صفحة 4 من 7 الأولىالأولى ... 23456 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 46 إلى 60 من 94

الموضوع: من يثبت لي نبوة محمد ؟ -حوار الدكتور حاتم مع القلم الحر

  1. #46

    افتراضي

    و نتابع حوارنا الثنائي..

    خامسا:
    في الفقرة الخامسة من مداخلتي قلت

    وفي سياق القراءة اللغوية للنص القرآني ثمة أمر آخر إضافة إلى ما سبق وهو :
    اختلاف الأسلوب بين الحديث والقرآن.
    فلو راجعنا أساليب الكتاب والشعراء سنلاحظ أ ن لكل شاعر أو كاتب أسلوب محدد في الصياغة والتركيب . لكن نجد محمد يمتاز عن غيره بنمطين أسلوبيين متباينين على نحو يقطع باختلاف وتباين مصدريهما.
    فأسلوبه في قول الحديث مخالف لأسلوبه في نظم القرآن.هذا مع أنه في أحاديثه لم يكن مجرد متكلم عادي بل بلغ الفصاحة في الخطاب ،فكيف يقتدر محمد على ما لم يقتدر غيره من الكتاب والشعراء؟


    وكان تعقيب زميلي القلم الحر :

    اى اديب يكون له نمطان مختلفان من الكلام , الشاعر مثلا يقول شعر و يقول ايضا كلام اخر غير موزون او مقفى

    و هناك مثلا ادباء يكتبون شعرا و يكتبون ايضا نثرا بليغا ,و تجد فرقا واضحا بين شعرهم و نثرهم

    و الاختلاف بين هذين النوعين من الكلام لا يدل بحال على اختلاف مصدريهما
    بالنسبة لاختلاف أسلوب الأدباء عندما يقولون الشعر عن أسلوبهم عندما يعبرون نثريا ،فهذا واضح ولا مراء فيه. لكن كلامنا هنا عن النص القرآني ، فالقرآن ليس شعرا موزونا ومقفى ، بل هو إذا أردنا أن نشبهه أهو أقرب إلى النثر أم إلى الشعر ،فسنجد أنه أقرب إلى أسلوب النثر ونظامه.
    فالسؤال الذي يطرح إذن لماذا اختلف أسلوب محمد – إذا فرضنا أنه كاتب القرأن – عن أسلوبه في أحاديثه.
    يمكن أن تقول إن أحاديثه هي تعبيرات يومية تلقائية ، ومن ثم يجوز أن تختلف عن صياغته القصدية لنص قرآني مثلما يختلف الكلام اليومي لأي أديب عن أسلوبه في إنتاجه الأدبي.

    وهذا اعتراض وجيه.
    لكن دعنا نفكر قليلا في هذا الاعتراض.
    عندما نتأمل أحاديث النبي لن نجد من ضمنها تسجيلا لكلام يومي عفوي فقط ، بل تسجيلا لخطب ولأدعية بلغت في الفصاحة مبلغا يعلمه كل دارس متذوق للعربية. فلنركز النظر في هذه الخطب والأدعية المسبوكة أسلوبيا بعناية ملحوظة ، سنجد أنها مخالفة تماما لطبيعة الأسلوب القرآني . وهذه المخالفة معلومة حتى في الدراسات السيكلوجية لمفهوم الكفاءة اللغوية – أستعمل المصطلح بمدلوله عند عالم اللسانيات المعاصر نعوم تشومسكي – فالمعجم المستعمل في القرآن مخالف للمعجم المستعمل في الأحاديث اختلافا بينا ، الأمر الذي يقطع بثنائية مصدريهما.
    وأقصد بالمعجم هنا أن كل أديب أو كاتب له ألفاظ محددة تحضر دوما في إنتاجه ، وتترابط تركيبيا على نحو خاص.
    وبناء على ذلك نجد القرآن يخالف الأحاديث في المعجم ويتفوق عليها من حيث كم استعماله للجذور اللغوية (أنظر الفقرة الخامسة من مداخلتي ).
    كما يخالف القرآن الأحاديث من حيث أسلوب التركيب بين الألفاظ .
    التعديل الأخير تم 01-07-2005 الساعة 07:30 PM
    اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
    ـــــــــــــــ

  2. #47

    افتراضي

    بالنسبة للفقرتين السادسة والسابعة فقد كان موضوعهما بلاغة القرآن وتحديه للعرب لذا أضم التعقيب على هذين الفقرتين في رد واحد:

    قلت في الفقرة السادسة أنه :
    عندما نطق محمد بالقرآن تبين للعرب بوضوح أمران اثنان :
    1- أنه خارق لمعهودهم في الخطاب . فلا هو شعر ولا هو نثر مسبوك فيما اعتادوه من أسليب الخطابة وصياغة الأمثال والحكم. بل هو متفرد في أسلوبه.لذا احتاروا في تصنيفه.وهذه الحيرة سجلها لنا القرآن في حديثه عن الوليد...

    2- أنه بليغ في أسلوبه. لذا كانوا ينصحون غالبا بعضهم بعضا بأن لا يسمعوا للقرآن.
    قد لا يحس القارئ المعاصر بجمالية البلاغة القرآنية . وهذا متوقع لأن نظامنا التعليمي لم يستطع تكوين ذائقة لغوية سليمة لها آلياته العلمية التي تمكنها من فهم بلاغة الكلام والأحساس بها.
    مثلما أن المبتدئ في اللغة الأنجليزية لن يحس بجمالية لغة مسرحيات شكسبير .


    وكان تعقيب زميلي القلم الحر

    على فرض ان محمد جاء باسلوب جديد لم تعهده العرب فهذا يدل على نبوغه و عبقريته فحسب و لا يدل على انه نبى
    على اننا قد نجد ما يشبه النظم القرانى فى كلام سابق لمحمد :
    كهذا النص المنسوب لقس بن ساعدة :" ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وأرض مدحاة ، وانها مجردة ، ان في السماء لخبرا، وان في الارض لعبرا ".
    و نص اخر منسوب له:
    "أين من بغى وطغى وجمع فأوعى,وقال: أنا ربكم الأعلى. ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً,وأطول منكم آجالاً.

    طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله.فتلك عظامهم بالية. وبيوتهم خاوية. عمّرتها الذئاب العاوية"

    و يرى يوسف الحداد ان نظم القران تقليد لنظم كتاب اهل الكتاب فى مواضع منه :
    يقول :"ان نظم الأنبياء فى الكتاب شعر عبرانى؛ وهذا الشعر العبرانى لا يقوم على التفاعيل المحكمة، وعلى القافية، مثل الشعر العربى. إنما هو موزون على نظم متقارب، ينتهى بقوافٍ متقاربة. إنه قائم على الوزن المرسل والفاصلة، مثل القرآن

    ثم قلت في الفقرة السابعة
    سابعا :
    ثم إن محمد عندما قرأ القرآن على قريش قرنه بالتحدي ، ونحن نعلم أن قريش قد جمعت قبائل العرب كلها ضد محمد في غزوة الأحزاب لمقاتلة محمد ، لذا أتساءل ألم يكن من السهل عليها أن تجمع فصحاء العرب وشعرائها لمعارضته؟؟!!!
    لماذا لم تفعل مع أن الجزيرة العربية كانت معتادة في مجالس الشعر على التباري في المعارضة بين الشعراء ؟ لماذا لم تفعل مع أن محمد كرر التحدي مرة تلو مرة ؟؟
    أليس الأمر مستغرب حقا ؟ ألا يدعو هذا إلى التفكير والتأمل ؟



    فكان تعقيب زميلي المحترم

    كتب القلم الحر
    اخى الكريم هناك اشكالات و تساؤلات :
    1- هل بلغ هذا التحدى قريشا حقا ؟
    كنت اتحاور فى مسالة نبوة محمد قبل فترة مع الاخ راسل فى منتدى اللادينيين و طرح هو هذا التشكيك و صراحة احترت كيف ارد عليه و اخذت افكر طويلا و انقب فى الكتب عن جواب قاله عالم عن مثل هذا الاشكال فلم اجد الا ان الباقلانى طرحه فى كتابه عن الاعجاز و كذلك القاضى عبد الجبار فى شرح الاصول الخمسة و لم يقدما للاسف اى جواب يذكر
    ما المانع حقا من ان تكون ايات التحدى اضيفت للقران بعد انتهاء الصراع
    وبمراجعة ردود زميلي أرى :

    أولا إن الحديث عن قس بن ساعدة لا يخلو من مبالغة في كتبنا التراثية ،الأمر الذي يؤكد أن في الأمر نزعة شعوبية ، وهي نزعة شاعت خلال مراحل من تاريخ الاسلام ،فلجأت كل قبيلة إلى الرفع من شأن شخصياتها التاريخية ولو بنحل النصوص والأخبار لها.ومن قبيل هذه الأخبار القول بأن قس بن ساعدة عاش ستمئة عام !!!
    وحتى الخبر الوارد عن النبي - صلعم-في شأن بن ساعدة وأن النبي سمعه في سوق عكاظ.. هو خبر مرسل .
    ولهذا فغالب الظن أن ما ينسب من نصوص تشبه نظام القرآن وأسلوبه لهذه الشخصيات هي انتحالات وجدت لاحقة في خضم التنابذ والتفاخر القبلي والشعوبي .
    لكن جوهر استدلالك لا يسقط بما سبق ، فحتى لو أنكرت أنا جميع ما قيل من أشعار ونصوص بلاغية فصيحة قالها عرب قبل نزول القرآن ،فلا يمكن أن أنكر إمكانية وجود نصوص فصيحة وبليغة. فوجود مثل ذلك هو من باب الأمر المقبول بداهة.
    كما أنك لا تختلف معي في كون القرآن الكريم نص لغوي بلغ درجة عالية من السبك والجمالية البلاغية. وهذا أمر يلحظه كل دارس للعربية له ذائقة لغوية راقية.

    ثم بعد هذا أختلف معك في شأن سورة "الكافرون" فهي في تقديري لم تخل من البلاغة في نظمها ،بل هي بالعكس سورة بليغة . إنما طبيعة أسلوبها لا يمكن فهمه إلا بربطه بالوظيفة الدلالية التي يراد لتلك السورة أن تؤديها. وأقصد بالوظيفة الدلالية ذلك التمايز والافتراق الواضح والحاسم والجازم بين الأيمان والكفر ،فجاءت السورة مكررة للموقف على نحو حاسم وبلغة قاطعة جازمة. ومن هنا فالوظيفة الدلالية كان لابد لها من أسلوب قطعي واضح جازم ، وهو بالضبط أسلوب هذه السورة.
    وأعترف لك بأنني كدارس للقرآن لا تستوقفني كثيرا بلاغة الأسلوب ،حيث لا أربط حقيقة الأعجاز القرآني في نظم ألفاظ ورصف بعضها بجوار بعض! لأنني أعتقد أن حقيقة هذا الإعجاز مسألة أكبر وأعلى من جمالية اللغة. هذا مع اعترافي بوجود جمالية لغوية فائقة في النص القرآني. ولكنني مع هذا الأعتراف كنت دائما أنتقد في قرارة نفسي كتبنا الاسلامية التي تكاد تختزل الأعجاز القرآني في إعجاز لغوي أسلوبي.
    ولهذا قلت لك في إحدى مداخلاتي السابقة أنني أميز بين حقيقة الأعجاز ومظاهر الأعجاز.فالجمالية البلاغية للقرآن أصنفها ضمن مظاهر الأعجاز لا ضمن حقيقته. والأخبار بالغيب هو مظهر من مظاهر الأعجاز وليس حقيقته. لأن الظواهر الأعجازية قد تحضر في سورة وقد تغيب من أخرى ،فالأخبار بالغيب يحضر في آيات معدودات فقط ، لذا لا يمكن ان يكون هو حقيقة الأعجاز ، وذلك لأن القرآن تحدى العرب أن يأتوا بمثل سورة واحدة من مثله ، ومعنى هذا انه ينبغي أن يكون الأعجاز متحققا وموجودا في كل سورة ولو كانت سورة موجزة ببضع كلمات.لذا وجب علينا أن نكشف حقيقة الأعجاز الموجودة في كل سورة.

    وحقيقة الأعجاز هو ما سأتركه إلى مرحلة خاصة من حوارنا لأعبر لك فيها عن خلاصة أفكاري وما استفدته من قراءاتي في كتب اتخذت القرآن مبحثا لها.

    وهنا أعقب أيضا على تعقيبكم في النقطة السابعة ، حيث تساءلت مشككا:
    كتب القلم الحر
    هل بلغ هذا التحدى قريشا حقا ؟
    أنا أرى أنه بلغها هذا التحدي ، بدليل أن نص القرآن يعلن التحدي ، ثم لدينا نصوصا حاولت معارضة القرآن. وهي ذات النصوص التي قلت أنت أن المسلمين حرصوا على نقلها لضعفها وتبيانا لعجز العرب .فاعترافك بأن هذه النصوص وجدت لتحاكي القرآن، تأكيد على أن التحدي بلغ العرب وحاولوا معارضته.

    لكن اعتراضك الثاني وجيه حيث قلت :

    ما المانع من ان يكونوا قد عارضوا القران و لم ينقل المسلمون هذه المعارضة لقوتها بينما نقلوا ما كان هزيلا منها كالمنسوب لمسيلمة فيحتمل انهم وجدوا حرمة فى نقلها كما انهم لم ينقلوا اغلب الاشعار التى هجى بها النبى .
    ورغم أنني لست مقتنعا به فهو اعتراض وجيه ، فلا مانع عقلا بالنسبة للمشكك في نبوة محمد من أن يقول لنا إن التاريخ كتبه المسلمون وهم أعقل من أن ينقلوا من النصوص ما تحققت فيها معارضة القرآن.

    لكن رأيي الشخصي الذي أكرره مرة أخرى أن حقيقة الأعجاز لا تكمن في اللغة ، أي لا تكمن في الأسلوب القرآني. فالأسلوب القرآني هو أسلوب جميل بديع من الناحية البلاغية ، لا شك في ذلك ، لكن إعجازه أكبر من جمال أسلوبه. أقصد أن فيه إعجازا فكريا أو دلاليا ، حيث أجد فيه شخصيا من الناحية الفكرية أكبر مما يمكن لعقل بشري أن يبلغه. وقد نبه إلى هذا القرآن في أول آيات التحدي ،حيث لم يتحداهم بالأتيان بأسلوب يقارب الأسلوب القرآني ،بل تحداهم بأن يأتوا بهدى مثل الهدى القرآني أو أفضل منه.وهي الآية التي جئت بها في قولك :" :"قل : فأتوا بكتاب من عند الله هوأهدى منهما أتّبعْه ، إن كنتم صادقين ! فإن لم يستجيبوا لك ، فاعلمْ أنّما يتّبعون أهواءَهم "وهذا الهدى هو ما سأبرهن لك أنه موجود في كل سورة بالتصريح أو بالتضمين ، ومن ثم تصبح آيات التحدي الأخرى منتظمة في ذات السياق.

    لذا أختصر فأقول إن الإعجاز القرآني ليس مجرد أسلوب جميل بلاغيا ،بل هناك إعجاز يشمل دلالات ألفاظ القرآن. أي ما نجده في القرآن من توجيهات وحقائق معرفية يؤكد كونه ليس من نسج البشر.
    اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
    ـــــــــــــــ

  3. #48

    افتراضي


    ثامنا :

    مما قلته في النقطة الثامنة :

    نجد في القرآن مرات عديدة إشارات غيبية تحققت ، ولم يتم تكذيبه ولو في واحدة . وهذا أمر مستغرب حقيقة . لأن الكهنة والمتنبئين يصيبون في واحدة ويكذبون في عشرات، بينما محمد لم يسجل قط له أن كذب في نبوءة وردت في القرأن أو في حديث من أحاديثه.
    دعنا نأخذ أمثلة :

    نجد في القرأن الكريم أن آيات كثيرة تعلن عن أن دين الأسلام سوف يظهر على غيره من الأديان وسوف يكون له الريادة والسيادة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون)..
    وقد تحقق هذا .
    هذا رغم كون القرآن ومحمد - صلى الله عليه وسلم- كانا يقولان بهذا في لحظات استضعاف كماهوالحال في مكة ، وكما هو الحال في تلك الليالي العصيبة في المدينة وهم يحفرون الخندق ليحتموا من قبائل العرب التي جيشت كل قواها لإفنائهم ،في تلك اللحظات العصيبة جدا قال محمد بانتصار المسلمين على كسرى وقيصر .
    وقد تحققت نبوءته.


    وأضفت :
    أن محمد يعلن عن أمر غيبي سيتحقق في حياته كما هو الحال في فتح مكة.

    بل أغرب من هذا إنه يعلن عن أمر غيبي في حق كافر يسمع ذلك الأمر ولا يستطيع ذلك الكافر المشرك أن يخالفه .فسورة "تبت يد أبي لهب " كما تعلم جاءت بأمر غيبي وهو أن أبا لهب سيموت هو وامرأته على الكفر.
    والغريب أن مكة كلها بكل أذكيائها لم تخطر لهم على البال فكرة كانت ستكون مدمرة ومقلقلة لمحمد . وهو أن يمثل أبا لهب دور المؤمن بالآسلام.

    من بين النبوءات التي قالها القرآن انتصار الروم على الفرس ؟،"غلبت الروم في أدنى الأرض ... الخ "
    وتحققت النبوءة.

    ثم درست هذه النماذج من النبوءات فانتهيت إلى ثلاثة احتمالات هي :

    إما أن تكون سورة "تبت يد أبي لهب" و"سورة الروم " والآيات المخبرة بفتح مكة "قيلت قبل وبالتالي فهي تنبؤ غيبي تحقق.
    وإما أن يكون محمد - صلى الله عليه وسلم - قد أضافها بعد انتصار الروم فعلا ، و بعد تحقق موت أبي لهب ،وفتح مكة .
    والاحتمال الثالث: أن يكون جامعوا القرآن قد أضافوها ليثبتوا القدرة التبؤية بالغيب في القرآن.
    ثلاثة احتمالات ،لو اختبرناها سنجد أن الاحتمال الوحيد المؤكد هو أن السور قيلت قبل تحقق ما تخبر به وجوديا ولم تضف بعديا .
    لأنه :
    إذا كان محمد قد أضافها بعديا ،فإنه بذلك سيفضح نفسه بين أتباعه ،حيث سيعلمون أنه يكذب عليهم ،فقد عاشوا في مكة ولم تكن سورة أبي لهب قد تنزلت.وحدث انتصار الروم ، ثم ابتدع محمد نص الأخبار به ، وحدث فتح مكة ثم أخبر به..ومن ثم ستكون فعلته هذه دليلا على عدم نبوته لا العكس. ومن ثم يستحيل عليه أن يقدم دليلا على كذبه - حاشاه - بهذا الشكل الفاضح.
    يبقى احتمال أن يكون الصحابة الذين جمعوا القرآن أضافوها .
    لكن هذا الأحتمال الثاني هو نفسه مستبعد ،فلا أحد كان قادرا على أن يغامر بنفسه ليضيف سورة بأكملها . ولماذا يضيفها ؟ هل ليوجد للأسلام مسلمون مؤمنون به وبنبوة محمد ؟؟
    لقد حصل ذلك بالفعل ،ولم يكن الأمر محتاجا إلى اختراع نبوءات وإضافتها إلى القرآن.

    ومن ثم يبقى الاحتمال الثالث هو المؤكد أي أن هذه النبوءات هي بالفعل نبوءات تحققت.

    لننظر الآن في تعقيبات زميلي القلم الحر :

    حسنا انتظر تفنيدك لما قاله الحداد فى ذلك :
    "جاء الوعد بظهور الاسلام " على الدين كله و لو كره المشركون " فى ( الفتح 18 ، الصف 9 ، التوبة 34 ) . فهل فى هذا الوعد نبوءة من علم الغيب ، أم انه اسلوب بيانى ؟

    من يرى فى هذا الوعد نبوءة من علم الغيب يصطدم بالتاريخ و بواقع حال العرب و المسلمين . إنى عربى و يؤلمنى ما أقول ، لكن الحقيقة أن يعرف الانسان نفسه . فإلى اليوم لم يتغلب الاسلام على المسيحية ، و لا على الهندوكية ، و لا على البوذية . إن الواقع البشرى فى الاديان مائل للعيان : فليس فى وعد القرآن من نبوءة ! و من أصر على أنها نبوءة جعل الواقع يكذبها .
    وأرى كلام يوسف حداد هذا مغالط . وأوضح :
    أولا إن قول القرآن بأن الله سيظهر هذا الدين تأكيد على انتصار الأسلام .
    فلنراجع متى قال القرآن ذلك . لقد قالها في لحظة استضعاف ورغم ذلك تحققت النبوءة.
    لكن هل معنى هذه النبوءة هو زوال غيرها من الأديان ؟
    إن الحداد وضع لمعنى ظهور الدين على غيره مدلولا لم يقل به حتى محمد نفسه ، وهو زوال غيره من الأديان.
    فإلى اليوم لم يتغلب الاسلام على المسيحية ، و لا على الهندوكية ، و لا على البوذية .
    وهذا استلزام فاسد.
    إن النبوءة قد تحققت ، وبين يدينا معطيات التاريخ:
    ألم ينتصر الأسلام في ظرف أقل من مئة عام على المسيحية(الروم) والفرس ، ويصل إلى الأندلس (92هجري) ؟ أليس هذا إظهار للأسلام وانتصار له؟
    أليس خطاب محمد لعرب مشتتين في قبائل ضعيفة وإخبارهم بأنهم سينتصرون على كسرى والروم نوع من الهبل بمقاييس المادة وقوانين الأجتماع؟
    لكن ألم يتحقق هذا الغيب ؟
    أجل تحقق!
    ولا مناص للحداد إلا أن يعترف بذلك . فالتاريخ ناطق بما سبق.
    نأتي الآن إلى قوله :
    فإلى اليوم لم يتغلب الاسلام على المسيحية ، و لا على الهندوكية ، و لا على البوذية . إن الواقع البشرى فى الاديان مائل للعيان : فليس فى وعد القرآن من نبوءة ! و من أصر على أنها نبوءة جعل الواقع يكذبها .
    هنا نرى فسادا بينا في الدلالة ليتخلص الحداد من وقوع النبوءة وتحققها. فهو يكاد يوحي بأن يشترط لتحقق ظهور الاسلام زوال غيره من الأديان ، أو أن يكون هذا الظهور للأسلام على غيره دائما مستمرا.
    لكن هل هذا ما قاله محمد؟
    إن محمد وعد غيبيا وبدون أي سنن واقعية تسمح له بأن يستنتج بناء عليها هذا الظهور لدينه ، وانتصاره على الفرس والروم. وتحقق ذلك الأنتصار والظهور.
    لكن ما العمل الآن ونحن نرى الغرب المسيحي منتصرا ومهيمنا ؟
    أولا لابد من كلمة لن تعجب الحداد ، وهي أن الغرب المهيمن ليس غربا مسيحيا بل ما نهض وتقدم إلا بعد أن قطع مع مسيحيته وحاربها وأزال سلطانها الكنسي المتخلف الذي بلغ إلى حد تحريق المفكرين والعلماء ، ويسجل التاريخ الموثوق أن عدد العلماء والمفكرين الذين أحرقتهم الكنيسة في محاكم التفتيش ناهز ثلاثين ألف !!!!
    ثم إن هيمنة الغرب هي نفسها حقيقة قال بها محمد في حديثه " :" يوشك الأمم أن تداعى عليكم
    كما تداعى الأكلة على قصعتها" وبالتالي فهو في نبوءاته لم يقل إن ظهور الأسلام على الفرس والروم ستكون هيمنة مطلقة للأسلام ،بل إن الأيام دول وسينحرف المجتمع المسلم عن دينه ويسقط في حالة استضعاف أمام الآخر .
    وقد تحققت نبوءته أيضا.

    أما ما أوردته عن أبي لهب فقد عقب زميلي عليه بقوله :

    وعيد القران لابى لهب ليس بالضرورة نبوءة غيبية , بل ان ذلك - كما ذكر ابن الوزير فى الايثار /335- خارج مخرج الوعيد لا مخرج الاخبار المحض , و الفرق بينهما واضح فان الوعيد مشروط بعدم التوبة مثل وعيد جميع الكافرين .
    اعتباره وعيدا لا خبرا لا يغير من الأمر شيء ،بعد أن مات أبو لهب وهو على الكفر والمناهضة للأسلام ومن ثم تحقق الوعيد وأصبح نبوءة على فرض اعتباره وعيدا في البداية.

    لكن قولك التالي :

    و على فرض انه خبر محض فلو اعلن ابو لهب اسلامه لما وجد محمد مشكلة بل كان سيتهم ابا لهب بانه اسلم نفاقا و كذبا ! هكذا سيقول اى منكر لنبوة محمد
    فلا يجب ان يدمر اسلامه دين محمد !
    هذا صحيح لكن لا تجعل الفرضية المتخيلة بديلا عن الواقع المتحقق ،فنحن هنا أما حالة واقعة ، وهي أن الخبر لم يتم تكذيبه أصلا ،بل لم يخطر لأبي لهب ولا لقريش على البال أن يدعي أبو لهب الأيمان . ولو فعل لحصل تشويش كبير. لذا فما كان سيقوله محمد بعد أن يدعي أبو لهب الأيمان أمر لم يحصل ، وكل ما حصل هو ما قلناه سابقا.

    ثم أضاف زميلي :

    لكن هذا التفسير يثير مشكلة فالقول بان الاية تخبر خبرا محضا عن دخول ابولهب النار يثير سؤالا :
    هل ابو لهب مع ذلك مكلف بالايمان ام لا ؟ لا شك انه مكلف
    فكيف يكون مكلفا بان يؤمن بانه من اهل النار ؟!
    و كيف يكلفه الله بالايمان مع اخباره بان مصيره الى النار ؟ ان هذا تكليف بما لا يطاق و هو باطل .
    مسألة الحكم عليه بالنار هي من باب علم الله الأزلي . وليس من باب إلزامه بالكفر. وفي هذا يدخل موضوع القضاء والقدر ، وهو موضوع يمكن أن يبحث خارج سياق مناقشة نبوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - .


    ثم نأتي إلى سورة الروم
    يتبع
    اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
    ـــــــــــــــ

  4. #49

    افتراضي

    أما كون أخبار محمد - صلى الله عليه وسلم - بانتصار المسلمين على الروم والفرس خبر آحاد ،ومن ثم لا يفيد اليقين. وأنت تريد لأثبات أمر عقدي كنبوة محمد دليلا يقينيا غير مستمد من أحاديث مظنون في تواترها وقطعية ثبوتها ،فلك ذلك ، ولن ألزمك بما أومن به.كما لن أقف عند ما تعارض لديك من أسباب النزول في شأن فتح مكة ، ولن ألزمك بمنطقك فأقول لك أنك قبل قليل رددت أحاديث بمجرد كلمة (خبر آحاد) فكيف تستند عليها الآن لتدعيم موقفك ،فتختار من أسباب النزول ما ترتاح إليه أليست هي أيضا خبر آحاد؟!!
    لن أسلك هذا المسلك ،إنما يكفي في شأن الأخبار بالغيب أن نعود إلى خبر سورة الروم الذي أوردته ثم عقبت أنت عليه بقولك :


    على اى حال الاستاذ الحداد له رد على هذه النبوءة احب ان ارى رد الاخ حاتم عليه :

    "يرون نبوءة تاريخية كبرى فى قوله : " غلبت الروم فى أدنى الأرض ، و هم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين ، لله الأمر من قبل و من بعد ، و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء و هو العزيز الرحيم ، وعد الله ، لا يخلف اله وعده ، و لكن أكثر الناس لا يعلمون " ( الروم 2 – 6 ) .

    قصة الروم هذه لا تمت الى السورة التى تستفتحها بصلة . فلا يعرف زمانها . ثم ان لها قراءتين على المعلوم ( غلبت ) و على المجهول ( غلبت ) . و بحسب اختلاف القراءة قد تعنى الروم و الفرس ، أو الروم و العرب . و آية مجهولة المعنى لا تكون نبأ غيبيا .

    و ( أسباب النزول ) تؤيد ذلك ، قال السيوطى : " أخرج الترمذى عن أبى سعيد قال : لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين ، فنزلت ( آلم غلبت الروم ) الى قوله ( بنصر الله ) يعنى بفتح العين . و أخرج ابن جرير عن ابن مسعود نحوه " – فعلى القراءة بالمعلوم ان الآية تسجيل واقع تاريخى مشهود ، يتوسم فيه المسلمون خيرا لهم تجاه المشركين . " و أخرج ابن أبى حاتم عن ابن شهاب قال : بلغنا ان المشركين كانوا يجادلون المسلمين و هم بمكة قبل أن يخرج رسول الله صلعم فيقولون : الروم يشهدون أنهم أهل كتاب ، و قد غلبتهم المجوس ، و أنتم تزعمون أنكم ستغلبونا بالكتاب الذى أنزل على نبيكم .

    فكيف غلبت المجوس الروم و هم أهل كتاب ، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم . فأنزل الله ( آلم غلبت الروم ) . و أخرج ابن جرير نحوه عن عكرمة و يحيى بن يعمر " – واقع الحال قبل الهجرة لا يسمح بمثل هذا الحوار ، فقد ظل المسلمون مغلوبين على أمرهم فى مكة حتى اضطروا إلى الهجرة الى يثرب . مع ذلك يستنتج السيوطى : " و قتادة فى الرواية الأولى على قراءة ( غلبت ) بالفتح لأنها نزلت يوم غلبهم يوم بدر . و الثانية على قراءة الضم ( غلبت ) فيكون معناه ، و هم من بعد غلبتهم فارس سيغلبهم المسلمون ، حتى يصح معنى الكلام ، و إلا لم يكن له كبير معنى " – فكبير المعنى عنده ان المسلمين سيغلبون الروم بعد انتصارهم على الفرس . و هذه نظرية ثالثة فى معنى الآية .

    و نبأ له ثلاثة معان ليس بنبوءة غيبية .
    واضح أن الحداد هنا يصطدم بإخبار قرآني غيبي، ثم يتخبط في الرد عليه تخطبا أوضح ، أنظر في قوله في تفسير الآية وفق ما سماه بالنظرية الثالثة

    و الثانية على قراءة الضم ( غلبت ) فيكون معناه ، و هم من بعد غلبتهم فارس سيغلبهم المسلمون ، حتى يصح معنى الكلام ، و إلا لم يكن له كبير معنى " – فكبير المعنى عنده ان المسلمين سيغلبون الروم بعد انتصارهم على الفرس . و هذه نظرية ثالثة فى معنى الآية .
    هنا نسي الحداد أن يعقب على هذه النظرية حيث لو قرأت الآية بال يقع الحداد من جديد في أمر مؤكد وهو أن القرآن أخبر بأمر غيبي تحقق وهو انتصار المسلمين على الروم ،بعد أن وصف انتصارهم على الفرس،فلماذا يتناسى الحداد هذا الفرض الثالث ، ولم يخضعه للنقاش؟



    بقيت قراءتان :
    وقراءة غلبت على الضم.
    قراءة غلبت على الفتح .

    القراءة الأولى هي القراءة المعتمدة. وبالتالي يكون المعنى الغيبي متحققا في الآية.
    وهذا هو المعنى المتبنى من قبل الجمهور ، وهو ما يصطدم به الحداد ، وما يورده زميلي القلم الحر حيث يقول :

    وقد تكون القراءة على المجهول ، أى انتصار الروم على الفرس بعد هزيمة الروم ، هى الفضلى ، فى شبه اجماع . لكن على هذه الحال ، ليس فى الخبرمعنى النبوءة الغيبية ، " لأنها نزلت يوم غلبهم ، يوم بدر "
    وأرى هذا قلب لمعنى الآية يتعارض مع ما استقر عليه القول المجمع عليه في سبب النزول ورهان أبي بكر ، وهو الأمر الذي يوافقه موافقة تامة تعبير"بضع سنين" الوارد في الآية. وهو قلب لا يسنده اعتماد أسباب النزول للسيوطي ، فمعلوم أن الأمام السيوطي رحمه الله مشهور بتقصي كل ما قيل وإيراده ، حتى ولو كان قولا مرجوحا ، حتى دفعه بعضهم إلى نعته بكونه "حاطب ليل" ، وإن كان هذا النعت ليس عدلا في حقه.
    ثم لا أرى داعيا لعدم الآخذ بالرأي المجمع عليه في تحديد سبب النزول ، وهو الخبر الذي يعترف زميلي القلم الحر بكونه شبه إجماع ، حيث قال :
    وقد تكون القراءة على المجهول ، أى انتصار الروم على الفرس بعد هزيمة الروم ، هى الفضلى ، فى شبه اجماع .
    قلت لا داعي لعدم الأخذ به ، ولكن لن أقف عند مجرد حجة شبه إجماع العلماء على سبب النزول ،بل لندقق في شأن هذا الخبر وفق حوادث التاريخ :
    لذا دعنا نراجع أحداث التاريخ بدقة وحساب .
    جاء خبر انتصار الروم في بدر .
    في كتب السير نجد أن في غزوة بدر وصل خبر انتصار الروم . ومعلوم أن غزوة بدر وقعت في 622ميلادي.لننقص منها بضع سنين ، أي تسع سنوات.
    سنحصل على حوالي سنة 614.
    إذن ينبغي أن نبحث في التاريخ الروماني عن أحداث توافق هذه السنوات.
    فماذا نجد؟
    سنلاحظ أن المعارك بين الروم والفرس اشتدت خلال هذه الفترة ،فقد كان أبرويز قد قاد حملة فارسية منذ 611 توجت بانتصار كاسح على الروم في أنطاكية سنة 614. وأرى أن فتح أنطاكية سنة 614 هي الخبر الذي وصل مكة ، وأحزن الرسول وأفرح المشركين.ودفع أبي بكر إلى الرهان.
    لو أضفنا تسع سنوات على انتصار الفرس على الروم في أنطاكية سنحصل بالضبط على سنة 622 الموافقة لانتصار المسلمين في بدر ، وهكذا يكون الخبر المجمع عليه في سبب النزول وقراءة السورة بالضم "غلبت الروم " مع بضع سنين ( تسع سنوات ) متوافقا بشكل مطابق وتام مع أحداث التاريخ .


    ثم هناك أمر آخر .ما الذي يجعل محمد - صلى الله عليه وسلم - يتحدث بهذا اليقين عن انتصار الروم على الفرس ؟ ما الذي يجعله يتنبأ بنتيجة معركة لم تحدث بعد ، بل معركة في بضع سنوات ، ويقول بنتيجتها قولا يضيفه إلى القرآن وليس إلى مجرد حديث!!!
    لا ريب عندي أن القول ليس من نسجه بل هو وحي.
    ثم لو رجع القارئ إلى نصوص التاريخ سيرى عجبا ، فالتنبؤ بانتصار الروم على الفرس ،ليس له بمقاييس الحساب المادي أي دعامة. فمن خلال التاريخ فسنة 614 هي بداية اكتساح رهيب للفرس على الروم ، وطيلة تسع سنوات لم تكن الروم تقف في وجه الجيوش الفارسية ،بل كانت المدن تتوالى ساقطة واحدة تلو أخرى ، وكان أبرويز يحرق الكنائس ويذبح الآلاف حتى يروى أنه في القدس وحدها قتل أبرويز تسعين ألفا من المسيحيين ،ثم انتزع منها أقدس رمز ديني عند الروم وهو " الصليب الحق " وأرسله إلى فارس علامة على الأذلال المطلق للروم.
    ولو نظرت إلى السنوات التالية لهزيمة الروم في أنطاكية سترى أنها كلها سنوات هزائم للروم ، دون أدنى بصيص أمل في الأنتصار مجددا ففي سنة 616 سيتزع الفرس الأسكندرية ، ثم لم ينته عام 619 - أي قبل أربع سنوات من المهلة التي حددها القرآن لحدوث رد فعل روماني وتحقق الأنتصار !!!- حتى كان الفرس قد بسطوا نفوذهم على كل مصر ، وهو انتصار تاريخي لم يحققه الفرس منذ أيام دارا الثاني !!!
    وخلال كل هذه الفترة كان هرقل كما تحكي مختلف كتب التاريخ الموثوقة ، ومنها كتب أجنبية محايدة غارقا في اللهو والخمر ومعاقرة النساء . إلى درجة أنني قرأت منذ سنوات عن حياة هرقل ،فوجدت مؤرخين متعددين يتحدثون باستغراب عما سموه باليقظة المفاجأة لهرقل !!! فمن رجل مخمور تتناهى إلى سمعه أخبار الهزائم المتتالية فلا يحرك ساكنا ، وتتساقط المدن واحدة تلو الأخرى ولا يحرك ساكنا ،بل يزيد في غيه ، ثم فجأة ينقلب إلى شخص آخر ، فيهجر ليالي الملذات ويركب الفرس ويمتشق السلاح. لكن بعد أن فقد مدنا وثروات ضخمة ،حتى أنه لما أراد أن يهيئ جيشه لرد العدوان لم يجد المال فاضطر إلى أن يقترض من الكنيسة!!
    ثم في المقابل أيضا حدثت ظاهرة مماثلة لكنها معكوسة ،إذ نجد أبرويز يتوقف فجأة عن القيادة ، وينغمس في اللهو على نحو مفرط ، حيث سيعتزل في قصر بدستجرد لينغمس في الملذات ،حتى كان شغله الشاغل هو تحفيز النحاتين على نحت مثال لشيرين أجمل زوجاته التي بلغ عددهن ثلاثة آلاف!!
    لست أفسر التاريخ بالأشخاص ،إنما ألفت الأنتباه بأنه لم يكن بمقدور حتى مراصد الدراسات الأستراتيجية المستقبلية لو وجدت في تلك اللحظة التاريخية أن تتحدث عن إمكانية نهوض الروم وانتصارها بعد كل ما حصل .
    لكن القرآن تحدث عن ذلك وتحققت نبوئته ،فكان أول انتصار للروم من بعد هزائمهم المتتالية بعد تسع سنوات بالضبط من هزيمتهم في أنطاكية.



    التعديل الأخير تم 01-11-2005 الساعة 04:10 PM
    اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
    ـــــــــــــــ

  5. #50

    افتراضي

    بقيت مسألة الصرفة ،فلا داعي لأن أبسط القول فيها فقد نوقشت في موضوع داخل هذا المنتدى ، كما أن تهافت القول بالصرفة كتب في شأنه الكثير ويكفي أن أشير هنا إلى أن مصدر هذه النظرية يعود إلى الفلسفة الهندية وتعليلها للفيدا ، ويبدو أنه تناقل إلى المعتزلي _النظام - فقال به في تفسير إعجاز القرآن ، ويكفي بيانا لاهتزاز هذا القول أن الجاحظ ( تلميذ النظام) نقض قوله ورد عليه.
    كما بقيت فكرة ثالثة لم أتناولها بالتعقيب لأنها لن تقدم كثيرا في موضوعنا سواء إثباتا أو نفيا.
    لذا ليتفضل زميلي مشكورا لإبداء وجهة نظره فيما سبق.
    اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
    ـــــــــــــــ

  6. #51

    افتراضي

    تناول الاخ العزيز حاتم فى تعقيباته الاخيرة اربع مسائل :

    1- الثراء اللغوى فى القران ,و مسالة التكرار .
    2-اختلاف اسلوب القران عن اسلوب الاحاديث النبوية .
    3-التحدى القرانى .
    4- النبوءات القرانية .

    و سوف اناقش تباعا تلك النقاط الاربعة .

  7. #52

    افتراضي

    اولا- الثراء اللغوى فى القران :

    ذكر الاخ الفاضل ان القران استعمل اكثر من ثلث الجذور الثلاثية فى اللغة العربية , بل قرر بعد ذلك ان القران استعمل ثلث الكلمات العربية :
    فأي أديب مهما بلغ ثراؤه اللغوي واقتداره في التعبير لن يستخدم في الغالب أكثر من 5% من أصول كلمات اللغة ولو كتب كما سبق أن قلت آلاف المجلدات، فما معنى أن يستعمل النص القرآني أكثر من ثلث الكلمات العربية ؟
    و لا زلت ارى ان هذا لا يدل على ان القران ليس من تاليف محمد , فهو كما يعتقد كافة المسلمين افصح من نطق بالضاد ,و الثراء اللغوى يحتاج انجازه الى احاطة بالالفاظ العربية ,و قدرة على توظيفها فى عبارات ,و هذا متوفر بالتاكيد فى افصح من نطق بالضاد سيما و نحن نتحدث عن كتاب تم تاليفه فى اكثر من عشرين عاما و يحتوى على اكثر من 77 الف كلمة .

    لكن الاهم من ذلك ان الاحصائية التى ذكرها الاخ الكريم فيها نظر :
    كتب :
    وهنا أستحضر إحصاء معجميا لألفاظ القرآن للدكتور علي حلمي موسى حيث قام بتجربة حسابية رقمية على جذور الألفاظ القرآنية.وقارن من الجذور للألفاظ الواردة في نص القرآن مع جذور الكلمات الواردة في أكبر وأوسع معاجم اللغة العربية الثلاثة: أي "تاج العروس" للزبيدي و"لسان العرب" لابن منظور و"الصحاح" للجوهري ..فلننظر إلى نتيجة المقارنة:
    1. كلمات القرآن التي لها جذور بلغت كأسماء وأفعال ( 51899 ( كلمة
    2. كلمات القرآن التي استمدت من جذر غير ثلاثي ( بعض منها مُعرّب ) مثل برزخ وخردل وسلسبيل عددها ( 167 ) لفظا.
    فانتهى إلى أن نسبة الكلمات القرآنية التي لها جذر ثلاثي = 98 %.

    3- عدد الجذور الثلاثية للألفاظ القرآنية التي بدأت بالهمزة هو ( 76 ) جذرا وعددها في الصحاح للجوهري (187). بمعنى أن النص القرآن على وجازته استخدم 40% من جذور الألفاظ المبدوءة بالهمزة.
    5. مجموع الجذور الثلاثية للألفاظ القرآنية هو ( 1640 ) وبالمقارنة نجد أن مجموع الجذور الثلاثية في الصحاح للجوهري هو (4814). بمعنى أن القرآن استخدم 34%.
    وتأسيسا على ما سبق يتبين أن القرآن الكريم استعمل أكثر من ثلث الجذور الثلاثية للألفاظ العربية .

    (أنظر إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني للدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي ص332 ، دار عمار – الأردن طبعة: 2004م.
    اى انه وفقا لهذه الاحصائية قد استعمل القران (1640) جذرا ثلاثيا من مجموع (4814) جذر فى الصحاح للجوهرى اى بنسبة : 34%
    لكن طالعت من قبل احصائية للدكتور عبد الصبور شاهين فى كتابه " حديث عن القران " /82-83, و هى احصائية لجذور مفردات اللغة فى القران و فى " تاج العروس " باستخدام الكومبيوتر ,و حاصلها :
    الجذور الثلاثية فى تاج العروس = 7597
    و الجذور الثلاثية فى القران = 1616

    اى ان القران لم يستعمل اكثر من ثلث الجذور الثلاثية بل لقد اهدر اربعة اخماس الجذور الثلاثية فى اللغة !

    -------------------------------------
    الجذور الرباعية فى تاج العروس = 4081
    الجذور الرباعية فى القران = 47

    اى ان القران لم يستعمل الا 1.16%فقط من الجذور الرباعية و اهدر اكثر من 98%منها .

    ---------------------------------------


    الجذور الخماسية فى تاج العروس = 300
    الجذور الخماسية فى القران = 1
    اى ان القران لم يستعمل الا جذر خماسى واحد من مجموع 300 جذر


    ------------
    مجموع الجذور فى تاج العروس = 11978
    مجموعها فى القران = 1662

    اى بنسبة 13.87% فقط


    فالقران اهدر اربعة اخماس الجذور الثلاثية ,و اكثر من 85% من جذور اللغة بعامة .

    فاين الثراء اللغوى المذهل الذى لم يجد الاخ الكريم تفسيرا له الا بالقول بان القران يستحيل ان يكون بشريا ؟!



    على ان الاخ الفاضل لم يثبت اصلا تفرد القران بهذا الثراء اللغوى ,و لم يقدم دليلا على ان" اى أديب مهما بلغ ثراؤه اللغوي واقتداره في التعبير لن يستخدم في الغالب أكثر من 5% من أصول كلمات اللغة ولو كتب آلاف المجلدات"
    و قد طالبنى بدليل على حصول نحو هذا الثراء فى نهج البلاغة مع انه لم يقدم دليلا على جزمه بان النهج ليس فيه مثل هذا المقدار الغريب من الأكتناز للغة وجذورها .


    اما مسالة التكرار فى القران , فقد ذكرنا امثلة محددة لهذا التكرار الذى اعتقد انه يتنافى مع الاعجاز البلاغى , و اترك للقارىء الحكم فى ما قاله الاخ الفاضل عن " إن تكرار الموضوعات والقصص في القرآن ليس تكرارا بمعناه المعلوم ،بل في كل سورة تأتي قصة ذلك النبي إما بزيادة أو بدلالة تجعلها منسجمة مع سياقها الذي وردت فيه ، والذي يختلف عن السياق الدلالي في موضعها في سورة أخرى "



    اخيرا لم يعقب الاخ الفاضل على مسالة ورود الفاظ اعجمية فى القران لها بديل فى اللغة العربية , و هى تتنافى فى نظرى مع الثراء اللغوى بل تتنافى مع الفصاحة العربية .

  8. #53

    افتراضي

    ثانيا- اختلاف اسلوب القران عن اسلوب الاحاديث النبوية :

    الطريف فى المسالة ان الامام السيوطى نقل خلافا بين المسلمين فى مسالة نزول القران : هل نزل بالمعنى فقط ,ام بالمعنى و اللفظ ؟! و ذكر فى المسالة ثلاثة اقوال :
    "(احدها) انه باللفظ و المعنى و ان جبريل حفظ القران من اللوح المحفوظ و نزل به .
    و ذكر بعضهم ان احرف القران فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف , و ان تحت كل حرف منها معانى لا يحيط بها الله .

    (و الثانى ) ان جبريل انما نزل بالمعانى خاصة , و انه صلى الله عليه و سلم علم تلك المعانى و عبر عنها بلغة العرب
    و تمسك قائل هذا بظاهر قوله تعالى ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ ) الشعراء :193-194

    (الثالث )ان جبريل القى اليه المعنى و انه عبر بهذه الالفاظ بلغة العرب "

    "الاتقان فى علوم القران " 1/44-45

    فعلى القول بان القران نزل بالمعنى فقط ثم عبر النبى عن هذا المعنى بالفاظ من انشائه فلا وجه لهذا الاشكال اذن ,و يكون السبب فى اختلاف اسلوب محمد فى القران عن اسلوبه فى الاحاديث حرصه على تميز القران عن غيره حتى لا يظن ان احاديثه الاخرى من القران

    و قد وقع ذلك بالفعل , فقد ظن الصحابى الجليل ابى بن كعب ان بعض ادعية النبى سور قرانية , للتماثل بينهما فى الاسلوب !

    - سورة الخلع :


    " اَللّهُمّ إِنّا نَسْتَعِيْنُك وَنَسْتَغْفِرُكَ (1)ونُثْنِيْ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ ولا نَكْفُرُك (2) ونَخْلَعُ ونـَــتـْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك(3)"

    - سورة الحفد:


    " اَللّهُمّ إيّاكَ نَعْبُدُ (1)ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ(2) وَإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ(3) نَرْجُوْ رَحْمَتَكْ ونَخْشَى عَذَابَكَ اَلْجَد(4) إِن عَذَاْبَكَ بِالكُفّاْرِ مُلْحِقٌ (5) "





    و بالمناسبة هاهما سورتان " من مثله " وفقا للراى القائل بان المقصود بالتحدى القرانى التحدى بالنظم و الفصاحة .

    و ظن فى المقابل الصحابى الجليل ابن مسعود ان المعوذتين من كلام النبى غير القران ..

    و هناك تعليل اخر لاختلاف اسلوب القران عن اسلوب الاحاديث و هو التعليل الذى يتبادر الى ذهن اى منكر لنبوة محمد :
    انه منطقى ان يتجنب محمد استعمال اسلوب القران المميز فى كلامه حتى يوهم الناس ان القران ليس من تاليفه , بدليل ان اسلوبه فى الحديث يختلف عن اسلوب القران .



    على ان كثيرا من الاحاديث الصحيحة فضلا عن الضعيفة رويت بالمعنى , يقول الرافعى :
    "ليس كل ما يروى على انه حديث يكون من كلام النبى بالفاظه و عبارته , بل من الاحاديث ما يروى بالمعنى فتكون الفاظه او بعضها لمن اسندت اليه فى النقل .
    و لجواز الرواية بالمعنى لم يستشهد سيبويه و ائمة المصرين - اى البصرة و الكوفة - على النحو و اللغة بالحديث ,و اعتمدوا فى ذلك على القران و صريح النقل عن العرب "
    اعجاز القران /367


    كتب الاخ الفاضل :
    بالنسبة لاختلاف أسلوب الأدباء عندما يقولون الشعر عن أسلوبهم عندما يعبرون نثريا ،فهذا واضح ولا مراء فيه. لكن كلامنا هنا عن النص القرآني ، فالقرآن ليس شعرا موزونا ومقفى ، بل هو إذا أردنا أن نشبهه أهو أقرب إلى النثر أم إلى الشعر ،فسنجد أنه أقرب إلى أسلوب النثر ونظامه.
    بل ارى انه اقرب الى الشعر منه الى النثر , فهو موزون على نظم متقارب، ينتهى بقوافٍ متقاربة. اى قائم على الوزن المرسل والفاصلة , و النظم القرانى كما يرى كثير من العلماء لون ادبى خاص ليس شعرا و ليس نثرا
    و على اى حال قد ذكرنا تفسيرين لاختلاف اسلوب القران عن اسلوب الاحاديث .
    فليس التفسير الوحيد ان مصدر القران غير مصدر الاحاديث !
    فهى حجة غير قوية فى نظرى و قد احتج بها من قبل الدكتور محمد عبد الله دراز فى كتابه القيم " النبا العظيم "/98-99
    و الذى احتج فيه ايضا بمسالة حادثة الافك .
    التعديل الأخير تم 01-11-2005 الساعة 10:30 PM

  9. #54

    افتراضي

    ثالثا - التحدى القرانى :


    وافقنى الاخ الكريم فى ان التحدى القرانى بالهدى لا بالنظم :

    رأيي الشخصي الذي أكرره مرة أخرى أن حقيقة الأعجاز لا تكمن في اللغة ، أي لا تكمن في الأسلوب القرآني. فالأسلوب القرآني هو أسلوب جميل بديع من الناحية البلاغية ، لا شك في ذلك ، لكن إعجازه أكبر من جمال أسلوبه. أقصد أن فيه إعجازا فكريا أو دلاليا ، حيث أجد فيه شخصيا من الناحية الفكرية أكبر مما يمكن لعقل بشري أن يبلغه. وقد نبه إلى هذا القرآن في أول آيات التحدي ،حيث لم يتحداهم بالأتيان بأسلوب يقارب الأسلوب القرآني ،بل تحداهم بأن يأتوا بهدى مثل الهدى القرآني أو أفضل منه.وهي الآية التي جئت بها في قولك :
    "قل فأتوا بكتاب من عند الله هوأهدى منهما أتّبعْه إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لك فاعلمْ أنّما يتّبعون أهواءَهم "
    وهذا الهدى هو ما سأبرهن لك أنه موجود في كل سورة بالتصريح أو بالتضمين ، ومن ثم تصبح آيات التحدي الأخرى منتظمة في ذات السياق.
    و الواقع ان قوله :" قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 49 فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ "يتضمن قرينة واضحة على ان القران انما يتحدى بهديه لا بنظمه ,
    و اعتقد ان حكاية التحدى بالنظم و الاعجاز البيانى راى ابتدعه المعتزلة فى القرن الثالث و تابعهم عليه سائر المسلمين ,و لم يتحدث احد من الصحابة او التابعين عن هذا الاعجاز البيانى و ذلك التحدى بالنظم الذى جعله المعتزلة الدليل الرئيس على نبوة محمد .
    و قد نقل الطبرى اقوال السلف من قبله فى تفسير اية التحدى بسورة البقرة :23 ,فما ورد فيها اى اشارة الى التحدى بالنظم و الفصاحة :
    "اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: { فأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ } .
    حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: { فأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ } يعنـي من مثل هذا القرآن حقّاً وصدقاً لا بـاطل فـيه ولا كذب.
    وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: { فأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ } يقول: بسورة مثل هذا القرآن.
    وحدثنـي مـحمد ابن عمرو البـاهلـي، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميـمون، عن عبد الله بن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { فأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ } مثل القرآن.
    وحدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد مثله.
    وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: { فأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ } قال: مثله، مثل القرآن. "

    فتامل قول قتادة :"يعنـي من مثل هذا القرآن حقّاً وصدقاً لا بـاطل فـيه ولا كذب."


    و مما يشهد فى نظرى ايضا على ان التحدى ليس بالنظم مسالة نزول القران على سبعة احرف .
    يقول الشيخ مناع القطان فى كتابه " نزول القران على سبعة احرف "/72-73:
    "الراجح من هذه الاراء جميعها هو الراى الاول اى ان المراد بالاحرف السبعة سبع من لغات العرب فى المعنى الواحد نحو : اقبل و تعالى و هلم و عجل و اسرع , فهى الفاظ مختلفة لمعنى واحد .
    و هذا هو الراى الذى ذهب اليه سفيان بن عيينة و ابن جرير و ابن وهب و غيرهم و نسبه ابن عبد البر لاكثر العلماء كما سبق
    و يدل عليه ما جاء فى حديث ابى بكرة ان جبريل قال : يا محمد اقرا القران على حرف فقال ميكائيل : استزده فقال على حرفين .. حتى بلغ ستة او سبعة احرف . فقال : كلها شاف كاف ما لم يختم اية عذاب باية رحمة , او اية رحمة باية عذاب " انتهى .

    فهذا يدل على ان النبى لم يكن يعطى للفظ القرانى تلك الاهمية فضلا ان يجعل اثبات نبوته متوقفا على الاعجاز اللفظى ,بل كان المهم عنده المعنى لا اللفظ .
    و قد ثار العلامة الشيعى الخوئى على هذا الراى و قال كما فى كتابه " البيان "/180-181:"ان كان المراد من هذا الوجه ان النبى قد جوز تبديل كلمات القران بكلمات اخرى تقاربها فى المعنى و يشهد لهذا بعض الروايات المتقدمة , فهذا الاحتمال يوجب هدم اساس القران و المعجزة الابدية و الحجة على جميع البشر "
    و نقل عن جعفر الصادق قوله :" كذبوا اعداء الله و لكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد "
    لكن الذين نقلوا ذلك ليسوا اعداءا لله و لا للقران بل هم اكثر من عشرين صحابى كما ذكر السيوطى فى الاتقان !
    كتب الاخ الفاضل :
    أنا أرى أنه بلغها هذا التحدي ، بدليل أن نص القرآن يعلن التحدي ، ثم لدينا نصوصا حاولت معارضة القرآن. وهي ذات النصوص التي قلت أنت أن المسلمين حرصوا على نقلها لضعفها وتبيانا لعجز العرب .فاعترافك بأن هذه النصوص وجدت لتحاكي القرآن، تأكيد على أن التحدي بلغ العرب وحاولوا معارضته.
    و انا لا اعلم ان كان التحدى بلغ قريشا ام لا , لكن اعتقد انه لو بلغهم فالاحتمال القوى انهم فهموا ان التحدى بالهدى لا بالنظم .
    و لم اقر بثبوت النصوص المذكورة عن مسليمة بل رايى الشخصى انها لا تصح عنه فقد نقلها اعداؤه و التهمة هنا اقوى منها فى شان ما نسب لقس بن ساعدة ..



    و بالنسبة لسورة " الكافرون " فانا لم اقل انها غير بليغة , بل ما قلته هو انها ليست فى قمة البلاغة .

    كتب الاخ حاتم :
    لكن اعتراضك الثاني وجيه حيث قلت :..ورغم أنني لست مقتنعا به فهو اعتراض وجيه ، فلا مانع عقلا بالنسبة للمشكك في نبوة محمد من أن يقول لنا إن التاريخ كتبه المسلمون وهم أعقل من أن ينقلوا من النصوص ما تحققت فيها معارضة القرآن.
    و هذا دليل على انصاف الاخ حاتم الذى يشرفنى الحوار معه .
    التعديل الأخير تم 01-11-2005 الساعة 11:13 PM

  10. #55

    افتراضي

    اشكال هام :

    قبل ان ندخل فى صلب مسالة اعجاز القران ,هناك اشكال مهم حيرنى كثيرا ..

    لماذا لم يصرح القران بانه معجز قبل نزول سورة الاسراء ؟!و لماذا لم يحتج النبى باعجاز القران فى رده على مطالبات قومه له باية و معجزة ؟!

    1- " وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ "الانعام :37

    لماذا لم يجبهم بان الله قد انزل اية بالفعل و هى القران ؟!!

    2- "وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ "الانعام :109


    3- "وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ " يونس:20

    لماذا ينتظروا , الم ينزل القران و هو معجزته الكبرى ؟!

    4-"الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" الرعد :7

    5-"وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ "الرعد :27
    هل هذا رد منطقى على مطالبتهم له بمعجزة تثبت نبوته ؟!


    لماذا لم يجبهم فى هذه الايات بان معجزته القران ؟


    و حتى عندما ذكر القران فى ردود اخرى لم يصرح بانه معجز:
    - "وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى "طه :133
    فغاية ما ذكره ان القران حجة الصحف الاولى او فيه بيان ما فى تلك الصحف ,و لم يصرح بان القران اية و معجزة .
    -"وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ 50 أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "

    فغاية ما ذكره ان القران فيه رحمة و ذكرى و لم يقل ان فيه اعجاز, بل قال ان الايات عند الله !

    ان القران لم يصرح بانه معجز الا فى سورة الاسراء :"لا ياتون بمثله " و قد روى انها مدنية , و فى سورة البقرة المدنية :"و لن تفعلوا "

    فلماذا لم يصرح بانه معجز قبل ذلك ؟!

  11. #56

    افتراضي

    ان القران لم يصرح بانه معجز الا فى سورة الاسراء :"لا ياتون بمثله " و قد روى انها مدنية , و فى سورة البقرة المدنية :"و لن تفعلوا "
    اعنى ان اية "لا ياتون بمثله " روى انها مدنية كما فى تفسير الطبرى و ابن كثير ,والرواية من طريق محمد مولى زيد بن ثابت و قد وثقه ابن حبان و قال الذهبى فى الميزان :لا يعرف ,اما سورة الاسراء فمكية و السور المكية قد تضم ايات مدنية .
    و المقصود ان القران لم يصرح بانه معجز قبل سورة الاسراء اى بعد نزول نحو 50 سورة , فهل لم يكن محمد يعلم ان القران معجز بل معجزته الكبرى الا بعد نزول 50 سورة منه ؟! , و لماذا لم يحتج و يصرح باعجاز القران كما سبق فى جوابه لمطالبات قومه المتكررة له بالاتيان باية تثبت نبوته ؟!



    "يتبع "
    التعديل الأخير تم 01-12-2005 الساعة 03:03 PM

  12. #57

    افتراضي

    رابعا - النبوءات القرانية :

    1- "لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ":

    كتب الاخ الفاضل :
    إن الحداد وضع لمعنى ظهور الدين على غيره مدلولا لم يقل به حتى محمد نفسه، وهو زوال غيره من الأديان.
    فإلى اليوم لم يتغلب الاسلام على المسيحية ، و لا على الهندوكية ، و لا على البوذية .
    وهذا استلزام فاسد.
    إن النبوءة قد تحققت ، وبين يدينا معطيات التاريخ:
    ألم ينتصر الأسلام في ظرف أقل من مئة عام على المسيحية(الروم) والفرس ، ويصل إلى الأندلس (92هجري) ؟ أليس هذا إظهار للأسلام وانتصار له؟
    أليس خطاب محمد لعرب مشتتين في قبائل ضعيفة وإخبارهم بأنهم سينتصرون على كسرى والروم نوع من الهبل بمقاييس المادة وقوانين الأجتماع؟
    لكن ألم يتحقق هذا الغيب ؟
    أجل تحقق!
    تفسير الظهور علي الدين كله بزوال سائر الاديان و دخول اتباعها فى الاسلام ليس تفسيرا للحداد بل هو ما عليه اكثر المفسرين المسلمين
    قال ابو الثناء الالوسى فى تفسير اية التوبة:33 :
    "وأكثر المفسرين على الاحتمال الثاني قالوا: وذلك عند نزول عيسى عليه السلام فإنه حينئذٍ لا يبقى دين سوى دين الإسلام،"


    و قال الطبرى فى تفسير اية التوبة :
    "وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: { لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ } فقال بعضهم: ذلك عند خروج عيسى حين تصير الملل كلها واحدة. ذكر من قال ذلك:

    حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا شقيق، قال: ثني ثابت الحداد أبو المقدام، عن شيخ، عن أبي هريرة في قوله: { لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ } قال: حين خروج عيسىَ ابن مريم.

    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن فضيل بن مرزوق، قال: ثني من سمع أبا جعفر: { لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ } قال: إذا خرج عيسى عليه السلام اتبعه أهل كل دين.

    .
    "

    و قال فى تفسير الصف :9:
    "وقوله: { لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّه } يقول: ليظهر دينه الحقّ الذي أرسل به رسوله على كلّ دين سواه، وذلك عند نزول عيسى ابن مريم، وحين تصير الملة واحدة، فلا يكون دين غير الإسلام، "

    و لو فسرنا الظهور على الدين كله بمعنى انتصار المسلمين على اتباع جميع الاديان الاخرى فهذا لم يتحقق الى الان .فلم ينتصر المسلمون على البوذية مثلا .
    و الاية تحتمل معانى اخرى :ان المراد اظهار دين الحق على سائر الأديان بنسخه إياها حسبما تقتضيه الحكمة. كما ذكر الالوسى
    و تحتمل معنى اخر ذكره الالوسى ايضا و هو أن الضمير للرسول وأل للعهد أي ليعلمه شرائع الدين كلها ويظهره عليها حتى لا يخفى عليه شيء منها
    و قال الطبرى :"وقال آخرون: معنى ذلك: ليعلمه شرائع الدين كلها فيطلعه عليها. ذكر من قال ذلك:
    حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ } قال: ليظهر الله نبيه على أمر الدين كله، فيعطيه إياه كله، ولا يخفى عليه منه شيء. وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك."



    2-ابو لهب !


    كتب الاخ حاتم :
    اعتباره وعيدا لا خبرا لا يغير من الأمر شيء ،بعد أن مات أبو لهب وهو على الكفر والمناهضة للأسلام ومن ثم تحقق الوعيد وأصبح نبوءة على فرض اعتباره وعيدا في البداية.
    كيف لا يغير من الامر شىء ؟ النبوءة ما هى الا خبر فنفى ان تكون الاية خبر نفى لكونها نبوءة .

    مسألة الحكم عليه بالنار هي من باب علم الله الأزلي . وليس من باب إلزامه بالكفر. وفي هذا يدخل موضوع القضاء والقدر ، وهو موضوع يمكن أن يبحث خارج سياق مناقشة نبوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -

    ما قصدته ان تفسير الاية بانها نبوءة يستلزم ان يكون ابو لهب مكلفا بما لا يطاق و هو باطل . فهو مكلف بالايمان بالنبى و القران , و القران حسب التفسير المذكور ينص على ان ابا لهب من اهل النار اى لن يؤمن , فهو بالتالى مكلف ان يؤمن بانه لن يؤمن ! و هذا تكليف بما لا يطاق و قد احتج ابو حامد الغزالى فى الاحياء بذلك على جواز التكليف بما لا يطاق .
    التعديل الأخير تم 01-12-2005 الساعة 08:58 PM

  13. #58

    افتراضي

    3- نبوءة الروم :


    كتب الاخ حاتم :

    هنا نسي الحداد أن يعقب على هذه النظرية حيث لو قرأت الآية بال يقع الحداد من جديد في أمر مؤكد وهو أن القرآن أخبر بأمر غيبي تحقق وهو انتصار المسلمين على الروم ،بعد أن وصف انتصارهم على الفرس،فلماذا يتناسى الحداد هذا الفرض الثالث ، ولم يخضعه للنقاش؟
    الواقع ان هذا الفرض الثالث مجرد تلفيق فى نظرى ,فقد وجدوا ان الاية على قراءة "غلبت "- بفتح الغين و اللام - معناها ان الروم انتصروا و سوف ينتصرون نصرا اخر فى بضع سنين !! و هو كما ترى .. لذا قالوا انه على من ياخذ بتلك القراءة ان يقرا قوله "سيغلبون "بضم الياء و فتح اللام اى سيهزمون من المسلمين , مع ان هزيمتهم من المسلمين كانت بعد معركة بدر باكثر من تسع سنين ..
    على اى حال سافترض ان القراءة الصحيحة هى "غلبت " بضم الغين اى هزمت الروم و سوف ينتصرون فى بضع سنين , الاشكال فى نظرى هو انه اذا كان المراد التنبؤ بانتصار الروم فى " ادنى الارض " التى هزموا فيها , فهذا النصر لم يتحقق فى بضع سنين بل بعد 14 عاما
    فقد هزم الروم فى ادنى الارض - الشام - عام 614 و انتصروا فيها عام 628
    و قد اختلف اهل النقل فى العام الذى بلغ المسلمين فيه خبر انتصار الروم , فقيل انه عام بدر و قيل انه عام الحديبية
    وعام بدر يوافق عام 624 م و ليس 622 كما ذكر الاخ حاتم , و عام الحديبية يوافق عام 628 م و هو عام انتصار الروم فى ادنى الارض الذى تحقق بعد هزيمتهم فيها ب14 عاما لا فى بضع سنين .
    و عام 624 - عام بدر - لم يتحقق فيه انتصار مميز بل حقق الروم سلسلة من الانتصارات الجزئية بدءا من عام 622
    اذن افضل ما يقال فى امر تلك النبوءة انها تنبات بتحقيق الروم انتصارا جزئيا و ليس فى ادنى الارض التى هزموا فيها , لكن تحقيق الروم لمثل هذا النصر الجزئى فى فترة تسع سنوات هو امر متوقع جدا فى نظرى .


    على اى حال اعتبر هذه النبوءة شاهدا ظنيا على نبوة محمد , لكنها ليست حجة قاطعة , و كما تفضل الاخ حاتم من قبل فهو لا يقدم فيما سبق حجج قاطعة تثبت نبوة محمد , بل كما قال :
    لم أقدم فيما سبق برهانا إنما كما أسلفت بالقول في أولى مداخلتي إن ما أقدمه خلال هذه الفترة من حوارنا هو محاولة للتفكير في فرضيةكون القرآن من تأليف محمد ، وسأعترض على هذه الفرضية باعتراضات تساعدنا في اختبارها لنرى هل لهذه الفرضية مصداقية وقوة استدلالية ، أم لا .

    و تحياتى للجميع .
    التعديل الأخير تم 01-12-2005 الساعة 09:25 PM

  14. #59

    افتراضي

    كتب الزميل القلم الحر في خاتمة أول تعقيبه

    اخيرا لم يعقب الاخ الفاضل على مسالة ورود الفاظ اعجمية فى القران لها بديل فى اللغة العربية , و هى تتنافى فى نظرى مع الثراء اللغوى بل تتنافى مع الفصاحة العربية .
    وقبل أن أتناول تعقيباته الأخيرة واحدة تلو أخرى ،لابد في البداية من أن أجيبه على ما لم أجبه عليه،أي مسألة استعمال ألفاظ أجنبية في القرآن الكريم. ولكن السبب الذي دفعني إلى إهمالها في جوابي ، هو أنني لم أر فيها اعتراضا قويا يدحض الأطروحة التي أدافع عنها:

    فقد قلت بثراء القرآن من حيث الجذور الثلاثية العربية ،حيث أثبت الأحصاء الحسابي أنه استعمل منها ثلثها !!! وهذا بشهادة علماء اللغة أمر غريب في القرآن ،فليس ثمة كتاب له هذه القدرة على اكتناز هذا الثراء اللغوي.
    وقد استحضرت إحصائيات من مرجع أحلت عليه بالصفحة.
    فماذا كان تعقيب زميلي :
    أراه عقب في مداخلاته الأخيرة بأفكار سآتي إلى نقدها ،لكنه ختم بتذكيري بأنني لم أجبه عن وجود ألفاظ أجنبية في القرآن. وهو يحسب أن وجود هذه الألفاظ هو ما ساعد القرآن على احتماله لهذه الثروة اللغوية من الجذور الثلاثية !
    لكن هذا ظن خاطئ ، ولم أتكلف الوقوف لنقده. ولو كنت أحب اللجاجة في النقاش لوقفت عنده ورددت عليه.
    إنما لا بأس الآن بعد أن ذكر زميلي به أن نتوقف عنده.
    وأتسائل هل يصلح استعمال الألفاظ الأجنبية نقضا لثراء القرآن من حيث الجذور الثلاثية ؟
    لا أبدا ، وذلك لسببين واضحين:
    أولهما أن الألفاظ الأجنبية – أي من غير اللغة العربية - المزعوم ورودها في القرآن هي أصلا قليلة العدد ، ومثالها كلمة اليم بالسريانية ، والفوم بالعبرية ، وياقوت بالفارسية ، ويحور (يرجع ) بالحبشية...
    فهل هذا العدد القليل هو ما يمنح القرآن ثراءه اللغوي ؟؟؟!!!!!
    والسبب الثاني أننا اعتمدنا إحصائية تتعلق بالجذور الثلاثية ، ومعلوم أن الألفاظ المزعوم أنها مستعارة من اللغات الأجنبية ليست كلها من صنف الجذر الثلاثي!!
    ومن هنا إذا كان عدد الألفاظ الأجنبية قليل فإنه يسقط من هذا القليل كل ما لا ينتمي إلى الجذر الثلاثي أثناء عملية العد والحساب.
    وانظر عندئذ ماذا يتبقى لتعليل سبب ثراء القرآن ؟!!
    فكيف إذن يكون الأحتجاج على ثراء القرآن من الجذور الثلاثية بكونه استعمل ألفاظا أجنبية؟؟؟؟ هل هذه الألفاظ هي من الكثرة بحيث تفسر ما سبق؟!!!!

    قد تجد عند السيوطي في الأتقان ، وعند غيره إحصاء للألفاظ يزيد على مئة ،لكن أرجو ان تنتبه إلى أن السيوطي في إحصائه هذا أحصى أيضا الألفاظ العربية من غير لهجة قريش. ومن ثم يجب أن تسقط من إحصائه كل الألفاظ العربية واستبقاء الألفاظ التي تنتمي إلى اللغات الأجنبية غير العربية.

    ثم بعد هذا يجب أن ننتبه إلى أمر رابع يدحض الاعتراض السابق ولا يسوغه بمنطق الحجاج وهو :
    عندما نقول إن القرآن يفوق كل كتاب آخر في اكتنازه اللغوي حيث توافرت فيه ثلث الجذور اللغوية العربية ،فهل قولنا هذا يأتي في سياق المقارنة بين القرآن وكتب أخرى تمت كتابتها في لحظته التاريخية كقصائد الجاهلية أو نصوص الحكم والأمثال ؟؟؟
    لا أبدا بل ندفع بالقرآن لأن يتحدى كل كتاب كتب بالعربية منذ نزوله وإلى الآن .
    ماذا يعني هذا ؟
    يعني مسألة مهمة أرجو من القارئ أن ينصت إلي قليلا لفهمها :
    وهي أن القرآن صنع للعرب أساسهم اللغوي ، فمنه وبسببه نشأت علوم اللغة ، وبنصوصه تشكل ذوقهم اللساني . ولذا لنفترض جدلا أن فيه آلافا من الألفاظ الأجنبية – رغم أن ذلك ليس صحيحا – فإن هذه الألوف من الألفاظ أصبحت بفضل القرآن عربية ، ودائرة على الألسن والشفاه ومخطوطة بمداد الأقلام. أي أنها دخلت ضمن اللسان المستعمل.
    بعد إيضاح ما سبق :
    نكرر السؤال مرة أخرى ماذا يعني هذا ؟
    يعني أنه حتى لو كان في القرآن ألفاظ أجنبية فقد استعملها في سوره وأدخلها في أنماط وأساليب التعبير بشكل ساعد الذوق اللغوي العربي على استعمالها لاحقا . وقد تحقق بالفعل هذا الأستعمال في نصوص وكتب العربية منذ نزول القرآن إلى الآن، فيصبح السؤال الجديد لماذا عجز هذا الذوق العربي على أن ينجز في كتاباته مثل ثراء القرآن ؟!
    وهكذا تلاحظ أننا من حيثما تناولنا الأمر يبقى ثراء القرآن أمرا غير منقوض بدعوى وجود ألفاظ أجنبية فيه. فحتى لو كانت فيه فإن عددها قليل ، وضمن هذا القليل سنحصل في عملية الحساب على عدد أقل ،لأن الجذر الذي استعملناه للحساب هو الجذر الثلاثي لا غير ، وحتى لو لم ترد أن تحسب وتعد ، فلنفترض جدلا أن في القرآن ألافا من الألفاظ غير العربية ،فإننا نقول إنه باستعماله لها قد عربها وأدخلها إلى الأستعمال ،فيصبح السؤال لماذا لم يتوفق أي كاتب عربي على إنجاز كتاب ثري لغة ،وليستعمل في إنجازه له ما شاء من ألفاظ أجنبية وردت في القرآن ،خاصة وأن القرآن هيأ له سياقات استعمالها.
    ثم في الختام إن مسألة وجود ألفاظ أجنبية في القرآن موضوع يستحق أن نقف عنده ...
    وهذا ما سأكتب فيه بضع سطور قبل متابعة مداخلة زميلي ، لأنه يبدو لي أنه يجب أن أخاطب القارئ بشكل عام لتحقيق الفائدة وليس توجيه الخطاب لزميلي القلم الحر وحده .
    يتبع
    التعديل الأخير تم 01-13-2005 الساعة 01:28 PM
    اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
    ـــــــــــــــ

  15. #60

    افتراضي

    أراه عقب في مداخلاته الأخيرة بأفكار سآتي إلى نقدها ،لكنه ختم بتذكيري بأنني لم أجبه عن وجود ألفاظ أجنبية في القرآن. وهو يحسب أن وجود هذه الألفاظ هو ما ساعد القرآن على احتماله لهذه الثروة اللغوية ،فوجدت فيه ثلث الجذور الثلاثية العربية.
    لكن هذا ظن خاطئ ، ولم أتكلف التشهير بنقده. ولو كنت أحب اللجاجة في النقاش لوقفت عنده ورردت عليه.
    ليس صحيحا اننى اعتبر وجود هذه الالفاظ الاعجمية ما ساعد القران على احتماله لهذه الثروة اللغوية , لكن الفكرة هى انه اذا كان الثراء اللغوى يدل على اعجاز لغوى يعجز عنه البشر , فان وجود هذه الالفاظ الاعجمية التى لها بديل فى العربية ينفى فى نظرى هذا الاعجاز اللغوى الذى تريد اثباته , فاستخدام الفاظ اعجمية لها بديل فى العربية يتنافى تماما مع الاعجاز اللغوى الذى اردت اثباته بمسالة الثراء اللغوى .

    اعتذر لتدخلى و سوف انتظر حتى يتم الاخ الفاضل جميع تعقيباته , و ارجو ان نبدا قريبا فى بحث حقيقة الاعجاز القرانى .
    التعديل الأخير تم 01-13-2005 الساعة 01:35 PM

صفحة 4 من 7 الأولىالأولى ... 23456 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من يثبت لى نبوة محمد ؟
    بواسطة أبو مريم في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 137
    آخر مشاركة: 11-06-2012, 09:14 PM
  2. إعجاز يثبت نبوة محمد + الرد على مناقضيها
    بواسطة عبدالله العتيبـي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-08-2012, 03:04 PM
  3. وثائقي يثبت نبوة محمد The absolute truth
    بواسطة The Lord في المنتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-12-2010, 12:57 AM
  4. ((((مشكلة الزميل القلم الحر))))
    بواسطة ومضة في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-20-2005, 01:47 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء