الحمدلله وبعد:
تطرقنا الى امور هامة للغاية ومن هنا سوف نتطرق الى السلوكيات البيالوجية ومسألة التوهم والشعور بأعراض مرض غير موجود! فقد ذكر الدكتور شارحاً لي في هذه المسألة الماتعة التالي:
أولا ليسهل علينا التبيان ينبغى أن نلقى الضوء على ميكانيكية الشعور بالألم أو التعب فى الجسم, كيف يشعر الإنسان بالألم؟ يعنى حين يصاب الإنسان بمرض ما كيف ولماذا يعشر بالألم وما هو الألم أصلا؟
المسألة باختصار هى عبارة عن مستقبلات بالمخ receptors و رسائل وإشارات signals, حين تتعرض الخلية أو مجموعة الخلايا لضغط ما stress تبدأ فى إفراز رسائل كيميائية معينة signals تستقبلها receptors خاصة بها ةمسئولة عن الشعور بالألم ومن ثم يشعر الإنسان بالألم, وتلك هى ميكانيكية الشعور بأى شىء يشعر به الجسم, فمثلا..الرؤية؟ ما هى إلا ضوء وصور تلتقطها شبكية العين "مقلوبة" ثم يترجمها المخ عن طريق الإشارات التى تصل إليه ليدرك الإنسان الصور السليمة وكذلك الشم وغيره!
وبالرجوع إلى أصل الموضوع, فمسألة توهم الأعراض تعتمد على تركيز الإنسان لجزء كبير جدا من تفكيره فى مسألة ذلك المرض, حتى يبدأ المخ لا إراديا فى التهيؤ لتلك الحالة رغم عدم وجود مسببات لها, وبتفاقم الوضع يبدأ المخ فى تنشيط مستقبلات الشعور بذلك الألم رغم عدم وصول أى signals, ويقوم بتنشيط ال pathways الخاصة بها بصورة تلقائية وبالتالى يشعر الإنسان بالألم! وكذلك على سبيل المثال احمل الكاذب..يحدث فى الغالب للعاقر من النساء التى تكبر فى السن ويصبح شغلها الشاغل هو الإنجاب وتلك هلى مشكلة حياتها, فيبدأ المخ لا إراديا بتهيئة الجسم لأعراض الحمل, ثم يبدأ فى تنشيط ميكانيكية الشعور بأعراض الحمل من قىء وآلام وغيره رغم عدم وجود مسببات, لكن المخ هو من نشط تلك الحالة!
وهذا الكلام مشاهد ويحدث معنا جميعا, أحيانا يكون الواحد منا فى تركيز عميق فى شىء ما, ثم يتعرض لضغط او قلة نوم أو ألم ما, ولا يشعر بشىء مطلقا, وبعد أن ينتهى من تفكيره العميق يبدا بالشعور بالألم والضغط ويقسم أنه لم يكن يشعر بشىء قط, وهو صادق, لماذا؟ لأن التركيز الشديد فى إنجاو شىء ما هو عليه الشعور بالتعب وجعل المخ يقلل ويثبط من آلية الشعور بالألم بطريقة تلقائية لا إرادية!
وكذلك ما يحدث مع الرياضيين فى المنافسات الرياضية وبذلهم لمجهود لا يستطيعون بذله فى التدريبات, نفس الأساس العلمي!
ولذا فمسألة التوهم هذه لا تحدث إلا لمن يعلم أعراض المرض الذى يتوهمه جيدا!
وفى ذلك الباب تجربة شهيرة جدا كانت الأساس لذلك العلم, حيث أحضر أحد العلماء كلبا أعزكم الله واصبح يعرضه للجوع كل يوم ثم يقدم له الطعام بعد تعريضه لجوع شديد, ويحرص على قرع جرس وقت تقديم الطعام, وظل على ذلك الأمر مدة, ثم فى يوم ما عرض الكلب للجوع ثم قرع الجرس بدون تقديم الطعام, فوجد أن الكلب بدأ فى إفراز اللعاب وبدات الغدد اللعابية عنده فى إفراز شديد وكأنه يرى الطعام! لماذا؟ لأن صوت الجرس ارتبط فى ذهن الكلب بالطعام, فأصبح مخه مهيئا لإفراز اللعاب وتحضير الجسم لتناول الطعام بمجرد سماع صوت الجرس, فربط ذلك المؤثر "stimulus" بإفراز اللعاب!
وكل ذلك تابع لعلوم عدة, لكن من اهم العلوم التى تهتم بذلك الأمر علم "behavioural biology", والله أعلم
Bookmarks