* قتل معاوية للأشتر مالك بن الحارث النخعي :
وهذه أيضا من الأباطيل وما أكثرها !
في طبقات ابن سعد (6/213) : « وكان الأشتر من أصحاب علي بن أبي طالب وشهد معه الجمل وصفين وشاهده كلها وولاه علي عليه السلام مصر فخرج إليها فلما كان بالعريش شرب شربة عسل فمات » ا.هـ
قال الذهبي في السير (4/34) : « ولما رجه علي من موقعة صفين , جهز الأشتر واليا على ديار مصر , فمات في الطريق مسموما , فقيل : إن عبدا لعثمان عارضه , فسم له عسلا ...
وليس لمعاوية رضي الله عنه ذكر !!
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (6/162) :قد روي عن عمر وخالد بن الوليد وأبي ذر وعلي وصحبه وشهد معه الجمل وله فيها آثار , وكذلك في صفين وولاه على مصر بعد صرف قيس بن عبادة عنها , فلما وصل إلى القلزم شرب شربة عسل فمات فقيل : إنها كانت مسمومة , وكان ذلك سنة ثمان وثلاثين .وليس لمعاوية رضي الله عنه ذكر .
وروى الطبراني في تاريخه (3/127) خبرا وفيه :فبعث معاوية إلى الجابيستار - رجل من أهل الخراج - فقال له : إن الأشتر قد ولى مصر , فإن أنت كفيتنيه لم أخذ منك خراجا ما بقيت , فاحتل له بما قدرت عليه .
فخرج الجابيستار حتى أتى القلزم وأقام به , وخرج الأشتر من العراق إلى مصر , فلما انتهى إلى القلزم استقبله الجابستار , فقال : هذا منزل , وهذا طعام وعلف , وأنا رجل من أهل الخراج , فنزل به الأشتر فأتاه الدهقان بعلف وطعام , حتى إذا طعم أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما فسقاه إياه فلما شربها مات ...
أقول : وهذه القصة من راوية أبي مخنف لوط بن أبي يحيى إخباري تالف , وقد سبق الكلام عليه .
لذلك أشار إليها ابن عساكر في تاريخه (56/376) بصيغة التمريض !! (تاريخ دمشق لابن عساكر (49/428) , (56/375) , (56/388) و (56/389) و (56/391) وليس لمعاوية ذكر !)
وذكر القصة البلاذري في أنساب الأشراف (3/168) بلا إسناد وفيه : « وبلغت معاوية وفاته .. وجعل يقول : إن لله لجندا من عسل » !
وساق البلاذري في أنساب الأشراف (3/168) قصة أخرى بمعناها من طريق وهب بن جرير عن ابن جعدبة عن صالح بن كيسان وفيه لما صار بعين شمس شرب شربة من عسل , يقال أنه سم فيها فكان عمرو بن العاص يقول : إن لله لجندا من عسل . وليس لمعاوية رضي الله عنه ذكر !
* لعن وسب معاوية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه :
* الجواب عن هذا بأمور :
1- لا يصح شيء في أن معاوية كان يلعن عليا رضي الله عنه وقد نص على هذا الإمام القرطبي والحافظ ابن كثير رحمهما الله .
قال القرطبي في « المفهم » (6/278) : « يبعد على معاوية أن يصرح بلعنه وسبه لما كان معاوية موصوفا به من العقل والدين والحلم والأخلاق وما يروى عنه في ذلك فأكثره كذب لا يصح » .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في « البداية والنهاية » (7/284) : « لا يصح هذا » .
2- الجواب عن الأدلة التي يستدل بها أهل البدع على هذا الأمر :
* قصة لعن علي على منابر بني أمية
رواها الطبري في « تاريخ الأمم والملوك » (3/112) من طريق أبي مخنف عن أبي جناب الكلبي وفيه عن علي رضي الله عنه وكان إذا صلى الغداة يقنت فيقول : « اللهم العن معاوية وعمرا وأبا الأعور السلمي وحبيبا وعبدالرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد . فبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت لعن عليا وابن عباس والأشتر وحسنا وحسينا » ا.هـ.
وإسنادها لا يصح .
في سندها أبي مخنف لوط بن يحيى إخباري تالف لا يوثق به .تركه أبو حاتم وغيره .وقال الدارقطني : ضعيف .وقال يحيى بن معين : ليس بثقة . وقال مرة : ليس بشيء .قال ابن عدي : شيعي محترق صاحب أخبارهم .وقال أبو عبيدة الآجري : سألت أبا حاتم عنه فنفض يده وقال : أحد يسأل عن هذا .وذكره العقيلي في الضعفاء (الكامل لابن عدي (6/93) الضعفاء للعقيلي (4/190) لسان الميزان (2/430) .
روى مسلم في « صحيحه » (2404) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلى من حمر النعم ، سمعت رسول الله يقول له : خلفه في مغازيه فقال له علي يا رسول خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة من بعدي » ، وسمعته يقول يوم خيبر : « لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله » . قال : فتطاولنا لها . فقال : « أدعوا لي عليا فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه » ولمانزلت هذه الآية ? قل تعالوا ندعوا أبنائكم ? دعا رسول الله « عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي » .
والجواب على هذا الحديث :
أولا : أن قول معاوية لسعد رضي الله عنه « ما منعك أن تسب أبا تراب » أي لما لم تخطئه في رأيه واجتهاده وتظهر حسن اجتهادي ورأي وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ممن اعتزل الفتنة .
ثانيا : أن معاوية رضي الله عنه كان يريد أن يعرف موقف سعد من علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسأله عن السبب المانع له من سبه هل كان ذلك إجلالا له أو خوفا أو ورعا .
ثالثا : أن معاوية رضي الله عنه لو كان يريد مسبة علي لما طلب ذلك من سعد بن أبي وقاص فسعد قد اعتزل الفتنة وثبت عنه رضي الله عنه بالأسانيد الصحيحة أنه دعى على من سب عليا واستجاب الله دعائه (انظر سير أعلام النبلاء (1/116) في قصة ذكرها الإمام الذهبي لرجل نال من علي فنهاه سعد فلم ينهه فدعا عليه فما برح حتى جاء بعير ناد فخبطه حتى مات قال ولهذه الواقعة طرق جمة رواها ابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة ) .
فكيف يطلب معاوية منه أن يسب عليا رضي الله عنه !
قال النووي رحمه الله في « شرح صحيح مسلم » (15/175) : « قول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمرا سعدا بسبه وإنما سأله عن السبب المانع له من السب كأنه يقول هل امتنعت تورعا أو خوفا أو غير ذلك فإن كان تورعا وإجلالا له عن السب فأنت مصيب ومحسن وإن كان غير ذلك فله جواب آخر ولعل سعدا قد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم وعجز عن الإنكار أو أنكر عليهم فسأله هذا السؤال قالوا ويحتمل تأويلا آخر أن معناه : ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه خطأ » .
Bookmarks