عدنان إبراهيم غير عدنان الرفاعي ..
أما بخصوص اعتراض الأستاذ سمير وهبة على تفسير النصوص بما يتفق وسياقها ، فالجواب أنه أمرٌ عقليٌ في المقام الأول ..
ولا يمكن فهم أي كلام - أكرر: أي كلام - إلا بالنظر إلى سياقه وما يسبقه وما يلحقه من وقائع ومعاني ..
هناك قصة شهيرة عن عبد أرسله سيده بسلة مليئة بالتين وبداخلها رسالة ..
وفي الطريق أكل العبد الجزء الأكبر من التين ، وتابع طريقه ..
وعندما اطلع الشخص التي كانت السلة موجهة إليه على الرسالة اتهم العبد بسرقة التين ..
لكن العبد أنكر ذلك بإصرار واتهم الرسالة بالكذب وشهادة الزور ..
ثم حدث ان أرسله سيده مرة أخرى إلى نفس الشخص بنفس الحمولة مرفق بها رسالة تبين عدد حبات التين ..
وكما فعل العبد سابقًا ، أكل الجزء الأكبر من التين ، إلا أنه هذه المرة أخفى الرسالة تحت حجر ضخم حتى لا تراه ..
وعندما وصل إلى الشخص المقصود ، وسلم السلة ومعها الرسالة ، اتهمه الرجل من جديد بسرقة التين ..
فما كان من العبد إلا أن اعترف بفعلته متعجبًا من "ألوهية" الورقة ..!!
طيب ، تخيل يا أستاذي المحترم أن هذا العبد قد قتل في الطريق ، وأن السلة سلمت لشخص آخر ، وان هذا الشخص لا يعرف أحدًا قد يرسل إليه التين ..
فهل من الممكن ساعتها أن تعرف عن أي شيء تتحدث الرسالة ..؟
يمكننا حينها أن نفترض أن رد فعل من يقرأ الرسالة سيكون :
(( شخص ما ، لا يعرفه إلا الله ، أرسل إلي كمية من التين أقل من العدد الذي تشير إليه الرسالة )) ..!!
فلنفترض الآن أن الرسول لم يقتل فحسب ، بل قام قتلته بأكل التين ووضع الرسالة في قنينة وألقوا بها في البحر ..
وتصل الرسالة بعد عشرات السنين إلى ربنسون كروزو ليكتشفها ، فإن رد فعله المباشر سيكون :
(( أين هي حبات التين ؟!!!! ))
وإذا افترضنا أن الرسالة وقعت في يد شخص مثل عدنان الرفاعي ..
فنتصور أنه سيعطيها سلسلة واسعة من الفرضيات والاحتمالات لأن نص الرسالة سيكون مفتوحًا لأعداد هائلة من السلال وحبات التين ..
ويحق له أن يحلم بمناخ تآمري كان الناس فيه يتبادلون الرسائل الرمزية المشفرة في صيغة سلة ملآنة بحبات التين ..
وربما يكتشف أن إرسال التين في حقبة تاريخية ما قد يعني التحذير من خطر ما أو الدعوة إلى عمل ما ..
ويمكنه في ظل هذه التخيلات أن يأتي بسلسلة كبيرة من المراجع والدلالات ..
وهذا كله إذا عزلنا الرسالة (النص) عن سياقها الأصلي الذي وقعت فيه ..
ما أريد أن أخلص إليه أن السياق ضروري لفهم أي نص فهمًا صحيحًا بعيدًا عن الشطط والعبث ..
وهذه قاعدة عقلية لا تقتصر على نصوص القرآن والسنة ، بل تشمل كل النصوص عربية أو غير عربية ..
والله تعالى أعلم ..
Bookmarks