النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: زلازل اوروبية واحوال داخلية وعنصرية متنامية-طارق منينة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي زلازل اوروبية واحوال داخلية وعنصرية متنامية-طارق منينة

    الرابط عبارة عن تحليلات ميدانية من الداخل الاوروبي عبارة عن مقالات او مواضيع معروضة في الصحف اليومية وهي مهمة لمتابعة الشأن الاوروبي والتداعيات الاقتصادية فيه ومدى تأثر الجاليات الاسلامية بها وبضغوطاتها

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    الدولة
    مصرى مقيم بالخارج
    المشاركات
    2,815
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    8

    افتراضي

    نسيت تضع الرابط يا أستاذنا...
    لكن على أية حال، فالكوارث الإقتصادية بأوروبا لا تخفى على أحد...
    وهى بلا شك إرهاصات لأحداث النهاية
    يارب سلّم
    مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ
    فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ !

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله في حضورك اخي مارو
    ولم انسى ايها الكريم وانما حاولت ان اضع المقالات التالية بعد أن قرأتها من جريدة الحياة اليوم-الاربعاء ولكن الالكترون عصلج-ابتسامة
    او ماذا يقولون: هنج!
    في الحقيقة المواد التي ساضعها في هذا الرابط مهمة بالنسبة لي فلتكن مادة محفوظة في ارشيف المنتدى اي في هذا الرابط ولاجل الرجوع اليها بسهولة من على النت عموما وضعت اسمي في عنوان الرابط فلكي تحصل على مواضيعك –غالبا- على النت فينبغي ان تضع اسمك على العمل او المقال
    وبالنسبة لي فأفضل شيئ يمكنني فعله بالنسبة لكم المواضيع او المقالات لاان اطبعها وتمتلئ غرفتي بكم هائل من الاوراق المصورة ولكن ان احفظها على النت، كمكتبة اضافية لاتحتاج الى تعب في النقل
    وفي الماضي قمت بتصوير آلاف الاوراق من جامعة ليدن ومنها كتب كاملة على الرغم من حاجتي للمليم الواحد يومذاك الا اني آثرت تصويرها وكان منها مجلة المنار كاملة والآن طبعا وجدتها كلها على النت!
    وكذلك كتب كثيرة ومقالات من مجلة الآداب البيروتية ولقد انتفعت بها كثيرا في وقتها وهي مازالت عندي لكن وكما تعلم اخي ماورو فان اغلب المجلات القديمة والحديثة موجودة على النت من ابلو حتى العربي
    ولكن موضوعنا وماشابهه سيهرب منك لو لم تمسك به في رابط وسيهرب منك اكثر لو اخترت انت مقالاته اذا لم يعرف كيفية العودة اليه
    وعلى كل فالموضوع مهم
    انه مهم في الحقيقة كما اشرت في الكلمات الاولى فلكي تحلل فترة تاريخية ما ينبغي الاطلاع على كامل تفاصيلها وبعد ان تجمع جوانب موضوعك ولكي تبلغ غايتك فيه لابد ان تقارن بعض الحوادث ببعض لكي تتمكن من معالجتها معالجة علمية خصوصا لو كانت الحوادث وتفاصيلها مع المقارنة بينها ذات افراز بيئوي متقارب او خاص.
    وكلما كانت التشابهات جوهرية بين الحوادث او الوقائع كلما استطعت ان تجمعها تحت حكم واحد او نتيجة واحدة او تفسير واحد او متقارب.
    فاذا وجدت خلق معين او موقف محدد ينتشر في مجتمع ما فيتمدد او يتقلص فلابد لك من ان تحدد مدته الزمنية في تمدده او تقلصه وتأثيره في التطورات الاجتماعية.
    ولاشك ان حوادث العنصرية المتكررة في كل بلد اوروبي اليوم تحتاج منك كعالم اجتماع او باحث في المجتمعات او سياسي في برلمان او داعية مهتم بامور المسلمين في العالم ، ان تقارن بينها وتدرس فترتها الزمنية المحددة وعلاقتها بالتطورات السياسية او الاحوال الاقتصادية او غيرها من امور الاعلام والمركزية او الهيمنة
    وعلى كل فانا اضع هنا التجميع وعلى المثقف او الداعية او السياسي عملية التفسير والتحليل
    والله من وراء القصد
    والامر يدخل عموما في موضوعي الأثير عن(الإستغراب)

    المجتمع الإسباني على شفير الانهيار العصبي
    الاربعاء, 25 أبريل 2012
    بانجامان ماس – ستامبرجر *

    درج سكان العاصمة الإسبانية مدريد، على مغادرتها الى الأرياف في مناسبة «سيمانا سانتا» (عيد الفصح)، لكن ثلاثة أرباعهم بقوا في العاصمة هذا العام، فمع تقلص موازنة الأسر الإسبانية وارتفاع عدد العاطلين عن العمل الى اكثر من 4 ملايين نسمة، وهو العدد الأعلى في أوروبا، تحوَّل الحلم الإسباني -الذي استند الى فقاعة عقارية ضخمة - كابوساً.

    يشعر الإسبان اليوم بالمهانة. فالقادة الأوروبيون، من أمثال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، يعظونهم ويعتبرون أن النموذج الإسباني لا يحتذى به.

    وفي حين يكتفي عدد من الشباب الإسبان بالصلاة، يتظاهر آخرون، والأسبوع الماضي خرج آلاف من الشبان الى الشوارع للاحتجاج على الخطة الحكومية الأقسى منذ نهاية الديكتاتورية لتقليص الإنفاق. أكثر الشباب غضباً هم أولئك الذين لم يستفيدوا من أعوام البحبوبة مطلع عام 2000، إذ بلغ النمو في إسبانيا يومها معدلات حسدتها عليها أوروبا. لكن الإسبان اليوم يعانون تداعيات تقليص الإنفاق القاسية، فرافاييل أنيبال (28 عاماً) -على سبيل المثال- شاب لمع في متابعة تحصيله العلمي، وشجعه والداه -الأستاذان الجامعيان- على مراكمة الشهادات الجامعية العليا، حيث درس في بوسطن الأميركية، ثم انتقل الى جامعة إرلندية، وأخيراً عاد الى إسبانيا لمتابعة شهادة ماجستير في الإعلام، وكلفة هذه الدراسة 15 ألف يورو... أمضى شهوراً طويلة في البحث عن عمل، وانتهى به الأمر الى قبول عمل بسيط في شركة تلفزيونية خاصة. «راتبي كان 1200 يورو، وكان في وسع الإدارة صرفي ساعة تشاء». سُرح رافاييل بعد عام فقط على استلامه الوظيفة، والى اليوم لم يغادر صفوف العاطلين عن العمل، ولم يجد عملاً مجزياً، فالرواتب التي عرضت عليه لا تتخطى 700 يورو. «في قطاع الإعلام لا تتوافر فرص جديدة»، يعلِّق والمرارةُ ترتسم على وجهه.

    عدد كبير من أصدقاء رافاييل يكابدون مصيره ذاته: هم من اصحاب الكفاءات العالية، والواحد منهم حائز أكثر من شهادة جامعية، لكنهم لا يجدون عملاً يناسب كفاءاتهم، شأن تلك الشابة الحائزة شهادة في علم النفس وتجوب المستشفيات لبيع معدات طبية، أو الخبير في التسويق ويعمل موظف استقبال في قاعة اجتماعات... للأسف، البطالة أصابت نصفَ من هم بين 18 و35 سنة.

    إلى ذلك، قرر عدد كبير من الشباب الإسبان سلوك طريق الهجرة، كما فعل أجدادهم، لكنهم -على خلاف الأجداد- حملة شهادات جامعية. وعلى سبيل المثال، قصد باكو -المجاز في الكيمياء- باريس، وهو يعمل اليوم نادلاً في مقهى ويتقاضى ما يفوق الراتب المعروض عليه في إسبانيا.

    وأنشأ رافاييل أنيبال مدونة الكترونية لنشر تجارب الجيل الجديد من المهاجرين الإسبان. «بعد أن ذكرت صحيفة «إل باييس» مدونتي على صفحاتها، تلقيت مئات الرسائل الإلكترونية تروي تجارب اصحابها في الهجرة»، يقول. الردود هذه بَلَغَتْه من أنحاء العالم كلها، من شاب يعمل في مقهى بهونغ كونغ، إلى خبراء اقتصاديين في كوستاريكا... وغيرهم.

    لكن شريحة «18-35» العمرية ليست وحدها ضحية الأزمة، فعجلة الاقتصاد كلاًّ توقفت عن الدوران، وتجربة كارلوس، الرجل الخمسيني اللطيف صاحب الشركة الصغيرة التي تزود المنازل أرضيات خشبية وسلالم، هي مرآة أحوال شركات كثيرة. «زبائني جلّهم من الطبقة الوسطى والطبقة الأكثر ثراء. خسرت 70 في المئة من المبيعات نتيجة الأزمة في أشهر قليلة... واضطررت الى تغيير طريقة عمل الشركة ونهجهها، وصرت أستورد معظم معدات العمل من بولندا وهنغاريا والصين لأوفّر نحو 40 في المئة من التكلفة...

    وعلى رغم هذه الإجراءات، سرّحتُ 24 عاملاً من 35... وقلصت رواتبي الى النصف». كما أثّرت الأزمة في حياة كارلوس الزوجية، فعلى رغم انفصاله عن شريكته سوزانا وله منها ولدان، الأول في الثانية والعشرين والثاني في الخامسة والعشرين، مازالت تشاركه والولدان السكن، فليس في مقدور سوزانا شراء منزل خاص بها أو استئجار شقة، واضطرت الى تأجير قسم من المنزل الكبير الذي اشترته وكارلوس قبل اعوام. وهي مجازة في الهندسة الزراعية، ولم تجد فرصة عمل بعد ان شبّ أولادها. واليوم وجدت عملاً بدوام جزئي، وتقول أن اصحاب العمل اضطروا الى توظيفها احتراماً لكوتا تلزمهم توظيف النساء. «لسان حال اصدقائي كلهم هو الكلام على ضرورة الاستغناء عن الكماليات، والحياة مدارها على تأمين لقمة العيش وارتداء الملابس والخروج مع الأصدقاء من حين الى آخر للحفاظ على المعنويات العالية»، تقول سوزانا.

    في المساء تكتظ الشوارع والمقاصف في وسط المدينة، على وقع موسيقى تعزفها فرقة أوركسترا. يقول ميغيل انغل مراتن (35 عاماً) المجاز في الفلسفة الذي يشغل وظيفة رجل امن في حديقة، إن الكلام على الأزمة هو لازمة دردشات الأصدقاء.

    والحق أن مستوى عيش أهالي مدريد لم يتقهقر، لكنهم اليوم «مثقلون بالديون»، على قول كارلوس. فالانهيار كان سريعاً، ولم يستطع الناس التكيف مع الظروف الطارئة والأحوال الجديدة. وعلى رغم ميلهم الى التفاؤل، لا يرى الإسبان ان نهاية الأزمة قريبة.

    * مراسل، عن «لكسبريس» الفرنسية، 11/4/2012، إعداد منال نحاس

    هجرة شباب أوروبا إلى أفريقيا والمستوطنات السابقة مرآة تبدّل موازين القوى... بين الشمال والجنوب
    الاربعاء, 25 أبريل 2012
    ألكسندرا ليبزاك *
    لم يعانِ غونزالو جورج، مسؤول تسويق في لشبونة، وهو في الثامنة والعشرين من العمر، البطالة شأن غيره من أبناء جيله، لكنه كان يكابد الإحباط. فإثر تخرجه في الجامعة، أفلح في العثور على عمل في شركة نقل عامة. و «رغبتُ في إنجاز الكثير، لكن مستقبلي في الشركة اقتصر على تقطيع الوقت»، يقول جورج. ويوم وجد عملاً يلبي طموحاته، لم يكن الراتب مجزياً، واقتصرت مدة العقد على سنة. لذا، قرر الذهاب إلى أنغولا، وهو اليوم ممثل مصنع خمور برتغالية، ويتقاضى 4 أضعاف أجره في لشبونة.

    والبرتغال فقدت 10 في المئة من الشباب الحائزين شهادات عليا. وحركة الهجرة والنزوح هذه بدأت قبل أعوام. فالأزمة المالية والبطالة أصابتا البرتغال قبل سنوات من وضعهما الرحال في الدول الأخرى الأوروبية. ويبلغ معدل البطالة في أوساط الشباب 34.5 في المئة في البرتغال، ويفوق 50 في المئة في إسبانيا. ولو لم يلجأ الشباب إلى الهجرة، لكانت أرقام البطالة أعلى.

    والمهندسون والعمال المختصون الذين لا تحتاجهم أوروبا تستقبلهم أفريقيا وأميركا الجنوبية، وترحب بهم. فالبرازيل تعد العدة لاستضافة كأس العالم في 2014 والألعاب الأولمبية في 2016. وهي تستقطب أعداداً كبيرة من المهندسين والمعماريين لإنجاز المشاريع العامة. وتبلغ قيمة بعض العقود نحو 200 بليون دولار في قطاع الطاقة. وفي العام الماضي، بلغ معدل النمو في البرازيل 3 في المئة، وفي الأرجنتين 8 في المئة، حيث معدل البطالة لا يتجاوز عتبة 8 في المئة، أي أقل بثلاثة أضعاف من نظيره في إسبانيا.

    ومعدل النمو في أنغولا الغنية بالموارد الطبيعية، ومنها النفط والماس، هو الأعلى في العالم، إذ يبلغ 15 في المئة. وتعمل 3 آلاف شركة برتغالية في هذا البلد في شق الطرق، ومد الجسور والسكك الحديد وأنابيب النفط، وبناء الأبراج. فالحرب الأهلية انتهت قبل عشرة أعوام في أنغولا، وخلّفتها مدمرة من غير بنى تحتية. وهي تجتذب أعداداً كبيرة من الخبراء الذين لا حاجة للبرتغال بهم. «ومضت على نشر أنغولا إعلانات عمل في الصحف البرتغالية سنوات، يقول بيدرو غوا، الخبير في شؤون الهجرات في جامعة كويمبرا، و «أكثر الشرائح المقبلة على الهجرة هي شريحة المسنين الذين يرغبون في تقليص نفقاتهم وشريحة الشباب الساعين وراء المغامرة والفرص المهنية».

    ولا يشعر البرتغاليون بأنهم غرباء في أنغولا، ويشعرون بأنهم من أهل البيت في البرازيل. ووفق مرصد الهجرة في لشبونة، وضع أكثر من 700 ألف مهاجر برتغالي الرحال في البرازيل.

    وفي إسبانيا، وهي بلد استقبل حوالى 5 ملايين مهاجر من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية في العقد الأخير، لا تزال فصول ظاهرة الهجرة إلى المستوطنات السابقة قليلة، ولم تلفت بَعد انتباه الباحثين. ولكن، وفق إحصاءات ممثلي الإسبان في الأرجنتين، يستقر 1200 إسباني شهرياً في الأرجنتين، و «المهاجر النموذجي هو رجل في سن بين 25 و 35 عاماً، وغالباً ما يكون معمارياً أو مهندساً أو خبيراً في التكنولوجيا الجديدة»، تقول مارتا لوبيز – تابيرو، المختصّة في شؤون حركة التنقل الدولية في «أديكو».

    وليست اللغة حاجزاً بين المهاجرين وأبناء المستوطنات السابقة، ووتيرة التكيف الثقافي بين الوافدين الجدد ومضيفيهم هادئة وعجلتها تدور.

    وفي نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، هاجر مليونا إسباني إلى الأرجنتين وانتخبوها موطناً لهم. ومعظمهم تحدّر من غاليسيا، وهي منطقة زراعية فقيرة، وهم يُعرَفون في الأرجنتين، إلى اليوم، باسم «غاييغوس» نسبة إلى غاليسيا الفقيرة. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، حملت الأنظمة الديكتاتورية والأزمات الاقتصادية في التسعينات، الأرجنتينيين على الهجرة إلى أوروبا. واليوم تسير حركة الهجرة في اتجاه معاكس، ويدور الكلام على «الاجتياح الأوروبي» و «الإلدورادو الجديد» و «المغامرة»، وهي مفاهيم تبدو غريبة على الأوروبيين. ويرى بيدرو غوا أن مثل هذه المفاهيم لا تقوم لها قائمة.

    وهجرة اليوم ضعيفة الصلة بما يُحكى عن حركة استيطان ثانية، فثمة طبقة عالمية جديدة تبرز وتبصر النور. وأبناء الطبقة هذه رُحَّل لا يستقرون في مكان. فهم يغادرون، عاجلاً أم آجلاً، إلى بلد آخر يقدم لهم فرصاً جديدة. وانقلاب حركة الهجرة هو مرآة تغيرات أعمق، وهي تشير إلى بدء سيرورة تغير توازن القوى بين الغرب وبقية العالم، وبين دول الشمال ودول الجنوب تحديداً.

    * صحافية، عن «بلويتيكا فارسوفيا» البولندية، 19/4/2012، اعداد منال نحاس

    http://international.daralhayat.com/...article/388711
    صعود اليمين الفرنسي المتطرف
    الاربعاء, 25 أبريل 2012
    رندة تقي الدين
    وصول مرشحة اليمين المتطرف زعيمة حزب «الجبهة الوطنية» مارين لوبن في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية إلى المرتبة الثالثة بعد المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند الذي تقدم على الرئيس نيكولا ساركوزي بنقطة ونصف نقطة يجعل من اليمين المتطرف في فرنسا عنصراً جديداً وقوياً في الحياة السياسية الفرنسية أياً كان الفائز بالرئاسة الفرنسية يوم الأحد ٦ أيار (مايو): هولاند أو ساركوزي. وناخبو «الجبهة الوطنية» من أفراد المجتمع الأقل تعلماً. و»الجبهة الوطنية» واسعة الانتشار في عالم العمال حيث تمثل الحزب الأول بينهم مع ٣٥ في المئة من الأصوات لـ «الجبهة». وهم ضحايا الأزمة ويلومون بقوة ساركوزي. ولوبن لديها شعبية بين التجار الصغار والموظفات في المتاجر الكبرى وبين الشباب العاطلين عن العمل الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٢٤ عاماً. وهاجسها الهجرة. فلوبن تريد وقف استيراد العمالة الخارجية خصوصاً العربية الأصل وهي تركز على الأمن في المدن والضواحي وتريد أيضاً الخروج من اليورو وترفض السيادة الأوروبية وقوانين الاتحاد الأوروبي التي تهيمن على فرنسا. كما ترفض فتح الحدود بناء على اتفاقية «شينغين».

    ولا شك في أن شعبية لوبن تأتي أيضاً من كل الذين يتخوفون في فرنسا من التقاليد الإسلامية لخمسة ملايين مسلم في فرنسا. وهكذا بدأت تردد في حملتها «هل يعرف المواطن الفرنسي أن كل اللحم الذي يأكله هو حلال؟». فصعود شعبيتها يعود إلى عناصر اقتصادية لا شك فيها ولكن أيضاً إلى عناصر اجتماعية مؤكدة: تخوف فرنسي من اصل خمسة ناخبين من التقاليد العربية والإسلامية التي أتت من الجالية المغربية في فرنسا، وأيضاً من أوضاع أمنية متدهورة في مدن فيها هجرة عربية الأصل زاد العنف فيها وعدم الأمن نتيجة بطالة شباب متزايدة وعدم اندماج فعلي لجاليات الهجرة المسلمة. فكون لوبن الحَكَم بين المرشحين هولاند وساركوزي سيجبرهما خلال الحملة على تبديد مخاوف هذه الفئة من الهجرة المستوردة وغياب الأمن ورفض التقاليد المسلمة في دولة علمانية. وكانت بدأت حملة حزب اليمين الحاكم (اتحاد الحركة الشعبية) ضد البرقع وفرض الغرامات على من يرتديها وكان هولاند موافقاً عليها. وكلا المرشحين سيحاول جذب ناخبي لوبن وطمأنتهم للفوز بالرئاسة. إلا أن لوبن تحلم بمجموعة نواب لجبهتها في البرلمان الفرنسي بعد الانتخابات التشريعية كي تكون هي اليمين المعارض الأساسي فيه وكي تعيد تكوين اليمين تحت مظلة جبهتها. فهي في جميع أحاديتها تشن حملة على كلا المرشحين مع تركيز اكبر على تدمير صورة ساركوزي. وتقول إنها ستصوت بورقة بيضاء ولن تعطي توجيهاً للتصويت لأي منهما. فقد تحاول إفشال ساركوزي لصالح هولاند. إلا أن نسبة من ناخبيها في نهاية المطاف قد يصوتون لساركوزي ولو أن هذه النسبة غير معروفة بدقة حتى الآن رغم استطلاعات رأي متضاربة حولها.

    ولكن خطورة صعود «جبهة» لوبن المستجد في الحياة الديموقراطية الفرنسية بآرائها وأفكارها وانزواء فرنسا على حالها بعيداً عن أوروبا مع الدعوة إلى منع الهجرة والدفاع عن أنظمة قمعية مثل نظام بشار الأسد (فهي الوحيدة بين المرشحين التي دافعت عنه) إنها إذا حصلت على نسبة مهمة من النواب في الانتخابات المقبلة في حزيران (يونيو) سيكون باستطاعتها أن تؤثر بهذا النهج على الحياة السياسية والاجتماعية في فرنسا، خصوصاً أنها تثير الرعب اقل من والدها جان ماري لوبن رئيس الشرف لـ «الجبهة» الذي كان حصل على أصوات اقل منها في انتخابات الرئاسة في ٢٠٠٢ حيث وصل إلى الجولة الثانية ضد الرئيس السابق جاك شيراك. وفاز شيراك بولاية ثانية بأصوات اليسار المتخوف من لوبن. فهل يحصل العكس هذه المرة في ٦ أيار ويفوز هولاند مرشح اليسار الاشتراكي بأصوات اليمين المتطرف؟ إن هذا احتمال وارد وكبير.
    http://international.daralhayat.com/...article/388794
    التعديل الأخير تم 04-25-2012 الساعة 10:22 PM

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    تزفيتان تودوروف: الديمقراطية باتت مُهدَّدة من الداخل والأمل في 'ربيع أوروبي'!
    بمناسبة صدور كتابه 'أعداء الديمقراطية الحميمون':

    2012-04-25
    تقديم وترجمة: عبد اللّطيف الوراري: في عمله (أعداء الديمقراطية الحميمون) الصادر حديثاً، يختبر تزفيتان تودورف برؤية الفيلسوف اللحظة التي غدت فيها الآثار المنحرفة للديمقراطية تُهدّد وجودها في حدّ ذاته. وهكذا يتناول في الكتاب 'الديمقراطية المريضة' في العصر الراهن، داعياً إلى القيام بما وصفه بـ'ربيع أوربي' على غرار الثورات العربية.
    بموازاة مع ذلك، صرّح بأن 'العدو يكمن بداخلنا نحن.. فالديمقراطية في الغرب باتت مريضة بسبب المبالغة التي تحيط بها'، وحذّر من أن التهديد الأساسي للغرب يكمن في التوجهات الجديدة التي تتزايد داخل المجتمع مثل كراهية الأجانب والنزعة الوطنية المفرطة والليبرالية المتوحشة، كما يرى أنّ العصر الحالي يشهد عدة عوامل تضرُّ بالديمقراطية مثل هيمنة الجانب الاقتصادي الذي بات يُشكِّل الأولوية على حساب السياسي، وأنّ وسائل الإعلام صار لها نفوذٌ قويّ. إلى ذلك، لفت إلى أنّ التهديد لم يعد يقدم من الخطر الخارجي المتمثّل في الإرهاب الناجم عن التطرف الديني أو وجود الأنظمة الديكتاتورية من فاشية وشيوعية، بل أصبح يكمن في مخاطر داخلية بما في ذلك تحوُّل الحرية إلى طغيان، أو في تحوُّل الرغبة في الدفاع عن التطور إلى روح صليبية. فمن الأطروحة التي تقول بأن الديمقراطية مهدّدة في وجودها من الداخل، ومن الأعداء الذين أفرزتهم، يطوّر تودوروف إشكالات الكتاب (منشورات روبير لافون- باريس، 257ص). وترتيباً على ذلك، يظهر لنا أن تودوروف متذمّر من الديمقراطية الغربية، ويوحي من كلامه بأنّها تحتضر، لأنّ واقعها بات مُخيِّباً للآمال ومتناقضاً مع روحها.
    هكذا، بعد كتبه التي كرّسها للنقد الجيوسياسي، بما في ذلك ''ذاكرة الشر، إغواء الخير'' 2000، و''الفوضى العالمية الجديدة'' 2003، و'روح الأنوار' 2007، و''الخوف من البرابرة..ما وراء صدام الحضارات'' 2008، ينتصر هذا الكاتب والمؤرّخ الفرنسي من أصول بلغارية في كتابه الجديد للفكر المتأني الؤصين الذي لا يقع ضحيّة المخيال الغربي وأحابيله، مُؤْثراً روح الحوار والتواصل على فكرة الصدام بين الثقافات، رافضاً عداء الغرب الشديد اتجاه الديانة الإسلامية، ومعتبراً وصف الآخر بالمتوحش بمثابة اعتداء على فكر الأنوار. هنا، حوارٌ نشرته نوفيل أوبسرفاتور الفرنسية، أجراه معه، بمناسبة صدور كتابه، الناقد والفيلسوف دانييل سالفاتور شيفر.
    س: عديدة هي الأعمال التي كشفت عن أعداء الديمقراطية الخارجيّين والمعلنين بصراحة، بما في ذلك الفاشية والشيوعية والإرهاب أو الأصولية الإسلامية. أنت حلّلتم في كتابكم، بحذق وبكيفيّة مركبة جدّاً، ما وصفتموه ب'الأعداء الحميمين' لمثل هذه الديمقراطية، أو الذين كانوا إفرازاً لها. هل لك أن تشرح هذا النوع من المقاربة؟
    ت. تودوروف: أوّلاً، بالنسبة لإنسان مثلي وُلِد في القرن العشرين، قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، وفي بلد كبلغاريا التي كانت ترزح تحت الاستبداد السوفياتي، كان أعداء الديمقراطية هم، قبل كلّ شيء، من الخارج: أولئك الذين يرفضون مبدأ الديمقراطية نفسه ويدّعون استبدالها بشيء آخر يزعمون أنّه 'أسمى'. في بلدان أوربا الغربية، مابين الحربين العالميّتين، كان الأمر يتعلّق بالفاشية. وكان هناك عددٌ من الأفكار الجيّدة التي رأت، في هذا العصر بالذّات، أن الديمقراطية أصابها الإعياء أو الوهن، وأن هذا النظام لم يعد يستجيب للتطلُّعات الشعبية، وبالتالي يجب أن يوجد مكانه نظام آخر. هذا النوع من الرؤية إلى الأشياء أقنع قطاعاً كبيراً بذل المزيد من الجهد، ولاسيما في عدد من الدول التي كانت تحكمها دكتاتوريات فاشية (إيطاليا، كرواتيا، إسبانيا، البرتغال...). إلّا أنَّه حتّى في الدول التي لم تكن تعرف مثل هذا المخطّط السياسي ـ الإيديولوجي، كان هناك نوع آخر من التوتاليريّة يتمثّل في أحزاب مهمة من اليمين المتطرّف، كما في فرنسا أو بلجيكا. وفي هذا المعنى، على سبيل المثال، كان هناك رأي عام واسع يحلم بالعيش في فرنسا بيتان ( فيليب بيتان (1856-1951، أو في بلجيكا ديغريل ( ليون ديغريل 1906-1994). وبعد الحرب العالمية الثانية، نمت ديكتاتورية أخرى مختلفة تمثّلت في التهديد الذي كان يقدم من أوربا الشرقية، من أنظمة شيوعية شمولية تُجسّدها الكتلة الشيوعية.
    س: هل كانت بلغاريا، وهي البلد الذي ولدت به ونشأت قبل أن تتركه إلى الغرب حيث وجدت فيه الحرية التي افتقدتها في شبابك، واحداً من هذه البلدان التي عاشت تحت الديكتاتورية الستالينية؟
    تودوروف: بالتأكيد. وقد كُنّا ننعت الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، بأنّه إمبريالية وأنّه عدوٌّ مهاجمٌ يتهيّأ للانقضاض علينا في كلّ لحظة، وبالتي وجب أن نحترس وأن نحارب بجميع قوانا. أنا نفسي تربّيْتُ داخل هذه الحالة من الروح. ولقد ولّى من الآن عقدان من الزمن، في أثناء انهيار جدار برلين في عام 1989م، عندما اطمأننتُ من أنّ التهديد التوتاليري الذي كانت تمثّله الأنظمة الفاشية بعد الحرب العالمية الثانية قد زال حقيقةً، وأنّ هذه الأنظمة بعد هذه الضربة القاضية ستنطفئ. ومنذ سقوط الإمبراطورية السوفياتية كان يولد، بالنتيجة، في أوربا الشرقية فكرٌ آخر يتقاسمه معنا الكثير ممّن رأى في ما حدث ضرباً من الانتصار الهادئ للديمقراطية بمقدار ما أنّ هذه الأخيرة لم يعد لها أعداء خارجيّون ومعلنون بصراحة.
    س: غير أنّه، مع ذلك، تمّ استبدال هذين النمطين من الدكتاتورية بنمط ثالث أخطر ولا يمكن أن يُقارن، بحكم حجم المجازر والضحايا والموتي التي أوقعها، وهو التطرُّف الديني أو الإرهاب الذي ارتبط بالإسلام.
    تودوروف: لا مجال للمقارنة. يمكن لنا طبعاً أن ندين هذا النظام الإسلامي أو ذاك، لكن أيّاً من هذه الأنظمة لا يمكن ألبتّة أن يمثِّل خطراً شبيهاً بخطرٍ تحت النزعة الستالينية أو خطر الجيش الأحمر؛ لا قياس مشتركاً بالنتيجة! حتّى وإن كان بإمكاننا القول، بطريقة ما، إنّ الإرهابيّين الإسلاميين، كيفما أُدينوا، هم اليوم يشبهون تلك الجماعات المسلّحة التي ظهرت في يوم ما، مثل 'جماعة الجيش الأحمر' في إلمانيا، أو 'الألوية الحمراء' في إيطاليا. فالأمر يتعلّق هنا بأعمال إرهابية منتظمة يمكن، بطبيعة الحال، أن تقتل وتحدث الكثير من الأضرار، غير أنّها مع ذلك تظهر غير قادرة على أن تُهدّد أسس الدولة نفسها. أمّا أنظمة الحكم الثيوقراطي التي توجد اليوم في خارج أوربا، كتلك التي في إيران والسعودية، أو الدكتاتوريات السياسية-العسكرية، كتلك التي في الصين وكوريا الشمالية، لا يمكن أن تعتبر في نظر الديمقراطيات الغربية منافسة أو غريمةً لها.
    س: لماذا؟
    تودوروف: لأنّها لا تُمثِّل متتالية جديرة بالتصديق، ولا دقيقة، في عيون الشعوب الأوربية. في حين أنّ الهدوء الذي كنّا نتوقُّعه، بعد انهيار جدار برلين ونهاية ما سمي ب'الحرب الباردة'، لم يبرز تماماً؛ وذلك لأنّه بات من الملحوظ أنّ الديمقراطية أفرزت الأعداء الذين اختصّوا بها ونشأوا من رحمها نفسه. إنّهم يمثّلون، بشكل ما، أبناءها غير الشرعيّين، وذلك ما يمثّل الانحراف المرتبط بالمبادئ الديمقراطية نفسها.
    س: بالتالي، فإنّ الديمقراطية نفسها تكون قد عمّمت، وبشكل مفارق، آثارها الخاصة القاسية التي باتت تُهدّدها ليس من الخارج كما كان يحصل سابقاً، وإنّما من الداخل: المثال الديمقراطي الفاسد باعتباره خائناً في حدّ ذاته بلا علم منه أو عن حسن نيّة إذا جاز لنا القول.
    تودوروف: بالفعل؛ من الآثار القاسية التي تأتّت من حاجة عميقة إلى الديمقراطية. في كتابي الأخير والموسوم بـ'أعداء الديمقراطية الحميمون'، توقّفتُ على ثلاثة نماذج كبرى حلّلتها فيه بتفصيل.
    س: ما هو النموذج الأوّل منها بشكل أدقّ؟
    تودوروف: هو ما اصطلحتُ على تسميته بـ'متطلّب التقدُّم'، الملازم للمشروع الديمقراطي نفسه؛ لأنّ الديمقراطية ليست حالة ترتّبت، مبدئيّاً، عن وضعية موجودة سلفاً. إنّها لا تخضع لفلسفةٍ محافظةٍ، ولا لفكرٍ جبريٍّ، ولا للحفاظ على ما هو موجود سابقاً أو لاحترام التقاليد بلا قيد ولا شرط. كما لا تستند على كتاب قديم مقدّس كنوع من القانون الذي يجب دائماً تطبيقه بكيفيّة خاصة. وبطبيعة الحال، فإن هذا العامل من المتطلّبات محمودٌ في ذاته، إلّا أنّ ما تمَّ في مراحل معيّنة من الديمقراطية هو أنّها كانت تنشط من اعتقاد أكثر رسوخاً يتصوّرها حاملة لأفضل المنافع ويعتبرها إذّاك من المشروعيّة أن تفرض على الأخرين بالقوّة، بما فيها الجيوش. هذا ما حدث للأسف خلال الأشهر الماضية في ليبيا، وقبل ذلك بسنوات في العراق أو في أفغانستان. وواضحٌ أن ذلك شكّل بالذّات مفارقةً، وليس من المسائل الأقلّ شأناً، إذ يصير التطلُّع إلى التقدُّم، الذي هو أحد المبادئ المميِّزة للديمقراطية، مصدر دمار للدول التي لا تتقاسمها معنا. بعبارة أخرى، يلوح الشرّ هنا خيراً، ولا أعظم من هذه المفارقة فعلاً! ولقد استوحيتُ من ذلك عنوان أحد كتبي السابقة، الصادر في عام 2000م: 'ذاكرة الشرّ، غواية الخير'.
    س: تتمّةً لاستدلالك المنطقي، ما هو الخطر الثاني الذي أفرزته الديمقراطية نفسها وومن غير علم منها في الأغلب؟
    تودوروف: يأتي الخطر الثاني، وبشكلٍ مُفارقٍ أيضاً، من أحد أروع مظاهر الديمقراطية ومكاسبها الأساسية، وبالأخصّ الديمقراطية الليبرالية، وهو: الدفاع عن الحرية الفردية؛ وذلك لأنّ الديمقراطية لا تكتفي بالدفاع عن سيادة الشعب، وإنّما تحمي كذلك حرية الفرد، حتى من التدخُّل المفرط من هذا الشعب نفسه. لذلك، فإنّ الديمقراطية الليبرالية مختلفة عما كُنّا نسميه أحياناً، تحت أنظمة ستالينية، بـ'الديمقراطيات الشعبية' التي كانت تُجرّد الفرد من كلّ استقلالية. لكن المشكل بداخل ديمقراطياتنا الليبرالية يكمن في أنّ الاقتصاد الذي هو فاكهة المقاولة الحرة لدى الأفراد، قد حلّ بهذا الاعتبار محلَّ السياسة وصارت تحكمه سلطة الربح، وهو ما مثّل أحد الآثار المنحرفة للمبادرة الفردية غير المراقبة، وقاد بشكل حتمي إلى أن يستولي الأكثر غنىً على الأكثر فقراً. وبإيجاز، فقد أصبح هذا النمط من الليبرالية، ترتيباً على ذلك كلّه، شكلاً آخر من السلطة المستبدّة: طغيان الرأسمالية ألحق الضرر بحماية الشعب عبر الدولة. إنّ هذا الجاذب للكسب الفردي بات يُهدّد رفاهية الجسد الاجتماعي.
    س: أخيراً، ما هو الخطر الداخلي الثالث الذي يتهدّد الديمقراطية؟
    الشعبويّة، وهي بمثابة قفا الديمقراطية المقلوب، بحيث أنها تتعلّق باستشارة الشعب، وبأنّ الديمقراطية بدون الشعب بديهيّاً ليست ديمقراطية؛ غير أنّ الشعبوية تتمثّل عقبتها الكأداء في بحث انخراط الجماهير الشعبية انخراطاً مباشراً وكُلّياً، إذ في الغالب تتّفق والتحريك الوسائطي الأكثر مبالغةً وسهولة، وتهدف إلى أن يتخذ جزءٌ من هذه الجماهير نفسها القرار تحت تأثير العاطفة وخارج كلّ عقلانية. وهكذا فإنّ هذا الخطر الذي تنقصه فطنة التمييز بين القرارات الهامّة، قد ينشئ خطراً حقيقيّاً للعمل الجيد لكلّ ديمقراطية تليق باسمها، من خلال الفصل العادل والمناسب بين السلط (التشريعية، التنفيذية، القضائية).
    س: كلّ ما تفضّلتَ بقوله نعثر عليه ملخَّصاً منذ الصفحات الأولى للكتاب، وفي الفصل الذي عنونته بـ'الديمقراطية في وعكة'، وقد كتبت حرفيّاً: 'إنّ الديمقراطية أفرزت بنفسها القوى التي بات تتهدّدها، ومن مستجدّات زمننا أن هذه القوى تتفوّق على تلك التي كانت تهاجمها من خارج. وسيكون من الصعب على القوى التي تحاربها والتي تعمل على تطبيعها أن تستدعي الروح الديمقراطية، ومن ثمّة تمتلك مظاهر الشرعيّة'.
    تودوروف: وهو ما يمثّل، بالفعل، تركيباً جيّداً بخصوص موضوع الكتاب المحوري.

    http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...5\25qpt895.htm
    التعديل الأخير تم 04-26-2012 الساعة 10:33 AM

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    خفض تصنيف إسبانيا درجتين وقلق على مصارفها
    السبت, 28 أبريل 2012
    Related Nodes: أمام مكتب حكومي للتشغيل في مدريد (رويترز).jpg
    مدريد، لاهاي، فرانكفورت، واشنطن، نيويورك - رويترز، أ ف ب - خفضت وكالة «ستاندرد أند بورز» الأميركية للتصنيف الائتماني، تصنيف إسبانيا درجتين كما فعلت في كانون الثاني (يناير) الماضي، ليتراجع التصنيف هذه المرة من «A» إلى «BBB+»، مشيرة إلى قلقها من «الانكماش الذي يعرقل تحقيق أهداف الموازنة». ويجعل هذا القرار مدريد في فئة الدول المتوسطة القدرة على تأمين التزاماتها في شكل مناسب.

    واعتبرت الوكالة، أن «الآفاق المرتبطة بتصنيف جديد لإسبانيا سلبية»، ما يعني احتمال أن «تعلن خفضاً جديداً في درجتها». وكتبت في بيان، «في أجواء من الانكماش الاقتصادي وخلافاً لتوقعاتنا السابقة»، متوقعة «تدهور مؤشرات المال العام في إسبانيا». وعادت إسبانيا، وهي رابع اقتصاد في منطقة اليورو في الربع الأول من هذه السنة، إلى «الانكماش بعد سنتين من خروجها منه»، ولفت «بنك إسبانيا» (المركزي) إلى «تراجع الناتج المحلي 0.4 في المئة».

    الموازنة

    وتعقد الخطوة البرنامج الصارم للموازنة الذي التزمت به ويعد بخفض العجز من 8.51 في المئة عام 2011 إلى 5.3 في المئة هذه السنة، و3 في المئة عام 2013. فيما تقدر «ستاندارد أند بورز» العجز بـ 6.2 في المئة هذه السنة، ثم 4.8 في المئة عام 2013. ولم يستبعد رئيس فريق التصنيف السيادي لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى «ستاندرد أند بورز» موريتز كريمر في مقابلة مع تلفزيون «رويترز إنسايدر»، أن «تحتاج المصارف الإسبانية إلى مساعدة حكومية، وأن تواجه إسبانيا مزيداً من الخفض في تصنيفها السيادي في حال استمرت متاعبها مع الديون».

    وأعلن أن المصارف الإسبانية المتعطشة للتمويل «ربما تصبح عبئاً على كاهل الدولة»، معتبراً أن إيجاد التمويل في السوق «لن تكون مهمة سهلة بالنسبة إلى معظم المصارف». لذا رأى احتمال «الطلب من الدولة في مرحلة ما أن تفعل ذلك، لكن يبدو أن الحكومة الإسبانية لا ترغب في التفكير في هذا الأمر حالياً». وأوضح: «في حال احتاجت إسبانيا إلى مساعدة من جيرانها الأوروبيين، فالأفضل أن تحصل عليها في إطار صندوق الاستقرار المالي الأوروبي بدلاً من آلية الاستقرار الأوروبي التي ستحل محل الصندوق قريباً، لأن وضع الآلية «كدائن مفضل» ربما يحدث مشاكل في أسواق السندات». وعن دور البنك المركزي الأوروبي، اعتبر أن «إجراءات مثل القروض الميسرة التي يقدمها البنك لأجل ثلاث سنوات ليست حلاً للأزمة، ولا يمكن استبعاد استئناف البنك مشترياته من السندات الحكومية».

    وفي المواقف من خفض التصنيف، أكدت المفوضية الأوروبية ثقتها في أن «تفي إسبانيا بأهداف خفض العجز في الموازنة هذه السنة والعام المقبل. ولم يستبعد وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر، أن «يضعف النمو الأميركي في حال أساءت أوروبا إدارة أزمتها». لكن أوضح أن النظام المالي الأميركي «قادر على التعامل مع أي ضغوط».

    وفي سوق العمل الإسبانية، يعاني ربع العاملين من البطالة، وتوقع خبراء أن «يستمر الانكماش فيها حتى عام 2013 مع إجراءات تقشف لا سابق لها». ولخصت صحيفة «ايكسبانسيون» الوضع، معلنة أن «المحللين من لندن إلى نيويورك مروراً بباريس وبرلين وبروكسيل وروما في كل المراكز الاقتصادية الكبرى في العالم الغربي، يتفقون على شيء شيء واحد هو أن إسبانيا مصدر قلق والأمل ضعيف».

    هولندا

    وفي هولندا التي استقالت حكومتها على خلفية تباين على خفض الدين العام مع حليفها الحزب اليميني المتطرف الذي يقوده غيرت فيلدرز، أقر النواب الهولنديون موازنة تقشفية يطالب بها الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس الوزراء المستقيل مارك روتي في مناقشة في مجلس النواب الهولندي، أنه «نبأ سار جداً»، معتبراً أن «الطبقة السياسية بدت اليوم في أفضل حالاتها». فيما أكد وزير المال يان كيس دي ياغر، أن هولندا «تستطيع الاستفادة من معدل فائدة منخفض» في سوق السندات.

    وأعلنت خمسة أحزاب بينها اثنان في الائتلاف الحكومي الذي يشكل الأقلية لوسط اليمين وثلاثة أحزاب معارضة، تشغل مجتمعة 77 مقعداً من أصل 150 قبل الجلسة، التوصل إلى اتفاق حول موازنة تقشفية تهدف إلى خفض العجز العام إلى أقل من 3 في المئة من الناتج الداخلي عام 2013 في مقابل 4.7 في المئة عام 2011، و3 في المئة هي السقف المقبول في منطقة اليورو. واتفقت الأحزاب الخمسة على زيادة رسم القيمة المضافة وخفض الموازنة المخصصة للعلاج الصحي وتجميد رواتب بعض الموظفين.
    http://international.daralhayat.com/...article/389801

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وها هو هنتينغتون يصرح بمكنونات صدره في الفصل الأول من كتابه «صدام الحضارات» (1996) عبر كلمات شخصية روائية: «ليس ثمة اصدقاء حقيقيون من دون اعداء حقيقيين. لا بد ان نكره من يختلف عنا لكي نحب ما نحن عليه. تلك هي الحقيقة القديمة التي نعيد اكتشافها بعد قرن من اللغو العاطفي». نفس المبدأ حكم فلسفة شتراوس السياسية قبل اكثر من نصف قرن: «يؤمن شتراوس ان السياسة تنبثق من التفريق بين نحن وهم، فلا استقرار لأي كيان سياسي إلا بوجود تهديد خارجي يدفعه نحو الوحدة، واذا لم يكن هناك تهديد خارجي، عندها يجب انتاجه».
    إشكاليات الهوية ... صدام الحضارات وصناعة الأعداء
    السبت, 28 أبريل 2012
    اسامة عرابي
    اشكاليات الهوية.
    قد يكون مبدأ الهوية الإسلامية للسلطة، بركنيه الخلافة والشريعة، من مسلَّمات الشرع، وقد مكَّن من سطوع الأمة لقرون طويلة غابرة، لكن الحاضر ليس الماضي، وعلى النخب الجديدة الإسلامية المنحى أن تفقه واقع السياسية الاميركية في تعاطيها مع العرب والمسلمين، فالولايات المتحدة ما زالت صاحبة السطوة المادية الكونية، العسكرية والاقتصادية، واذا ما واجهها الإسلاميون بدولة الشريعة والخلافة، وقعوا في كمين محكم ما انفك بعض الغرب يرسمه لنا ولنفسه على انه قدر محتوم.

    ونعرض في ما يلي لواحد من المكونات العقيدية الأساسية في صناعة السياسة الخارجية الأميركية، عنينا مبدأ الهوية الغربية، وتحديداً المفهوم الصراعي لهذه الهوية في مقولات صامويل هنتينغتون ومقالته الشهيرة التي ظهرت عام 1993 تحت عنوان «صدام الحضارات: الشكل القادم للصراع الدولي» (صدرت ككتاب عام 1996).

    اتت تلك المقالة ثمرة مشروع بحثي تحت اشراف هنتنغتون، حول موضوع «متغيرات المحيط الأمني والمصالح القومية الأميركية». فكانت اطروحته في الربط والتلازم بين الهوية التاريخية والمصالح القومية، من العلامات الفاصلة في تحديد المنظور الفكري والقيمي لصناع السياسة الخارجية في الولايات المتحدة من الحزب الجمهوري وتيار المحافظين الجدد خلال ولايتي جورج بوش الابن في سنوات 2000-2008.

    الفكرة الحاكمة في مقالة هنتينغتون هي أن العلاقات السياسية من صراعات وتحالفات وتفاهمات بين الدول في القرن الواحد والعشرين، سيحكمها قانون الصدام بين الحضارات العالمية الرئيسية، التي تتموضع جغرافياً وفق الانتماء الديني/ الثقافي لسواد سكانها. وهي سبع حضارات: الحضارة الغربية (الولايات المتحدة وغرب اوروبا)، والإسلامية، والكونفوشية (صينية)، والهندوسية، واليابانية، واللاتينية (اميركا اللاتينية)، والأرثوذكسية (روسيا وشرق اوروبا).

    يقول هنتينغتون: «المصدر الأساسي للصراع في العالم الجديد القادم لن يكون الأيديولوجيا السياسية أو الاقتصاد. الانقسامات الكبرى بين البشر ومصادر الصراع الغالبة بينهم ستكون ثقافية. ستبقى الدول القومية الفاعل الأقوى في السياسة الدولية، لكن الصراعات الرئيسية ستحدث بين امم وجماعات تنتمي الى حضارات متمايزة. ان صدام الحضارات سيهيمن على السياسة العالمية. وحيث تتنافر الحضارات، سترتسم خطوط معارك المستقبل».

    يستشرف هنتينغتون مستقبل العلاقات الدولية في عالم ما بعد الحرب الباردة وسقوط الامبراطورية السوفياتية المدوي الذي أطاح موازين القوى العالمية السائدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فإذا كانت الصراعات الثنائية بين الدول تحكمها مصالح اقتصادية وجيوسياسية، فإن هذه الصراعات كانت خلال الحرب الباردة، أي سنوات ١٩٤٥-١٩٩١، تندرج ضمن إطار الثنائية الأيديولوجية بين الشيوعية من جهة والديموقراطية الليبرالية من جهة أخرى. ولكن مع نهاية الحرب الباردة سيتحول الصراع من صراع ايديولوجي إلى صدام بين دول تنتمي الى الحضارات العالمية الكبرى «التي تتمايز بعضها عن بعض بالتاريخ، واللغة، والثقافة، والتراث، والأهم من ذلك بالديانة».

    التحدي الأكبر

    المجالان الحضاريان الإسلامي والكونفوشي يشكلان التحدي الأكبر للحضارة الغربية المهيمنة، والتي بدأ نجمها بالأفول، وفق هنتينغتون، وان كانت ستبقى الأقوى لعقود قادمة. وهو يرى امكانية تعاون وثيق واستقطاب بين الغرب والحضارتين اللاتينية (اميركا اللاتينية) والأرثوذكسية (روسيا وشرق اوروبا) في مواجهة المحور الآسيوي الإسلامي - الكونفوشي. اما «الإسلام، فلن يضعف، وسيصبح اكثر عنفاً...»، وذلك لتوافر ثلاثة عوامل تحكم مستقبل المجتمعات المسلمة : النمو الديموغرافي الهائل، والإسلام السياسي، وانتصار الديموقراطية. ان وتيرة النمو السكاني المرتفعة جداً في معظم الدول الإسلامية أدت الى تعاظم نسبة الشباب بين الـ 15 و25 عاماً لتفوق 20 بالمائة من مجموع السكان، الأمر الذي ينذر بعدم الاستقرار. ويستطرد: «إن كثيراً من الدول العربية عرف تحولات اقتصادية واجتماعية اصبحت معها انظمة الحكم الاستبدادية غير ملائمة، وازداد التوجه نحو الديموقراطية قوة... فكانت الحركات الإسلامية اكبر المستفيدين من هذه التحولات.

    باختصار، في العالم العربي تؤدي الديموقراطية على النمط الغربي الى تقوية القوى المعادية للغرب». إذن، التحول نحو الديموقراطية عندنا لا يجب ان يكون مدعاة طمأنينة وارتياح لدى الغرب، وفق هنتينغتون، الذي تختصر عدائيته المسبقة المتأصلة للإسلام، احتمالات المستقبل المتنوعة الى فرضية واحدة : العداء والمواجهة. الدليل الذي يسوقه لتبرير نبوءته حول الصدام الحتمي بين الإسلاميين والغرب هو مقارنة سطحية شديدة العمومية بين الحضارات من حيث طبيعة التفاعلات في ما بينها، اذ يتسم التفاعل بين اميركا واوروبا (الحضارة الغربية) من جهة والصين واليابان من جهة اخرى، بالطابع السلمي متمثلاً بالتنافس الاقتصادي والتبادل التكنولوجي.

    بالمقابل، تعرف حدود المجتمعات المسلمة مع الدول غيرالمسلمة في شرق اوروبا وآسيا، نزيفاً وتطهيراً عرقياً مستمراً: «يستشري العنف في آسيا الكبرى، وخاصة على تخوم هلال الأمم الإسلامية الممتد من غرب افريقيا الى آسيا الوسطى. كذلك يغلب العنف على علاقة المسلمين بالصرب الأرثوذكس في البلقان، وعلاقتهم باليهود في اسرائيل، وبالهندوس في الهند، وبالبوذيين في بورما، وبالكاثوليك في الفيليبين. إن تخوم الإسلام دموية». هكذا يختزل هنتينغتون التاريخ المعقد الشديد التنوع لمجتمعات بكاملها، الى جملة عامة من ثلاثة سطور تدغم العنف بالهلال، خالصاً الى ان الإسلام حضارة دموية. وبعد، أليس هذا الاختصار لمستقبل العلاقة بين الإسلام السياسي والدول الغربية تحت عنوان البحث العلمي، فخّاً منصوباً لغايات خبيثة!

    ثم يضع هنتينغتون توصياته في السياسة العامة الواجب على الدول الغربية اتباعها في القرن الواحد والعشرين إزاء الحضارات الاخرى: «يتوجب على الغرب الأمور التالية: زيادة التعاون والوحدة داخله، خاصة بين جناحيه الأوروبي والأميركي الشمالي؛ استقطاب مجتمعات شرق اوروبا واميركا اللاتينية القريبة ثقافياً من الغرب؛ تطوير وترسيخ التعاون مع روسيا واليابان؛ الحد من نمو القوة العسكرية للدول الكونفوشية والإسلامية؛ التمهل في تخفيض القدرات الحربية الغربية والحفاظ على التفوق العسكري في شرق وجنوب - غرب آسيا؛ العمل على استغلال الخلافات والصراعات بين الدول الكونفوشية والإسلامية؛ توفير المساندة للجماعات المتعاطفة مع القيم والمصالح الغربية داخل الحضارات الأخرى؛ تقوية المؤسسات الدولية التي تدافع عن المصالح والقيم الغربية وتضفي عليها صفة الشرعية، وتشجيع الدول غير الغربية على الانخراط في تلك المؤسسات.»

    الإشكالية السلطوية

    تصدى عدد من الباحثين الغربيين والعرب لنقد وتبيان عدم دقة، وأحياناً خطأ بعض المسلَّمات والتفاصيل في رؤية الصراعات المستقبلية ضمن المجال الحضاري/ الديني، وهذا ديدن الأكاديميا الباحثة أبداً عن الحقيقة ومقدار التطابق بين النظرية والواقع.

    لكن المحتوى العلمي لمقالة هنتينغتون لم يكن ليسخّر يوماً لصالح الرغبة العلمية في توخي الحقيقة، فالقصد من وراء مقولة صراع الثقافات والأديان وتبنيها من قبل بعض الساسة الأميركيين، ليس أكاديمياً أو معرفياً، بل هو هدف سلطوي معنوي يسعى الى توظيف فائض القوة المادية والعسكرية التي بحوزتهم لتحقيق مزيد من الهيمنة والسلطان في داخل مجتمعاتهم وخارجها.

    وقد فند الدكتور رضوان السيد الإشكالية السلطوية لهذه المقولات وكشف ادعاءاتها المعرفية، مُظهِراً ارتباطَها الوثيق بسياسات الغلبة والهيمنة الغربية على المجتمعات الإسلامية من جهة، وبردود فعل اصحاب الهوية العربية -الإسلامية المجروحة من جهة اخرى، وذلك في كتابه «الصراع على الإسلام» الصادر سنة 2004، (فصل من الإسلام الى الأنثروبولوجيا). وبعد عرضه لأسبابه التاريخية ومنطلقاته الفكرية، خلص السيد الى توقع احتدام وعي الهوية عندنا: «إن الطريف والموحي ان تكون ردود الفعل لدى القوميين والإسلاميين على أطروحة هنتينغتون على هذا القدر من السخط والأنكار... لكن ثقافة الهوية لا تزال على قدر كبير من التوهج. والدليل على ذلك اصرار مثقفينا القوميين والإسلاميين على اننا نواجه غزواً ثقافياً، وإصرارهم على ان تجديد ثقافتنا لا يكون الا من داخلها».

    اما إدوارد سعيد، استاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا وصاحب مؤلف «الاستشراق» المعروف، فرأى ان «اصرار هنتينغتون الشديد على حتمية الصدام بين الحضارات الاخرى والغرب، وعدوانيته وعنصريته الباديتين في توصياته للدول الغربية بما يحفظ لها غلبتها عالمياً» ، يحملنا على الاعتقاد بأن غايته الفعلية هي استمرار وتوسيع نطاق الحرب الباردة بوسائل اخرى» ( من مقال لسعيد بعنوان «صدام التحديدات» صدر عام 2000).

    ان هاجس الهوية المهددة ليس حكراً على القوى الإسلامية عندنا، بل ملازم ايضاً لنخبة سياسية وثقافية فاعلة في الولايات المتحدة عُرفت بالمحافظين الجدد وكانت شديدة التأثيرعلى سياسات بوش الابن في الحرب على الإرهاب وغزو افغانستان والعراق. وقد سطع نجم هنتينغتون في العقد السابق على هجمات ايلول كناطق بليغ يترجم هموم هذه النخبة وهواجسها الى مقولات وتوصيات سياسية ترتدي لباس الموضوعية والعقلانية.

    لكن المؤسس الفعلي لتيارالمحافظين الجدد كان ارفينغ كريستول، الذي استلهم عقيدته من الفيلسوف الألماني الأميركي ليو شتراوس (توفي عام 1973). وهى قائمة على مبدأ مفصلي: حاجة الأمم الى اعداء لتمكين هويتها القومية، وبالتالي فإن غياب العدو السوفياتي في التسعينات سينعكس سلباً على وحدة المجتمع الأميركي وتماسكه.

    وها هو هنتينغتون يصرح بمكنونات صدره في الفصل الأول من كتابه «صدام الحضارات» (1996) عبر كلمات شخصية روائية: «ليس ثمة اصدقاء حقيقيون من دون اعداء حقيقيين. لا بد ان نكره من يختلف عنا لكي نحب ما نحن عليه. تلك هي الحقيقة القديمة التي نعيد اكتشافها بعد قرن من اللغو العاطفي». نفس المبدأ حكم فلسفة شتراوس السياسية قبل اكثر من نصف قرن: «يؤمن شتراوس ان السياسة تنبثق من التفريق بين نحن وهم، فلا استقرار لأي كيان سياسي إلا بوجود تهديد خارجي يدفعه نحو الوحدة، واذا لم يكن هناك تهديد خارجي، عندها يجب انتاجه».

    صدرت مقالة هنتينغتون الشهيرة في صيف 1993، اتبعها بمقال ثان له في خريف 1993 تحت عنوان: «اذا لم تكن حضارات، فماذا اذن! هنتينغتون يرد على منتقديه». ونرى ان هذا المقال بالغ الأهمية، لأنه يفصح عن الهواجس الكامنة غير المعلنة وراء نظرته الصدامية لعلاقة الغرب بالعالم الإسلامي، اذ يتبدى من سطوره ان هنتينغتون مسكون بفصيلة اخرى من صراع الحضارات لم يأت على ذكرها في مقالته الأولى، وهي التناحر الثقافي/ الإثني داخل الولايات المتحدة، حيث يفرد باباً كاملاً لهذا الموضوع نورده مطولاً لأهميته:

    «تعرف الولايات المتحدة تنوعاً اثنياً وعرقياً بشكل مضطرد، ويشير مكتب الإحصاء السكاني الى التوزيع التالي للسكان بحلول عام 2050: 23 بالمائة ذوو اصول لاتينية، 16 بالمائة من السود، و10 بالمائة من العرق الآسيوي (الأصفر) (ما معناه 50 بالمائة من اصول اوروبية). في الماضي نجحت الولايات المتحدة في استيعاب ملايين المهاجرين من دول عديدة بسبب تكيفهم مع الثقافة الأوروبية السائدة وتبنيهم بحماس العقيدة القائمة على قيم الحرية، والمساواة، والفردية، والديموقراطية. فهل سيستمر هذا النجاح بحلول عام 2050 عندما يصبح 50 بالمائة من السكان إما لاتينيين او من غير البيض؟ هل سينخرط المهاجرون الجدد (اي اللاتينيون والآسيويون) في الثقافة الأوروبية المهيمنة في الولايات المتحدة؟ واذا لم يقووا على التكيف واصبحت الولايات المتحدة مجتمعاً متعدد الثقافات يعاني من صدام داخلي بين الحضارات، فهل ستستمر كديموقراطية ليبيرالية؟ واذا انقطع الأميركيون عن الالتزام بديموقراطيتهم الليبيرالية وبعقيدتهم السياسية الأوروبية المنشأ، فإن الولايات المتحدة التي نعرفها ستزول من الوجود وستلحق القوة العظمى الأخرى الى مزبلة التاريخ».

    قد تكون ولاية ثانية لإدارة اوباما فرصة مواتية لإسلاميينا لقطع الطريق على هؤلاء المتربصين، عبرالمصالح المتبادلة وبناء جسور التعاون والثقة مع النخب الغربية المعتدلة. في كل الأحوال، على القوى الإسلامية المقبلة على الحكم في العالم العربي ان تعي أنها لا تواجه خصماً عقلانياً في اليمين الأميركي المتعنت، سجين هوامات الهوية الخائفة، الذي لو وصل السلطة مجدداً فلن يتردد في السير بصناعة الاعداء، من مسلمين وغيرهم، وخوض حروب مدمرة، على غرار حرب العراق، مخلفة الحقد الكراهية بين الشعوب والحضارات. والجنون لا يواجه الا بالعقل، لا بمثله.

    http://international.daralhayat.com/...article/389738

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2,598
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    «يؤمن شتراوس ان السياسة تنبثق من التفريق بين نحن وهم، فلا استقرار لأي كيان سياسي إلا بوجود تهديد خارجي يدفعه نحو الوحدة، واذا لم يكن هناك تهديد خارجي، عندها يجب انتاجه».
    يذكرني هذا بما قاله مستشار اخر رئيس للاتحاد السوفيتي للامريكان قبيل سنة 1990 - لا يحضرني اسمهما، افشل بحفظ الاسماء الروسية لسبب ما - "سنفعل اسوء شيء لكم، سنحرمكم من العدو" او كما قال ، متابعة.
    أستغفر الله العظيم و أتوب إليه

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    شعبويتان في باريس
    الأحد, 29 أبريل 2012
    بشير هلال
    غداة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية وُضِعَت مارين لوبن، مرشحة ووارثة زعامة حزب الجبهة الوطنية اليميني بالنسبة المرتفعة (17.9 في المئة) التي نالتها وحَمَلتها إلى المرتبة الثالثة بين المتنافسين والأولى التي «يغازل» مرشحا الجولة النهائية ناخبيها، في رأس اهتمامات الإعلام والسياسيين. وعومِلَت مواقفها كما لو كانت مؤشراً رئيسياً إلى وجهة تطور المشهد السياسي من خلال استحقاقيْ الرئاسة والانتخابات التشريعية المقبلة بعدها بشهر تقريباً، بينما نال معدَّل ميلانشون (11.1 في المئة) مرشح «جبهة اليسار» الذي حلَّ رابعاً، اهتماماً يقل عن معدله ومعناه.

    ولم يستحوذ صعود لوبن على النقاش في فرنسا وحدها بل امتد الى الاتحاد الأوروبي بمؤسساته ودوله بما هو خارج داخلي في نظر الفرنسيين، وبمقدار ما أن فرنسا تشكل نواته القيادية مع ألمانيا في نظر الأوروبيين.

    فشعارات المرشّحة لوبن تركزَّت ضد اساسيات المشروع الأوروبي. إذ جعلت في رأس تعهداتها إقرار مبدأ تغليب القوانين الوطنية على القوانين الأوروبية وإعادة النظر في المعاهدات الأوروبية تحت عنوان «استرداد السيادة الوطنية» وإنهاء «حكم التكنوقراط والمصارف في بروكسيل». الأمر الذي ينطبق على معاهدة لشبونة واليورو الذي اقترحت استفتاءً للخروج منه والمصرف المركزي الأوروبي واتفاقية شنغن.

    ليس ذلك فحسب. بل إن المرشحة لوبن استدخلت تسويغ الخصومة للمشروع الأوروبي كتتمة منطقية لخلفية نقدها الشعبوي للنظام الفرنسي وللتناوب غير التغييري والمنافق بين نخب الاشتراكيين واليمين «المتماثلة» للحكم، وصدورهما في رأيها عن الانقياد لديكتاتورية الأسواق المالية والتحالف الأطلسي. إذ اعتبرت أن جل المشروع الأوروبي يشجع الهجرة و»انفلات الحدود» وتضييع «الهوية الوطنية والثقافية الفرنسية» وتعطيل أنظمة التأمينات الاجتماعية ونزوح الصناعات والبطالة ومنافسة المزارعين الفرنسيين. وهي العناصر التي شكلَّت محاربتها هيكل الشق الداخلي لحملتها، المتلازم مع سلة انتقائية جمعت فيها إرساء «العدالة الاجتماعية» والضريبية وإلغاء امتيازات المجموعات والشركات الكبرى وزيادة القوة الشرائية والأجور والمعاشات التقاعدية والنمو وحماية الصناعة من المنافسة غير المشروعة لبلدان مثل الصين والهند.

    ضمن هذا السياق عبَّر الأوروبيّون، أجهزةً وجماعات سياسية واقتصادية، عن قلقهم لرافدٍ «جديد» ينعش الموجة الشعبوية اليمينية المتمددة. فأصدرت المفوضية الأوروبية تصريحاً حذّر من التنازل امام «النذير الشعبوي» مشيرة في الوقت ذاته الى ان الأزمة الاقتصادية عمّقت التفاوتات الاجتماعية وإلى «أن هذا الظرف يشكل أرضاً خصبة للشعبويات»، وأن الحل هو بالمزيد من الأوْرَبَة وليس بالانطواء على الذات والحلول القُطرية في عالم مُعولَم». وفعَل ذلك أيضاً وزراء خارجية أوروبيون. وكانت ذروة رد الفعل الأوروبية دعوة ماريو دراجي رئيس المصرف المركزي الأوروبي إلى «ميثاق نمو» يواكب التقشف الذي فرضه ميثاق توازن الماليات العامة لدول الاتحاد، ما اعتبره مراقبون دعماً غير مباشر لبرنامج المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي يؤكد منذ سنة «أننا لن نقتصد لنقتصد» وأن امتصاص عجز الموازنات عبر التقشف يؤدي إلى حلقة مفرغة من الركود، فزيادة البطالة ونقص موارد الماليات العامة لسد العجز.

    مع ذلك ثمة مبالغة في التركيز على أثر صعود التطرفين اليميني أولاً واليساري ثانياً على نتائج الاستحقاقات الانتخابية، وأثره التفجيري المُفترَض على النظام السياسي الفرنسي. فتقدُم مارين لوبن الانتخابي جاء ضمن سياقين: ظَرفِي متصِّل بالأزمة كمُتغيِّر رئيسي يفاقم إشكاليات وتداخلات البطالة والهجرة والمهاجرين والتمثيلات الهوياتية وسياسات الاجتناب الطبقي وتردي الخدمات العامة وشروط حياة الريفيين والتعليم والأمن. والسياق الآخر ايديولوجي يتعلق باعتناق أفكار الجبهة الوطنية وبرنامجها، وهو عنصر متصاعد لكن جديده أنه بدوره يتغير. ويقول الأكاديمي الكسندر ديزيه في كتاب صدر قبَيْل الجولة الأولى للانتخابات إن الجبهة تراوح منذ تأسيسها بين توجُهَيْن متناقضين :أولٌ متصلٌ بأبوة المجموعة النيوفاشية «النظام الجديد» وهو احتجاجي يُشدّد على فرادة الهوية بخطابٍ «حربي» يرفض مبادىء النظام البرلمانية والمساواتية، وثانٍ يريد المشاركة في»اللعبة الديموقراطية» للوصول إلى السلطة. ويشير إلى أن مارين لوبن منذ استلامها دفة القيادة، حاولت تقديم صورة مختلفة وبلغة متخففة من شطحات والدها، وتخلصت من بعض العناصر الأكثر عنفاً، في مسارٍ لإنهاء شيطنة الحزب و»الحُرم» الذي يحاصره. ولكن لا يتوقع أن تحسم لمصلحة التوجه الثاني وتغيير الأفكار بمقتضاه (وليس مجرَّد إعادة تدوير بعض قديمها إثر تجميله) إلا عبر شكلٍ ما من القطيعة التي ستتأثر بما تسجله من نتائج انتخابية.

    وبهذا المعنى فإن نجاحها الأخير سيساهم ترجيحاً في زيادة إمساكها بالحزب من جهة، وتوسيع «انفتاحها» الانتقائي وطموحها الى التحول من حزب اعتراضي حرَمَه القانون الانتخابي الأكثري من تشكيل كتلة برلمانية إلى حزبٍ «حكومي» يقود كتلة المعارضة (اليمين في حال خسارته الرئاسة) كما أعلنت، ومن حزب «يمينٍ ثوري» إلى حزب قومي شعبوي على غرار تحول قيادات وأحزاب أوروبية عن النيو فاشية (كفيني الإيطالي وسواه)، الأمر الذي تدعمه خريطة انتشارها بين فئات مهنية وشرائح عمرية وطبقية جديدة.

    سيثير الأمرعلى الأرجح صراعاً حامياً مع وداخل يمين فرنسي يتخوف المراقبون من انفجاره في حال خسارة رئاسية تتمناها وتعمل لها لمفاوضته من موقع القوة للانتخابات التشريعية وللتأثير في إعادة تشكيله. ما سيطرح بدوره، إن حصل، تشتت اليمين التقليدي بين شعبوي و»وسط» جديد يعاد بناؤه على أنقاض المرشح بايرو الذي تراجعت اصواته بنحو النصف.

    في المقابل ثمة يقظة تصويت احتجاجي شيوعي- يساروي يجنح للشعبوية ويقبل مبدئياً المشاركة في حكومة اشتراكية، لكن خطابه يتقاطع مع بعض نقد الجبهة الوطنية للمشروع الأوروبي ولليبرالية وللنخب، ويصادمه في مقاربة مواضيع المهاجرين والهوية والتأمينات الاجتماعية وتحديد سقف لأعلى الأجور ومجانية بعض الخدمات وإعادة تأميم مؤسسات الطاقة وسواها.

    قصارى القول إنه لن يمكن الفائز أياً يكن أن يحكم فرنسا بتوجهٍ نيوليبرالي وبتمييز النخب التكنوقراطية والمالية وتسليطها على ادارة الاقتصاد والبناء الأوروبي، وأنه سيواجه ضغوط شعبويتين يمينية ويسارية تتشددان أوروبياً، وتحرضان على إعادة النظر في ترسيمة المشهد السياسي الداخلي وشفافيته.
    http://international.daralhayat.com/...article/390081
    انتخابات فرنسا وصعود اليمين المتطرف
    الأحد, 29 أبريل 2012
    حسن شامي
    Related Nodes: 042910b#.jpg
    «هذا المساء، دعا الفرنسيون أنفسهم بشرف وكرامة إلى طاولة (مائدة) النخب. لن تكون الأمور أبداً كما كانت في السابق. وليس هذا سوى بداية معركة فرنسا». هذه العبارة التي انتخبناها طوعاً صدرت بنبرة انتصارية عن مارين لوبن مرشحة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، ليل الأحد الفائت. وتكاد وحدها أن تلخّص بطريقة مكثفة جملة التوظيفات والرهانات والتطلعات العاطفية والرمزية للجموع التي اقترعت للوبن.

    ولكنْ قبل الخوض في دلالات الاقتراع وحمولته، فإنّ للنبرة الانتصارية ما يبررها. فقد حصلت مرشحة اليمين المتطرف، ابنة مؤسس «الجبهة الوطنية» وزعيمها، على نحو 18 في المئة من أصوات الناخبين الذين تدفقوا بكثافة ملحوظة إلى صناديق الاقتراع. حصدت لوبن ستة ملايين ونصف مليون صوت، وهذه النتيجة غير مسبوقة في تاريخ هذا الحزب منذ تأسيسه عام 1972، حتى عندما وجد والدها نفسه في الدورة الثانية في مواجهة جاك شيراك عام 2002. كل الأنظار والتعليقات انصبت وستواصل انصبابها حتى الدورة الثانية والنهائية الأحد المقبل، على النتيجة هذه المسببة الكثير من القلق والصداع، خصوصاً في أوساط اليمين التقليدي والوسط من دون أن يقتصر عليها. فالنتيجة هذه هي الوجه الأبرز للحدث الانتخابي.

    والحق أنّ حلول لوبن في المرتبة الثالثة ليس مفاجأة كبيرة وإن خالف بعض الشيء توقعات هيئات استطلاع الرأي التي رجحت حلول مرشح اليسار غير الاشتراكي، جان لوك ميلانشون، في هذه المرتبة. صحيح أن لوبن نجحت في تدوير زوايا خطاب والدها وتفادت زلات لسانه وبلاغته الاستعراضية، كما استفادت من كونها امرأة لاجتذاب النساء وتخفيف الطابع الذكوري لحزبها، ما أتاح لها مخاطبة أوساط محافظة في الأرياف والبيئات المدينية المستحدثة والناشئة حديثاً. لكنّ عدّة الشغل بقيت عموماً ذاتها: الانكفاء على بيت الأمة الفرنسية لحمايته من خطرين، داخلي على الهوية الوطنية يمثله المهاجرون الأجانب وفي مقدمهم المسلمون المقيمون على تقاليد في الملبس والمأكل والعيش، تجعلهم أشبه بغزاة يجتاحون نمط الحياة الفرنسية وقيمها المتوارثة، وخطر خارجي تحمله العولمة الاقتصادية والمالية ومتطلبات الثبات داخل الاتحاد الأوروبي، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تعصف بأوروبا المقبلة على مزيد من التقشف والبطالة. يلقى الخطاب الشعبوي والكاره للأجانب عموماً، وللمسلمين خصوصاً بعد تذويب تنوعهم الكبير في هوية جوهرية اثنية وغير دينية بالضرورة، صدى لدى فئات اجتماعية تشعر بالضياع وبفقدان القدرة على التحكم بمصيرها، وبتردي شروط حياتها، في مقابل نخب تتمتع بمشهدية اصطفائية فاقعة. ويحض هذا على البحث عن كبش فداء والتطلع إلى وصفات خلاصية يقوم الحزب المتطرف بالنفخ فيها، وفي صور الخوف والتخويف التي على حماة الأمة والقوم تبديدها.

    ازداد عدد ناخبي اليمين المتطرف أكثر من مليونين قياساً إلى انتخابات 2007، لكن الزيادة لا تشير إلى تبدل نوعي. فالمعطيات السوسيولوجية المتعلقة بخريطة المقترعين لا تحمل جديداً. ففي المدن الكبرى لم تتجاوز نسبتهم سبعة في المئة باستثناء نيس وطولون المتوسطيتين. والبيئة الاجتماعية للناخبين هي بيئة صغار الحرفيين والمستخدمين والأرياف التي يعاني سكانها تراجع الخدمات العامة وتعاظم الشعور بالإهمال واللامبالاة حيالهم. حتى بيئة العمال التي بات حزب «الجبهة الوطنية» الأكثر حضوراً فيها (بلغت نسبتهم 35 في المئة وفق التصنيف المهني لناخبي اليمين المتطرف)، هي بيئة تدهور عمالي ما دامت تطاول مناطق صناعية سابقة وشبه مهجورة بعدما أقفلت المصانع أو انتقلت إلى بلدان أخرى، بمقتضى الربحية المعولمة والتخفف من الكلفة الاجتماعية للعمل.

    إلى ذلك، يبقى المستوى التعليمي المتدني أحد أبرز المؤشرات إلى قاعدة لوبن الانتخابية. فكلما انخفض مستوى التحصيل الدراسي ازدادت حظوظ التصويت لمصلحتها. والحد الفاصل، ها هنا، هو البكالوريا. فنسبة الناخبين غير الحائزين على الشهادة الثانوية تفوق الثلاثين في المئة، وهي أقل من 15 لدى الحائزين عليها و7 لدى حملة شهادات عليا. وهذا يفسر تزايد نفوذ «الجبهة الوطنية» في أوساط عمالية مسكونة بالحنين إلى حقبة صناعية، رمتها إلى الخلف سياسات اقتصادية ما بعد صناعية دشنها ريغان وثاتشر وتبعهما معظم أوروبا بمقتضى التنافسية والربحية الأعلى للخدمات والمضاربات المالية والتكنولوجيا العالية. في ما يخص الفئات العمرية، حصلت لوبن على نسبة ملحوظة لدى الشباب بين 18 و24 سنة. لكن المستوى التعليمي لعب، هنا أيضاً، دوراً بارزاً. فهي استقطبت من هذه الفئة الأقل تعليماً والأكثر تعرضاً للنبذ خارج سوق العمل.

    إجراء الانتخابات الرئاسية على دورتين أنشأ تقليداً انتخابياً يقوم - بعد الدورة الأولى التي يختبر فيها كل مرشح وزنه وجاذبية برنامجه - على احتساب المخزون الاحتياطي للمرشحين الاثنين المتأهلين للدورة الثانية. وقد بدأ السباق المحموم بين الرئيس المنتهية ولايته نيكولاي ساركوزي وبين خصمه الاشتراكي فرنسوا هولاند. خزان لوبن كبير وهناك شبه إجماع على اعتباره رسالة احتجاج على أوضاع صعبة ومأزومة. لكنه موضوع في قلب المشهد الانتخابي، والسياسي استطراداً، مثل عقدة ثعابين. التعامل المختلف معه هو أيضاً صراع على تأويل الاحتجاج ودلالاته، بالتالي على طريقة مخاطبة الثعابين.

    حتى الآن تبدو حظوظ هولاند أكبر من حظوظ ساركوزي، إلا إذا حصلت أعجوبة. ويبدو أن الأخير لن يتوانى عن استخدام كل الوسائل الممكنة لتحقيق الأعجوبة. فهو بدأ بمغازلة ناخبي اليمين المتطرف بديماغوجية فاقعة لشراء عواطفهم. على ساركوزي أن يحصد كل أصوات لوبن ويمين الوسط كي يفوز، وهذا صعب جداً. فبين حزبه و»الجبهة الوطنية» ليلة سكاكين طويلة. وقد بنى كلاهما استراتيجيته على تجفيف الآخر واحتوائه. وهذا هو الجديد في مسعى اليمين المتطرف إلى تطبيع تربعه في قلب المشهد السياسي، خصوصاً في الانتخابات التشريعية لحزيران (يونيو) المقبل، إذ سيكون لحزب لوبن موقع لا يستهان به. فهي اعتمدت على استراتيجية برونو ميغريه، أبرز المنشقين عن أبيها، والساعي إلى نزع الصفة الشيطانية عن الحزب الشعبوي ومد جسور مع اليمين التقليدي وصولاً إلى عقد تحالفات. في المقابل، يعتمد ساركوزي على تصور وضعه مستشاره الخاص باتريك بويسون الذي خرج قبل 20 سنة من اليمين المتطرف، وفكرته الرئيسية أن تقليص وزن «الجبهة» لا يكون عبر محاربته مباشرة بل عبر النهل من خطابه وإيديولوجيته. من يأكل الآخر. سيخسر ساركوزي وستندلع حرب بين الورثة، فيما تضحك مارين كساحرة القلعة المهجورة
    http://international.daralhayat.com/...article/390078

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    المقال تحت عنوان:
    بدأت الحرب على المسلمين في فرنسا،ل آلان غريش
    خلال لقاء للمسلمين الفرنسيين ينظمه «اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا» قرب باريس (رويترز)
    آلان غريش
    تفوح رائحة الهزيمة من رئاسة ساركوزي. ولا بدّ من حدوث معجزة لإنقاذ «رئيس الأثرياء»، الذي تميّزت سنوات حكمه الخمس بامتيازات إضافية للمحظيين وأعباء إضافية على الضعفاء. لكن الأبرز هو وقاحة الرئيس المنتهية ولايته الذي طلب أن يُكتب على نشرة انتخابية بعنوان «خمسة أسباب للتصويت لنيكولا ساركوزي»: «لا أريد مجتمعاً تصادر فيه النخبة السلطة».

    غير أنّ رئيس الدولة يتمسّك بطوق النجاة الوحيد القادر، برأيه، على إنقاذه: كراهية الأجانب، وكراهية الإسلام، وكراهية المهاجرين. يسير معظم أصدقائه في خطاه، بعضهم مع القليل من الانزعاج، وآخرون _ بما في ذلك رجال فكر، بدون أي مشاعر، مثال جان كلود كازانوفا، مدير مجلة «كومنتير» ورئيس المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية، الذي يرى أنّ من الطبيعي أن يذهب ساركوزي «إلى حيث يتمركز احتياطي الأصوات» (مجلة ليبراسيون، 26 نيسان/ أبريل).
    يوم الخميس 26 نيسان/ أبريل، حلّ الرئيس المرشّح ضيفاً للفقرة الصباحية على إذاعة «فرانس إنتر». وقد تفوّق على نفسه وبخاصة في الكذب. اكذبوا، اكذبوا، سيبقى دائماً شيء تستطيعون الكذب فيه. استهدف بهجومه أولاً طارق رمضان، الذي دعا إلى التصويت لفرانسوا هولاند، ثم دعوة سبعمئة مسجد إلى دعم المرشّح الاشتراكي.
    بخصوص طارق رمضان (بعد لومه على مواقف أخيه! جريمة قربى، من دون شك)، أشار ساركوزي إلى الجدال الدائر بشأن الرجم ورفض منح رمضان صفة المفكر: «سأحتفظ بهذه الصفة لأشخاصٍ يدافعون عن أفكارٍ أخرى». فالمفكّر شخصٌ يدافع عن الأفكار التي يؤيدها نيكولا ساركوزي... لا بد من الإشارة إلى أنّ المعلّق باتريك كوهن قد أقرّ له بذلك: «أنا أوافقك، لا يمكننا وصف رمضان بالمفكّر». موقف مثير للسخرية بالنسبة إلى هذا الشخص المعتدل، الذي لم يجرؤ يوماً على الاعتراض على صفة المفكر التي مُنِحَت لبرنارد هنري ليفي... لا بد من تذكير باتريك كوهن بأنّ طارق رمضان قد حصل على درجة الأستاذية في الدراسات الإسلامية المعاصرة من كلية الدراسات الشرقية في جامعة أكسفورد، وهو يدرّس أيضاً في كلية سانت أنتوني التابعة للجامعة نفسها. كذلك، رمضان أستاذ في العلوم الإسلامية في قسم العلوم الإسلامية في كلية قطر (الملحقة بمؤسسة قطر)، وهو باحث (أستاذ بارز) في جامعة دوشيشا (كيوتو، اليابان). أوليس هذا كافياً؟
    وفقاً لساركوزي، في 11 آذار/ مارس في ليون، وفي إطار حلقة ديناميكية بعنوان «ربيع الأحياء»، دعا طارق رمضان، الناطق باسم «التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا» مروان محمد، ومسؤول «حزب السكان الأصليين للجمهورية»، يوسف براكني: «علانية الحاضرين ومن حولهم إلى التصويت لفرانسوا هولاند أو لحزب سياسي يخدم الإسلام».
    لدى سؤاله عن مصادره وعن عدم قيام أي وسيلة إعلام بنقل هذه الدعوة المزعومة، ردّ الرئيس: «تصويت المجموعات هذا لا يُنشَر في أعمدة الصحافة بل في الشبكات المجتمعية». لا يخفى على أحد أنّ هؤلاء الناس يتصرفون في الخفاء... ألا يذكركم ذلك بشيء ــ المؤامرة اليهودية مثلاً؟ لا بدّ من الإقرار بذلك: ساركوزي يكذب وهو يعرف ذلك تماماً.
    لا شك أبداً في أنّ كلود غيان وشرطييه يتابعون منذ وقت طويل نشاطات هذه المجموعات الخطيرة التي يتحدث عنها الرئيس المرشح. هم يعرفون جيداً أنّ من المستحيل أن يكون ربيع الأحياء، والتجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا، و«حزب السكان الأصليين للجمهورية» الذي انتقد بحدة الحزب الاشتراكي وجان لوك ميلينشون، قد دعوا إلى التصويت لفرانسوا هولاند. لكن لنرَ، إلى جانب الأشياء التي ينفيها طارق رمضان نفسه، يصرّح الشخصان والمنظمتان الأخريان المتورطتان:
    يوسف براكني من «حزب السكان الأصليين للجمهورية»: «يشهد هذا التصريح إما على إرادة متميزة في الكذب على الناخبين، وإما على أنّ أجهزة الاستخبارات التي تحت إمرة ساركوزي قذرة. والواقع أنّ الهدف من مؤتمر ليون لم يكن قطّ إعطاء تعليمات تصويت، بل فرض كلمة الشارع في نزاعٍ سياسي يدور بغياب المواطنين المعنيين».
    ويندد مروان محمد من التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا، في تصريحٍ له «بالأقوال المشينة والمضللة» لساركوزي ويؤكّد أنّ التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا لم يدعُ يوماً «في مداخلاته العامة كما الخاصة» إلى دعم فرانسوا هولاند.
    وكأنّ كذبة واحدة لا تكفي، نقل نيكولا ساركوزي معلومات موقع «Marianne2.fr» مؤكّداً أنّ 700 إمام سيدعون إلى التصويت لهولاند («سيدعو رؤساء المساجد إلى التصويت لفرانسوا هولاند»، 25 نيسان/ أبريل»). أقل ما يُقال إنّ هذا المقال تعوزه البراعة (وخاطئ) ومساعي هذه الصحيفة الأسبوعية لتبريره ليست مقنعة أبداً («الجدال حول المساجد: لمَ يتلاعب ساركوزي»، 26 نيسان/ أبريل).
    ونشرت صحيفة لو فيغارو مقالاً، «جدالٌ بشأن دعوات المساجد إلى التصويت لهولاند»، الذي يمثّل تحفة في مجال التضليل ويتبنى البراهين نفسها التي تبناها رئيس الجمهورية: المعلومات خاطئة، لكن كان يمكن أن تكون حقيقية وهي تعكس انحرافاً في المجتمع».
    عندما نلفت نظر رئيس الدولة إلى أنّ هذه المعلومة خاطئة ومضللة، يصرّح: «أرأيتم، أحسنت صنعاً بالتحدث عن ذلك». ثم يسارع في التحدث عن البرقع، ساعات فتح المسابح... ويتغاضى مقدّم البرنامج عن هذا الكذب الفاضح...
    لكن، إذا بدأ اليمين منذ الآن بمطاردة المسلمين، لا يمكننا تبرئة وسائل الإعلام واليسار، والمثقف ضمناً، بسبب الطريقة التي مهدوا فيها الطريق منذ سنوات طوال، من خلال التطرق أيضاً إلى موضوعات اليمين المتطرف، باسم النضال المزعوم للوصول إلى العلمانية، وهو ستارٌ بسيط لكراهية الأجانب التي لا تجرؤ على التعبير عن نفسها.
    لمحة عن بعض الأحداث:
    كانون الثاني/ يناير 2012، تجد الأكثرية اليسارية الجديدة في مجلس الشيوخ إنجازاً أول تحققه: منع النساء المحجبات من مجالسة الأطفال في منازلهن (من دون إذنٍ صريح من الأهل!). من المستهدف أيضاً؟ النساء بالتأكيد.
    في آذار/ مارس 2011، استدعاء طالبات مدرسة مسلمات من قبل مديرة المدرسة التي تجد تنانيرهنّ... طويلة جداً.
    في خريف 2010، طرد امرأة تعمل في دار حضانة لأنّها محجّبة. تحتشد شريحة كبيرة من اليسار المثقف ضد... المرأة.
    في حزيران/ يونيو 2010، كانت السلطات تفكّر جدياً في تجريد مواطنٍ مسلمٍ، سيّئ السمعة طبعاً، من جنسيته. بيد أنّ ذلك للأسف لم يكن ممكناً... أهذه عودة إلى قوانين حكومة فيشي المعادية لليهود؟
    في أيلول/ سبتمبر 2009، يسعى كتاب بعنوان «Aristote au Mont Saint-Michel» يروّج له المؤرّخ في صحيفة «لو موند»، إلى الإثبات أنّ أوروبا غير مدينة بشيء للإسلام.
    في حزيران/ يونيو 2009، لا يجد المجلس الوطني الفرنسي شيئاً يفعله في خضم الأزمة الاقتصادية، أفضل من تشكيل لجنة لدراسة ارتداء البرقع.
    في أيلول/ سبتمبر 2008، تنقل كافة وسائل الإعلام، من بينها صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، «إشاعة كاذبة» مفادها أنّ إحدى المحاكم لم تعقد جلسة بسبب... رمضان.
    تخصص صحيفة «لكسبرس» الفرنسية صفحتها «الأولى» (12-18 حزيران/ يونيو 2006) لموضوع «الإسلام، الحقائق المزعجة»، مع ثلاثة عناوين فرعية، «القرآن والعنف»، «مصير النساء»، «هل الحداثة
    المستحيلة؟».
    هذا مجرد غيض من فيض... غذّت «الصفحات الأولى» التحريضية، والحوادث البسيطة التي جرى تضخيمها، والتصريحات الساخطة، فكرة أننا «لم نعد في بيتنا». فقد خضع اليمين، كما اليسار، بنحو كبير لليمين المتطرّف. ليست المشكلة في النتيجة التي حققتها الجبهة الوطنية وحسب، بل أيضاً في أنّ الأفكار التي تحرّض على كراهية الأجانب تلوّث حالياً النقاشات
    السياسية.
    نشرت منظمة العفو الدولية للتو تقريراً بشأن التمييز الديني في أوروبا وفي فرنسا (أوروبا: المسلمون ضحايا التمييز لأنّهم يعبّرون عن إيمانهم -Europe : les musulmans victimes de discrimination parce qu’ils expriment leur foi). فلنأمل أن يقرأ الرئيس المستقبلي هذا التقرير ويأخذ التوصيات الواردة فيه على محمل الجد عوضاً عن الانجراف وراء رياح كراهية الأجانب التي تحملها «الجبهة الوطنية».
    * مدير مساعد في «لو موند ديبلوماتيك»
    (ترجمة باسكال شلهوب)

    http://www.al-akhbar.com/node/63668

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بعد اضافة المقال السابق منذ قليل اضيف هذا ايضا
    أوروبا: التقشف يفاقم الأزمة الاقتصادية
    تاريخ النشر: الأحد 06 مايو 2012

    أوروبا جربت التقشف من قبل، ولكنه لم ينجح، وفي وقت تقوم فيه الحكومات عبر القارة بخفض ميزانياتها، وصلت البطالة في منطقة "اليورو" التي تضم 17 دولة إلى 10٫9 في المئة في مارس الماضي، وهو أعلى مستوى لها منذ اعتماد "اليورو" لأول مرة في 1999. وحالياً، يوجد أحد عشر بلداً أوروبياً - من بينهم دولتان من خارج منطقة "اليورو" فرضتا التقشف على نفسيهما مع ذلك، مثل بريطانيا - في حالة ركود اقتصادي رسمياً.
    في إسبانيا، وصلت البطالة إلى 24٫1 في المئة؛ وبالنسبة لمن هم دون سن الخامسة والعشرين، وصلت البطالة إلى معدل مرعب هو 51 في المئة. ومع ذلك، فإن الحكومة الإسبانية المحافظة تواصل تقليص الوظائف والخدمات تماشياً مع اتفاقية التقشف المالي التي تلح عليها ألمانيا، القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، والتي وافقت عليها دول أوروبية أخرى في ديسمبر الماضي. غير أنه حتى في ألمانيا، التي ازدهرت في وقت ضعف فيه جيرانها، ارتفعت البطالة في شهر أبريل، قاضية على كل مكاسب التوظيف خلال العام. والحال أن ألمانيا، باعتبارها عملاق التصدير في أوروبا، في حاجة إلى جيران لديهم ما يكفي من الدخل لشراء منتجاتها. غير أن التزام المستشارة أنجيلا ميركل بتحقيق توازن الميزانيات جد صارم لدرجة أنه قد يقضي على معجزة ألمانيا الاقتصادية عبر حرمان مصنعي بلدها من الزبائن القادرين على الشراء.
    بيد أن عاقبة التقشف لا تقتصر على الركود القاري، بل تشمل، في بعض الدول، إعادة إحياء أشكال من التطرف السياسي التي لم تعرف لها أوروبا نظيراً منذ الحرب العالمية الثانية، ذلك أنه في وقت فشلت فيه أحزاب "يسار الوسط" و"يمين الوسط" في وقف نزيف فقدان الوظائف، وجدت بعض الأحزاب التي توجد على هامش الحياة السياسية في دولها، مثل حزب "مارين لوبين"، "الجبهة الوطنية" في فرنسا وحزب جيرت ويلدرز "حزب الحرية" في هولندا، دعماً أكبر لنداءات الجناح "اليميني" المعادية للأجانب وللمهاجرين. كما أن الأحزاب المنتمية إلى كل من أقصى اليسار وأقصى اليمين باتت تشتكي جميعاً من الاتحاد الأوروبي - وهو موقف يمكن تفهمه ومقلق للغاية في آن واحد.
    والواقع أنه رغم كل عيوبه، إلا أن الاتحاد الأوروبي وقضية الوحدة الأوروبية وضعا القارة على مسار معتدل أكثر مقارنة مع المسار الذي كانا عليه خلال النصف الأول من القرن العشرين. ولكن عيب الاتحاد هو أنه خلق سياسة نقدية موحدة لدول لديها اقتصادات مختلفة ومتباعدة بشكل كبير جداً، كما أن الاندماج القاري حرم هذه الدول من الاستقلال المالي عندما حل "الركود الكبير".
    الحجج والمسوغات التي يتم الدفع بها لتعليل اتفاقية "ميركل" للتقشف المالي، وتقليص الميزانيات بشكل عام، تتمثل في أنه عندما تبدأ الحكومات خفض إنفاقها وعجزها، ستقوم الأسواق بمكافأتها عبر الاستثمار في اقتصاداتها الأكثر إنتاجية على ما يفترض. ولكن العكس هو الذي حصل. ذلك أنه بينما قلصت اليونان وإيرلندا والبرتغال وإسبانيا ميزانياتها، أصبح المستثمرون أقل استعداداً لشراء سنداتها. وعبر غوصها عميقاً في الركود، أقنعت هذه الدول المستثمرين ليس بأنها ليست قوية مالياً فحسب، وإنما أيضاً بأنها لن تصبح قابلة للنمو اقتصادياً قبل عدة سنوات مقبلة.

    واليوم، أخذ الأوروبيون يتمردون على التقشف. ففي فرنسا، يبدو أن الاشتراكي فرانسوا هولاند في طريقه إلى خلافة نيكولا ساركوزي في انتخابات الأحد الرئاسية. صحيح أن ثمة أسباباً مختلفة لافتقار ساركوزي للشعبية، ولكن السبب الرئيس هو احتضانه وقبوله لاتفاقية التقشف التي تقف وراءها "ميركل". وبالمقابل، فإن هولاند يدعو إلى تحرك حكومي بهدف تحفيز النمو.

    على أن التشديد على النمو بدل التقشف لا يقتصر على اليسار. فهذا رئيس وزراء إيطاليا التكنوقراطي "ماريو مونتي"، الذي تم تنصيبه من أجل ترتيب البيت المالي لبلده، يجادل اليوم بضرورة أن يسبق النمو التقشف. كما أن ملايين الأشخاص الذين شاركوا في مسيرات عبر شوارع أوروبا في يوم العمل يشاطرونه الرأي. واليوم، يبدو أن حركة كينيزية باتت تجتاح أوروبا، وإن كانت "ألمانيا ميركل"، مازالت مصممة على التصدي لها.

    الولايات المتحدة تعاني من مشاكل تقشف خاصة بها، بالطبع. وإذا كان القطاع الخاص قد نهض من جديد شيئاً ما بعد سقطة 2008-2009 ، حيث خلق 4 ملايين وظيفة منذ بدء التحول في 2010، فإن حكومات الولايات والحكومات المحلية استغنت عن 611 ألف موظف - من بينهم 196 ألف معلم - منذ وصول أوباما إلى البيت الأبيض. والحال أن تقليص الحكومة يحتل مكانة متقدمة بين العوائق التي تحول دون استعادة الولايات المتحدة لعافيتها الاقتصادية. وكان مخطط 2009 الرامي إلى تنشيط الاقتصاد قد وفر للولايات والمدن التمويلَ الذي مكنها من الإبقاء على العديد من العمال في وظائفهم، غير أنه عندما بدأ ذلك التمويل في النفاد في 2010 تضاعفت عمليات تسريح الموظفين، ولاسيما في صفوف المعلمين.

    وإذا كان درس 2008 يتمثل في أن المعاملات والصفقات المالية غير المقننة تفضي إلى الكارثة، فإن درس السنوات التالية يتمثل في أن التقشف في زمن الضعف الاقتصادي لا يعمل على إدامة تلك الكارثة فحسب، وإنما يجعلها أسوأ. وقد يقول قائل إن العالم تعلم هذا الدرس من عقد الثلاثينيات؛ وعلى كل حال، فألمانيا على الأقل كان يفترض بها أن تتعلمه. ولكنه للأسف درس يبدو أنه ينبغي تعلمه من جديد في كل مرة، على نحو مؤلم.

    هارولد مايرسون

    محلل اقتصادي أميركي

    ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبورج نيوز سيرفس"
    http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=65652
    http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=65662

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مصر وماوراء السطوح..بداية التحرير(طارق منينة)
    بواسطة طارق منينة في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-26-2013, 06:20 PM
  2. حوار مع الأستاذ طارق منينة
    بواسطة واسطة العقد في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 107
    آخر مشاركة: 07-25-2012, 06:27 PM
  3. شيخنا طارق منينة يعود ولله الحمد...
    بواسطة محب أهل الحديث في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 01-16-2012, 04:01 AM
  4. هدية للأستاذ طارق منينة ...
    بواسطة محب أهل الحديث في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-23-2011, 09:40 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء