ما من قضية أثارت جدلاً في كل بيت مسلم .. وفي كل بيت غير مسلم .. مثل قضية الأحكام الخاصة بالمرأة في القرآن الكريم .. وما حورب الإسلام من المستشرقين ومن سار على دربهم .. مثلما حورب بقضايا المرأة في تعدد الزوجات .. وميراثها .. الذي يبلغ نصف ميراث الرجل .. أيضا شهادتها .. حيث إن شهادة الرجل بشهادة امرأتين .. وغير ذلك من الأحكام التي تعمدوا فيها القول بالباطل والمفاهيم الخاطئة .. لإثارة الناس .. ولو علموا ما تجاهلوا.
لكن فجأة .. وبعد أن طحنت التجربة المرأة في أوروبا وأمريكا .. وبعد أن أصيبت مجتمعاتهم بأمراض عضوية وخلقية .. إذا بهم لا يجدون طريقاً إلا الطريق الإسلامي .. مضطرين إليه اضطرارا .. بعد أن بينت لهم التجربة النتائج المدمرة التي يمكن أن تحدث عندما يشرع الناس لأنفسهم .. ويتركون ما شرعه الله لهم ..
لقد قالوا: لا طلاق .. زواج كاثوليكي .. امرأة واحدة فقط .. وأخذوا يتباهون أنهم وجدوا الحل الأمثل للحياة .. وإذا بالكنيسة الكاثوليكية نفسها ـ التي تبنت هذا القانون ـ هي التي تلغيه تحت ضغط المشاكل الهائلة التي حدثت منه .. وإذا بهم يوم إلغاء هذه الأبدية وإباحة الطلاق .. تقام أربعون ألف قضية طلاق .. في يوم واحد .. في روما وحدها!! وذلك نتيجة للإرهاب الفكري المتسلط.
وقالوا: لا ترضعوا أولادكم .. وأنشأوا شركات تصنع اللبن للطفل .. مدعين أن هذا اللبن الذي يصنعونه هو افضل من لبن الأم .. الذي خلقه الله سبحانه وتعالى .. وهو العليم بخلقه .. وما يصلح، أو ما لا يصلح لهم ..
ثم مرت السنوات .. وللأسف الشديد .. الدول الإسلامية قلدت دول الغرب .. وقلد أطباؤنا أطباءهم .. ثم ماذا حدث؟ .. أثبتت الأبحاث أن لبن الأم .. هو الذي يعطي الطفل المناعة طوال حياته .. وأن البعد عن لبن الأم انشأ أجيالاً مريضة جسدياً ونفسياً وعقلياً.
وأفاقت المجتمعات الغربية .. فأخذت تصيغ قصائد المدح في لبن الأم وفوائده .. وما يفعله في الطفل .. وإذا بكل وسائل الدعاية .. تدعو الأمهات لإرضاع أطفالهن .. لأن الطفل لا يأخذ من ثدي أمه اللبن فقط .. ولا الصحة فقط .. ولكن يأخذ منه الحنان .. والشعور بالأمان والانتماء للأسرة .. وكل ما هو طيب في هذه الحياة.
ونحن لأننا نجري ونلهث، وراء الحياة المادية الغربية، التي بهرتنا بقشورها، وكما لهثنا وراءهم، في بيان مزايا ألبان الأطفال التي تنتجها الشركات، لهثنا وراءهم ندعو المرأة إلى ضرورة إرضاع طفلها عامين كاملين، ونسينا القرآن الكريم الذي أمرنا بذلك منذ أربعة عشر قرناً، ونسينا قول الله سبحانه وتعالى:
[{
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ .. "233"} (سورة البقرة)]
وهكذا عاد العالم كله، مكرهاً إلى شرع الله، لم يعد عن إيمان، ولا عن اعتناق للدين، ولكنه عاد بعد تجارب عديدة وأليمة، أراد الله سبحانه وتعالى برحمته أن يقينا شرها .. ولكننا تركنا حكم الله، ثم عدنا مكرهين إليه لأن الحياة لا تستقيم بدونه.
Bookmarks