كتاب المقدمات ...
باب الصدق ...
قال الله تعالى :
{
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} ((التوبة :119))
وقال تعالى :
{
والصادقين والصادقات} ((الأحزاب: 35)) .
وقال تعالى :
{
فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم} ((محمد : 21)) .
وأما الأحاديث :
54 - فالأول : عن
ابن مسعود رضي الله عن النبي قال : "
إن الصدق يهدي إلى البر (أي إلى الخير)
وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً" ((متفق عليه)) .
55 - الثانى : عن أبي محمد
الحسن بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، قال : حفظت من رسول الله : "
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة ((رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح)) .
قوله : يريبك
هو بفتح الياء وضمها . ومعناه :
اترك ما تشك في حله (أي تشك في كونه حلالاً)
، واعدل (أي عنه)
إلى ما لا تشك فيه .
56 - الثالث : عن أبي سفيان
صخر بن حرب ، رضي الله عنه ، في حديثه الطويل في قصة
هرقل ، قال
هرقل (وقد استدعاه هرقل عظيم الروم لسؤاله عن ذلك النبي الذي ظهر ببلاده وكان أبو سفيان رضي الله عنه ساعتها في تجارة له في الشام .. وذلك قبل إسلامه .. ولم يمنعه من الكذب على رسول الله وتشويه صورته أمام هرقل إلا أن يؤثر أصحابه عليه كذبا ً: وكان كذب كبار القوم منقصة في الجاهلية) : فماذا يأمركم -
يعنى النبي - قال
أبو سفيان : قلت : يقول : "
اعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة" ((متفق عليه)) .
57 - الرابع : عن أبي ثابت ، وقيل أبي سعيد ، وقيل أبي الوليد ،
سهل بن حنيف ، وهو بدري (
أي شارك في غزوة بدر الكبرى غفر الله له) ، رضي الله عنه ، أن النبي ، قال : "
مَن سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء : وإن مات على فراشه" ((رواه مسلم)) .
58 - الخامس : عن
أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله : "
غزا نبي ٌمن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فقال لقومه: لا يتبعني رجل مَلك بضع امرأة (أي عقد عليها)
وهو يريد أن يبني بها (أي يدخل بها)
ولمّا يبن بها (أي ولم يدخل بها بعد .. والهدف : أنه لم يشأ أن يتبعه للغزو في سبيل الله : مَن تعلق قلبه بثمرة من ثمار الدنيا من زوجة أو غيره)
، ولا أحد بنى بيوتا ًلم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما ًأو خلفات (أي النوق الحوامل)
وهو ينتظر أولادها (والهدف أنه مقبل على غزوة عظيمة وهي فتح بيت المقدس - والنبي هو يوشع بن نون فتى موسى عليه السلام كما جاء في حديث الإمام أحمد)
. فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريباً من ذلك (أي اقترب وقت غروب الشمس ودخول يوم السبت الذي أ ُمر اليهود فيه بالسبوت وعدم العمل أو الغزو)
، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحبست حتى فتح الله عليه، فجمع الغنائم (وكانت سنة الأمم من قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : أنهم كانوا يجمعون الغنائم : فيُرسل الله تعالى عليها نارا ًمن السماء لتأكلها)
، فجائت -يعني النار-
لتأكلها فلم تطعمها، فقال : إن فيكم غلولاً (أي رجلا ًقد احتفظ لنفسه سرا ًبشيء من الغنيمة)
، فليبايعني من كل قبيلةٍ رجل، فلزقت يد رجل بيده فقال: فيكم الغلول، فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده فقال: فيكم الغلول: فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب، فوضعها فجاءت النار فأكلتها، فلم تحل الغنائم لأحد قبلنا (والحديث الآن من النبي لأمته)
، ثم أحل الله لنا الغنائم لما رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا" ((متفق عليه)) .
الخلفات
بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام: جمع خلفة، وهى الناقة الحامل .
59 - السادس : عن أبي خالد
حكيم بن حزام رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله : "
البيعان (أي البائع والمشتري وسُميا بالبيعان لأنهما كانا يتبادلان البيع أو المقايضة ولو بغير المال)
بالخيار مالم يتفرقا (أي لكل منهما أن يرجع في بيعه ما لم يتفرقا .. فإذا تفرقا لا يحل لأحدهما التراجع عن بيعه)
، فإن صدقا وبينا (أي صدق كل منهما الآخر في وصف سلعته وثمنها وعيوبها لو كان فيها عيوب)
بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" ((متفق عليه)) .
أقول أنا
أبو حب الله : وبمثل هذه الأخلاق
انتشر الإسلام في كل زمان ومكان !
------
-----------
كتاب المقدمات ...
باب المراقبة ...
قال الله تعالى :
{
الذى يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} ((الشعراء: 219،220))
وقال تعالى :
{
وهو معكم أينما كنتم} ((الحديد :4)
وقال تعالى :
{
إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} ((آل عمران : 6))
وقال تعالى :
{
إن ربك لبالمرصاد} ((الفجر : 14))
وقال تعالى :
{
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (( غافر : 19))
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
60- وأما الأحاديث ؛ فالأول: عن
عمر بن الخطاب، رضي الله عنه ، قال " بينما نحن جلوس عند رسول الله، ذات يوم إذ طلع علينا
رجل شديد بياض الثياب ،
شديد سواد الشعر،
لا يُرى عليه أثر السفر،
ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي ، ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال:
يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال: رسول الله : الإسلام
أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال
صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه (
أي تعجبنا منه : كيف يسأل النبي .. ثم يقول له صدقت !) قال :
فأخبرني عن الإيمان. قال
أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال
صدقت. قال
فأخبرني عن الإحسان . قال
أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال:
فأخبرني عن الساعة. قال:
ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال :
فأخبرني عن أماراتها قال:
أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطالون في البنيان. ثم انطلق (أي تركنا ذلك الرجل الغريب وذهب) ، فلبثت ملياً (
أي مضى وقت وعمر في جلوسه لم يسأل عنه النبي)، ثم قال (
أي النبي) :
يا عمر أتدري مَن السائل؟ قلت:
الله ورسوله أعلم. قال:
فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم" ((رواه مسلم)) .
ومعنى : تلد الأمة ربتها
أي: سيدتها؛ ومعناه أن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية بنتا لسيدها، وبنت السيد في معنى السيد، وقيل غير ذلك. و العالة
الفقراء. وقوله ملياً
أي زمناً طويلاً، وكان ذلك ثلاثاً
61- الثانى: عن أبي ذر
جندب بن جنادة، وأبي عبد الرحمن
معاذ بن جبل، رضي الله عنهما، عن رسول الله ، قال: "
اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن )).
62- الثالث: عن
ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: " كنت خلف النبي، ، يوماً (
أي راكبا ًخلفه على الدابة) فقال: "
يا غلام إني أعلمك كلمات: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام، وجفت الصحف" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح)) .
وفى رواية غير الترمذي:
احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً
63- الرابع: عن
أنس رضي الله عنه قال: "
إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله من الموبقات" ((رواه البخاري )) وقال : الموبقات
المهلكات .
64- الخامس : عن
أبي هريرة، رضي الله عنه ، عن النبي ، قال: "
إن الله تعال يغار، وغيرة الله ، تعالى، أن يأتي المرء ما حرم الله عليه" ((متفق عليه)) .
و الغيرة :
بفتح الغين، وأصلها الأنفة
65- السادس : عن
أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي يقول: "
إن ثلاثة من بنى إسرائيل : أبرص ، وأقرع، وأعمى، (الأبرص : هو الذي أ ُصيب جلده ببياض .. والأقرع : هو مَن ليس في رأسه شعر .. والأعمى : هو مَن لا يستطيع البصر)
أراد الله أن يبتليهم (أي يمتحنهم) فبعث إليهم ملكاً،
فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال : لون حسن، وجلد حسن ، ويذهب عني الذى قد قذرني الناس؛ فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل-أو قال البقر : شك الرواي-
فأعطي ناقة عشراء، فقال: بارك الله لك فيها.
فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا الذى قذرني الناس ، فمسحه فذهب عنه وأعطي شعراً حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، فأعطي بقرة حاملاً،وقال بارك الله لك فيها.
فأتي الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر الناس، فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والداً. فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته (أي أتاه الملاك في صورة رجل أبرص)
، فقال له: رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم (أي لن أستطيع بلوغ مرادي في سفري)
إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال : بعيراً أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة (أي تحجج كاذبا ًبأنها كلها ليست ملكا ًله وإنما لأناس ٍحقوق فيها)
. فقال (أي الملاك له ليقيم عليه الحُجة)
: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيراً، فأعطاك الله ؟! فقال (أي الرجل كاذبا ً)
: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر، فقال (أي الملاك له)
: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت (أي صيرك أبرصا ًكما كنت ولم تشكره) .
وأتى الأقرع، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما ردّ هذا، فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري؟ فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله ما أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل فقال (أي قال الملاك له)
: أمسك عليك مالك (أي لا حاجة لي به)
فإنما ابتليتم (أي امتحن الله ثلاثتكم)
، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك" ((متفق عليه)) .
والناقة العشراء
بضم العين وفتح الشين وبالمد: هى الحامل.
قوله أنتج وفى رواية : فنتج معناه :
تولى نتاجها ، والناتج للناقة كالقابلة للمرأة .
وقوله ولد هذا
هو بتشديد اللام : أى تولى ولادتها، وهو بمعنى نتج في الناقة. فالمولد، والناتج، والقابلة بمعنى، لكن هذا للحيوان وذاك لغيره.
وقوله: انقطعت بي الحبال
هو بالحاء المهملة والباء الموحدة: أي الأسباب:
وقوله: لا أجهدك معناه :
لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أو تطلبه من مالي. ((وفى رواية البخاري)) : لا أحمدك بالحاء المهملة والميم، ومعناه:
لا أحمدك بترك شيء تحتاج إليه ، كما قالوا : : ليس على طول الحياة ندم، أي على فوات طولها.
66- السابع: عن أبي يعلى
شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي قال: "
الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني" ((رواه الترمذي وقال حديث حسن)).
قال الترمذي وغيره من العلماء : معنى دان نفسه :
حاسبها
أقول أنا
أبو حب الله : والحديث وإن كان
معناه صحيحا ً:
إلا أنه
ضعيف النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم سندا ً..
ففيه :
أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني : وهو
ضعيف مُختلط ..
وعلى كثرة أحاديث
رياض الصالحين التي تعدت الـ
1900 حديث تقريبا ً:
فإنه يوجد منها فقط
57 حديث
ضعيف : هذا أولهم .. وسأ ُشير إليهم تباعا ً..
ولمَن أراد الاطلاع عليهم
مجموعين : من الرابط التالي :
http://www.saaid.net/Doat/ehsan/145.htm
67- الثامن: عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "
من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" ((حديث حسن رواه الترمذي وغيره))
68- التاسع: عن
عمر رضي الله عنه عن النبي قال: "لا يُسأل الرجل فيم ضرب امرأته" ((رواه أبو دواد وغيره)) .
أقول أنا
أبو حب الله : والحديث
ضعيف ..
فيه :
داود بن يزيد الأودي وهو ضعيف ،
وعبد الرحمن المسلي وهو مجهول
وبفرض صحته :
فإن معناه يُصرف إلى
النهي عن تقصي أحوال الزوج وزوجته ما لم يشتكيا
لمُصلح ٍبينهما ..
فقد يكون سبب الضرب
مُحرج للزوجة أو الزوج اطلاع الآخرين عليه والله أعلم ..
وهذا الرابط
للمزيد عن هذا الحديث وتأويله :
http://islamqa.info/ar/ref/146600
يُـتبع إن شاء الله بباب التقوى ...
Bookmarks