صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 31 إلى 41 من 41

الموضوع: مشاهير النساء العُزَّاب

  1. #31
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    بارك الله بكم أيضا تألمتُ لهذه القصة، فقد كانت سليلة أمراء، وأخوها كان أمير الموصل، وقد ذكر الزركلي في موسوعته أنها أُخذت أسيرة إلى عضد الدولة حينما تمكن ابن المفرج أمير طيئ من تعقبهما وقتل أخيها وسباها وأهداها إليه فاحتجزها ونكل بها ثم رماها في النهر . وهذا يتوافق مع ما جاء في الروضة الفيحاء.

  2. #32

    افتراضي

    أعجبني حقاً ., متابعه.
    "فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ"

  3. افتراضي


    6- عائشة بنت أحمد القُرْطُبِيَّة
    (توفيت 400 هـ - 1009 م )
    هي الأديبة الأندلسية النابغة، والشاعرة الفصيحة النابهة، كان لها في العلوم والمعارف صولات وجولات، واطلاع ومدارِك غايات. زيادة عن كونها كان شغوفة بالقراءة والمؤانسة بالكتب والأسفار.
    وقد أحاطها الخليفة الأندلسي عبد الرحمن الثالث الملقب بالناصر بكل احترام واعترف بسمو مكانتها العلمية، إذ كانت تملك مكتبة خاصة بها مؤلفة من أندر المخطوطات التي نقلت جزءًا كبيرًا منها بخطها. وقد كانت تهدي العديد منها الى مكتبة قرطبة.
    صـفاتــــــها
    قال عنها ابن حيان المؤرخ الأديب في كتابه « المقتبس»: « لم يكن في جزائر الأندلس في زمانها من يعدلها فهما وعلما، وأدبا، وشعرا، وفصاحة، وعفة وجزالة وحصافة.
    وكانت تمدح ملوك زمانها وتخاطبهم فيما يعرض لها من حاجتها، فتبلغ ببيانها حيث لا يبلغه كثير من أدباء وقتها، ولا تُرد شفاعتها.
    وكانت حسنة الخط تكتب المصاحف والدفاتر وتجمع الكتب، وتُعْنَى بالعلم، ولها خزانة علم كبيرة حسنة، ولها غنى وثروة تعينها على المروءة. وماتت عذراء لم تُنْكَح قط، ومحاسنها كث
    يرة »(1).
    وقال صاحب «المُغرِب»: «إنها من عجائب زمانها وغرائب أوانها.... »(2).
    قلت: فهذه امرأة نبيلة جميلة الشمائل، مرغوب فيها عند عقلاء الرجال، فيا تُرَى أيُّ شيء كان سبب امتناعها عن الزواج!؟
    هل لعدم وجود كُفء (الزوج المناسب) أو لزُهْدها في ذلك! أو لانشغالها بالعلم والتعلم! أو لكونها آثرتْ المطالعة في بطون الدفاتر على مطالعة وجوه الخُطَّاب؟
    أم أن لذة المعرفة أغْنَتْها عن لذة الزواج والارتباط! أم أن أمرها كما يقول المثل المصري السائر: ( مِنْ كثرة خُطَّابِها بارتْ )!
    أم أنها كانت ربما تشكو مرضًا عاقها عما ترغب فيه كل فتاة؟ أو أصابتْها علة لا يتفق معها أن تكون زوجة أو أُمًّا؟
    أم أنها كان لها فلسفة في ترك النكاح من جنس فلسفة الملكة زِيب النساء بنت السلطان محيي الدين أورنك زيب! كما سيأتي في ترجمتها!
    أم عزفتْ عن ذلك لذلك الأمر الذي أصاب الكاتبة ماري عجمي من بعدها! كما سيأتي في ترجمتها؟
    أم أن لها من الأعذار غير ذلك؟ الله أعلم بحقيقة الحال.
    -------- حاشية ----------
    (1) نقله عنه: ابن بشكوال في « الصلة في تاريخ أئمة الأندلس» [ص/ 654]. والذهبي في «تاريخ الإسلام» [8/ 816] وصاحب: « شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام» [1/ 220]. وغيرهم.
    (2) نقله عنه صاحب: « نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب» [4/ 290].

    رُوّينا بالإسناد الثابت عن إمام دار الهجرة أنه قال: (ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف).

  4. افتراضي

    7-كـريـمة المـروزيــة
    ( 365 - 463 هـ = 975 - 1070م )
    هي الشَّيْخَةُ، العَالِمَةُ، الفَاضِلَةُ، المُسْنِدَةُ، أُمُّ الكِرَامِ كَرِيْمَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِم المَرْوَزِيَّةُ ، المُجَاوِرَةُ بِحَرَمِ اللهِ(1).
    وكانت تضبط كتابها، وَإِذَا حدَّثَت قابَلتْ بنسختها، ولها فهم ومعرفة، حدثت «بالصحيح » مرات كثيرة، وكانت بِكْرًا لم تتزوَّج. وطال عمرها، وأقامت بمكّة دهرًا، وحمل عَنْهَا خلْقٌ من المغاربة والمجاورين، وعلا إسنادها(2)
    رحلتها والآخذين عنها
    رحلت فى طلب العمل مع والدها, وعاشت تحفظ وتروي وتُعلِّم, فروت صحيح البخاري, وإليها انتهى علو إسناده, وكانت تضبط كتابتها, وتقابل نسختها, وعُرفتْ نسختها من نسخ صحيح البخاري بنسخة كريمة « ونسخة كريمة إحدى النسخ المعتمدة لصحيح البخاري».
    وقد روى عنها جماعة من أعلام الحديث, على رأسهم الحافظ الخطيب البغدادي، صاحب كتاب تاريخ بغداد، وأبو المحاسن المصري، المؤرخ المعروف، والحافظ السمعاني، المحدِّث والنسّابة المشهور، والحافظ أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي، وغيرهم كثير.
    كان لها مجلس بمكة المكرمة تجتمع فيه الطلبة والأفاضل من رجال كل علم وهي تلقي على كل نوع مما يطلبه، فصيحة المأخذ مفهومة المعنى, وكان أكثر ميلها إلى عم الحديث حتى بلغت فيه حدًا لم يبلغه غيرها ولم تتزوج قط وبلغ عمرها 100 سنة, وتوفيت بمكة المكرمة(3).
    الفوائد المستفادة من حياتها
    تقول الباحثة رقية المحارب: «أم الكرام «كريمة المروزية » امرأة غرقت بطلب العلم والأخلاق العالية، كنتُ أقرأ اسمها مرتبطا بصحيح البخاري «نسخة كريمة» حيث ينقل منها أحيانا ابن حجر- رحمه الله تعالى ـ
    كنت لا أتصور أن تكون كريمة هذه امرأة ! حتى شاء الله أن أبحث عنها في نُسَخ البخاري وتراجم رواتها، فوافيتُ في ترجمتها ما أعجبني.
    جاورتْ أم الكرام «كريمة بنت احمد المرزوية » المسجد الحرام، ورحلتْ في طلب العلم مع والدها، وعاشت تحفظ وتروي وتُعلِّم، وتتلمذ على يدها كبار الفقهاء في عصرها.
    وُصِفَتْ بأنها كانت محدثة فاضلة ذات فهم ونباهة ، بل إليها انتهى علو الإسناد لصحيح البخاري، ولم تُفَرَّط في منهجها، لذا لم تقبل أن ينتسب إليها الخطيب [البغدادي الحافظ المشهور] في روايته للصحيح [يعني صحيح البخاري] دون أن يقابل معها نسختها بنسخته، وذلك بأن تقرأ عليه، ثم يقرأ عليها، وهي في خِدْرها من وراء حِجاب، ولك أن تتصور الجهد الذي بذلتْه في سماعها للخطيب، فقد قرأ عليها في خمسة أيام!
    هل تتعجب من أمرها ؟! كيف استطاعت أن تُوفَّ هذا الوقت للعلم ؟..
    ينتهي عجبك حين تعلم أنها عاشت قُرْبَ مائة سنة وماتت عام 63 هـ ولم تتزوج .
    ذلك النموذج يتكرر في زماننا لنساء لم يُكْتَب لهن الزواج لسبب ما ، ربما لعدم توفر الرجل ذي الدين والخلق ، أو لا تجد رغبة في الزواج ! وتستيقن أنها لو تزوجت لم تقم بالحق المطلوب منها، أو لوقوعها ضحية وليٍّ لا يخاف الله -عز وجل- فيمنعها، ولا تملك وسائل الخلاص بالرغم من محاولاتها أحيانا ! لكنها لم تقف على أعتاب الحسرة ولم تَنْطوِ بِدِثار الندامة لعدم تيسُّر الزواج لها» (4)
    -------- حاشية ----------
    (1) انظر: « سير أعلام النبلاء » [18/ 233].
    (2) انظر: «تاريخ الإسلام » [10/ 223]
    (3) نقلا – ببعض التصرُّف - عن « الدر المنثور في طبقات ربات الخدور» [ص/ 494- 496] لزينب بنت فواز العاملي.
    (4) نقلا –ببعض التصرُّف- عن مقالة: « أم الكرام: كريمة المروزية» للفاضلة / د . رقية المحارب، وهي منشورة على شبكة المعلومات الدولية. وما بين المعقوفتين فهو من قولنا دون كاتبة المقال
    .

    رُوّينا بالإسناد الثابت عن إمام دار الهجرة أنه قال: (ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف).

  5. #35

    افتراضي

    عودا ًحميدا ًأخي ...
    وموضوع فريد في بابه ..

    وقد طالعت فيه في يومين على سبيل الاسترواح بين الفينة والفينة ..
    ومن باب اتقان العمل : ولأن الموضوع يتعلق بكتاب ..
    فهناك بعض الملاحظات البسيطات علها تفيد إن لم يكن قد طـُبع الكتاب بعد :

    ** مريم عليها السلام :
    - وهي الصديقة: «وأمه صديقة» .[سورة آل عمران : 75].
    تكرار لجملة سبقتها بسطور ..

    ** خديجة بنت الإمام سحنون :
    ومن بين ما تذكرهن المراجع التاريخية والقصص «خديجة بن الإمام عبد السلام سَحْنون
    والصواب : بنت ..

    ** كريمة المروزية :
    وكان أكثر ميلها إلى عم الحديث حتى
    والصواب : علم ..

    وماتت عام 63 هـ ولم تتزوج .
    والصواب : 463 هـ

    والله الموفق ...

  6. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حب الله مشاهدة المشاركة
    عودا ًحميدا ًأخي ...
    وموضوع فريد في بابه ..
    وقد طالعت فيه في يومين على سبيل الاسترواح بين الفينة والفينة ..
    ومن باب اتقان العمل : ولأن الموضوع يتعلق بكتاب ..
    فهناك بعض الملاحظات البسيطات علها تفيد إن لم يكن قد طـُبع الكتاب بعد :
    ** مريم عليها السلام :
    تكرار لجملة سبقتها بسطور ..
    ** خديجة بنت الإمام سحنون :
    والصواب : بنت ..
    ** كريمة المروزية :
    والصواب : علم ..
    والصواب : 463 هـ
    والله الموفق ...
    أحسن الله إليكم على تلك الفوائد التي نأمل أن لا تحرمونا منها في كل مرة.
    ولا بأس إن جازيناكم ببعضها فنقول:
    بعض الملاحظات البسيطات
    هنا خطأ لغوي شائع، وهو استعمال لفظ: ( البسيط ) في التعبير عن القِلَّة في الكلام والأشياء!
    والصواب أن البسيط هو الواسع والممتد. فيُسْتعاض عن ذلك التعبير بالاختصار والإيجاز والاقتضاب ونحو ذلك. بارك الله فيكم.

    رُوّينا بالإسناد الثابت عن إمام دار الهجرة أنه قال: (ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف).

  7. #37

  8. افتراضي


    8- ولََّادة بنت المستكفي
    (توفيت 484 هـ - 1091 م)
    عاشت ولادة في الفترة ما بين عامي ( 994- 1091) أي قبل نحو ألف عام، وقد اشتهرت بالشعر وبجزالة الألفاظ والجُرْأة، وكانت عفيفة ذات شَرَف، ولم يُذْكَر عنها الفسوق أو ما شابهه، رغم جرأتها وعاطفتها التي كانت تظهر جلية في شعرها.
    وهي من الشاعرات الأندلسيات القلائل اللاتي نظمْنَ الشعر وأجَدْن فيه، وحَفَرْن أسماءهن على صفحة التاريخ.
    اتهمها البعض بأنها كانت لَعُوبًا، فقد وصِفَتْ بالحُسْن بالإضافة للجرأة في الحديث وفي نَظْم الشعر، وبعض ما كتَبتْه لا يرقى أن يكون قصائد من حيث عدد الأبيات، لكنه قصيد مكتمل من حيث المعنى.
    وأكثر ما ميَّزها مجلسها الشِّعْرِي الذي كان يؤمُّه الشعراء والأدباء والأعيان يتداولون فيه الأمور الأدبية والشعرية ، وكانت معروفة بالكرم وحُسْن المعشر، واحترام الشعر والشعرا،ء وهذا ما دفع بعض الرواة لتناول سيرتها على أنها مثيرة للجدل، حيث كانت تبوح بما لديها بشكل واضح وصارخ» (1) .
    قال عنها العلامة الصفدي:
    «هي ذات أدبٍ ولُطْفٍ ونادرةٍ وعشرةٍ وبَذْل حِجابٍ لمن يتعشُّقها، تُجالِس الأكابر وتُحاضِر الشعراء، على ما هي فيه من الجمال البارع.
    وكان ابن زيدون قد شغفه حُبُّها، وله فيها القصائد الطنانة، وفي الوزير ابن عبدون هذا أنشأ ابن زيدون الرسالة التي جعلها على لسان ولادة لَمَّا بلغه أنه يَهواها، وأوَّلُها: «أما بعد: أيها المُصاب بعقله، المُوَرَّط بِجهْله... » أتى فيها بكل مَثَلٍ وكل غريبة
    » ( 2).
    اسمها ونسبها
    هي ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر لدين الله الأموي، شاعرة وأميرة أندلسية، من بيت الخلافة، فأبوها هو الخليفة المستكفي بالله، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الناصري الذي تولى الخلافة في قرطبة عام 414هـ وقد كان خليفة ضعيفًا، وقع في عصره قلاقل ومِحَن.
    اشتهرت بثقافتها واتصالها بذوي الأدب، ومعظم ما يذكره المؤرخون عنها يتصل بمجلسها الأدبي الذي كان يحضره الكثيرون من أهل الأدب ووجهاء القوم بقرطبة. ويقول عنها ابن بسام في الذخيرة: «وكان مجلسها بقرطبة منتدى لأحرار أهل المصر، وفناؤها ملعبًا لجِياد النظْم والنثْر، يعْشو أهل الأدب إلى ضوء غُرَّتها، ويتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها ».
    وقد وصفها ابن بسام بكرم أنساب وطهارة أثواب. ولكنه ذكر أن قلة مبالاتها بما يقوله الناس عنها، دفعت الرواة إلى إضافة أشياء إليها لم تقلها ولم تفعلها.
    ويُبْدي ابن بسام شكَّه في أنها كانت تقْرِض الشعر، كما يُبْدِي شكه فيما نسبه الرواة إليها من أنها كانت تكتب على عاتِقيْ ثوبها بيتيْن قالتْهما في المُجُون.
    غرام الأدباء بها:
    ارتبطت سيرة ولادة بالشاعر الأندلسي ابن زيدون، في قصة من أشهر قصص الحب والمعاناة والهجر في الأدب العربي. وقد حكت أشعار ابن زيدون مأساته مع ولادة. ومن أشهر قصائده فيها نونيته التي مطلعها:
    أضحى التنائي بديلا عن تدانينا ... وناب عن طِيب لُقْيانا تَجَافينا
    وقد نافس الوزيرُ ابنُ عبدوس ابنَ زيدون على قلب ولادة، فهجاه ابن زيدون برسالة ساخرة عُرِفَتْ في تاريخ الرسائل الأدبية باسم "الرسالة الهزَلية"، سخر فيها منه سخرية مريرة. والرسالة مكتوبة على لسان ولادة تصدُّ فيها ابن عبدوس وتتهكم به.
    وقد كتب ابن زيدون في الرسالة أشياء لا تتناسب مع ما يصوره شعره في ولادة من العواطف النبيلة. وبدا شخصها في الرسالة لا يحمل تلك السِّمَة المثالية العذْبة والمتسمة بالمهابة التي يُوحي بها شعره فيها، وقد بدت وكأنها غانية يحيط بها العُشاق، وتُفاضِل بينهم حسب ميزاتهم.
    وقد حُكِيَ أن ولادة لما اجتازت بالوزير أبي عامر بن عبدوس وهو جالس على باب داره، وأمامه بِرْكة تتولَّد مِنْ مراحِيض وأقذار، وحوله جماعة من أصحابه. فوقفتْ عليه وقالت: يا أبا عامر:
    أنت الخَصِيب وهذه مِصْرُ *** فتدفَّقا فَكِلاكُما بَحْرُ! (3)
    مِنْ أدَبِها وشِعْرِها
    كانت ولادة تحب الشعر، وكانت مع ذلك مشهودة بالصيانة والعفاف، حيث كانت شاعرة وأديبة من شعراء الأندلس، وكانت في قولها حسنة وجزلة الألفاظ، كما كانت تناضل الشعراء، وتُساجل الأدباء وتفوق البرعاة، فكان مجلسها في قرطبة ملعبا بجِياد النظم والنثر .
    وقد نُسبَتْ إلى ولادة أبيات شعر في الهجاء المقذع لابن زيدون، مثلما نُسبتْ إليها أبيات في المُجُون. وإن صحت نسبة هذه الأبيات لها، فإنه يبدو محتملًا إلى حد بعيد ما رآه بعض الباحثين من أن إقحام ابن زيدون لها في الرسالة الهزلية، بصورة لا ترضاها لنفسها ربما كان هو السبب وراء هجائها له.
    يقول الأستاذ عبد الله بن عفيفي الباجوري في كتابه النفيس «المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها» وهو يشرح حال المرأة في العصور الأولى للأندلس:
    «بدأت المرأة الأندلسية في هذا العصر تنكشف وتأخذ فيما أخذ الناس فيه مِنْ لهْو ونعيم، وجاذبت الرجل فنون المرَح، وقالت ما لم يكن يقوله غيره مِنْ تغَزُّل وتَخالُع وتفرُّق وتواصُل، ومناقصة ومماجَنة، ومُناقلة ومُداعبة، ولكن الأخلاق بقيتْ في جملتها مستمسكة في هذا الجيل من النساء.
    وأوَّل مَنْ سنَّتْ للنساء سُنَّة الانكشاف والاستخفاف: وَلاّدة بنت المستكفي سليلة بيت المُلْك الأُموي في الأندلس.
    وكان أبوها المستكفي بقية ملوك أمية، ولم يُمْهِلْه الزمنُ حتى غُلِبُ على أمْره، وقُتِل، ومِنْ بعدَهَ حَسَرتْ(4 ) ولادةُ حجابَها، واتخذت قصرها مهْبطًا ومنتدى خصيبًا يأوِي إليه كل مُبْدِع مُنقَطِع النظير من الكُتَّاب والشعراء.
    ومن هؤلاء: الوزراء والعلماء والقضاة والولاة، فيتجاذبون الأدب، ويتساجلون الشعر، ويتناولون النقد ويتناقلون الحديث، وما كانت ولَّادة بِمُقصِّرة عن السابقين الُمجَلّين مِنْ هؤلاء، بل إنها لتُعَدُّ مِنْ مُبْتكِرات الشعر الأندلسي الحديث.
    وكم من الشعراء من يُحْسِن أنْ يقول قولَ ولادة:

    ودَّعَ الصبْر مُحبُّ ودَّعَك *** ذائعٌ مِنْ سِرِّه ما استودَعَك
    يقرع السِّنَّ على أنْ لم يكن *** زاد في تلك الخُطَى إذْ شَيَّعَك
    يا أخا البدر سَنا وسَنا *** حفظه الله زمانًا أطلعك
    إنْ يَطُل بعدك ليْلِي فلكم *** بِتُّ أشكو قِصَر الليل معك
    بل كم منهم مُن يُحْسِن أن يقول قولَها للوزير الكاتب الشاعر ابن زيدون:
    ترقَّب إذا جَنّ الظلام زيارتي *** فإني رأيتُ الليل أكْتَمَ للسِّرِّ
    وبي منك ما لو كان بالشمس لم تلُحْ *** وبالبدر لم يطلع، وبالنجم لم يَسْرِ
    وعلى رغم ما أقدمت عليه وَلاّدة من هَتْك حِجابِها وتسْنِية أبوابها( 5).
    يقول المؤرخون: إنها لم تَنْزَع إلى رِيبَة، أو تنْزَلِق إلى مأثَمة(6)، وأقامت حياتها لم تتزوج، وعُمَّرَت طويلًا، وتوفيت في العام الرابع والثمانين من المائة الخامسة بعد أن بلغتْ الثمانين من العمر.
    ولولادة صواحب نشأن على أدبها، وانكشفن على سُنَّتها، وأخذْن في الدُّعابة مثل مأخذها.
    ومن هؤلاء: «مُهْجة القرطبية» وكانت أشد اندفاعا في مَجانة الشعر من أُسْتاذتها، وقد حاولنا أن نرى لها شعرًا بريئًا لِنُثْبِتَه فلم نجد، على أن شِعْر ولادة لم يكن في متناول النساء؛ لأن فيه فحولة وجزالة، وهو بشعر الرجال أشبه» (7).
    قال السيوطي في « نزهة الجلساء في أشعار النساء» في مَدْح ولادة:
    «كانت مشهورة بالصيانة والعفاف، وفيها خلع ابن زيدون عِذَارَه(8)، وله فيها القصائد والمُقطَّعات. وكانت له جارية سوداء بديعة القَوَام، وقد ظهر لولادة من ابن زيدون مَيْلٌ إليها فكتبتْ إليه:
    لو كنت تُنْصِف في الهوى ما بيننا *** لم تَهْوَ جاريتي ولم تتَخَيَّرِ
    وتركتَ غُصْنًا مُثْمرًا بجماله *** وجنَحْتْ للغصن الذي لم يُثْمِرِ
    ولقد علمتَ بأنني بدرُ السماء *** لكنْ وَلعْتُ لشقوتي بالـمُشَترِي(9)
    يقول الأستاذ عبد الرحمن البرقوقي في مقالته: « ابن زيدون »: «كانت ولاّدة بنت المستكفي -الخليفة الأموي بالأندلس- أديبة، شاعرة، جزلة القول، حسنة الشعر. تناضل الشعراء وتُساجِل الأدباء. وعُمِّرتْ عمرًا طويلًا ولم تتزوج قط. جاءت على خلاف أبيها في كل أوصافها، فكانت مصداقًا لقوله تعالى: {يخرج الحيّ من الميت} [سورة الأنعام الآية: 95 ].وقد ابْتُذِلَ حِجَابُها بعد نكبة أبيها وقتْلِه، فصارت تجلس للشعراء والكتاب وتعاشرهم وتحاضرهم، ويتعشَّقها الكبراء منهم.
    وكانت على خلق جميل، وأدب غضِّ. وكان لابن زيدون معها أخبار تطْرِفُ القلوب، وتشْغِفُ المسامع. لأنه خلع في هواها العُذْرِي عِذَارَه (10). وقد شهد المؤرخون كلهم لها بالعفة والصيانة
    »( 11).
    وفاتها
    وقد عُمِّرَتْ عمرًا طويلا، ولم تتزوج، وماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين، وقيل أربع وثمانين وأربعمائة.
    قلتُ: قد حيَّرني أمر هذه الأديبة النابغة في تنكِّبِها عن الزواج مع كثرة الخُطَّاب والمُعْجَبين! أم أن الأمر كما يقول الناس في أمثالهم: ( خطبوها فتعَزَّزَت! ).
    نعم: ربما يكون لها بعض تلك الأعذار التي ذكرناها في ترجمة «عائشة بنت أحمد القرطبية ». فانْظرْها هناك- غير مأمور.
    -------- حاشية ----------
    (1) نقلا عن مقال بعنوان: «بين زمن ولادة بنت المستكفي وزمننا : دعوة للتأمل ». للكاتبة رائدة زقوت. وهو منشور بتاريخ: 8 نيسان. عام 2011م. على «المدَوَّنة الإلكترونية» للأستاذة رائدة زقوت. وما بين قوسين فهو من قولنا.
    (2) انظر:«الغيث المسجم شرح لامية العجم» [1/ 786-787] للصلاح الصفدي.
    (3) البيت لأبي نُواس الشاعر.
    (4) حَسَرتْ: يعني كشفتْ.
    (5) تسْنِية أبوابها: يعني فتْحَها وتسهيلها.
    (6) يعني لم تقع في الآثام الظاهرة والرِّيَب المكشوفة بمخالطتها الرجال! ولا ريب أن مجرد المخالطة المصحوبة بإهمال الضوابط الشرعية في المعاملة معصية ظاهرة، وإِثْم لا شك فيه. فكيف إذا كان هذا الإهمال لتحقيق الضوابط الشرعية عند مخالطة الرجال قد بلغ ببعضهم أن يتغزَّل في امرأة عن طريق الشعر والنثْر! ولو لم يفهم هذا المُغْرَم العاشق أن محبوبتَه لا تُبادِلْه هذا الشعور ما دعاه ذلك إلى الاسترسال في التعَشٌّق ومطارحة الغرام فيمن يهوَى ويُحِب!
    نسأل الله العفو والسلامة والمسامَحة.
    (7) انظر: « المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها» [3/ 130-131] لعبد الله بن عفيفي الباجوري (المتوفى: 1364هـ).
    (8) خلع عذاره: أي: أَلقَى عنه جِلْبَابَ الحَيَاءِ. وهو مثل يضربُ للشَّابِّ المُنْهَمِكِ في غَيِّه. انظر: « تاج العروس من جواهر القاموس» [12/ 548] للزبيدي.
    (9) نقلا عن «الموسوعة العربية العالمية » مادة: «ولد».
    (10) خلع عذاره: أي: أَلقَى عنه جِلْبَابَ الحَيَاءِ. وهو مثل يضربُ للشَّابِّ المُنْهَمِكِ في غَيِّه. انظر: « تاج العروس من جواهر القاموس» [12/ 548] للزبيدي.
    (11) انظر: «مجلة البيان الأدبية » العدد [رقم/13] لصاحبها عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ).
    التعديل الأخير تم 02-15-2012 الساعة 06:35 PM

    رُوّينا بالإسناد الثابت عن إمام دار الهجرة أنه قال: (ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف).

  9. #39

    افتراضي

    وقد كان السلطان البويهي عَضُد الدولة خطبها، فامتنعت ترفُّعًا عليه، فحقد عليها، وما زال يعتسَّف بها حتى عَرَّاها وهتكها(9)، ثم ألزمها أنْ تختلف إلى دار القُحَاب (10)، فتتكسَّب ما تؤدّيه في المصادرة(11)، فلما ضاق بها الأمر غَرَّقَتّ نفسها في دِجْلَة(12) فلا قوة إلا بالله»(13) .
    هل كانت هذه الدور رسمية و معترف بها تحت الحكم الإسلامي في العراق ؟
    تعجبت عند هذه النقطة
    رحمها الله

  10. #40

    افتراضي

    هل كانت هذه الدور رسمية و معترف بها تحت الحكم الإسلامي في العراق ؟
    تعجبت عند هذه النقطة
    أكره أن يستمر هذا القول بلا رد مع غياب الأخ أبي المظفر السناري :
    فيظنن ظان ٌسوءا ًبالإسلام وهو لا يعرف مَن هي الدولة البويهية ..!
    فأقول باختصار :
    الدولة البويهية هي دولة شيعية : ظهر فيها العديد من البدع والمنكرات العقدية والأخلاقية إلخ
    وكان يُؤمر فيها بسب أكابر الصحابة من الخلفاء الراشدين الثلاثة على المنابر !!!..
    وأنقل من الرابط التالي للدكتور السرجاني عن الدولة البويهية ما لها وما عليها :
    http://islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D...B9%D9%8A%D8%A9

    ويمكنك معرفة وجهها القبيح من الربع الأخير من الصفحة تحت عنوان :
    < الدولة البويهية في عيون المؤرخين > ..
    والله الموفق ..
    وعذرا ًلأخينا أبي المظفر على التشتيت ..

  11. افتراضي

    جزاك الله خير

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ومن اعرض عن ذكري _ مشاهير وانتحار
    بواسطة اخت مسلمة في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 38
    آخر مشاركة: 06-23-2009, 05:36 PM
  2. ختان النساء... رؤية طبية.. د.ست البنات خالد أخصائي النساء والتوليد
    بواسطة الفرصة الأخيرة في المنتدى قسم المرأة المسلمة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-16-2005, 09:22 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء