صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 45 من 66

الموضوع: حوار بين مسلم ولاديني-ابن عبد البر والربوبي

  1. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    السيد المشرف ... تحية طيبة ،

    بالنسبة لي ، فليس لي مصادر أعتمد عليها ، وإنما هناك مصادر متنوعة أستقيت منها أفكاراً وآراء وساهمت في تكوين قناعاتي ، بعضها قد يكون مصادر لادينية وبعضها الآخر قد يكون مصادر عامة أو حتى مصادر دينية ... ولكن هذه المصادر ليست ملزمة بالنسبة لي ، وفيها ما أتفق معه وما لا أتفق .... ما يلزمني منها وأتقيد به هو فقط الأفكار والآراء التي اتفق معها (مما حوته تلك المصادر) والتي أستطيع الدفاع عنها بالمنطق والأدلة والأبحاث العلمية التي تشير لصحتها .... ولعل جوهر الخلاف بيننا هو أن الزميل إبن عبد البر يريدني متحدثاً عن الربوبية فيما أفضل أنا أن أكون متحدثاً عن نفسي ... والواقع هو أن لا أحد يستطيع إدعاء أنه يتحدث عن اللادينين عموماً أو عن الربوبيين بصفة خاصة ... فلكل لا ديني فكره وآراءه ، ولا تستطيع تكوين قطيع من القطط !!

    ولن أختلف معك في كون العقيدة الربوبية لها مصادر أم لا ، أو في إمكانية أن يكون الشخص جاهلاً بالمصادر التي يفترض أنه بنى عليه عقيدته .... ولكن على كل حال لا أمانع أن يقوم الزميل إبن عبد البر بالعودة إلى الأصول الرئيسية للادينية ويقتبس منها ما يدعم حجته .... ولكن تلك الأصول اللادينية لن تكون حجة علي إلا بمقدار ماحوت من أفكار وآراء مقنعة بالنسبة لي .

    وتسهيلاً على الزميل إبن عبد البر أقول ... طالما أننا نناقش البديل للعقائد والشرائع المنزلة من السماء ، فله أن يعتبر أن العلمانية هي ما أتبناه وأقتنع به كبديل للأديان السماوية فيما يخص التشريعات وتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع ... ويشتمل ذلك كل ما إستقر عليه الفكر الإنساني من مبادئ وأفكار تجدها في ميثاق حقوق الإنسان أو قواعد تنظيم المجتمع المدني وغيرها ... وبخلاف ذلك هناك مبادئ وقناعات معينة أتبناها ويمكنني أن أدافع عن منطقيتها وأقدم الأبحاث أو الحقائق التي تشير لذلك ، وسيكون ذلك في حينه حسب سياق النقاش .

    نقطة أخيرة لا بد من توضحيها ، وهو أن مصطلح لادينية هو مصطلح جامع يشمل كل من لا يؤمنون بالأديان سواء كانوا ملحدين أو لا أدريين أو ربوبيين ... والمصطلح الأدق للحديث عن عقيدتي هو مصطلح "الربوبية" .

  2. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    1,421
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ولن أختلف معك في كون العقيدة الربوبية لها مصادر أم لا ، أو في إمكانية أن يكون الشخص جاهلاً بالمصادر التي يفترض أنه بنى عليه عقيدته .... ولكن على كل حال لا أمانع أن يقوم الزميل إبن عبد البر بالعودة إلى الأصول الرئيسية للادينية ويقتبس منها ما يدعم حجته .... ولكن تلك الأصول اللادينية لن تكون حجة علي إلا بمقدار ماحوت من أفكار وآراء مقنعة بالنسبة لي .
    هذا الشرط يترك للأخ ابن عبد البر الموافقة عليه من عدمه وبالتالي استمرار الحوار أم لا ، ومن طرفنا لا نستطيع أن نحكم بشئ وإنما الأخ المحاور هو من سيقرر بشأن هذه النقطة ...
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  3. #33
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    كوني أطالبك بمصادرك فهو تحقيق لفكرتي القائلة بعجز اللادينية عن تلبية المتطلبات العقدية والروحية للبشرية، بمعنى اننا أمام معتقد فضفاض مهلل يقوم على أساس فكرة او اثنتين، الماركسية مثلا نجحت في توحيد المصدر، فإن أحببت الاطلاع عليها فدونك مؤلفات ماركس مثلا، لكن اللادينية تدور في حلقة مفرغة، لا يوجد مصدر يعتبره اللاديني ملزما لعقيدته، وبالتالي يفتح الباب أمام التناقض العقدي في هذا المعتقد، حتى نصبح أمام معتقد يختلف باختلاف الأشخاص.

    أما مسألة العلمانية فليست جديدة، فكل لاديني هو علماني بالضرورة، لتغطية النقص الحاصل في المعتقد من ناحية التشريع، وأرى الحل لاستمرار المناظرة دون تفريعات كثيرة الاتفاق على نقطة واحدة تناقش، أكتب خلالها أدلتي عليها من وجهة نظر الإسلام، وناقضا لرؤية اللادينية لها. على أن تأخذ حق الرد على دليل واحد من الأدلة نتباحث حوله حتى إذا انتهينا منه سواء بتسليمك به أو بقاءك على معتقدك انتقلنا إلى الدليل الثاني وهكذا دواليك، بمعنى ستكون هناك مداخلة جامعة ثم مداخلات تدارسية لكل جزئية فيها، فما رأيك ؟
    التعديل الأخير تم 03-28-2012 الساعة 05:51 AM

  4. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الزميل الفاضل إبن عبد البر .... الزملاء الكرام متابعي الحوار

    إتفقنا أنا والزميل إبن عبد البر على إستكمال المناظرة على أن نتناول كل نقطة أختلاف على حدة قبل الإنتقال للنقطة التالية ، وعليه سنبدأ بالنقاش حول وظائف الدين التي ذكرها الزميل إبن عبد البر كدليل على عجز اللادينية وفشلها ، ثم نتناول بعد ذلك الأدلة التي ساقها الزميل لأثبات حتمية إرسال الرسل ودواعي عدم لياقة الإمتناع عن إرسال الرسل بالله عز وجل ، ثم نختم هذا الجزء من المناظرة بنقاش الأدلة التي سقتها أنا لإثبات عدم سلامة فكرة قيام الله بإرسال الرسل .

    والبداية ستكون مع وظائف الدين ، وهي الوظائف التي يرى الزميل إبن عبد البر بأن المذاهب الفكرية المعاصرة لا تقوم بها مما يلزم حاجة البشر للدين للقيام بتلك الوظائف ، وهذه الوظائف هي :

    -الوظيفة التفسيرية : أي تفسير ظواهر الكون والإجابة على التساؤلات الوجودية المحيطة بالإنسان، حول حكمة الخلق والتعريف بالخالق ودور الإنسان في الحياة وما بعد الموت ،ودفع العدمية .
    - الوظيفة التلقينية : وهو تلقين الناس لفسلفة الدين في الحياة والمجتمع وغيره .
    - الوظيفة التطمينية : أي تطمين الأتباع على مصيرهم ما بعد الموت، ومعرفة المُنجي من المُهلك، وتحذير المخالفين.
    - الوظيفة التأديبية : وهو ما يتعلق بالأخلاق والعبادات والمعاملات .
    - الوظيفة التشريعية : سن القوانين الكفيلة بحماية حقوق الفرد والجماعة، ومعرفة الحلال والحرام ...
    - الوظيفة النفسانواجتماعية: تحقيق الاستقرار للفرد والجماعة وضمان الوحدة التناغم الثقافي بين أفراد الدولة.

    وقد تم الإتفاق مع الزميل إبن عبد البر على أن نبدأ بنقاش الوظيفة التفسيرية للدين ... وستكون هذه الوظيفة هي مدار نقاشنا في المداخلات التالية ، وذلك قبل الإنتقال للوظيفة التالية حتى تغطية الوظائف الستة .
    التعديل الأخير تم 04-09-2012 الساعة 06:13 AM

  5. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي الوظيفة التفسيرية للدين

    الوظيفة التفسيرية للدين

    وتتمثل هذه الوظيفة وفقاً لما ذكره الزميل إبن عبد البر في التالي :

    الوظيفة التفسيرية : أي تفسير ظواهر الكون والإجابة على التساؤلات الوجودية المحيطة بالإنسان، تتحول حكمة الخلق والتعريف بالخالق ودور الإنسان في الحياة وما بعد الموت ،ودفع العدمية .

    وقبل الإستطراد في نقاش تلك الوظيفة ، لا بد من التوضيح بداية بإن من أسوأ ما يمكن أن يقع فيه أي حوار هو الإختلاف حول التعريفات والمصلحات أو التعميمات المسببة للغموض ... وتجنباً لذلك ، أرى ضرورة تحديد ما هي تلك الأسئلة تحديداً التي يقدم الدين إجابات لها ، ومن ثم يكون الدين قد أدى وظيفته التفسيرية عبر إجابة تلك الأسئلة ... ووفقاً لما ذكره الزميل فإن تلك الأسئلة تتمثل فيما يلي :

    1. تفسير ظواهر الكون
    2. الإجابة على التساؤلات الوجودية المحيطة بالإنسان مثل من أين جئنا وأين سنذهب بعد الموت
    3. التعريف بالخالق
    4. التعريف بدور الإنسان في الحياة
    5. دفع العدمية (أي الحاجة للدين لكي يوضح للناس الغاية من وجودهم في هذه الدنيا وقيمة وجودهم فيها ولتأكيد وجود قيم وثوابت في هذه الدنيا مع تعريف الناس بهذه القيم والثوابت)

    وتتخلص وجهة نظري حول وظيفة الدين التفسيرية في التالي :

    1 بالنسبة لدور الدين في تفسير ظواهر الكون ، فمن الواضح بالنسبة لي بأن هذا الدور يقوم به العلم بشكل افضل ، ولم يثبت قيام الأديان بهذا الدور على الإطلاق .

    2 بالنسبة لدور الدين في إجابة التساؤلات الوجودية المحيطة بالإنسان مثل من أين جئنا وأين سنذهب بعد الموت وما شابهها من أسئلة ، فأن مجرد قيام الأديان بتقديم إجابات أو تفاسير لتلك الاسئلة لا يثبت صحة تلك الأديان ، فلا دليل على صحة الإجابات التي تقدمها الأديان لتلك الأسئلة الغامضة .

    وهناك اشياء غامضة عنا نحن البشر ، لم يكشفها الله لنا ، مثل مصيرنا بعد الموت وغيرها ... ويجب على البشرية أن تقر بجهلها بتلك الأشياء وتتقبل ذلك الغموض بدلاً من محاولة إيجاد إجابات بأي وسيلة ... ولا يصح على الإطلاق القول بأن تقديم إجابة لتلك الاسئلة (بغض النظر عن مدى صحة تلك الإجابة) هو أفضل من ترك تلك الأسئلة بلا إجابة

    3 بالنسبة لدور الدين في التعريف بالخالق ، فبداية لعلك تتفق معي بأن إدراك الله يمكن أن يتم عقلاً وبدون الحاجة للرسل ... فما هي الحاجة إذا للرسل للقيام بهذه الوظيفة ... صحيح أن البشرية قد تضل عن خالقها أو تلصق به صفات لا تليق به (وهو ماحدث بالفعل في معظم فترات التاريخ) ، ولكن هل حلت الأديان تلك المشكلة ... أنا أعتقد بأن صورة الله قد تم تشويهها في كل الأديان (ولا أستثني الإسلام من ذلك) ، هذا عدا عن عدم جذب الأديان الصحيحة (التي يفترض أنها تقدم الله بشكل صحيح) سوى لعدد محدود من البشر ، لتبقى المحصلة النهائية واحدة وهي أن الناس تفشل كثيراً في معرفة الخالق أو تخطئ بإلصاق صفات غير لائقة به .

    أخيراً فإن حاجة البشرية للتعرف على خالقهم هي حاجة غير واضحة ، فليس من الثابت منطقاً بأن الخالق العظيم يأبه بأن يحط البشر من قدره أو حتى ينفوا وجوده ... وعموماً إن لم تترتب على معرفة الخالق تبعات فعندها لا يستقيم القول بوجود حاجة لدى البشر لمعرفة خالقهم ، وإذا كان هناك تبعات لتلك المعرفة ، فستكون أهمية معرفة الخالق ليس لذاتها ولكن لتبعاتها ، وهذه التبعات تخرجنا من نطاق وظيفة الدين التفسيرية لتدخلنا في نطاق وظائف أخرى للدين .

    4 بالنسبة لوظيفة الدين في تعريف الإنسان بدوره في الحياة ، فإن ذلك القول مبني على إفتراض إسلامي بأن الله قد خلق الناس لعبادته (بالمعنى الواسع للعبادة) ... وقد سبق لي نقد ذلك القول وبيان بأنه قول لا يقدم إجابة شافية للسبب الذي خلقنا الله من أجله ، حيث يبقى التساؤل مطروحاً ، ليصبح ... لماذا يريدنا الله أن نعبده؟ ، إذاً الدين (الإسلامي على وجه الخصوص) لا يقدم تعريفاً واضحاً ومنطقياً لدور الإنسان في الحياة

    5 أخيراً ، بالنسبة لدور الدين في نفي العدمية ، فمن المؤكد بأن الدين يخلق قيمة لحياة متبعية ويكون لديهم رؤى وثوابت ، وهذا دور جيد يقوم به الدين .... ولكن من المؤكد أيضاً بأن الدين ليس هو المصدر الوحيد لإيجاد قيمة للحياة وخلق هدف للفرد فيها ، بل هناك أشياء كثيرة مزروعة بالفطرة في الإنسان تخلق قيمة لحياته ، بدأاً من غريزة الإنسان الطبيعية في البقاء ، مروراً بسعيه للحصول على حياة سعيدة والإستمتاع بحياته بما يتاح له من وسائل وبإيمانه الفطري ببعض المبادئ والقيم التي يسعى للحياة من أجلها وإنتهاءاً بإحساسه الفطري بالمسئولية تجاه أسرته ومجتمعه وتجاه الإنسانية ، وحرصه على أداء تلك المسئوليات يخلق للإنسان هدفاً وقيمة لحياته .

    ------------------------------------------------------------

    وفيما يلي سأقدم خلاصة وجهة نظر الزميل إبن عبد البر حول إعتراضاتي ، مع ردودي على وجهة النظر تلك


     عجز اللادينية متمثل في عدم إعطاء التفسيرات الضرورية الكفيلة بضمان الصحة النفسية للإنسان وإرضاء حاجاته المعرفية

    من الواضح أن الدين لا يختلف عن اللادينية كثيراً في ذلك ، وفي حين تقر اللادينية بعجزها عن تقديم تفسيرات واضحة لبعض الأسئلة ، نجد الأديان تقدم تفسيرات غير منطقية أو واضحة أحياناً ، أو تقدم تفسيرات لا يمكن التأكد من صحتها في أحيان أخرى ... ولا أجد هنا سوى تكرار ما سبق لي قوله عدة مرات وهو أن الإقرار بالجهل هو خير من تقديم تفسير غير صحيح

    أما حاجة الإنسان للحصول على إجابات لتلك الأسئلة لضمان إتزانه النفسي وإرضاء تطلعه المعرفي ، فهذا شئ يقع عليك عبأ إثباته ، ولديك ملايين الأمثلة لأشخاص لا دينين فهل ثبت لك شقاءهم لعدم معرفتهم بإجابات تلك الأسئلة .


     أقوال علماء الاجتماع تثبت حاجة الإنسان للدين ... وخلاصة الأقوال التي ذكرتها هو أن الحاجة للدين هي حاجة فطرية مغروزة في النفس البشرية

    يحلو لي إدخال تعديل طفيف على تلك العبارة لتصبح (أقوال بعض علماء الإجتماع تثبت حاجة الإنسان للدين) ، اما بخصوص وجود حاجة فطرية للدين مزروعة في النفس البشرية فهو قول يقع عليك عبأ الدفاع عنه ولا يثبت لمجرد وروده على لسان عالم إجتماع

     حاجة الإنسان لإشباع معرفته الوجودية تظهر منذ الصغر، فالطفل منذ نعومة أظافره وهو يسأل والديه عن أمور شتى، حتى يصل ذلك إلى الكون ومن خلقنا وكيف هو وغيره ؟ ... وميل الإنسان إلى المعرفة هو شيء يتفق كل الفلاسفة عليه

    نعم هناك ميل شديد للإنسان للتعرف على الكون وإجابة الكثير من الأسئلة المتعلقة به ، ولكن أحسب أن العلم قد أجاب على الكثير من تلك الأسئلة ، والمنطق والعقل أجاب على سؤال من خلق الكون فعرف الرشيد بأنه خالق عظيم متصف بصفات الكمال ... أما سؤال لماذا خلقنا الله وأين سنذهب بعد الموت فهي أسئلة لم تشبع إجابات الأديان لها تطلع الكثيرين من ذوي العقول الرشيدة ، أم إن الغرض هو الحصول على إجابة والسلام لتلك الأسئلة .... أخيراً لم تثبت لي كيف يشقى من لم يجد إجابة شافية لتلك الأسئلة ... وأكرر ما قلته سابقاً بأن لديك ملايين الأمثلة لأشخاص لا دينين فهل ثبت لك شقاءهم لعدم معرفتهم بإجابات تلك الأسئلة .

    وألتمس العذر من الزميل إن لم أحسن تلخيص أفكاره ، وعلى أي حال في إستطاعته إستدراك أي نقص في عرضي عند قيامه بالرد على مداختلي هذه
    التعديل الأخير تم 04-09-2012 الساعة 09:11 AM

  6. #36
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الزميل الربوبي وفقك الله لما فيه الخير .. أهلا وسهلا .

    الذي أحبه في هذه المناظرة أننا فتحنا مسائلا لا أحسبها مفتوحة من قبل بشكل سهل، وهو شيء ثمين أن نتناقش حول دقائق اللادينية من زوايا مختلفة، ويسعدني أنك من طينة متميزة من اللادينيين، وحري بأن يتعلم المخالفون منك أدب الحوار ودماتة الخلق .

    لكن كان القصد عدم إهمال المداخلات الفارطة ووضعها نصب عينيك، لأن فيها ما يُغني عن إعادة الرد . إضافة إلى أنك متقوقع في التأملات الشخصانية لعقلك، فنحن نتحدث عن بشرية وجماعات وحضارات إنسانية الفيصل فيها علوم الاجتماع والملاحظات والمشاهدات والاستجوابات والإحصائيات، ولا نتحدث عن الطبخ الذي يطغى فيه الذوق من أمثال هل تحب البصل في الطبق من عدمه، فكل تلك الأحكام الطافحة في مداخلاتك هي أحكام قيمة مسبقة تسمى عند المتخصصين "بالسوسيولوجيا العفوية " أي حينما أنطلق من تأمل عقلي عوض عَرَض واقعي إمبريقي، وهذا هو الهوة الفاصلة بيني وبينك، وأحسب أن الحاجز بينك وبين الحق هو اعتمادك على العقلانوية في كل شيء .. وقد أثبتنا للقارئ أننا نستند إلى إحصائيات وأقوال علماء اجتماع انطلقوا في تقرير مواقفهم من مشاهدات وملاحظات وقائعية، مدعومة بأساسات منطقية وعقلية وفطرية، في حين أنك لا تملك إلا النفي دونما شيء يعضد . ويكفي أنك أقررتَ بإفلاس اللادينية وعجزها عن توحيد مصدرها { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ } بله أن تثبت صحة معتقدها، فتكون كعضية تريد الحلول مكان جبل شامخ . والمشكلة أن العضية لا تملك أدلة ولا براهين ولا علم ولا كتاب من رب العزة، { ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }.

    والفلاسفة أجمعوا على تعريف متنوع التعبير واحد المعنى وهو : أن الأسئلة الوجودية هي كل تساؤل إنساني يدخل في نطاق ميتافيزيقي يتداخل فيه الماورائي مع الحسي المصيري. وقد أعطى الفيلسوف الفرنسي بارتليمي سانت هيلر أمثلة عن هذه الأسئلة الوجودية حيث قال في أحد كتبه : " هذا اللغز الذي يستحث عقولنا : ما العالم ؟ ما الإنسان ؟ من أين جاءا ؟ من صنعهما ؟ من يدبرهما ؟ ما هدفهما ؟ كيف بدءا ؟ كيف ينتهيان ؟ ما الحياة ؟ ما الموت ؟ ما القانون الذي يجب أن يقود عقولنا في أثناء عبورنا في هذه الدنيا ؟ أي مستقبل ينتظرنا بعد هذه الحياة ؟ هل يوجد شيء بعد هذه الحياة العابرة ؟ وما علاقتنا بهذا الخلود .. ؟ هذه الأسئلة لا توجد أمة، ولا شعب، ولا مجتمع، إلا وضع لها حلولا جيدة أو رديئة، مقبولة أو سخيفة، ثابتة أو متحولة .. "

    قلتُ : وهي فقرة نفيسة من هذا الفيلسوف الفذ، فقد أثبت أن هذه الأسئلة هي فطرية تقض مضجع العقل ويستحثها للمعرفة، وفي نفس الوقت أثبت أنه في حالة غياب معتقد فإن الإنسان يلجأ إلى وضع معتقدات لتغطية النقص، وأراه عين ما فعله اللادينيون .

    كما ان موسوعة لاروس العريقة قالت: "إن الغريزة الدينية مشتركة بين كل الأجناس البشرية حتى أشدها همجية، وأقربها إلى الحياة الحيوانية .. وإن الاهتمام بالمعنى الإلهي وبما فوق الطبيعة هو إحدى النزعات العالمية الخالدة .. وهذه الغريزة الدينية لا تختفي بل لا تضعف ولا تذبل، إلا في فترات الإسراف في الحضارة وعند عدد قليل جدا من الأفراد "

    يقول هنري برجسون : "لقد وجدت وتوجد جماعات إنسانية من غير علوم وفنون وفلسفات، ولكنه لم توجد قط جماعة بغير ديانة "

    ويوجد إجماع عند علماء الاجتماع المعاصرين وعلماء الأديان وتاريخها حول أن الإنسان كائن متدين بشكل فطري، وأكبر دليل على ذلك أنه لا توجد حضارة قط وجدت بغير دين، فأخرج لي حضارة لا دين لها أيها الزميل ؟

    أضف إلى هذا ما جاء في المداخلة رقم 25، حتى يتضح لك يا صديقي أنك لستَ على شيء، وإلا فأخرج لي ما يعضد قولك ويثبت حجتك .

    وبنظرة تأملية لتلك الأسئلة الوجودية نجزم بأن اللادينية لا قدرة لها على تقديم الإجابات، لأنها بكل بساطة قولٌ على الله بغير علم، هي مجرد تأملات عقلية ظنية، قائمة على ربما ، لو ، أظن ، أعتقد ..{ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } .. وهكذا دواليك حتى أصبح كل لاديني يعتقد اعتقادا معينا في الخالق .
    فمعتقد متضارب نتيجة اختلاف المدارك والعقول لم ولن يستطيع تقديم إجابات كافية شافية للإنسان، وبالتالي لن يغطي الوظيفة التفسيرية للدين .{ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ }.

    من الواضح أن الدين لا يختلف عن اللادينية كثيراً في ذلك ، وفي حين تقر اللادينية بعجزها عن تقديم تفسيرات واضحة لبعض الأسئلة ، نجد الأديان تقدم تفسيرات غير منطقية أو واضحة أحياناً ، أو تقدم تفسيرات لا يمكن التأكد من صحتها في أحيان أخرى ... ولا أجد هنا سوى تكرار ما سبق لي قوله عدة مرات وهو أن الإقرار بالجهل هو خير من تقديم تفسير غير صحيح

    أما حاجة الإنسان للحصول على إجابات لتلك الأسئلة لضمان إتزانه النفسي وإرضاء تطلعه المعرفي ، فهذا شئ يقع عليك عبأ إثباته ، ولديك ملايين الأمثلة لأشخاص لا دينين فهل ثبت لك شقاءهم لعدم معرفتهم بإجابات تلك الأسئلة .
    اللادينية لم تقدم لنا الأساسي فضلا عن الجزئي بخلاف الدين الذي قدم رؤيته المتكاملة معترفا بأن{ وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }، فغطى الوظائف الأساسية التي يحتاجها الإنسان بخلاف اللادينية.
    أما التفسيرات الخاطئة فحكم قيمة لا تستطيع إثباته، وحتى لو صدق لا يمكنك إثبات خطئه .

    ووصفك للادينيين بالملايين لا دليل عليه .. بل هي كما قالت موسوعة لاروس أعلاه .

    1 بالنسبة لدور الدين في تفسير ظواهر الكون ، فمن الواضح بالنسبة لي بأن هذا الدور يقوم به العلم بشكل افضل ، ولم يثبت قيام الأديان بهذا الدور على الإطلاق .
    فليتأمل القارئ جملتك : "ولم يثبت قيام الأديان بهذا الدور على الإطلاق" ... وكيف أنه سهلٌ عليك أن تنفي بجرة قلم البديهي، وقد تفطنتُ لهذا سابقا وتوافقنا على مقدمات منطقية لكنك في كل مرة تخرق نقطة من النقط وأذكرك بما جاء في المداخلة رقم 7 :
    أما فيما يتعلق من أصول عامة للمنطق الحواري، فإني أهيب بك أيها الزميل الطيب باحترام القواعد الآتية في استعمال الروابط والأسوار المنطقية بدل طريق جداول الصدق :

    - أن مانع القضية البسيطة لا دفع لمنعه.

    - ومانع القضية السالبة يسلم جدلاً بنقيضها ولا دفع لمنعه.

    - وأن مانع القضية الشرطية يسلم جدلا بالمقدَّم، وعلى المدعي دفع المنع بإثبات التالي.

    - اما مانع القضية المتصلة يختار أي الموصولين يبدأ بمنعه، ولا خيار للمدعي لإثبات دعواه من أن يدفع المنعَين معا.

    - أما مانع القضية المنفصلة فغير مخير في منع المفصولين، وللمدعي الخيار في أن يدفع المنع بإثبات أحد المفصولين.

    - أما مانع القضية الكلية فله الخيار في أن يُعين أيا من الأفراد ممن يتناولهم السور الكلي، وعلى المدعي أن يثبت أن هذا الفرد يصدق عليه محمول القضية.

    - وأن مانع القضية الجزئية يطالب بإثباتها دون تعيين أي فرد من مجال القول، ويتولى المدعي اختيار هذا الفرد لتحقيق محمول القضية.

    وكيف أنك تُنكر المشاهد الحسي الواقعي، وكأني بك يا زميلي أمام نهر النيل تنفي وجوده ونحن على ضفافه !

    أما تفسير الدين لفلسفة الحياة ودور البشر وصفات الخالق وتبيين إرادته وغيرها فهي العمود الفقري لأي دين، ولك أن ترجع إلى أي مرجع للأديان لتتأكد من الأمر .

    أما قولك بأن العلم يستطيع تقديم إجابات كافية تفسيرية فعذر أقبح من ذنب، فالعلم هو تفسير لنشأة الظواهر التجريبية الحسية، ونطاق تخصصه في إجابة الكيف وليس في إجابة "لماذا ". يقول شاشوان في كتابه تطور المعتقدات الدينية :
    " مهما يكن تقدمنا العجيب في العصر الحاضر .. علميا، وصناعيا، واقتصاديا، واجتماعيا، ومهما يكن اندفاعنا في هذه الحركة العظيمة للحياة العملية، وللجهاد والتنافس في سبيل معيشتنا ومعيشة ذوينا، فإن عقلنا في أوقات السكون والهدوء عظاما كنا أو متواضعين، خيارا كنا أو أشرارا، يعود إلى التأمل في المسائل الأزلية .. وإلى التفكير في العلل الأولى أو الثانية وفي حقوقنا وواجباتنا"

    وقد تأملتُ مؤفات كثير من اللادينيين الواحدة تلو الأخرى، وأعدتُ فيها النظر، متدبرا لأركانها، غير مغفل لجوانبها وما بين سطورها، فوجدتُ أن الخلل عندكم منهجي، وصارفكم عن الحق سلسلة شروط اتحسبونها عقلية وهي في باطنها ليست كذلك، فرأيتُ تأثركم بالمنهج العلموي - ولا أقول العلمي- وبالمنهج العقلوي - ولا أقول العقلي -، لهذا لا بد من خلخلة لمنهجكم قبل مناقشة الفكر .

    والمنهج العلموي هذا الذي تطبق مبادئه على كل شيء، ظهر بطلانه في القرن الماضي عند أزمة العلوم الحديثة، وتكفل عدد من الفلاسفة والعلماء بنقد هذه النزعة التي جنت على البشرية، لكن للأسف الملاحدة ومن تابعهم لا زالوا يحيون مصنفات ومناهج أكل عليها الدهر وشرب، لأنهم لا يطالعون كتبا في العلوم الإنسانية التي تكفلت بنقد تعميم تلك المناهج، بل حاصل ثقافتهم مطالعة كتب العلوم التجريبة وروادها ويتابعونهم في أي شيء بل في كل شيء .

    ونحن نريد منك العودة إلى الأساس الأول الأنطلوجي للمعرفة، والأساس المؤسس للموجودات والمعرفة، وعدم اختزال الظواهر فيما يظهر بل الرجوع بها إلى الوجود الخفي الذي هو بمثابة الماهية الموجودة والحاضرة في كل الأشياء، وبه ستخرج من أزمة المعنى والتوجه الذي تعاني منه المذاهب الفكرية المعاصرة، فأنتَ الآن تحشر العلوم التجريبية ذات النزعة الموضوعية في مواضيع ليست أهلا للخوض فيها، وبالتالي نظرتك تتحدد بكفية شبه تامة من قبل الأسلوب الذي تتبعه هذه العلوم في تناول موضوعاتها ومعالجتها، فينجم عن ذلك بصفة مباشرة التخلي عن الأسئلة الحاسمة بالنسبة لك وللإنسان بصفة عامة واتخاذ موقف اللامبالاة منها، هذه الأسئلة مرتبطة بمصيرك كإنسان، وبمعنى وجودك، وبطبيعة علاقتك بمحيطك، ودور العقل في حياتك. فالمنهج العلموي لا يهتم بهذه الأسئلة لأنها واقعة في أسر النزعة الموضوعية التي تقوم على استبعاد كل ما هو ذاتي من اهتماماته. إذ العلمية أيها الزميل الربوبي حسب المعيار العلمي السائد، تقتصر على ملاحظة الوقائع وتسجيلها، وهذا ما يؤدي إلى استبعاد الأسئلة الأساسية المتعلقة بالوجود الإنساني، ويجعل تلك العلوم عاجزة عن مساعدة الإنسان في إعطاء معنى لحياته وأفعاله وتوجيهها. بل تكون حائلا بينه وبين هذه الأجوبة.

    وباعتمادك للمنهج العلموي فإنك تتخلى عن العقل ومعاييره المنطقية، وتفقد الثقة فيه وفي علومه الفكرية وفي قدرته على الوصول إلى الحق واليقين، والتشكيك في علمية العلوم العقلية يؤدي إلى التشكيك في وجودية الأسئلة الكبرى، أسئلة المعنى والحرية والتاريخ، والوقوع في أسر الحاجات اليومية للحياة العملية وآفاقها الضيقة. فنزعتك قائمة على تأويل خاطئ للعلم، مؤداه أن علم الفيزياء الرياضي الحديث هو المنوذج الوحيد للعلمية، الموصل لليقينية، الكفيل بتغطية دور الدين التفسيري، وهو بمزعمك صالح بل ملزم لجميع العلوم والمعارف بما في ذلك العلوم الدينية والشرعية بل والإنسانية. متغافلا عن أن هذا المنهج له حدود ويستحيل تعميمه على كل المجالات، لأن ماضي العلم يعيش في حاضره على شكل ترسبات، بل لا بد له من مسلمات لا تناقش، وما نقد "باشلار" لمسلمات "أوقليدس" عنا ببعيدة.

    بل ليت شعري كيف لهذا المنهج أن يحلل ثنائية الذات والموضوع، وقضايا الدين والفكر والوعي وهو يختزل المعنى في الموضوع المعطى الحسي فقط ؟ والمعنى بالمفهوم الفلسفي يتشكل في انفتاح الذات على العالم، فموضوعات الإدراك والتفكير والإحساس لا توجد بشكل موضوعي خالص كما لا توجد بشكل ذاتي خالص، بل هي في العلاقة بين الإنسان مع العالم، فكيف لهذا المنهج أن يخوض في هذه المسائل المرتبطة بالوجود والأديان والخالق وهو لا يمتلك وسائل الإجابة والخوض ؟

    ألا ترى أيها الزميل الربوبي أن الفرضي الآن هو ما كنا نعتبره في القرن التاسع عشر والعشرين بالظواهر ؟ وأن الحقيقة العلمية السابقة أصبحت اليوم نظرية كلاسيكية ؟ فلم يعد بمقدورنا منح الثقة قبليا للمعلومات التي يزعم المنهج العلمي أنه يمدنا بها، وهذا ما دفع عالما فيزيائيا يقول في أحد كتبه : " أن المعطى العلمي لم يعد حكما ولا شاهدا بل إنه أصبح متهما، ولا بد أن نتمكن آجلا أو عاجلا من إثبات أنه يكذب، ولذلك فالمعرفة العلمية هي دوما إصلاح لوهم" - باشلار-.

    والمنهج العلمي تحشره في ما لا طاقة له به، وطلب المعلومات منه في في تلك المسائل لن يسمن ولن يعطي نتيجة فكأنك تطلب من علم الطب أن يشرح لك ظاهرة التدين أو صعود اوباما، أو أسباب الأزمة الاقتصادية !!! وهذا ما جعل عددا من العلماء المرموقين يعترفون بحدود العلم، كآينشتين حينما يقول :

    " إني متيقن أن البناء الرياضي الخالص يمكننا من اكتشاف المفاهيم والقوانين التي تحكمها والتي تمكننا من فهم الظواهر الطبيعية . طبعا يمكن للتجربة أن ترشدنا في اختيار المفاهيم الرياضية التي سنستعملها إلا أنها لا يمكن أن تكون هي المنبع الوحيد الذي تصدر عنه ... وبمعنى ما إني أصادق على أن الفكر الخالص قادر على فهم الواقع كما كان يحلم بذلك القدماء " - كتاب المنهاج التجريبي وفلسفة الفيزياء-.

    ويقول هانري بوانكاريه في كتابه العلم والفرضية : " إن مما يصدم الناس أن يروا كم هي فانية النظريات الفيزيائية، فبعد سنوات من الازدهار يرونها تهجر تباعا، ويرون بقاياها تتراكم تباعا ويتوقعون أن النظريات التي توجد حاليا في الواجهة ستفنى بدورها عاجلا .. وهذا ما يسمونه إفلاس العلم ."

    والشاهد عندنا أن للعلم حدودا، ولمنهجه حدودا، وتعميمه سيوقعك في مأزق فكري عقدي صعب، قد تخسر فيه خسرانا مبينا، وتأمل معي قول برونسلاو مالينوفسكي :

    " لا ريب أننا، في الأزمة الراهنة لحضارتنا، قد ارتقينا إلى ذرى مدوخة في العلوم النظرية الخالصة والتطبيقية في ميدان الميكانيكا والكيمياء، وفي نظرية المادة، والصناعة الميكانيكية. ولكننا لا نشعر بالثقة ولا بالاحترام أمام نتائج العلوم الإنسانية، بل لا نعتقد في صلاحية النظريات الاجتماعية. ولا بد في الوقت الحاضر من إقامة توازن بين الهيمنة المفرطة للعلوم الطبيعية وتطبيقاتها من جهة ومن الإجهاد الذي يعاني منه العلم الاجتماعي ..." - نظرية علمية في الثقافة -

    فكل هؤلاء الأشخاص والمفكرون والعلماء لم يرتضوا حشر العلوم التجريبية فيما لا يعنيها، بله حشر المنهج العلمي في قضايا دينية وعقدية وجودية، وهذا تجده مفصلا في كل المؤلفات التي اعتنت بأزمة الحضارة الغربية، والتي كان سببها الرئيسي طغيان "ميتافيزيقا التقنية" والمنهج العلموي، فظهرت ما أطلق عليه الغربيون "بأزمة الحداثة وما بعد الحداثة".

    والعقل عندنا آلة منتجة للمعرفة موصلة إلى الحق إن شاء الله واختيار الدين الصحيح، لأن له تقنيات ومناهج في تنظيم الأفكار وتمحيصها واستخراج النتائج اللازمة عنها، وهو بتعبير ديكارت : " هو نور فطري في الإنسان، يمكنه من التمييز بين الخير والشر، ويوصله إلى معرفة الحقيقة وهو متساو بين الناس جميعا فلا يختلفون في امتلاكه وإنما في طرق استخدامه ". - فطرية العقل-.

    فتأمل في كلام ديكارت الحكيم هذا، وتأمل نعته للعقل بالنور الفطري في الإنسان، بل وتسمية كتابه "بفطرية العقل"، حينما يكون العقل منصتا لنداء الفطرة، فيتحدان في رحلة بحثهما عن الحق، حينها تتوصل إلى الإله الحق وإلى الدين الحق، فتكون سالكا في طريق النجاة، واصلا إلى ما سيريحك بعد الممات.

    لهذا أيها الزميل دعوى استطاعة العلم أن يقدم تفسيرات عقدية وإجابات عن الأسئلة الوجودية هي سفسطة كذوبة يضحك بها الهوى على العقول، وإلا فأخرج لنا الإجابات .

    بل وأقول وأقرر بيقين ما بعده يقين، أن العلم يقود إلى الدين في عالمنا المعاصر.

    ب
    النسبة لدور الدين في إجابة التساؤلات الوجودية المحيطة بالإنسان مثل من أين جئنا وأين سنذهب بعد الموت وما شابهها من أسئلة ، فأن مجرد قيام الأديان بتقديم إجابات أو تفاسير لتلك الاسئلة لا يثبت صحة تلك الأديان ، فلا دليل على صحة الإجابات التي تقدمها الأديان لتلك الأسئلة الغامضة .وهناك اشياء غامضة عنا نحن البشر ، لم يكشفها الله لنا ، مثل مصيرنا بعد الموت وغيرها ... ويجب على البشرية أن تقر بجهلها بتلك الأشياء وتتقبل ذلك الغموض بدلاً من محاولة إيجاد إجابات بأي وسيلة ... ولا يصح على الإطلاق القول بأن تقديم إجابة لتلك الاسئلة (بغض النظر عن مدى صحة تلك الإجابة) هو أفضل من ترك تلك الأسئلة بلا إجابة
    كونك لا تعلم بدليل الصحة لا ينفيها، كما أن إثبات خطئها لا تستطيع إليه سبيلا { لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً } ..وهنا خطأ منهجي :

    فنحن نتحدث عن تشوف النفس إلى هذه الأجوبة وليس عن صحتها، فتشوف النفس إلى الأسئلة دليل على وجود دين من عند الله، وضربٌ لأساسات اللادينية التي لا تملك أجوبة. فهو عندك خرق استدلالي بحيث أنك تستغل نقطة " أ " لنفي النقطة " ش " وكلا النقطتين أجنبيتين عن بعضهما الأولى شرقا والثانية غربا، كمن يستشهد بتحرك النجوم على نفي وجود الاوكسجين في كوكب الأرض !!

    3 بالنسبة لدور الدين في التعريف بالخالق ، فبداية لعلك تتفق معي بأن إدراك الله يمكن أن يتم عقلاً وبدون الحاجة للرسل ... فما هي الحاجة إذا للرسل للقيام بهذه الوظيفة ... صحيح أن البشرية قد تضل عن خالقها أو تلصق به صفات لا تليق به (وهو ماحدث بالفعل في معظم فترات التاريخ) ، ولكن هل حلت الأديان تلك المشكلة ... أنا أعتقد بأن صورة الله قد تم تشويهها في كل الأديان (ولا أستثني الإسلام من ذلك) ، هذا عدا عن عدم جذب الأديان الصحيحة (التي يفترض أنها تقدم الله بشكل صحيح) سوى لعدد محدود من البشر ، لتبقى المحصلة النهائية واحدة وهي أن الناس تفشل كثيراً في معرفة الخالق أو تخطئ بإلصاق صفات غير لائقة به .
    وتبقى دعوى، لأن الغالبية الساحقة من البشر تتدين بدين معين، اما اللادينيون فهم فئتين : فئة مكتفية بلادينيتها . وفئة تعتبر اللادينية مرحلة مؤقتة ريثما تصل إلى الدين المرتضى. وقد سبق الكلام عن دور الرسل في المشاركات السالفة فارجع إليها لأن أب ي كلام هنا سيكون تكرارا وتفريعا لا غير .

    ونحن لا نتفق بأن إدراك الله تفصيلا يكون عقلا، إنما العقل عندنا موصل إلى معرفة وجوده وبعض صفاته إجمالا ولا يستطيع معرفة ما يريده منا عز وجل ومعرفته ودينه تفصيلا. فهنا الفارق الجوهري بيننا . وأكبر دليل على ذلك اختلافكم في المعتقد اللاديني كلٌّ يغني على ليلاه . ومسألة صفات الله في الأديان مرحلة لاحقة .

    بالنسبة لوظيفة الدين في تعريف الإنسان بدوره في الحياة ، فإن ذلك القول مبني على إفتراض إسلامي بأن الله قد خلق الناس لعبادته (بالمعنى الواسع للعبادة) ... وقد سبق لي نقد ذلك القول وبيان بأنه قول لا يقدم إجابة شافية للسبب الذي خلقنا الله من أجله ، حيث يبقى التساؤل مطروحاً ، ليصبح ... لماذا يريدنا الله أن نعبده؟ ، إذاً الدين (الإسلامي على وجه الخصوص) لا يقدم تعريفاً واضحاً ومنطقياً لدور الإنسان في الحياة
    وقد سبق أن نقضنا انتقادك، وأجبنا اعتراضك، ودفعنا شبهة أن الدين الإسلامي لا يقدم تعريفا واضحا لدور الإنسان في الحياة، وهي مجرد كلام مرسل منك لا غير، وهي مسألة واضحة في المصادر الإسلامية نفيتَها بكل بساطة بدون وجه حق حتى يتبين للقارئ ويقيس ما جاء ههنا على مسائل جاءت هنالك تستمر بنفيها . وراجع المداخلة رقم 23 .

    أخيراً ، بالنسبة لدور الدين في نفي العدمية ، فمن المؤكد بأن الدين يخلق قيمة لحياة متبعية ويكون لديهم رؤى وثوابت ، وهذا دور جيد يقوم به الدين .... ولكن من المؤكد أيضاً بأن الدين ليس هو المصدر الوحيد لإيجاد قيمة للحياة وخلق هدف للفرد فيها ، بل هناك أشياء كثيرة مزروعة بالفطرة في الإنسان تخلق قيمة لحياته ، بدأاً من غريزة الإنسان الطبيعية في البقاء ، مروراً بسعيه للحصول على حياة سعيدة والإستمتاع بحياته بما يتاح له من وسائل وبإيمانه الفطري ببعض المبادئ والقيم التي يسعى للحياة من أجلها وإنتهاءاً بإحساسه الفطري بالمسئولية تجاه أسرته ومجتمعه وتجاه الإنسانية ، وحرصه على أداء تلك المسئوليات يخلق للإنسان هدفاً وقيمة لحياته .
    كل ذلك كلٌّ مترابط بين الجينيالوجي الوجودي والفرعي الذي يتبعه، فالإنسان يطمح إلى الكل المترابط وليس الجزئي المبعثر، وإلا ما الحكمة في ان يكون الإنسان ناجحا في حياته متفوقا في مهنته راكم ثروات وأسس عائلة وحقق إنجازات وبعدها جاءه الموت وفرقه عن كل ذلك ؟

    فرقٌ يا زميل بين أن تشغلك أسباب فانية عن الاسئلة الوجودية، وبين أن يكون المرء مدركا لحكمة الحياة والممات بشموليتها . لأن الجزئي مفعول لزاما، مبعثر بغياب الكلي، محكم بوجوده.

    وعليه أيها الزميل نطالبك في كل ادعاء أن ثثبت لنا من قال به من أهل التخصص من المعتبرين، وهم هنا علماء الاجتماع الحياديون ، إضافة إلى إحصائية مجتمعية تقرر صحة مذهبك، وملاحظات واقعية موثقة تؤكد مزعمك . وكل قول خرج بدون ذلك لا يُعتبر .

    فتفضل.

  7. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الزميل إبن عبد البر ، الزملاء الكرام متابعي الحوار ... أجمل التحايا


    أولاً " تذكير بالهدف من هذا الحوار وبمجاله

    بداية أحب أن أذكر الزميل الفاضل والزملاء المتابعين بالهدف من الحوار في هذا الجزء من المناظرة ... الهدف هو إثبات أو نفي الحياد الإلهي ... ولعل الزميل إبن عبد البر يتفق معي مبدأياً على أن التدخل الإلهي يثبت أساساً من خلال إثبات قيام الله بإرسال الرسل والرسالات .

    إذاً لكي يتم نفي الحياد الإلهي لشخص لاديني مثلي ، ليس هناك سبيل سوى عبر إثبات أن قيام الله بإرسال الرسل هو ضرورة عقلية ، أو هو محصلة طبيعية لا بد أن تترتب بناءاً على مقدمات معينة مثل إتصاف الله بصفات الكمال وغير ذلك ... طبعاً هناك طريقة أخرى لإثبات التدخل الإلهي وذلك وفق المنهج العكسي ، أي إثبات صحة الإسلام (أو أي رسالة أخرى) ، ومن ثم يترتب على ثبوت صحتها ثبوت حدوث التدخل الإلهي ، ولكن هذا يخرج من نطاق هذا الجزء من المناظرة ... أذاً نحن نفترض جدلاً في هذا الجزء من المناظرة أن رسالة الإسلام لم يثبت صحتها بعد ، ونناقش بناءاً على ذلك الإفتراض الجدلي .

    نقطة أخرى تكلمنا فيها مراراً ، وما زال المحاور الكريم يصر عليها ، وهو تركيزه على إتهام اللادينية بأنها عقيدة هشة غامضة بلا مصادر وبأنها لا تقدم حلول لمشاكل الإنسانية ... ومرد تلك الإتهامات يا زميلي العزيز هو فقط تحميلك لللادينية ما لا تحتمله ... فكما ذكرت لك في عدة مداخلات سابقة بأن اللادينية ليست معنية بحل مشاكل البشرية وهي ليست دين أو عقيدة جديدة ... اللادينية تعنى بشئ واحد أساساً وهو نفي صحة الأديان ( لذا سميت لا دينية) ... وإذا إنتفت صحة الأديان يصبح عبأ حل مشاكل البشر ملقى على عاتق البشرية ، وليس على رسالات سماوية ينتظر منها أن تعلم الناس كيف يديروا شئون حياتهم ويتدبروا أمورهم وينظموا علاقاتهم ويشبعوا حاجاتهم .

    اللادينية = الأديان غير صحيحة ... full stop .... فهي إذاً ليست منهجاً بديلاً للأديان حتى نقيمها في ضوء أداءها للوظائف التي تقول أنت بأن الأديان تضطلع بها .... فأداء هذه الأدوار ليس مجالها ، وهذا شئ لا يضيرها ... وأراك في ذلك تماماً كمن يتهم أبو العلاء المعري بأن شعره لم يحوي أي إشارة للكيمياء العضوية أو لقوانين ميكانيا الكم الفيزيائية .

    وعليه أرجو أن يكون مجال هذا النقاش هو إثبات أو نفي الحاجة للأديان أو ضرورتها الملحة وعدم إستقامة حياة الناس على كوكب الأرض بدونها ... فهذا هو مجال نقاشنا ... وإثبات الحاجة للأديان والرسل هو سبيلك الوحيد لنفي الحياد الإلهي وبالتالي نقض اللادينية .

    -------------------------------------------------------------------------

    ثانياً : دفاعاً عن مصداقيتي ورد أتهامك لي بان كلامي هو مجرد تأملات عقلية لا دليل عليها


    نقطة أخرى ، سوف أمر عليها سريعاً وهو إتهامك لي بأن أقوالي إنما هي ناتجة عن تأملات وتصورات وليست مدعمة بالأدلة (السيسيولوجيا العفوية كما أسميتها أنت) ... وأرى أن هذا الإتهام لا أساس له من الصحة ... فأنا معظم مداخلاتي إنما هي إشارة لبديهيات عقلية أو إستنتاجات منطقية قائمة على بديهيات عقلية .... ويمكنك أن تنقد ما شئت من مداخلتي بشرط أن تحدد بدقة موطن كلامي الذي تريد أن تعترض عليه ، فإن لم يكن بديهياً أو منطقياً وبحاجة لدليل أتيتك بالدليل .

    وتذكر أن نقاشنا يدور أساساً حول قضايا منطقية ، لذا من الطبيعي أن أن أعتمد على المنطق في إبراز حجتي ، أما أن أقتبس قول فلان أو علان من أقوال علماء الإجتماع ، فهذا شئ أختلف معك حول مدى حجيته في إثبات صحة آرآئي ... وعلى كل حال الآراء العلمية ونتائج الأبحاث والإحصاءات لدي الكثير منها ، وسأوردها في مقامها .

    أنت على سبيل المثال إعترضت من قبل على قولي بأن "الملايين يدعون الله ولم أرى إستجابة لهم" وإعتبرته قول لا دليل عليه حيث لا يمكن أن يتثني لي مشاهدة هؤلاء الملايين ، وهو قول أنا أعنيه وقد رأيت الملايين في الحرم المكي وفي ختمة القرآن ليلة القدر في بعض المساجد الضخة ، وغيرها ... وإعترضت على قولي بأن هناك ملايين لا يؤمنون بالأديان وهو قول ايضاً ثابت إحصائياً ..

    وعلى كل حال ، اعدك بأن أتحرى الدقة بشكل أكبر في مداخلاتي القادمة

    وأراك ذكرت في مداخلتك السابقة ما يلي :

    وقد أثبتنا للقارئ أننا نستند إلى إحصائيات وأقوال علماء اجتماع انطلقوا في تقرير مواقفهم من مشاهدات وملاحظات وقائعية، مدعومة بأساسات منطقية وعقلية وفطرية، في حين أنك لا تملك إلا النفي دونما شيء يعضد

    وهنا أنت تتحدث عن إحصاءات ، في حين لا أذكر أنني رأيت أي إحصاءات في مداخلاتك السابقة ... رأيت فقط سرداً لبعض أقوال علماء الإجتماع ... ولكنها في نظري لا تعدو أن تكون مجرد آراء تعبر عن قائليها .... ولي سؤال أطرحه عليك وأرجو أن تجيبني ... هل تلك الآراء التي سردتها لبعض علماء الإجتماع هي آراء متفق عليها بين علماء الإجتماع ؟؟ هل هي جزء من نظريات علم الإجتماع الراسخة ؟؟ ألا يوجد آراء لعلماء إجتماع آخرين يخالفوا تلك النظريات ؟؟ بدون أن أجهد نفسي في البحث أنا متأكد 100% بأن هناك الكثير من علماء الإجتماع ممن يرفضون تلك الأقوال التي أتيت بها .

    من ناحية أخرى ، أرجو منك التكرم بإيضاح القيمة العلمية لقول مبتور لعالم إجتماع ... (ما هو السياق الذي قال فيه هذا الكلام ، ومتى قاله وهل رجع فيه أم لا ، وهل قاله كرأي علمي أم كمجرد وجهة نظر شخصية أو إحساس قام بالتعبير عنه عبر هذا القول ... هل هذا العالم الإجتماعي "محايد" ... وأنا أعرف يقيناً أن بعض من أستشهدت بهم من علماء الإجتماع كانوا أشخاص يدافعون عن المسيحية في وجه تيار اللادينية الذي كان قد بدأ يسيطر على الساحة الثقافية والعلمية في أوربا خلال القرنين الثامن والتاسع عشر ... ولعل من أسهل الأشياء على عالم إجتماع يريد كسب جمهور العوام هو الإدلاء بتصريح يدافع فيه عن الدين ... إذاً هناك شكوك تحوم حول مصداقية تلك الاقوال المبتورة التي أوردتها لبعض علماء الإجتماع وهناك شك في مدى دلالاتها .

    وفي المداخلة القادمة سوف اقوم بإستعراض المسائل الخلافية بيننا والمتعلقة بإثبات أو نفي الحاجة لإرسال الرسل ..

    ولكن قبل ذلك أختم هذه المداخلة ، رأيت ضرورة المرور على مسألة حدث بيننا فيها خلاف ليس لشئ سوى بسبب سوء التفاهم والإختلاف في إستخدام المصطلحات ... حيث أراك تعترض في مداخلتك الأخيرة على قولي بعدم وجود دور للدين في تفسير ظواهر الكون وأن العلم يقوم بهذا الدور بشكل أفضل ... وأحسب أن الإختلاف بيننا هنا لا يعدو أن يكون خلاف مفاهيم ومصلحات ... فما عنيته أنا هو دور الدين في تفسير ظواهر الكون الطبيعية الفيزيائية .

    ولعلك متفق معي بأن الدين لم يفسر ظواهر الكون الطبيعية الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية ، أما اذا كان لديك مفهوم آخر لظواهر الكون التي يفسرها الدين فالرجاء التوضيح ، فقولك بأن الدين يفسر ظواهر الكون هو قوم شديد العمومية ، إن لم يفهم كما فهمته أنا .

    وأراك قد أسهبت في نقاش هذه الجزئية ، ودخلت في نطاقات لا أرى تعلقها بحوارنا ، حيث خضت في مسألة إنتقاد العلم وقصوره عن فهم الظواهر الطبيعية وأزمة ما بعد الحداثة وغيرها ... ولا أدري هل كلامك هو محاولة لدحض فكرة أن العلم يفسر الظواهر الكونية بشكل عام بما فيها الظاهرة الدينية (وهذا ما لم أعنيه أنا) أم أنك عنيت بكلامك إنتقاد العلم حتى في تفسيره لظواهر الكون الطبيعية الفيزيائية والكيمائية .


    ملحوظة أخيرة : هل اللادينين هم بالملايين ... هذه معلومة أراك إعترضت عليها ، وأرى إعتراضك في غير محله ، فالإحصاءات المؤكدة تشير لذلك ، وإذا لم يكن بوسعك الرجوع لتلك الإحصاءات والتأكد بنفسك ، فسادلك عليها .

  8. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    مسائل مطروحة للنقاش والحوار


    المسألة الأولى : غريزة التدين

    التدين غريزة تعني وفقاً لما جاء في مداخلتك السابقة وما إستشهدت عليه بأقوال علماء الإجمتاع أحد شيئن أو كلاهما :

    1. الشئ الأول هو أن الإنسانية لديها أسئلة وجودية حائرة تبحث لها بشدة عن إجابة (عن طبيعة الحياة والهدف منها وما وراءها وغير ذلك من الأسئلة المشابهة) أي الإنسان هو بطبعه متلهف ومتشوق لإيجاد إجابات لتلك الأسئلة .

    2. الشئ الثاني هو أن الإنسان لديه إهتمام طبيعي بالمعنى الإلهي ، وإدراك بأن هناك قوى خارقة خلقت الكون وتسيطر عليه ، ومن ثم يكون لديه ميل قوي للتواصل مع تلك القوى والخضوع لها وكسب رضاها .

    .... ولكن ما تقدم لا يعني بأي حال بأن هناك شئ يسمى غريزة التدين

    فبداية فإنه لا يمكن إطلاق مصطلح "غريزة" لتسمية تلك الأشياء .... أنت يا عزيزي متخصص في علم الإجتماع ، فلماذا لم تشير إلى أن مصطلح غريزة في الأساس لا يصح إطلاقه إلا في نطاقه البيولوجي وليس النفسي أو الإجتماعي (وهذا شئ يجمع عليه تقريباً علماء الإجتماع المعاصرين) ... لماذا لم تذكر أن إستخدام لفظ الغريزة لوصف بعض الدوافع السلوكية هو وصف شاذ ومرفوض في الأوساط العلمية ... لماذا لم تذكر أن علماء الإجتماع متفقين تقريباً على أن كل ما يمكن للشخص أن يمتنع عن فعله بدون ألم ومجاهدة لا يصلح أن نطلق عليه مصطلح غريزة ... الميل للطعام غريزة ، الميل الجنس غريزة ، البقاء وحفظ الذات من الضرر غريزة ، وكلها غرائز لا يتخلف الناس حولها ، فهل يندرج التدين في هذا الإطار ... لا أظن ذلك ...

    التدين ليس غريزة يا عزيزي ، ولكنه مظهر لغرائز أخرى ... مثل غريزة حب البقاء والخوف من المجهول والميل لملأ الفراغ المعرفي والرغبة في التوافق الإجتماعي عبر تبني المجتمع لنمط متماثل من القيم والمعتقدات ... ومن رحم هذه الغرائز تطور الدين بشكل طبيعي ، والمعادلات الدالة على ذلك بسيطة وواضحة ،


    المعادلة الأولى
    قناعة بالوجود الإلهي وقدرة على تصور إله عظيم كامل + ميل طبيعي للإنسان للخضوع لمن هو أقوى منه ومحاولة إرضاءه + ضعف الإنسان القديم أمام قوى الطبيعة التي كان هو على قناعة بأنها موجهة بواسطة ذلك الإله وأنه يمكن التحكم فيها عبر إرضاء ذلك الإله + وجود أشخاص يدعون القدرة على الإتصال بالآلهة ومعرفة ما يرضيها وما يغضبها

    = قيام المجتمعات القديمة بإيجاد أنماط من الطقوس والممارسات والقواعد لإرضاء تلك الآلهة


    المعادلة الثانية
    وجود أسئلة بشرية حائرة + رغبة الإنسان الجامحة لملأ الفراغ المعرفي + ميل للأسطرة والخرافة في ظل غياب العلم ووجود بعض الأشخاص الذين يحاولون الحصول على سلطة من خلال إدعاء معرفة إجابات تلك الأسئلة الحائرة

    = قيام المجتمعات القديمة بإيجاد إجابات تلك الأسئلة ، وبالطبع من السهل أيضاً ربط إجابات تلك الأسئلة بالآلهة وبالنسق الديني الناتج عن المعادلة الأولى

    مما تقدم أقول لك بكل ثقة بأن الغريزة ليست هي التدين ... ولكن الغريزة تكمن في ميل البشر لملأ الفراغ المعرفي والخوف من المجهول ، وفي الرغبة في إرضاء الأشخاص او الأشياء التي نعتقد بأنها تتحكم في حياتنا


    والنسبة لقولك بأن كل الحضارات السابقة قد إتخذت أديان ، مما يدل على أن التدين غريزة في النفس البشرية ، فهذا شئ أختلف معك حوله ... لأن هناك تفسير متكامل بديل للسبب الذي دفع الحضارات السابقة لإتخاذ أديان ... وليس من الصعب أن نتصور كيف تؤدي أسئلة الإنسانية الحائرة بالإضافة لأدراكها للمعنى الإلهي وإستشعارها بأن هناك قوى عظمى خلقت الكون وتسيطر عليه إلى ظهور الأديان ... ولعلك تتفق معي بأن الكثير من علماء الإجتماع يفسروا ظهور الأديان وفقاً لذلك .

    القدماء آمنوا بالسحر وآمنوا بالتطير أو الشؤم من بعض الأشياء أو الأرقام ... وهذه أيضاً أشياء تجدها في كل المجتمعات القديمة ... فهل يعني ذلك بأن الإيمان بهذه الأشياء هي غريزة بشرية ، وهل يعني إجماع أهل الحضارات القديمة عليها على أنها اشياء صحيحة .


    المسألة الثانية : حاجة البشرية الماسة لإجابة الأسئلة الوجودية وعدم إستقامة حال البشر بدون حصولهم على إجابات لتلك الأسئلة

    بداية أراك تتفق معي في صعوبة الجزم (بدون الإعتماد على ما يقوله الدين) على صحة إجابات الأديان لتلك الأسئلة الوجودية ... ولكنك تعتبر أن الحاجة للرسل للقيام بالدور التفسيري يتمثل في دور الدين في إشباع تشوق النفس إلى إجابات تلك الأسئلة كما قلت أنت ...

    وعلى كل حال أرى أن أفضل دحض لرأيك في هذا الصدد هو "أنا شخصياً" وغيري ملايين من اللادينين ، والذين يعيشون حياتهم بشكل طبيعي بدون أن يعانوا من فقد إجابات بعض تلك الاسئلة وبدون أن يكون لديهم يقين راسخ بإجابة بعضها الآخر .... مرة أخرى أكرر ما قلته سابقاً .. إثبت لي شقاء من لا يجهد نفسه في فك طلاسم هذه الأسئلة ويقبل بفكرة غموض إجاباتها

    وإن قلت بأن غياب إجابات لتلك الأسئلة سيؤدي إلى بالضرورة عبثية الحياة ويثبت العدمية (كما يفهم من مداخلتك الأخيرة) حيث قلت ما معناه بأنه لا قيمة لحياة الإنسان ولن يشعر الإنسان بقيمة لحياته بدون إيمانه بوجود حياة تالية بعد موته ، وإلا فستصبح الحياة نوع من العبث قصير المدى ينتهي بلحطة الموت ...

    ولكن لو كان كلامك هذا صحيحاً وكانت الحياة عبثاً ، لما رأينا هذا التهافت والتقاتل عليها والتشبث بها ... ينطبق ذلك على أكثر الناس تديناً وأكثرهم إلحاداً ... فحب الحياة والرغبة في العيش فيها والإستمتاع بها (ليس شرط المتع المادية فقط) كل هذه غرائز وحاجات إنسانية طبيعية لا مجال لإنكارها ولست مطالباً بإثباتها ... وهذه هي ما تجعل لحياة الناس قيمة ... عبثية الحياة وعدميتها هذا فقط مصطلح موجود لدى المصابين بالإكتئاب وغير القادرين على التكيف ... معظم الناس (بغض النظر عن عقيدتهم) هم على النقيض ينجحون في إيجاد معنى وقيمة وهدف لحياتهم ... ولو أردت رأيي الشخصي ، فإن الشعور بعدمية الحياة وعبثبتها هو شئ لم ألمسه إلا لدي بعض الأفراد شديدي التدين ولعل لهم الحق في إتخاذ هذا الموقف من الحياة والذي يتماشى تماماً مع تعاليم دينهم ... الدين بإختصار لا ينفي العدمية أو عبثة الحياة بل هو يؤكدها ويدعمها لدى الكثير من أتباعه .

    من ناحية أخرى فإن اللادينية لا تعني بالضرورة إفتقاد إجابات تلك الأسئلة الوجودية ، بل لعلك أقررت بأن الكثير من المناهج اللادينية قد أوجدت إجابات لتلك الاسئلة ... أنا مثلاً لا ديني ولكن لدي إيمان بوجود حياة بعد الموت ، وهناك الكثير من اللاديينن ممن يتبنون نفس الفكرة ... ولدي إجابات أخرى لبعض الأسئلة الأخرى ... أذاً لست في حالة معاناة وبؤس بسبب إفتقاد إجابات تلك الاسئلة ... أنا فقد افتقد اليقين التام (الذي تدعيه الأديان) بإجابات تلك الأسئلة ...

    فاللاديني لديه إجابة ولكنه يظن وغير موقن ، أما الديني فلديه إجابة هو موقن بأنها إجابة صحيحة (رغم أن إجابته تختلف عن إجابة نظيره الديني الذي يدين بدين آخر) .

    طبعاً الملحدين يختلفوا عن اللادينين (الربوبيين واللاأدريين) في هذه النقطة ، فالملحدين يمتلكوا يقين راسخ مماثل ليقين الدينين بصحة إجاباتهم لتلك الأسئلة ... ووفقاً لتحليلك فإن الملحد لا يعاني بسبب عدم وضوح إجابات تلك الأسئلة الوجودية بالنسبة له .


    أخيراً ... فإن ما سيتم طرحه في النقطة القادمة (غموض السبب الذي خلقنا الله من أجله وبالتالي غياب الإجابة الواضحة لكل الأسئلة الأخرى) يؤكد بشكل قاطع غموض إجابات تلك الأسئلة الكونية وعدم إمكانية الإعتماد على الدين في تفسيرها وتوضحيها .


    المسألة الثالثة : لماذا خلقنا الله ، وإذا كنا لا نعرف لماذا خلقنا الله ، أليس من الأدعى قبول الغموض في الأسئلة الوجودية الأخرى التي لا نعرف جواباً لها

    في مداخلة سابقة لي قمت ببيان غموض الغاية التي خلقنا الله من أجلها ، وهذا الغموض يترتب عليه تبعات هامة ... فإذا كنا لا نعلم على وجه اليقين لماذا خلقنا الله من أجلها فمن باب أولى أن نتقبل غموض بعض الأشياء الأخرى مثل مصيرنا بعد الموت والكيفية التي تتحقق بها العدالة الإلهية وغير ذلك .

    وأراك حاولت نقض وجهة نظري تلك وإثبات وضوح الغاية التي خلقنا الله من أجلها (أي لعبادته وفق وجهة النظر الإسلامية) ... ولكن لو راجعت مداخلتك تلك (التي حاولت فيها إثبات وضوح الغاية من خلق البشر) فستجد بأنها لا تحوي أي دليل منطقي يثبت فعلاً أن الله قد خلقنا لعبادته ... مداخلتك بهذا الشأن لا تعدو أن تكون هجوماً على اللادينية من منطلق أنها لا تقدم غاية بديلة لقيام الله بخلقنا (أي أنكم أيها اللادينيون إذا لم تستطيعوا أن تخبرونا بالغاية التي خلقنا الله من أجلها فأصمتوا وأقبلوا بوجهة النظر الدينية !!)

    بإختصار ... أنا ما زلت أطالبك بإعطاء تبرير منطقي للقول بأن الله قد خلقنا لعبادته ... (بدون اللجوء للنصوص الدينية حتى لا تقع في فخ المنطق الدائري) ... ودعك مما نؤمن به نحن اللادينيون ... فهذا شئ غير ذي صلة بدفاعك عن وجهة النظر الدينية التي تقول بأن الله قد خلقنا لعبادته .

    أريدك أن تقول لي .... بما أن كذا وكذا ، وبالنظر لكذا وكذا ... فمن المنطقي أن يكون الله قد خلقنا لعبادته ... مع الاخذ في الإعتبار لشيئين :

    1) أن الله غني عن عبادتنا
    2) أن الله لم يكن بحاجة لخلقنا من الأساس إذا كان قد خلقنا فقط من أجل تحقيق مصلحة خاصة بنا نحن البشر


    المسألة الرابعة : الحاجة للدين لمعرفة الخالق

    وهي مسألة أراك تتفق معي حولها ، حيث أكدت عدم الحاجة للدين لمعرفة وجود الله وإدراك بعض صفاته ، فشكراً لك ...

    أما ما لا يدرك بالعقل ويدرك فقط بالدين من صفات الله أو ما يريده الله منا ، فهذه الأشياء لا يصلح الإستدلال بها لإثبات حاجتنا للرسل ... تذكر أنك تناقش شخص لا ديني لا يؤمن بالإسلام ومن ثم إذا أردت إقناعي بالحاجة لإرسال الرسل ... يجب عليك أن تثبت أولاً أن الله يريد منا أو طلب منا تلك الأشياء أو يتحلى بتلك الصفات التي لا يستطيع العقل إدراكها ... أراك قد وقعت في فخ المنطق الدائري في تلك النقطة ، حيث قمت بالإستدلال باقوال الدين لإثبات الحاجة لإرسال الرسل .

    ولك تحياتي
    التعديل الأخير تم 04-20-2012 الساعة 05:48 AM

  9. #39
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الزميل الكريم .. لا أخفيك أني لما قرأتُ مشاركاتك التالية أصبت بإحباط نتيجة استمرارك في مبدأ الانتقائية وضرب المفصل بالمجمل، والرد عبر رأيك أنتَ، إضافة إلى تهربك من كل الإلزامات أعلاه .. فقد طالبتك بنقط واضحات اعلاه لم تجبها :

    - عدم إهمال المداخلات الفارطة، الشيء الذي لم تلتفت إليه .

    - استمرارك على منهج تحكيم رأيك مقابل الأطروحات العلمية الاجتماعية .

    - إتيانك بكلام يخالف العقل والواقع، وحينما طالبناك بأدلة تعضد موقفك من المتخصصين وغيره ما أجبتَ.

    - طالبناك بالتقيد بالشروط المنطقية والأسوار المتفق عليها سابقا، فاستمررت بتجاهلها .

    إضافة إلى أننا اتفقنا على الخاص بالبدء بمسألة الأدوار الدينية حتى إن استفرغناها أتينا إلى مسألة إثبات صحة الأديان، الشيء الذي لم تلتزم به، وأراك بدأتَ تنادي بالتقافز .

    والإدارة هي المخولة بإلزام كلا الطرفين، فلا أملك إلا إظهار الحجج لك وللقارئ الذي سيحكم بنفسه على كلا الموقفَين.

    وأحسب أن هذا الجدال لن ينقضي ولن نفرغ منه ولو بعد عام غن بقيتَ على منهجك الحواري هذا .

    أولاً " تذكير بالهدف من هذا الحوار وبمجاله

    بداية أحب أن أذكر الزميل الفاضل والزملاء المتابعين بالهدف من الحوار في هذا الجزء من المناظرة ... الهدف هو إثبات أو نفي الحياد الإلهي ... ولعل الزميل إبن عبد البر يتفق معي مبدأياً على أن التدخل الإلهي يثبت أساساً من خلال إثبات قيام الله بإرسال الرسل والرسالات .

    إذاً لكي يتم نفي الحياد الإلهي لشخص لاديني مثلي ، ليس هناك سبيل سوى عبر إثبات أن قيام الله بإرسال الرسل هو ضرورة عقلية ، أو هو محصلة طبيعية لا بد أن تترتب بناءاً على مقدمات معينة مثل إتصاف الله بصفات الكمال وغير ذلك ... طبعاً هناك طريقة أخرى لإثبات التدخل الإلهي وذلك وفق المنهج العكسي ، أي إثبات صحة الإسلام (أو أي رسالة أخرى) ، ومن ثم يترتب على ثبوت صحتها ثبوت حدوث التدخل الإلهي ، ولكن هذا يخرج من نطاق هذا الجزء من المناظرة ... أذاً نحن نفترض جدلاً في هذا الجزء من المناظرة أن رسالة الإسلام لم يثبت صحتها بعد ، ونناقش بناءاً على ذلك الإفتراض الجدلي .
    أذكر بأن الهدف من هذا الجزء هو إثبات احتياج الإنسان لدين ومعتقد يجيب عن أسئلته الوجودية، الشيء الذي لا تستطيعه اللادينية، وإن كان دليلا على إحتياج الإنسان للرسل عليهم صلوت ربي وسلامه، إلا اننا نركز على جانب قضوي دون آخر، نظراً للاتفاق الذي جرى بيننا قبلاً .

    أما طرائق إثبات إرسال الرسل ومبدأ الرعاية الإلهية وغيره فمتعددة سنراها في حينها .

    ن
    قطة أخرى تكلمنا فيها مراراً ، وما زال المحاور الكريم يصر عليها ، وهو تركيزه على إتهام اللادينية بأنها عقيدة هشة غامضة بلا مصادر وبأنها لا تقدم حلول لمشاكل الإنسانية ... ومرد تلك الإتهامات يا زميلي العزيز هو فقط تحميلك لللادينية ما لا تحتمله ... فكما ذكرت لك في عدة مداخلات سابقة بأن اللادينية ليست معنية بحل مشاكل البشرية وهي ليست دين أو عقيدة جديدة ... اللادينية تعنى بشئ واحد أساساً وهو نفي صحة الأديان ( لذا سميت لا دينية) ... وإذا إنتفت صحة الأديان يصبح عبأ حل مشاكل البشر ملقى على عاتق البشرية ، وليس على رسالات سماوية ينتظر منها أن تعلم الناس كيف يديروا شئون حياتهم ويتدبروا أمورهم وينظموا علاقاتهم ويشبعوا حاجاتهم .
    شكرا جزيلا، وهذا اعتراف يوافق ما سبق أن قُلناه سابقا بأن اللادينية ستفشل لا محالة في القيام مقام الأديان وذلك مقرر في مداخلاتي أعلاه .

    لادينية = الأديان غير صحيحة ... full stop .... فهي إذاً ليست منهجاً بديلاً للأديان حتى نقيمها في ضوء أداءها للوظائف التي تقول أنت بأن الأديان تضطلع بها .... فأداء هذه الأدوار ليس مجالها ، وهذا شئ لا يضيرها ... وأراك في ذلك تماماً كمن يتهم أبو العلاء المعري بأن شعره لم يحوي أي إشارة للكيمياء العضوية أو لقوانين ميكانيا الكم الفيزيائية .

    وعليه أرجو أن يكون مجال هذا النقاش هو إثبات أو نفي الحاجة للأديان أو ضرورتها الملحة وعدم إستقامة حياة الناس على كوكب الأرض بدونها ... فهذا هو مجال نقاشنا ... وإثبات الحاجة للأديان والرسل هو سبيلك الوحيد لنفي الحياد الإلهي وبالتالي نقض اللادينية .
    ونحنُ في هذا الجزء نثبت الحاجة للأديان وليس شيئا آخر يا زميل، وأعجب منك تقرر هذا وكأنك لم تكن متابعا للمداخلات ؟؟ !!!

    وقد سبق أن قفزتَ على إلزامنا لك بنسبة العطالة لله عز وجل - تعالى وتقدس- فأسألك إن كان الإله بحسب لادينيتك محايد ولا يتدخل في رزق أو عقاب أو مقادير .. فما الذي يفعله الآن بحسب معتقدك ؟؟

    نقطة أخرى ، سوف أمر عليها سريعاً وهو إتهامك لي بأن أقوالي إنما هي ناتجة عن تأملات وتصورات وليست مدعمة بالأدلة (السيسيولوجيا العفوية كما أسميتها أنت) ... وأرى أن هذا الإتهام لا أساس له من الصحة ... فأنا معظم مداخلاتي إنما هي إشارة لبديهيات عقلية أو إستنتاجات منطقية قائمة على بديهيات عقلية .... ويمكنك أن تنقد ما شئت من مداخلتي بشرط أن تحدد بدقة موطن كلامي الذي تريد أن تعترض عليه ، فإن لم يكن بديهياً أو منطقياً وبحاجة لدليل أتيتك بالدليل .

    وتذكر أن نقاشنا يدور أساساً حول قضايا منطقية ، لذا من الطبيعي أن أن أعتمد على المنطق في إبراز حجتي ، أما أن أقتبس قول فلان أو علان من أقوال علماء الإجتماع ، فهذا شئ أختلف معك حول مدى حجيته في إثبات صحة آرآئي ... وعلى كل حال الآراء العلمية ونتائج الأبحاث والإحصاءات لدي الكثير منها ، وسأوردها في مقامها .
    أنا أطالبك بإبراز أدلتك يا زميل ؟ وقد قررنا سابقا بأنك تنفي البديهيات العقلية، وسبق ان فصلنا في مسألة الواقع ونفيه عندك فراجعه .

    اما مسألة مقابلة رأيك بأطروحات واقعية تستمد مصداقيتها من المشاهد المدروس فهو امر مرفوض عندي بالمطلق، تحدث بعلم يا زميل بدون سفسطة، فالنفي بجرات الأقلام من أسهل الأشياء على وجه الأرض.

    فما عنيته أنا هو دور الدين في تفسير ظواهر الكون الطبيعية الفيزيائية .
    قد أعطيتك يا زميلي أمثلة عن الأسئلة الوجودية التي يجيب عنها الدين، اما تفسير الظواهر الفيزيائية فهي من اختصاص العلم وقد فصلنا في ذلك اعلاه .

    .. ولكن ما تقدم لا يعني بأي حال بأن هناك شئ يسمى غريزة التدين

    فبداية فإنه لا يمكن إطلاق مصطلح "غريزة" لتسمية تلك الأشياء .... أنت يا عزيزي متخصص في علم الإجتماع ، فلماذا لم تشير إلى أن مصطلح غريزة في الأساس لا يصح إطلاقه إلا في نطاقه البيولوجي وليس النفسي أو الإجتماعي (وهذا شئ يجمع عليه تقريباً علماء الإجتماع المعاصرين) ... لماذا لم تذكر أن إستخدام لفظ الغريزة لوصف بعض الدوافع السلوكية هو وصف شاذ ومرفوض في الأوساط العلمية ... لماذا لم تذكر أن علماء الإجتماع متفقين تقريباً على أن كل ما يمكن للشخص أن يمتنع عن فعله بدون ألم ومجاهدة لا يصلح أن نطلق عليه مصطلح غريزة ... الميل للطعام غريزة ، الميل الجنس غريزة ، البقاء وحفظ الذات من الضرر غريزة ، وكلها غرائز لا يتخلف الناس حولها ، فهل يندرج التدين في هذا الإطار ... لا أظن ذلك ...

    التدين ليس غريزة يا عزيزي ، ولكنه مظهر لغرائز أخرى ... مثل غريزة حب البقاء والخوف من المجهول والميل لملأ الفراغ المعرفي والرغبة في التوافق الإجتماعي عبر تبني المجتمع لنمط متماثل من القيم والمعتقدات ... ومن رحم هذه الغرائز تطور الدين بشكل طبيعي ، والمعادلات الدالة على ذلك بسيطة وواضحة ،
    قولك غير دقيق: فمصطلح الغرائزي في علم الإجتماع مقابل لمفهوم الفطري، الذي لا يستطيع الإنسان العيش بدونه، والذي استعمله هم بعض علماء الاجتماع بينما اصطلح عليه آخرون بنزعة التدين، وسواء هذا أو ذاك له نفس المعنى .

    وكون عدد من البشر يستطيعون العيش بدون دين لا ينفي فطرية التدين، لأنه هناك مثلا من لم يتزوج في حياته ولم يدخل في علاقة جنسية قط، فهل معناه نفي الغريزة الجنسية ؟ ومن الناس من يلقي بنفسه للمهالك مخالفة لغريزة حب البقاء ؟ فهل معنى ذلك نفيها ؟ .

    وعموما أخرج لنا علمك .

    لمعادلة الأولى
    قناعة بالوجود الإلهي وقدرة على تصور إله عظيم كامل + ميل طبيعي للإنسان للخضوع لمن هو أقوى منه ومحاولة إرضاءه + ضعف الإنسان القديم أمام قوى الطبيعة التي كان هو على قناعة بأنها موجهة بواسطة ذلك الإله وأنه يمكن التحكم فيها عبر إرضاء ذلك الإله + وجود أشخاص يدعون القدرة على الإتصال بالآلهة ومعرفة ما يرضيها وما يغضبها

    = قيام المجتمعات القديمة بإيجاد أنماط من الطقوس والممارسات والقواعد لإرضاء تلك الآلهة


    المعادلة الثانية
    وجود أسئلة بشرية حائرة + رغبة الإنسان الجامحة لملأ الفراغ المعرفي + ميل للأسطرة والخرافة في ظل غياب العلم ووجود بعض الأشخاص الذين يحاولون الحصول على سلطة من خلال إدعاء معرفة إجابات تلك الأسئلة الحائرة

    = قيام المجتمعات القديمة بإيجاد إجابات تلك الأسئلة ، وبالطبع من السهل أيضاً ربط إجابات تلك الأسئلة بالآلهة وبالنسق الديني الناتج عن المعادلة الأولى
    وكل ذلك مدحوض مندفع بأن الدين هو المهيمن على شعوب العالم المعاصر، بالرغم من التقدم العلمي والحضارت، فمثلا هذه إحصائية لعدد المعتنقين للأديان عبر العالم قامت بها منظمة أطلس هيستورك سنة 2002، تبين ان عدد المعتنقين للأديان يفوق الستة ملايير، حتى في الدول الأكثر تقدما، مقابل دول تعلن صراحة عن إلحادها وهي لا تتجاوز الأربعة، ومن المتنقاضات ان تلك الدول بها أغلبية متدينة :

    http://monblog.ch/listezmoi/?p=200701271512120

    هنا أيضا نموذج لإحصائيات سنوية تُظهر ان غالبية المجتمع الفرنسي من المتدينين المؤمنين، لكن لوحظ ضعف في التدين المسيحي والارتداد عنه لصالح أديان أخرى :

    http://atheisme.free.fr/Religion/Sta..._2.htm#csa2004

    وهنا إحصائيات في مجموعة من الدول الغربية، كلها تبين الأغلبية المتدينة :

    http://atheisme.free.fr/Religion/Sta...igieuses_3.htm

    وقد تعمدتُ ان آتيك بإحصائية مجموعة من طرف موقع إلحادي من باب شهد شاهد من أهلها .

    لي عودة ...

  10. #40
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    حتى لا تموت المناظرة لفترة انشغالي الشديد التي أعتذر عنها .. فإني أئذن للزميل الربوبي في التعقيب إن شاء أو تذكيري بنقط جوهرية أغفلتُها أو التقدم في محاور المناظرة :

    فإن كان تعقيبا فنُلزم محاورنا بالاستشهاد بإحصائيات لأي شعب في العالم تثبت عدم احتياج الناس بالأغلبية للأسئلة الوجودية مرفقة بأطروحات علم الاجتماع، إضافة إلى الإلزامات الأخرى

    وإن كان تذكيرا في نقط فليتفضل دونما تعقيب .

    وإن كان تقدما إلى محور آخر في المناظرة فليتفضل.

    والله المستعان.

  11. #41
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    الزميل إبن عبد البر ...

    اجمل التحايا ... أبدأ بالإعتذار عن التأخر في الرد لمشاغلي الكثيرة هذه الأيام ...

    وسألخص مداخلتي تلك في أربعة نقاط أساسية ، ثم أختتم بتعليق على جزئية وردت في مداخلتك الأخيرة ، والمسائل التي سأتناولها في هذه المداخلة هي :

    1. المسألة الأولى : هل البشرية تحتاج فقط لإجابات لتلك الأسئلة الوجودية التي تحتار فيها .... أم أنها تحتاج لإجابات منطقية ... لا يوجد إجابة منطقية تشتق عقلاً لسؤال لماذا خلقنا الله ، وغياب تلك الإجابة ينفي قدرة الدين على القيام بالوظيفة التفسيرية بشكل جيد .

    2. المسألة الثانية : غريزة التدين ، هل هناك شئ يسمى غريزة التدين ... العلماء يقولون لا شئ يسمى غريزة في غير المجال البيولوجي

    3. المسألة الثالثة : بالإحصاءات ، عدد الغير متدينن في العالم ، وعدد من لا تقدم لهم أديانهم إجابات شافية للأسئلة الوجودية يمثلون حوالي خمس سكان الكرة الأرضية ، فهل هم تعساء بسبب إفتقاد تلك الإجابات

    4. تعقيب أخير على إتهامك للعقيدة الربوبية بأنها تنسب لله العطالة


    --------------------------------------------------------------------------

    المسألة الأولى : هل البشرية تحتاج فقط لإجابات لتلك الأسئلة الوجودية التي تحتار فيها .... أم أنها تحتاج لإجابات منطقية

    في مداخلة سابقة لك ، رأيتك تركز على دور الأديان في إعطاء إجابة لتلك الأسئلة وتقلل من أهمية كون تلك الإجابات صحيحة أم لا ، بحجة أن إستيفاء حاجة البشر (ومن ثم إثبات حاجتهم للرسل) يتم فقط من خلال إعطاء إجابات لتلك الأسئلة !!! حيث قلت :

    فنحن نتحدث عن تشوف النفس إلى هذه الأجوبة وليس عن صحتها، فتشوف النفس إلى الأسئلة دليل على وجود دين من عند الله، وضربٌ لأساسات اللادينية التي لا تملك أجوبة
    وسافترض معك بأن الإسلام هو الدين الصحيح وهو الذي يقدم أفضل إجابة لتلك الأسئلة الوجودية ...

    لكن يا زميل ... لو فحصنا إجابات الإسلام لتلك الأسئلة الوجودية ، فسنجد بأنه لم يقدم إجابة منطقية لأهم تلك الأسئلة الوجودية ، ألا وهو سؤال لماذا خلقنا الله ...

    الجواب الإسلامي هو ... أن الله خلقنا لعبادته ...ولكن من المؤكد في ذات الوقت بأن الله غني عن عبادتنا ولا يترتب على قيامه بخلقنا تحقيق مصلحة خاصة به ، وأن الأجدى به (بإفتراض أنه إله منطقي) ألا يخلقنا لمجرد عبادته لتحقيق مصلحة خاصة بنا .

    ألا تتفق معي بأن هناك حكمة خافية من قيام الله بخلق البشر .... وإذا كنت تتفق معي في ذلك ، ألا يعني ذلك بأننا لا نعرف على وجه الدقة لماذا خلقنا الله .... ومع ذلك نعيش بهناء وراحة بال بدون أن نصاب بالإكتئاب بسبب جهلنا بالسبب الذي خلقنا الله من أجله .

    وإذا كنا نجهل إجابة أهم تلك الأسئلة الوجودية (لماذا خلقنا الله) ، ألا يعني ذلك بأن الوظيفة التفسيرية للدين هي وظيفة لم تؤدي الغاية منها ... فالدين لم يفسر لنا السبب في وجودنا !!! وبالتالي فلا حاجة لنا بالدين لأداء تلك الوظيفة .

    --------------------------------------------------------------------------

    المسألة الثانية : غريزة التدين ، هل هناك شئ يسمى غريزة التدين

    بالنسبة لموضوع ما يسمى غريزية التدين ... فيغنيني عن الإستشهاد بعلماء الإجتماع لنفي وجود تلك الغريزة ما ذكرته أنت بنفسك ، حين قلت :

    بينما اصطلح عليه آخرون (من علماء الإجتماع) بنزعة التدين، وسواء هذا أو ذاك له نفس المعنى .

    ومن المؤكد أن النزعة لا تعني الغريزة (كما ذكرت أنت) ... فالنزعة هي أقرب لما يعرف في علم النفس ب "الميول" ... وهذه تختلف إختلافاً كبيراً عن الغرائز والتي هي أقرب لما يسمى في علم النفس بال "الدوافع" ... والميول تختلف بإختلاف الزمان والمكان وبإختلاف طبيعة الشخص ومرحلته العمرية الخ .... ولو أدخلت كلمة "نزعة" في جوجل ، فستفاجأ بأن الكلمة ترتبط في الأذهان بشكل اساسي بالمعاني السلبية السيئة ... وعليه فإن مجرد وجود نزعة للتدين (إن وجدت) فلا يقوم دليلاً على صحة الدين .

    بالنسبة لمفهوم الغريزة ، فسأكتفي بالإعتماد على الويكيبيديا والإنسيكلوبيديا ، وأحسب أن هذه المصادر تكفي ، فهي محايدة بشكل كبير وموضوعية ومتكاملة عندما يتعلق الأمر بالمواضيع العلمية البحتة مثل هذا الموضوع ...

    تقول الويكي عن الغرائز السيكولوجية ما يلي ..

    (Instinct) >>> In psychology
    The term "instinct" has had a long and varied use in psychology and was first used in 1870s by Wilhelm Wundt. By the close of the 19th century most repeated behavior was considered instinctual. In a survey of the literature at that time, one researcher chronicled 4000 human instincts, meaning someone applied the label to any behavior that was repetitive.[citation needed] As research became more rigorous and terms better defined, instinct as an explanation for human behavior became less common. In a conference in 1960, chaired by Frank Beach, a pioneer incomparative psychology, and attended by luminaries in the field, the term was restricted in its application. During the 60's and 70's, textbooks still contained some discussion of instincts in reference to human behavior. By the year 2000, a survey of the 12 best selling textbooks in Introductory Psychology revealed only one reference to instincts, and that was in regard to Sigmund Freud's referral to the "id" instincts. In this sense, instincts have become increasingly superfluous in trying to understand human psychological behavior.

    Some Freudian Psychoanalysts have retained the term instinct to refer to human motivational forces (such as sex and aggression), sometimes represented as Eros - life instinct and Thanatos - death instinct. This use of the term motivational forces has been replaced by the term drivesto correct the original error in the translation of |Freud's work.[citation needed]

    Psychologist Abraham Maslow argued that humans no longer have instincts because we have the ability to override them in certain situations. He felt that what is called instinct is often imprecisely defined, and really amounts to strong drives. For Maslow, an instinct is something which cannot be overridden, and therefore while it may have applied to humans in the past it no longer does.[5]

    The book Instinct (1961) established a number of criteria which distinguish instinctual from other kinds of behavior. To be considered instinctual a behavior must a) be automatic, b) be irresistible, c) occur at some point in development, d) be triggered by some event in the environment, e) occur in every member of the species, f) be unmodifiable, and g) govern behavior for which the organism needs no training (although the organism may profit from experience and to that degree the behavior is modifiable).

    In a classic paper published in 1972[6], the psychologist Richard Herrnstein decries Fabre's opinions on instinct (see: In biology section).

    وهذا من الإنسيكلوبيديا

    There is a lack of consensus on a precise definition of instinct and what human behaviors may be considered instinctual

    In a conference in 1960, chaired by Frank Beach, a pioneer in comparative psychology, and attended by luminaries in the field, the term was restricted in its application

    sociologists consider instincts to be innate behaviors that are present in all members of a species and cannot be overridden (Robertson 1989),

    كل ما سبق يشير للآتي :
    1. علماء النفس والإجتماع المعاصرين أصبحوا يتحاشون مصطلح غريزة ويعبترونه لفظ غامض وغير علمي خصوصاً عند وصف الظواهر الإنسانية أو السيكولوجية

    2. أقرب توصيف علمي لما يسمى بالغريزة هو مصطلح الدوافع أو القوى الدافعية ... وإستخدام الغريزة بهذا المعنى يكاد ينحصر فقط في المدرسة الفرودية ... وبالطبع لو رجعنا للدوافع سنجد أنها محددة بشكل أدق ، وليس هناك دافع يسمى دافع التدين

    3. هناك إتفاق بين علماء النفس المعاصرين على أن مصطلح الغريزة يصح إطلاقه فقط على أنماط السلوك اللاإرادية التي تكون تلقائية ، متكررة بدون إستثناء في كل البشر ، لا يمكن تعديل السلوك الناتج عنها أو التحكم فيه .... وكل هذه الشروط تخرج التدين بالتأكيد من أن يكون غريزة

    4. عالم الإجتماع ماسلو ... يقرر بوضوح بأنه لا يصح وصف أي نمط سلوك إنساني له دوافع سيكلوجية (أي ليس سلوك بيولوجي) بأنه سلوك غريزي ، وبالتالي يخرج التدين من أن يكون غريزة


    مما تقدم ... نجد أن هناك إجماع من العلماء على أن الغريزة لا تنطبق على أنماط السلوك الفردي أو الإجتماعي الراجعة لعوامل غير بيولوجية بحتة ....

    ولكن مع ذلك ... سنلتمس العذر لمن يستخدمون مصطلح غريزة التدين ، وسنفترض بأنهم ربما عنوا أحد شيئين بذلك المصطلح

    1) ربما عنوا بالغريزة ما يعرف في علم النفس بالدوافع أو القوى الدافعية ... وعليه هم يعتقدون بأن التدين هو أحد القوى الدافعة الأساسية للسلوك الإنساني

    2) ربما عنوا بغريزة التدين ما يعرف بال "innatism " ، وهو مصطلح يستخدم في علم النفس أو الفسفلة لوصف ما يعتقد بأنه أفكار وإعتقادات ومعارف يولد بها الإنسان وتكون مزروعة داخله بالفطرة .

    ولكن ... أيا كان المعنى المقصود بواسطة من يتبنون مصطلح غريزة التدين ، فإنه يقع عليهم عبأ إثبات أن التدين هو إعتقاد مزروع في الإنسان أو أنه أحد القوى الدافعة ، خصوصاً بأن لا يوجد أحد من علماء النفس أو الإجتماع قال بذلك ... علماً بأن الدوافع أو القوى الدافعة وكذلك ال " innatism " أو الأفكار والمعارف التي يعتقد البعض أن الإنسان يولد بها ، كلاهما هو أشياء محددة بشكل كبير وليس من بينها ما يسمى بالتدين .

    مثلاً .... ماسلو ، تحدث عن الدوافع في هرمه الشهير (هرم الحاجات الإنسانية) ولم يكن هناك مكان للتدين في هذا الهرم ... والبروفيسور ستفيفين ريس ، قام بدراسة شملت 6000 شخص ، وإستخرج من هذه الدراسة 16 رغبة أساسية توجد لدى الإنسان (بالتأكيد ليس من ضمنها التدين) ... والرابط التالي يوضح ذلك

    http://en.wikipedia.org/wiki/Motivat...desires_theory

    وكذلك الحال بالنسبة لل " innatism " ... لم يقل عالم أو فيلسوف واحد بأن التدين هو من ضمن تلك ال" innatism " والرابط التالي يؤكد ذلك ..

    http://en.wikipedia.org/wiki/Innatism

    وهاك أيضاً ، أقوال علماء آخرين ممن أنكروا وجود غريزة التدين مثل البروفسور لويس ولبرت Lewis Wolpert والفيلسوف إي سي جريلين AC Grayling, الذي نشر مقالاً في صحيفة الجاردين بعنوان "أبناء الله؟ قال فيه بوضوح بأنه لا يوجد دليل حقيقي يشير إلى أن الدين هو مثبت بالفطرة - إنها مجرد أمنيات من جانب الأكاديميين المتدينين."

    "Children of God? There's no real evidence to suggest that religion is hardwired – it's just wishful thinking on the part of religious academics"
    --------------------------------------------------------------------------------------------

    المسألة الثالثة : عدد الغير متدينين في العالم ، وعدد من لا تقدم لهم أديانهم إجابات شافية للأسئلة الوجودية

    وفقاً لل American Religious Identification Survey ، وهو من أكثر الجهات مصداقية وحياداً ، فإن ما يزيد عن 15% من الأمريكيين كانوا غير مؤمنين بالأديان في عام 2001 ، والملفت للإنتباه هو أن عدد الغير متدينين تضاعف في أمريكا خلال 10 أعوام فقط ، بعد أن كان 8% في عام 1990 ... أما الدراسة الاحدث التي قام بها منظمة Gallup ، فتقول بأن نسبة اللادينيين في أمريكا زادت حديثاً لتصبح 32% ... لاحظ النسبة تتضاعف كل عشرة أعوام !!!

    وبالطبع أعداد الغير متدينين في أوروبا هي اضعاف تلك النسبة ، ولعلك تعرف ذلك ... ففي الدول الإسكندنافية مثلاً يبلغ تفوق نسبة الغير مؤمنين بالأديان نسبة ال70% من إجمالي السكان ، ولا أظنك بحاجة لمعرفة ذلك .. ويمكنك الرجوع لإحصاءات The Eurobarometer والتي تشير إلى أن نصف الأوربيين تقريباً لا يؤمنون بالأديان .

    وفي إحصائية برطانية حديثة ، بواسطة منظمة YouGov اشار 39% من البرطانيين بأن ليس لديهم دين محدد ... والطريف أن 52% من الذين تم إستقصاء آراءهم أشاروا إلى أنهم لا يعتقدون بأن المسيح كان شخصية حقيقية ... أي أن الكثير ممن أشاروا إلى أنهم مسيحيون في خانة الدين ، هم في الحقيقية مسيحيين بالإسم فقط .

    وإختصاراً لك ذلك ، أورد لك إحصائية أهم ، وهي إحصائية World Religious Statistics ، تشير إلى أن نسبة غير المؤمنين بالأديان في العالم تبلغ 15% ...

    ومن الملفت للنظر وجود علاقة عكسية واضحة وملحوظة بين نسبة المتديين وبين درجة النمو أو التقدم على مقياس مؤشر النمو الإنساني Human Development Index

    وبخلاف الغير منتسبين للأديان ، نجد أن الكثير من المنتسبين للأديان الشرقية هم في واقع الحال ليس لديهم إجابات محددة (من خلال تعاليم أديانهم) على تلك الأسئلة الوجودية التي تقول أنت بأن البشرية لابد أن تحصل على إجابات حولها ... حيث لا تجاوب الأديان البوذية والكونفشيوسية والطاوية وديانات شرق آسيا التقليدية على بعض أو كل تلك الأسئلة .

    ولعلك تعلم بأن الكنفوشيوسية والطاوية هي فلسفات بشرية وليست أديان ، حتى أنها لا تخوض في موضوع وجود إله أو غيرها من الأسئلة ... والبوذية لا تجاوب على كل الأسئلة بالتأكيد فهي لا تعطي أي مبرر او سبب لخلق الإنسان أو سر وجوده على الأرض ... وبالنسبة للمصير بعد الموت يؤمن البوذيون بتناسخ الأرواح ولكن لعل هذا هو السؤال الوحيد من الأسئلة الوجودية التي تجاوبه البوذية ... وبالطبع أهمها مسألة الخالق وغايته من خلق البشر ... فالديانة البوذية ليس فيها مكان على الإطلاق لفكرة الإله الخالق ... ويمكنك التأكد من ذلك عبر الروابط التالية :

    http://en.wikipedia.org/wiki/God_in_Buddhism
    http://www.buddhanet.net/ans73.htm
    http://en.wikipedia.org/wiki/Confucianism

    وإذا أخذنا في الإعتبار بأن عدد أتباع تلك الديانات الشرقية يفوق المليار نسمة ، ولو ضممنا لتلك النسبة نسبة اللا دينيين في أوربا وأمريكا الشمالية وغيرها من بلدان العالم ، فسنجد بأن أكثر التقديرات تحفظاً يعطي نسبة تفوق ال20% من سكان الكرة الأرضية ممن ليس لديهم إجابات لتلك الأسئلة الوجودية ...

    خلاصة كل ما تقدم هو أن هناك بلايين (وليس ملايين) من البشر ممن ليس لديهم إجابات لتلك الأسئلة الوجودية ، فهل لك أن تجزم بشقاءهم بسبب ذلك أو أنهم يعانون من أمراض نفسية بسبب إفتقاد الإجابات لتلك الأسئلة !!


    -------------------------------------------------------------------------------------

    نقطة أخيرة وردت في مداخلتك ورأيت ضرورة التعليق عليها ..

    فلقد تفضلت أنت بالقول في المداخلة السابقة ما يلي :

    وقد سبق أن قفزتَ على إلزامنا لك بنسبة العطالة لله عز وجل - تعالى وتقدس- فأسألك إن كان الإله بحسب لادينيتك محايد ولا يتدخل في رزق أو عقاب أو مقادير .. فما الذي يفعله الآن بحسب معتقدك ؟؟

    فهل يعني كلامك هذا بأنك تعتقد أن الله ليس له شاغل سوى مراقبة البشر والتدخل لضمان سير الأمور بشكل صحيح على كرتنا الأرضية !!! ... من وجهة نظري فإن كلامك هذا يحوي إساءة بالغة للذات الإلهية ، ويتضمن تصور غير صحيح عن الخالق العظيم ... فليس لأحد من البشر أن يدعي معرفته بما يقوم الله بعمله أو مجال عمله أو إختصاصاته ... وبغض النظر عن كل ما تقدم ... هل تستطيع أن تجزم بأن العطالة تعتبر نقيصة في حق الذات الإلهية !!!

    كان يمكنني تجاوز تعليقك هذا ، كما أفعل غالباً في كل ما هو غير ذو صلة بلب نقاشنا ، ولكني فضلت الرد لأن تعليقك حول هذا الجزئية يلخص الإختلاف بيننا ... فأنت هنا تصر على إلباس الذات الإلهية لباساً بشرياً ، وتصر على تأكيد إحاطتك بطبيعتة ومقتضيات أفعاله ، وتصر على التنبؤ بأفعاله ... ولو فعلت ذلك من منطلق إيمانك بنص الخطاب الديني فلا أرى إشكالاً في ذلك ، أما أن تحاول أن تفرض هذه التصورات كحقائق مطلقة تدرك بالعقل والتأمل أو تثبت من خلال علم الفلسفة والمنطق ، فهذا ما لا اتفق معك حوله


    ولك خالص التحية

  12. #42
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    الزميل الربوبي، خذ وقتك في الردود، والمناظرة ثمينة وغنية بمواضيعها الفريدة التي تُطرح، فليست مثل المناظرات الكلاسيكية بل أحسب أننا نتناقش في جوانب قلما تجدها في مصنفات إفرادا أو ضمنا .

    لكن المشكلة أننا نقع في نوع من التكرار، فإما أنك تعيد طرح النقطة التي أجبتُ عنها سابقا، أو تتوسع فيها على غير المراد الذي أردتُه، فتكون واقعا في انتقائية نظرا ربما لمرورك مرور الكرام، أو لنسيان الجواب أثناء التحرير في الأولى، وواقعا في سوء فهم جوابي في الثانية.

    جواب المسألة الأولى: في هل البشرية تحتاج فقط لإجابات لتلك الأسئلة الوجودية التي تحتار فيها ؟

    المسألة الأولى : هل البشرية تحتاج فقط لإجابات لتلك الأسئلة الوجودية التي تحتار فيها .... أم أنها تحتاج لإجابات منطقية .. في مداخلة سابقة لك ، رأيتك تركز على دور الأديان في إعطاء إجابة لتلك الأسئلة وتقلل من أهمية كون تلك الإجابات صحيحة أم لا ، بحجة أن إستيفاء حاجة البشر (ومن ثم إثبات حاجتهم للرسل) يتم فقط من خلال إعطاء إجابات لتلك الأسئلة !!! حيث قلت :
    القصد من الجواب أنك لن تستطيع إثبات خطأ الأجوبة الدينية على أسئلة الإنسان الوجودية، لأن اللادينية لا تمتلك الميكانيزمات والآليات التي تخولها الخوض في إثبات صحة هاته الأجوبة من عدمه :

    * لأنها قول على الله بغير علم ولا بينة من جهة، وبالتالي لا تمتلك بينات من عند صاحب الشأن نفسه سبحانه .

    * لأنها لا تستطيع أن تقدم أجوبة للبشرية من جهة ثانية .

    * لأنها لا تستطيع الجزم بخطأ الأجوبة الدينية، فلا تتبع إلا ظنا، وأكبر دليل على هذا الاختلاف الشاسع بين مدارس اللادينية، فمدرسة تقول بالرعاية الإلهية والتدخل في شؤون العباد، ومدرسة تنفي ذلك، ومدرسة تقول بالبعث والجزاء، وأخرى تنفي ذلك، ومدرسة تقول بصفات معينة في الخالق، ومدرسة تنفي بعض هذه الصفات، وهكذا دواليك.

    فكأن هناك لادينيات قريبة من المنطق الإلحادي مقابل لادينيات قريبة من المنطق الإيماني .

    فالقول بخطأ الأجوبة الدينية محال أن تقطع فيه اللادينة لتلك الأسباب، ومن هنا ركزتُ على مسألة احتياج البشر للأجوبة الوجودية بعيدا عن صحتها من عدمه، لأن الاديان متعددة والأجوبة مختلفة نوعيا، خاصة بين الديانات التوحيدية والديانات الوثنية .

    الجواب الإسلامي هو ... أن الله خلقنا لعبادته ...ولكن من المؤكد في ذات الوقت بأن الله غني عن عبادتنا ولا يترتب على قيامه بخلقنا تحقيق مصلحة خاصة به ، وأن الأجدى به (بإفتراض أنه إله منطقي) ألا يخلقنا لمجرد عبادته لتحقيق مصلحة خاصة بنا .
    قد سبق في المداخلة رقم 23 أن بينا مفهوم العبادة الشمولي، والله عز وجل إن كلفنا بأمر لا يعني بانه محتاج إليه تعالى، فالله غني عن العالمين، وهذا هو خطأ المنطق اللاديني والإلحادي على السواء، فيحسب أن الله حينما يأمرنا بأمر فإن وراء أمره احتياج وهذا غلط، والإسلام كان واضحا في هذه النقطة : لقول الله عز وجل { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ } ولقوله سبحانه: { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } .. { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ }
    وفي الحديث القدسي : "يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر " .

    وإن أحببتَ التوسع في بعض حكم الخلق فدونك فهرس المنتدى .

    ألا تتفق معي بأن هناك حكمة خافية من قيام الله بخلق البشر .... وإذا كنت تتفق معي في ذلك ، ألا يعني ذلك بأننا لا نعرف على وجه الدقة لماذا خلقنا الله .... ومع ذلك نعيش بهناء وراحة بال بدون أن نصاب بالإكتئاب بسبب جهلنا بالسبب الذي خلقنا الله من أجله .

    وإذا كنا نجهل إجابة أهم تلك الأسئلة الوجودية (لماذا خلقنا الله) ، ألا يعني ذلك بأن الوظيفة التفسيرية للدين هي وظيفة لم تؤدي الغاية منها ... فالدين لم يفسر لنا السبب في وجودنا !!! وبالتالي فلا حاجة لنا بالدين لأداء تلك الوظيفة .
    وهنا تلبيس، وديدنك لم يتغير في نفي البيدهيات الواقعية والعقلية بجرة قلم، الدين أعطى أجوبة على الأسئلة الوجودية الضرورية التي تضمن للإنسان العيش الهني بدون ضنك، وقد مرَّت بنا أقوال علماء الاجتماع في الانتحار وكيف أن الضنك يمس الغير متدينين، إضافة إلى أن أبلغ دليل على هذا أزمة العدمية التي طغت نتيجة غياب الأديان في الغرب، والتي حاربها اغلب الفلاسفة وعلماء النفس والاجتماع، وحتى الفلاسفة الملحدون حاولوا الإجابة على الأسئلة الوجودية بما يضمن إقناع النفس البشرية، لكنهم لم يوفقوا في ذلك .

    من الأدلة الناجعة على ذلك على سبيل المثال، دراسة مشتركة قامت بها جامعتي زيوريخ وبيرن بقيادة الباحث "ماتياس إيجر " تقول بأن نسبة الانتحار في صفوف الملاحدة أكبر من عند غيرهم :

    http://archives.24heures.ch/actu/sui...ent-2010-09-16

    وقد اجبنا عن مسألة أن الاستثناء لا يضع القاعدة، ويكفي تدين أغلب البشر حتى يُعلم احتياج الناس للدين في مداخلتنا السابقة .



    من المؤكد أن النزعة لا تعني الغريزة (كما ذكرت أنت) ... فالنزعة هي أقرب لما يعرف في علم النفس ب "الميول" ... وهذه تختلف إختلافاً كبيراً عن الغرائز والتي هي أقرب لما يسمى في علم النفس بال "الدوافع" ... والميول تختلف بإختلاف الزمان والمكان وبإختلاف طبيعة الشخص ومرحلته العمرية الخ .... ولو أدخلت كلمة "نزعة" في جوجل ، فستفاجأ بأن الكلمة ترتبط في الأذهان بشكل اساسي بالمعاني السلبية السيئة ... وعليه فإن مجرد وجود نزعة للتدين (إن وجدت) فلا يقوم دليلاً على صحة الدين .

    بالنسبة لمفهوم الغريزة ، فسأكتفي بالإعتماد على الويكيبيديا والإنسيكلوبيديا ، وأحسب أن هذه المصادر تكفي ، فهي محايدة بشكل كبير وموضوعية ومتكاملة عندما يتعلق الأمر بالمواضيع العلمية البحتة مثل هذا الموضوع ...
    الآن بدأتَ تقول ليست غريزة بل نزعة، وكلاهما سيان عند علماء الاجتماع، لأن مردها إلى طبيعة الإنسان وفطرته، لكنك تعترض على المصطلح لكونه مصطلحا بيولوجيا بالأساس والدين عقيدة روحية لا تمس الغرائز .. وقد سبَق ان نبهتك إلى مراد من يقول بالنزعة ..

    وسواء قال الباحثون هي نزعة أو غريزة فلا خلاف، لأنهم اتفقوا على ان الإنسان كائن رامز، وفك الرموز هو عين الوظيفة التفسيرية للإنسان هذا الأخير هو كائن متدين بالفطرة... والويكيبديا لا أعتبرها مصدرا موثوقا البتة يا زميلي الربوبي، وهذا معلوم من طريقة اشتغالها وحتى نقلك يضم عبارة citation needed أي أن ما يزعمه المقال يحتاج لإثباتات ومصادر.

    المهم أننا أثبتنا احتياج البشرية للدين ولجوابات أسئلته الوجودية، الشيء الذي لم تستطع ان تحاجج بضده لا من كلام الباحثين ولا إحصائيا ولا واقعا ولا عقلا .

    ولأني أريد مناقشة هذه النقطة بتفصيل أكبر ومناقشة ما تحتج به من أقوال "الوكيبديا" والتي سأبين من خلالها بعض التلبيسات ، فسأتوقف لبعض الوقت حتى أفرغ من مسألة تشغلني اليوم .

  13. #43
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    نرجع الآن إلى رابط الزميل الربوبي حول التدين :

    أولا بخصوص روابط الويكيبيديا :

    * نقول بأنها موسوعة غير موثوقة نظرا لأنها تمكن كل شخص من تصحيح معلومة أو كتابة مقال .

    * أنه غير معروف إنصاف الكتبة وحجم علمهم وإحاطتهم باختلاف أهل العلوم .

    * أن الكتبة هم مجاهيل ونكرات غير معروفين .

    * أننا صادفنا أخطاءا عديدة في مواضيع شتى من الموسوعة .. وإن كانت هناك مواضيع علمية مليحة فيها.

    لهذا فإني لا أقبل بها كمصدر من مصادر الاستشهاد في مناظرتنا، لكني أقبل الاستشهاد من موسوعات علمية موثوقة كموسوعة لاروس ويونفرساليس وغيرها من الموثق والعلمي .

    أما مسألة غريزة التدين، فالاعتراض عند من صادفتهم من الباحثين يكون من جهة تكريم الإنسان وترفعه عن تشبيهه بالحيوان، لأن الغريزة في نظر من عارض المصطلح هو نوع معرفي يختص به الحيوان، فتصرفات الإنسان لا يصح أن يطلق عليها غرائز من هذا الباب، في حين أن الذي أطلق لفظ الغريزة من الباحثين قصد إلى أنه شيء فطري في الإنسان وليس مكتسبا، ومنهم من عبر عليه بالنزعة ومنهم من قال الميل ومنهم من عبر عنه بالاحتياج، وهناك من قال بالدوافع وغيرها ..

    لكن هناك من المفكرين الملاحدة من نفاه جملة وتفصيلا غير أنه لم يقدم حججا وبراهين على نفيه ذاك سواء واقعا أو عقلا .

    نرجع إلى ما نقلتَه من الوكيبديا، وهو تلبيس منك وذلك من وجوه :

    - أن الحوار الدائر والنقاش الذي أشارت إليه الويكيبديا هو من الخلافات المصطلحية التي وقعت بين الباحثين، والإشكالية كانت هي هل يصح أن يطلق لفظ الغريزة على تصرفات الإنسان وميولاته وغيرها، ولم يكن الجدل دائرا حول فطرية التدين من عدمه .

    - انك تستشهد بأبراهام ماسلو، وأسألك هل قرأتَ لماسلو شيئا في حياتك أيها الزميل الربوبي ؟ أم أنك تبحث في الشبكة عن أي شيء يُرضي هواك تعض عليه بالنواجد ؟ أبراهام ماسلو هو عالم نفس كبير، معروف كثيرا في علم نفس الشغل وعلم التسويق لأنه اشتهر بما يعرف "بهرم ماسلو"، أو نظرية "تراتبية الحوائج" وفيه بين احتياجات الإنسان الأساسية، وفي خاناتها ينضوي تحت تلك الاحتياجات الدين، فصباح الخير أيها الزميل، وهو قد استبدل كلمة غرائز بلفظ "احتياجات" .

    - أن أبراهام ماسلو له كتاب مستقل اسمه : الأديان، المبادئ والتجارب " أقر فيها باحتياج الإنسان للدين وبدورها في ضمان الصحة النفسية للإنسان .

    فيا زميل لماذا توقع الناس في التلبيس ؟؟ وتقرر :

    عالم الإجتماع ماسلو ... يقرر بوضوح بأنه لا يصح وصف أي نمط سلوك إنساني له دوافع سيكلوجية (أي ليس سلوك بيولوجي) بأنه سلوك غريزي ، وبالتالي يخرج التدين من أن يكون غريزة
    وهو عالم نفس وليس عالم اجتماع .

    نظرة في الإنسيكلوبيديا :

    للأسف الزميل الربوبي اقتطع الجمل بغية التلبيس على القارئ، لأن المقال من الموسوعة يعالج هل هناك غرائز في الإنسان أم لا، فهذه هي الإشكالية وليست في كون البشرية محتاجة إلى الدين من عدمه، لهذا الزميل الربوبي أتى لنا بسطور مقتطعة وضمها لتكون فقرة، لنتأمل السطر الأول من اقتطاع الزميل :

    There is a lack of consensus on a precise definition of instinct and what human behaviors may be considered instinctual
    لنتأمل كلام الموسوعة :


    There is a lack of consensus on a precise definition of instinct and what human behaviors may be considered instinctual. More confining definitions argue that for a behavior to be instinctual it must be automatic, irresistible, triggered by environmental stimuli, occur in all members of a species, unmodifiable, and not require training. Based on these rigorous criteria, there is no instinctual human behavior. Likewise, some sociologists consider instincts to be innate behaviors that are present in all members of a species and cannot be overridden (Robertson 1989), but since even the drives of sex and hunger can be overridden, this definition also leads to the view that humans have no instincts. On the other hand, other individuals consider certain human behaviors to be instinctual, such as instinctive reflexes in babies (such as fanning of the toes when foot is stroked), since they are free of learning or conditioning, as well as such traits as altruism and the fight or flight response. The concept is still hotly debated.

    فالموسوعة تقول بأن الجدل قائم حول وجود الغرائز من عدمه في الإنسان، إلى حد أن هناك من ينفي وجود الغرائز جملة وتفصيلا، روبرتسون يقول بوجود غرائز مشتركة عند كل البشرية، وهناك من يعتبر بعض التصرفات غرائز والبعض الآخر لا .

    أي لا توجد في هذه الفقرة ما يثبت شيئا حول علماء الاجتماع والنفس ينكرون فيه احتياج الناس للدين، نأت إلى الفقرة الثانية من الموسوعة :


    From a religious perspective, some "psychological" instincts attributed to human beings, such as altruism, sense of "fairness" (Flam 2000), and so forth, might best be attributed to a "conscience," or to a spirit mind; that is, considered innate aspects of the human spiritual nature, rather than a purely physical phenomena. Similarly, on another level, religious or philosophical concepts may include commonly recognized instincts as part of the "physical mind" (internal character) of an animal or human, rather than the "physical body" (external form, such as part of the DNA).

    هنا توضح لنا الموسعة بأن بعض الباحثين ينكرون مصطلح "الغريزة" من باب ارتباطها بالجسد، وهو عين ما قررناه في المداخلات السابقة، وأن الأسلم القول في مسائل التدين بالوعي، أو الروح التدينية أو العقل التديني، أو العقل الفيزيائي ...

    ثم نأتي إلى السطر الثاني من الزميل الربوبي :

    In a conference in 1960, chaired by Frank Beach, a pioneer in comparative psychology, and attended by luminaries in the field, the term was restricted in its application
    وهو سطر مقتبس من محور لوحده في الموسوعة، وقد أخرجه الزميل من سياق الفكرة العامة للفقرة، وإليكم الفقرة كاملة :


    The term "instinct" has had a long and varied use in psychology. In the 1870s, W. Wundt established the first psychology laboratory. At that time, psychology was primarily a branch of philosophy, but behavior became increasingly examined within the framework of the scientific method. This method has come to dominate all branches of science.

    While use of the scientific method led to increasingly rigorous definition of terms, by the close of the nineteenth century most repeated behavior was considered instinctual. In a survey of the literature at that time, one researcher chronicled 4000 human instincts, meaning someone applied the label to any behavior that was repetitive.

    As research became more rigorous and terms better defined, instinct as an explanation for human behavior became less common. In a conference in 1960, chaired by Frank Beach, a pioneer in comparative psychology, and attended by luminaries in the field, the term was restricted in its application. During the 60s and 70s, textbooks still contained some discussion of instincts in reference to human behavior. By the year 2000, a survey of the 12 best selling textbooks in Introductory Psychology revealed only one reference to instincts, and that was in regard to Freud's referral to the "id instincts."

    Any repeated behavior can be called "instinctual," as can any behavior for which there is a strong innate component. However, to distinguish behavior beyond the control of the organism from behavior that has a repetitive component one can turn to the book Instinct (1961) stemming from the 1960 conference. A number of criteria were established that distinguished instinctual from other kinds of behavior. To be considered instinctual, a behavior must a) be automatic, b) be irresistible, c) occur at some point in development, d) be triggered by some event in the environment, e) occur in every member of the species, f) be unmodifiable, and g) govern behavior for which the organism needs no training (although the organism may profit from experience and to that degree the behavior is modifiable). The absence of one or more of these criteria indicates that the behavior is not fully instinctual.

    If these criteria are used in a rigorous scientific manner, application of the term "instinct" cannot be used in reference to human behavior. When terms, such as mothering, territoriality, eating, mating, and so on, are used to denote human behavior, they are seen to not meet the criteria listed above. In comparison to animal behaviors, such as hibernation, migration, nest building, mating, and so on, that are clearly instinctual, no human behavior meets the necessary criteria. In other words, under this definition, there are no human instincts

    فالفقرة تنكر إطلاق لفظ الغريزة حتى على الاحتياجات البيولوجية للإنسان كالمأكل والمشرب والعلاقات الجنسية وغيرها .. لكن الزميل الربوبي يقحم الاقتباسات حتى يوهمنا بأنه لا وجود لأسئلة وجودية أو احتياج إنساني للتدين .
    ودائما الزميل ما يقفز على رأي المدرسة السوسيوبيولوجية الواردة في الموسوعتين لشيء في نفسه . وهاهو رابط مقال الموسوعة لمن يريد التأكد من كلامنا :

    http://www.newworldencyclopedia.org/entry/Instinct

    ثم يبدأ الزميل في استنتاجاته فيبعد شاردا للمشرق في حالات ثم يقلب وجهته للمغرب في أخرى .

    مما تقدم ... نجد أن هناك إجماع من العلماء على أن الغريزة لا تنطبق على أنماط السلوك الفردي أو الإجتماعي الراجعة لعوامل غير بيولوجية بحتة ....
    ولم نر أي إجماع في الاقتباسات التي أتى بها .

    1) ربما عنوا بالغريزة ما يعرف في علم النفس بالدوافع أو القوى الدافعية ... وعليه هم يعتقدون بأن التدين هو أحد القوى الدافعة الأساسية للسلوك الإنساني

    2) ربما عنوا بغريزة التدين ما يعرف بال "innatism " ، وهو مصطلح يستخدم في علم النفس أو الفسفلة لوصف ما يعتقد بأنه أفكار وإعتقادات ومعارف يولد بها الإنسان وتكون مزروعة داخله بالفطرة .

    ولكن ... أيا كان المعنى المقصود بواسطة من يتبنون مصطلح غريزة التدين ، فإنه يقع عليهم عبأ إثبات أن التدين هو إعتقاد مزروع في الإنسان أو أنه أحد القوى الدافعة ، خصوصاً بأن لا يوجد أحد من علماء النفس أو الإجتماع قال بذلك ... علماً بأن الدوافع أو القوى الدافعة وكذلك ال " innatism " أو الأفكار والمعارف التي يعتقد البعض أن الإنسان يولد بها ، كلاهما هو أشياء محددة بشكل كبير وليس من بينها ما يسمى بالتدين .
    وقد أثبتنا لك ذلك من الواقع وعليك نفيه من الواقع .

    مثلاً .... ماسلاو ، تحدث عن الدوافع في هرمه الشهير (هرم الحاجات الإنسانية) ولم يكن هناك مكان للتدين في هذا الهرم ... والبروفيسور ستفيفين ريس ، قام بدراسة شملت 6000 شخص ، وإستخرج من هذه الدراسة 16 رغبة أساسية توجد لدى الإنسان (بالتأكيد ليس من ضمنها التدين) ... والرابط التالي يوضح ذلك

    http://en.wikipedia.org/wiki/Motivat...desires_theory
    وهنا تظهر قلة تخصصك في ميدان العلوم الإنسانية أيها الزميل، فقد سبق الكلام عن ماسلو .. وسواء هو في هرمه أو ريس فإن كلامهما حجة عليك، فمثلا ريس يقول في نظريته بأن الإنسان له دوافع فطرية تجبره على اعتناق الدين من ضمنها ما أسماه :

    دافع الفضول : وهو احتياج الإنسان للتعلم والمعرفة .. وهو عين ما يقدمه الدين أيضا في إجابته للأسئلة الوجودية .

    دافع الشرف : وهو الإخلاص لثقافة الجماعة، والدين جزء أساسي في ثقافة الجماعات الإنسانية .

    دافع الهناء أو الراحة : ومنه النفسي الذس يحققه الدين .

    والقاصمة التي ستقصم ظهر لادينيتك أيها الزميل الربوبي أن الدكتور ستيفن ريس الذي تحتج به، قد أخرج نظريته هذه بالأساس لكي يبين دوافع التدين عند البشر، فالدوافع الستة عشر الفطرية كلها تصب لصالح التدين، ونظريته هذه مشهورة في علم النفس الديني فصباح الخير مرة أخرى أيها الزميل الربوبي، وتفضل رابطا يتحدث عن هذه النظرية :

    http://researchnews.osu.edu/archive/religdes.htm

    وفي الرابط تصريحات للرجل حول نظريته .

    ولنا وقفة أخرى لنبين أخطاء الزميل الربوبي فيما يخص الفلسفة والله المعين .

  14. #44
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    124
    المذهب أو العقيدة
    لادينى

    افتراضي

    مرحباً مرة أخرى بالزميل إبن عبد البر ، وجميع الزملاء ممن متابعي الحوار

    القسم الأول من مداخلتي : الوظيفة التفسيرية للدين

    منطقك (أنت) هو كالتالي : نحتاج الدين لأنه يعطينا إجابات لأسئلتنا الحائرة (مثل من لماذا خلقنا ، وما الغاية من وجودنا وأين نذهب بعد الموت) .... بدون هذه الإجابات سيصاب الناس بالإكتئاب ويقدموا على الإنتحار بسبب عدم إحساسهم بقيمة حياتهم ... الإستنتاج ... نحتاج للدين بشدة لإعطاءنا إجابات لتلك الأسئلة .

    منطقي (أنا) هو كالتالي :

    أولاً ... هناك مئات الملايين من البشر لا يؤمنون بالأديان ولا يؤمنون بالإجابات التي تقدمها لتلك الأسئلة الكونية الحائرة ، وهناك مئات الملايين من البشر ممن يعتنقون أدياناً لا تعطيهم إجابات واضحة لتلك الأسئلة الكونية (مثل الديانة البوذية التي لا تقدم تبريراً أو غاية لخلق الإنسان) ... ومن غير الثابت أن هؤلاء الذين ليس لديهم إجابات لتلك الأسئلة الكونية هم أكثر تعاسة من الآخرين أو أنهم مصابون بالأكتئاب بسبب إفتقادهم إجابات تلك الأسئلة الكونية .

    بالنسبة لإحصاءات الإنتحار ، والإدعاء بان اللادينيين يعانون من التعاسة والإكتئات لذا هم أكثر إقبالات على الإنتحار !! ... فصحيح أن نسب الإنتحار في الدول الإسلامية قد تكون أقل من غيرها ، ولكن بالله عليك هل يقدم على الإنتحار شخص يؤمن تماما بأن الخلود في النار هو مصيره ، حتى ولو كان أكثر أهل الأرض تعاسة !!! ، لا يمكنك إطلاقاً القول بأن الإنتحار مكافئ للتعاسة وفقدان الهدف في الحياة ، لأن إحصائية الإنتحار هي غير معبرة ومشوهة بسبب دور الدين الذي قد يمنع الناس من الإنتحار إلا أنه لا يحول بينهم وبين التعاسة والإكتئاب .

    ولعل إجمل ما قيل في ذلك هو قول المفكر الإنجليزي المشهور جورج برناررد شو ، والذي قال ( القول بأن المتدينين هم أكثر سعادة من غير المتدينين هو قول لا يختلف كثيراً عن القول بأن السكران هو أكثر سعادة من المستفيق) .


    ثانياً .... لو إفترضنا بأن الإسلام هو الدين الصحيح الذي يقدم أدق إجابات لتلك الأسئلة الكونية ، فسنجد أن إجابة الإسلام على سؤال الغاية من الخلق هو ليس فقط جواب غير قابل للإثبات ، ولكنه جواب غير منطقي ... وهو بالأحري ليس جواباً شافياً للسؤال .... فالخالق ليس بحاجة للبشر بالتأكيد ، وليس هناك أي علة واضحة تجعلنا نؤمن عقلياً (وليس نقلياً) بصحة الجواب الإسلامي بأن الله خلق البشر لعبادته .

    وبخصوص هذه النقطة الثانية فقد راجعت كل مداخلاتك السابقة حولها ، فوجدت أن دفاعك يدور حول ثلاث محاور هي :

    1. إستحالة إثبات خطأ الأجوبة الدينية على الأسئلة الوجودية ... ولكن يا عزيزي هذا قد يكون صحيحاً بالنسبة لسؤال مصيرنا بعد الموت وما إذا كان هناك حساب وثواب وعقاب بالشكل الذي وصفه الإسلام ، فليس في وسع أحد إثبات صحة أو خطأ ذلك ....

    ولكن ... بالنسبة لسؤال لماذا خلقنا الله وهل خلقنا لعبادته ... فقد بينت في أكثر من مداخلة وجه اللامعقولية أو الخلل المنطقي في تلك الإجابة الإسلامية ... وحتى لو إفترضنا إستحالة نفي صحة تلك الإجابة ، فهي على أقل تقدير إجابة غامضة أو غير شافية لا تشبع ولا تغني من جوع (مثل جواب سؤال لماذا صنع الإنسان الساعة بالقول بأنه صنعها لكي تدور عقاربها !!! )

    إثبت لي (بدون الرجوع للنص الديني) منطقية أو معقولية أن يكون الله قد خلقنا لعبادته .... فإن لم تستطيع ولن تستطيع ، فأعلم بأن الأديان لا تعطي جواباً شافياً لسؤال لماذا خلقنا الله ولا تقوم بالوظيفة التفسيرية التي تبرر حاجتنا لتلك الأديان .

    الشخص الذي لا يفكر في هذه المسألة بعمق سيقبل تلك الإجابة الإسلامية يتسليم تام ويقول سمعنا و أطعنا ، ولكن الشخص الذي يحكم عقله في تلك المسأله لن يستطيع قبول تلك الإجابة ... فهل يعني ذلك بأن الوظيفة التفسيرية للدين والإجابات الدينية لتلك الأسئلة الكونية معني بها فقط من لا يحكمون عقولهم ويقبلوا النص الديني بدون تساؤلات !!!

    2. وقلت أنت كذلك بأن (اللادينية لا تمتلك الميكانيزمات والآليات التي تخولها الخوض في إثبات صحة هاته الأجوبة من عدمه ، ولا تستطيع أن تقدم أجوبة بديلة) ... ولكن هذا كلام مردود ، فاللادينية ليست طرفاً في هذه المسألة ... فالنزاع هنا هو بين المنطق واللامنطق ، وبين ما يقبله العقل وما لا يقبله العقل ... والعقل والمنطق لا يقبلان القول بأن الله قد خلقنا لأجل عبادته فيما أنه غني عن عبادتنا (فلا يوجد كائن عاقل ومنطقي يقوم بصنع شئ لأجل غاية هو غني عنها) ، وهذا القول (بأن الله خلقنا لعبادته) وإن لم يكن قابل لإثبات خطأه المنطقي فهو على أقل تقدير قول لا يقدم إجابة شافية لسؤال لماذا خلقنا الله .

    3. الدفاع الثالث الذي إستخدمته أنت (لنفي عدم منطقية القول بأن الله قد خلقنا لعبادته) هو عبر محاولتك التأكيد على أن للعبادة مفهوم شمولي ، وأن الله ليس في حاجة لنا ؟؟؟؟ وهذا ليس دفاعاً صائباً ، فأنا عندما أتحدث عن العبادة إنما أعني العبادة بمفهومها الشمولي أيضاً ، ويبقى السؤال الحائر (لماذا يريدنا الله أن نعبده بالمفهوم الشمولي للعبادة) ، ومن ناحية أخرى فإن غنى الله عن البشر هو نقطة ضد دفاعك وليس لصالحه ، فإذا كان الله في غنى عن البشر (وأنا أعلم ذلك تماماً) فلماذا يريدنا أن نعبده ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    وخلاصة كل ما تقدم هو أن الأديان لا تقدم إجابات شافية لأسئلة البشرية الحائرة ، (يستثنى من ذلك بالطبع البشر الذين لديهم الإستعداد لقبول تلك الإجابات بدون تساؤل أو فحص لمدى صحتها أو قدرتها على إجابة تساؤلاتهم بشكل منطقي) .

  15. #45
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    1,421
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مثل الديانة البوذية التي لا تقدم تبريراً أو غاية لخلق الإنسان
    البوذية هي ديانة كما ذكرت أنت فبوذا عندهم هو ابن الله، وهو المخلّص للبشرية من مآسيها وآلامها وأنه يتحمل عنهم جميع خطاياهم ، ولهذا يصلي البوذيون لبوذا ويعتقدون أنه سيدخلهم الجنة. والصلاة عندهم تؤدى في اجتماعات يحضرها عدد كبير من الأتباع.
    وباختصار وحتى لا يطول بنا المقام مع الديانة البوذية نقول : أن هناك قسمان للديانة : الأول شمالي ويشمل الصين واليابان وهؤلاء رفعوا بوذا إلى درجة الألوهية والثاني : جنوبي ويشمل الهند وسيريلانكا وغير هذه الدول وهولاء أقل غلواً من الأولين ومعتقدهم كما يقول أحد من عقد معه حوار سابقاً وهو بوذي عربي اعتنق البوذية كما يقول : فلا يوجد أخي الكريم عندنا خالق للكون و الماء و الشجر و الذي بالتالي يجب أن تكون العبادة له و لا يوجد اله خالق عندنا (أرجو أن الصورة اتضحت قليلا)
    فالآلهة عندنا هي مجرد كائنات أو موجودات أعظم منا تعيش في عالم آخر و هي لا تخلق بل قد تكون من البشر سابقا لكن ولدت في هذا العالم بسبب الأعمال الخير التي تعملها لكنها لم تصل بعد الى النيرفانا ( السعادة الحقيقية و هي التي يجب أن تكون هدف كل انسان) لذلك قد تعمل إحدى هذه الآلهة أعمال شريرة فتتراجع للوراء فتولد كإنسان و هلم مجرة.. و لها طبعا قدرات محدودة مثلا أن تطلب منها مساعدك في حياتك اليومية لكن لا أن تطلب منها الخلاص فالخلاص بيدك و مفتاحها الكارما(الأفعال و ما ينتج عنها)
    و كلنا سنصبح آلهة و نمر بهذه المرحلة و كلنا سنصبح في النهاية بوذا و هكذا أرجوا أن تكون الصورة وضحت و أنا لست كاهن أنا مجرد شخص عامي أتمنى عمل الخير و أكتفي بالإتزام ببعض التعاليم مثلا عدم السرقة و القتل و الكذب حتى أولد من جديد في حياة و عالم يسهل فيه الوصول بالتالي الى النيرفانا ....
    متابعة إشرافية بخصوص البوذية
    التعديل الأخير تم 05-27-2012 الساعة 12:35 AM
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رسالة بالصور لكل ملحد ولاديني وغير مسلم
    بواسطة إدريسي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-20-2013, 02:49 PM
  2. تعليقات: مناظرة بين مسلم ولاديني-ابن عبد البر والربوبي
    بواسطة محب أهل الحديث في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 100
    آخر مشاركة: 10-05-2012, 11:29 AM
  3. مناظرة: حوار بين مسلم ولاديني-ابن عبد البر والربوبي
    بواسطة محب أهل الحديث في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 08-08-2012, 04:34 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء