الأخوة الكرام والأخوات ...
سوف أجمع في هذا الرد الآن بإذن الله :
نبذة كبيرة عن حياتي الشخصية والدعوية والعلمية ..
وذلك حتى لا يزعل أخونا
hope وده زعله وحش ربنا يستر ...
وفي هذا الرد سيجد الأخوة والأخوات الرد على تساؤلاتهم جميعا ًبإذن الله : ما عدا ما سألونه
باللون الأزرق من تساؤلات الأخت
الماسة قرطبة : فسوف أخصه
بمشاركة تالية إن شاء الله ..
وأعني بذلك سؤال الأخ الحبيب
البراء بن مالك 11 :
بارك الله فيكم أخى الكريم .
سؤالى
ما هى قصتك مع الإلتزام وعلى ماذا إعتمدت فى طلب العلم . الكتب أم على أيدى العلماء ؟
وتساؤلات الأخت
الماسة قرطبة ما عدا ما
باللون الأزرق كما أخبرتكم :
الحمدلله وبعد:
حقيقة موضوع قيم وعندي اسئلتي لو تكرمتم:
1- كيف أخذت القرار بأن تكونوا من طلاب العلم الشرعي؟!
2- ما هي اول خطوة اخذتموها في بداية مسيرتم العلمية؟!
3- ما هي العقبات التي واجهتكم في طلب العلم؟!
4- كيف غير طلب العلم من حياتكم وشخصيتكم؟!
5- ماهي النصائح والوصايا التي تنصحنها الى طويلبات العلم مثلي؟!
6- كيف تتعامل مع مشاعر الفتور والكسل والخمول الذي يواجهه كل طالب علم في خلال مسيرة العلمية؟!
وبوركتم.
وسؤال الأخت
واسطة العقد -
والذي تطير فيه رقاب لو تعلم - :
ما هو معنى أبو حب الله؟ مذ سجلت بالتوحيد و أنا اتسائل عن هذا
والرد : أنقله لكم بأكمله من
مشروع لم يكتمل بعد -
ولا يسألني أحد عنه - :
وأحببت أن أوضح فيه أني لست
بذاك الذي تتصورونه : وتوضيح أيضا ًأن
قطار الدعوة والسلفية لا يُغلق بابه في عُمُر ٍدون عُمُر ..
وأعتقد أنكم ستفهمون ما أعنيه بصورة أكبر مع القراءة بأنفسكم ...
والله الموفق ...
---
لم يمض قطار السلفية بعد ..
أبو حب الله ...
يظن كثيرٌ من الناس للأسف أن المسلم الملتزم ظاهرا ًوباطنا ً: يجب دوما ًأن تبدأ نشأته على ذلك منذ الصغر : وأن غير ذلك : لن ينفعه بشيء !.. أقول : وليس الأمر كذلك .. بل نهج الإسلام الحقيقي الصافي الملتزم : هو بابٌ مفتوح ٌأمام كل فرد طوال العمر !.. فكما دخله من قبلنا الصحابة صغارا ًوكبارا ً: فسيسعنا دخوله نحن أيضا ًبإذن الله تعالى !.. فقط : يحتاج الواحد منا لصدق التوجه أولا ًلطلب الإسلام الحق : فيأتيه المدد على هذا بإذن الله .. يقول عز وجل :
"
إن الله لا يُغير ما بقوم ٍ: حتى يُغيروا ما بأنفسهم " الرعد 11 ..
وعلى قدر ما تتزاحم الذكريات في عقلي : على قدر ما سأنتقي منها أهمها فقط : والذي أظن أنه قد ينفع غيري ممَن تشابهت ظروفهم بظروفي .. أو الذي أظن أنه قد يكون نموذجا ًتعريفيا ًعلى أحد طرق الإلتزام في ثنايا زمننا هذا ..
النشأة ..
فقد نشأت طفلا ًمُميزا ًمنذ صغري .. يغلب عليّ التفكير في نفسي وفي كل ما حولي ..
مُشبع ٌبالعديد من المواهب والقدرات .. مثل الرسم والموسيقى والتأليف والرياضة .. حتى بلغ بي الأمر أن صافحت اثنين من محافظي مدينتي وتصورت معهما لنبوغي في مجال الرسم ومسابقاته !!.. وحزت فيه أيضا ًعلى العديد من شهادات التقدير من سن المرحلة الإعدادية وحتى الجامعة !!.. وتم تسجيل حلقة عن الموهوبين معي في إحدى قنوات التليفزيون المصري !!.. كما كنت لاعبا ًفي ناشئي نادي مدينتي لكرة القدم أيام كان مشهورا ًلوجوده في الدوري المصري !!..
غياب القدوة ..
وكل ذلك مني : كان كالجواد المُطلق بلا اتجاهٍ ولا هدف !!.. اللهم إلا حب التقليد لمَن أراهم أمامي ليل نهار ٍفي التلفاز !!.. والرغبة في إثبات أني أستطيع فعل كل ما يفعلون !!..
وهذا سرٌ خفيٌ يلعب عليه الإعلام في بلاد الإسلام للأسف الشديد !!..
إنه يوجه الطاقات بطريقةٍ غير مباشرة ٍإلى تقليد مَن حددهم هو مسبقا ًوقام بتلميعهم للناس على أنهم نجوم ٌوقدوات !!.. فتجد لذلك أن مواهب أبناء أمتنا : قد تم صبها صبا ًلمحاكاة قوالب ما تم رسمه لها من قبل خصيصا ً!
فصرت أعزف : لأكون مثل فلان ٍالمشهور !!.. وصرت أكتب كلمات الأغاني وأقوم بتلحينها وغنائها أيضا ً: لأصير مثل فلان ٍالمطرب !!.. وصرت ألعب الرياضات القتالية : لأصبح مثل البطل الفلاني !!.. وهكذا ..
فتم اختزال الأهداف في غايةٍ واحدةٍ فقط : يسير الجميع في ركبها بلا تفكير : يتوارثها اللاحق عن السابق وهي : تقليد النماذج التي تم إبرازها للناس والأطفال والشباب على أنها القدوة !
تأثير الوالدين ..
كان أبي رغم حبه للدين : كان من الجيل الذي تم إرهابه من مجرد فكرة الإلتزام الظاهري !!..
كان من الجيل الذي اقشعر بدنه لسماع ومشاهدة وقراءة قصص التعذيب في السجون والمعتقلات للمتدينين والملتزمين !.. وكان هذا هو سبب تغييبه للقدوة الدينية في حياتي عمدا ًفي المقام الأول للأسف .. ورغم عدم التزام والديّ بالدين كما كنت أرجو : إلا أنهما قد منحاني مجموعة ًكبيرة ًمن الأخلاق العالية : والتي رأيتها فيهما عمليا ً: قبل أن أقرأ عنها نظريا ًفي الكتب ..
فأخذت عن أمي حفظها الله الحب الشديد للحق : كبيرا ًكان أم صغيرا ًذلك الحق !.. وأيضا ًالدفاع عن المظلوم : ومهما دخل بي ذلك الدفاع في المشاكل !!..
وأخذت من أبي حفظه الله : الأمانة الشديدة فيما استودعه الناس إياه من مال ٍونحوه .. فلربما مرّ على بيتنا أيامٌ قد استودعه الناس فيها عشرات الآلاف : وهو في أمس الحاجة للألف الواحدة !..
حب القراءة ..
وأما من أكبر ما أسداه أبي لي من معروف ٍبقصدٍ أو بغير قصد : فهو زرعه لسعة الخيال وحب القراءة فيّ من صغري .. فما كانت تمضي ليلة ٌتقريبا ًحتى يقص عليّ قصة ًقبل النوم وأنا ولده البكر :
كان يرتجلها معي ارتجالا ًبغير ترتيب ٍمسبق !!.. ثم كان يجعلني أقوم بنفس الدور أحيانا ً!!..
ولا زلت أذكر يوما ًوقد دخل عليّ بكتاب قصص ٍمصورة ٍكبير ٍ: كان كالكنز لي في ذلك الوقت !
فعندما كبرت ورأيت قلة مَن يحب القراءة من الشباب المسلم للأسف : وضعت يدي على أحد مكمن الداء في أمتنا أولا ً: واستعظمت معروف والدي فيّ ثانيا ً..
زهدٌ مبكر ..
وكما كان لأبي حفظه الله أثرا ًفي حياتي : كان لجدي من أبي أيضا ًعظيم الأثر في حياتي : رغم قلة ذكرياتي معه لإقامته بعيدا ًعنا في القاهرة .. حيث لما شعر جدي رحمه الله بدنو أجله : وكنت ساعتها في المرحلة الإعدادية : فبدأ يُكثر من زيارتنا في بيتنا ليمكث لدينا الليالي الثلاث أو الأربع .. وكلما كنت أقلق ليلا ًأو أستيقظ : كنت أجده جالسا ًأمام النافذة الزجاجية الكبيرة للغرفة :
يتطلع إلى الأفق منغمسا ًفي تفكير ٍعميق !!.. فزرع بذلك سؤالا ًوحيدا ًفي عقلي الصغير ساعتها وهو : في ماذا سأ ُفكر عندما سأصل لهذا العمر مثل جدي يا ترى ؟!!..
أو السؤال بصيغةٍ أخرى أكثر فائدة ً: ما هي الأشياء التي سيُسعدني تذكرها في آخر عمري : فأفرح ؟!..
وما هي الأشياء التي سأتذكرها في آخر عمري : فأندم عليها وأود أنها لم تكن ؟!!..
وهكذا بدأت نظرتي للحياة تتسع منذ صغري .. وخصوصا ًمع صفة التفكر التي لازمتني في كل شيءٍ من نفسي أو فيما حولي كما أخبرتكم ..
فكانت النتيجة في آخر الأمر : وكأن ضميري وقد صار كائنا ًمنفصلا ًعني : مرتفعا ًفي الهواء من فوقي ببضعة أمتار : يرقب كل ما أقوله أو أفعله أو حتى أفكر فيه : ثم يحكم عليه !!..
وكان هذا خير عون ٍلاستحضار مراقبة الله تعالى لي في كل لحظةٍ من حياتي ..
وهو ما كان يُصيبني بألم ٍشديد ٍوكآبة وسرعة توبة كلما قارفت ذنبا ً!!..
وكما كانت البداية هي جدي رحمه الله في صمته : فقد كان الطريق هو مجالسة رجال المسجد كبار السن في الحي الذي كنت فيه !!.. حيث كان يجتمع إمام المسجد رحمه الله بستةٍ أو سبعةٍ منهم في كل يوم ٍمن بعد صلاة المغرب وحتى صلاة العشاء : يتجاذبون أطراف الحديث في الدين والسياسة والمجتمع !!.. وإن تعجب : فتعجب لجلوسي معهم ولم أتعد الرابعة عشرة من العمر : وكلهم من الستين إلى الخمسة والسبعين من العمر ! فاستفدت منهم كثيرا ًوعلى مدار سنواتٍ في شتى شؤون الحياة : فرحم الله ميتهم : وختم الله بالخير لحيهم : وجمعني بهم في مستقر رحمته : كما جمعني بهم في الدنيا في بيته ..
وصرت من ساعتها وأنا لا أعرف مكانا ًللهروب من الدنيا إلا المساجد : أهرب إليها وإلى واحاتها من ذكر ٍأو درس ٍأو موعظة أو صلاة : ولسان حالي يُردد قول الله عز وجل في سورة الذاريات :
"
ففروا إلى الله " !!!..
أنواع القراءة ..
انكببت من صغري أولا ًعلى القراءة القصصية .. ثم تلتها القراءة في الكتب العلمية .. ثم لما بدأ الزهد يتخلل حياتي كما ذكرت : وبدأ تفكيري في الله عز وجل يزداد : فبدأت قراءاتي في كتب الزهد والرقائق التي تصفو بالنفس والأخلاق وتزكو بها .. ثم كتب سيرة النبي وصحابته وسلف الأمة العظام الربانيين : أستلهم منها القدوة والعظة والعبرة والدروس الواقعية : لربط العلم بالعمل .. ثم الكتب الدينية العلمية والكونية الدالة على الله تعالى وصفاته وأسمائه الحسنى .. ثم الكتب الدينية الشرعية من فقهٍ وتفسير ٍوحديث .. وأنا في كل ذلك : كنت أفرح أيما فرح بالكتاب الديني : إذا وجدته مختصرا ًللأصل الكبير : أو مقرونا ًبمعاني الكلمات الصعبة التي قل استخدامها في زمننا هذا ويجهلها عوام المسلمين .. حتى أني آلوت على نفسي بعد ذلك : أن لا أدع فرصة ًللتبسيط على الناس في كتاباتي الدينية والدعوية لهم إلا واستغللتها : فأشرح لهم معاني الكلمات الصعبة : وأ ُبرز لهم المقصود .. لأن في ذلك أكبر عون ٍفي نظري لنشر العلم من جديد بين شباب أمتنا ..
وأما إذا سألني سائل عن الوقت الذي كنت أقرأ فيه مثل هذا الكمّ من الكتب ؟!!.. فأقول له :
قم أخي السائل بحساب ما تقضيه من وقتٍ في مشاهدة التلفاز وغيره فيما لا يفيد – وقد كان التلفاز في وقتي أغلبه لا يفيد إذ لم تكن ظهرت القنوات الفضائية الدينية بعد - : تجد الوقت !!..
بل : وستجد وقتا ًللحديث إلى زوجتك وأولادك أو أبيك وأمك مما قضى عليه التلفاز للأسف !
وأقول أيضا ً: رغم أني التزمت بالقراءة الدينية والشرعية على كبر : ورغم صعوبة إيجاد وقتٍ في هذه الفترة من العمر بالفعل : حيث تنفد الساعات في العمل والسفر ومشاغل البيت والأسرة :
إلا أنه لو صدقت إرادتك للخير : فسوف يُعينك ويهديك الله تعالى إليه بإذن الله ..
كيف لا : ونحن نفكر ونفكر ونخترع ونبتدع من الأفكار والحلول : للوصول لما نريده من الدنيا !
فما لنا لا نفعل مثل ذلك وأكثر منه فيما نريده من الدنيا والآخرة ؟!!..
وعليه : فقد بدأت باستغلال مدة سفري الساعة ونصف يوميا ًإلى القاهرة للعمل : فاستطعت فيها قراءة تفسير ٍكامل ٍللقرآن الكريم بحمد الله : مع عددٍ من الكتب الشرعية الأخرى !!.. أيضا ً:
استطعت استغلال وقت جلوسي في مكتبي في العمل : فاستمعت لمئات الأشرطة الدينية لكثير ٍمن علماء وشيوخ ودعاة السلفية : بل : واستمعت لتفسير ٍآخر ٍللقرآن الكريم بأكمله !!..
حُب الله ..
عندما ازداد تفكري في نفسي وازدادت قراءتي واطلاعي وعلمي بكثير ٍمن الأشياء مما حولي : زاد تعظيمي لله عز وجل ومحبته في قلبي !!.. فهو سبحانه لا يأمر إلا بخير !.. ولا ينهى إلا عن شر !.. وهو سبحانه لا يظلم أحدنا مثقال ذرة !!.. بل لو شاء أن يعاقبنا على ذنوبنا : لأخذنا من أول ذنوبنا ولم يحلم ولم يصبر ولم يغفر !.. وهو سبحانه الحكيم الذي أعجزت حكمته العقلاء : لتنتهي بهم حتما ًإلى ضرورة التسليم له فيما فهمنا من حكمته : وفيما لم نفهم !!.. وهو لا يكذب سبحانه – ولماذا يكذب ؟!! – ولذلك : كان على كل مَن آمن به حقا ً: أن يُصدق كل كلامه في القرآن ووحيه في السنة الصحيحة ..
وصارت دعوتي منذ ذلك السن الصغيرة في كل سجودي هي : اللهم ارزقني حبك ..!
وصارت لذتي رغم عدم التزامي التام ساعتها : هي تلاوتي للقرآن بحس ٍوفهم .. وقيامي الليل به في غرفتي بعد إغلاقها : أقرأه من مصحف ٍصغير ٍبيدي لعدم حفظي القرآن كله للأسف ..
ولكم فادني هذا القيام في تقوية إيماني ويقيني وصلتي بالله : وتعلقي به وعدم خوفي إلا منه : كما فادني أيضا ًفي تشرب معاني القرآن بذهن ٍصافٍ وقلب ٍغير مشغول : لن تجده في زحمة الحياة وإنما : بالليل والناس نيام !!..
ومن هنا جاءت فكرة كنيتي : أبو حب الله ..
فالحب المذكور هنا : هو ليس الحب المنسوب لله تعالى كما نقول مثلا ً: بيت الله وفرج الله إلخ ..
ولكنه : حبي أنا لله عز وجل .. حب العبد لله .. يقول سبحانه في سورة البقرة :
"
ومن الناس مَن يتخذ من دون الله أندادا ً: يُحبونهم كحب الله .. والذين آمنوا : أشد حبا ًلله " !!..
السلفية في حياتي ؟!..
كان للزهد المبكر الذي أصابني : ومع ما حدث بعد ذلك بسنوات من حضوري لدفن امرأتين في قبريهما أمام عيني (إحداهما كانت جدتي لأمي) : وما حدث من تغسيلي وتكفيني لحماي بيدي رحمهم الله جميعا ً: أقول : كان لكل ذلك أثرٌ كبيرٌ في ميلي للقراءات الصوفية زمنا ً..
ولكني وكلما تعمقت في ديني وقربي من ربي : علمت أن الدنيا دار عمل ٍوامتحانٍ وإظهار ٍوابتلاء !!.. وأن أفضل الأعمال من بعد تزكية النفس والترقي بها إلى الله تعالى : هي مخالطة الناس لهدايتهم ودعوتهم وتعليمهم : والصبر على ذلك !!.. نعم .. هي والله سنة الأنبياء والمرسلين وكل الصالحين في كل زمان ٍومكان !!.. لم يفصلوا العلم عن العمل .. ولم يتقوقعوا بذكر الله : هاربين بذلك من مشقات الحياة !!.. وللدرجة التي قد تجد أحدهم ذاكرا ًعابدا ًزاهدا ً: ثم إذا نظرت لزوجته وابنته مثلا ً: لرأيت العجب العجاب في تبرجهما وعدم صلاتهما .. إلخ إلخ !!..
>>>
فصرت أحمل همّ الدعوة بين جنبيّ .. وصار قلبي يفيض بتمني هداية الناس جميعا ًولسان حالي يقول : آآآه لو تعرفون ما أنا فيه من السعادة لما أدعوكم إليه ؟!!!..
فكنت تارة ًأستقطع من راتبي شهريا ًمبلغا ًمن المال : أشتري به شرائط كاسيت دعوية من خطب ٍودروس ٍلمشاهير الشيوخ والدعاة : ثم أقوم بتوزيعها على سائقي الميكروباصات والأتوبيسات : وخصوصا ًقبيل رمضان .. حتى أن السائقين كانوا يفرحون بها أشد الفرح !!..
وكنت تارة ًأخرى تراني أقول أذكار الصباح والمساء بصوت مسموع في ذهابي وإيابي من العمل من مدينتي إلى القاهرة :
فكان يستأنس الركاب بها أيما استئناس .. وكانوا كثيرا ًما يسألونني عنها : فكنت أعطيهم أحيانا ًمطوياتٍ لها ولغيرها من التعاليم الإسلامية والسنن المنسية ..!
وكان في خلقي دوما ًالبشاشة والسلام على جميع الناس .. حتى جامعي القمامة في الشوارع : أ ُهديهم الابتسامة والسلام كلما رأيتهم .. وحتى عاملي نظافة المكاتب أو المؤسسات التي عملت بها .. فسبحان الله على ما لهذا السلام والتواضع لخلق الله من أثر ٍفي النفوس !!..
وكنت بسبب ذلك وحبي لفعل الخير للغير ولو على حساب نفسي : ولزهدي فيما في أيدي الناس وترفعي عن الدنيا : كنت ملاذا ًموثوقا ًبه للكثير من معارفي وأقاربي وزملائي في الدراسة والجيش والعمل !!.. بل وما تجد نصرانيا ًعرفني في الدراسة أو الجيش أو العمل : إلا وأحبني لأخلاقي ولله الحمد !!.. لدرجة أن يحفظ بعضهم آياتٍ وآحاديثا ًعن طريقي !!..
وإلا أيضا ً: وقد اندهش من صورة المسلم التي يراها فيّ : وتخالف ما أخبروه به في الكنائس من جهة !!.. وتخالف ما يراه من تائهي الشباب المسلم الطائش من الجهة الأخرى !!..
>>>
ولا زلت أذكر فضل إطلاق اللحية عليّ !!.. فبجانب التغيير الكلي في سمتي وفي شكل وجهي الذي عاد للفطرة من جديد : فقد نلت مزايا حمل الهوية الإسلامية ظاهرا ً: تلك الهوية التي كانت أحد أسباب أمر النبي بإطلاق اللحية لها : لتمييز المسلمين عن النصارى وغيرهم !!..
فبعد أن اطلقت لحيتي : صارت النساء هي التي لا تصافحني : فاختصر عليّ ذلك جهدا ًكنت أبذله من قبل لتلافي هذا الأمر !!.. وصار الناس يعرفون أخلاق الإسلام من خلالي ومن خلال مراقبة أفعالي !!.. وهي مسؤلية عظيمة والله لمَن يعرف : أعاننا الله عليها ونجانا من الخذلان !!..
ولما اخترت زوجة ًمنتقبة ً: كنت أضمن لنفسي أولا ًراحة البال ولاسيما وأنا الغيور !!.. وكنت أضمن حماية إخواني المسلمين الرجال والشباب من الفتنة : ولا سيما الغير متزوجين منهم !!..
ورغم عدم إطلاقي للحيتي بعد في وقت زواجي : إلا أن تديني والتزامي الأخلاقي في ذلك الوقت من عمري : ساعداني كثيرا ًفي الزواج على تخطي العديد من الذنوب والعادات السيئة في مثل تلك الحفلات : والتي لا أصل لها في الإسلام للأسف : من الاختلاط والمغالاة في المهر والشبكة ومن الموسيقى والرقص إلخ إلخ ...
>>>
وكان كلما زاد قربي من الله عز وجل : وزاد قربي من منهج السلف الصالح : منهج أهل السنة والجماعة أو أهل الحديث والأثر : ازددت شجاعة ًوثباتا ًفي الدين !!..
ولله عليّ في ذلك نعمٌ وأفضالٌ لا تـُنسى !!.. حيث عافاني من ابتلاءاتٍ كان حريٌ بي أن أتعرض لها بصلادة رأسي في الحق !!!..
>>>
فهذا يومٌ قد رفضت فيه متابعة أحد دكاترة الجامعة في الخطأ : وذلك في سنة التخرج النهائية لي من الكلية - وكنت متفوقا ًدوما ًومن المتوقع أن أكون مُعيدا ً- : فعزم الرجل على أن أرسب ليحرق قلبي وقلب والديّ - وكان له سوابق كثيرة في ذلك - !!.. ولكني لم أتراجع أو ألين .. فالله ناصري !.. كان هذا هو ما تيقنت منه في عشرات المواقف في حياتي منذ الصغر .. فكيف أتراجع الآن ولم يخذلني الله تعالى يوما ًوحاشاه ؟!!..
وبالفعل : حدث أمرٌ عجيبٌ لم يكن في الحسبان : وهو أن الدكتور الزائر من جامعةٍ أخرى : والذي حضر للتحكيم في مادة الدكتور الأول : هو الذي استعمله الله تعالى للدفاع عني : ولم أكن أعرفه ولا يعرفني !!!.. وكان هذا سببٌ في إعطائي درجة مقبول في مشروع التخرج : بدلا ًمن الرسوب !!.. وقد أحزن ذلك والدي كثيرا ً: لأني كنت الأول على دفعتي دوما ً.. وأما ما بعث الهم أكثر في نفسه من المستقبل : هو أن شهادتي كان سيُكتب فيها في مشروع التخرج : مقبول !
وهذا سيؤثر حتما ًفي تقدمي للعمل في أي مكان !!.. وقد لامني أبي بشدة في اليوم ما قبل استخراج الشهادة .. وهنا : يصرف الله تعالى لي موظفا ًإداريا ًأيضا ًلا أعرفه ولا يعرفني : تشاء الظروف بقدر الله تعالى - ودونا ًًعن باقي زملائي في الدفعة - أن يقوم هو بكتابة تقديري في شهادة التخرج !!..
فينظر الرجل إليّ للحظة : ثم أجده وقد كتب ممتاز في الثلاث نسخ من الشهادة !!!!.. وسبحان الله العظيم !..
فأخذت الشهادات من فورها وذهبت بها إلى أبي : لأنظر إليه مذهولا ًمن جديد من عجائب ما ينصر به الله عباده المستضعفين !!..
>>>
بل وفي إحدى المرات : قمت وحدي بوقف تصوير مشهد فيديو كليب عاري في مدخل العمارة التي كنت أعمل بها قرب وسط البلد بالقاهرة !!.. ولم أخف ولم أخش عشرات مَن التفوا حولي من الكومبارس والمصورين ورجال الإضاءة : وكلهم يترجوني أن أفسح لهم مدخل العمارة ليُصوروا فيه المشهد العاري الذي يكلفهم تأخير يوم ٍواحدٍ فيه : عشرات الآلاف !.. وقد كنت فرشت الأرض في وسط المدخل : وصليت عليها ركعتين لله : ثم جلست أتلو سورة يس بصوتٍ مرتفع !!.. حتى أخبرتهم مع نهاية التلاوة أخيرا ًبأني لن أتزحزح : حتى يأتوني بالمخرجة الخليعة والاصطف كله : لأتحدث إليهم لربع الساعة فقط !!.. فرفضوا : وقد علموا أني سأ ُذكرهم بالله !!..
وساعتها بدأوا تخويفي بأنهم يمكن أن يؤذونني : فبدأ الكثير من الناس لحظتها من ساكني العمارة نفسها ومن الشارع : يتحركون أخيرا ًللوقوف معي - بعد ما كانوا يستمتعون فقط بمشاهدة التصوير ! - وذلك لما رأوا ثباتي على الحق والتذكير بالله : حتى أن منهم امرأة ًفي الخمسين من العمر متبرجة ًأعرفها في العمارة : وجدتها ساعتها من أشد المدافعين عني !! – وأنا الذي كنت أظن أنها تخاف مني أو تمتعض مني للحيتي وتصرفاتي الملتزمة !!.. فما كان يجمعني بها المصعد وحدنا : إلا وخرجت وتركته لها !! – فسبحان مَن أجرى على لسانها كلمات الحق في ذلك اليوم : حتى أنها اتهمت نفسها بالتقصير في الدين !!.. وأخذت تتعجب من اصطف التصوير : كيف يرتضون أن تكون لقمة عيشهم وأولادهم وزوجاتهم : هي تصوير العاريات والراقصات ؟!!..
>>>
والابتلاءات والمواقف كثيرة جدا ًولن يتسع المجال لذكرها ..
ولكن كان من أشد الابتلاءات - ولابد من الاختبار للمؤمن وللمُحب - فكان في عملي نفسه : وما أتعرض له فيه ..
فمرة ًتركت عملي براتبه المميز : لما كثر عليّ الاختلاط ببعض الأعمال للبنوك الربوية الصريحة !!..
ومكثت بالفعل مدة ًتقترب من الأربعة شهور ٍبلا عمل : وكنت في أمس الحاجة للمال ساعتها لقرب موعد الولادة الأولى لزوجتي .. فلما انقضت فترة المحنة والامتحان والصبر : يسر الله تعالى لي عملا ًفي السعودية : وتمكنت من الحج والحمد لله !..
>>>
وبعد عودتي لمصر مرة ًأخرى رغبة ًفي البقاء بجوار والديّ : تعرضت لموقفٍ آخر وهو الاختلاط ببعض أعمال أشهر مصانع شركة الدخان (المعسل للشيشة) في مصر ..! فتركت العمل أيضا ًلعمل ٍآخر ٍأقل منه في الراتب كثيرا ً:
فما لبثت قليلا ًحتى أكرمني الله تعالى بسفر ٍللعمل في السعودية ثانية ً: بجوار البيت الحرام هذه المرة !
هذا غيضٌ من فيض مما تمتليء به حياة المسلم الملتزم لمعية الله تعالى له : ونصره وقربه منه - حتى فيما يراه الآخرون ابتلاءً له وقد يُعاني هو منه أشد المعاناة في وقته - !.. ووالله : إن لم يكن من نعمةٍ من الله ساعتها إلا برد الاطمئنان في الكربات والابتلاءات بذكر الله : لكفت ..!
حتى ولو لم ير العبد نصرا ًأو أخذا ًلحقه إلا في الآخرة ..
والحمد لله رب العالمين ..
Bookmarks