وقفت على مقطع للمدعو عدنان إبراهيم أراح الله المسلمين من شره وفضحه في عقر جحره, يفصح فيه عن خبيئة صدره, فالمرء كما قيل مخبوء تحت لسانه, والطبع يغلب التطبع, ولعله اضطر لهول ما يعتمل في صدره أن ينفث شيئا من سمه, فقد صار له اسم وشهرة وأتباع, فليصارحهم بحقيقة معتقده قبل أن تفتر حماستهم, ها هو عدنان إبراهيم يكشف عن وجهه الخبيث, وقد عدلت عن إدراج المقطع واكتفيت بذكر طرف من كلامه, فمن ارتاب في أمره بعد هذا الذي قاله, فلا أجد حيلة لإقناعه, ومن صدقه في دعواه فليعلم أنه مثله ونسأل الله أن يثبتنا على الحق حتى نلقاه.
المقطع يفضح هذا الدعي من وجهين: أحدهما فحوى كلامه المسموم, وثانيهما ملامح وجهه وحركاته التي تدل على أن ما يخفيه أعظم مما يبوح به:
"(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) ,إن الكسل من أسباب رجوع العالم إلى الحق بعد إذ تبين, لأن ذلك سيضطره إلى مراجعته بنائه الفكري بمجمله - أقول أي العقيدة- ويضرب لذلك مثالا - وهذا مقصده من كل هذا الكلام- فيقول:
"أنت إذا آمنت بكلامي في معاوية وصدقته جزئيا أنه كان طاغية وكان باغيا وكان من أئمة الضلالة وكان خداعا كبيرا...- أقول أخرس الله لسانك- آمنت بهذا فسيتوجب عليك أن تراجع أشياء كثيرة جدا جدا جدا في الحديث وفي العقيدة وفي الفقه وفي النقل وفي العقل وفي التاريخ وفي الأدبيات وسوف تضطر أن تراجع نظرية عدالة الصحابة ومعصومية الصحابة, بالمعنى الحقيقي بصراحة, وهذا مرهق جدا, متعب, وسيسد عليك أبوابا كثيرة جدا... طيب إذا كان هذا إمام الفئة الباغية, الفئة الباغية كان فيها رؤوس أخرى غير معاوية, فلان وعلان... والناس اللي دافعوا عنه, وبعدين سيدنا الإمام أحمد دافع عنه, وقال اللي يتكلم في معاوية كذا كذا, ولا يؤاكل ولا يشارب ويطعن فيه, وابن تيمية والعلماء كلهم,
إيش حنعمل, ورطة كبيرة صح, لا لا لا, إيش دخلني في المشكلة, معاوية رضي الله عنه وأرضاه وقدس سره الكريم, وحشرنا الله.. -ثم أشار بيده كالمستعيذ- وقال البعيد البعيد البعيد, حشرهم الله, مش حقولها بصراحة, وحشرهم الله معه, وحيرتاح, روح ارتاح يا كسول, إحنا لسنا كسلاء, إحنا عندنا جراءة وشجاعة... إلى أن قال متبجحا, أنا أكتب كتابا في ليلة واحدة..."
أما كلامه في معاوية رضي الله عنه فيقطر حقدا, وينبئك بسوء طويته وبخبث معتقده, ألم تر كيف جمع له كل وصف قبيح, انظر كيف يتمعر وجهه حين ينطق بكل هذا الإفك, إنها لحظات يظهر فيها وجه هذا الشيطان الذي يخفيه عن المغرورين من أتباعه.
لكنه أفصح عن حقيقة أمره في هذا الشريط لأنه جمع ما يكفي من الأغمار في شبكته, فهو ينتهز الفرصة ليخبرهم بأن معاوية لم يكن إلا مفتاحه لبيت الاسلام الذي يريد أن يهدمه من القواعد, إن الصحابة لبنة من لبنات هذا الصرح العظيم, والحقود يقول متبجحا, إذا وافقتني في قولي في معاوية أيها "السني", فسيلزمك أن تراجع كل شيء, عدالة الصحابة, أئمة السلف, العقيدة, الفقه, التاريخ, الأدب... لكنك جبان كسول, هل تريد أن تكون كذلك, قطعا لا, انظر إلي, أنا علامة زمانه, أكتب كتابا في ليلة, أنا شجاع, أنا جريء.
يا أيها المغرور بهذا الزنديق المارق, هل توافق أن تهدم دينك اتباعا لهذا الرافضي الحقود؟ هل فهمت السر في تركيزه على الطعن في معاوية رضي الله عنه, إنه الطعم الذي أعده لأمثالك وزينه بدعاوى مراجعة التاريخ وتنقيته من الشوائب, هاهو يفصح عن حقيقة مشروعه الالحادي حين استيقن أن عددا لا يستهان به من العوام قد بلع الطعم وصارت الشبهات تتخبطه, إنه يقول لك بكل صراحة: "انس كل ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة, انس عقيدة الإمام أحمد, انس عقيدة شيخ الاسلام, انس حب الصحابة, انس الاسلام الذي بذل المسلمون من لدن الصحابة دماءهم وأموالهم لنصرته, وتعال معي لأبني لك إسلاما آخر." ولعلكم إن اتبعتم هذا الدجال تنتهون في حوزة من حوزات قم, تلطمون وجوهكم وتقطعون ظهوركم وتزحفون على أستائكم.
معاوية رضي الله عنه صحابي جليل دعا له النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به" ( الصحيحة: 4/615 رقم 1969) ولو لم تكن له منقبة سوى هذه لكفت في إفحام هذا المارق, لكنه كما رأينا لا يعتد بشيء مما عليه أهل الاسلام. وكيف لرجل يصرح بالطعن في إمام أهل السنة أن يقبل بعدها شيئا مما ينقله أهل الحديث؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ( 3 :189) وكانت سيرة معاوية مع رعيته من خيار سيرة الولاة ، وكان رعيته يحبونه ، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم " ورواه الإمام أحمد من حديث العرباض بن سارية السلمى .
و عن رباح بن الجراح الموصلي قال سمعت رجلا يسأل المعافى بن عمران فقال يا أبا مسعود أيش عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان فغضب من ذلك غضبا شديدا وقال لا يقاس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله عز وجل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس. (الآجري 5/2466 واللالكائي 8/1445)
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في ( منهاج السنة 3 : 185 ) لم يكن من ملوك الإسلام ملك خيراً من معاوية ، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمن معاوية ، إذا نسبت أيامه إلى من بعده . وإذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل . و(...) عن قتادة قال : لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم : هذا المهدى . وروى ابن بطة بإسناده الثابت من وجهين عن الأعمش عن مجاهد قال : لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدى. وروى الأثرم: حدثنا أحمد بن جواس، حدثنا أبو هريرة المكتب قال: كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله، فقال الأعمش: فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: في حلمه؟ قال: لا والله، بل في عدله. وقال عبد الله بن احمد بن حنبل: (...) عن أبي إسحاق السبيعي أنه ذكر فقال: لو أدركتموه أو أدركتم أيامه لقلتم: كان المهدى. وهذه الشهادة من هؤلاء الأئمة الأعلام لأمير المؤمنين معاوية صدى استجابة الله عز وجل دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم لهذا الخليفة الصالح يوم قال صلى الله عليه وسلم (( اللهم اجعله هادياً ، مهدياً ، واهد به )) وهو من اعلام النبوة . (العواصم من القواصم لابن العربي المالكي)
هذا كلام أهل الإسلام وعلماء الملة وأئمة الشريعة فهل يتعظ المغرور ويتنبه الغافل إلى حقيقة هذا الدجال المتعالم المدعو عدنان إبراهيم؟
Bookmarks