الإخوة والأخوات ...
كنت قد وعدت
بكمالة للموضوع -
والحقيقة أن موضعها من المفترض كان المشاركة
الأولى ولكن قدر الله وما شاء فعل - وذلك لأني ما بدأته إلا في
عجالة ..
ومن هنا : فأنتهز هذه الفرصة لوضع هذه الكمالة : في شكل
جواب على إحدى الأخوات
الفاضلت والتي سألت عن
شيئين :
الأول : ماذا تفعل المرأة في حال نشوز زوجها ؟؟..
الثاني : ما معنى أن الزوجة أسيرة عند زوجها ؟؟..
فأجبتها بالتالي :
1...
هذا الموضوع الذي وضعته في قسم الحوار عن الإسلام : كان ينقصه مقدمة :
ولكني لضيق الوقت ساعتها -
وإلى الآن - : لم أكتبها ..
وهي التي -
يشهد الله - كنت أريد إضافتها حين يتسع الوقت :
وكما ذكرت في آخر المشاركة الأولى ...
2...
وأما أهم نقاط هذه المقدمة في عجالة فهي :
>> الإشارة إلى قوة وتسلط الرجل على المرأة عموما ًبدنيا ًوعاطفيا ً..
وأعني به هنا وجهه الممدوح (
أي المعاشرة والصحبة بالمعروف) ..
ووجهه المذموم (
وهو استغلال ضعف المرأة البدني والعاطفي) ..
>> الإسلام رفع عن المرأة الكثير من الظلم الذي كان واقعا ًعليها إلى وقت رسالته ..
وعنه نهضت أحوال المرأة في العالم أجمع وإلى اليوم .. حتى الكافرات مدينات له بذلك
>> الله تعالى هو الذي خلق التكامل في سير الحياة بين الرجل والمرأة والزوج والزوجة ..
>> والله تعالى هو الذي جعل القوامة للرجل على المرأة .. بما أهله لذلك ..
على أن تتفرغ هي إلى مسؤلياتها الأخرى : بما أهلها الله تعالى لذلك أيضا ً..
حيث قوامة الرجل تشمل التوجيه والتأديب والنفقة والرعاية والحماية والقيام بشؤونها ..
3...
ذكر الله تعالى نشوز كل ٍمن الزوجين الرجل والمرأة .. وأتبعه بالعلاج ..
ولكن ..
ما هو النشوز ؟؟..
الشيء الناشز هو الشيء الناتيء .. أي لو لدينا سطح مستوي : ثم علا منه شيءٌ :
فيصير هذا الشيء ناشزا ً..
إذا ًنشوز أحد الزوجين على الآخر هو : استعلائه عليه واستعلائه على الصورة المفترض
أن يكون عليها معه ...
4...
فأما نشوز الزوجة : فهو استعلائها على زوجها وأوامره أو مطالبه أو مستوى معيشته إلخ
وأما نشوز الزوج (
وإعراضه كما ذكرت الآية) : فهو ترفعه عن زوجته وجفائه لها أو ميله
عنها لزوجة أخرى غيرها أو هدرا ًلبعض حقوقها ... إلخ
5...
أما علاج الزوج لنشوز الزوجة :
فهو متدرج بحكمة ربانية تتدرج بتدرج نفوس الزوجات ...
فهناك الطائعات المهذبات الرقيقات الملتزمات بالدين : فأولئك يرجعن بالوعظ ..
<
ولاحظي أن الآية ذكرت مجرد الخوف من النشوز : أي قبل وقوع النشوز من المفترض >
ثم تأتي مرحلة وسط من النساء .. وهي التي لها من حظوظ غلبة المادة عليها : ما تساوى به
مع عاطفتها كامرأة .. فهذه علاجها (
بين - بين ) ..
أي بين الوعظ المعنوي .. والوعظ أو التأنيب الحسي المادي ..
ويكون ذلك بالهجر في المضجع .. أي حال النوم ..
وكل امرأة متزوجة تعرف مدى مشقة هذا الفعل عليها وعلى مشاعرها ...
وأما النوع الثالث من نفسيات الزوجة الناشز .. فقد غلبت ماديتها على مشاعرها ..
وهذه يؤثر فيها الضرب الغير مبرح .. والغير مبرح :
لأن هدفه ليس الإيذاء ولكن : تبيان أن ما وصل إليه حالها الآن كان يستوجب الضرب :
حيث قد تجاوز الأمر عاطفة عندها غير موجودة ..
والمرأة بطبيعتها تؤلمها المعاملة المادية الغير مخلوطة بعاطفة تراعي أنوثتها ...
وتتألم من تلك المعاملة نفسيا ً: حتى ولو كانت ضربا ًبالسواك أو دفعة خفيفة بغضب في
الصدر أو الكتف ...
وعلى هذا :
فيتوجب على الزوج التدرج في علاج النشوز بالثلاث مراحل السابقة ...
حيث أن نفسية المرأة قد تختلف من حال إلى حال حسب الموقف سبب النشوز ..
وحسب طبيعتها الشخصية الذاتية ...
6...
وأما في حال نشوز الزوج ...
فالموقف أشبه بظلم المدرس لتلميذه : أو القائد لجنديه الذي تحت يده وإمرته ..
فهناك حدود بينهما لا يجب تجاوزها .. ولكن هناك حلول ..
وهي في حالة الزوجة مع زوجها الناشز : يمكن تلخيصها في الآتي :
>>>
أن تعظ زوجها بدورها .. وهذا مأخوذ من عموم التناصح في الدين ..
>>>
فإلم يستجب : فيمكنها أن تسترضيه .. فالمرأة لها قوى عديدة على الرجل : ربما تعلمها
أو لا تعلمها للأسف .. مثل أن تكون غنية مثلا ً: وترى أن إعطاؤها مالا ًلزوجها
هو مما يُسعده زوجها أو يُخفف عنه مشقاته التي ربما نتج عنها هذا النشوز منه تجاهها !
أيضا ً: هناك الضعف الأنثوي !!.. ولعمر الله : هو سلاح ماض ٍفي يد كل زوجة لو تعرف !
بل : وهو أفضل مطية لتطويع الزوج لمَن تحسن استخدامه !!!..
فبعض الزوجات هداهن الله : لا تفرق بين كونها مدللة أو قوية الشخصية في حياتها مع
غير زوجها : وكونها تظل على هذه الصورة مع زوجها : تأمر وتنهى وتتدلل ليس تدلل
المحبة ولكن : تدلل المغرور !!!.. فهذه الصور قد تكون هي سبب نشوز الزوج معها أصلا ً
وهي لا تنتبه !!!!.. وعليه :
فليس أحب للرجل وأرضى لنفسه من أن يشعر بضعف زوجته بين يديه وافتقارها إليه
بشيء تحتاجه منه ويقدر عليه ... فهو هنا كالأب مع ولده الضعيف .. وعاطفة الزوج
القوي مع زوجته الرقيقة ..
>>>
وأما إن لم يفلح ذلك معه : أو لم تحسنه الزوجة : أو لم يكن لديها أصلا ًمؤهلاته -
كأن
تكون شخصيتها تأبى ذلك أو تكون غير جميلة أو كبيرة في السن بغير دلال إلخ -
فإن لها أن تلجأ لحكم بينها وبين زوجها بعدما استنفدت طرقها الممكنة معه ..
وهي هنا كالجندي الذي يشتكي ضابطه أو قائده لمَن هو أعلى منه رتبة أو يساويه ..
وكالطالب الذي يشكو أستاذه للمدير ...
يقول عز وجل :
"
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا : فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما
صلحا .. والصلح خير .. وأحضرت الأنفس الشح (فقد يكون سبب تفاقم المشكلة
شح الزوج بالخير المادي أو المعنوي عن زوجته .. أو شحها هي في حل مشكلتها
ماديا ًأو معنويا ًكما تقدم شرحه)
.. وإن تحسنوا وتتقوا : فإن الله كان بما تعملون خبيرا "
>>>
وهنا .. ماذا على الزوجة لو لم يفلح كل ما سبق ..
ورأت أنه لم ينصفها من زوجها أحد : ولا حتى مَن أحضرتهم للصلح بينهما ؟؟؟..
أقول :
لا بأس هنا إن لم تستطع العيش معه على هذا الحال من الضرر : أن تطلب الطلاق منه ..
مع بقاء الأصل وهو مطالبتها بالصبر عليه -
وكما يبُطلب ذلك من بعض الأزواج أيضا ًمع زوجاتهم - ..
وذلك لما في الطلاق عموما ًمن ضرر قد يُتوقع كما في حال الأبناء ..
فإن لم يرض : وكان ضرره عليها ملموسا ًمعروفا ً-
كالهجر وعدم إنصافها مثلا ًلو كان
مُعدِد إلخ - فيمكنها طلب الطلاق من القاضي المسلم ..
>>>
وأما إن تعذر ذلك أيضا ًلسبب من الأسباب :
فيمكنها أن تختلع نفسها منه : تاركة ًله حقوقها : فادية نفسها بها منه ..
رادة له نفقته أو مهره أو ما كان أعطاه لها وما زالت تملكه ...
------------
وأما بالنسبة لوصف النبي صلى الله عليه وسلم للزوجة بأنها
كالأسير لدى زوجها ..
فهو مزيد بيان للتالي :
>>>
قوامة الرجل عليها .. والقوامة فيها مسؤلية كبيرة على الرجل من جهة :
وفي وصف الأسير تحديد لمَن الذي سيكون تحت يد مَن من الزوجين من الجهة الأخرى ..
فتجب عليه الطاعة والائتمار بالأمر إلخ
>>>
وفي وصف الأسير إشعار بحقوق الزوجة والتي إن لم تكن في علياء المودة والرحمة كما
أمر الله : وإن لم تكن في علياء المحبة وتمام السكن كما هو مفترض بين الزوجين :
فلا أقل من أن يراعي الزوج زوجته كمراعاة الأسير وحقوقه في الإسلام !
كإحسان مبيته وكسوته وطعامه ومعاملته بالحسنى بلا ضرر ولا تكليف بما يفوق طاقته !
فهذا هو أقل ما يجب من الزوج لزوجته حتى لو كرهها :
"
وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا " !!!!...
وسبحان الله العظيم ...
والله تعالى أعلى وأعلم ..
Bookmarks