صفحة 1 من 9 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 130

الموضوع: اثبات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم

  1. افتراضي اثبات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم

    بسم الله الرحمن الرحيم


    عندما نتحدث عن محمد :salla1: فاننا نتحدث عن رجل اكثر من مجرد عبقرى او رجل عظيم
    و العقلاء من خصومه لا يسعهم الا اعتباره عبقرى من اعظم عباقرة التاريخ بل يقول القس الحداد :
    (كانت شخصية محمد بن عبد الله الهاشمى القرشى ، النبى العربى ، مجموعة عبقريات مكنته من تأسيس أمة و دين و دولة من لا شىء .
    و هذا لم يجتمع لأحد من عظماء البشرية . كان محمد عبقرية دينية ... و كان محمد عبقرية سياسية ... و كان عبقرية دبلوماسية ... و كان محمد عبقرية عسكرية ... و كان محمد عبقرية إدارية ... و كان محمد عبقرية تشريعية ... و أخيرا كان محمد عبقرية أدبية) القران و الكتاب /1065-1067

    و القس الحداد لديه استعداد ان يعتبر محمد ابن البيئة المكية البدائية الفقيرة فى كل النواحى اعظم من كل عظماء البشر! لكن لا يرضى ان يقر بانه كان نبيا مؤيدا من قوة الهية كبرى هى التى صنعت منه كل هذا

    و الواقع ان الحديث عن الشخصية المحمدية لا تكفيه المجلدات. و ما تبين لى هو ان شخصية محمد :salla1: بكل ابعادها و اثارها هى معجزة كافية لاثبات نبوته, مع ايمانى بان له معجزات اخرى

    و لنشر الى بعض معالم و اثار الشخصية المحمدية و ربما يرى البعض ما نذكره معروفا و هذا هو الحق دليله دوما يستند الى الواضحات :
    1- لقد جاءابو الزهراء :salla1: بدين طهر قلوب العرب من العقيدة الوثنية و ما اصعب تغيير معتقد الشعوب سيما اذا كانوا بتعصب العرب الذين غيرهم محمد :salla1: و كان تغييرا فى فترة قصيرة
    لقد جاء ابو الزهراء :salla1: بنمط فريد من الثقافة الإلهية عن الله سبحانه وتعالى وصفاته وعلمه وقدرته
    ونوع العلاقات بينه وبين الإنسان،ودور الأنبياء في هداية البشرية ووحدة رسالتهم، وما تميّزوا به من قيم ومثل،
    وسنن الله تعالى مع أنبيائه، والصراع المستمرّ بين الحقّ والباطل، والعدل والظلم،
    والارتباط الوثيق المستمرّ لرسالات السماء بالمظلومين والمضطهدين، وتناقضها المستمرّ مع أصحاب المصالح والامتيازات غير المشروعة.

    وهذه الثقافة الإلهية لم تكن أكبر من الوضع الفكري والديني لمجتمع وثني منغمس في عبادة الأصنام فحسب، بل كانت أكبر من كلّ الثقافات الدينية التي عرفها العالم يومئذ، حتى إنّ أيّ مقارنة تبرز بوضوح أ نّها جاءت لتصحّح ما في تلك الثقافات من أخطاء، وتعدّل ما أصابها من انحراف وتعيدها إلى حكم الفطرة والعقل السليم.

    وقد جاء كلّ ذلك على يد إنسان في مجتمع وثنيّ شبه معزول، لا يعرف من ثقافة عصره الكثير ، فضلا عن أن يكون بمستوى القيمومة والتصحيح والتطوير.
    و كان ابو الزهراء :salla1: مع ذلك فى القمة فى التطبيق العملى للمبادىء الايمانية التى نادى بها و كافح فى سبيلها مجتهدا فى الذكر و الدعاء و القيام و الصيام , و كان روحا و قدوة تبعث الايمان فى الاخرين , و لا يشك المنصف فى ايمانه العميق بوجود الله و وحدانيته و جلاله و كماله و ايمانه بالبعث و الحساب و اليوم الاخر .و ليتامل الباحث روحانية القران المبهرة, او ليقرا ان شاء كتاب الشيخ محمد الغزالى " فن الذكر و الدعاء عند خاتم الانبياء " ليشعر بروعة هذه النفس المؤمنة

    -----------------------

    2- يقول القس الحداد :
    كان محمد عبقرية سياسية يعرف كيف يجمع المؤيدين و الانصار و يداور المنافقين و الاشرار و يعرف كيف يساوم و يقاوم و كيف يماطل و يقاتل و كيف ينكسر و ينتصر.., و تلك الهجرة البارعة الباهرة من عاصمة الشرك العربى و بلد الاضطهاد الى المدينة ليحتل منها و بها البلد الذى يحاول اغتياله .. و هكذا توج سياسته الدينية الفذة بحجة الوداع التى جمع بها العرب جميعا حول شخصه

    و كان محمد عبقرية دبلوماسية , و قد تجلت بعهد الاخاء بين المهاجرين و الانصار , و عهد الموادعة بين المسلمين و اليهود , و عهد المودة بين المسلمين و المسيحيين , و برعت فى مهادنة المنافقين حتى النهاية , و فى المعاهدات و الاحلاف مع الاعراب بعد الغزوات الناجحة , و فى العفو العام عن بنى قومه و الد خصومه اهل مكة بعد الفتح , و فى تاليف قلوب زعماء مكة بعد فتحها بتوزيع غنائم اخصامهم قبائل هوازن عليهم ,و فازت فى تفكيك التضامن بين اليهود و الاحزاب فى حملة الخندق الحاسمة .. و تفضيل معاهدة عدم اعتداء مع قريش فى الحديبية على قتال غير مكفول و فتح غير مامون , و انتصرت فى تحقيق فتح سهل , بعد فشل طارىء كاجلاء بنى النضير بعد هزيمة احد ,و القضاء على قريظة بعد حصار المدينة المخيف يوم الخندق , و غزو خيبر و قرى الشمال اليهودية بعد صلح الحديبية الذى اعتبره عمر و جماعته مشينا , و الحملة الجبارة على مشارف الشام بعد حصار الطائف الفاشل , و توج دبلوماسيته الظافرة بمبايعة وفود العرب العامة
    و كان محمد عبقرية عسكرية و من اعظم قواد العالم العسكريين فى التصميم و التنفيذ ..
    و هو يقود الغزوات و الحملات بذاته يعرف كيف يهيىء الحملة و كيف يقودها و كيف يعود منها غالبا و كيف ينقلب مغلوبا , و التصرف فى حال الهزيمة ابرع من نشوة الظفر , يتوسع بالجهاد كلما ازداد قوة , و لا يعلن عن اهدافه الا متى حان وقتها . يعرف كيف يستشير و كيف ياخذ براى صائب , و كيف يفرض رايه فى الظرف الحاسم و لو خالف راى زعماء الصحابة كما حدث فى اسرى بدر و صلح الحديبية و غزو تبوك
    و يكون هو بذاته الاسوة الحسنة فى المعركة
    فلولا موقفه البطولى فى هزيمة احد , و حصار المدينة لقضى على الاسلام , و لولا موقفه الجرىء فى معركة حنين لخسر فتح مكة و نصر الاسلام

    و كان محمد عبقرية ادارية فى تنظيم شئون الحياة الدينية و الاجتماعية و السياسية و الحربية .. و كان محمد عبقرية تشريعية .. )

    و الواقع ان الامر اعظم و اعمق مما ذكره الحداد. فقد بنى ابو الزهراء :salla1: اساس امة ورثت الامبراطوريات القديمة و كل ذلك من لا شىء . فقد كان هناك انعدام للمقدمات المعرفية والحضارية لنشوء حضارة فجائية على يد الرسول وهذه الحضارة - كما يقول بعض الافاضل - حين امتدت الى حضارات أصيلة لم تذب فيها بل ذوبت الحضارات مما يعني قوتها الهائلة التي أسقطت مفاهيم أمم تطورت وترسخت خلال آلاف السنين ، بعكس العادة من تأثير الأمم الحضارية في غيرها حتى لو هزمت في المعركة .
    و قد كان ابو الزهراء :salla1: ينتمي إلى الحجاز وهو قطر لم يمر حتى تأريخياً بمثل الحضارات التي نشأت قبل ذلك بمئات السنين في مواضع اُخرى محدّدة من تلك الجزيرة، ولم يعرف أي تجربة إجتماعية متكاملة.
    وكان منغمسا من الناحية العقائدية في فوضى الشرك والوثنية، ومفكّكا اجتماعيا تسيطر عليه عقلية العشيرة، وتلعب فيه الانتماءات إلى هذه العشيرة أو تلك الدور الأساسي في أكثر أوجه النشاط بكلّ ما يؤدّي إليه ذلك من التناقضات وألوان الغزو والصراع الرخيص.

    ولم يكن البلد الذي نشأ فيه هذا الرسول قد عرف أيّ شكل من أشكال الحكم سوى ما يفرضه الولاء للقبيلة من مواضعات.

    ان تاريخ المجتمعات وإن كان قد شهد في حالات كثيرة إنساناً يبرز على صعيد مجتمعه فيقوده ويسير به خطوةً إلى الامام غير أ نّنا هنا لا نواجه حالةً من تلك الحالات ; لوجود فوارق كبيرة.
    اولا -نحن نواجه هنا طفرةً هائلةً وتطوّراً شاملا في كلّ جوانب الحياة، وانقلاباً في القيم والمفاهيم التي تتّصل بمختلف مجالات الحياة إلى الأفضل، بدلا عن مجرّد خطوة إلى الأمام.
    فالمجتمع الوثني طفر رأساً إلى دين التوحيد الخالص، الذي صحّح كلّ أديان التوحيد الاُخرى، وأزال عنها ماعلق بها من زيف وأساطير و ان مجتمع القبيلة طفر رأساً على يد النبي إلى الإيمان بفكرة المجتمع العالمي الواحد.. وإنّ المجتمع الفارغ تماماً تحوّل إلى مجتمع ممتلئ تماماً، بل إلى مجتمع قائد يشكّل الطليعة لحضارة أنارت الدنيا كلّها.
    فابنُ الصحراء التي لم تكن تفكّر إلاّ في همومها الصغيرة وسدّ جوعتها والتفاخر بين أبنائها ضمن تقسيمها العشائري، ظهر ليوحدها فى سبيل رسالة سامية و يقودها إلى حمل أكبر الهموم
    وكلّ هذه التحوّلات الكبيرة تمّت في مدّة قصيرة جدّاً نسبياً في حساب التحوّلات الاجتماعية.



    ثانيا - ان اى تطور شامل في مجتمع إذا كان وليد الظروف والمؤثّرات المحسوسة فلا يمكن أن يكون مرتجلا ومفاجئاً ومنقطع الصلة عن مراحل تمهّد له، وعن تيار يسبقه ويظلّ ينمو ويمتدّ فكرياً وروحياً حتى تنضج في داخله القيادة الكفوءة لتزعّمه، وللعمل من أجل تطوير المجتمع على أساسه.

    وخلافاً لذلك نجد أنّ ابا الزهراء :salla1: في تاريخ الرسالة الجديدة لم يكن حلقةً من سلسلة، ولم يكن يمثّل جزءً من تيار، و الحنفاء الذين وجدوا قبله كانوا افرادا معدودين مشتتين و لم يكونوا يمثلون تيارا اصلا
    و لم يكن عندهم الا موقف سلبى من العقيدة الوثنية دون ان يكون لديهم اى بديل فكرى ناضج فكانوا يتوقون الى ديانة اكثر منطقا الا انه لم يكن لديهم تصور عن كنهها و كان من بينهم زيد بن عمرو بن نفيل الذى تميز كما روى باستقلاله الفذ و كان يقر بشجاعة بجهله بالطريقة التى يمكنه بها عبادة الخالق
    و هذا على فرض صحة ما نسب اليهم من اشعار و خطب و الا فما اثبته المحققون من وقوع الوضع فى حالة مهمة كحالة امية بن ابى الصلت يجعل الباحث يشك فى صحة اغلب ما نسب اليهم
    وأمّا التيار الذي تكوّن من صفوة المسلمين الأوائل على يد النبي فقد كان من صنع الرسالة والقائد، ولم يكن هو المناخ المسبق الذي ولدت فيه الرسالة وتكوّن القائد.

    ومن أجل ذلك نجد أنّ الفارق بين عطاء النبى :salla1: وعطاء أيّ واحد من هؤلاء لم يكن فارق درجة كالفوارق التي تبدو بين بذرة واُخرى من البذور التي تكوّن التيار الجديد، بل كان فارقاً أساسياً لا حدّ له
    وهذا يبرهن على أنّ محمداً :salla1: لم يكن جزءً من تيار، بل كان التيّار الجديد جزءً منه.

    ثالثا - يبرهن التاريخ ايضا على أنّ القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية لتيار جديد إذا تركّزت كلّها في محور واحد من خلال حركة تطوّر فكري واجتماعي معيّن فلابدّ أن يكون في هذا المحور من القدرة والثقافة والمعرفة مايتناسب مع ذلك، ولابدّ من أن يكون تواجدها فيه طبقاً لما يعرف عادةً من أساليب في حياة الناس، ولابدّ من ممارسة متدرّجة أنضجته ووضعته على خطّ القيادة لذلك التيار.

    وخلافاً لذلك نجد أنّ محمداً :salla1: قد مارس بنفسه القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية، دون أن يكون هناك اعداد فكرى مناسب -على فرض انه تلقى اى نوع من الاعداد الفكرى --يرشّحه لذلك
    ودون أن تكون له أيّ ممارسات تمهيدية لهذا العمل القياديّ المفاجئ.

    و اختم فى هذه النقطة بقول القس جورج بوش فى كتابه الذى طبع مؤخرا و اثار ضجة " محمد مؤسس الدين الاسلامى و مؤسس امبراطورية المسلمين "/353:

    (هكذا انتهت مهمة محمد على ظهر الارض , هكذا انتهت مهمة واحد من ابرز الرجال و اكثرهم جدارة بالالتفات على الاطلاق , هكذا انتهت المهمة الدنيوية لاكثر المدعين !! نجاحا و تصميما
    لقد استطاع بطموحه الواسع ان يوجه المواهب الوطنية فتطورت بداياته المتواضعة الى ذروة القوة بين العرب , و كان قد بدا قبل ان يموت ثورة من اعظم الثورات التى عرفها تاريخ البشرية , لقد وضع اساس امبراطورية استطاعت فى ظرف ثمانين سنة فقط ان تبسط سلطانها على ممالك و بلاد اكثر و اوسع مما اسطاعته روما فى ثمانمائة سنة ,و تزداد دهشتنا اكثر و اكثر اذا تركنا نجاحه السياسى و تحدثنا عن صعود دينه و انتشاره السريع و استمراره و رسوخه الدائم .
    و الحقيقة ان ما حققه نبى الاسلام و الاسلام لا يمكن تفسيره الا بان الله كان يخصهما برعاية خاصة
    فالنجاح الذى حققه محمد لا يتناسب مع امكاناته , و لا يمكن تفسيره بحسابات بشرية معقولة
    لا مناص اذن من القول انه كان يعمل فى ظل حماية الله و رعايته , لا تفسير غير هذا لتفسير هذه الانجازات ذات النتائج الباهرة

    و لا شك انه يجب علينا ان ننظر للاسلام النص الدينى المحمدى فى ايامنا هذه بوصفه شاهدا قائما ينطوى على حكمة غامضة لله لا ندرى مغزاها !!) انتهى
    هذا نص كلامه كما ترجمه الدكتور عبد الرحمن الشيخ , طبعة دار المريخ - الرياض 2005
    لكن بوش يرى مع ذلك ان الله قدر هذا ليجعل الدعوة المحمدية سوط عذاب للكنائس التى ضلت السبيل لكى تعود الكنيسة لرشدها و ساعتها سينزاح الاسلام و يتنصر المسلمون ! ..

    -----------------------
    3- جاء ابو الزهراء :salla1: بقيم ومفاهيم عن الحياة والإنسان، والعمل والعلاقات الاجتماعية، وجسدت تلك القيم والمفاهيم في تشريعات وأحكام. وكانت تلك القيم والمفاهيم وهذه التشريعات والأحكام ـ حتى من وجهة نظر من لا يؤمن بربانيتها ـ من أنفس ومن أروع ما عرفه تأريخ الإنسان من قيم حضارية وتشريعات اجتماعية .

    فابنُ مجتمع القبيلة ظهر على مسرح العالم والتاريخ فجأة ليعلن ان خارج الاخوة فى الله توجد الاخوة فى ادم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
    و ان اختلاف المشاعر الدينية لا يجوز ان يحول بيننا و بين ان نبادل اخواننا فى الانسانية البر و الاحسان (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) و ان قسوة الكفار علينا لا ينبغى ان تدفعنا الى العدوان و لا لان نكون غير مقسطين فى معاملتهم (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ على الا تعدلوا )
    و ان التقى العادل فى محيط الجماعة المسلمة هو كذلك خارجها (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ .. بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)

    وابن ذلك الفراغ الشامل سياسياً واقتصادياً بكلّ ما يضجّ به من تناقضات الربا والاحتكار والاستغلال، ظهر فجأةً ليملأ ذلك الفراغ ويجعل من ذلك المجتمع الفارغ مجتمعاً ممتلئاً، له نظامه في الحكم، وشريعته في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، ويقضي على الربا والاحتكار والاستغلال، ويعيد توزيع الثروة على أساس أن لا تكون دولة بين الأغنياء، ويعلن مبادئ التكافل الاجتماعي والضمان الاجتماعي التي لم تنادِ بها التجربة الاجتماعية البشرية إلاّ بعد ذلك بمئات السنين.
    ورفع ابو الزهراء :salla1: المرأة الموءودة إلى مركز كريم , فالمرأة في النظام الإسلامي (نظام المعرفة والحقوق والقيم) تتبوأ نفس الموقع الذي يتبوأه الرجل في القيمة الإنسانية والمركز الحقوقي.

    (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة) .(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)
    وعلى هذا الأساس أكّد الإسلام أهلية المرأة الكاملة للحياة الروحية والتسامي فيها إلى أعلى المراتب، فأهليتها للتقرب من الله تعالى بالطاعة والعبادة كأهلية الرجل تماما.
    وقد ورد التصريح بهذه الحقيقة في القرآن الكريم في عدة آيات منها قوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب:35)

    ومنها قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)

    وبهذا أكد طهارتها الذاتية وبراءتها الأصلية في مقابل وصمها بالخطيئة الأصلية، لما نسب إلى السيدة حواء رضوان الله عليها من أنها ارتكبت المعصية الأولى بتناول الثمرة المحرمة، كما شاع ذلك في اليهودية والنصرانية وغيرهما من الديانات القديمة.

    و بين أن مخالفة الإرشاد الإلهي لم تحصل من حواء وحدها بل شاركها فيها زوجها آدم عليه السلام،(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) ثم بين ان آدم وزوجه تابا وقبل الله توبتهما، (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
    ثم قطع دابر كل شبهة في سريان آثار الذنب إلى غير مرتكبه، وبين أن البشر بريئون مما ارتكب أبواهم، فقال تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

    وقد رتب القران على تأكيد تمتع المرأة بالإنسانية الكاملة وأهليتها الروحية والأخلاقية الكاملة، وطهارتها وبراءتها الكاملة، وجوب إكرامها واحترامها، وحرَم كل إساءة إليها وتشاؤم فيها. بنتا وأختا وأمّا وزوجة وعضوا في المجتمع.

    فحرم وأد الأنثى: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )

    وقال تعالى في شأن التشاؤم بالأنثى، في سياق بيان بعض ملامح ثقافة الشرك والجاهلية وسلوك المشركين: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ.يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)
    و أوجب إكرام المرأة في المجتمع بقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم)
    وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات:11)

    وخصص المرأة بأعظم التكريم والرعاية والاحترام ، فقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً )
    ورفع المرأة، الزوجة، من مستوى الرقيق، التابعة للزوج، إلى مستوى الشريك الكامل ، فقال تعالى من جملة آيات كثيرة : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)(الروم: من الآية21)
    وقال تعالى: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف)
    لقد بين القرآن الكريم أصول النظرة إلى المرأة في جميع حالات و أصول السلوك تجاهها.
    وقد ترتب على ذلك وضع حقوقي اثبتة الشارع المقدس للمرأة في مجال الأهلية الشخصية (في الولاية على الذات)و الاقتصادية، فأثبت لها الولاية على نفسها ومالها وعملها حين تبلغ سن التكليف وتكون رشيدة في تصرفاتها.
    لقد ساوى الإسلام بينها وبين الرجل في كل شيء، سوى بعض الموارد التي اختلف فيها وضعها الحقوقي عن الرجل لأسباب موضوعية ناشئة من نفس مجال الاختلاف
    و جاء ابو الزهراء :salla1: ايضا بالعتق للرقيق و وضع اساسا لتحريرهم
    و جاء فى مجال الفضيلة الشخصية بمبادىء لم يعرفها اهل الكتاب المعاصرون له كتحريم الخمر , و مبدا النية باعتبارها لب العمل الاخلاقى باعتبار ان الهدف الذى ينبغى على الانسان الفاضل ان يقصده ليس فى ملكوت السماء و لا فى ملك الدنيا انما هو اعلى من هذا كله . انه هو الخير المطلق اى فى ابتغاء وجه الله تعالى الذى يجب استحضاره فى القلب عند اداء العمل الانسانى بتنفيذ اوامره(وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ)(وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى - إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى)
    و اوجد فصلا رائعا فيما يمكن تسميته بالحضارة الاخلاقية . انه تقنين حقيقى فى الادب , و الذوق الاجتماعى , و التحشم فى المظهر
    و فى ميدان الفضائل الجماعية و الفضائل العامة جاء بمبدا التضامن بان يكون المؤمنين جماعة موحدة لا تنقسم بدون فرقة او انشقاق فالاسلام ليس دينا فحسب و انما هو اخوة فى الله و المسلمون فى توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى اليه سائر الاعضاء بالسهر و الحمى , و جاء بمبدا اخر و هو على جانب كبير من الاهمية فى الناحية الاخلاقية و هو التزام جميع المسلمين بالا يتركوا المنكر و الظلم و الطغيان يسود فى مجتمعهم و ضرورة ان يتواصوا بالحق و الفضيلة و هو ليس حق بل واجب على كل مسلم
    و فى ميدان الفضيلة فى المعاملات الدولية و بين الاديان جاء بفصل جديد و تشريع اخلاقى لظروف السلم و الحرب تضمن القران مبادئه الاساسية و منها ان الحرب الشرعية لا تقوم الا من اجل درء العدوان (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) و يجب ان تتوقف بمجرد انتهائه (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ) و هناك بعد ذلك المبدا الذى يحترم المواثيق المبرمة مع العدو مهما كانت فرص عقدها غير متكافئة فالمعاهدة الموقعة بين الاطراف واجبة الاحترام حتى و لو كانت فى غير صالحنا (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ - وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ)
    و حتى اذا بدا العدو فى نقض اتفاقه فلا يحق لنا مهاجمته على غره بل يجب اولا اعلانه بالغاء عهده معنا بطريقة واضحة بحيث يتيسر له العلم بقرارنا (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ)
    و لا يتسع المقام للتفصيل
    -----------------------
    4- و جاء ابو الزهراء ايضا بالقران العظيم الذى – اضافة الى هديه الشامل العميق – قد خرق العادة عند العرب فى نظم كلامهم و قد بلغ في روعة بيانه وبلاغته وتجديده في أساليب البيان- - إلى درجة جعلت منه حتى من وجهة نظر غير المؤمنين بربّانيته ـحدّاً فاصلا بين مرحلتين من تاريخ اللغة العربية، حتى و ان لم يعترفوا بكونه معجزة الهية
    يقول القس الحداد :" اعجاز القرآن فى النظم والبيان، قضية لا يكابر فيها انسان تحلى بالنزاهة والعرفان. ونشهد أن اعجاز القرآن، فى النظم والبيان، هو معجزة اللغة العربية على كل لسان. لكن هل يصح اعتبار هذا الاعجاز اللغوى معجزة "..
    و الذي كان يحمل إليهم هذا الزاد الأدبي الجديد على حياتهم إنسان مكث فيهم أربعين سنةً، فلم يعهدوا له مشاركةً في حلبة أدبية، ولا تميّزاً في أيّ فنّ من فنون القول.
    و افضل ما عبر عن روعة و تميز البلاغة القرانية ما كتبه الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله فى كتابه " النبا العظيم "
    --------------------
    5- الانتاج العلمى :لقد سالت من بين اصابع ابى الزهراء :salla1: بحار من العلوم الالهية و الحكمة و الهدى ولا زال بحر العلم و الهدى و الحكمة الذى سال من بين اصابعه يتدفق الى يومنا و ليس له سواحل و لا لعمقه حد, و كما يقول بعض الافاضل :فالقرآن والأحاديث الشريفة التي نرويها للرسول والفقه المتولد منها والعلوم الكثيرة من أخلاق ومنطق وسياسة وعقيدة سليمة موحدة لله لا يستطيع الإتيان بها عالم .ففي زمننا العجيب الذي توفرت فيه الإمكانات العلمية وأدواتها والبحوث المدعومة واتساعها، لا يستطيع عالم أن يأتي بما أتى به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رغم أن بعض العلماء يقرأ بحدود 15 ساعة يوميا ، وبعمر يناهز التسعين سنة مع أنه يبتدئ العلوم من سن السادسة ، ومع ذلك لا يستطيع أن يجاري مهمة الرسول وهو قد ابتدأ النبوة في سن الأربعين ومات في سن الثالثة والستين.

    -------------------------
    6- لا معلم :
    لقد جاهد خصوم الاسلام سلفا و خلفا لاثبات معلم للنبى :salla1: و لكن لا اهمية لذلك فحتى لو فرضنا جدلا انه تعلم بعض القصص من ورقة او غيره فليس فى هذا التعلم المزعوم ما يعتبر اعدادا فكريا يناسب ما جاء به ابو الزهراء و ما حققه
    و مع ذلك فكل محاولات خصوم الاسلام فى ذلك الصدد تخبط و تكلف و تعنت حيث عمدوا الى افراد من الذين امنوا بنبوة ابى الزهراء :salla1: ليزعموا انهم اساتذته ! كابن سلام و سلمان رضى الله عنهما,و كذلك ورقة بن نوفل حسب رواية البخارى التى يحتج بها خصوم الاسلام
    يقول الدكتور محمد عبد الله دراز فى " النبا العظيم ":
    (و اما الذين لقوه بعد النبوة فقد سمع منهم و سمعوا منه و لكنهم كانوا له سائلين و عنه اخذين و كان هو لهم معلما و واعظا و منذرا و مبشرا
    و اما الذين راهم من قبل فان امر لقائه اياهم لم يكن سترا مستورا بل كان معه فى كل مرة شاهد : فكان عمه ابو طالب رفيقا له حين راى راهب الشام و كانت زوجه خديجة رفيقة له حين لقى ورقة فماذا سمعه هذا الرفيقان من علوم الاستاذين ؟! هلا حدثنا التاريخ بخبر ما جرى ؟ .. على ان التاريخ لم يسكت بل نبانا بما كان من امر الرجلين فقد حدثنا عن راهب الشام انه لما راى الغلام راى فيه من سيما النبوة الاخيرة و حليتها فى الكتب السابقة ما انطقه بتبشير عمه قائلا : ان هذا الغلام سيكون له شان عظيم
    و حدثنا عن ورقة انه لما سمع ما قصه عليه النبى من صفة الوحى وجد فيها من خصائص الناموس الذى نزل على موسى ما جعله يعترف بنبوته و يتمنى ان يعيش حتى يكون من انصاره )

    و لا يخفى على بصير ان محمدا :salla1: قد واجه اهل الكتاب بثقة مطلقة لا تصدر ابدا عن انسان تلقى من احد اليهود او النصارى علوما فضلا ان يتتلمذ عليه و لو حدث شىء من ذلك لما واجههم بكل هذه الثقة المطلقة ,بل لقد تعامل بهم باستاذية
    و كما يقول الدكتور محمد عبد الله دراز :"هل كان فى العلماء يومئذ من يصلح ان تكون له على محمد و قرانه تلك اليد العلمية ؟
    يقول الملحدون انفسهم :" ان القران هو الاثر التاريخى الوحيد الذى يمثل روح عصره اصدق تمثيل " و هذه كلمة حق فى حدود معناها الصحيح .. فليقراوا الزهراوين البقرة و ال عمران و ما فيهما من المحاورة لعلماء اليهود و النصارى فى العقائد و التواريخ و الاحكام , او ليقراوا ما شاؤا من السور المدنية و المكية التى فيها ذكر اهل الكتاب , و لينظروا باى لسان يتكلم عنهم القران , و كيف يصور لنا علومهم بانها الجهالات , و عقائدهم بانها الضلالات او الخرافات , و اعمالهم بانها الجرائم و المنكرات
    فان انت احببت زيادة البيان فاليك نموذجا من وصفه و تفنيده لاغلاطهم و مغالطاتهم التاريخية ( يا اهل الكتاب لم تحاجون فى ابراهيم و ما انزلت التوراة و الانجيل الا من بعده افلا تعقلون ) ( ام تقولون ان ابراهيم و اسماعيل و اسحق و يعقوب و الاسبط كانوا هودا او نصارى )(ان اول بيت وضع للناس للذى ببكة ) ( كل الطعام كان حلا لبنى اسرائيل الا ما حرم اسرائيل على نفسه ) و هذا طرف من وصفه و تفنيده لخرافاتهم الدينية (و ما مسنا من لغوب )(و ما كفر سليمان ) (لقد سمع الله قول الذين قالوا ان الله فقير و نحن اغنياء )(و قالت اليهود يد الله مغلولة )(و قالت اليهود عزير ابن الله )( و قالت اليهود و النصارى نحن ابناء الله و احباؤه – لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم) .( لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة )..
    فانظر كيف صور القران عقيدة هؤلاء علماء الدين فى زمنه و لا سيما علماء النصارى فقد كان طابع الشرك فى ديانتهم لا يخفى على احد حتى ان الاميين فطنوا له فاتخذوا منه عزاءا لهم فى شركهم (و لما ضرب ابن مريم مثلا اذا قومك منه يصدون و قالوا االهتنا خير ام هو ) بل اتخذوا منه حجة على ان التوحيد الذى دعاهم اليه القران بدع فى الدين لم يسبق اليه فقالوا ( ما سمعنا بهذا فى الملة الاخرة ) يعنون ملة النصرانية

    و هذه سلسلة اخرى من جرائمهم يسردها القران متواصلة الحلقات (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً 155 وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا 156 وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا 157 بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا 158 وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا 159 فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا 160 وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

    فهل ترى فى هذا كله صورة اساتذة يتلقى عنهم صاحب القران علومه ؟ ام بالعكس ترى منه معلما يصحح لهم اغلاطهم و ينعى عليهم سوء حالهم )


    و اضيف ان هناك بالفعل بشارات بالاسلام لا زالت فى كتب اهل الكتاب و بعضها ورد فيه اسمه صلى الله عليه و اله و سلم كما فى العهد القديم فى سفر حجى:
    مشتهى كل الأمم : " وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ فَأَمْلأُ هَذَا الْبَيْتَ مَجْداً قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ . " ( حجي2/7 ).
    ان لفظ " مشتهى" هو بالعبرية من الجذر "حمد " و المعنى " محمود كل الامم " اى محمد .
    و قد حاول القس المصرى عبد المسيح بسيط ابو الخير الرد على ذلك فى كتابه " هل تنبا الكتاب المقدس عن نبى اخر ياتى بعد المسيح " بالقول بان هذا اللفظ ورد فى مواضع اخرى و كان فى احدها مضاف الى لفظ "اسرائيل", و فى موضع اخر مضاف الى لفظ "النساء " ثم قال : هل يقبل المسلمون ان يقال " محمد اسرائيل " او " محمد النساء " ؟!و هو رد عجيب فورود لفظ الحمد فى سفر حجى يختلف عن المواضع و السياقات الاخرى التى ذكرها القس لان نبوءة سفر حجى خاصة بالبشارة بنبى اخر الزمان او بالمسيا الذى كان ينتظره اليهود فهى تعطى لقبا لهذا المنتظر هو انه محمود من كل الامم و انطباقه على محمد واضح . و قد اقر القس نفسه بتميز سياق سفر حجى و انه متعلق بالشخصية المنتظرة و ان سماها مسيا حيث قال صفحة 95 :" و مشتهى كل الامم هو المسيا "
    فما ذكره لورود جذر حمد فى مواضع اخر مضافا لاسرائيل و للنساء الا نوع من الشغب لا يليق بعالم مثله
    يقول الدكتور نصر الله ابو طالب فى كتابه القيم " تباشير الانجيل و التوراة بالاسلام و رسوله محمد " /509:
    (نقل م.ا. يوسف فى كتابه بالانجليزية " مخطوطات البحر الميت " ص 110 عن السير قروفرى هيقين sir godfrey Higgins فى كتابه anacalypsis بان اسم المسيا الذى سياتى بعد عيسى قد ظهر فى فصل 2 اية 7 " و ياتى مشتهى كل الامم " فالحروف العبرية هنا حمد hmd من النص العبرى علق عليها قروفرى هيجين بقوله :
    From this root,the pretended prophet mohammed or mohamet had his name " sir hggin says ,"here Mohammed is expressly foretold by haggi ,and by name , there is no interpolation here . there is no evading this clear text and its meaning .."
    و هو ما يمكن ترجمته الى ما يلى :
    " من هذا الجذر – يعنى كلمة حمد – فان هاهنا اخبارا واضحا عن محمد بواسطة حجى النبى بالاسم , و بدون اى ادخالات على النص , و لا مهرب من هذا النص الواضح و معناه و ما يعنيه .."
    فمشتهى تنطق بالعبرية حمادا , فيكون ذلك ذكرا صريحا لاسم الرسول محمد صلى الله عليه و سلم " .
    و لا اقول بان المسيا او المسيح المنتظر هو محمد و ليس فى نبوءة حجى ذكر للمسيا بل هى بشارة بشخص يبعثه الله تحمده كل الامم و تلقبه بانه محمود , و هو واضح فى محمد صلى الله عليه و اله و سلم. و اليهود كما كشفت لفائف البحر الميت كانوا ينتظرون مسيحين احدهما مسيح معلم هارونى – و هو عيسى عليه السلام – و الاخر مسيح ملكى – و هو فى اعتقادنا المسيح الدجال – و كانوا ينتظرون ايضا نبيا يلقبونه نبى اخر الزمان او كما ورد فى the dead sea scriptures page 15 :

    "the prophet that is to arise at the end of days "

    اما فى العهد الجديد فيستدل على ورود اسمه صلى الله عليه و سلم بنبوءة " البركليت " التى وردت فى انجيل يوحنا حيث بشر المسيح عليه السلام بمجىء شخص من بعده عبر عنه بلفظ ينطق باليونانية : بركليت , و هى كلمة تحتمل احد معنيين :
    1- المعزى و هو المعنى الذى يتمسك به اهل الكتاب او كما يقولون هو اقنوم الروح القدس
    و الواقع انه لا وجود لهذا الاقنوم الا فى خيال المسيحيين الذين ابتدعوا هذا الاقنوم بعد المسيح
    2- المحمود او احمد Periklytos
    و قد ذكر القران الكريم ان المسيح بشر بنبى اسمه احمد ,
    "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ "
    و لعل اعجب ما قيل فى هذا الصدد هو كلام المستشرق tisdall فى كتابه the original sources of quran صفحة 190 حيث قال ان محمدا قد اغوى عن طريق جاهل مرتد عن المسيحية خلط بين كلمتى باراكليتوس و بريكليتوس التى تعنى " احمد "
    Muhammed was misled by some ignorant but zealous proselyte or other disciple ,who confounded the word used in these verses (joun xiv ,16,26'xvi,7)with another greek word , which might without avery great stretch of the imagination , be interpreted by the Arabic word " ahmad " the greatly praised "
    و هناك دراسة فى البشارات اتوق للاطلاع عليها و هى للباحث الفذ جمال الدين شرقاوى

    -------------------------

    7- لا مصادر علمية للقران :
    داب خصوم الاسلام على اتهام ابى الزهراء صلى الله عليه و سلم بانه استمد مادة القران من الكتاب المقدس و الواقع انها دعوى متهافتة ,فالاختلافات بين القران و بين العهد القديم جلية واضحة , بل لا مجال اصلا للمقارنة بينهما ,لكن لنذكر على سبيل المثال امثلة للاختلاف فى اصول العقائد :

    1- نفى القران ان الله تعالى تدركه الابصار ,و نفى ان موسى او بنى اسرائيل راوا الله تعالى

    " لاَ تُدْرِكُهُ الاَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" الانعام : 103

    (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلكِن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) الاعراف : 143

    (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ )البقرة : 55

    (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) النساء : 153

    اما فى العهد القديم فمما ورد فيه صريحا فى رؤية الرب ما جاء فى سفر الخروج - الاصحاح 33 :

    18 فقال أرني مجدك.
    19 فقال أجيز كل جودتي قدامك. وانادي باسم الرب قدامك. واتراءف على من اتراءف وارحم من ارحم.
    20 وقال لا تقدر ان ترى وجهي. لان الانسان لا يراني ويعيش.
    21 وقال الرب هوذا عندي مكان. فتقف على الصخرة.
    22 ويكون متى اجتاز مجدي اني اضعك في نقرة من الصخرة واسترك بيدي حتى اجتاز.
    23 ثم ارفع يدي فتنظر ورائي. واما وجهي فلا يرى


    وعلى هذا فالربّ يُرى قفاه ولا يُرى وجهه !!

    و فى سفر الخروج 24
    9 ثم صعد موسى و هرون و ناداب و ابيهو و سبعون من شيوخ اسرائيل
    10 و راوا اله اسرائيل و تحت رجليه شبه صنعة من العقيق الازرق الشفاف و كذات السماء في النقاوة
    11 و لكنه لم يمد يده الى اشراف بني اسرائيل فراوا الله و اكلوا و شربوا

    اضف الى ذلك اهتمام القران البالغ بالحديث عن الاخرة , التى لا نجد لها حضورا يذكر فى العهد القديم
    و كذلك الاختلاف فى الحديث عن النبوات :فليس فى القران الكريم ما فى العهد القديم من افعال مشينة منسوبة للانبياء , بل فى القران تصحيح لذلك ومثلا براالقران الكريم هارون عليه السلام من تهمة صناعة العجل التى الصقها به العهد القديم
    كما ان فى القران الكريم قصص ليست موجودة اصلا فى العهد القديم , مع ما فى القصص القرانى من عبر و عرض متميز لسنن التاريخ البشرى ليس له مثيل فى العهدين
    اما الاقتباس من المسيحية , فقد خالف القران المسيحية فى نظرتها للمسيح ,و لم يوافق رؤية اليهود مثلا ليستقطبهم
    فدعوى اقتباس القران الكريم من العهدين لا تصدر الا عن جاهل بالقران و بالعهدين
    يقول القس الحداد :
    ( قيل : اسلام القران هو تعريب اليهودية ..
    قيل : اسلام القران هو تعريب المسيحية..
    قيل : اسلام القران هو اسلام اليهودية و المسيحية مؤتلفا و يسلك المستشرقان العظيمان نلدكة و جولدتسيهر طريقا وسطا فهما يعتبران اسلام القران تعريب اليهودية و المسيحية معا .. و هذه النظرية اقرب الى معطيات القران و السيرة ..و لكنه فاتهما ما فى هذه النظريات الجزئية من تعارض تبقى معه مشكلة المصادر قائمة , ما فى الدعوة القرانية من اطوار و ما فى شخصية النبى من استقلال
    فليس فى القران من مصادر بالمعنى العلمى اى اقتباسات
    انما فى الدعوة القرانية اطوار تطورت فيها بتاثير تجارب دينية متتابعة حتى اخذت صيغتها النهائية فى العهد الاخير بالمدينة !
    يظهر ان اتصال محمد بالكتاب كان بالكتب ( المنحولة ) المفسرة للعهد العتيق و الجديد عند اليهود و النصارى اكثر منه بالكتاب المقدس الرسمى بسبب شعبيتها !!
    و كان اتصاله غالبا بواسطة البيئة و عن طريق السماع و الاتصال عن طريق البيئة ابلغ من الاتصال الفردى
    و هذا يعود الى شخصية محمد الفذة المستقلة , و نشوئها على الحنيفية العربية المستقلة
    يظهر لنا ذلك من السيرة و القران فلو كان محمد شديد التاثر ببيئته لكان تبع نسيبه ورقة نوفل مترجم الانجيل الى العربية فى نصرانيته , لقد اهتدى محمد فى جوار ورقة الى التوحيد الكتابى الانجيلى لكنه لم يصر مسيحيا مثل ورقة !..
    لذلك نقول ليس للقران مصادر بالمعنى العلمى انما هى تجارب دينية متعددة مر بها النبى الامى و هو يدعو قومه الى توحيد الله و عبادته و قد رسب منها فى وجدانه الحى اشياء و اشياء صهرتها و طورتها عبقريته الفذة فى التنزيل القرانى )

    فقد اقرالقس بحقيقة ان القران ليس مستمدا من الكتاب المقدس و لجا كما يلجا غيره من القساوسة الى الزعم بان ثقافة محمد الكتابية مستمدة من معلوماته السمعية عن الكتب الاخرى ( المخفية )التى قال الحداد و يا للعجب انها اكثر شعبية بين اهل الكتاب من كتابهم المقدس !!
    اما مزاعم الحداد عن اطوار الدعوة القرانية فقد فندها الاستاذ محمد عزة دروزة رحمه الله فى رده على الحداد ( القران و المبشرون )
    فالقران ليس له مصادر علمية كما اقر القس الحداد
    اما اتفاق القران مع مواضع فى كتب الابوكريفا فقد تضمن دلالة على ان القران ليس من تاليف محمد و كما يقول الباحث هشام محمد طلبة فى كتابه " محمد فى الترجوم و التوراة و التلمود ..":
    سنجد دائما هذه القرائن القرانية فى هذه الكتب مع ان عدد هذه الكتب كبير جدا , كما ان الكتاب الواحد له له اكثر من نص , التوراة نفسها سينية لها ستة نصوص اساسية ( البشتيا – الفولجاتا – الشبعينية – السامرية – الترجوم – القياسية ) : النسخة القياسية لها ثلاث نصوص فرعية ( الالوهى – اليهوى – الكهنوتى ) هذه هى النصوص الاساسية عدا العديد من النصوص الفرعية و اى ناشر للكتاب المقدس يجب ان يستخدم اكثر من نص من هذه النصوص مستعينا بعلم يسمونه " علم نقد النصوص "ليصلوا لنص اقرب ما يكون للنص الاصلى المفقود ..سنجد دائما هذه الشواهد القرانية مع ان هذه الكتب المذكورة كتبت بلغات مختلفة العبرية , السامرية , اللاتينية , اليونانية , الارامية , السريانية , القبطية الحبشية , المندائية , و غيرها عدا العربية
    مع ان هذه الكتب لم نجدها مرة واحدة بل لقد جمعت على مر قرون طويلة منذ القرن الرابع الميلادى حتى الان
    اغلب هذه الكتب وجدناه بعد وفاة محمد –ص- اخر ما وجدناه مخطوطات البحر الميت (1947-1956)
    سنجد دائما هذه الشواهد القرانية فى كتب السابقين مع ان هذه الكتب لم نجدها فى مكان واحد بل فى اماكن متعددة كسيناء و نجع حمادى و القاهرة , كهوف البحر الميت , الحبشة , الفاتيكان , مكتبات نبلاء اوروبا
    مع ان هذه الكتب كانت نادرة فى عهد النبى :salla1: لان النسخ كان يدويا و لم تكن هناك طباعة و كذلك لحرق كتب اتباع الاديان المضطهدة النصارى خاصة
    سنجد دائما هذه الشواهد مع ان حجم الكتب ايامه صلى الله عليه و سلم كان كبيرا و كانت على هيئة قراطيس من العسير تداولها سرا
    سوف اعطى مثالا لهذه الخاصية " الشواهد القرانية فى اسفار السابقين ":
    من المعروف ان قصة يوسف هى الوحيدة التى نجدها فى القران متتالية فى موضع واحد . هذه القصة لا نجدها كما هى فى اى كتاب من كتب اليهود او النصارى
    - سنجد قسما منها فى التوراة التى بين ايدينا الان ( قياسية – سبعينية ) مع وجود تفاصيل فى الرواية التوراتية لا نجدها فى القران كقطع التوراة لسرد قصة يوسف دون اى مناسبة لتروى لنا قصة اخرى و هى مضاجعة يهودا لزوجة ابنه !
    - - اما القسم الثانى من رواية يوسف فى القران فسنجده فى عدد كبير من كتب اهل الكتاب غير التوراة و سنجد هذا القسم مشتتا تماما , فجزئية قص يوسف رؤياه على ابيه اولا نجدها فى كتاب " العاديات اليهودية " للمؤرخ يوسيفوس , و جزئية (( ارسله معنا غدا يرتع و يلعب )) فى كتاب ( بسكيتارباتى و سيفر عدد )
    - هذان الكتابان اتفقا مع القران فى ذلك و اختلفا فيها مع التوراة نفسها
    - و جزئية " و اوحينا اليه لتنبئنهم بامرهم هذا " فى كتاب . و جزئية " و شروه بثمن بخس " فى كتاب . و جزئية " و جائوا اباهم عشاءا يبكون " فى كتاب ( عهود الاسباط و هو من كتب الاسرار ) و جزئية " فاكله الذئب " فى كتاب " yashar wa yesheb"
    و هكذا فى اكثر من 26 جزئية كتلك التى ذكرناها انفا فى اكثر من 30 كتابا
    كل هذه الكتب سالفة الذكر وجدنا لها تفاصيل عديدة غير منطقية لا تذكر فى القران الكريم كذكر كتاب " تنهوما " ان يهودا حين اخذ منه بنيامين دخل فى صراع مع يوسف و نزلت الملائكة لتشاهد الصراع بين يوسف " الثور " و يهودا " الاسد " !! و يضيف كتاب br و التلمود هنا ايضا ان رجال يوسف الاقوياء فقدوا اسنانهم بسبب صرخة يهودا !! و يذكر الكتابان فى موضع اخر ان ملاك العاطفة هو الذى حث يهودا على مضاجعة زوجة ابنه المذكورة فى التوراة !
    هذا عن القسم الثانى فى الرواية القرانية اما القسم الاخير فلا نجده فى التوراة او غيرها فلا بد اذن ان محمدا –ص- كانت لديه مخطوطات اخرى اضافة لكل ما ذكر من مصادر لم نجدها حتى الان !!و هذا مستحيل
    هذه الخاصية – الشواهد القرانية فى كتب السابقين – نستنتج منها انه من المستحيل على رجل مثل محمد صلى الله عليه و سلم ان يقرا كل صحيفة فى كل كتاب من كتب لم نعرف نحن الان اكثرها الا متاخرا جدا , ثم يستبعد التفاصيل غير المنطقية ثم ياخذ من هذا ما يستقيم مع ذلك , ثم يقدم هذا النتاج فى صورة بيانية رائعة و لا بد انه قد فعل كل هذا فى السر ايضا !
    ان هذا هو المستحيل بعينه خاصة كيف اطلع على كتب الاسرار apocrypha الخاصة بكل طائفة ؟ )

    ---------------------
    8- الثقة المطلقة :
    موضوع القصص القرانى الاساس ليس موضوعا تاريخيا و لا سردا للاحداث و الوقائع انما موضوعه الهدى و العبرة و العظة , و ما اقتنعت به ان القصص القرانى يتضمن نبوءة غيبية تحققت بلا شك
    فالقصص فى القران المكى كان ينزل كما اعلن القران - فى ذروة استضعاف الدعوة المحمدية – ليثبت فؤاد ابى الزهراء و يبشره بان رسالته ستنتصر كما انتصر الرسل السابقون
    و ان مصير كفار مكة هو الخزى فى الدنيا ان لم يؤمنوا
    "وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ"
    و هذه الثقة المطلقة مما يلفت النظر فى القران الكريم , و قليلة هى السور المكية التى لا تتوعد من يكذبون ابا الزهراء – ص- و يؤذونه بالقول و الفعل و حبك المؤامرات , و هذا التوعد و تلك الثقة المطلقة يتخذان صورا مختلفة :
    فقد يقص القران قصص الامم الخالية التى وقفت من رسلها ما وقفه اعداء محمد منه , و كيف كانت نهايتهم سوداء منكرة ,و هذه القصص من الكثرة فى القران بما لا داعى معها للاستشهاد بشىء منه و هذا مفتاح مهم لفهم الحكمة من القصص القرانى فى العهد المكى ,بل ان بعض السور قد اقتصر على اخبار تلك الامم مع رسلها او كاد مثل سورة " يونس " و " هود " و " ابراهيم " كما ان هناك سورة سميت باسم " الانبياء "
    و بعض هذه القصص يتعلق بامم لم يرسل اليها رسول و لكنها كفرت بانعم الله فاذاقها الله الفقر و دمر حضارتها , و ذلك مثل الايات التى تتحدث عن سبأ و جنتيهم اللتين بدلتا جنتين ذواتى اكل خمط و اثل و شىء من سدر قليل , و اسفارهم التى باعد الله بينها و جعلهم احاديث ,و كذلك الاية التى ضرب الله فيها "مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ"

    و قد يورد القران قصة فرد نال عقابه جزاء كفره و طغيانه كما فى قصة صاحب الجنة فى سورة الكهف ,و كقصة قارون
    و نلاحظ ان اسلوب القصص القرانى يختلف تماما مع اسلوب القصص فى الكتاب المقدس ,ففى القران سمة اسلوبية فريدة لا نجدها فى الكتاب المقدس الذى طالما اتهم ابو الزهراء :salla1: بانه اعتمد عليه كثيرا فى تاليف القران – بل و لا نجدها ايضا فى الحديث النبوى - و هى ان اسماء الاشخاص فيما عدا الانبياء حتى اسماء معاصريه سواء من الصحابة او من الكفار و من العرب او من الاعاجم, بل ايضا اسماء المدن و القرى و المواضع بوجه عام , تكاد ان تنعدم فى القران. و قد تنبه علماء الاسلام الى هذه السمة و درسوها تحت عنوان " المبهمات " و ما اشبه -كما نبه الى هذه السمة المستشرقون مثل ماسون masson فى مقدمة ترجمتها للقران الى الفرنسية - و الذى يرجع الى الكتاب المقدس سيهوله على الفور هذا الفرق بينه و بين القران فالكتاب المقدس يعج باعداد هائلة من اسماء الافراد العاديين و القواد و الملوك و الشعوب و المدن و المواضع .. الخ الى درجة تصيب حتى القارىء المتخصص بالدوار ..و لو رجعنا الى الاحاديث النبوية سنجد انها تعج ايضا بالاسماء .


    --------------------------

    9- القران و الحديث
    طالما استند خصوم الاسلام الى الاحاديث للطعن فى محمد :salla1: لكن لم يلتفت نظرهم الى ذلك الاختلاف بين اسلوب القران و اسلوب الحديث المحمدى
    و للدكتور ابراهيم عوض حفظه الله دراسة قيمة فى ذلك تقع فى نحو 570 صفحة و مجموع ما ذكره يدل بقوة على ان القران ليس من تاليف ابى الزهراء :salla1: و لا يمكننى بالطبع تلخيصه هنا لكن اشير الى محاور الدراسة :
    - ذكر فى اكثر من 70 صفحة الفاظا ترددت كثيرا فى الحديث لارتباطها بعصر الرسول و بيئته ارتباطا شديدا و لم ترد مطلقا فى القران
    - ثم ذكر فى اكثر من 50 صفحة كلمات متفرقة لها علاقة بالدين وردت فى الحديث و تكررت بكثرة و لم ترد فى القران
    - ثم ذكر فى نحو 30 صفحة اسماء وردت فى القران مفردة و فى الحديث مجموعة او العكس , و ذكر فى 20 صفحة ثنائيات حديثية ترددت بكثرة و لا وجود لها فى القران
    - ثم ذكر فى اكثر من 20 صفحة الفاظا استخدمت بكثرة فى الحديث بمعان او فى سياقات يختلف عما فى القران
    ثم ذكر فى اكثر من 200 صفحة تعبيرات موجودة فى الاحاديث و ليست موجودة فى القران او موجودة فى القران فقط او موجودة فى كليهما لكن فى استعمالها فى احدهما خصوصية تميزه تمييزا واضحا عن استعمالها فى الاخر
    - ثم ذكر فى قرابة 80 صفحة صورا حديثية وردت بكثرة و لم ترد فى القران , و تراكيب وردت بكثرة فى الحديث و لم ترد فى القران
    - ثم عقد مقارنة فى 80 صفحة بين القران و الحديث فى القسم , و اسماء الاعلام , و التكنية و التصريح , و الله و الشيطان , و القصة فى القران و الحديث , و تناول ايضا المقارنة بين اسلوب القران فى ذلك و اسلوب الكتاب المقدس
    هذه مجرد اشارة لمحاور الدراسة و لا تغنى بالطبع عن الاطلاع عليها
    و مما لفت نظرى فى هذا الصدد ان القران خلا تماما من اى ذكر لاسم على بن ابى طالب خصوصا رغم ان هناك عناية واضحة فى الحديث النبوى بذكر مناقبه فضلا عن غيره من كبار الصحابة و اهل البيت و زوجات النبى :salla1: و هى نقطة جديرة بالتامل و تدل على الاختلاف الكبير بين اسلوب القران و الحديث و هو اختلاف -كما يدرك من تامله مجموع ما ذكره الدكتور ابراهيم عوض- يدل بقوة على ان القران ليس من تاليف محمد :salla1:
    و هناك تساؤل لفت النظر اليه الدكتور دراز فى" النبا العظيم "هو لماذا نسب محمد :salla1: القران لغيره و هو حسب افتراض خصومه انفس اثار عقله و اغلى ما جادت به قريحته؟ .
    فان قيل : انه راى فى نسبته الى الوحى الالهى ما يعينه على هدفه المفترض باستيجاب طاعة الناس له و نفاذ امره فيهم لان تلك النسبة تجعل لقوله من الحرمة و التعظيم ما لا يكون له لو نسبه لنفسه
    فهذا فى الواقع قياس فاسد فى ذاته لان صاحب هذا القران قد صدر عنه الكلام المنسوب الى نفسه و الكلام المنسوب الى الله فلم تكن نسبته ما نسبه الى نفسه بناقصة من لزوم طاعته شيئا , و لا نسبة ما نسبه الى ربه بزائدة فيها شيئا , بل استوجب على الناس طاعته فيهما على السواء ,فكانت حرمتهما فى النفوس على سواء , و كانت طاعته من طاعة الله و معصيته من معصية الله , فهلا جعل كل اقواله من كلام الله تعالى لو كان الامر كما يهجس به ذلك الوهم
    --------------------------
    10- اخيرا لا اخرا فان القران الكريم كتاب هداية و ليس كتاب كيمياء او فيزياء لكن هناك اشارات فى القران الكريم تتضمن سبقا علميا لم يفطن اليها القدماء و هو ما كنت مقتنعا بضرورته فيما يدعى انه اعجاز علمى اى لا بد ان تكون الاية المتضمنة لذلك مما حير القدماء و ربما اخطاوا فى تفسيره , و هذه ثلاث امثلة :
    1-"يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ " النحل :69
    يقول الشريف الرضى رحمه الله :
    " و العسل عند المحققين من العلماء غير خارج من بطون النحل .
    و انما تنقله بافواهها من مساقطه و مواقعه من اوراق الشجر و اضغاث النبات , لانه يسقط كسقوط الندى فى اماكن مخصوصة و على اوصاف معلومة , و النحل تتبع تلك المساقط و تعهد تلك المواقع فتنقل العسل بافواهها الى كوراتها و المواضع المعدة لها
    فقال سبحانه " يخرج من بطونها " . و المراد :" من جهة بطونها ", و جهة بطونها افواهها
    و هذا من غوامض البيان و شرائف هذا الكلام "
    تلخيص البيان فى مجازات القران /68
    فانظر كيف ان العلماء المحققين فى عصر الشريف الرضى ( القرن الخامس الهجرى ) يقررون ان العسل لا يخرج من بطون النحل , و من ثم عد هو قوله تعالى " يخرج من بطونها شراب .." مجازا من مجازات القران .
    و الصواب هو ما قاله القران من ان العسل يخرج فعلا من بطون النحل التى تجمع الرحيق و يتحول فى معدتها الى عسل تقوم بافرازه بعد ذلك
    2- "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء " النور :45
    يقع الامام الباقلانى فى خطا مشابه لخطا الشريف الرضى, اذ يعد قوله تعالى " و الله خلق كل دابة من ماء " نوعا من التعميم فى التعبير , فقد ظن ان القران حينما قال ان كل الدواب مخلوقة من ماء لم يقصد انها كلها كذلك بل بعضها فقط ,و لكنه عمم القول .
    فماذا قال علماء العصر الحديث الذين قتلوا هذه المسالة بحثا ؟ يقولون ان الثابت بالتحديد ان اصل الحياة مائى , و ان الماء هو العنصر الاول المكون لكل خلية حية , فلا حياة ممكنة بلا ماء .
    و اذا ما نوقشت امكانية الحياة على كوكب ما فان اول سؤال يطرح هو ايحتوى هذا الكوكب على كمية كافية من الماء للحياة عليه ؟
    و الطريف ان الباقلانى قد قال ذلك دفاعا عما ظنه الملحدون فى عصره مطعنا فى القران الكريم , و هذا نص كلامه :
    " قوله عزوجل ( و الله خلق كل دابة من ماء ) قال الملحدون : و فى هذه الاية احالة من وجوه :
    احدها انه خلق كل دابة من ماء و ليس الامر كذلك , لان منها ما يخلق من بيض و تراب و نطف ..
    و الجواب ان قوله (كل ) لا يقتضى استغراق الجنس بل هو صالح للتعميم و التخصيص . و لو ثبت العموم لجاز تخصيصه , اذ علمنا ان من الدواب ما لم يخلق من ماء
    على ان الناس من يقول : اصل الاشياء كلها اربع : الماء و الهواء و النار و الارض , و كل دابة مركبة من بلة و رطوبة " نكت الانتصار لنقل القران للباقلانى /202
    و كما يقول الدكتور ابراهيم عوض : الايتان السابقتان و تعليق الشريف الرضى و الباقلانى عليهما لا تحتاج الى تعقيب , اللهم الا القول بان هذين العالمين قد اتيا بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم بعدة قرون احرز المسلمون اثنائها تقدما هائلا جدا بالقياس الى معارف العرب و العالم كله فى عصر الرسول
    و مع ذلك فالقران على صواب , و هذا العالمان اللذان يعكسان معارف عصريهما هما المخطئان .

    3- "وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " فاطر :12
    يقول الدكتور ابراهيم عوض :" لقد قرات هذه الاية مرات لا تحصى و لكن لم التفت الى ما تؤكده من ان الحلى تستخرج من النهر و البحر كليهما , اذ ان الذى كنت اعرفه حتى ذلك الوقت هو ان اللؤلؤ و المرجان – المذكورين فى سورة "الرحمن " - لا يوجدان الا فى البحار , و قفز السؤال الى عقلى على الفور : ايمكن ان يكون القران قد اخطا ؟
    ان الاية فى سورة "الرحمن " يمكن الا تثير مشكلة , فنصها هو " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ-فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ-يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ" و من الممكن القول بان معناهما ان اللؤلؤ و المرجان يخرجان من مجموع البحرين لا من كل منهما , كما تقول مثلا : ان فى يدى هاتين مائة جنيه , و يكون المبلغ كله فى اليد الاولى بينما الاخرى خلو تماما من اى نقود , و لا تكون قد عدوت الحقيقة
    اما اية سورة فاطر فانها تقول بصريح العبارة :" و من كل .. تستخرجون حلية تلبسونها "
    و لم يسعفنى ما عندى من تفاسير قديمة , فاخذت اقلب النظر فى ارفف مكتبتى و انا حائر ضائق , و اذ بى المح ترجمة عبد الله يوسف على للقران فافتحها فاجد فيها شفاء نفسى , اذ يذكر المترجم رحمه الله فى تعليقه على الاية فى الهامش : من الحلى البحرى اللؤلؤ و المرجان و من الحلى النهرى العقيق و برادة الذهب و غيرهما
    ثم رجعت بعد ذلك الى دائرة المعارف البريطانية مادة pearl و " المنتخب فى تفسير القران " فوجدت فى الاولى ان اللؤلؤ يوجد ايضا فى المياه العذبة
    اما الكتاب الاخير فكانه يرد على حيرتى اذ يقول :"و قد يستبعد بعض الناس ان تكون المياه العذبة مصدرا للحلى , و لكن العلم و الواقع اثبتا غير ذلك
    اما اللؤلؤ فانه كما يستخرج من انواع معينة فى البحر , يستخرج ايضا من انواع معينة اخرى من الانهار , فتوجد اللالىء فى المياه العذبة فى انجلترا و اسكتلندا و ويلز و تشيكوسلوفاكيا و اليابان .. الخ
    بالاضافة الى مصائد اللؤلؤ البحرية المشهورة , و يدخل فى ذلك ما تحمله المياه العذبة من المعادن العالية الصلادة كالماس الذى يستخرج من رواسب الانهار الجافة المعروفة باليرقة , و يوجد الياقوت كذلك فى الرواسب النهرية فى موجوك بالقرب من باندالاس فى بورما العليا , اما فى سيام و فى سيلان فيوجد الياقوت غالبا فى الرواسب النهرية , و من الاحجار شبه الكريمة التى تستعمل فى الزينة حجر التوباز , و يوجد فى الرواسب النهرية فى مواقع كثيرة و منتشرة فى البرازيل و روسيا – الاورال و سيبريا – و هو فلورسيليكات الالومنيوم , و يغلب ان يكون اصفر او بنيا , و الزيركون circon حجر كريم جذاب تتقارب خواصه من خواص الماس و معظم انواعه الكريمة تستخرج من الرواسب النهرية "
    و حتى يقدر القارىء رد فعلى الاول حق قدره اذكر له ان بعض المترجمين الاوروبيين انفسهم فى العصر الحديث قد استبعدوا ان تكون الانهار مصدرا من مصادر الحلى . و قد تجلى هذا فى ترجمتهم لهذه الاية فمثلا نرى رودويل الانجليزى يترجم الجزء الخاص بالحلى منها هكذا
    Yet from both ye eat fresh fish and take forth for you ornaments to wear
    فعبارة from both تصلح لترجمة اية سورة الرحمن لا هذه الاية
    كذلك ينقل رودى باريت هذه العبارة الى الالمانية .. و الذى ترجمته ( و تستخرجون ( من البحر الملح ) حلية تلبسونها ) و يرى القارىء بوضوح كيف ان المترجم قد اضاف من عنده بين قوسين عبارة ( من البحر الملح : aus dem salzmeer ) و هو ما يوحى باستبعاده ان تكون الانهار مصدرا من مصادر الحلى على ما تقول الاية الكريمة ..
    و يرى القارىء من هذه الاية كيف ان القران قبل اربعة عشر قرنا قد اشار الى حقيقة يستبعدها واحد مثلى يعيش فى القرن العشرين و اخرون مثل المستشرق الانجليزى رودويل و نظيره الالمانى رودى باريت
    فكيف عرفها محمد اذن و اداها بهذه البساطة لو كان هو مؤلف القران , و بخاصة ان الانهار التى ذكر ان اللؤلؤ و غيره من الاحجار الكريمة و شبه الكريمة تستخرج منها تقع فى بلاد سحيقة بالنسبة للجزيرة العربية , بل ان بعضها كالبرازيل مثلا لم يكتشف الا فى العصور الحديثة ؟
    اخشى ما اخشاه اذا انتبه المستشرقون لاهمية هذه الاية ان يزعموا ان سيدنا رسول الله قد قام برحلات الى هذه البلاد خفية فى الفترات التى كان يدعى فيها لخديجة انه ذاهب الى غار حراء .."



    تلك عشرة كاملة , لنا ان نتساءل بعد تاملها جيدا من مثل هذا الانسان؟

    من ذا الذى بامكانه ان ياتى ب مجموع هذه الامور غير غافلين عن الظرف الذى انطلق منه ؟
    لقد كان الاسكندر فاتحا عسكريا مظفرا , و تتلمذ على يد اعجوبة البشرية ارسطو و لكنه لم يكن المشرع و لم يكن النبى
    و كان ارسطو فريدا فى الفلسفة و المنطق و الاداب و العلوم , و لكنه لم يكن رجل الدولة و لا رجل الدين و لا القائد العسكرى
    و كان نابليون رجل سياسة و قائدا عسكريا و مشرعا , و لكنه لم يكن صاحب الدين او رجل اللغة و الادب او الاخلاق
    و كان كل من شكسبير و جوته علما من اعلام الادب و الشعر و المسرح و لكنهما كانا اصفارا فى السياسة و التشريع و القيادة العسكرية او الرسالة الدينية

    فالشخصية المحمدية بكل ما حققته و ما قدمته لا يمكن تفسيرها بالعبقرية التى تنبع من الانسان من حيث هو انسان لان العبقرية ان تبلغ ذاتك الذروة فى صفة فتبز فيها و تتفوق على اقرانك فهذه هى العبقرية و كما يقول الدكتور مصطفى محمود :
    ان تبلغ الذروة فى الخطابة فانت ديموستين .. و ان تبلغ الذروة فى الشعر فانت بيرون , و ان تبلغ الذروة فى الزعامة فانت بركليس , و ان تبلغ الذروة فى الحكمة فانت لقمان , و ان تبلغ القمة فى فنون الحرب فانت نابليون , و ان تبلغ الذروة فى التشريع فانت سولون
    اما ان تكون كل هؤلاء , و ان تمتحنك الايام فى كل صفة فتبلغ فيها غاية المدى فهو الاعجاز بعينه
    و اذا حدث هذا فانه لا يفسر الا بانه نبوة و مدد و عون من الله الوهاب وحده
    (وَكَذَلِكَ أوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحاً مِنْ أمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاط مُسْتَقِيم)
    فمجموع ما قدمه محمد :salla1: و ما حققه , فوق طاقة هذا الانسان و فوق طاقة اى انسان
    هذا ما امتلات قناعة به و اذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة
    و ما اجمل قول الامام محمد عبده فى رسالة التوحيد :
    (ما هذا الذى رفع نفسه فوق النفوس ؟ ما الذى اعلى راسه على الرؤوس ؟ ما الذى سما بهمته على الهمم حتى انتدب لارشاد الامم و كفالته لهم كشف الغمم بل و احياء الرمم ؟ ما كان ذلك الا ما القى الله فى روعه من حاجة العالم الى مقوم لما زاغ من عقائدهم و مصلح لما فسد من اخلاقهم و عوائدهم , ما كان ذلك الا وجدانه ريح العناية الالهية تنصره فى عمله و تمده فى الانتهاء الى امله قبل بلوغ اجله
    ما هو الا الوحى السماوى قام لديه مقام القائد و الجندى .
    ارايت كيف نهض وحيدا فريدا يدعو الناس كافة الى التوحيد , و الاعتقاد بالعلى المجيد , و الكل ما بين وثنية مفرقة و دهرية و زندقة ؟
    نادى فى الوثنيين بترك اوثانهم و نبذ معبوداتهم , و فى المشبهين المنغمسين فى الخلط بين اللاهوت الاقدس و بين الجسمانيات بالتطهر من تشبيههم , و فى الثنوية بافراد اله واحد بالتصرف فى الاكوان و رد كل شىء فى الوجود اليه , صاح بذوى الزعامة ليهبطوا الى مصاف العامة فى الاستكانة الى سلطان معبود واحد هو فاطر السموات و الارض ..
    وخز بوعظه عبيد العادات و اسراء التقليد ليعتقوا ارواحهم مما استعبدوا له .. مال على قراء الكتب السماوية و القائمين على ما اودعته من الشرائع الالهية فبكت الواقفين عند حروفها بغباوتهم , و شدد النكير على المحرفين لها , الصارفين لالفاظها اتلى غير ما قصد من وحيها اتباعا لشهواتهم و دعاهم الى فهمها و التحقق بسر علمها حتى يكونوا على نور من ربهم
    و لفت كل انسان الى ما اودع فيه من المواهب الالهية و دعا الناس اجمعين ذكورا و اناثا عامة و سادات الى عرفان انفسهم و انهم من نوع خصه الله بالعقل و ميزه بالفكر و شرفه بهما و بحرية الارادة فيما يرشده اليه عقله و فكره ..دعا الناس كافة الى الاستعداد فى هذه الحياة لما سيلاقون فى الحياة الاخرى و بين لهم ان خير يتزوده العامل هو الاخلاص لله فى العبادة و الاخلاص للعباد فى العدل و النصيحة و الرشاد

    قام بهذه الدعوة العظيمة وحده , و لا حول و لا قوة , كل هذا كان منه ,.و الناس احباء ما الفوا و ان كان خسران الدنيا و حرمان الاخرة , اعداء ما جهلوا و ان كان رغد العيش و عزة السيادة و منتهى السعادة , كل هذا و القوم حواليه اعداء انفسهم و عبيد شهواتهم لا يفقهون دعوته و لا يعقلون رسالته , عقدت اهداب بصائر العامة منهم باهواء الخاصة و حجبت عقول الخاصة بغرور العزة عن النظر..
    لكنه فى فقره و ضعفه كان يقارعهم بالحجة و يناضلهم بالدليل و ياخذهم بالنصيحة و يزعجهم بالزجر و ينبههم للعبر و يحوطهم مع ذلك بالموعظة الحسنة , كانما هو سلطان قاهر فى حكمه , عادل فى امره و نهيه , او اب حكيم فى تربية ابنائه شديد الحرص على مصالحهم , رؤوف بهم فى شدته رحيم فى سلطته
    ما هذه القوة فى ذلك الضعف ؟ ما هذا السلطان فى مظنة العجز ؟..
    ما هذا الرشاد فى غمرات الجاهلية ؟
    ان هو الا خطاب الجبروت الاعلى, قارعة القدرة العظمى , نداء العناية العليا , ذلك خطاب الله القادر على كل شىء الذى وسع كل شىء رحمة و علما , ذلك امر الله الصادع يقرع الاذان و يشق الحجب و يمزق الغلف و ينفذ الى القلوب , على لسان من اختاره لينطق به و اختصه بذلك و هو اضعف قومه ليقيم من هذا الاختصاص برهانا عليه بعيدا عن الظنة بريئا من التهمة لاتيانه على غير المعتاد بين خلقه

    اى برهان على النبوة اعظم من هذا ؟ ..
    بعيد عن مدارس العلم صاح بالعلماء ليمحصوا ما كانوا يعلمون
    فى ناحية عن ينابيع العرفان جاء يرشد العرفاء
    ناشىء بين الواهمين هب لتقويم عوج الحكماء
    غريب فى اقرب الشعوب الى سذاجة الطليعة و ابعدها عن فهم نظام الخليقة و النظر فى سننه البديعة , اخذ يقرر للعالم اجمع اصول الشريعة , و يخط للسعادة طرقا لن يهلك سالكها , و لن يخلص تاركها
    ما هذا الخطاب المفحم ؟ ما ذلك الدليل الملجم ؟
    أأقول ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم ؟
    لا لا اقول ذلك , و لكن اقول كما امره الله ان يصف نفسه : ان هو الا بشرا مثلكم يوحى اليه ".
    التعديل الأخير تم 11-14-2005 الساعة 10:39 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    حمدا لله على سلامتك اخى الغزالى
    ما شاء الله بحث يبدو فيه اثار الساعات الطوال . لازلت فى بداياته واتمنى ان استطيع الانتهاء من قرائته اليوم .
    التعديل الأخير تم 11-15-2005 الساعة 02:35 PM

  3. افتراضي

    سلمك الله اخى حازم

    و هذه المداخلة مجرد رؤوس اقلام

  4. افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    فى مثل هذه الايام من العام الماضى كان هناك متسرع متعنت يلقب نفسه بالقلم الحر يتسائل بسذاجة و عمى بصيرة عن دليل نبوة اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و اله و سلم , و كما اتسع صدر هذا المنتدى لجهالات هذا المتعنت ارجو ان يتسع لهذه التاملات المتواضعة

    ان الردة عن الاسلام ليست شيئا جديدا,و الذى يجب ان يثق فيه كل مسلم ان هذا الدين متين قوى لا يشك فيه الا قاصر عن التعلم و الفهم ,او معرض عن العلم, او مقصر فى الاطلاع و الفهم , او متعصب
    ان مشكلة اغلب المتشككين فى الاسلام و الناقدين له انهم متسرعون لم يدرسوا الفكر الاسلامى جيدا و لم يطلعوا جيدا على حجج و ردود علماء الاسلام , و كما قال الامام على : الناس اعداء ما جهلوا
    و بعضهم جهله مركب فهو لا يدرى انه لا يدرى, بل و يتصور انه قد وصل الى الحقيقة و تراه ينظر بتعالى الى المسلمين معتبرا اياهم عديمى العقل و العلم مع انه هو الجاهل ضعيف العقل فى الحقيقة
    الردة مرض يصيب عقول او نفوس البعض, و قد تكون شهوة خفية ,لذا فان التعامل مع المرتدين يحتاج -اضافة الى العلم العقلى و الشرعى- الى رفق و تعمق فى علم النفس ,فالمشكلةعند كثيرين نفسية اكثر منها مشكلة فكرية , و موضوع الرسالة الالهية و مقصدها الاساس هو النفس الانسانية لذا كانت مهمة النبى صلى الله عليه و اله و سلم اضافة الى تعليم الناس ان يزكى نفوسهم, فالله سبحانه غنى عن عبادة الناس له و انما يكلفهم بالعبادة لان فيها و بها صلاح نفوسهم و وصولها الى الكمال و سعادة الدارين , و الغاية من الدين فى النهاية هى تصفية البشر الى فريقين : فريق سليم القلب طيب النفس طابت نفسه بمعرفة العقيدة الصحيحة و اداء التكاليف على وجهها و بالصبر على البلاء و هؤلاء هم اهل الجنة و فريق اخر خبيث النفس و اولئك هم الاشقياء و لا يظلم ربك احدا ,و لا يوجد منهج يمنح الانسان الرؤية الشاملة الصحيحة لنفسه و الكون و الحياة , و يزكى نفسه و يطهرها و يحررها الا هذا الاسلام العظيم , و هذا لعمر الله دليل كافى على نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم فأن ياتى انسان مثله ظهر فى تلك البيئة البدائية الفقيرة معرفيا و حضاريا و يقدم للبشرية هذا المنهج الشامل الذى يهدى الانسان الى الحقائق الكبرى و يصلح النفس و يسعدها و ينير لها الطريق فهذه آية كافية

    ان هناك سمتين تجمع فى نظرى بين المتشككين فى الاسلام و المرتدين عنه :
    1- التسرع :
    فاغلبهم ان لم يكن كلهم يسارع الى ترك الاسلام و رفضه بل و نقده ايضا لمجرد انه طالع بعض مقالات تهاجم الاسلام او كتابا او كتابين او لانه احتار فى الرد على بعض الاشكالات
    فهم ينقصهم الصبر و النفس الطويل و هذه آفة نفسية لا مشكلة فكرية , ان الحق واضح و لكن هناك عوائق كثيرة من فعل بعض الناس و هذه العوائق تسبب عمى بصيرة لدى البعض , و تجاوز هذه العوائق يحتاج الى صبر و نفس طويل
    2- القراءة الخاطئة و عدم التدبر :
    ان التعلم كما اجمع العقلاء هو سبيل النجاح فى الحياة ,و قيمة الانسان هى بعلمه, و كما قال الامام على :
    الناس ثلاثة : عالم ربانى , و متعلم على سبيل نجاة , و همج رعاع
    ان الله تعالى قد يتجاوز عن الجاهل الضعيف الذى بذل اقصى جهده فى التعلم و طلب الحق حتى و ان لم يصل الى الحق , لكن المعرض و المقصر فى طلب الحق مع قدرته لا عذر له
    "انَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا -إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً -فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا "
    و هناك من يقرا و قد يكون محبا للقراءة و لكنه لا يركز فى استيعاب و تدبر ما يقراه , و قد يكون فى الكتاب الذى يقراه حل مشكلته لكنه لم يقراه جيدا و لم يستوعب ما قراه
    بل اقول ان من يتدبر القران سيجد فيه الكفاية لاثبات النبوة و الاسلام لكن للاسف على قلوب اقفالها
    و يجب الاعتراف بحقيقة ان هناك من الناس من يقرا و لا يفهم و هذه هى مشكلته هو و ليست مشكلة الاسلام !

    و ساكتب بعون الله بعض التاملات المتواضعة فى شبهات و اشكالات اللادينيين المقرين بوجود خالق للكون و منها :
    1- اشكالاتهم على ادلة اثبات نبوة محمد :salla1:
    2- مسالة العدل الالهى
    3- مسالة التكليف
    4- مسالة الرق و الجهاد
    5- المراة فى الاسلام
    6- خواطر الختيار !

    و الله المستعان

    يتبع ان شاء الله
    التعديل الأخير تم 01-14-2006 الساعة 01:31 PM

  5. افتراضي

    فى مثل هذه الايام من العام الماضى كان هناك متسرع متعنت يلقب نفسه بالقلم الحر يتسائل بسذاجة و عمى بصيرة عن دليل نبوة اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و اله و سلم , و كما اتسع صدر هذا المنتدى لجهالات هذا المتعنت ارجو ان يتسع لهذه التاملات المتواضعة
    (..............الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ..........)الأعراف 43

    {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }آل عمران8

    وكل عام وأنتم بخير

  6. افتراضي

    (..............الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ..........)الأعراف 43

    {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }آل عمران8

    وكل عام وأنتم بخير
    الحمد لله الذى يهدى اليه من اناب و يجعل الرجس على الذين لا يعقلون , و كل عام و انتم بخير

    ملحوظة : ليعذرنى من يتابع الموضوع اذا تاخرت فالمشاغل كثيرة للاسف و قد تاخرت كتابة هذه التاملات لاسباب خارجة عن ارادتى و ارجو ان تكون تكفيرا للجهالات التى كتبها القلم الحر و التى يعلم الله انها انقضت ظهرى, ارجو ممن لديه اى تعليق ان يفتح له موضوعا اخر ,و سالتزم الموضوعية العلمية ما استطعت و اذكر بان الحكمة ضالة المؤمن و قد ترحم الحافظ الذهبى على الجاحظ المعتزلى لانه صنف كتابا فى اثبات النبوة ظل علماء الاسلام بمختلف مذاهبهم يستفيدون منه , و ساناقش اشكالات من يعتبرون انفسهم لادينيين مقرين بان للكون خالق اما الملحدين و من لا يدرون فلهم حديث اخر و خطابى فى هذه التاملات موجه اساسا الى المسلمين المتاثرين بتشكيكات اللادينيين , فلم يعد يعنينى كثيرا مناقشة اللادينيين فاكثرهم مهرج ليس اكثر اخذته نشوة التهكم بالدين و السخرية منه
    و قناعتى ان اللادينى المقر بالخالق اذا احتفظ بعقله لن يجد بدا من احد اتجاهين: اما ان يقر بالنبوات , و اما ان ينكر وجود هذا الخالق الذى وجوده كعدمه ! و على اى حال هذا ما سنضطرهم بعون الله اليه! فادلة نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم ليست اضعف من ادلة وجود الخالق الذى يقرون بوجوده
    مع ان وجود خالق غائب – كما يسمونه – هو كلام متهافت عقلا لان العقل كما يثبت حاجة الممكنات فى حدوثها الى موجد فانه يثبت ايضا حاجتها المستمرة فى البقاء الى هذا الخالق
    و هذه عقيدة مهمة من عقائد الاسلام , فالعقيدة الاسلامية فى الله لا تكتفى باثبات وجوده بل و ايضا اثبات فقر الكائنات اليه فى بقائها كفقرها اليه فى وجودها
    فالله سبحانه غير معزول عن خلقه ، وأمورهم كلها بيده , و بيده الايجاد و الامداد
    و القول بان الخالق معزول عن خلقه كفر فى اعتقاد المسلمين تماما كالقول بانكار وجود هذا الخالق , فالله سبحانه هو الذي يفيض على العبد الحياة والقدرة وغيرهما من مبادئ الفعل إفاضة مستمرة غير منقطعة ، فلا استقلال للعبد ، ولا تصرف له في سلطان المولى
    و هو ما يؤكده و يثبته العقل : فلولا الافاضة الالهية لما وجد فعل من الافعال ، فإن الممكن غير مستقل في وجوده ، فيستحيل أن يكون مستقلا في إيجاده.


    ان قضية اثبات النبوة هى اهم قضية فى الحوار مع خصوم الاسلام , و المسلم ينبغى ان يبنى معتقده على الحجة و الدليل فقد ذم القران الكريم المقلدين حتى شكك بعض العلماء فى ايمان المقلد , و بعد اثبات النبوة بالحجة لا يبقى الا التسليم لحكم الله و رسوله , فالاسلام هو التسليم و لا يعنى ذلك تجاهل العقل اذ ليس فى حكم الله و رسوله القطعى الثبوت ما يخالف قطعيات العقل
    يقول بعض اهل العلم : "بشكل عام إن اللاديني لا حق له في مناقشة مبانٍ تشريعية لأنه لا يؤمن بالشرع والشريعة فكلها سواء عنده وإشكاله مجرد تعبير عن الحقد ،والرد من اجل الرد، وأما هو فعلميا لا يملك السؤال فيما لا يؤمن به وطريقتهم لا تلزم الدينيين أبدا.

    فإشكالاتهم هي للتشويش وللدعاية فقط ولا تلزِم دينا متينا فيه آلاف التخريجات بحسب التخصصات."

    و ما اكثر ما طالعت فى كتابات القوم كلاما عن المنطقية و ان كل المسلمين غير منطقيين و لا يفكرون .. الخ و هو كلام ينطق بجهل فادح بالفكر الاسلامى بل هو كلام من لم تشم انفه رائحة الفكر الاسلامى اصلا !
    و سنبين بعون الله ان ابعد الناس عن المنطقية و العلم هم هؤلاء اللادينييون الذين يسخرون من الاسلام و المسلمين و هم فى الواقع لا يمثلون الا حالة مزرية من الجهل و المراهقة الفكرية.

    و قد اهدانى الدكتور الفاضل ابراهيم عوض رعاه الله باقة من كتبه القيمة و اتمنى ان يقرا الباحثون عن الحق هذه الكتب و ساحاول ما استطعت نقل اجزاء منها
    اَلّلهُمَّ اَلْهِمْنا طاعَتَكَ، وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ، وَيَسِّرْ لَنا بُلُوغَ ما نَتَمَنّى مِنِ ابْتِغاءِ رِضْوانِكَ، وَاَحْلِلْنا بُحْبُوحَةَ جِنانِكَ، وَاقْشَعْ عَنْ بَصائِرِنا سَحابَ الاْرْتِيابِ، وَاكْشِفْ عَنْ قُلُوبِنا اَغْشِيَةَ الْمِرْيَةِ وَالْحِجابِ، وَاَزْهَقِ الْباطِلَ عَنْ ضَمائِرِنا، وَاَثْبِتِ الْحَقَّ في سَرائِرِنا، فَاِنَّ الشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الْفِتَنِ، وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ الْمَنايِـحِ وَالْمِنَنِ، اَلّلهُمَّ احْمِلْنا في سُفُنِ نَجاتِكَ وَمَتِّعْنا بِلَذيذِ مُناجاتِكَ، وَاَوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ، وَاَذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ، وَاجْعَلْ جِهادَنا فيكَ، و هَمَّنا في طاعَتِكَ
    التعديل الأخير تم 01-17-2006 الساعة 01:12 PM

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الاخ الفاضل الغزالى
    اكرمك الله وبارك الله فيك على هذا التفكير المستنير الذي يطمس بانواره ظلامات الكافرين والملحدين والعلمانيين ..
    وبارك الله في الاستاذ الدكتور ابراهيم عوض .. فكتاباته مستنيرة وقوية في كل مضامينها ..
    فالى المزيد من هذه الموضوعات التي توصل الى رياض الجنة .. فما اطيب ريحها , ويا لسعد من يشم ريحها .


    اَلّلهُمَّ اَلْهِمْنا طاعَتَكَ، وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ، وَيَسِّرْ لَنا بُلُوغَ ما نَتَمَنّى مِنِ ابْتِغاءِ رِضْوانِكَ، وَاَحْلِلْنا بُحْبُوحَةَ جِنانِكَ، وَاقْشَعْ عَنْ بَصائِرِنا سَحابَ الاْرْتِيابِ، وَاكْشِفْ عَنْ قُلُوبِنا اَغْشِيَةَ الْمِرْيَةِ وَالْحِجابِ، وَاَزْهَقِ الْباطِلَ عَنْ ضَمائِرِنا، وَاَثْبِتِ الْحَقَّ في سَرائِرِنا، فَاِنَّ الشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الْفِتَنِ، وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ الْمَنايِـحِ وَالْمِنَنِ، اَلّلهُمَّ احْمِلْنا في سُفُنِ نَجاتِكَ وَمَتِّعْنا بِلَذيذِ مُناجاتِكَ، وَاَوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ، وَاَذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ، وَاجْعَلْ جِهادَنا فيكَ، و هَمَّنا في طاعَتِكَ

  8. افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    1- يقول خصوم محمد صلى الله عليه و اله و سلم : ان دليل النبوة هو المعجزة و لم يات محمد بمعجزة و القران ينفى عنه المعجزة


    و جوابنا الجازم : ان ابا الزهراء كله معجز
    و قد سبق مقدمة موجزة فى بيان ذلك و قبل الافاضة فى ذلك نذكر بعض المقدمات :

    1- لقد بحث علماء الاسلام سلفا و خلفا مسالة ادلة النبوة و اشبعوها بحثا , و هناك اتفاق بينهم ان الدليل الاساس على النبوة هو المعجزة
    يقول امام الحرمين :
    "لا دليل على صدق النبى غير المعجزة . فإن قيل : هل فى المقدور نصب دليل على صدق النبى غير المعجزة ؟ قلنا : ذلك غير ممكن ! فإن ما يقدر دليلا على الصدق لا يخلو إما أن يكون معتادا ، و إما أن يكون خارقا للعادة : فإن كان معتادا يستوى فيه البر و الفاجر ، فيستحيل كونه دليلا ، و إن كان خارقا للعادة يجوز تقدير وجوده ابتداء من فعل الله تعالى ، فإذا لم يكن بد من تعلقه بالدعوى ، فهو المعجزة بعينها " . الارشاد ص 331
    و المعجزة هى : أمر خارق للعادة، و ليست خارقة للعقل
    و كما يقول بعض المحققين :"هناك من الأمور ما تعدّ خارقة للعقل، أي مضادة لحكم العقل الباتّ، كاجتماع النقيضين وارتفاعهما، ووجود المعلول بلا علّة، وانقسام الثلاثة إلى عددين صحيحين... فإنّ هذه أمور يحكم العقل باستحالتها وامتناع تحققها.
    وهناك أمور تخالف القواعد العادية، بمعنى أنّها تعدّ محالاً حسب الأدوات والأجهزة العادية، والمجاري الطبيعية، ولكنها ليست أمراً محالاً عقلاً لو كان هناك أدوات أخرى خارجة عن نطاق العادة، وهي المسماة بالمعاجز.
    ولأجل تقريب ما ذكرنا تمثّل بمثال :جرت العادة على أنّ حركة جسم من مكان إلى مكان آخر تتحقق في إطار عوامل وأسباب طبيعية بدائية أو وسائل صناعية متحضرة. ولكن لم تعرف العادة أبداً حركة جسم كبير من مكان إلى مكان آخر بعيد عنه، في فترة زمانية لا تزيد على طرفة العين، بلا تلك الوسائط العادية. ولكن هذا غير ممتنع عقلاً، إذ لا يمتنع أن تكون هناك أسباب أخرى لتحريك هذا الجسم الكبير، لم يقف عليها العلم بعد.
    مثال ثان: إنّ معالجة الأمراض الصعبة كالسِّل والعَمَى، أمر ممكن لذاته عقلاً، ولكنه كان أمراً محالاً عادة في القرون السالفة، لقصور علم البشر عن الوقوف على الأجهزة والأدوية الّتي تعيد الصحة إلى المسلول، والبصر إلى الأعمى. ومع تقدم العلم تذلّلت الصعاب أمام معالجة هذه الأمراض، فصار بإمكان الطبيب الماهر القيام بالمعالجة عن طريق الأدوية والعمليات الجراحية.
    وفي المقابل هناك طريقة أخرى للعلاج، وهي الدعاء والتوسّل إلى الخالق تعالى.
    والعلاج ـ بكلا الطريقتين ـ يشترك في كونه أمراً ممكناً عقلاً، غير أنّه يختلف في الطريقة الأولى عن الثانية، بالطريق والسبب، فالطبيب الماهر يصل إلى غايته بالأجهزة العادية، فلا يعد عمله معجزة ولا كرامة، والنبي ـ كالمسيح وغيره ـ يصل إلى نفس تلك الغاية عن طريق غير عادي، فيسمى معجزة
    فالعمل في كلتا الصورتين غير خارق لأحكام العقل، إلاّ أنّه موافق للعادة في الأولى دون الثانية.
    وقس على ما ذكرنا كثيراً من الأمثلة يتميز فيها خارق العادة عن خارق العقل. "


    لكن هناك من يرى انه لا يصح حصر اسباب اليقين بنبوة نبى فى المعجزة , فالاقتناع بصدقه قد يتحقق باسباب اخرى
    و من الطرق التى يحصل بها الاقتناع بالنبوة :
    1)ان ينص نبى سابق ثبتت نبوته على نبوة مدعى النبوة
    2)شهادة القرائن الداخلية والخارجية.
    وهذا الطريق- كما يقول بعض المحققين - متين يستخدم في المحاكم القضائية في هذا العصر، لتبيين صدق المدّعي والمنكر أو كذبهما، والتوصّل إلى كنه الحوادث). ولكنه لا يختصّ بالمحاكم، بل يمكن تعميمه إلى مسائل مهمّة، منها إثبات صدق دعوى المتنِّبئ ,ومن هذه القرائن يمكن أن يستنتج صدق الدعوى و كما يقول ابو حامد الغزالى :
    "اذا فهمت معنى النبوة , فاكثرت النظر فى القران و الاخبار يحصل لك العلم الضرورى بكونه صلى الله عليه و سلم على اعلى درجات النبوة , و اعضد ذلك بتجربة ما قاله فى العبادات و تاثيرها فى تصفية القلوب ..فمن هذا الطريق اطلب اليقين بالنبوة , لا من قلب العصا ثعبانا , و شق القمر , فان ذلك اذا نظرت اليه وحده و لم تنضم اليه القرائن الكثيرة الخارجة عن الحصر ربما ظننت انه سحر و تخييل ..فليكن مثل هذه الخوارق احدى الدلائل و القرائن فى مجلة نظرك , حتى يحصل لك علم ضرورى لا يمكنك ذكر مستنده على التعيين كالذى يخبره جماعة بخبر متواتر لا يمكنه ان يذكر ان اليقين مستفاد من قول واحد معين بل من حيث لا يدرى ..
    فهذا هو الايمان القوى العلمى " المنقذ من الضلال /138-139
    و هو ما اشار اليه ابن كمونة اليهودى عند ذكره لطرق الاقتناع بالنبوة , قال :"فمن يفهم معنى النبوة اذا اكثر من النظر فيما ياتى به مدعى النبوة , و تامل اخباره و احواله , و ما يامر به من العبادات و افعال الخير ,ربما حصل له من ذلك مضافا الى قرائن لا يمكن التعبير عنها على وجه التفصيل : الايمان بنبوته, مستغنيا عن الاستدلال عليها بما يظهر على يده من خوارق العادات "تنقيح الابحاث /20


    و مع ذلك يبقى الدليل الاساس على النبوة المعجزة,فالنبوة من المناصب العظيمة التى يكثر لها المدعون ، ويرغب في الحصول عليها الراغبون ، ونتيجه هذا أن يشتبه الصادق بالكاذب ،. فلا بد لمدعى النبوة أن يقيم شاهدا واضحا يدل على صدقه في الدعوى ، وأمانته في التبليغ ، ولا يكون هذا الشاهد من الافعال العادية التي يمكن غيره أن يأتي بنظيرها, بل لا بد ان يتوفر فى مدعى النبوة حالة خارقة للعادة او استثنائية تدل على انه مرسل من قبل الخالق
    -----------

    2- المعجزة لا تنحصر فى المعجزات الحسية كقلب العصا ثعبان و نحوه , بل هى كل شىء خارق للعادة معنويا كان او حسى
    و وجه دلالة المعجزة على النبوة – او الرابطة المنطقية بين حصول المعجزة و بين صدق دعوى مدعى النبوة – يتضح من خلال الامور الاتية :
    1) ان الخالق كما يثبت العقل : حكيم , و لا يجرى شىء فى الكون الا باذنه و مدده
    2) ان الحكيم يستحيل ان يمكن انسانا كاذبا من الاتيان بامر معجز خارق للعادة
    لان هذا إغراء بالجهل وإشادة بالباطل ، وذلك محال على الحكيم تعالى .

    هذه هى دلالة المعجزة على النبوة
    و يتضح من هذا انه لا معنى ابدا لاثبات النبوة الا بعد اثبات وجود الخالق و اثبات حكمته , و اثبات انه لا يجرى فى الكون شىء الا باذنه
    اى لا معنى للحوار فى مسالة النبوة مع ملحد ينكر وجود الخالق , او مع من لا يثبت خالقا للكون حكيما متصرفا فيه .
    و هذا يقودنا الى تناول فكرة الاله الغائب التى يقول بها بعض اللادينيين
    الخالق ليس معزولا عن خلقه
    بشىء من التبسيط فان الممكن اى المخلوق محتاج دوما الى الخالق فى بقاءه كما انه محتاج اليه فى حدوثه, فلا فرق عقلا فى ذلك بين حدوث الشىء و بين بقاءه , اى ان الخالق لم يخلق العالم ثم تركه و انعزل عنه , بل الشىء الذى يخلقه الخالق يبقى محتاجا الى المدد من هذا الخالق ليظل موجودا و هو ما ينطبق على كل شىء فى هذا الكون
    فالاشياء مثلها مثل المصباح الكهربائي المضيء، فالحس الخاطئ يزعم أنَّ الضوء المنبعث من هذا المصباح هو استمرار للضوء الأول، و يتصور أنَّ المصباح إنَّما يحتاج إلى المولّد الكهربائي في حدوث الضوء، دون استمراره.
    و الحال أنَّ المصباح فاقد للإِضاءة في مقام الذات محتاج في حصولها إلى ذلك المولد في كل لحظة، لأنَّ الضوء المتلألئ من المصباح إنما هو استضاءَة بعد استضاءَة، و استنارة بعد استنارة من المولد الكهربائي. أفلا ينطفئ المصباح إذا انقطع الإِتصال بينه و بين المولد؟
    فالعالم يشبه هذا المصباح الكهربائي تماماً، فهو لكونه فاقداً للوجود الذاتي يحتاج إلى العلّة في حدوثه وبقائه لأنه يأخذ الوجود آناً بعد آن، و زماناً بعد زمان
    هذه هى العقيدة الاسلامية فهى كما سبق لا تكتفى باثبات حاجة الكون الى خالق او علة , بل تثبت ايضا استمرار حاجة و فقر هذا العالم-الى هذا الخالق و هذه العلة- ليبقى ,و كما يقول بعض العلماء فى منظومة :
    و الإِفتقَارُ لازمُ الإِمكَانِ * منْ دُون حَاجَة إلى البُرْهَانِ
    لاَ فَرْقَ ما بينَ الحُدوثِ والبَقا * في لازمِ الذَّات ولَنْ يَفْتَرِقا
    و نصوص القران واضحة فى تقرير ذلك :
    يقول سبحانه: (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَراءُ إِلى اللّهِ و اللّهُ هُو الغَنِىُّ الحَمِيدُ)
    فالآية نصّ في كون الفقر ثابت للإِنسان في جميع الأحوال، فكيف يستغني عنه سبحانه بعد حدوثه، و في بقائه. أو كيف يستغنى في فعله عن الواجب مع سيادة الفقر عليه.
    و يقول سبحانه: (وَ مَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَد إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه).
    ـ و يقول سبحانه: (كَمْ مِنْ فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّه).
    ـ و يقول سبحانه: (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّه).
    و يقول سبحانه: (وَ مَا كَانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه).
    و يقول سبحانه: (وَ ما كَانَ لِنَفْس أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه كِتاباً مَؤَجَّلا).

    "إلى غير ذلك من الآيات التي تقيد فعل الإِنسان بإذنه، و المراد منه مشيئته سبحانه. فيكون المراد أنَّ أفعال العباد واقعة في إطار مشيئته تعالى، فكيف تستقل عنه سبحانه؟ و ما ورد في الذكر الحكيم مما يفنّد هذه المزعمة أكثر من ذلك"
    ----------

    يتبع باذن الله
    التعديل الأخير تم 01-18-2006 الساعة 09:53 PM
    لا اله الا الله , محمد رسول الله

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي أقوال المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام

    هذه أقوال المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام :

    إن المنصفين من المشاهير المعاصرين عندما اطلعوا على سيرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يملكوا إلا الاعتراف له بالفضل والنبل والسيادة ، وهذا طرفٌ من أقوال بعضهم :

    1/ يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة "ينج إنديا" : " أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".

    2/ يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النبيّ " : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".

    3/ يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه " الشرق وعاداته " : إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء.

    4/ يقول المستشرق الألماني ( برتلي سانت هيلر ) في كتابه "الشرقيون وعقائدهم" : كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبيُّ بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد ، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية ، وهما : العدالة والرحمة.

    5/ ويقول الانجليزي ( برناردشو ) في كتابه "محمد" ، والذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال ، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا). إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمَّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.

    6/ ويقول ( سنرستن الآسوجي ) أستاذ اللغات السامية ، في كتابه "تاريخ حياة محمد" : إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.

    7/ ويقول المستشرق الأمريكي ( سنكس ) في كتابه "ديانة العرب" : ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.

    8/ ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" : إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي. فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.

    9/ ويقول الأديب العالمي (ليو تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية : يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.

    10/ ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي: إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.

    11/ ويقول الفيلسوف الإنجليزي ( توماس كارليل) الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر . وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟!.

    12/ جوتة الأديب الألماني : " "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد".

    تلك بعض أقوال مشاهير العالم ، في محمد نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام

  10. افتراضي

    احسنت اخى ناصر التوحيد و بارك الله فيك
    لا اله الا الله , محمد رسول الله

  11. افتراضي

    3- حكمة الخالق :
    بايجاز - و سنبحث هذه المسالة باستفاضة فيما بعد - فان العقل كما يثبت وجود الخالق , فانه يثبت ايضا انه حكيم
    يقول بعض اهل العلم :"حينما نؤمن بالله سبحانه وتعالى خالقاً للكون ومربّياً له ومنظّماً لمسيرته وفق الحكمة والتدبير ينتج عن ذلك طبيعياً أن نتعرّف على صفاته من خلال صنعه وإبداعه، ونقيّم خصائصه بما تشعّ به مصنوعاته من دلالات، تماماً كما نقيّم أيّ مهندس على أساس الصفات التي تميّز إنتاجه الهندسي، ونقيّم المؤلّف على ضوء ما يحويه كتابه من علم ومعرفة، ونحدّد شخصية المربي عن طريق ما أودع في من ربّاهم من شمائل وخصال.

    وبهذا نستطيع أن نأخذ لمحةً عمّا يتّصف به الصانع العظيم من علم وحكمة وحياة وقدرة وبصر وسمع ; لأنّ ما في نظام الكون من دقّة وإبداع يكشف عن العلم والحكمة، وما في أعماقه من طاقات يدلّل على القدرة والسيطرة، وما في أشكاله من ألوان الحياة ودرجات الإدراك العقلي والحسّي يدلّ على ما يتمتّع به الصانع من حياة وإدراك، ووحدة الخطّة والبناء في تصميم هذا الكون والترابط الوثيق بين مختلف جوانبه تشير إلى وحدة الخالق ووحدة الخبرة التي انبثق عنها هذا الكون الكبير.


    عدله واستقامته :


    كلّنا نؤمن بعقلنا الفطري البديهي بقيم عامّة للسلوك، وهي القيم التي تؤكّد أنّ العدل حقّ وخير، والظلم باطل وشرّ، وأنّ من يعدل في سلوكه جدير بالاحترام والمثوبة، ومن يظلم ويعتدي جدير بعكس ذلك، وهذه القيم بحكم الاستقراء والفطرة هي الأساس الذي يوجّه سلوك الإنسان ما لم يكن هناك مايحول دون ذلك من جهل أو ترقّب نفع، فكلّ إنسان إذا واجه خياراً بين الصدق والكذب في حديثه مثلا أو بين الأمانة والخيانة، فإنّه يختار الصدق على الكذب، والأمانة على الخيانة، ما لم يكن هناك دافع شخصي ومصلحة خاصّة قد تغريه بالانحراف في سلوكه عن تلك القيم.

    ويعني ذلك أنّ من لاتوجد لديه حاجةٌ إلى شخص أو مصلحةٌ في خداعه أو خيانته أو ظلمه يسلك معه سلوك الصادق الأمين العادل، أي سلوكاً مستقيماً، وهذا بالضبط ماينطبق على الصانع الحكيم سبحانه وتعالى، فإنّه محيط بتلك القيم التي ندركها بعقلنا الفطري. لأ نّه هو الذي وهبنا هذا العقل، وهو في نفس الوقت بحكم قدرته الهائلة وسيطرته الشاملة على الكون ليس بحاجة إلى أيّ مساومة أو لفّ ودوران، ومن هنا نؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى عادل لا يظلم أحداً.

    عدل الله تعالى يثبت الجزاء :

    إنّ القيم التي آمنّا بها تدعو ـ كما عرفنا ـ إلى العدل والاستقامة والأمانة والصدق والوفاء ونحوها من صفات، وتشجب الصفات المضادة لها. وهذه القيم لا تدعو إلى تلك الصفات وتشجب هذه الصفات فقط، بل تطالب بالجزاء المناسب لكلّ منهما، فإنّ العقل الفطريّ السليم يدرك أنّ الظالم والخائن جدير بالمؤاخذة، وأنّ العادل الأمين الذي يضحّي في سبيل العدل والأمانة جدير بالمثوبة، وكل واحد منّا يجد في نفسه دافعاً من تلك القيم إلى مؤاخذة الظالم المنحرف، وتقدير العادل المستقيم، ولا يحول دون تنفيذ هذا الدافع عند أحد إلاّ عجزه عن اتخاذ الموقف المناسب، أو تحيّزه الشخصي.

    وما دمنا نؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى عادل مستقيم في سلوكه وقادر على الجزاء المناسب ثواباً وعقاباً فلا يوجد مايحول دون تنفيذه عزّ وجلّ لتلك القيم التي تفرض الجزاء العادل وتحدّد المردود المناسب للسلوك الشريف والسلوك الشائن، فمن الطبيعي أن نستنتج من ذلك أنّ الله سبحانه يجازي المحسن على إحسانه، وينتصف للمظلوم من ظالمه.

    ولكنّا نلاحظ في نفس الوقت أنّ هذا الجزاء كثيراً ما لا يتحقّق في هذه الحياة التي نحياها على هذه الأرض على الرغم من أ نّه مقدور لله سبحانه وتعالى، وهذا يبرهن ـ بعد ملاحظة المعلومات السابقة ـ على وجود يوم مقبل للجزاء، يجد فيه العامل المجهول الذي ضحّى من أجل هدف كبير ولم يقطف ثمار تضحيته، والظالم الذي أفلت من العقاب العاجل وعاش على دماء المظلومين وحطامهم، يجد هذا وذاك فيه جزاءهما العادل، وهذا هو يوم القيامة، الذي يجسّد كلّ تلك القيم المطلقة للسلوك، وبدونه لا يكون لتلك القيم معنى."

    يتبع باذن الله
    التعديل الأخير تم 01-20-2006 الساعة 04:49 AM
    لا اله الا الله , محمد رسول الله

  12. افتراضي

    وقفة مع اعتراض
    بايجاز فان المنهج الذى سلكته فيما سبق هو المنهج العقلى , فلا معنى كما لا يخفى لان نثبت النبوة الا بالعقل و التفكر العقلى الذى دعا اليه القران
    قال سبحانه :"قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " سبا :46
    و لم يرد فى كلامى حتى الان ما يخالف قواعد المدرسة السلفية , و قد بحث الشيخ عبد الرحمن المعلمى السلفى رحمه الله مسالة اثبات النبوة بالمعجزة فى رده على الشيخ زاهد الكوثرى الحنفى , رحم الله الجميع
    قال رحمه الله عند ذكره تجويز الاشعرية للكذب على الله تعالى :
    "فتجويزكم عقلا ان يقع الكذب من الله تعالى يلزمه ان لا تثبت نبوة محمد , فكيف يكون لكم ان تحتجوا على نفى وقوعه بخبره – الى ان قال – فثبت ان الذين يعلمون ان المعجزة من فعل الله عز وجل انما يصدقون لاعتقادهم ان الله تعالى منزه عن ان يقع منه كذب او فعل مناقض للحكمة , و هذا الاعتقاد هو مقتضى الفطر الزكية و العقول النقية و هو اعتقاد كل من يؤمن حق الايمان بوجود الله تعالى و كمال علمه و قدرته حتى من الاشاعرة انفسهم "
    راجع " التنكيل " 2/245-248
    و المدرسة السلفية على حد علمى المتواضع تثبت الحكمة لله تعالى و تخالف المدرسة الاشعرية فى المسالة و من شاء التوسع فليقرا "شفاء العليل "لابن القيم و كلى ترحيب باى نقد علمى و اى فائدة علمية

    فليس فى ما تقدم اى مناهج بدعية كما ظن البعض , و لا يعنينى الا الطرح العلمى الشبيه بالطرح الاكاديمى و الذى لا يجد حرجا فى نقل و بحث كل الاراء , و ابرا الى الله من اى تكفير لاحد من علماء المدارس الاسلامية سلفية كانوا او اشعرية او امامية او زيدية او اباضية او معتزلة و حتى القرانيين الذين لا ينكرون السنن النبوية المتواترة , و من اراد مناظرتى فى ذلك فكلى ترحيب بالذب عن ايمان و اسلام علماء هذه الامة

    يتبع باذن الله
    التعديل الأخير تم 01-25-2006 الساعة 11:18 AM
    لا اله الا الله , محمد رسول الله

  13. افتراضي

    4-بين المعجزة العقلية و المعجزة الحسية :
    يمكن تقسيم المعجزات الى قسمين :
    1)المعجزة الحسية : و هى المعجزة التى يمكن ان تدركها حواس الانسان الخارجية , كالبصر , فانقلاب العصا حية تسعى و ماشابه كلها خارقة للعادة مدركة لحواس الانسان
    2) المعجزة العقلية : و هى المعجزة التى تدرك من قبل العقل الانسانى و تتعدى ادراك الحواس المادى , و ذلك كالاتيان بحقائق العلوم من غير تعلم

    قال الراغب فى اعجاز القران :
    "المعجزات التى اتى بها الانبياء ضربان : حسى و عقلى :
    فالحسى : ما يدركه بالبصر , كناقة صالح ..
    و العقلى : ما يدرك بالبصيرة , كالاخبار عن الغيب تعريضا و تصريحا , و الاتيان بحقائق العلوم التى حصلت من غير تعلم "
    جامع التفاسير 1/102
    و قد استندت معجزة محمد صلى الله عليه و اله و سلم اساسا الى امر غير مادى و لا علاقة له بالحس ,فمعجزته الاساسية عقلية لا حسية , فالناس فى زمن الرسالة و ما قبله كانوا يؤمنون بالسحر لذا كانت المعجزات الحسية لا تنفع مع كثير منهم لتصورهم انها مجرد سحر و قد اشار القران الكريم الى هذه الحقيقة
    "وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُون- لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ " الحجر :14-15


    و كفار مكة كانوا يؤمنون بالسحر بل ان من تامل فى سبب عدم ايمان كثير منهم سيجد انه تصورهم ان محمد صلى الله عليه و اله و سلم على علاقة بالجن و الشياطين , و ان الوحى القرانى الذى ياتيه هو مجرد وحى شيطانى ,و لاجل ذلك كانوا يصفون النبى بانه شاعر ليس مرادهم انه يقول اشعار بل مرادهم انه يوحى اليه شياطين كما كان معتقدهم فى الشعراء و قد اهتم القران الكريم بالرد على هذه الشبهة
    "وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ 210 وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ 211 إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ 212 ( الشعراء )
    "وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ( التكوير :25)
    و لاجل ذلك ايضا اكد القران عجز الجن مع الانس على الاتيان بمثل القران

    لذا كانت المعجزة الاساس لابى الزهراء عقلية و هو ما يرتبط بتطور الانسان و تكامله من الناحية الفكرية , فقد كان الانسان فى العصور الاولى من حياته الفكرية مانوسا بالحس و التجربة المادية و بذلك كان يفسر ما يدور حوله من ظواهر الكون و الحياة , الا ان الامر لم يبق على هذه الحال بل وصل الانسان عبر مسيرته الطويلة و الشاقة الى مستويات راقية من التفكير و التعقل , الامر الذى يقتضى ان تكون المعجزة التى تثبت رسالة السماء و تستند عليها النبوة ملائمة لهذا المستوى من التفكير و التعقل , و هذا ما تبنته الرسالة السماوية الخاتمة : رسالة ابى الزهراء صلى الله عليه و اله و سلم و التى استندت فى الواقع الى معجزتين عقليتين اشار اليهما القران الكريم :
    1) معجزة الشخصية المحمدية , و قد سبق مقدمة موجزة فى بيان ذلك ,و سوف نتناول بيان هذا الاعجاز مرة اخرى باذن الله ففى التكرار دائما فائدة , بل التكرار سنة من سنن الله فى الكون و الحياة
    2) معجزة القران العظيم , و سنتناولها ايضا باذن الله
    و فى ضوء هذه الحقيقة التى تقرر ارتكاز معجزة الاسلام على العلم و المعرفة و ادراكات العقل الانسانى المجردة عن الحس و المادة , سوف تتجلى لنا الاهمية التى يوليها الاسلام للعلم و للعلماء , و المكانة السامية التى يحتلها البحث العلمى فى نظر الدين الاسلامى
    قال تعالى :" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ( الزمر :9)
    بل يتعدى القران الكريم هذا المستوى من التفريق بين العلم و الجهل ليقرر من خلال نداء صريح يقرع الاسماع و يوقظ العقول بان خشية الله سبحانه متوقفة على العلم و حصول المعرفة فى النفس الانسانية ,و لنستمع الى قوله تعالى " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء" (فاطر : 28 )

    ----
    المراجع :
    - الاعجاز / السيد كمال الحيدرى


    يتبع باذن الله
    التعديل الأخير تم 01-30-2006 الساعة 11:24 AM
    لا اله الا الله , محمد رسول الله

  14. افتراضي

    فى ضوء ما تقدم فان اثبات النبوة اسهل من اثبات وجود الخالق , فاذا كان المطلوب لاثبات نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم ان ياتى بامر خارق للعادة فهذا متحقق فى شخصية ابى الزهراء و دعوته و رسالته بما لا يخفى على بصير
    فنحن امام ظاهرة خارقة للعادة بوضوح
    و قد اقر بعض خصوم محمد صلى الله عليه و اله و سلم بهذه الحقيقة , كما سبق فى كلام القس جورج بوش الذى نقلناه , و الحق ما نطقت به الاعداء

    و سنتناول باذن الله فيما ياتى :

    1- خرق الشخصية المحمدية للعادة
    2- خرق القران الكريم للعادة
    لا اله الا الله , محمد رسول الله

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أكمل أخى بارك الله فيك
    جاء الإسلام مخاطبا للعقل
    وقيود النقل فقط لكى لا تضل عقولنا الطريق إلى الله

    محمد فى الترجوم والتوراة والتلمود والإنجيل
    للباحث هشام طلبة
    هل هو موجود على الشبكة
    قرأته من سنوات وهو كتاب جيد وأحتاج إليه
    التعديل الأخير تم 02-04-2006 الساعة 01:00 AM
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

صفحة 1 من 9 123 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اثبات نبوة المصطفى عليه الصلاة والسلام باسلوب فلسفي جديد
    بواسطة كميل في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 07-04-2013, 02:20 PM
  2. اثبات نبوة محمد صلى الله عليه و آله و سلم ..(مختصر)
    بواسطة القلم الحر في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 114
    آخر مشاركة: 05-30-2012, 12:17 AM
  3. اثبات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم
    بواسطة عبد اللـه في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-12-2004, 11:15 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء