعدم ختم النبوة بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألا وهما " البهائية " و القاديانية " حرفوا الكلم عن مواضعه وأولوا آيات القرآن والأحاديث النبوية لإثبات معتقداتهم بتأويلات فاسدة وبأدلة ضعيفة فأردنا أن نظهر الحق ونثبت الحجة وندفع الشبهات ونرد بطريقة علمية لأن هؤلاء القوم أولوا المصطلحات اللغوية [1].

تزعم الأحمدية القاديانية أن معنى خاتم في قوله تعالى :" وخاتم النبيين " تعني افضل النبيين دون دليل من اللغة على زعمهم ، فما هو معنى ( ختم ) في اللغة ؟

الختم لغة : بالعودة إلى المصادر اللغوية نجد أن مادة ختم لها عدة معان:

الطبع

تغطية الشيء والإستيثاق

آخر الشيء ونهايته‘ وما يهمنا هنا هو هذا المعنى:

يقول ابن منظور الإفريقي :" خاتم كل شيء وخاتمته عاقبته وآخره وأختتمت الشيء نقيض افتتحته ‘ وخاتمة السورة آخرها ... وختام القوم وخاتمتهم (بكسر التاء) وخاتمتهم (بفتح التاء) آخرهم . وعن اللحياني " محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء " وعن التهذيب الخاتم والخاتم من اسماء النبي صلى الله عليه وسلم وفي التنزيل العزيز :" ما كان محمد أبا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ".[2]

ويقول الفيروز أبادي :" الخاتم : من كل شيء عاقبته ‘ وآخرته ‘ كخاتمته آخر القوم كالخاتم".[3]

ويقول الراغب الأصفهاني :" وتارة يعتبر منه بلوغ الآخر ومنه قيل ختمت القرآن أي انتهيت إلى آخره ... (وخاتم النبيين) لأنه ختم النبوة أي تممها بمجيئه".[4]

ويقول ابن فارس:" ختم وهو بلوغ آخر الشيء ... والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم الأنبياء لأنه آخرهم".[5]

ويقول مجمع اللغة العربية :" والخاتم من كل شيء آخره وفي التنزيل العزيز(ولكن رسول الله وخاتم النبيين) والخاتمة من كل شيء عاقبته وآخره"[6]
تقول القاديانية : أن خاتم إذا أضيفت إلى جمع العقلاء فلا يكون معناه إلا الأفضل والأكمل الذي جاء بما لم يأت أحد من قبله أو من بعده بمثله وبهذا يكون معنى خاتم النبيين أفضل النبيين وساقوا الأمثلة على ذلك من كلام الشعراء مثل : قيل في رثاء أبي تمام :

فجع القريض بخاتم الشعراء وغدير روضتها حبيب الطائي

ثم يسألون هذا السؤال : هل كان أبو تمام آخر الشعراء؟

الرد عليهم :

أولا : إن القول أن خاتم إذا أضيفت إلى جمع العقلاء تعني الأفضل فهذا لا دليل عليه في لسان العرب وأقوالهم ومن عاد إلى معاجم اللغة العربية فلن يجد معنى الخاتم سوى الطابع والآخر وقد ذكرنا أقوال علماء اللغة من معاجمهم في معنى كلمة الخاتم .

ثانيا : في قول الشاعر " خاتم الشعراء " أي أفضلهم فهذا الكلام مردود لأنه لم يقل أحد أن أبا تمام أفضل ممن سبقه من الشعراء فقد كان كثير من الشعراء أفضل وأشعر منه سبقوه وإنما قصد الشاعر أن أبا تمام هو آخر الشعراء من نوعه .

ثالثا : إن كلام الناس لا يحتج به لتفسير معاني كلام الله بل يرجع به إلى أقوال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأقوال صحابته والتابعين والأئمة المفسرين.

رابعا : إن الأحمدية يقولون أن خاتم إذا أضيفت إلى جمع العقلاء لا يكون معناها إلا الأفضل ويتحدون المسلمين والمخالفين لهم أن يأتوا بجملة تضاف فيها كلمة خاتم إلى جمع العقلاء ويكون معناها آخر وهنا نتحداهم ونقول لهم ما هو تفسيركم لقول غلام أحمد :" فإن الله قد استخلف قوما من قبل من بني إسرائيل واصطفى ، وأكرم بني إسرائيل وجعل فيهم النبوة ... وبعث الله رسوله عيسى بن مريم فيهم وجعله خاتم أنبيائهم "[1]

فهل معنى خاتم أنبيائهم هنا أفضل أنبياء بني إسرائيل أم آخر أنبياء بني إسرائيل ؟


[1] الخطبة الإلهامية لغلام أحمد ص 27
[1] البهائية أولوا الخاتم بمعنى الزينة والقاديانية أولوا الخاتم بمعنى الأفضل.
[2] لسان العرب ‘ ابن منظور ج 12 ص 163
[3] القاموس المحيط ‘ الفيروز آبادي ص 1099
[4] المفردات في غريب القرآن ص 143
[5] معجم مقاييس اللغة ‘ ابن فارس ص 245
[6] المعجم الوسيط ‘ مجمع اللغة العربية ص 218




الآيات التي تزعم بها الاحمدية القاديانية استمرارية النبوة والرد عليهم :


الزعم الأول : قوله تعالى : " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ".[1]

زعموا : أن الذي يطيع الله ومحمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعلى قدر إطاعته يكون من الصالحين أو الشهداء أو الصديقين أو النبيين معتبرين أن مع بمعنى من في الآية كما في قوله تعالى :" وتوفنا مع الأبرار".[2]

والرد عليهم : انه لم يقل احد من علماء اللغة العربية بأن مع تأتي بمعنى من ‘ ثم إذا كانت مع بمعنى من فإن النبوة بهذا المعنى أصبحت كسبية كما يقول الفلاسفة وهي ليست كذلك وإنما هي اصطفاء من الله تعالى يقول تعالى :" الله اعلم حيث يجعل رسالته "[3] ثم من كان أكثر طاعة لله وللرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الصحابة والتابعين ومع ذلك لم يدع أحد منهم النبوة أما عن قوله : "وتوفنا مع الأبرار" أي ألحقنا بهم .

الزعم الثاني : قوله تعالى :" يا بني آدم إما يأتينكم رسل يقصون عليكم آياتي فمن أتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ".[4] وقوله تعالى :" الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس".[5]

زعموا : أن هذه الآيات تدل على مجيء الرسل بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لان لفظ يأتينكم ويصطفي جاءتا بصيغة المضارع المعبر عن المستقبل .

والرد عليهم : أن هذه الآيات تقصد الرسل قبل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن هذا الإطلاق قيد بقوله تعالى " وخاتم النبيين " ثم إن هناك آيات كثيرة في القرآن جاءت بصيغة المضارع ويقصد بها الزمن الماضي وهذا من بلاغة القرآن مثل "فلم تقتلون أنبياء الله ".[6] أي قتلتم وقوله تعالى : " واتبعوا ما تتلوا الشياطين" أي ما تلت وهذا ينطبق على قوله تعالى " يصطفي" أي اصطفى وقوله "يأتينكم" أي أتى وكلها صيغ بالمضارع عبرت عن الزمن الماضي.

الزعم الثالث: قوله تعالى :" رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق".[7]

زعموا أن النبوة باقية لأن صيغة يلقي تدل على الإستمرار.

والرد عليهم : أن هذه الآية مقيدة بآية ختم النبوة ومثلها يقال على الزعم السابق أن يلقي الروح بمعنى ألقى الروح ثم إن الآية تذكر سبب إلقاء الروح وهو " لينذر يوم التلاق " وقد جاء هذا الإنذار على يد النبوة الخاتمة وهذه النبوة محفوظة فلا حاجة إلى نبي جديد لأن الإنذار قائم طالما القرآن موجود.

الزعم الرابع : قوله تعالى :" إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا"[8] وقوله تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم"[9]

زعموا أن الله في هاتين الآيتين شبه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمته بموسى وأمته ، وظاهر أن الاستخلاف في الأمة الموسوية كان بواسطة النبوة ، ولتكميل المماثلة بين السلسلة الموسوية والسلسلة المحمدية لابد أن يرسل أحد رسولا في الأمة المحمدية وإلا : أية مناسبة بين موسى ـ عليه السلام ـ ومحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين أمتيهما.

والرد عليهم : أن الخطاب في الآية الأولى موجه إلى الكفار من قريش بأنه أرسل إليهم رسولا كما أرسل إلى فرعون رسولا ، والمماثلة في الآية الأولى ليست بين ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ وأمته وبين موسى وأمته بل بين كفار قريش وبين فرعون ، والاستخلاف في الآية الثانية يشمل كل من استخلف الله من بني إسرائيل ومن غيرهم فقد استخلف الله آدم وذي القرنيين، ثم إن الاستخلاف في أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حصل في الخلفاء الذين جاءوا بعده مصداق الحديث "وسيكون خلفاء فيكثرون ".

الزعم الخامس : قوله تعالى :" أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ".[10]

زعموا أن الآية تصرح بمجيء شاهد بعد النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أمته يشهد له أي نبي.

والرد عليهم أن هذا الكلام لا دليل عليه أن شاهد بمعنى نبي وأما ما جاء في التفاسير أن الشاهد في الآية له تفسيران الأول جبريل قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو العالية والضحاك وإبراهيم النخعي والسدي وغير واحد والثاني محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قاله علي ـ رضي الله عنه ـ والحسن وقتادة .[11]

الزعم السادس : قوله تعالى :" هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ، وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ".[12]

زعموا أن قوله تعالى " وآخرين منهم " يدل على أن البعثة الثانية للنبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الآخرين الذين يأتون بعد زمن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ تكون منهم لا من غيرهم ، وبما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يبعث بذاته مرة ثانية فليس المراد إذن إلا بعثة غلام أحمد بكونه نبيا في الآخرين .

والرد عليهم أن المقصود بآخرين منهم هي الأجيال اللاحقة التي يخاطبها القرآن الذي نزل للصحابة ولمن بعدهم ثم إن غلام أحمد فسر هذه الآية بقوله :" وآخرين منهم لما يلحقوا بهم " يعني يزكي الكريم آخرين من أمته بتوجهاته الباطنية كما كان يزكي صحابته "[13]

الزعم السابع : قوله تعالى :" إهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم "[14]

زعموا أن هذا الدعاء يبشر بأن الله تعالى يعطي المؤمنين مقام الذين انعم عليهم سابقا ويعطيهم كل نعمة أعطاها للأولين ويتمها عليهم والنعمة نعمتان نعمة دينية ومنتهاها النبوة ، ودنيوية ومنتهاها الحكومة والسلطنة .

والرد عليهم أن هذا الكلام لم يقله احد من السابقين في تفسير هذه الآية التي يقرأها المسلم في كل ركعة وكما قلنا سابقا أن النبوة ليست مكتسبة كما يقول الفلاسفة وإنما هي اصطفاء من الله تعالى ثم هل كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقرأ هذه الآية ويطلب من الله أن يجعله نبيا مع كونه نبي ، وأما الصراط المستقيم فقال الإمام أبو جعفر بن جرير :" أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه"[15] وأما معنى الذين أنعمت عليهم أي أنعمت عليهم بنعمة الإسلام وهو طلب الاهتداء إلى طريقهم .

الزعم الثامن : قوله تعالى : ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فأمنوا بالله ورسوله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ".[16]

زعموا أن الله لا يترك المؤمنين من دون تفريق بين الخبيث والطيب والقاسط والصالح بل هو يجتبي دائما من رسله من يشاء عند ضرورة ماسة .

والرد عليهم : أن القول في يجتبي هو مثل القول في يصطفي ويأتينكم ، ثم إن الآية تتحدث عن حاضر المؤمنين في عصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا عن المستقبل حتى اجتبى الله لهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال " فآمنوا بالله ورسوله " وأما تمييز الخبيث من الطيب فقد ميز الله المؤمنين عن المنافقين وفضح أمرهم ثم إنه قد جاءت على المسلمين فترات حالكة أيام الصليبيين والتتار فلم لم يرسل الله لهم نبيا لولا أن النبوة قد انقطعت .

الزعم التاسع : قوله تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ".[17]

زعموا أن الآية ذكرت إتمام النعمة والنبوة هي أعظم نعمة من أنعم الله فلو كانت منقطعة لما كانت النعمة تامة ، بل كانت ناقصة على حد زعمهم .

والرد عليهم : أن هذه الآية حجة على الذين يقولون باستمرار النبوة لا حجة لهم فالآية ذكرت اكتمال الدين وما دام الدين قد اكتمل فأي حاجة إلى نبوة جديدة ، أما تفسير النعمة على أنها النبوة فهذا يحتاج إلى دليل ولم يذكروا دليلا ، وإن النعمة تطلق ويراد بها عدة معان ونعم الله كثيرة.

هذه الآيات هي الآيات التي استدل بها الأحمدية القاديانية على استمرار النبوة نقلناها من كتابهم القول الصريح في نزول المهدي والمسيح ص 181 والملاحظ أنهم يستدلون بهذه الآيات دون دليل عليها بل هي استنتاجات من وحيهم ولم يقل احد من السلف الصالح من الصحابة والتابعين والمفسرين بان هذه الآيات تفيد استمرار النبوة بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم أهل القرآن وأكثر فهما منا لمعاني آيات القرآن .


[1] النساء 70

[2] آل عمران 193

[3] الأنعام 24

[4] الأعراف 35

[5] الحج 75

[6] البقرة 91

[7] غافر 16

[8] المزمل 16

[9] النور 56

[10] هود 18

[11] مختصر تفسير ابن كثير ص 99

[12] الجمعة 3 ـ 4

[13] حمامة البشرى ص 98

[14] الفاتحة 6 ـ 7

[15] مختصر تفسير ابن كثير ج1 ص 32

[16] آل عمران 180

[17] المائدة 4



الأحاديث التي تستدل بها الاحمدية القاديانية والرد عليهم :

الحديث الأول : قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما توفي ابنه إبراهيم :" لو عاش لكان صديقا نبيا ".[1]

والرد عليهم : أولا : هذا الحديث ضعيف ففي إسناده إبراهيم بن عثمان قال البخاري : سكتوا عنه ، وقال النسائي : متروك ، وقال الترمذي : منكر الحديث ، وقال أحمد : منكر الحديث ، وقال ابن أبي حاتم : ضعيف الحديث ، وقال الدارقطني : ضعيف ، وقال الهيثمي : ضعيف جدا ، وقال ابن المبارك : ارم به ، وقال الجوزاني : ساقط .

ثانيا : قد ذكر الصحابة والمفسرين في إبراهيم ابن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه ما عاش لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ آخر الأنبياء وهذا يتوافق مع آية ختم النبوة وأحاديث لا نبي بعدي .

الحديث الثاني : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أبو بكر أفضل هذه الأمة إلا أن يكون نبي".[2]

والرد عليهم : هذا الحديث ضعيف ففي إسناده إسماعيل بن زياد قال الذهبي : تفرد به إسماعيل فإن لم يكن هو وضعه فالآفة لمن دونه ، وقال ابن حبان : شيخ دجال لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ، وقال الهيثمي : ضعيف ، وقال ابن عدي : منكر الحديث ، وقال الجوزقاني: كان وضاعا كذابا لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الطعن فيه.

الحديث الثالث : قول عائشة ـ رضي الله عنها ـ :" قولوا خاتم الأنبياء ولا تقولوا لا نبي بعده".[3]

والرد عليهم : إن هذه الرواية منقطعة الإسناد بين جرير بن حازم وبين عائشة فانها ماتت قبل مولده وبهذا فالحديث ضعيف.

الحديث الرابع : قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ:" أنا سيد الأولين والآخرين من النبيين ولا فخر".[4]

والرد عليهم: هذا الحديث لا يوجد له إسناد وبهذا فهو ضعيف.

الحديث الخامس : روى مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم : " فضلت على الأنبياء بست ، أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون ".

قالوا : هنا يجب علينا أن نفسر خاتم النبيين بما يثبت به أفضليته على سائر الأنبياء عليه السلام.

والرد عليهم : أن الحديث ابتدأ بكلمة فضلت وساق الأمور التي فضل بها فلا يجوز أن يقال أنه فضل عليهم لأنه أفضلهم بل فضل عليهم بأنه آخرهم والحديث يتحدث عن خصائص انفرد بها النبي عن سائر الأنبياء ـ عليهم السلام ـ .
ويتبين ان كل الاحاديث التي تستدل بها القاديانية ضعيفه فهم يؤسسون عقائدهم على احاديث ضعيفة وموضوعة لكنهم لا يقولون لاتباعهم انها ضعيفة

وهنا قد ينشأ سؤال في ذهن القارئ : ماذا يقول الأحمدية عن الأحاديث المتواترة في أنه لا نبي بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ؟ وإليك ما يقولون والرد عليهم :

أولا : حديث " لا نبي بعدي " : أولوه بأنه لا نبي بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غير أمته وغلام أحمد من أمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزعموا أن المراد بالأنبياء هنا هم أصحاب الشريعة أما غلام أحمد فلم يأتي بشريعة جديدة بل هو تابع للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشريعته.

والرد عليهم : أن الحديث لم يفرق بين نبي من أمته ونبي من غير أمته وبين نبي مشرع ونبي غير مشرع بل نفى مجيئ جنس الأنبياء بعده ثم إن لا النافية للجنس إذا دخلت على النكرة أفادت العموم فأفادت نفي جنس النبوة بعده سواء نبي من أمته ومن غير أمته نبي مشرع وغير مشرع أما قولهم أن غلام أحمد لم يأتي بشريعة جديدة فهذا الكلام مردود ويخالف الواقع فقد جاء غلام أحمد بشرائع جديدة منها نسخ الجهاد وعدم صلاة الأحمدي خلف غير الأحمدي وحرمة زواج الأحمدية من غير الأحمدي .

ثانيا : قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم :" وأنا العاقب ، والعاقب الذي ليس بعده نبي ".[5]

قالوا : تفسير العاقب ليس من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

والرد عليهم : روى هذا الحديث أيضا الترمذي بتفسير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للعاقب فقال:" وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي ".

ثالثا : حديث اللبنة الأخيرة الذي يقول فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ".

قالوا : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيد الأنبياء بلفظ من قبلي وفيه إشارة صريحة بأنه يمكن مجيئ الأنبياء بعده ، ولكن هؤلاء الأنبياء لا يكونون مستقلين بل يدخلون في لبنته ويقتبسون من نوره وقالوا الرسول ليس اللبنة في البناء لان هذا المعنى ينال من مقام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

والرد عليهم : أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ شبه الأنبياء بالبناء ونقص هذا البناء موضع لبنة فكان هو اللبنة التي أكملت صرح النبوة فكيف يأتي أنبياء والبناء قد أكتمل بنبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم كيف يفسرون أقول غلام أحمد التالية :

يقول غلام أحمد :" فكان خاليا موضع لبنة أعني المنعم عليه من هذه العمارة ... فأراد الله أن يكمل البناء باللبنة الأخيرة ، فأنا تلك اللبنة ـ يقصد نفسه ـ أيها الناظرون".[6]

أليس يفهم من هذا الكلام أن غلام أحمد هو اللبنة الأخيرة في بناء النبوة ؟

وقال أيضا عن نبي الله عيسى ـ عليه السلام ـ :" كما كان عيسى خاتم السلسلة الكليمية، كان لها كآخر اللبنة وخاتم المرسلين ".[7]،[8]

أليس يفهم من هذا الكلام لغلام أحمد أن عيسى كان آخر لبنة في بناء أنبياء بني إسرائيل ؟ فسبحان الله .

رابعا : قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" إني آخر الأنبياء ، وإن مسجدي آخر المساجد ".[9]

قالوا مشككين بهذا الحديث : هل يفهم من هذا الحديث أنه لم يبن في الإسلام أي مسجد بعد مسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ فقد بنيت مساجد كثيرة !

والرد عليهم : أنه قد جاء حديث آخر فسر معنى آخر المساجد بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" أنا خاتم الأنبياء ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء ".[10] أي آخر مساجد الانبياء .

[1] ابن ماجة كتاب الجنائز
[2] رواه الطبراني
[3] تكملة مجمع البحار و الدر المنثور
[4] الديلمي
[5] مسلم باب اسماء النبي
[6] الخطبة الإلهامية ص 49
[7] هنا أيضا يستعمل غلام أحمد كلمة خاتم بمعنى آخر .
[8] الخطبة الإلهامية ص 86
[9] رواه مسلم كتاب الحج والترمذي كتاب المساجد
[10] رواه الديلمي والبزار

تناقضات غلام أحمد القادياني في إدعاء النبوة :
1. يقول غلام احمد القادياني : " وما كان لي أن ادعي النبوة وأخرج من الإسلام وألحق بقوم كافرين... فكيف ادعي النبوة وأنا من المسلمين؟". حمامة البشرى ص 165

هنا نجده يعترف ان ادعاء النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم خروج من الإسلام وكفر.

2. ويقول أيضا:" معاذ الله ان ادعي النبوة بعدما جعل الله نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين". حمامة البشرى ص 172

هنا نجده يعترف ان معنى خاتم النبيين هو آخر النبيين (مع العلم ان القاديانية تزعم ان معنى خاتم النبيين تعني افضل النبيين)

3.ويقول أيضا : " ما كان الله ان يرسل نبيا بعد نبينا خاتم النبيين ، وما كان ان يحدث سلسلة النبوة ثانيا بعد انقطاعها ، وينسخ بعض أحكام القرآن ، ويزيد عليها ، ويخلف وعده ، وينسى إكمال القرآن ، ويحدث الفتن في الدين المتين ". التبليغ ص 8

هنا نجده يعترف ان النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ويعترف ايضا ان النبوة انقطعت ويعتبر ان ادعاء النبوة بعد محمد هي فتن في الدين

4. ويقول أيضا :" فلا شك انه من آمن بنزول المسيح الذي هو نبي من بني إسرائيل فقد كفر بخاتم النبيين. فيا حسرة على قوم يقولون ان عيسى بن مريم نازل بعد وفاة رسول الله ، ويقولون انه يجيئ وينسخ من بعض احكام الفرقان ويزيد عليها ، وينزل الوحي اربعين سنة ، وهو خاتم المرسلين . وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا نبي بعدي) وسماه الله تعالى خاتم النبيين فمن اين يظهر نبي بعده ؟ الا تتفكرون يا معشر المسلمين ؟" باقة من بستان المهدي ص 37

هنا نجد غلام احمد القادياني يقول للمسلمين ان من آمن بنزول المسيح فقد كفر بخاتم النبيين وهو هنا ايضا يعترف ان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ونجده ينكر نزول الوحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ويذكر تفسير خاتم النبيين كما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا نبي بعدي ) .


5. ويقول ايضا :" وقد ختم الله برسوله النبيين ، وقد انقطع وحي النبوة ، فكيف يجيئ المسيح ولا نبي بعد رسولنا ".باقة من بستان المهدي ص 14

هنا نجد غلام احمد القادياني يعترف ان الله ختم بالنبي صلى الله عليه وسلم النبيين وانه لا نبي بعده.

6. ويقول ايضا : " واني والله أؤمن بالله ورسوله ، وأؤمن بانه خاتم النبيين ، نعم قلت ان اجزاء النبوة توجد في التحديث كلها ، ولكن بالقوة لا بالفعل ، فالمحدث نبي بالقوة ، ولو لم يكن سد باب النبوة لكان نبي بالفعل".حمامة البشرى ص 170

هنا نجده يعترف ويقول انه يؤمن بان الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وان باب النبوة قد سد.


هذا ما قاله غلام احمد قبل ان يدعي النبوة ، لكن عندما ادعى غلام احمد القادياني النبوة ناقض نفسه فماذا قال ؟


1.يقول غلام احمد القادياني :" فيا أحبائي أياكم ان تتبنوا عقيدة انقطاع نزول الوحي بعد بعثة إنقطاع المصطفى صلى الله عليه وسلم . فالحق والحق أقول لكم ان كل باب محتمل ان يسد ولكن باب نزول روح القدس لا ينسد ". سفينة نوح ص38

هنا نجده يقول لا تتبنوا عقيدة انقطاع الوحي لان كل باب يسد الا باب الوحي.

2. يقول ايضا :" اني احد من الامة النبوية ، ثم مع ذلك سماني نبيا تحت فيض النبوة المحمدية ". الاستفتاء ص 21

هنا اصبح غلام احمد من امة النبي صلى الله عليه وسلم ونبي ايضا .

3. يقول ايضا :" فما دمت رسولا من الله ولكن دون شريعة جديدة ودون ادعاء جديد وبغير اسم جديد ، بل جئت حاملا اسم النبي الاكرم خاتم الانبياء جئت تابعا ومظهرا له صلى الله عليه وسلم ". نزول المسيح ص 2

هنا نجده يدعي انه رسول واصبح كونه رسول لا يتناقض مع صفة النبي ب خاتم الانبياء .

4. يقول ايضا :" اني لست نبي فقط بل نبي من ناحية وتابع للنبي صلى الله عليه وسلم ومن امته من ناحية اخرى لكي تثبت قوة النبي صلى الله عليه وسلم القدسية وكمال فيضه ". حقيقة الوحي ص 139

هنا نجد غلام احمد القادياني يقول انه ليس نبي فقط بل من امة محمد صلى الله عليه وسلم مع انه في السابق كان يقول من ادعى النبوة بعد محمد فقد كفر (فكيف اصبح الان نبي ومن امة محمد).

5. وقال :" واقول حالفا بالله الذي نفسي بيده انه هو الذي بعثني ، وهو الذي سماني نبيا ، وهو الذي دعاني مسيحا موعودا ، وقد اظهر لتصديقي آيات عظيمة يبلغ عددها ثلاثمائة ألف ". حقيقة الوحي ، تتمة حقيقة الوحي ص 462

هنا يحلف انه الله بعثه وسماه نبي ومسيح موعود

وصدق الله تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )

هاني أمين