صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 22

الموضوع: هل تذوقت بلاغة القرآن من قبل ؟

  1. #1

    Exclamation هل تذوقت بلاغة القرآن من قبل ؟


    هل تذوقت بلاغة القرآن من قبل ؟!!!..

    الإخوة الكرام ..
    منذ أن استحكمت مخططات إفساد التعليم في بلاد الإسلام ..
    فسقط بذلك شقيها البحثي العلمي والأدبي للأسف ..
    فكان من أعظم الآثار ضررا ًهو تهميش اللغة العربية لغة القرآن من مناهج أبناء المسلمين !
    حتى صارت مشاريع جعلها مادة غير ذات رسوب : حديث المُهتمين !
    فويل ٌللتغريبيين والحداثيين وأتباع المستعمرين من مالك يوم الدين !

    لقد بات يخرج علينا من أبناء المسلمين مَن يسأل (ظانا ًأنها شبهة تطعن في القرآن) :
    " مَن هو القائل كذا وكذا في آية كذا وكذا " ؟!!!..

    فننذهل نحن : ليس من السؤال نفسه (فقد اعتدنا مثله من سفلة المستشرقين النصارى والمُبشرين الضالين : بجهلهم المدقع باللغة العربية) ولكن ننذهل من :
    خروج مثل ذلك السؤال من ناطق ٍباللغة العربية : فضلاً عن كونه مسلم !!!..

    لقد بات من أبناء المسلمين للأسف : مَن لا يمسك كتاب الله يقرأه : لا تدبرا ًولا تعبدا ًولا تلاوةً ولا حتى استمتاعا ًكما كان يفعل المسلمون من قبل !!!..
    فوالداه لم يعلماه ذلك ولم يهتما به أصلا ً(أعتقد أن درجات الرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء والأحياء والإنجليزي .. إلخ : أولى من ذلك لتحصيل المجموع الدراسي) !!..

    فلما لم يتعود تلاوته صغيرا ًفتندمج روحه بكلام ربه وخالقه :
    صار يمسكه كبيرا ًلتتبع شبهات النصارى المتهافتة وغيرهم منه :
    ليأتينا بها رافعا ًيده : وكأنه قد وقع على ما لم يقع عليه أحد من المسلمين من أخطاء (( فادحة )) في القرآن : كانت خافيةً عنا لأكثر من 1400 عام !!!!..

    فعز ذلك عليّ كثيرا ً....
    وصار القرآن الذي وصل ببلاغته لأن يحذف كلمات ٍوعبارات ٍ: ليحمل القاريء له على استكمالها بعقله : فيضمن دوام يقظته في التلاوة الحقة : ويضمن جمال تذوقه البياني لكل راغب :

    صارت مثل هذه الأشياء في عقول الممسوحين دينيا ً: شبهات وطعونات !!!..

    وكأنه لم ينكسر على عتبة بلاغة القرآن هذه ومحاولات تأليف مثله :
    عشرات المحاولات من أكابر اللغويين والشعراء (عربا ًوعجما) :
    ومئات المحاولات من أصاغر الملحدين واللادينيين في كل مكان ٍوزمان : وآخرها ما صارت تكتظ به منتدياتهم ومواقعهم على النت ببذيء الكلمات وساقط العبارات ومُضحك المعاني والدلالات !

    فرأيت لذلك أن أكتب هذا الموضوع على مشاركتين والله المستعان ...

    الأولى ...
    فيها بيان نواح ٍبلاغية عديدة لمَن أراد أن يتذوق القرآن حقا ً..
    ولطولها فسوف تأتي في أكثر من مشاركة كيفما تيسر ..

    والثانية ...
    وسأنقل فيها أخيرا ًآراء غير مسلمين (ومنهم متخصصين في اللغة العربية) في القرآن وإعجازه !!..

    مع ترك الباب مفتوحا ًلمَن أراد الإضافة أو التعديل فإنما هي تذوقات بلاغية ..
    والله المستعان ..
    ----------------

    1)) الحديث عن الأساليب البلاغية في القرآن ...

    < منقول بتصرف >

    1... الاكتفاء
    وهو أن السياق يقتضي ذكر متقابلين اثنين، فيكتفي بأحدهما عن الآخر ويترك الذهن يتملى الموقف ويضيف ما يناسبه. كقوله تعالى "سرابيل تقيكم الحر". (النحل 81) أي والبرد، وتعليل هذا لأن الخطاب موجه للبيئة العربية الحارة فاكتفى بذكر الحر : وعُلم أنها تقي البرد بالأولى.

    ومنه قوله تعالى "وله ما سكن في الليل والنهار" (الأنعام 13) أي وما تحرك. ومنه قوله "رب المشارق" (الصافات 45) أي والمغارب.
    ----

    2... الاحتباك
    وهو ما يقع في متقابلين حذف من كل منهما ما ذكر في مقابله في الجانب الآخر.
    ومنه قوله تعالى:" وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا" (التوبة 102) أي خلطوا عملا صالحا بسيء وآخر سيئا بصالح.

    ومنه "فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة" (آل عمران 13) .
    فحذف من تقاتل في سبيل الله : صفة أنها مؤمنة : وعُلم ذلك من قوله عن الأخرى كافرة !
    وحذف من كافرة : صفة أنها تقاتل في سبيل الطاغوت : وعُلم ذلك من قوله عن الأولى أنها تقاتل في سبيل الله !!!..
    ----

    3... الحذف
    وهو حذف جملة كان يقتضي السياق بيانها : ولكن كان تركها لخيال القاريء أبلغ من ذكرها بتحديد !!!.. مثل قوله تعالى :
    "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين" (الزمر 73)
    حيث نجد أن القاريء لم يجد تحديدا ًلما سيراه المؤمنون في الجنة بعد قوله تعالى :
    حتى إذا جاؤوها وفـُتحت أبوابها !!!.. فتـُرك ذلك لخياله وهو أبلغ ..

    قال السيوطي : " فحذف الجواب ، إذ كان وصف ما يجدونه ويلقونه عند ذلك لا يتناهى ، فجعل الحذف دليلا على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه ، وتركت النفوس تقدر ما شأنه ، ولا يبلغ مع ذلك كنه ما هنالك ، لقوله عليه الصلاة والسلام: فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر".
    ----

    4... الحكم التكليفي
    ومنه قول الحق سبحانه عن البيت الحرام : "ومَن دخله كان آمنا" (آل عمران 97) فهناك فرق بين إخبار الحق بواقع حدث أو يحدث، وبين إخبار بتكليف. فكان الإخبار هنا معناه ألا يدخل أحد البيت الحرام ويهيجه أو يهاجمه أحد أبدا ويقصد به تكليف خلقه به، والتكليف عرضة لأن يطاع، وعرضة لأن يعصى، فهذا معناه :

    يأيها المؤمنون ، مَن دخل البيت الحرام فامنوه . ولله المثل الأعلى تقول أنت لولدك : يا بنى هذا بيت يفتح للضيوف. أهذا يدل على إنجاز الإكرام لكل من دخل هذا البيت وحصوله له بحيث لايتخلف أبدا أم أنك قلت الخبر وتريد لولدك أن ينفذه ؟ ومثاله قول الله تعالى : "الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم" (النور 26)
    ----

    5... حول الجواب بـ "قل" في القرآن ...
    إذا استعرضت كل "قل" في القرآن وردت بعد سؤال تجدها على نمط، هذا النمط موجود فيه "قل" لكن مرة تأتي بالفاء و مرة تأتي بغير الفاء

    "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"، "يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير" ، "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير" كل شيء أتى دون فاء إلا في موضع واحد "و يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا" جاء بالفاء لأن هذا السؤال لن يرى السائل إجابته بعد !!.. فكأن المعنى إذا سألوك عن الجبال فقل

    ومرة أخيرة يأتي الجواب عن السؤال بدون "قل" لا بالفاء ولا بغيرها…! فإذا أردنا أن نفهم الأساليب نجد الحق سبحانه و تعالى قالها في "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب" فتم حذف "قل" من الآية دلالة على مدى القرب بيننا وبين الله بحيث لا نحتاج لوسيط لمناجاته. حيث حتى كلمة "قل" ستطيل المسافة بيننا وبينه !
    ----

    6... الأسئلة في القرآن
    يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين (1 الأنفال)
    السؤال يقتضى مسئولا ًعنه .. والمسئول عنه قد يكون واضحا ًبنص السؤال ، مثلما نسأل صديقنا : ماذا أكلت اليوم ؟ و قد يكون واضحا ًبنص الجواب كما فى قول الله تعالى : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن (من الآية 222 سورة البقرة)، فهم لم يسالوا عن أسباب المحيض ، أو لماذا ينقطع عن الحامل أو من بلغت الكبر، لكن كان موضوع السؤال الذى هو واضح من إجابة الحق تبارك وتعالى : أيجوز أن يباشر الرجل المرأة أثناء المحيض أم لا ؟

    وسؤال آخر سألوه للرسول صلى الله عليه وسلم عن اليتامى ، يحدد الجواب فيه موضوع السؤال : يقول الله تعالى ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم (من الاية 220 من سورة البقرة) لأنهم كانوا يتخوفون من مخالطة اليتامى في الأموال ومن مؤاكلتهم ، وغير ذلك من ألوان التعامل ، ورعا ًوبُعدا عن الشبهات وجاءت الإجابة لتحدد موضوع السؤال

    ومرة يأتى السؤال وفيه تحديد مناط الإجابة لأنها عامة مثل قوله الحق تبارك وتعالى : يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج (من الآية 189 من سورة البقرة) فهم سألوا محمدا صلى الله عليه وسلم : لماذا يبدأ الهلال صغيرا ولماذا يكبر، ولماذا يختفى فى المحاق ؟ وهذا سؤال فى الفلك : فأتت الإجابة هنا فى الحدود التى يستفيدون منها وهى القيمة النفعية العملية ، وجاءت الإجابة : قل هى مواقيت للناس والحج . لأننا ورغم وجودنا فى هذا القرن العشرين إلا أن البعض من الناس مازال يكذب الحقيقة العلمية التى ثبتت بما لا بأتي مجالا للشك . ونقول للعامة : إن الهلال يشبه قلامة الظفر ثم يكبر ليستدير ثم يختفى قليلا قليلا. ولو قال لهم : إن الهلال يظهر حين تتوسط الأرض بين الشمس والقمر ثم يبدأ فى الاكتمال تباعا، لما استطاعت عقولهم جميعا ًأن تستوعب هذه المسالة !

    < أقول أنا أبو حب الله : لقد مررت بمثل هذا فعلا ًحينما كان يطلب مني بعض غير المتعلمين البسطاء شرح تتابع الليل والنهار والشمس والقمر: فلم يفهموا مهما شرحت لهم > !!

    فجاء لهم بالحكمة المباشرة النفعية التي تدركها عقولهم تماما ، ثم ارتقت عقول البشر بالعلم بعد ذلك فوصلنا إلى دراسة حركة الأفلاك التى توضح كل التفاصيل الفلكية .

    وهناك سؤال يجىء فى أمر محدد، مثل قول الحق : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل (من الأية 217 من سورة البقرة) وهكذا عرفنا أن موضوع السؤال هو عن حكم القتال فى الأشهر الحرام ، لا طلب تحديد الأشهر الحرم بالذات .
    ----

    7... استعمال الضمير
    حين يتكلم الحق سبحانه عن ذاته ، قد يتكلم بضمير المتكلم . فيقول : "إنني أنا الله" (من الآية 14 سورة طه) وقد يقول سبحانه : "إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون" (سورة الحجر) ، ومرة يتكلم عن ذاته بما نسميه نحن ضمير الغيبة مثل قوله "وهو القاهر فوق عباده" (من الآية 61 سورة الأنعام)

    1-ضمير المتكلم معه دليله ، إن المتكلم يقول : أنا ، ويخاطبك فيقول : أنت. لكن الذي يتكلم بضمير الغيبة لابد أن يعود الضميرعلى مرجع لهذا الضمير . وحين يتكلم الحق عن ذاته بما يسمى لدينا ضمير الغيبة فإنه - سبحانه - يريد أن يبين لنا أنه في أجلى مجال المشاهدة والحضور. سبحانه يقول : " هو " قبل أن يذكر المرجع ، وهو " الله "، مع أن الأصل في المرجع أن يتقدم ، فكأنه إذا أطلق هذا الضمير فلا ينصرف إلا إلى ذاته العليا، فكأنه لا يوجد مرجع ضمير إلا هو، ولذلك يقول : "قل هو الله أحد"

    2- فإذا قال سبحانه : "إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون". إنه سبحانه إن تكلم عن فعل من أفعاله نجد أن كل فعل من أفعاله يتطلب صفات الكمال كلها فيه ، لأنه يتطلب علما بما يتكلم به ، ويتطلب قدرة لإبرازه ، ويتطلب حكمة ، ويتطلب صفات كثيرة ، فإذا قال سبحانه : "إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون". ( سورة الحجر ) فالتنزيل فعل ، والفعل يقتضى صفات متعددة . فلابد أن يأت بضمير التعظيم وهو الجمع لأن كل صفات الكمال متجلية فى التنزيل .

    3- ولكن إن تكلم عن الذات فى التوحيد لا يأت بضمير الجمع أبدا لأنه يريد أن تنفى عن ذاته أنه متعدد.لأنه هو الواحد الذي لا شريك له ، فحين يتكلم عن الذات يقول "إنني أنا الله".
    ----

    8... صفات الجلال وصفات الجمال
    1- واتقوا النار التي أعدت للكافرين (آل عمران 131) / يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (التوبة 119)

    كيف نوفق بين الأمر بأن نتقي النار أي العذاب و بين أن نتقي الله رب العالمين؟

    اتقوا الله أي اتقوا صفات الجلال عند الله فالنار من متعلقات جلال الله وقدرته , إذن فالله أحق أن نخشاه من النار لأنه خالق النار ،ولكن كل شيء تخشاه تفر منه إلا الله تخشاه فتفر إليه. "ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين" وذلك لأنك لن تستطيع أن تفر منه !

    2- إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون (الأنفال 2) / الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب (الرعد 28)

    كيف نوفق بين كون القلوب تطمئن بذكر الله و بين كونها تخشاه ؟

    إن المراد بالذكر ذكر عظمة الله وجلاله ومنها شدة انتقامه ممن عصى أمره لأن الآية نزلت عند اختلاف الصحابة في غنائم بدر فناسب ذكر التخويف (يسألونك عن الأنفال) أما آية الرعد : فنزلت فيمَن هداه الله وأناب إليه (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق)، فكان الغالب في الذكر هنا ذكر رحمته وعفوه ولطفه لمن أطاعه وأناب إليه.

    وجمع بينهما في "الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد (الزمر 23)
    أي تقشعر عند ذكر عظمته وجلاله وعقابه، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر رحمته وعفوه وكرمه.

    يُـتبع إن شاء الله ..


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    الدولة
    مصرى مقيم بالخارج
    المشاركات
    2,815
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    8

    افتراضي

    هى تجارة يا سيدى الحبيب...
    هم لا يبيعون جهلاً... فالجهل لا يُباع...
    وإنّما يبيعون دنيا، وأطماع...
    وستظل تجارتهم رائجة مادام هناك أغبياء يشترون.
    مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ
    فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ !

  3. #3

    افتراضي


    ملحوظة : مستفاد من خواطر الشيخ الشعراوي البلاغية رحمه الله ..

    9... المنهج الواحد
    وهو تلاقي شيئين في منهج واحد : فيعود الضمير عليهما مفردا ًلاشتراكهما فيه !
    يقول تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين (البقرة 45)
    كل مؤمن يدخل منهج الايمان يحتاج إلى الاستعانة بالصبر ليحمل نفسه على مشقة المنهج وتكاليفه وليمنع نفسه عن الشهوات التى حرمها الله سبحانه وتعالى. والصبر كبير أن تتحمله النفس وكذلك الصلاة . لأنهما يأخذان من حركة وحياة الانسان. والصبر هنا مطلوب ليصبروا على ما يمتنعون عنه من نعيم الدنيا وزخرفها والصلاة تمنع الاستكبار في النفس.

    وكان سياق الأية يقتضي أن يقال : "وإنهما" لكن القرآن قال : "وإنها لكبيرة" فهل المقصود واحدة منهما؟ الصلاة فقط أم الصبر؟ نقول إنه عندما يأت أمران منضمان إلى بعض لا تستقيم الأمور إلا بهما : فهما يكونان علاجا ًواحدا. واقرأ قوله تعالى "يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين" (التوبة 62) فقال يرضوه ولم يقل يرضوهما . نفس التفسير السابق نفهمه : ليس لله حق وللرسول حق . لكن الله ورسوله يلتقيان على حق واحد . وكذلك قوله تعالى: " وإذا رأوا تجارة أو لهوا ًانفضوا إليها وتركوك قائما ًقل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين (الجمعة 11) ،وكان المفروض أن يقال إليهما ولكن التجارة واللهو لهما عمل واحد هنا من السياق . ألا وهو ثني المؤمنين عن العبادة والذكر .

    وفي هذه الآيات لطيفة وهي: أن الكلام لما اقتضى إعادة الضمير على أحدهما : فقد عاد في آية الصبر والصلاة على الصلاة : لأنها الأقرب ولأنها الاصعب !!.. وكذلك في آية "ومَن يكسب خطيئة أو إثما ًثم يرم به بريئا ً" أعادها إلى الأقرب. إلا في آية التجارة واللهو فإنها عادت إلى التجارة لأنها هي التي ألهت الناس.
    ----

    10... الخيال في القرآن
    يقول تعالى : "ولو ترى إذ وُقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين" (الأنعام 27)
    عندما ننظر إلى قول الحق : "ولو ترى إذ وُقفوا على النار" ، هنا لا نجد جوابا ًمثل ما تجده فى قولك مثلا ً: لو رأيت فلانا لرحبت به أو لو رأيت فلانا لعاقبته . حيث نرى في كل من هاتين الجملتين جوابا ،لكن فى هذا القول الكريم لا نجد جوابا وهذا من عظمة الأداء القرآني !!.. حيث هناك أحداث : لا تقوى العبارات على أدائها !!.. ولذلك يحذفها الحق سبحانه وتعالى : ليذهب كل سامع فى المعنى بخياله : مذاهبه التى يراها !!..

    وفي حياتنا نجد مجرما ًمثلا ًفي بلد من البلاد يزداد فساده وإجرامه في سكانها تقتيلا ًوتعذيبا ًوسرقة واعتداءات ، ولا أحد يقدر عليه أبدا ، ثم يُمكن الله لرجال الأمن أن يقبضوا عليه .. فنرى هذا القاتل المفسد يتحول من بعد الجبروت إلى جبان رعديد يكاد يُقبل يد الشرطي حتى لا يضع القيود فى يديه !!.. ويرى إنسان ذلك المشهد فيصفه للآخرين قائلا : آه لورأيتم لحظة قبضت الشرطة على هذا المجرم ، ثم يسكت !!!.. وهذه العبارة بالسكوت الذي أعقبها : تؤدي كل معاني الذلة التي يمكن للسامع أن يتخيلها ، إذن : فحذف الجواب دائما لترسيخ فائدة الجواب ليذهب كل سامع فى تصور الذلة إلى ما يذهب . لأن المشاهد لو شاء لحكى ما حدث بالتفصيل لحظة القبض على المجرم وبذلك يكون قد حدد الذلة والمهانة في إطار ألفاظه الخاصة وما رأى هو ، فيحجب بذلك تخيل وتصور السامعين !

    وقد أراد البعض أن يتصيد لأساليب القرآن ، ومنهم مَن قال : كيف تقولون أن القرآن عالي البيان ، فصيح الأسلوب ، معجز الأداء ، وهو يُشبه شيء لا نعرفه وهو شجرة الزقوم : بشيء آخر أيضا ًلم نره وهو رؤوس الشياطين ؟!!.. أليس هذا فشل في التشبيه ؟!!.. حيث يقول القرآن عن هذه الشجرة:
    "أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم , إنا جعلناها فتنة للظالمين , إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم , طلعها كأنه رءوس الشياطين" (الصافات 62 : 65)

    فنحن لم نر شجرة الزقوم ، ولم نر رأس الشيطان . ويسخر الذين يتصيدون للقرآن في أقوالهم : بما أن أحدا ًمن البشر لم يشهد رأس الشيطان ، وكذلك شجرة الزقوم فكيف يشبه الله المجهول بمجهول ؟ وتساءلوا بطنطنة : ماذا يستفيد السامع من تشبيه مجهول بمجهول ؟ ونقول ردا عليهم : إن غباء قلوبكم وفقدان طبعكم لملكة اللغة العربية هو الذى يجعلكم لاتفهمون مافى هذا القول من بلاغة.

    وحين نقرب المثل نقول : هب أن إنسانا أقام مسابقة بين رسامي الكاريكاتير في العالم ليرسم كل منهم صورة للشيطان ، ويوم تحديد الفائز ستوجد أكثر من صورة للشيطان ، وستفوز أكثر الصور بشاعة ، ذلك أن الفوز هنا ليس فى الجمال، و لكن الفوز هنا فى مهارة تصوير القبح . وهكذا تتعدد وتزداد أمامنا صور القبح بتعدد خيال الرسامين ، فما بالنا بالحق سبحانه وتعالى وقد أراد إطلاق الخيال لتصور شجرة الزقوم ، وكذلك تصور رأس الشيطان ؟ أراد الحق بهذا الأسلوب البليغ إشاعة الفائدة من إظهار بشاعة صورة الشجرة التي يأكل منها أهل الكفر .
    ----

    11... الاحتباك مرة أخرى
    يقول تعالى : لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين (التوبة 25)
    فقوله : "لقد نصركم الله فى مواطن كثيرة" يلفتنا إلى أن النصر يكون من عند الله وحده ، والدليل على أن النصر من عند الله أنه سبحانه قد نصر رسوله والذين معه فى مواطن كثيرة ، ومواطن جمع "موطن "

    والموطن هو ما استوطنت فيه . وكل الناس مستوطنون فى الأرض ، وكل جماعة منا تحيز مكانا ًمن الأرض ليكون وطنا لها ، والوطن مكان محدد نعيش فيه من الوطن العام الذى هو الأرض لأن الأرض موطن البشرية كلها ، ولكن الناس موزعون عليها ، وكل جماعة منهم تحيا فى حيز تروح عليه وتغدو إليه وتقيم فيه . والله سبحانه هنا يقول : "لقد نصركم الله فى مواطن كثيرة "، وما دام الحديث عن النصر، يكون المعنى : إن الحق سبحانه قد نصركم فى مواطن الحرب أى مواقعها ، مثل يوم بدر، ويوم الحديبية ، ويوم بنى النضير، ويوم الأحزاب ، ويوم فتح مكة ، وكل هذه كانت مواقع نصر من الله للمسلمين ، ولكنه فى هذه الآية يخص يوما واحدا بالذكر بعد الكلام عن المواطن الكثيرة، فبعد أن تحدث إجمالا ًعن المعارك الكثيرة يقول : "ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم"

    إذن : فكثرة عدد المؤمنين فى يوم حنين كان ظرفا خاصا ، أما المواطن الأخرى ، مثل يوم بدر فقد كانوا قلة ، ويوم فتح مكة كانوا كثرة، ولكنهم لم يعجبوا ولم يختالوا بذلك ، إذن : ففى يوم حنين اجتمعت لهم الكثرة مع الإعجاب ، وبذلك يكون يوم حنين له رمزية ، فهو يوم خاص بعد الحديث العام . "ويوم حنين إذ أعجبتكم" هذا الإعجاب ظرف ممدود على اليوم نفسه ، إذن فيوم حنين ليس معطوفا على مواطن كثيرة ولكنه جملة مستقلة بنفسها !! لأن الكثرة والإعجاب بالكثرة لم تكن فى بقية المواطن ، وهذه دقة فى الأداء اللغوى تتطلب بحثا لغويا .

    فكلمة مواطن هى ظرف مكان ، ويوم حنين هى ظرف زمان ، فكيف جاز أن نعطف ظرف الزمان على ظرف المكان ؟

    ونقول : هذا هو ما يسميه العرب "احتباك " لأن كل حدث مثل "أكل" و "شرب" و "ضرب " و "ذاكر " كل حدث لابد له من زمان ولابد له من مكان ، فإذا قلت : أكلت ، نقول : متى؟ فى الصبح ، أو فى الظهر، أو فى العصر، أو فى العشاء وأين ؟ فى البيت ، أو فى الفندق ، أو فى المطعم ، أو فى الشارع .إذن : فلابد لكل حدث من ظرف زمان وظرف مكان ، فإذا راعيت ذلك أخذت الظرفية المطلقة ؟ ظرفية مكان حدوث الفعل ، وظرفية زمان حدوث الفعل . فإذا قلت : أكلت الساعة الثالثة ولم أسألك أين تم الاكل ؟ أو إذا قلت : أكلت فى البيت ولم أسألك عن موعد الأكل ظهرا أو عصرا أو ليلا، يكون الحدث غير كامل الظرفية ، ومعلوم أن الزمان والمكان يشتركان فى الظرفية ، ولكنهما يختلفان ، فالمكان ظرف ثابت لا يتغير . والزمان دائم التغير، فهناك الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء . والزمان يدور، هناك ماض وحاضر ومستقبل ، وهكذا يشترك الزمان والمكان فى الظرفية ، ولكن الزمان ظرف متغير، أما المكان فهو ظرف ثابت . وجاءت الآية هنا بالاثنين !! فـ "يوم حنين" هو زمان ومكان لحدث عظيم ، وأخذت الآية ظرف المكان فى "مواطن كثيرة" وظرف الزمان فى "يوم حنين" فإذا قيل : لم يحضر ظرف الزمان والمكان فى كل واحدة، نقول : لا، لقد حضر ظرف المكان فى ناحية وظرف الزمان فى ناحية ثانية، وهذا يسمونه - كما قلنا - " احتباك " .

    حيث تم حذف من الأول : ما يدل عليه الثانى، وتم حذف من الثانى : ما يدل عليه الأول ، فكان المعنى : لقد نصركم الله يوم مواطن كذا وكذا وكذا . فإذا عطفت عليها يوم حنين يكون المعنى "ومواطن يوم حنين "، أى" جاء بالاثنين هنا . ولكن شاء الله سبحانه وتعالى ألا يكون هناك تكرار ، فاحضر واحدة هنا وواحدة هناك ، وهذا يظهر واضحا فى قوله تعالى : "قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة" (آل عمران : 113) فما دامت الأخرى "كافرة" تكون الأولى " مؤمنة " ، ولكن حذفت "مؤمنة " لأن كافرة تدل عليها ، وما دامت الأولى المؤمنة تقاتل فى سبيل الله ، فالفئة الكافرة تقاتل فى سبيل الشيطان . وتم حذف تقاتل فى سبيل الشيطان : لأن تقاتل فى سبيل الله دلت عليها . وذلك حتى لا يحدث تكرار . ونجد أن المؤمن الذى يستمع إلى كلام الله تعالى لابد أن يكون عنده عمق فهم ، ويجب أن يكون كله آذانا صاغية حتى يعرف ويتنبه إلى أنه حذف من واحدة ما يدل على الثانية .
    ----

    12... الابهام
    الله سبحانه هو الذى يحيي ويميت . وفى الحياة والموت استبقاء للنوع الانساني. ويعالج الحق هذه المسألة بواقع سبق أن عاشه موسى عليه السلام مع قومه وهم بني اسرائيل ، ونعرف أن قصة موسى مع قومه قد أخذت أوسع قصص القرآن .. حيث هي الأمة التى أتعبت الرسل ، وأتعبت الأنبياء ، وكان لا بد أن يعرض الحق هذا الأمر برمته على أمة محمد صلى الله عليه وسلم من واقع ما حدث ، فقال سبحانه : "الم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " . فنفهم من هذا القول أن علة الخروج إنما كانت مخافة أن يموتوا . أما عن سبب هذا الموت فلم تتعرض له الأيات !! وإن كان تعرض المفسرون له وقالوا كلاما طويلا ، فمنهم من قال : خرجوا هربا من وباء يحل بالبلد خشية أن يموتوا ، وبعضهم قال : إنهم خرجوا من عدو قد تسلط عليهم ليستأصلهم ، المهم أنهم أرادوا أن يفروا خوفا من الموت.

    إذن , فالقرآن يعالج تلك المسألة من الزاوية التى تهم ، ولكن ما هو السبب ولماذا الخروج ؟ فذلك أمر لا يهم ؟ لأن القرآن لا يعطى تاريخا ، فلم يقل متى كانت الوقائع ولا زمنها على التحديد ، ولا على يد مَن كان هذا : بتحديد أشخاص كل قضية قرآنية ، كل ذلك لا يهتم به القرآن . والذين يتعبون أنفسهم فى البحث عن تفاصيل تلك الأمور فى القرآن إنما يحاولون أن يربطوا الأشياء بزمن مخصوص ، ومكان مخصوص وأشخاص مخصوصة .

    نقول لهم : إن القرآن لو أراد ذلك لفعل ، حيث لو كان لذلك أصل فى العبرة والعظة لبينه الحق لنا ، وأنتم تريدون إضعاف مدلول القصة بتلك التفاصيل ، لأن مدلول بعض القصص إن تحدد زمنها ، فربما قيل : إن الزمان الذى حدثت فيه كان يحتمل أن تحدث تلك المسالة والزمن الأن لم يعد يحتملها ، وربما قيل : إن هذا المكان الذى وقعت فيه يحتمل حدوثها ، إنما الأمكنة الأخرى لا تحتمل . وكذلك لو حددها بشخصيات معينة لقيل : إن القصص لا يمكن أن تتكرر إلا على يد مثل هذه الشخصيات، لأنها فلتات فى الكون لا تتكرر .

    إن الله حين يُبهم فى قصة ٍمعينة عناصر الزمان والمكان والأشخاص وعمومية الأمكنة فهو -سبحانه - بهذا : يعطى لها حياة فى كل زمان وفى كل مكان وحياة مع كل شخص.

    نعم .. هناك من الباحثين في التاريخ مثلا ًمَن يمكنهم تحديد هذه التفاصيل فيما بعد :
    فتكون إعجازات غيبية للقرآن تثبت أنه من عند رب البشر ..
    ولكن حتى ذلك الحين وبعده : فبعض القصص بتجريدها من تفاصيلها المكانية والزمانية والشخوصية : تصبح حيةً في كل مكانٍ وزمانٍ ومع كل الأشخاص من كل الأمم !!!..

    وأضرب دائما هذا المثل بالذين يحاولون أن يعرفوا زمن أهل الكهف ومكان أهل الكهف وأسماء أهل الكهف وكلب أهل الكهف . نقول لهؤلاء : أنتم لا تثرون القصة ، لأنكم عندما تحددون لها زمانا ًومكانا ًوأشخاصا ًفقد يقال : إنها لا تنفع إلا للزمان الذى وقعت فيه. ولذلك إذا أراد الحق أن يُبهم فقد أبهم ليعمم ، وإن أراد أن يحدد فهو يشخص ومثال ذلك قوله تعالى :

    "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين" فلم يحدد الحق هنا اسم أى امرأة من هاتين المرأتين ، بل ذكر فقط الأمر المهم وهو أن كلا منهما كانت زوجة لرسول كريم ، ومع ذلك لم يستطع نوح عليه السلام أن يستلب العقيدة الكافرة من زوجته ، ولم يستطع لوط عليه السلام أن يستلب العقيدة الكافرة من زوجته ، بل كانت كل من المرأتين تتآمر ضد زوجها - وهو الرسول - مع قومها ، لذلك كان مصير كل منهما النار ، والعبرة من القصة أن :

    اختيار العقيدة أمر متروك للإنسان ، فحرية العقيدة أساس واضح من أسس المنهج.

    وأيضا قال سبحانه فى امرأة فرعون : "وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" فلم يذكر اسمها : لأنه لا يهمنا فى المسالة ، المهم أنها امرأة من ادعى الألوهية ومع ذلك لم يستطع أن يقنع امرأته بأنه إله .

    لكن حينما أراد أن يُشخص قال فى مريم عليها السلام :
    " ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين" لقد ذكرها الحق وذكر اسم والدها ، ذلك لأن الحدث الذى حدث لها لن يتكرر في امرأة أخرى .

    يُـتبع إن شاء الله ..

  4. #4

    افتراضي


    13...التصريح باسم زيد
    فى الريف نجد أن التاجر يصنع لنفسه الموازين من الأحجار ، فيعاير قطعة من الحجر بوزن الكيلوجرام ، ويعاير قطعا أخرى لأجزاء الكيلوجرام. ومن كثرة الاستعمال وملامسة الحجر يعرف التاجر أن الحجر يتآكل ، لذلك يعيد وزن الأحجار التي يستعملها في الميزان كل فترة متقاربة من الزمن. ويقال : إنه يعاير الأوزان . وسمى القسطاس؛ فالقسطاس هو الذى تعاير به الموازين ، فإذا صنع الإنسان شيئا للميزان مما يتآكل أو يتأثر باللمس فيجب عليه أن يعايره كل فترة حتى لا يظلم أحدا ولو بمقدار اللمسة الواحدة .. ولذلك يقول الحق : "ذلكم أقسط عند الله "

    فـ " أقسط " هنا معناها " أعدل " . وموازين الله غير موازين البشر ، فموازين البشر قد يحدث فيها اختلاف . ونرى بعض التجار ينقصون الميزان بأن يجمعوا شيئا تحت كفة الميزان أو غير ذلك من الخدع ، لكن الحق سبحانه وتعالى هو العادل الحق . وهو صاحب الميزان الأعدل وهو القائل : "ذلكم أقسط عند الله".

    جاءت هذه الآية من سورة الأحزاب : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدر حكما ً: وهو حكم صحيح وعادل بقواعد البشر ، فأوضح الحق سبحانه له الحكم الأقسط منه ، فصحيح أن عدل رسول الله لا يدخله هوى ولا يميل به غرض أو شهوة . ولكن العدل عند الله أكثر دقة بل له مطلق الدقة . وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحكم بمنطق القسط البشرى في أمر زيد بن حارثة وكان مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث تم اختطافه من أهله ,ثم اشترته خديجة رضي الله عنها: ووهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد فترة علم أهل زيد بخبر استقراره في مكة وبيعه كعبد وكيف آل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء أهل زيد إلى رسول الله وطالبوا بابنهم . فرفض زيد أن يعود معهم !!.. وفضل أن يبقى مع رسول الله على العودة مع أبيه وأهله !!..

    فقدر رسول الله لزيد بن حارثة هذا الموقف .. فاعتقه ودعاه " زيد بن محمد " تكريما له ، على عادة العرب فى تلك الأيام . لكن الله يريد أن يلغى مسألة التبني : " وما جعل أدعياءكم أبناءكم" وأجرى الله الأحداث ليصحح مسألة التبني لكل العرب ، وكان بداية تطبيق ذلك على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه كقدوة ، وينزل القول الحق : "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" (من الآية 5 سورة الأحزاب) .

    إذن .. الله تعالى لم ينف القسط عن رسولنا محمد ، ولكنه حكم بالأقسط . ثم يُطيب الله تعالى خاطر زيد بعد أن عاد إليه اسمه الفعلي منسوبا لأبيه : فيجعل الله تعالى اسمه هو الاسم الوحيد فى الإسلام الذى يُذكر فى القرآن : ويتعبد المؤمنون بتلاوته إلى أن تقوم الساعة : "فلما قضى زيد منها وطرا" (في الآية 37 سورة الأحزاب) لقد صار اسمه فى القرآن تصريحا ً: يتلوه المسلمون إلى قيام الساعة.
    ----

    14... الشرط - النصر في الغار
    يقول تعالى : إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم (التوبة 40)
    وقوله تعالى : إلا تنصروه هو فعل مضارع ، زمنه هو الزمن الحالى ، ولكن الحق يتبع المضارع بفعل ماض وهو : فقد نصره الله فهل يكون الشرط حاضرا ًومستقبلا ، والجواب ماضيا ؟

    وقدم المشككون كل تلك المقدمات ليشككونا فى القرآن . ونقول لهم إن كلامكم عن الشرط وجوابه صحيح ، ولكن افهموا الزائد ، فحين نحقق فى الأمر نجد أن الجواب سبب فى الشرط!!.. لأنك حين تقول : إن تذاكر تنجح ، فالطالب إن لم يستحضر امتيازات النجاح فلن يذاكر ، بل لابد أن يتصور الطالب فى ذهنه امتيازات النجاح ليندفع إلى المذاكرة ، إذن : فالجواب سبب دافع فى الشرط ، ولكن الشرط سبب فى الجواب ولكنه سبب واقع ، فتصور النجاح أولا هو سبيل لبذل الجهد فى تحقيق النجاح ، وهكذا تكون الجهة منفكة. لأن هذا سبب دافع ، وهذا سبب واقع . ونقول : إن المعنى :

    إلا تنصروه : فسينصره الله .. بدليل أنه قد نصره قبل ذلك . وهذا ليس جواب شرط ، وإنما دليل الجواب ، فحين يكون دليل الجواب ماضيا ، فهو أدل على الوثوق من حدوث الجواب !! فحين دعاهم الله قبل ذلك بآيتين لينفروا فتثاقلوا ، أوضح لهم سبحانه : أتظنون أن جهادكم هو الذى سينصر محمدا وينصر دعوته ؟ لا، لأنه سبحانه قادر على نصره ، والدليل على ذلك أن الله قد نصره من قبل فى مواطن كثيرة ، وأهم موطن هو النصر فى الهجرة ، وقد نصره ومعه رجل واحد فقط وهو أبو بكر رضي الله عنه على قريش وكل كفار مكة ، وكذلك نصره فى بدر بجنود لم تروها ، إذن : فسابقة النصر من الله لرسوله سابقة ماضية ، وعلى ذلك فليست هى الجواب ، بل هى دليل الجواب . ونرى فى قوله تعالى : إلا تنصروه فقد نصره الله أن نصر الله له ثلاثة أزمنة ..

    زمن الإخراج ، وزمن الغار ، والزمن الذى قال فيه رسول الله لأبى بكر: "لا تحزن إن الله معنا"، وقد جاء النصر فى هذه الأزمنة الثلاثة ؟!!..
    ساعة الإخراج من مكة ، وساعة دخل سيدنا رسول الله مع أبى بكر إلى الغار ، وساعة حديثه مع أبى بكر . ولسائل أن يسأل :

    هل أخرج الكفار رسول الله من مكة ؟ أم أن الله هو الذى أخرجه ؟ ونقول : إن عناد قومه وتآمرهم عليه وتعننتهم أمام دعوته ، كل ذلك اضطره إلى الخروج ، ولكن الحق أراد بهذا الخروج هدفا آخر غير الذى أراده الكفار ، فهم أرادوا قتله ، وحين خرج ظنوا أن دعوته سوف تختنق بالعزل عن الناس ، فأخرجه الله لتنساح الدعوة ، وأوضح سبحانه : أنتم تريدون إخراج محمد بتعنتكم معه ، وأنا لن أمكنكم من أن تخرجوه مخذولا ، وسأخرجه أنا مدعوما بالأنصار . وكما يقال: إن الهجر توأم البعثة . أى : أن البعثة المحمدية جاءت ومعها الهجرة ، بدليل أن رسول الله حينما أخذته أم المؤمنين خديجة رضى ألله عنها إلى ورقة بن نوفل ، بعد ما حدث له فى غار حراء ، قال له ورقة : ليتنى أكون حيا يخرجك قومك !!

    قال ورقة بن نوفل ذلك لرسول الله قبل أن يبعث بالنبوة ، فقال رسول الله : أمخرجى هم ؟ قال ورقة بن نوفل : نعم .. لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودى !!.. إذن : فالهجرة كانت مقررة مع تكليف رسول الله بالرسالة.
    ----

    15... الشرط 2 - النصر في بدر
    ويقول عز وجل أيضا ً: ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين , إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين (آل عمران 139- 140)

    فعبارة : "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله" لاحظ أن المتكلم هنا هو الله تعالى : فانتبه جيدا إلى مرادات كلامه. نعرف أنه فى الشرط والجواب، أن الشرط يأتي أولا ًثم يأتي بالجواب من بعد ذلك مترتبا عليه ونتيجة له، كقولنا "إن تذاكر تنجح" إن النجاح هو جواب لشرط وهو الاستذكار .

    وقوله الحق "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله" فهل المعنى المراد من هذه الجملة الشرطية أن مس القرح للكافرين الذى حدث فى بدر كان كجزاء لمس القرح للمؤمنين فى أحد ؟ لا ، إنه لا يكون أبدا جوابا لشرط ؟ لأنه لو كان جواب شرط لقال الحق : إن يمسسكم قرح فسيمس القوم قرح مثله . ولكنه لم يقل ذلك لأن القرح الذي أصاب الممشركين فى بدر كان أسبق من القرح الذى أصاب المؤمنين في أحد. و كأن الحق يقول "إن يمسسكم قرح فلا تبتئسوا فقد مس القوم قرح مثله" ، وليس ذلك جواب الشرط ، ولكنه جاء ليستدل به على جواب الشرط. ومثال ذلك ما نقوله لواحد إذا أصابته كارثة :
    إن كان قد حدث لك كذا ، فقد حدث لخصمك مثله . إذن فنحن نسليه ونخفف عنه !!.. فنفهم من ذلك أن المقصود في الآية هو تخفيف الله عن المؤمنين : إن يمسسكم قرح فلا تبتئسوا ، فليكن عندكم سلو ولتجتازوا هذا الأمر ولترض به نفوسكم ؟ لأن القوم قد مسهم قرح مثله.

    والتخفيف والتسلية ، هل يأتي بما وقع بالفعل أم بما سيقع ؟ . إنه يأتي بما وقع بالفعل ، إذن فهى تعلل تعليلا صحيحا : "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم مثله". وأطلق الحق سبحانه من بعد ذلك قضية عامة وهي : "وتلك الأيام نداولها بين الناس" . فما معنى المداولة ؟

    داول أى نقل الشىء من واحد لآخر . ونحن هنا أمام موقعتين : غزوة بدر وغزوة أحد. وكان النصر للمسلمين فى غزوة بدر بالإجماع أما غزوة أحد فلم يكن فيها هزيمة بالإجماع ولم يكن فيها نصر. إذن فقوله الحق : "وتلك الأيام نداولها بين الناس" أى مع التسليم جدلا ًأن الكفار قد انتصروا -رغم أن هذا لم يحدث - فإننا نقلنا النصر منكم أيها المؤمنون إليهم. وإياك أن تفوتك هذه الملاحظة ، بأن النصر لم ينتقل إليهم إلا بمخالفة منكم أيها المؤمنون . ومعنى مخالفة منكم ، أى أنكم طرحتم المنهج . ومعنى أنكم طرحتم المنهج ، أى أنكم أصبحتم مجرد "ناس " مثلهم. فانطبق عليكم ما انطبق عليهم من : "وتلك الأيام نداولها بين الناس" حيث لم يقل بين المؤمنين والكافرين أى بينكم وبين قريش !!..

    وليس المقصود بالأيام هنا ما هو معروف لدى الناس من أوقات تضم الليل والنهار ، ولكن المقصود بالأيام هنا هو أوقات النصر أو أوقات الغلبة. إذن "وتلك الأيام نداولها بين الناس " لم تتضمن المداولة بين المؤمنين والكافرين ، ولكنها مداولة بين الذين مالت أبصارهم إلى الغنائم فتخلخل إيمانهم ففازت قريش ظاهريا . فلو ظللتم على إيمانكم لما حدث ذلك أبدا . لكنكم تخليتم عن منهج ربكم ، وبذلك استويتم وتساويتم مع غير المؤمنين ، وبذلك تكون الأيام لذلك مرة ولهذا مرة أخرى، إنها مطلق العدالة .

    فعلينا أن نتذكر الشرط السابق لعدم الهزيمة بل للعلو والنصر: "وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" . فالحق سبحانه فى مسألة مداولة الأيام ينبه المؤمنين الذين تخلخل إيمانهم: ما دمتم اشتركتم معهم فى كونكم مجرد "أناس" فيصبح النصر يوما لهم ويوما لكم ، فيكون على ذلك العبقرى الفطن منكم : والذى يملك العدد والعتاد ويحسن التصرف : هو من يغلب لأن المعركة هنا تدور بين قوة بشر مقابل قوة بشر . ومادام المسلمون قد تخلوا عن منهج الله فقد صاروا مجرد بشر فى مواجهة بشر .

    ولذلك قلنا إنه عندما تخلى الرماة عن إنفاذ أمر القائد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهرت عبقرية خالد بن الوليد على عبقرية المقاتلين المسلمين . صاحب الحيلة، يغلب ، أو صاحب القوة يغلب ، أو صاحب العدد أو العتاد يغلب . ولكن ما الذى يعوض كل تلك الإمكانات ويحقق النصر ؟! إنك إن تأخذ جانب الله : فلن يجرؤ مخلوق أن يكون فى مواجهة الحق فى معركة . لقد قلنا قديما وعلينا أن نعيها جيدا : إن الولد الصغير حينما يضطهده زملاؤه فيلجا إلى حضن أبيه ، عندئذ ينصرف كل منهم إلى حاله ، لكن أقرانه يستطيعون أن يهزموه عندما يبتعد عن أبيه . فما بالنا ونحن عيال الله ؟ وكذلك شأن الكفار مع المؤمنين .

    إن الكفار قادرون على الانفراد بالمؤمنين حينما يتخلى المؤمنون عن منهج الله ،لأن الله لن ينصر أناسا ليسوا على منهجه ، "إن تنصروا الله ينصركم ويُثبت أقدامكم", فلو نصر الله أناسا على غير منهجه فان ذلك يبطل قضية الإيمان. وعندما نستقرىء القرآن الكريم نجد أن كل خبر عن الإنسان وهو معزول عن المنهج الإلهى هو خبر كله شر .

    فسبحانه يقول مثلا ً: "والعصر إن الانسان لفي خسر" إن الإنسان على إطلاقه لفى خسر ، ولكن مَن الذى ينجو من الخسران، وتأتي الإجابة من الحق فيقول : "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" وتتأكد القضية فى موضع آخر من القرآن الكريم فيقول سبحانه "إن الإنسان خلق هلوعا , إذا مسه الشر جزوعا , وإذا مسه الخير منوعا , إلا المصلين" !!..
    إذن كل كلام فى القرآن عن الإنسان على إطلاقه : يأتي من ناحية الشر. ،فما الذى ينجيه من ذلك ؟ إنه المنهج الإلهى .
    إذن فقول الحق : "وتلك الأيام نداولها بين الناس" تحمل تأنيبا ولذعة خفيفة لمن أعلنوا الإيمان ولكنهم تخلفوا عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أحد .
    ----

    16... التشخيص - أمه هاوية
    تفسير "فأما مَن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية" "و أما مَن خفت موازينه فأمه هاوية"

    "فأما مَن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية" هنا وصف الحق سبحانه وتعالى العيشة بأنها الراضية . والمستعمل في أعراف البشر ولغة الناس ، أن الرضى إنما ينسب إلى ذي العقل وإلى ذي الإرادة فكان حسب منطقنا في لغتنا أن يقول مثلا ً: عيشة رضي عنها صاحبها ، ولكن الحق سبحانه وتعالى حين يعدل عن أسلوب شائع على ألسنة الناس ، الى أسلوب يناسب بلاغة كلامه عن كلام البشر فاننا نلحظ موضحات الأسلوب الإعجازي القرآني على الأسلوب البشري .

    فالناس في الحياة الدنيا ، يحبون النعيم ، ويحبون أسباب السعادة ، ولكن الذى ينغص عليهم ذلك الحب ، هو خوفهم أن تزول السعادة عنهم . هذا الشعور يجعل الانسان يعيش الحياة الحاضرة سعيدة ، ولكن قلبه قلق على مستقبل هذه الحياة السعيدة خوفا ًمن تبدل الحال أو الموت . فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يقول لنا : إن المعنى الذي يقلق الناس في نعيمهم وسعادتهم في الدنيا ، لا يوجد في الآخرة ، لأن النعمة والسعادة في الآخرة تعيش معك !! وتدوم معك !! دوام الراضي عنك !! والراضي عن الشيء .يلازمه !! ويحبه !! ولا ينفك عنه . وعلى قدر ما أحسنت في عيشتك في دنياك بأن تتبع منهج الله ، وتقيد حريتك في سبيل تنفيذ منهج الله ، فإنك تأخذ مطلق الحرية في الآخرة ، فتستدعي أنت من النعمة ما شئت بمجرد الخواطر ، وإذا جاءت لك النعمة : فهي نعمة مستقرة نعمة دائمة .

    "وأما مَن خفت موازينه فأمه هاوية"
    كثيرا ًما يمر في القرآن الكريم الحديث عن العذاب، وقد يبدأ هذا الأسلوب بالتصدير المطمع ، ثم ينهيه بالتيئيس المفجع وذلك النقل عملية نفسية مرادة للحق سبحانه وتعالى . ولذلك إذا قرأنا القرآن نجد مثل هذه الأساليب كثيرة يقول : "فبشرهم"، فساعة تسمع هذه الكلمة تستشرف نفوسهم على أن هناك منقذا ، وأن هناك مغيثا ، وأن هناك منجيا ، فإذا استشرفت النفس الى ذلك ، جاء الجواب مفجعا ، فيقول : "فبشرهم بعذاب أليم" كما ويقول أيضا في مثل هذا : "وإن يستغيثوا يغاثوا" الإنسان حين يستغيث من مؤلم ، يريد أن يخفف عنه ذلك المؤلم ، فتستشرف نفسه ثم يأتي تكملة الآية "بماء كالمهل يشوي الوجوه" ليتألم أكثر . و هكذا يفتح له باب الأمل واسعا ، ثم بعد ذلك يأتي بالمبشر به فيجده عذابا .

    الأم في الحياة مصدر العطف والحنان والحماية. فإذا قال الحق سبحانه : أمه : أشعر ذلك الإنسان بجهات العطف ، وبجهات الحنان ، ثم يقول : "فأمه هاوية" إذن بدأها ابتداء مقنعا ، ثم أنهاها انهاء ميئسا .

    وأيضا لتأخذ من التصوير الدقيق لمعنى الآية ، أن النار تتهافت على المعذب كما تتهافت الأم على وليدها ، فتحضنه وتضمه. لأنه ، أي ذلك الإنسان المعذب ، لم يرع نعمة الله في تلك الأم أولا ، والتي خلقها الله للإنسان وهو لا إرادة له ، ولا قوة ، ولا تعقل ، وبعد ذلك سخرها له ، بما أودع فيها من العطف ، ومن الحنان ، ومن الرقة ، ومن الاستجابة الى كل دوافعه ، فكما كان له منه بإعراض عن نعم الله لذا : يعرض عنه الله في الآخرة.
    ----

    17... التشبيه - التكوير
    لو لاحظنا لرأينا القسم هنا "فلا أقسم بالخنس" أنه قسم على طريقة النفي . و معناه : لا أقسم ، يعني لم يقسم ،ولكن لو أنه لم يقسم فلم يكن ليأتى بجواب؟!.. ولكنا لاحظنا أنه جاء بجواب "فلا أقسم بالخنس ، الجوار الكنس ، والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس" ، قال : "إنه لقول رسول كريم" يبقى هذا جواب قسم . إذن لا بد أن نفهم "فلا أقسم" على أنها قسم مؤكد أكثر من قسم الإثبات . لماذا ؟

    لأنك حين تقسم بشيء على شيء يكون عند المخاطب شبه شك في أنك تؤكد له بالقسم ، والاعتراف بالشك يجعلك تؤكد . فالحق يقول : إذا كنا نقسم على أشياء لأن لكم شبهة فيها، فهذا أمر لا يصح أن نقسم عليه ، لأنه من الوضوح بحيث لا يصح أن يكون فيه شك!!..

    وضربنا مثلا للمريض يذهب للطبيب ، فالطبيب الذي يؤكد الصحة لك ، أيصف لك الدواء ؟ أم يقول لك : أنت لا تستحق أن أكتب لك دواء ؟ والهدف من قوله أنت لا تستحق أن أكتب لك دواء هو : إزاحة ما في نفسه من شبهة المرض . ولكن عندما يكتب له دواء وإن كان بسيطا ، فهو يفعل ذلك مجاراة ًلما في نفسه من شبهة المرض . فهذا النفي للقسم : يؤكد أكثر من القسم !!..

    إذن .. فما هي الخنس ؟ الخنس اتفقوا على أن معناها ، الكواكب ، أو النجوم تطلع من أماكنها في أبراجها ، ثم تعود إلى أبراجها تطلع الأول وتنتهي إلى الآخر . ثم تعود الى أبراجها..

    إذن .. ففعل خنس يعني رجع . الجوار الكنس: الكنس هذه مأخوذة من كناس الظبي ، وهو المكان الذي يأوي إليه الظبي . ذلك أن النجوم والكواكب التي يقسم بها نراها في أوقات معينة .. فمثلا لما تطلع الشمس . يجيء بعدها "والليل إذا عسعس ، والصبح اذا تنفس" ما هي العلاقة التي نريد أن نستنبطها من الآية ؟

    يمكننا استنباط مثلا ًصورة الرسالات التي سبقت الإسلام ، فظهرت ثم اختفت كالنجوم، ولما اختفت وانطمست معالمها : فإن الجهالة غمرت الدنيا ساعتها كالظلام ، فكان لا بد أن يجيء نهار وكأن النجوم والكواكب إشارة إلى رسالات السماء التي نهتدي بها ، هنا نهتدي بحسيات ، وهناك نهتدي بالمعنويات. أتى الظلام في الكون ، وهو ظلام الجاهلية الذي جاء قبل الاسلام . وبعد ذلك جاء الإسلام . فيقول : "والليل إذا عسعس".

    وكلمة عسعس مكونة من مقطعين مكررين : عس : يعني سار في ظلام ، كالعسعس الذي يعس في الظلام ، غير سائر على هدى ، يمد يديه يستقرىء بها الأشياء . وبعد ذلك لم يقل : والليل إذا عس فيه الناس .. لا ، نسب العس الى الليل نفسه . وإذا كان الليل في ذاته وهو الزمن الذي يعس ، يبقى الذي فيه أشد عسعسة ًمنه .. وبعد ذلك تجد قوله تعالى :

    والصبح إذا تنفس : أنظر كلمة الصبح إذا تنفس ، يعني أيضا جعل الصبح له حيوية ، فكأن الصبح من وطأة ظلمة الليل حينما جاء ابتدأ يأخذ نفسه ، كأنه أ ُرهق بالظلمة . ومعنى ابتدأ يتنفس كأنه كانت مخمودة أنفاسه. فكأن النبي بمنهجه هو تنفس الصبح للبشرية لذلك أتت "إنه لقول رسول كريم" ، وبذلك نرى أن الحق سبحانه لم يبتدىء بالكلام عن ذات الحق هنا. لأن مسألة الحق هذه قضية منتهية كأنها أصل فطري ، وإن نشأ خلاف فيجب أن لا يكون في القمة. الخلاف الذي ينشأ : يكون في الوسائط التي تبلغ عن الله فقط ، أما الله فحقيقة فطرية لا يمكن للعقل السليم أن يقف فيها .

    يُـتبع إن شاء الله ...

  5. #5

    افتراضي


    18... خطاب الأمة
    يقول تعالى : فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين , ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين (يونس 94- 95) نحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال من البداية أنه لا يشك فى رسالته وحين وعده أهله بالسيادة قال : "والله لو وضعوا الشمس فى يمينى ، والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله ، أو أهلك فيه ، ما تركته" نقول : إن الحق سبحانه وتعالى يضمر خطاب الأمة فى خطاب رسوله صلى الله عليه وسلم لأن الأتباع حين يقرأون ويسمعون الخطاب وهو موجه بهذا الأسلوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فهم لن يستنكفوا عن أى أمر يصدر إليهم ومثال ذلك: لو أن قائدا يصدر أمرا لأثنين من مساعديه اللذين يقودان مجموعتين من المقاتلين، فيقول القائد الأعلى لكل منهما : إياك أن تصنع كذا أو تصنع كذا .

    والقائد الأعلى بتعليماته لا يقصد المساعدين بل يقصد كل مرءوسيهم من الجند. وجاء الأمر هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتفهم أمته أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ليتأبى على أمر من أوامر الله، بل هو صلى الله عليه وسلم ينفذ كل ما يؤمر به بدقة وذلك من باب خطاب الأمة فى شخصية رسولها صلى الله عليه وسلم . وقول الحق سبحانه و تعالى: "فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين". هذا القول دليل على أن الذين عندهم علم بالكتاب من السابقين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعرفون الحقائق الواضحة عن رسالته . وأن الذين يكابرون ويكفرون برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته إنما يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.

    وكما قال عبد الله بن سلام : "لقد عرفت محمدا حين رأيته كمعرفتى ، ومعرفتى لمحمد أشد". فالحق عندهم واضح مكتوب فى التوراة من بشارة به صلى الله عليه و سلم، و هذا يثبت أنك يا محمد صادق فى دعوتك، بشهادة هؤلاء. ويُنهي الحق سبحانه الآية بقوله تعالى : "لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين" والحق القادم من الله تعالى ثابت لا يتغير لأنه واقع، والواقع لا يتعدد، بل يأتى على صورة واحدة أما الكذب فيأتي على صور متعددة. ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين. الخطاب فى هذه الآية هو خطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، وجاء معطوفا على الآية السابقة، حيث يقول الحق سبحانه : "فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين" وكل ما يرد من مثل هذا القول لا يصح أن نفهم منه أن رسول الله من الممكن أن يشك، أو من المحتمل أن يكون من الذين كذبوا بآياته سبحانه وتعالى - ولكن إيراد مثل هذا الأمر ، هو إيراد لدفع خواطر البشرية، أيا كانت تلك الخواطر، فإذا وجدنا الخطاب المراد به رسول الله صلى الله عليه و سلم فى التنزيل ، فغاية المراد اعتدال موازين الفهم فى أمته تعليما وتوجيها. لأن المنهج منزل عليه لتبليغه لأمته فهو شهيد على الأمم.

    وإذا كانت الآية التى سبقت توضح : إن كنت فى شك فاسأل فهو سبحانه يعطيه السؤال ليستمع منه إلى الجواب، وليُسمعه لكل الأمة الجواب القائل : أنا لا أشك ولا أسأل، وحسبي ما أنزل الله سبحانه علي. ألم يرد فى القران الكريم أن الحق سبحانه وتعالى يقول للملائكة يوم القيامة بمحضر من عبدوا الملائكة، ويشير إلى هؤلاء الذين عبدوا الملائكة ومخاطبا ملائكته :"أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون" ؟!!.. في حين نحن نعلم أن الملائكة : "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" والحق سبحانه يعلم مسبقا جواب الملائكة، وهم يقولون : "سبحانك أنت ولينا من دونهم" و لكنه سبحانه وتعالى أراد أن يسمع مَن فى الحشر كلهم جواب الملائكة يستنكرون أن يعبدهم أحد من الخلق. إذن فالسؤال جاء ليبين الرد عليه، مثلما يرد عيسى عليه السلام حين يعبد من بعض قومه، ويسأله سبحانه عن ذلك : "أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله" فيأتى الجواب : "سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق ..."، إذن : فالمراد أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنا لا أشك ولا أسأل .
    ----

    ملحوظة : اللفتات التالية للدكتور : عبد الحميد هنداوي ..

    19... صيغة المبالغة في القرآن الكريم
    من ذلك صيغة (فعال) بتشديد العين .. ومن أمثلتها ما ورد فى وصف السحرة من سورة الشعراء فى قصة موسى على لسان فرعون : "قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم , يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون , قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين , يأتوك بكل سحار عليم" (الشعراء: 34-37) حيث جاء التعبير بصيغة المبالغة سحار فى هذا الموضع دالا على مقابلة الملأ وصف فرعون لموسى بالسحر وتأكيده على أنه يريد أن يخرجهم من أرضهم (بسحره ) فناسب ذلك أن يقابلوا ذلك بالوصية بالإتيان بكل سحار عليم أي يفوق سحره سحر موسى.

    وتتضح هذه الملحوظة حينما نقف على سياق القصة المشابه فى سورة الأعراف حيث يقول الله تعالى على لسان الملأ من قوم فرعون : "قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم , يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون , قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين , يأتوك بكل ساحر عليم" (الأعراف 109- 112). وقد علل بعضهم مجىء صيغة المبالغة فى الشعراء دون الأعراف بأن المبالغة فى الشعراء مناسبة لقول فرعون (إن هذا لساحر عليم). ولكن يضعف من هذا التعليل أن الملأ أيضا ًقد وصفوا موسى كذلك فى الشعراء بأنه (ساحر عليم) وأرى أنه لم تأت المبالغة (سحار) فى سورة الأعراف لأنه لم ينص على أن المحذور – وهو إخراج موسى لهم من أرضهم - إنما يقع (بسحره) فلم تذكر هذه الكلمة فى سورة الأعراف، ومن ثم لم تقابل بصيغة المبالغة (سحار) فى وصف السحرة، فكأن الملأ فى هذا الموضع لم يتصور أن ما جاء به موسى - وهو ما وصفوه بكونه سحرا - يكون له من القوة والتأثير أن يخرجهم من أرضهم، فلا يحتاج إبطال سحره إلى الإتيان بأمهر السحرة.

    أما فى سورة الشعراء أيضا ً: فإن الكلام فيها على لسان فرعون - لا الملأ - وهو يؤكد لهم أن معجزة موسى عليه السلام - والتى سماها فرعون سحرا - تبلغ من القوة والتأثير أن يخرجهم موسى من أرضهم بها. ومن ثم بالغوا له فى وصف السحرة الذين يؤتى بهم لإبطال معجزة موسى عليه السلام. ويمكن أن يقال إنه لما كان الواصف لموسى عليه السلام فى هذا الموضع بالساحر هو فرعون لذا جاءوا بكلمه الإحاطة وبصيغة المبالغة ليطيبوا قلبه، وليسكنوا بعض قلقه.

    ومن ذلك ما جاء أيضا ًفى قوله تعالى "ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد" حيث جاءت صيغة المبالغة (ظلام) فى هذه الاية وشبيهاتها على وزن (فعال) محتملة الدلالة على المبالغة، والدلالة على النسبة، وقد استشكل العلماء دلالتها على المبالغة لأنها تتمثل عدولا عن السياق والمقتضى وما ربك بظالم، وذلك أن السياق هنا بصدد بيان كمال عدله سبحانه وتنزيهه عن نسبة الظلم إليه. ومن ثم اختلفت أقوال المفسرين فى تحرير دلاله تلك الصيغة وتوجيهها على خمسة أقوال حكاها السمين الحلبى فى الدر حيث قال مستشكلا: وهنا سؤال : وهو أن (ظلام) صيغة مبالغة تقتضى التكثير، فهي أخص من (ظالم) ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم فإذا قلت: (ليس بظالم) انتفى الظلم من أصله، فكيف قال تعالى: (ليس بظلام للعبيد) وفى ذلك خمسة أوجه ، ذكر أبو البقاء منها أربعة:

    الأول : أن (فعالا) قد لا يراد به التكثير كقول طرفة :
    ولست بحلال التلاع لبيته * * * ولكن متى يسترفد القوم أرفد
    لا يريد هنا أنه قد يحل التلاع قليلا، لأن ذلك يدفعه آخر البيت الذى يدل على نفى البخل على كل حال، وأيضا مقام المدح لا يحصل بإرادة الكثرة.

    الثانى: أنه للكثرة ولكنه لما كان مقابلا بالعباد وهم كثيرون ناسب أن يقابل الكثير بالكثير.

    والثالث : أنه إذا نفى الظلم الكثير انتفى القليل ضرورة، لأن الذى يظلم إنما يظلم لاشتفاعه بالظلم، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه فى حق من يجوز عليه النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك.

    الرابع : أن يكون على النسب أي لا ينسب إليه ظلم، فيكون من باب : بزاز وعطاء كأنه قيل: ليس بذى ظلم البتة.

    الخامس : قال القاضى أبو بكر: (العذاب الذى توعد أن يفعله بهم لو كان ظلما لكان عظيما فنفاه على حد عظمته لو كان ثابتا).

    وذكر الزمخشرى فيها الوجهين الثانى والخامس ولم يزد عليها. وأجاب الرازى عن الإشكال بالوجه الخامس ولم يزد عليه ووجه الرازى محمد بن أبى بكر بن عبد القادر كلا من الوجوه الثانى والرابع والخامس توجيها حسنا فقال :
    صيغة المبالغة جىء بها لكثرة العبيد لا لكثرة الظلم، كما قال الله تعالى (ولا يظلم ربك أحدا) وقال : (عالم الغيب) (الجن : 26) و(علام الغيوب) (سبأ: 48) لما أفرد العموم لم يأت بصيغة المبالغة، ونظيره قولهم : زيد ظالم لعبده ، وعمرو ظلام لعبيده، فهما فى الظلم سيان. وكذلك قال تعالى "محلقين رؤوسكم ومقصرين" فشدد لكثرة الفاعلين لا لتكرار الفعل.
    ----

    20... استعمال الموضعين
    من أمثلتها : قوله تعالى "وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين" (المؤمنون : 29) عبرت الآية بصيغة (مفعل) فى (منزلا) وهذه الصيغة صالحة لكى تكون اسم مفعول من الفعل (أنزل) ومصدرا منه واسم مكان. وهى هنا فى الاية تحتمل أن تكون مصدرا أي أنزلنى إنزالا مباركا، وتحتمل أن تكون اسم مكان أى أنزلنى مكانا مباركا.

    ويصعب فى مثل هذا الموضع أن نجزم بأحد المعنيين، والذى نرجحه والله أعلم بمراده أن كلا المعنيين مراد فالسياق لا يأبى أحدهما، فالحمل على المصدر يجعل المراد طلب البركة من الله فى الحدث نفسه فيكون هبوطه ونزوله مباركا من الله تعالى، والحمل على المكان يجعل المراد طلب البركة من الله تعالى فى المكان الجديد الذى رست عليه سفينة نوح عليه السلام ، ولا شك أن كلا الأمرين كانا مطلوبين لنوح عليه السلام أن يبارك الله له فى إنزاله وفى مكان نزوله، ومن ثم فلا مانع هنا فى هذا السياق من حمل الصيغة على كلا معنييها ويكون ذلك من بلاغة القرآن وإعجازه وحسن إيجازه ومن ثم يكون اختيار تلك الصيغة هنا فى غاية الجودة لما تشتمل عليه من إيحاءات وظلال معنوية تغطى كافة المعانى المحتملة فى ذلك الموقف.

    وعلى كل نقول: إن كان لا بد لنا من ترجيح أحد معانى تلك الصيغة هنا، فنحن نرجح إرادة المكان على المصدر وذلك لأن هذا الموقف فيما نرى يعبر عن جانب نفسى لدى نوح عليه السلام وهو تلك المشاعر التى يمكن أن تستولى عليه عند رسو السفينة فى ذلك المكان الجديد الموحش حيث أهلك الله تعالى قوم نوح عليه السلام، وغدت الأرض بعدهم يلاقع لا حياة فيها ولا أنيس حتى من الوحش أو الطير، فلا شك أن يكون ذلك المكان الجديد مصدرا للخوف والقلق يدعوا المرء أن يتوجه إلى ربه بطلب بركته على هذا المكان حتى يستطيع نوح ومن معه من المؤمنين أن يستأنفوا فيه حياة جديدة وهذا بلا شك موقوف على أن يأذن الله تعالى لتلك الأرض الجديدة أن تخرج خيرها، وأن يبارك فيها. ومع هذه المحاولة منا لترجيح أحد معنيى الصيغة، فإن الصيغة تظل بعد ذلك محتملة كلا المعنيين أو نقول إنها تدل على أحد المعنيين بالأصالة وتفيد فى الوقت نفسه من ظلال المعنى الاخر مما يودى إلى إثراء المعنى. وهذه الصيغة لها نظائر فى قول الله تعالى: "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما" (النساء: 31) هى تحتمل كسابقتها كذلك أن تكون مصدرا أو اسم مكان.

    والمصدر له وجه وهو أن يكون الإدخال نفسه كريما، ألا ترى كيف غاير الله تعالى فى التعبير عن إدخال كل من الفريقين إلى مستقره فى سورة الزمر فقال : "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها" ...، "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها" 000 (الزمر: 71-73) فأتى بواو الحال مع أهل الجنة كأنه قيل حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها, فهذا يدل على أن الحمل على المصدر فى قوله تعالى (مدخلا كريما) ليس بعيدا، وكذلك الحمل على المكان وهو الجنة وحسبك به مدخلا كريما. فالحمل على المعنيين فى مثل هذا الموضع من الإعجاز القرانى بمكان كذلك لما فيه من تناغم المعانى واتساقها وتآزرها على توفية المقام حقه، وهو الترغيب فى اجتناب مناهيه وزواجره سبحانه وتعالى.
    ومن ذلك قوله تعالىفي سورة (يس) "إن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون , إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين". حيث حمل المفسرون صيغة فعيل في لفظة صريخ على ثلاثة أوجه :

    الأول : أن تكون بمعنى فاعل (صارخ) أي مستغيث
    الثاني : أن تكون بمعنى مفعل (مصرخ) أو مُنقذ أو مُغيث.
    الثالث : أن تكون بمعنى المصدر أي (الصراخ) نفسه أو فلا إغاثة كما ذكر الزمخشري فيكون مصدرا بمعنى الإصراخ.

    ويبدو لى أن سياق الآية يحتمل أغلب الوجوه المذكورة فيه فقد يكون الصريخ بمعنى المنقذ أو المغيث وهو ما رجحه السمين الحلبى والألوسى وغيرهما ممن ذكرت وذلك لأن الاية فى معرض تصوير تخويف البشر من قدرة الله تعالى عليهم فهو إن يشأ يغرقهم فلا مغيث لهم إن صرخوا واستغاثوا. وحمل الاية على معنى فلا صارخ ولا صراخ يمكن توجيهه على حال الاستئصال، فضلا عن أن إثبات الصارخ والصراخ لهؤلاء الغرقى يدعم ما الاية بصدده من تخويف العبد، وذلك بتصوير هيئة الصارخ وكثرة الصراخ عند معاينة الأهوال مع افتقاد المغيث والمنقذ أو المعين. وأما حمل الزمخشرى الصريخ على معنى الإصراخ والإغاثة، فقد اعترضه الشيخ صاحب البحر بأنه يحتاج إلى نقل أن صريخا يكون مصدرا بمعنى إصراخ . ومن ثم نرى كيف تتضافر معانى تلك الصيغة فى خلق معنى ذى ظلال متعددة تتفق مع السياق وتتناغم معه .
    ----

    21... البناء للمجهول
    فائدة البناء للمجهول غالبا هى تغييب الفاعل إلى هامش الشعور لغرض بلاغى هو إفساح الاهتمام بالمفعول. ومن ثم يأتى مناسب لجو الترهيب الذى يقتضيه مقام الايات وسياقها. وعلى هذا النحو جاء التعبير بصيغة البناء للمجهول فى قوله تعالى "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" (آل عمران : 185) ذلك للغرض السابق وهو تركيز الاهتمام على ما هو أهم وهو هنا نجاة هذا العبد من تلك النار، ودخوله الجنة، بصرف النظر عن فاعل ذلك له .

    فضلا عما يفيده البناء للمجهول من فائدة تعميم الفاعل وهذا يناسب حال العبد في هذا الموقف ورغبته في النجاة بأى وسيلة، من مغفرة الله عز وجل أو شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم أو عمل صالح ادخره لهذا اليوم.

    ومن الأمثلة كذلك قوله تعالى "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت, وإلى السماء كيف رفعت , وإلى الجبال كيف نصبت , وإلى الأرض كيف سطحت" حيث الملاحظ هنا في البناء للمجهول هي تغييب الفاعل الذى يجحده هؤلاء الكافرون، ليفسح مجال النظر إلى دلائل قدرته التى لم يدعيها أحد غيره سبحانه، فإذا سلم هؤلاء الجاحدون بما فى هذه المخلوقات من حكمة وقدرة وإبداع لا يدعيها أحد غيره سبحانه ولا يصح نسبتها إلى أحد سواه ، فقد سلموا بأنه لا خالق غيره ولا رب سواه. ومن ثم جاء اختيار البناء للمجهول أى لإفساح المجال للنظر فى الأدلة الدالة على الفاعل الصانع ليتوصل إليه المشركون ويقروا به بأنفسهم فيكون هذا الطريق أقوى في إقامة الحجة عليهم كل من طريق التصريح بالفاعل.

    ومن الأمثلة القرآنية أيضا: قول الله تعالى : "زُين للذين كفروا الحياة الدنيا" (البقرة : 212) وقوله تعالى "زُين للناس حب الشهوات" (آل عمران : 14) حيث يطيل المفسرون والمتكلمون الوقوف فى البحث عن فاعل التزيين هل هو الله أم الشيطان ؟ وتأتى الآيات بالبناء للمجهول فى تلك المواضع لتفسح المجال لتأمل حقيقة أمر هذه الحياة الدنيا وهو أنه مجرد تزيين وتغرير "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" (آل عمران :185) ويدع القرآن أولئك المتكلمين فيما يخوضون فيه فلا يبالى بإجابتهم عن المزين هل هو الله أم الشيطان.
    ----

    ملحوظة : التأمل التالي للدكتور : محمد قطب ..

    22... البناء للمجهول 2
    يقول تعالى : "زُين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب" والتعبير موح بتعمق هذه الشهوات في كيان الإنسان. فهو لا يقول : زُين للناس الشهوات، بل يقول : زُين للناس حب الشهوات, والشهوات محببة إلى النفس بذاتها ، فإذا زُين هذا الحب كذلك، فهو إذن حب واغل في الأعماق . . ثم يعدد تلك الشهوات : "من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث" إنه بالفعل يجمع في هذا السياق كل الشهوات المحببة إلى النفس ... أو كل " الدوافع الفطرية " في الإنسان . ثم يعلن أنها مُزينة للناس . وبناء الفعل للمجهول هنا يستوقف النظر كثيرا ....

    إنه لا يقول – وكما يقول في مواضع أخرىزَين لهم الشيطان أعمالهم .. وقد قال سيدنا عمر لما نزلت هذه الآية : " والآن يا رب إذ زينتها لنا ! " قيل فنزلت الآية التالية : " قل : أؤنبكم بخير من ذلكم ؟ " إنه مما لا شك فيه أن هذه "حقيقة واقعة " بالنسبة للإنسان : أن هذه الشهوات عميقة في حسه واغلة في أعماقه. ومما لا شك فيه كذلك أن الله هو خالق هذه الفطرة البشرية ، وهو الذي أودع فيها – لحكمة يريدها – هذه الدوافع الفطرية ، وجعلها قوية دافعة دفاقة . . إن الله جعل الإنسان خليفة في الأرض ، وكلفه بعمارتها. وما كلف أحد بهذه العمارة إلا الإنسان، وما أهل أحد لعمارتها غيره . . وإن هذه الدوافع بكل قوتها : لهي من المؤهلات التي أهل بها الإنسان للقيام بعمارة الارض. فهي التي تدفعه للإنتاج وللإنشاء وللتعمير وللتصنيع.

    ولولا عمق هذه الدوافع الفطرية وقوتها لقعدت صعاب كثيرة دون الإنسان وعمارة الأرض. ولبقي حياته كلها محصورا في نطاق ضيق من الأرض ؟ ونطاق ضيق من الحياة . . وإذن فقد كان لحكمة عليا أن تكون هذه الدوافع بهذه القوة في كيان الإنسان . . ولكن الله العليم الحكيم. الذي أودع الفطرة تلك الدوافع القوية. لم يدعها تعمل وحدها والله يعلم سبحانه أنها إن عملت وحدها فسوف تعطب الإنسان وتدمره ... و انما جعل معها ضوابط تضبط انطلاقها وجعل هذه الضوابط فطرية كذلك كما أن الدوافع فطرية. وجعلها محكومة بقوة الإنسان المريدة الواعية التي اكتسبها من النفخة العلوية في قبضة الطين : "إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين" "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها". فالإنسان إذن بفطرته مشتمل على دوافع فطرية وضوابط فطرية. وفي حالة التوازن بين هذه وتلك فإن الإنسان يكون كما خلقه الله "في أحسن تقويم". أما حين تغلب الدوافع الفطرية فتنقلب إلى شهوات مدمرة فهنا ينقلب الإنسان "أسفل سافلين". "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم , ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين امنوا ... "

    وهذا هو المجال الذي يعمل فيه الشيطان : تزيين هذه الشهوات بقدر زائد عن الحد، وتخذيل الضوابط عن العمل وتخديرها حتى تخف قبضتها فيتسنى للشهوات أن تنطلق بلا ضابط ومن هنا يأتي الفعل " زُين" مبنيا للمجهول ليتم المعنيان معا في ذات الوقت!

    ففي صورتها الطبيعية الملتزمة بحدود الله هي مزبنة من عند الله . . وفي صورتها الفاحشة غير الملتزمة بحدود الله، هي مزينة من عند الشيطان. والتلميح هنا إلى المعنى الثاني لأنها تصد الناس عن الإيمان، وإن كان هذا لا ينفي المعنى الأول الذي فهمه عمر رضي الله عنه. لذلك يقول فقط إن هذا متاع الحياة الدنيا، دون أن يضع متاع الحياة الدنيا في موضع الذم. بل يقول فقط إن الله عنده ما هو خير منه .
    ----

    23... انتقال الكلام
    يقول الله تعالى : إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين , ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين , قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون , ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل , ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين (آل عمران 45- 49)

    "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل" هل هو استمرار للحوار مع مريم! استمرار لوحي إلله لها. أي أنه إنباء لمريم بأن عيسى سيولد. بمشيئة الله التي تقول للشيء كن فيكون، وسيعلمه ربه الكتاب والحكمة وسيرسله رسولا الى بني اسرائيل . . كل ذلك في المستقبل؟ أم إن الحوار انتهى عند قوله تعالى "... فإنما يقول له كن فيكون " وهذا إخبار عن الماضي، أنه قد ولد بالفعل، وعلمه ربه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ثم أرسله رسولا إلى بني إسرائيل، وها هو ذا في لحظة الكلام هذه يقول لبني إسرائيل : "إني قد جئتكم بآية من ربكم" ...

    إنه هذه وتلك! فهو إنباء لمريم بالمستقبل. وهو تحقيق للإنباء ... فقد وقع بالفعل .. وها هي ذي الحلقة الأخيرة من الإنباء تتحقق أمام أعيننا في الحاضر! لو أن السينما هي التي تصور . . وصورت لنا هذا التداخل بين المستقبل والماضي والحاضر . . فصورت لنا الإنباء في لحظة الإيحاء به على أنه مستقبل ، ثم عادت فعرضت ما تحقق منه بالفعل، ثم وضعتنا أمام الحلقة الحاضرة فأعطتنا تفصيلاتها لنعيش معها خطوة خطوة .. لو أن السينما هي التي تصنع ذلك لقلنا إنها براعة تأخذ بالألباب ! ..

    وهذه مجرد ألفاظ . . لا صور تتحرك . . وألفاظ قليلة معدودة . . أعطتنا كل هذه الذخيرة من الصور والمشاعر وحركة الأحداث !

    "وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم , ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير , وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون , يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير" (لقمان 13- 16)

    هناك مفاجأة في السياق قد تمر عليها كثيرا دون أن نلحظها للطفها ودقتها ! "يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير" . إن المتكلم هنا هو لقمان .. عاد ليكمل موعظته لابنه بعد أن أوصاه بعدم الشرك لأن الشرك ظلم عظيم . . ولكن الكلام يأتي متصلا بعد قوله تعالى : "ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون" بطريقة قد لا نلحظ معها تغير المتكلم في الايتين ! فالمتكلم في الاية الأولى هو الله سبحانه وتعال ، والمتكلم في الثانية هو لقمان . . ولكن الكلام يجري جريانا واحدا كأنه سياق واحد لمتكلم واحد!

    مثل هذا تجده في سورة طه أيضا ً: "قال فمن ربكما ياموسى , قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى , قال فما بال القرون الأولى , قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى , الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى" (طه 49- 53). فأين انتهى كلام موسى لفرعون، وأين بدأ الكلام الموجه من الله سبحانه وتعالى للبشر جميعا؟ إنك لا تحس بتغير المتكلم حتى تصل إلى لفظة " فأخرجنا" التي يتضح فيها أن المتكلم هو الله سبحانه وتعالى !

    فكذلك الأمر أيضا ًفي سورة لقمان ... فلولا كلمة "يا بني" ما شعرت أن المتكلم في السياق قد تغير! لأن لقمان يبدأ من حيث انتهى السياق السابق تماما، فيتحدث عن إنباء الله للبشر بما كانوا يعملون، ولوكان مثقال حبة من خردل! ما دلالة هذا ؟! لقد سار السياق هكذا: ولقد اتينا لقمان الحكمة . . . وإذ قال لقمان لابنه . . . ووصينا الإنسان بوالديه .. . يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل .... أي أن هناك انتقالا مستمرا- حتى الان - من سياق يكون المتكلم فيه هو الله سبحانه وتعالى، إلى سياق يكون المتكلم فيه هو لقمان . . فما دلالة ذلك؟

    أما أنها من الوجهة الفنية جميلة، فلا شك في ذلك! ولا شك في أن المشهد هكذا أحفل بالحركة والإيحاء. أما الدلالة فالذي يحضرني الآن منها - والله أعلم بما يريد - أن ما ينطق به البشر من حكمة، سواء كانوا أنبياء كما في قصة موسى، أو مجرد حكماء كما في قصة لقمان، هو من إيحاء الله وإلهامه لهم ... فيستوي أن ينزله الله مباشرة أو ينطق به بعض خلقه . . ومن ثم يجيء الكلام متداخلا، لأن هذا وذاك من عند الله، ومن مراد الله الذي يريد - سبحانه - أن يبلغه لعباده . .
    -------
    -----------------

    انتهى الجزء الأول من الموضوع إخواني ....
    ويليه الجزء الثاني بذكر آراء غير مسلمين في القرآن ..

    والله المستعان ..
    التعديل الأخير تم 12-18-2011 الساعة 12:16 AM

  6. #6

    افتراضي


    الإخوة الكرام ..
    ما أجمل أن يشهد غير المسلمين المنصفين للقرآن !!!..
    وفي الوقت الذي لا ينتظر القرآن العظيم منهم ذلك : إلا أننا نحتفظ بمثل هذه الشهادات التي :
    تفضح ادعاءات جهلة النصارى والملحدين في محاولة انتقاصهم من القرآن وإعجازه وعظمته :
    بالافتراءات والأكاذيب وترديد كلمات الحاقدين من أعداء الدين ...
    فإليكم بعضا ًمما تيسر لي جمعه : ويُرجى مطالعة المراجع والمزيد من تلك الأقوال في كتب ٍمثل :
    (( قالوا عن القرآن )) : للأستاذ الدكتور عماد الدين خليل وغيره
    -------
    ---------
    1)) خليل أحمد ...

    قس مصري نصراني سابق (من مواليد الإسكندرية 1919م) :
    حاصل على أعلى شهادات اللاهوت من كلية اللاهوت المصرية ومن جامعة
    برنجستون الأمريكية .. وعمل في التنصير في أسيوط وأسوان أثناء عمله في
    الأولى أستاذا ًبكلية اللاهوت : وفي الثانية سكرتيرا ًعاما ًللإرسالية الألمانية
    السويسرية
    .. وقد أشهر إسلامه عام 1959م .. ومن أشهر كتبه :
    "" محمد في التوراة والإنجيل والقرآن "" ..
    "" المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي "" ..
    "" تاريخ بنى إسرائيل "" ..
    وأقتبس الكلام التالي من أقواله عن القرآن :

    " يرتبط هذا النبي صلى الله عليه وسلم : بإعجاز أبد الدهر !!.. بما يخبرنا به
    المسيح (عليه السلام) في قوله عنه : (ويُخبركم : بأمور ٍآتية) !!.. هذا الإعجاز
    هو : القرآن الكريم !!.. معجزة الرسول الباقية : ما بقى الزمان !!.. فالقرآن
    الكريم : يسبق العلم الحديث في كل مناحيه : من طب .. وفلك .. وجغرافيا ..
    وجيولوجيا .. وقانون .. واجتماع .. وتاريخ !!..
    ففي أيامنا هذه : استطاع العلم أن يرى : ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف
    "

    ويقول أيضا ً:
    " أعتقد يقيناً أنى لو كنت إنسانا ًوجودياً : لا يؤمن برسالة من الرسالات
    السماوية : وجاءني نفرٌ من الناس : وحدثنى بما سبق به القرآن العلم الحديث
    - في كل مناحيه - : لآمنت برب العزة والجبروت : خالق السماوات والأرض :
    ولن أشرك به أحدا
    ً" !!!!..

    ويقول أيضا ً:
    " في هذا الظلام الدامس - أيها المسيحي - : ينزل القرآن الكريم على رسول
    الله : ليكشف لك عن : الله عز وجل
    " !!!...

    ويقول الأستاذ خليل أيضا ًرحمه الله :

    " للمسلم : أن يعتزّ بقرآنه !!.. فهو كالماء !!.. فيه حياة لكل من نهل منه " !!..
    ---
    2)) سير توماس أرنولد ..

    من مواليد بريطانيا 1864م : وهو من كبار المستشرقين البريطانيين ..
    وهو المشرف على وصاحب فكرة الكتاب الشهير (تراث الإسلام) .. تعلم في
    مدينة كمبريدج .. وقضى عدة سنوات في الهند أستاذا ًللفلسفة في كلية
    عليكرة الإسلامية .. وصفه المستشرق البريطاني المعروف (جب) بأنه :
    " عالم : دقيق فيما يكتب " .. ومن أشهر كتبه :
    (الدعوة إلى الإسلام) .. والذي ترجم إلى أكثر من لغة ..
    و(الخلافة) .. ومن أقواله عن القرآن :

    " إننا نجد حتى من بين المسيحيين - مثل الفار الأسباني الذي عُرف بتعصبه
    على الإسلام - : يُـقرر أن القرآن : قد صيغ في مثل هذا الأسلوب البليغ
    الجميل : حتى أن المسيحيين : لم يسعهم إلا قراءته والإعجاب به
    " !!..
    ---
    3)) إيرفنج ..

    هو : واشنجتون إيرفنج : مستشرق أمريكي .. اهتم كثيرا ًبتاريخ المسلمين
    في الأندلس : ومن كتبه عام 1849م :
    (سيرة النبى العربى) .. ومذيلة بخاتمة لقواعد الإسلام ومصادرها الدينية ..
    وكتاب (فتح غرناطة) : كتبه عام 1859م : وغيرها ..
    ومن أقواله عن القرآن :

    " يدعو القرآن إلى : الرحمة والصفاء .. وإلى مذاهب أخلاقية سامية " !!..

    ويقول أيضا ً:
    " كانت التوراة في يوم ٍما : هي مرشد الإنسان وأساس سلوكه .. حتى إذا ظهر
    المسيح (عليه السلام) : اتبع المسيحيون تعاليم الإنجيل .. ثم حلّ القرآن مكانيهما !
    فقد كان القرآن : أكثر شمولاً .. وتفصيلاً .. من الكتابين السابقين !!.. كما
    صحح القرآن : ما قد أ ُدخل على هذين الكتابين من : تغيير ٍوتبديل !!!..
    حوى القرآن : كل شئ !!.. وحوى : جميع القوانين !!.. إذ أنه : خاتم الكتب
    السماوية
    " !!!!...
    ---
    4)) د / ميلر بروز ..

    وهو رئيس قسم لغات الشرق الأدنى : وعمل أستاذا ًبجامعة براون .. وأستاذا ً
    زائراً بالجامعة الأمريكية في بيروت .. ومديراً للمدرسة الأمريكية للبحوث
    الشرقية بالقدس ..
    ومن أقواله عن القرآن :

    " أنه ليس هناك شئ لا ديني : في تزايد سيطرة الإنسان على القوى الطبيعية !!..
    هناك آية في القرآن : يمكن أن يُستنتج منها أنه لعل من أهداف خلق المجموعة
    الشمسية : لفت نظر الإنسان : لكي يدرس علم الفلك : ويستخدمه في حياته :
    " هو الذي خلق الشمس ضياءً : والقمر نوراً : وقدره منازل : لتعلموا : عدد
    السنين والحساب " .. وكثيراً ما يشير القرآن إلى : إخضاع الطبيعة للإنسان :
    باعتبار ذلك إحدى الآيات : والتي تبعث على الشكر والإيمان : " وجعل لكم
    من الفلك والأنعام : ما تركبون !!.. لتستووا على ظهوره : ثم تذكروا نعمة
    ربكم .. وتقولوا : سبحان الذي سخر لنا هذا : وما كنا له مقرنين " ويذكر
    القرآن - لا تسخير الحيوان واستخدامه فحسب - ولكن : يذكر السفن
    أيضا ً..! فإذا كان الجمل والسفينة : هما من نعم الله العظيمة :
    أفلا يصدق هذا أكثر على : سكة الحديد : والسيارة : والطائرة ؟
    " !!!..

    ويقول أيضا ً:
    " إن أعظم نتائج العلم : يمكن أن تستخدم في أغراض هدمية أو بنائية .. وربما
    كان هذا هو المقصود بما ورد في القرآن : خاصاً باستخدام الحديد : " وأنزلنا
    الحديد : فيه بأس شديد : ومنافع للناس " .. وأظهر مثال من هذا الآن بالضرورة
    هو : استخدام النشاط الذرى - والذي نشطت بحوثه - لضرورة حربية
    " !!..
    ---
    5)) بلاشير ..

    وقد ولد بالقرب من باريس .. ودرس بالدار البيضاء .. وتخرج من كلية الآداب
    بالجزائر 1922م .. وعُين أستاذا ًفي معهد مولاي يوسف بالرباط .. ثم انتدب
    مديراً لمعهد الدراسات المغربية العليا بالرباط 1924 - 1935م .. ثم أستاذا ً
    لكرسي الأدب العربي 1935 - 1951م : بمدرسة اللغات الشرقية بباريس !
    ونال الدكتوراه 1936م .. وعُين أستاذا ًمحاضراً في السوربون 1938م :
    ومشرفاً على مجلة (المعرفة) .. والتي ظهرت في باريس باللغتين العربية والفرنسية !
    من أشهر كتاباته :
    مجموعة دراسات عديدة عن تاريخ الأدب العربي : في أشهر المجلات الاستشراقية !
    وأيضا ًكتاب : (تاريخ الأدب العربي - باريس 1952م) ..
    وأيضا ً: ترجمة جديدة للقرآن الكريم في ثلاثة أجزاء - باريس 1947 - 1952م
    وغيرها ..
    وأما عن أقواله عن القرآن (وهو الخبير في اللغة والأدب العربي) فيقول :

    " لا جرم في أنه إذا كان ثمة شئ : تعجز الترجمة عن أدائه : فإنما هو الإعجاز
    البياني .. واللفظي .. والجرس الإيقاعي : في الآيات المنزلة في ذلك العهد ..!
    إن خصوم محمد (عليه الصلاة والسلام) : قد أخطأوا عندما لم يشاءوا أن يروا
    في هذا إلاّ : أغاني سحرية وتعويذية !!.. وبالرغم من أننا على علم - استقرائياً
    فقط - بتنبؤات الكهان : فمن الجائز لنا الاعتقاد مع ذلك : بخطل هذا الحكم
    وتهافته !!.. فإن للآيات التي أعاد الرسول (عليه الصلاة والسلام) ذكرها في
    هذه السور : إندفاعاً وإلفا ًوجلالةً : تخلّف وراءها بعيداً : أقوال فصحاء البشر :
    كما يمكن استحضارها من خلال النصوص الموضوعة التي وصلتنا
    " !!!!...

    ويقول أيضا ً:
    " إن القرآن : ليس معجزة : بمحتواه وتعليمه فقط !!.. إنه أيضا ً: ويمكنه أن
    يكون قبل أي شئ آخر : تحفة .. أدبية .. رائعة : تسمو على جميع ما أقرته
    الإنسانية : وبجّلته : من التحف !!!!!..
    إن الخليفة المقبل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) المعارض الفظ في البداية
    للدين الجديد : قد غدا من أشد المتحمسين لنصرة الدين : عقب سماعه لمقطع
    من القرآن !!.. وسنورد الحديث فيما بعد عن : مقدار الافتتان الشفهي :
    بالنص القرآني : بعد أن رتله المؤمنون
    " !!!!!!....

    ويقول أيضا ً:
    " الإعجاز : هو المعجزة المصدقة لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم !!..
    والذي لم يرتفع في أحاديثه الدنيوية : إلى مستوى الجلال القرآني
    " !!!..

    ويقول أيضا ً:
    " في جميع المجالات التي أطللنا عليها من علم قواعد اللغة والمعجمية وعلم البيان :
    أثارت الواقعة القرآنية وغذت : نشاطات علمية : هي أقرب إلى حالة حضارية :
    منها إلى المتطلبات التي فرضها إخراج الشريعة الإسلامية !!.. وهناك مجالات
    أخرى : تدخل فيها (الواقعة القرآنية) : كعامل أساسي !!.. ولا تكون فاعليتها
    هنا : فاعلية عنصر مُنبه فقط !!.. بل : فاعلية عنصر مُبدع : تتوطد قوته :
    بنوعيته الذاتية
    " !!!..
    ---
    وأخيرا ً: أختم بهذه الباقة السريعة :
    ---
    6))
    العالم الايطالي : كونت إدوارد كيوجا
    .. يقول :

    " لقد طالعت وبدقه : الأديان القديمة والجديدة .. وخرجت بنتيجة هى :
    أن الاسلام : هو الدين السماوي .. والحقيقي .. الوحيد !!!!..
    وأن الكتاب السماوي لهذا الدين : وهو القرآن الكريم : ضم كافة الاحتياجات
    المادية : والمعنوية : للانسان !!.. ويقوده نحو : الكمالات الأخلاقية والروحية
    " !
    ---
    7))
    الزعيم الهندي الهندوسي : المهاتما غاندي
    .. يقول :

    " يمكن لأي شخص من خلال تعلم علوم القرآن الكريم : أن يعرف أسرار
    وحكم الدين : دون أن يحتاج إلى خصائص نص مصطنعه !!.. لا يوجد في
    القرآن الكريم أمرٌ : بإجبار الآخرين عن الرجوع عن مذاهبهم !!..
    فهذا الكتاب المقدس يقول : وبأبسط صورة : " لا إكراه في الدين "
    " !!!..
    ---
    8))
    المحقق البريطاني البروفيسور : مونتغمري واث
    .. يقول :

    " ما يعرضه القرآن الكريم من واقع وحقائق متكاملة : يُعد في نظري : من أهم
    ميزات هذا الكتاب !!.. والأكيد أن كافة القطع النثرية : وما تم تدوينه من
    روائع الكتابات : لايعد شيئاً : في مقابل القرآن الكريم
    " !!!..
    ---
    9))
    المؤرخ الإيطالي : برنس جيواني بوركيز
    .. يقول :

    " لقد ابتعدت مصادر السعادة والسيادة عن المسلمين : بسبب تهاونهم في اتباع
    القرآن !!.. والعمل بقوانينه وأحكامه !!.. وذلك بعدما كانت حياتهم :
    موسومة بالعزة والفخر والعظمة !!.. وقد استغل الأعداء هذا الأمر :
    فشنوا الهجوم عليهم !!.. نعم .. إن هذا الظلام الذي يخيم على حياة المسلمين :
    إنما من عدم مراعاتهم لقوانين القرآن الكريم !!.. لا لنقص ٍفيه أو في الإسلام
    عموماً !!!.. فالحق : أنه لا يمكن أخذ أي نقص على الدين الإسلامي الطاهر
    " !
    ---
    10))
    الخبير الفرنسي : جول لابوم
    .. يقول :

    " أيها الناس : دققوا في القرآن : حتى تظهر لكم حقائقه !!!.. فكل هذه العلوم
    والفنون التي اكتسبها العرب : وكل صروح المعرفة التي شيدوها : إنما أساسها
    القرآن !!!.. ينبغي على أهل الأرض على اختلاف ألوانهم ولغاتهم : أن ينظروا
    بعين الإنصاف إلى ماضي العالم : ويطالعوا صحيفة العلوم والمعارف :
    قبل الإسلام !!.. ليعرفوا بأن العلم والمعرفة : لم تنتقل إلى أهل الأرض إلا :
    عبر المسلمين !!.. والذين استوحوا هذه العلوم والمعارف : من القرآن : كأنه
    بحر من المعارف : تتفرع منه الأنهار !!!.. القرآن : لا يزال حيا ً!!.. وكل فرد :
    قادر على أن يستقي منه : حسب إدراكه واستعداده
    " !!!..
    ---
    11))
    الفيلسوف الفرنسي الأشهر : فرانسوا ماري فولتير
    .. يقول :

    " أنا على يقين أنه لوتم عرض القرآن والانجيل على شخص غير متدين :
    لاختار الأول !!!.. إذ أن الكتاب – الذي نزل على صدر- محمد :
    يعرض في ظاهره : أفكارا ً: تنطبق وبالمقدار اللازم مع : الأسس العقلية !!..
    ولعله لم يوضع قانون كامل في الطلاق : مثل الذي وضعه القرآن
    " !!!..
    ---
    12))
    العالم البريطاني : فرد غيوم : استاذ بجامعة لندن
    .. يقول :

    " القرآن الكريم : كتابٌ عالميٌ : يمتاز بخصائص أدبية : فريدة من نوعها :
    لا يمكن المحافظة على تأثيرها في الترجمة !!!!..
    فللقرآن الكريم : نغمة موسيقية خاصة : وجمالية عجيبة : وتأثير عميق :
    يدغدغ أسماع الإنسان !!.. ولقد تأثر الكثير من المسيحيين العرب بأسلوبه
    الأدبي !!!.. لقد استمال القرآن الكريم الكثير من المستشرقين إليه .. فحينما
    يُتلى القرآن الكريم : نجد نحن المسيحيين : أثراً سحرياً في نفوسنا !!!.. حيث
    ننجذب لعباراته العجيبة !!.. ولحكمه وعبره !!!.. ومثل هذه الميزات :
    تجعل المرء يقتنع بأن القرآن الكريم : لايمكن منافسته !!!!....
    والحقيقة :
    هي أن الأدب العربي : وبما فيه من شمولية في النثر والشعر : ليس فيه ما يمكن
    مقارنته بالقرآن الكريم
    " !!!!!!!!!...
    ---
    13))
    كينت غريك : الأستاذ بجامعة كمبريج
    .. يقول :

    " لم يستطع أحد طوال القرون الأربعة عشرة الماضية : ومنذ نزول القرآن
    الكريم وحتى الآن : أن يأتي بكلام ٍ: يشبه كلام القرآن الكريم !!!..

    القرآن الكريم :
    ليس كتاباً مختصاً بعصر ٍمعين !!.. بل هو أزلي : يمتد لكافة العصور !!..
    ومهما ظل العالم والوجود : فإن جنس الانسان : يمكنه أن يجعل هذا الكتاب :
    دليلاً له !!.. ويعمل وفقاً لتعاليمه !!.. أما لماذا كون القرآن الكريم :
    أولي ولا يُعَتق : ويبقى دليلاً للإنسان ما عاش : فذلك : لاحتوائه على كل
    صغيرة وكبيرة !!.. وليس هناك شيٌ : لم يأت في القرآن الكريم !!.. وتأكدت
    أن تأثير القرآن الكريم على الأوروبيين : واحد !!.. ولكن بشرط : أن نقرأه
    بلغته الأصلية !!.. إذ أن ترجمته : لا تترك الأثر الذى يتركه النص الأصلى
    في النفس
    " !!!..
    ---
    14))
    الخبير الألماني بشؤون الشرق : السيد بلر
    .. يقول :

    " لغة القرآن الكريم : أفصح لغات العرب !!.. وأسلوب بلاغته : قد صيغ
    بطريقةٍ : يجلب بها الأفكار نحوه !!..
    للقرآن الكريم : مواعظ واضحة : لن تجد لها في المستقبل القريب مَن يعارضها !
    وكل من يتبع هذا الكتاب : يفز بحياة هادئة ومناسبة
    " !!!..
    ---
    15))
    المفكر والفيزيائي الألماني المشهور : آلبرت انشتاين
    .. يقول :

    " القرآن الكريم : ليس بكتاب جبر ٍأو هندسةٍ أو حساب !.. بل هو مجموعة
    من القوانين : التي تهدي البشرية إلى طريق السوية !!.. الطريق الذي :
    تعجز أكبر النظريات الفلسفية عن : تقديمه أو تعريفه
    " !!!!..
    ---
    16))
    الفيلسوف الأسكتلندي الأشهر : توماس كارليل 1795-1881 ..
    يقول :

    " فلذلك رآه العرب (أي القرآن) : من المعجزات .. وأعطوه من التبجيل :
    ما لم يُعطه أتقى النصارى لأنجيلهم !!.. وما برح في كل زمان ٍومكان : قاعدة
    التشريع والعمل والقانون : المتبع في شؤون الحياة ومسائلها !!.. والوحي المنزل
    من السماء : هدىً للناس : وسراجاً منيراً : يُضيء لهم سبل العيش : ويهديهم
    صراطاً مستقيماً !!.. ومصدر أحكام القضاة !!.. والدرس الواجب على كل
    مسلم حفظه : والاستنارة به : في غياهب الحياة !!.. وفي بلاد المسلمين مساجد :
    يُتلى فيها القرآن جميعه : كل يوم ٍمرة !!.. يتقاسمه ثلاثون قارئاً : على التوالي !
    وكذلك ما برح هذا الكتاب : يرن صوته في آذان الألوف من خلق الله :
    وفي قلوبهم : اثني عشر قرناً : في كل آن ٍولحظة
    " !!!..
    ---
    17))
    جوزيف آرنست رينان : الفيلسوف الفرنسي المعروف .. يقول :

    " تضم مكتبتي : آلاف الكتب السياسية والاجتماعية والأدبية وغيرها ..
    والتي لم أقرأها أكثر من مرة واحدة !!!.. وما أكثر الكتب إلا للزينة فقط !!..
    ولكن : هناك كتابٌ واحد ٌ: تؤنسني قراءته دائما ً!!!..
    ألا وهو : كتاب المسلمين القرآن !!!!!!!!!!!...
    فكلما أحسست بالإجهاد : وأردت أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات :
    طالعت القرآن !!!!!!!... حيث أنني : لا أحس بالتعب أو الملل : بمطالعته بكثرة !
    لو أراد أحد أن يعتقد بكتاب نزل من السماء : فإن ذلك الكتاب هو :
    القرآن لا غير !!!!!!!!...
    إذ أن الكتب الأخرى : ليست لها خصائص القرآن
    " !!!!!!!...
    -----

    والحمد لله رب العالمين ...

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    96
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيكم وأثابكم جزيل وعظيم الثواب إن شاء الله رب العالمين..

    أعتز بهذه الاّية كثيرا وإن كانت كل اّيات القراّن تستحق منا أن نضعها فى برواز من ذهب ..

    (( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)) صدق الله العظيم

    لاحظ (( ذائقة)) التى فى الاّية تصور لنا ان النفس لا تموت بذاتها فالإنسان سيتذوق الموت كما يتذوق أى منا طعم الحلو او المر..نزلت هذه الاّيات فى وقت كان الناس يعتقدون ان الذى يموت يذهب إلى فناء كما حكى القراّن العظيم فى سورة يس

    (( وضرب لنا مثلا ونسى خلقه, قال من يحى العظام وهى رميم))
    فجاءت لفظة ذائقة فى منتهى الدقة اللُغوية تعبر تعبيرا دقيقا لا يقدر عليه بشر عن حالة الموت..

    دمتم بخير

  8. #8

    افتراضي


    بارك الله فيك أخي سبح الله تغنم ...
    ولعلي أبدأ هنا سنة حسنة بإذن الله تعالى وهي : إضافة كل ما وقع (أو سيقع) تحت يدي من بلاغة القرآن إن شاء الله ..
    ويا ليت الإخوة يفعلون معي أيضا ً.. وأستكمل من آخر نقطة قبل مشاركتي الأخيرة فأقول بنقل :
    ------

    24... الفرق بين زوج وامرأة
    نحن نعلم أن لفظ الزوج يُطلق على كل من الرجل والمرأة . والزوج في اللغة يدلّ على مقارنة شيء لشيء ، من ذلك : الزوج زوج المرأة ، والمرأة زوج لبعلها.
    جاء في لسان العرب :
    يُقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج ، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج ، كالخفين والنعلين ، ولكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضاداً زوج .. وزوجة لغة رديئة ، وجمعها زوجات ، وجمع الزوج أزواج.

    إذن : فمعنى "الزوج" : يقوم على الإقتران القائم على التماثل والتشابه والتكامل . فحتى يتمّ الإقتران لا بدّ من وجود صفات بين الطرفين تحقّق التماثل والتشابه عند اجتماعهما وتكاملهما واقترانهما ، وهذا المعنى متحقّق في الزوجين الذكر والأنثى.
    فالله تعالى خلق الذكر ميّالاً إلى الأنثى ، طالباً لها ، راغباً فيها..
    والله خلق الأنثى ميّالة للذكر ، راغبة فيه ..

    والإسلام نظّم العلاقة بينهما ، بأن جعلها عن طريق واحد مباح ، وهو الزواج الشرعي.
    ولكن ! لماذا يُطلق على الرجل زوج للمرأة ؟ ويُطلق على المرأة زوج للرجل ؟
    الجواب : لأن الرجل يكمل المرأة والعكس .

    ففي المرأة "نقص" لا يسدّه إلا الرجل ، حيث يلبّي لها حاجاتها النفسية والإجتماعية والإنسانية والجنسية..
    ولأن المرأة تكمل "نقص" الرجل ، وتلبّي له حاجاته النفسية والإجتماعية والنفسية والجنسية..

    إذن المرأة بدون زوج فيها نقص ، فيأتي الرجل زوجاً لها مكمّلاً لإنسانيتها.
    والرجل بدون امرأة فيه نقص ، فتأتي المرأة زوجاً له ، مكمّلة لإنسانيته .
    ولهذا كل منهما "زوج" لصاحبه ، يقترن معه ويزاوجه.

    والسؤال الآن لرؤية مدى بلاغة القرآن التي لا يلتفت إليها الكثيرون للأسف هو :
    متى تكون المرأة زوجاً ومتى لا تكون ؟

    عند استقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين ، نلحظ أن لفظ"زوج" يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها ، وكان التوافق والإقتران والإنسجام تامّاً بينهما ، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي..
    فإن لم يكن التوافق والإنسجام كاملاً ، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما ، فإن القرآن يطلق عليها "امرأة" وليست زوجاً ، كأن يكون اختلاف ديني عقدي أو جنسي أو توالدي بينهما بينهما..

    ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" ، و "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما" .

    وبهذا الإعتبار أيضا ًجعل القرآن حواء زوجاً لآدم ، في قوله تعالى "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " .

    فإذا لم يتحقّق الإنسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمّي الأنثى"امرأة" وليس"زوجاً" !!..
    قال القرآن:
    امرأة نوح،وامرأة لوط لخيانتهما زوجيهما بإخفاء الكفر، ولم يقل: زوج نوح أو زوج لوط، وهذا في قوله تعالى "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما" .
    إنهما كافرتان ، برغم أن كل واحدة منهما امرأة نبي ، ولكن كفرها لم يحقّق الإنسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي . ولهذا ليست "زوجاً" له ، وإنما هي"امرأة" تحته.

    ولهذا الإعتبار أيضا ًقال القرآن عن آسية المؤمنة: امرأة فرعون، في قوله تعالى "وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون " . لأن بينها وبين فرعون مانع من الزوجية ، فهي مؤمنة وهو كافر ، ولذلك لم يتحقّق الإنسجام بينهما ، فهي"امرأته" وليست"زوجه" .

    الختام ...
    ومن روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين"زوج" و"امرأة" وفي امرأة واحدة تغير حالها في الزواج من الانسجام والتكامل الناقص في معنى الزوجية : إلى الانسجام والتكامل التام : ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، أن يرزقه ولداً يرثه . فقد كانت امرأته عاقر لا تنجب ، وطمع هو في آية من الله تعالى ، فاستجاب الله له ، وجعل امرأته قادرة على الحمل والولادة !!..

    ومن هنا نلاحظ أنه عندما كانت امرأته عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة "امرأة" !!.. قال تعالى على لسان زكريا عليه السلام "وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا" . وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه ، وأنه سيرزقه بغلام ، أعاد الكلام عن عقم امرأته، فكيف تلد وهي عاقر ، "قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء" .

    وحكمة إطلاق كلمة "امرأة" على زوج زكريا عليه السلام أن الزوجية بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها ، رغم أنه نبي ، ورغم أن امرأته كانت مؤمنة ، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية الإيمانية .
    ولكن عدم التوافق والإنسجام التامّ بينهما ، كان في عدم إنجاب امرأته ، والهدف"النسلي" من الزواج هو إنجاب الذرية ، فإذا وُجد مانع بيولوجي عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب ، فإن الزوجية لم تتحقّق بصورة تامّة.

    وبعدما زال المانع من الحمل ، وأصلحها الله تعالى الذي بيده كل شيء (وقصص رحمته في ذلك مستمرة إلى اليوم لكل مَن كانت عاقرا ًفترة ًمن حياتها .. ولكن تمام الإعجاز هو في كبر سنها) ، وولدت لزكريا ابنه يحيى عليهما السلام ، فإن القرآن لم يطلق عليها "امرأة" !!!.. وإنما أطلق عليها كلمة "زوج" ، لأن الزوجية تحقّقت بينهما على أتمّ صورة "وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه" !!..

    والخلاصة أن امرأة زكريا عليه السلام قبل ولادتها يحيى هي"امرأة" زكريا في القرآن ، لكنها بعد ولادتها يحيى هي"زوج" وليست مجرّد امرأته.
    وبهذا عرفنا الفرق الدقيق بين "زوج" و"امرأة" في التعبير القرآني العظيم ، وأنهما ليستا مترادفتين.
    التعديل الأخير تم 01-05-2012 الساعة 11:29 AM

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    96
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جميل جدا ورائع ما تفضلتم بطرحه ..
    واصل بارك الله فيك

  10. #10

    افتراضي


    25... حُسن الترتيب ومناسبة المعنى
    في سورة الكهف يقول تعالى على لسان ذي القرنين مع القوم الذين جعلهم الله تحت يديه :
    " قال أما مَن ظلم : فسوف نعذبه .. ثم يُرد إلى ربه : فيُعذبه عذابا ًنكرا ً* وأما مَن آمن وعمل صالحا ً: فله جزاءً الحسنى .. وسنقول له من أمرنا يسرا ً" الكهف 87-88
    والسؤال :
    هل هناك حكمة في هذا الترتيب بالنسبة للظالمين :
    1- " فسوف نعذبه ".. 2- " ثم يُرد إلى ربه : فيُعذبه عذابا ًنكرا ً" ؟!!..
    وبالمثل ..
    هل هناك حكمة أيضا ًفي هذا الترتيب بالنسبة لمَن آمن :
    1- " فله جزاءً الحسنى " .. 2- " وسنقول له من أمرنا يسرا ً" ؟!!..

    أقول : لقد لفت متدبرو القرآن الأنظار إلى حُسن مناسبة الترتيب للمعنى ..
    ليس في هذه الآيات التي بين أيدينا الآن فقط ولكن : في غيرها من سائر القرآن لدى كل مَن أمعن النظر ..! فأما بالنسبة للآيتين اللتين بين أيدينا الآن :

    فعند الحديث عن جزاء الظالمين الكافرين :
    جاء العقاب المادي الدنيوي أولا ًعلى يد ذي القرنين (لأنهم ماديون دهريون) : قبل العقاب الأخروي (والذي لا يؤمنون به) !!.. فقال تعالى عن جزاء الظالم منهم :
    1- " فسوف نعذبه ".. 2- " ثم يُرد إلى ربه : فيُعذبه عذابا ًنكرا ً" ؟!!..

    ولكن عند الحديث عن جزاء المؤمنين :
    فقد جاء الثواب الأخروي أولا ً(لتقديم المؤمن إياه في كل حياته) : قبل الثواب الدنيوي (والذي يتفاوت المؤمنون في الحصول عليه في حياتهم) .. فقال تعالى عن ثواب المؤمن منهم :
    1- " فله جزاءً الحسنى (وهي الجنة) " .. 2- " وسنقول له من أمرنا يسرا ً(وهو إحسان ذي القرنين إليه) " ؟!!..

    وسبحان الله العظيم ...

    يُـتبع إن شاء الله ..

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    دار الممر
    المشاركات
    1,715
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    6

    افتراضي

    بارك الله فيكم ونفع بكم
    ليس فى تلك الحياة كلها شيء اغلى من الدين
    فهو من أجله خُلقت ومن أجله تموت ومن أجله تُبعث


    فإ ن المتتبع للفتن العظيمة التي ألمت
    بأمة الإسلام على مدار تاريَخها؛ لا يكاد
    يجد فتنة منها إلا وقد قيض الله لها )إمام
    هدًى( يلي الأمر بالمعروف والنهي عن
    المنكر حقًا، ويسلك سبيل أئمة الهدى
    قبله في الأخذ بيد )العامة والخاصة( على
    طريق النجاة من الفتنة، لا بشيء سوى
    بالدلالة على )الوحي( و)معنى الوحي(
    و)مقتضى الوحي(


    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/forumd...aysprune=&f=27

  12. #12

    افتراضي

    للرفع
    قال الحسن الكتاني: «ما من مسألة اختلف فيها الفقهاء بين مشدد على المرأة وميسّر، فإن ابن حزم يسلك سبيل التيسير، وعنده أن المرأة في الأحكام كالرجل إلا ما خصّه الدليل... وأنظر إلى كثير من الفقهاء، خاصة المتأخرين منهم، فإنهم يلمح من كلامهم استنقاص المرأة والتحجير عليها مرة بحجة قصورها وأخرى بحجة سد الذرائع. وهذا ما لم أجده عند ابن حزم، بل الصالحات منهن عنده صالحات والفاسدات بحسب فسادهن، مثلهن في ذلك مثل الرجال».

  13. افتراضي

    اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك آمين

  14. #14

    افتراضي


    منقول بتصرف واختصار من ملتقى أهل التفسير ومواضع أخرى ..
    http://www.tafsir.net/vb/tafsir28376/#ixzz2QQJdfHQU

    26... أنواع أسلوب التغليب في القرآن ..

    من المعلوم أنه من سمات اللغة : هو ما يتعارف عليه أهلها من معاني ويتفقون عليه من أساليب ..
    وذلك مثل تغليب التذكير على التأنيث في الكلام عند الجمع ..

    فالتغليب بهذا المعنى هو :
    إعطاء الشيء حكم غيره لقرينة مشتركة بينهما .. وقيل :
    ترجيح أحد المعلومين على الآخر : وإطلاق لفظه عليهما إجراء للمختلفين مجرى المتفقين ..
    والكلام بمعنى آخر أسهل :
    أنه كما أن ألفاظ العموم تشمل جميع الأفراد المندرجة تحت جنسها :
    إلا أن العرب في حالات معينة استعملوا ألفاظ عموم : لتشمل أفراداً أخرى لا تندرج تحت جنسها ولكن :
    لعلاقة بينهما : قد بينوها في لغتهم .. وهذا ما يسمى (التغليب) ..

    ولعل أقرب وأسهل الأمثلة على ذلك هو استعمالهم لتغليب تثنية صفة ما : لتشمل مشتركين بها فقالوا مثلا :
    (الأخشبان) لجبل أبي قيس وجبل قعيقعان في مكة لصلابتهما ..
    (الأسودان) للتمر والماء ..
    (الأبوان) : للأب و الأم ..
    (العُمران) : لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ..
    (العشاءان) : للمغرب والعشاء ..
    (الأذانان) : للأذان والإقامة ..
    (البيّيعان) : للبائع والمشتري ..
    (المشرقان) : للمشرق والمغرب ..
    (القمران) : للشمس والقمر ..
    (المروتان) : للصفا والمروة .. وهما من شعائر الله حيث يقول الشاعر :
    أهيم بروحــــــــــي على الرابية *** وعند المطـاف وفي المروتين
    ----------

    ويمكن تقسيم التغليب إلى عشرة أنواع - والكلام منقول عن الزركشي : وأدرجت فيه غيره من النقولات كذلك - ..

    1... تغليب الذكر على الأنثى ..
    حيث جرى في العرب تغليب المذكر على المؤنث إذا كان الكلام عاما .. ولا يُذكر المؤنث إلا للتخصيص باستثناء المؤنث أو للتنبيه على المساواة إلخ ..
    ولعل تغليب المذكر في ذلك جاء من أوليته في الخلق (خلق آدم : ثم منه حواء عليهما السلام) ..
    ولخفة المذكر على المؤنث في الذكر على كلام الناس في مختلف أوضاع الكلام ..

    يقول سيبويه في هذا الرأي - كتاب سيبويه: 1/ 22 - :
    " واعلم أن المذكر أخفّ عليهم من المؤنث .. لأن المذكر أوّل .. وهو أشدّ تمكنا .. وإنما يخرج التأنيث من التذكير .. ألا ترى أن لفظ (الشيء) : يقع على كل ما أخبر عنه ؟ ومن قبل أن يُعلم أذكر هو أو أنثى ؟؟.. و(الشيء) ذكر .. فالتنوين علامة للأمكن عندهم والأخف عليهم .. وتركه علامة لما يستثقلون " ...

    وفي موضع آخر - 3/ 241-242 - ينقل قول ابن أبي إسحاق وأبي عمرو مؤيدا له إذ يقول :
    " وإنمَّا كان المؤنث بهذه المنزلة ولم يكن كالمذكر : لأنّ الأشياء كلَّها أصلها التذكير ثم تختصَّ بعد .. فكل مؤنث شيء .. والشيء يُذكَّر .. فالتذكير أوّل .. وهو أشدّ تمكنّا .. كما أنَّ النكرة هي اشدّ تمكنّا من المعرفة .. لأنَّ الأشياء إنمَّا تكون نكرةً ثم تعرف .. فالتذكير قبل .. وهو أشد تمكّنا عندهم .. فالأول هو أشد تمكنا عندهم " ..

    وليس في الأمر شبهة تفضيل ذكر على أنثى أو محاباة القرآن للرجال على النساء أو الذكور على الإناث .. ولكن القرآن جاء باللسان العربي بما توافق عليه العرب في مصطلح كلامهم .. ولعله من هنا نفهم حكمة جليلة في تخصيص الله تعالى في قرآنه لبعض الآيات التي يذكر فيها الإناث خصوصا لطمأنتهن أنهن مثل الذكور في التكليف والثواب والجزاء : وكل ٌبما كتبه الله تعالى عليه من واجبات وحقوق ..

    ومن أمثلة آيات تغليب المذكر على المؤنث في القرآن :
    " فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ " .. فقال من الغابرين : لا من الغابرات للتغليب ..
    " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " ..
    فقال من القانتين : لا من القانتات ..

    فإذا كان الحكم عاما ظاهرا في ذلك على الرجال والنساء : شملهم يقينا مثل :
    " إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " ..
    فشمل ذلك أولات الألباب أيضا لعموم الحكم ..
    " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله " ..
    فهي تشمل كذلك اللائي آمنّ لعموم الحكم ..

    وأما إذا كان الخطاب هو بفعل خاص بالرجال بقرينة : فعندئذٍ لا تغليب في معناه .. وذلك كقوله تعالى مثلا :
    " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " ..
    فالخطاب هنا لا تغليب فيه بل هو مختص بالرجال لأنّ صلاة الجمعة فرض على الرجال فقط دون النساء ..

    وأما إذا كان المقصود من الخطاب هو التنصيص على إبراز تعلق الحكم بالمرأة بنفس درجة تعلقه بالرجل لإزالة الالتباس : فلا تغليب ولكن : يُـفرد لكل منهما خطاب لإظهار ذلك .. ومثاله اللاتي سألن الرسول صلى الله عليه وسلم عن تغليب خطاب الأحكام للرجال ؟؟.. حيث خشين أن يكن أقل أهمية ؟؟.. فنـزلت بعض آيات بالتنصيص عليهن لإزالة هذا الالتباس وإبراز دورهنّ .. وذلك كقوله تعالى :
    " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى " .. ومثل :
    " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " .. ومثل :
    " إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً " ...
    فهذا التنصيص على إبراز تعلق الحكم بالمرأة بنفس درجة تعلقه بالرجل من حيث المدح ..

    وقد يكون لإبراز تعلق الحكم بكل من الرجال والنساء من حيث الذم .. وذلك كقوله تعالى :
    " وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم " .. ومثل :
    " ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات " ..
    -----

    2... تغليب المتكلم على المخاطب .. والمخاطب على الغائب ..
    حيث يقال مثلا : أنا وزيد فعلنا كذا .. وأنت وزيد تفعلان كذا ..
    ومنه قوله تعالى لإبليس :
    " اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا " ..
    فأعاد الضمير بصيغة الخطاب وإن كان " من تبعك " يقتضى الغيبة : وذلك تغليبا لحال المخاطب : وجعل الغائب تبعا له : وكما كان تبعا له في المعصية والعقوبة .. فحسن بذلك أن يُجعل تبعا له في اللفظ أيضا .. وهو من محاسن ارتباط اللفظ بالمعنى ..
    -----

    3... تغليب العاقل على غير العاقل ..
    وذلك بأن يتقدم لفظ يعم من يعقل ومن لا يعقل : فيطلق اللفظ المختص بالعاقل على الجميع .. وذلك كقوله تعالى :
    " قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ " ..
    فجمعها جمع السلامة ولم يقل : (طائعَين) مثنى ولا (طائعات) جمع مؤنث : وذلك لأنه أراد شمولية المعنى وكأنه يقول : ائتيا بمَن فيكما من الخلائق طائعين .. فخرجت الحال على لفظ الجمع : وغلب من يعقل من الذكور ..
    -----

    4... تغليب المتصف بالشيء على ما لم يتصف به ..
    وذلك كقوله تعالى :
    " وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "..
    قيل : غلب غير المرتابين على المرتابين في الخطاب والتحدي : إمعانا لبيان إعجاز القرآن على الجميع ..
    -----

    5... تغليب الأكثر على الأقل ..
    وذلك بأن ينسب إلى الجميع وصفا يختص بالأكثر .. وذلك كقوله تعالى :
    " قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ " ..
    فأدخَل شعيب عليه السلام في قوله : " لتعودن في ملتنا " بحكم التغليب وإلا : فهو لم يكن في ملتهم الكفرية أصلا حتى يعود إليها مثل باقي من آمنوا معه وكانوا كفارا من قبل !!..
    -----

    6... تغليب الجنس كثير الأفراد : على فرد من غير هذا الجنس مغمور فيما بينهم ..
    وذلك بأن يطلق اسم الجنس على الجميع كقوله عز وجل :
    " فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ " ..
    فعد في السياق إبليس منهم ومأمورا بالسجود معهم ومثلهم مع أنه كان من الجن : وذلك تغليبا .. ولأن حمل الاستثناء على الاتصال هو الأصل .. ويدل على كونه من غير الملائكة آية سورة الكهف :
    " وإذ قلنا للمائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " ..
    وكما جاء في الحديث الصحيح أيضا عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " خلقت الملائكة من نور .. وخلق الجان من مارج من نار .. وخلق آدم مما وصف لكم " ..
    -----

    7... تغليب الموجود على غير الموجود ..
    وذلك كقوله تعالى :
    " وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ " ..
    إذ المراد هو المُنزل من الله كله .. وإنما عبر عنه بصيغة المضي وإن كان بعضه مترقبا : تغليبا للموجود على غير الموجود ..
    -----

    8... تغليب الإسلام ..
    وذلك مثل قوله سبحانه :
    " أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ " ..
    وذلك لأن الدرجات هي لعلو المسلمين .. والدركات هي لسفل الكافرين .. فاستعمل الدرجات في القسمين تغليبا للإسلام وبيانا لعلو شأن ثوابه عن جزاء الكفر ..
    -----

    9... تغليب ما وقع بوجه مخصوص على ما وقع بغير هذا الوجه ..
    ومنه قوله تعالى :
    " ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " ..
    حيث ذكر الأيدي : لأن أكثر الأعمال تزاوَل بها .. فحصل الجمع بالواقع بالأيدي تغليبا ..
    -----

    10... تغليب الأشهَر ..
    ومنه قوله عز وجل :
    " حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ " ..
    حيث أراد المشرق والمغرب .. فغلب المشرق لأنه أشهر الجهتين .. وهو أكثر تفاؤلا .. إذ يرمز إلى الحياة والبداية .. والغروب يرمز إلى النهاية ..
    ---------

    تعقيبات وزيادة فوائد ...

    أولا ..

    بمناسبة الثنائيات التي ذكرتها بالأعلى في صدر المشاركة ..
    فكما استعملت العرب التغليب في صيغ العموم - كما بيناه - فقد استعملته كذلك في ألفاظ الخصوص والذي سمي بتغليب المثنى ..
    حيث استعملوا تثنية لفظ مفرد ليدل على هذا المفرد ومفرد آخر ليس من جنسه : ولكن بينهما علاقة ..
    -----

    ثانيا ..
    بالنسبة لتغليب خطاب العاقل على غير العاقل :

    ففي تنوعه حكم كثيرة وبينات دقيقة ..

    فإذا خوطب مثلا العقلاء وغير العقلاء كقوله تعالى :
    " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " .. فتم تغليب " من " للعاقل وليس " ما " رغم عبادتهم للأصنام الغير عاقلة : وذلك لإبراز أن ما يزعمونهم آلهة يعبدونهم : لن ينفعوهم في ذلك الموقف ولن يستجيبوا لهم حتى لو كانوا عقلاء !!.. فكيف تنفعهم أو تستجيب لهم وهي أصنام جامدة التي يعبدونها ؟!!!..

    فإذا كان وجود العاقل مع غير العقلاء غير مؤثر في الحكم :
    أي كان كأنه غير موجود معهم : فلا تغليب للعاقل بل الخطاب يكون لغير العقلاء .. قال تعالى :
    " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " .. فرغم عبادتهم للأصنام الغير عاقلة : إلا أنه من الكفار من كان يعبد مثلا عيسى بن مريم عليهما السلام .. ولكنهم لأنهم كانوا يعبدون عيسى بن مريم دون رضاه ودون استطاعته منعهم من ذلك : فسلط الخطاب على غير العقلاء باستعمال " ما " ..
    وأكد الله تعالى ذلك الاستثناء بنزول الآية : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " ..
    وهذا ما دلنا على أن " ما " المذكورة في الآية : كانت تشمل العقلاء على التغليب : ولكن استثنى الله تعالى منه من لم يكن برضاهم ..

    وأما إن كان مقصود الخطاب إبراز قلة حجم العاقل بالنسبة لغيره من المخلوقات غير العاقلة :
    فلا تغليب حينئذ للعاقل .. بل يكون الخطاب لغير العقلاء .. وذلك مثل قوله تعالى : " يسبح لله ما في السموات وما في الأرض " .. أي أن الذين يسبحون الله وينـزهونه ويخضعون له من مخلوقات الله غير العاقلة في ملكوته : هم كثرة كاثرة بالنسبة للعقلاء والمكلفين .. وذلك تهويناً لشأن غير المسبحين الله منهم ..

    وأما إذا كان العاقل مجهولاً في صفته وماهيته عند المخاطِب أو المخاطَب :
    أو أراد المخاطِب أن يبحثه ابتداء كما لو كان مجهولا : فإن أسلوب المخاطب غير العاقل يستعمل معه أيضا .. ونحن نرى العرب تقول عند رؤيتها لشيئ يتحرك نحوها مثلا من بعيد : مجهولاً في صفته وماهيته : (ما هذا) ؟؟.. رغم أنه قد يكون عاقلا !!.. وهكذا عند سؤالهم عن كل مجهول بالنسبة لهم : أو أرادوا إظهاره في صورة المجهول .. ومنه قوله عز وجل :
    " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن " ؟!!..
    " قال فرعون وما رب العالمين " ؟!!..
    " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " ..
    " إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي " ؟!!..
    وهنا حكمة في ذكر يعقوب عليه السلام ذكر " ما " هنا على صورة المجهول .. وهي أن يصور لهم موضوع الخالق المعبود ابتداءً : ليظهر كما لو كان غير معلوم للمخاطب : وذلك ليبين لهم أن الإنسان بفطرته وعقله يستطيع التعرف على خالقه والإيمان به : دون أن ينقل ذلك نقلاً عن غيره ..

    وأما إذا سلط الخطاب على العاقل من حيث الحلّ والحرمة ..
    وذلك كشيء من الأشياء : فإن خطاب غير العاقل يستعمل هنا .. وذلك مثل قوله تعالى :
    " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ..
    " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم " ..
    " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " ..
    -----

    ثالثا وأخيرا :
    بالنسبة لتغليب صفة العاقل
    :

    فإذا وصف غير العاقل بصفة العقلاء :
    فإن خطاب العاقل يكون هو المستعمل هنا بسبب تغليب الصفة .. قال تعالى :
    " إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " .. حبث استعملت " رأيتهم " في الآية الكريمة وهي للعقلاء : بدلاً من " رأيتها " وهي لغير العقلاء .. وذلك بسبب وصف القمر والشمس والكواكب بصفة ظاهرها في العقلاء وهي السجود " ساجدين " ..
    ومثل ذلك قوله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام بعد أن كسر أصنام قومه :
    " قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " .. حيث لما كان السؤال والنطق صفة للعاقل : فغلّب خطاب العاقل هنا بدلا من خطاب الأصنام غير العاقلة .. فقال " كبيرهم " ولم يقل " كبيرها " .. وكذلك قال " فسئلوهم " : بدلا من " فاسألوها " ..

    والله تعالى أعلى وأعلم ...

  15. #15

    افتراضي

    يا سلااااام

    يا اخي لغتنا ضعيفة ولا انا غبي ولا ايش الفكرة...

    شي عجيب

    والله القرأن عجيب ..يذهلني وانا ما افهم من بيانه الكثير

    فما ظنك لما افهم جزء من البيان العظيم الموجود فيه ...؟؟

    اتمنى ان تكمل الموضوع ولا تتوقف ابدا

    استمتعت بشكل كبييييييييييييييييييييييير وجزاك الله خير على المتعة والفائدة
    انا بحثت عن الحق فكنت متخبطا بين هذا وذاك فما وجدت ملة اقرب للعقل وانقى للروح من اهل السنة والجماعة (السلف الصالح) فهم الوسطيون الذين يعطون كل ذي حق حقه
    فاعطوا الله العبادة وحده بلا شريك ولم يبتدعوا واتبعوا السنة بحذافيرها
    ولم ارى ملة ولا مذهب يقدس الذات الالهية مثل مذهب السلفية
    فالحمدلله رب العالمين وحده

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. بلاغة القرآن ألجمت العرب الفصحاء
    بواسطة قلب معلق بالله في المنتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2013, 09:54 PM
  2. هل انتقد العرب بلاغة القرآن ؟
    بواسطة ابن القيم في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 33
    آخر مشاركة: 01-25-2009, 07:29 PM
  3. سبحان الله .. من بلاغة القرآن
    بواسطة مسلم متأمل في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-17-2006, 07:01 PM
  4. بلاغة القرآن
    بواسطة نور في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-30-2005, 03:07 PM
  5. أين بلاغتى من بلاغة القرآن !!!
    بواسطة الموحد في المنتدى قسم اللغة والشعر والأدب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-16-2004, 08:50 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء