صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 34

الموضوع: جدية الأطفال

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    َAlgeria
    المشاركات
    213
    المذهب أو العقيدة
    علمانى

    افتراضي جدية الأطفال

    سمعت مختصة في علم نفس الأطفال تقول أن الطفل ما بين الثانية والرابعة إن قال لأحد ابويه أنه يكرهه فإنه يقصد ذلك بكل صدق، ففي مثل هذه السن يسبح تفكير الطفل في المعنى الحقيقي المطلق، فلا يفهم المجاز في الكلام ولا يستخدمه، ولذلك فإن أمه عندما تحذره بالقول إن لم تفعل كذا أو كذا لن أحبك فإنه سيأخذ ذلك محمل الجد ولن يتبادر إلى ذهنه أن أمه تكن له حبا غير مشروط وأنه مهما فعل فإنها ستظل تحبه، وعلى هذا الأساس فإن المعلومات التي يستقبلها الطفل في هذه السن تخزن على أنها ماهيات العالم الذي نعيش فيه، وفيما بعد ستصير القاعدة التي تحدد شخصيته، المشكل هو أن الوالدين ومحيط الطفل بشكل عام يقدمون له معلومات مبسطة مراعاة لقلة استيعابه للأمور المعقدة وعجزه عن هضم الجانب التجريدي للعالم، معلومات مبسطة أقرب ما تكون إلى صور مشوهة للعالم الذي نعيش فيه، فمثلا في القصص الشعبي، نجد توجيه الطفل إلى الاعتقاد بوجود شر مطلق" الغولة / المشعوذة / الشريرة" وخير مطلق " البطل "، والاعتقاد بأن هناك دوما قوى إضافية تقف بجانب الخير ضد الشر" المخلوقات الخفية / الحكيم / الأصدقاء" ، هذا التمثيل الساذج للعالم سيشكل المرجع الذي يلجأ فيه الطفل للحكم على الأحداث والأشخاص، لسنين قد تستمر إلى فترة الشيخوخة ... وهذا التمثيل الساذج هو الذي سيعوق الطفل الذي سيصير راشدا فيما بعد عن تقبل أمور في الحياة ورفض أخرى، وقد يؤدي به إلى المواجهة أو إلى الهرب، فعقله سيعمل بشكل تلقائي على إسقاط مثل هذا التمثيل على الأحداث والمواقف التي يمر بها سعيا لإدراكها ولإيجاد حلول للخروج منها إن كانت مواقف صعبة أو مشكلات معيقة.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,276
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    تشكل شخصية الإنسان في الخمس سنوات الأولى من عمره هي إحدى النظريات من بقايا تصورات فرويد عن النفس البشرية و لازال طلاب علم النفس في السنتين الأولى و الثانية مضطرين لِدراسة موروثه الذي زاح عنه العلم التجريبي منذ زمن في الجانب القابل للرصد و التجريب ....

    أضف إلى ذلك التهويل الذي نجده في علم النفس للعقل الباطن و اللاشعور و الماضي الطفولي في تأثيره على شخصية الإنسان مستقبلا حتى يكاد يصور لك أن كل سلوك بشري هو نتيجة حتمية لما مضى و ترسخ ! و لا سبيل للتغير أو حرية الإختيار إلا بحيز صغير أو منعدم على حد زعم بعض المبالغين في هذا العلم ...

    لكن لا أحد ينكر قطعا تأثير مرحلة الطفولة على حياة الإنسان و مساهمتها في ترسيخ معلوماته و تصوراته الأولية عن العالم لكن دون مغـــــــــالة كما ينتهج بعض علماء علم النفس حاليا ....و مغالتهم تلك ناتجة عن جذور تصوراتهم المبنية أساسا على نظريات القرن الماضي ذات الإديولوجية المادية و التي تميل إلى التفسير المكانيكي و التحليل و التفكيك و فهم و تفسير كل شيء على ضوء الحتمية المادية و التلقائية و عدمية حرية الإختيار عنذ الإنسان ...حتى بالنسبة لِكيان معقد و مبهم كشخصية و نفس الإنسان ! ....و بتفسيرات من هذا القبيل نلحظ تداخل العلم و الإديولوجيات ....كفروض من هذا النوع مع كثير من الإختزال و القيود المانعة لفهم شامل سليم .

    فمن يلقي نظرة على الواقع بنفسه و يتفحص عالم البشر و شخصياتهم و يتتبعهم من صغرهم إلى كبرهم سيرى العجب ! من قابلية الإنسان الكبيرة على التغير و الإكتساب المستمر و التعديل و فرض رؤى تميزه وحده ولو كانت بعيدة عن تلك التي يمكن التنبأ بها بناءً على ظروف نشأته و محيطها و طفولته إجمالا !

    لذلك أيتها الزميلة أريد أن أعلمكِ و هذا قول بعض المتخصصين المنصفين الحياديين : أن المغالاة سمة من سمات علم النفس و لو سمي علما ، لا يعدمه حق طبعا لكن بالنظر إلى جذوره و أسسه و كذلك في فشله الذريع في فهم وعلاج النفس البشرية حتى أصبح معتمدا بالأساس على الأدوية الفزيولوجية الهرمونية و المهدئات و المسكنات كحل لشفاء مرضى الأطباء النفسانيين....

    الإنسان قابل للتغيير و حر الإختيار بإذن من الله و لن يتحكم به ماضيه إلا إن سمح له بذلك بإرادته الخاصة....و نعم للطفولة تأثير على الشخصية لكن العلم و المعرفة ....الدين ..الأقدار ..أكثر و أبلغ تأثيرا على سلوك الإنسان و طريقة تفكيره و قراراته ...لِمن جلس مع نفسه برهة في لحظة صدق معها و أحسن قراءة الواقع من حوله ....بعيدا عن نظريات ذات أبعاد و جذور غير ذات صلة بالذي تحاول تفسيره ..
    التعديل الأخير تم 06-26-2012 الساعة 01:04 AM
    " الصدق ربيع القلب ..و زكاة النفس ..و ثمرة المروءة .. و شعاع الضمير الحي.. ومناط الجزاء الالهي (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ...) و إنَّ الضمائر الصحاح اصدق شهادة من الألسن الفصاح "
    -بتصرف-
    "حقُّ الواعِظ أن يتعظ ثمّ يعظ، ويبْصِر ثمّ يُبَصّر، ويهتدي ثم يَهدِي، ولا يكون دفترًا يُفيد ولا يستفيد، ومَسنًّا يحدُّ ولا يقطع، بل يكون كالشمس التي تُفيد القمرَ الضوء ولها أكثر مما تفيده"!
    -الراغب الأصفهاني رحمه الله-

  3. #3

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالبة علم و تقوى مشاهدة المشاركة
    تشكل شخصية الإنسان في الخمس سنوات الأولى من عمره هي إحدى النظريات من بقايا تصورات فرويد عن النفس البشرية و لازال طلاب علم النفس في السنتين الأولى و الثانية مضطرين لِدراسة موروثه الذي زاح عنه العلم التجريبي منذ زمن في الجانب القابل للرصد و التجريب ....

    أضف إلى ذلك التهويل الذي نجده في علم النفس للعقل الباطن و اللاشعور و الماضي الطفولي في تأثيره على شخصية الإنسان مستقبلا حتى يكاد يصور لك أن كل سلوك بشري هو نتيجة حتمية لما مضى و ترسخ ! و لا سبيل للتغير أو حرية الإختيار إلا بحيز صغير أو منعدم على حد زعم بعض المبالغين في هذا العلم ...

    لكن لا أحد ينكر قطعا تأثير مرحلة الطفولة على حياة الإنسان و مساهمتها في ترسيخ معلوماته و تصوراته الأولية عن العالم لكن دون مغـــــــــالة كما ينتهج بعض علماء علم النفس حاليا ....و مغالتهم تلك ناتجة عن جذور تصوراتهم المبنية أساسا على نظريات القرن الماضي ذات الإديولوجية المادية و التي تميل إلى التفسير المكانيكي و التحليل و التفكيك و فهم و تفسير كل شيء على ضوء الحتمية المادية و التقائية و عدمية حرية الإختيار عنذ الإنسان ...حتى بالنسبة لِكيان معقد و مبهم كشخصية و نفس الإنسان ! ....و بتفسيرات من هذا القبيل نلحظ تداخل العلم و الإديولوجيات ....كفروض من هذا النوع مع كثير من الإختزال و القيود المانعة لفهم شامل سليم .

    فمن يلقي نظرة على الواقع بنفسه و يتفحص عالم البشر و شخصياتهم و يتتبعهم من صغرهم إلى كبرهم سيرى العجب ! من قابلية الإنسان الكبيرة على التغير و الإكتساب المستمر و التعديل و فرض رؤى تميزه وحده ولو كانت بعيدة عن تلك التي يمكن التنبأ بها بناءً على ظروف نشأته و محيطها و طفولته إجمالا !

    لذلك أيتها الزميلة أريد أن أعلمكِ و هذا قول بعض المتخصصين المنصفين الحياديين : أن المغالاة سمة من سمات علم النفس و لو سمي علما ، لا يعدمه حق طبعا لكن بالنظر إلى جذوره و أسسه و كذلك في فشله الذريع في فهم وعلاج النفس البشرية حتى أصبح معتمدا بالأساس على الأدوية الفزيولوجية الهرمونية و المهدئات و المسكنات كحل لشفاء مرضى الأطباء النفسانيين....

    الإنسان قابل للتغيير و حر الإختيار بإذن من الله و لن يتحكم به ماضيه إلا إن سمح له بذلك بإرادته الخاص....و نعم للطفولة تأثير على الشخصية لكن العلم و المعرفة ....الدين ..الأقدار ..أكثر و أبلغ تأثيرا على سلوك الإنسان و طريقة تفكيره و قراراته ...لِمن جلس مع نفسه برهة في لحظة صدق معها و أحسن قراءة الواقع من حوله ....بعيدا عن نظريات ذات أبعاد و جذور غير ذات صلة بالذي تحاول تفسيره ..
    كلام موفق ,,,
    وتحليل أوفق أختنا بارك الله فيك وفي علمك المتنوع ما شاء الله ...

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,276
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ذلك من حسن ظنكم فقط أستاذنا الفاضل لمُقصرة مثلي و الله أعلم بحالنا اللهم ثبتنا على دينك و فقهنا فيه ...لكنه قول مفرح من أستاذ كبير مفضال كأبو حب الله ..فجزاكم الله خيرا و لسنا إلا منكم نتعلم و نستفيد .
    " الصدق ربيع القلب ..و زكاة النفس ..و ثمرة المروءة .. و شعاع الضمير الحي.. ومناط الجزاء الالهي (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ...) و إنَّ الضمائر الصحاح اصدق شهادة من الألسن الفصاح "
    -بتصرف-
    "حقُّ الواعِظ أن يتعظ ثمّ يعظ، ويبْصِر ثمّ يُبَصّر، ويهتدي ثم يَهدِي، ولا يكون دفترًا يُفيد ولا يستفيد، ومَسنًّا يحدُّ ولا يقطع، بل يكون كالشمس التي تُفيد القمرَ الضوء ولها أكثر مما تفيده"!
    -الراغب الأصفهاني رحمه الله-

  5. #5

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالبة علم و تقوى مشاهدة المشاركة
    ذلك من حسن ظنكم فقط أستاذنا الفاضل لمُقصرة مثلي و الله أعلم بحالنا اللهم ثبتنا على دينك و فقهنا فيه ...لكنه قول مفرح من أستاذ كبير مفضال كأبو حب الله ..فجزاكم الله خيرا و لسنا إلا منكم نتعلم و نستفيد .
    بل هي الحقيقة اخية فقد احسنتِ الرد وايضاً شهادة واسطة فيكِ على نفس المقياس فتابعي مسيرتك وبقوة فالاقلام القوية نحتاجها
    قسا فالأسد تفزع من قواه
    ورق فنحن نفزع أن يذوبا
    أشد من الرياح الهوج بطشا
    وأسرع في الندى منها هبوبا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    1,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    علم النفس هو علم إنساني على وزان علم الاجتماع، غير أن اختلاف المناهج هو الذي جنح بالناس إلى التعقيد، وغير المميز يظن أن الكل سلة واحدة وهو ليس كذلك، لأن هناك علوما استمدت أسسها من الطريقة البيولوجية، فأصبحنا نسمع عن المتخصص بالأمراض العقلية والبايوبسيكولوجي والبسيكياترك وغيرها وهذه كلها لا علاقة لها بعلم النفس . فالطلبة ذووا التكوينات الأدبية أو في العلوم الإنسانية يمكنهم دراسة علم النفس .. في حين أن التخصصات الأخرى التي ذكرتُها مفتوحة فقط في وجه أصحاب التكوينات العلمية .

    تماما مثل أوجست كونت الذي حاول تأسيس علم اجتماع عن طريق استنباط طرائق العلوم الطبيعية، وتماما مثل الفلاسفة الذين حاولوا استجلاب الطريقة الفيزيائية في التحليل ، وكان لا يُقبل إلا متخصص في الرياضيات أو في الهندسة حتى يدرس الفلسفة، بل أفلاطون كتب على باب أكاديميته " لا يدخل علينا إلا مهندس " وعند التحقيق نرى بأن كل من تبنى هذه الطرائق كانت له خلفية علمية تجريبة كأن يكون الفيلسوف متخصصا قبل تفلسفه بالفيزياء، وعالم الاجتماع كان متخصصا بالعلوم الطبيعية وعالم النفس كان متخصصا قبلا بالبيولوجيا ... فيحاول استنباط طريقة العلوم التجريبية في مجال تخصصه عقلي بحث !!

    ومسألة أن الطفل يقول الحقيقة دائما وهو ملاك بريء لا يكذب في سن معينة مجرد خرافة ثبتت في علم الاجتماع النفسي المعاصر، وعلم النفس المعرفي الذي قلبَ الطاولة على كل تلك المناهج . بل الطفل له قدرة على استيعاب محيطه تفوق تصورات والديه فيه بكثير .

    ولي عودة لهذا الموضوع بإذن الرحمن .
    التعديل الأخير تم 06-26-2012 الساعة 05:10 AM

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    َAlgeria
    المشاركات
    213
    المذهب أو العقيدة
    علمانى

    افتراضي

    بصراحة أوافقكم بأن بعض ما يكتب في مجال علم النفس يفتقر في الكثير من الأحيان إلى الأدلة المنطقية المقنعة، وعلى الرغم من ذلك فهو يقدم لنا أجوبة لبعض التساؤلات التي نطرحها، وإن لم يكن كذلك فهو يوفر لنا أساليب لمقاربة وفهم وتحليل بعض الظواهر التي نعيشها.
    وإن أثرت موضوع تغذية الأطفال الفكرية وأثرها على حياتهم فليس للبرهان على ذلك أو التأكيد عليه ولكن للتأمل في حالة شخص أود أن اسرد حكايته، وليس لي أي نية لأعمم حالته أو أجعلها الحالة الخاصة التي تصنع القانون. ولكن كما قلت مجرد تأمل وتحليل ...
    فهذا الشخص كان في طفولته على احتكاك دائم بالخوف، وكانت له على العكس من إخوته استجابة مفرطة لكل ما يمكن أن يثير الخوف في النفوس، بطبيعة الحال عندما كبر وأصبح راشدا ظن أنه تغلب على مخاوف الطفولة وأصبح لا يخاف الظلام ولا يخاف الغيلان الشريرة، ولكن من يعرفه يعلم أن الخوف لا زال قابعا بداخله، فقط غير وجهته فبدل أن يخاف الغولة فلا يتقدم أصبح يخاف الفشل فلا يجازف، وبدل أن يخاف الظلام بقي يخاف من المجهول المستقبل، فهو يظن أنه تغلب على مخاوف طفولته وتجاوزها في حين أن كل مافعله هو تغيير مسارها وتوجيهها منحى آخر.
    لو عدنا إلى طفولته وتأملنا بالتفصيل ميلاد الخوف في نفسه، نجد أمور عديدة ولكن الذي بقي راسخا هو الذي يتكرر في أحاديث هذا الشخص عادة.
    فمثلا يسرد لنا هذا الشخص - وقد تربى في قرية في قمة الجبل - بتعجب ودهول أنه لما كان صغيرا يذكر وطأة الليل المخيفة على نفسه، فهو يمد يده إلى الظلام الحالك فلا يراها ولا يفهم ذلك ويتكون لديه فراغ دلالي، ثم مباشرة ينتقل إلى الأقصوصات الشعبية التي كان وقتها متزامنة مع فترة الليل، والتي جاءت "صدفة" لملإ الفراغ الفكري لدى ذلك الشخص لما كان طفلا، تجلس الأم تحت ضوء الشمعة محاطة بأولادها وتبدأ تقص تلك القصص بإحساس عميق، فهي ذاتها تشعر بالخوف وتحاول إفراغه من خلال التعبير عنه في قصصها الشعبية، وصوتها حتما سيحمل الرسالة لأطفالها وسوف يفهمون أن الأم خائفة، ويستنتجون أن الأم التي هي من صنف الكبار والتي عادة ما ترمز للأمان لن تخاف إلا إذا كان الأمر حقا يدعو للخوف، فالأمر جدي، ومن ثم فإن عملية التواصل ستتجند بكل وسائل الإقناع والتأثير، فسرد الحكاية الشعبية يتم وفق قناتين مترابطتين حسية وعقلانية، فيزداد الأثر ويتعمق، نصل الآن إلى القصة الشعبية التي تسرد على أساس أنها حقيقية !
    تقول الأم : في ليلة مظلمة مثل هذه الليلة، لما كنت طفلة صغيرة مثلكم، كنا نسمع أصواتا مخيفة تصدر من الغابة ، يرتعش لها الكيان، وكنت أرى إلى عيون أبي وأمي وجدتي فارى فيهما الرعب، أما جدي فقد كانت يداه ترتعش وكان مقطبا حاجبيه، وكانو يتحدثون فيما بينهم بصوت منخفض وكنت أنا استمع إليهم والخوف يقتلني..
    قال جدي : ما الذي أتى به إلينا ؟
    فأجابه أبي : وما الذي يصرفه عنا ؟
    كانوا حيرى ولا يعرفون كيف يتصرفون
    قالت أمي ويدها على صدرها : أحس أنه يقترب ، ماذا لو قفز إلى باحة الدار ؟
    وصاحت جدتي : باب الفناء الخارجي اصلا قد بلي وطفل صغير سيوقعه بضربة واحدة، لقد نصحتكم أن تصلحوه ولم يستمع إلي أحد !
    فرد عليها الجد زاجرا : اسكتي ودعيني افكر ليس وقت الباب الان
    وفجأة سمعنا حركة في الفناء وانتفض الجميع من حولي وبدأت في البكاء ورحت أختبء في حجر أمي
    قال أبي : ما هذا
    وعاد الصوت من جديد وبدا لي قريبا
    ولكن جدي هدأنا وقال : لا بد أنه في التل المقابل
    وقام من مكانه وأخذ عكازه وراح يفتح الباب لكن جدتي أمسكته وحاولت ثنية صائحة : أجننت سيأكلك ويأكلنا جميعا
    نفض جدي ذراعه من اليدين التي كانت تمسكه وفتح الباب وتبعه ابي
    كان الصوت قريبا يدخل إلى الصدر فيستوطن الفؤاد
    وفجأة سمعنا جدي يصيح بنا : تعالو لتروه
    وخرجنا ونظرنا إلى الناحية التي كان يشير إليها جدي بعكازه
    كان وحشا ضخما، راسه كبير على باقي جسمه وعيناه كانتا مشتعلتان، وذيله طويل كان يذهب يمنة وشمالا
    وسمعتهم يتكلمون عنه ويقولون أسد، وفجأة صاح الجار خلف الصور مكلما جدي : يجب أن نذبح له شاة وسيذهب عنا
    فأجابه جدي : أترى هذ ؟
    فرد الجار : نعم ، هكذا سمعت الناس تتعامل مع الأسود وسينصرف بلا رجعة.
    وأخذ جدي سكينا كبيرا وراح للزريبة وأخرج منها شاة وفعل كما طلب منه الجار
    وحمل أبي الشاة المذبوحة و خرج
    وفور خروجه نزل الأسد عن التل وكان مسرعا فتملكتنا الخوف خاصة عندما أعقب جدي بقوله : إنه جائع !
    انتظرنا ابي طويلا وبدا القلق يتسرب غلى القلوب، وسمعت جدتي تقول غاضبة : أين ذهب ؟ لقد طال غيابه ؟
    فرد جدي : لما يرى الأسد الذبيحة لن يقترب منه
    فأردفت أمي : ماذا لو لم يكن الأسد وحده وكانو جماعة ولم تكفهم الذبيحة ؟
    قال جدي : لا ! لم أسمع غير صوت أسد واحد
    فجأة سمعنا صوت الأسد وقد اقترب حتى خلناه خلف الباب، وكان هذه المرة غاضبا وكأنه دخل في عراك ؟؟؟ واختلط صوته بطرق عنيف متتال على الباب وصحت حينها:
    لا تفتحو سيأكلنا !
    غير أن صوت أبي سرعان ما طمأننا وشققنا الباب شقا ضيقا بالكاد دخل منه أبي وهو يلهث راح يسرد لنا ما حدث :
    بالكاد وضعت الشاة الذبيحة حتى سمعت صوته على بعد أمتار فتسلقت الشجرة مهرولا والتزمت السكوت وخفت أن يراني، ولمحته يركض وعيونه المشتعلة ترقب كل شيء، لما وصل الشاة رفع رأسه إلي ولكنى أخفيت عيني وراء ساعدي فقد سمعت أنه من ينظر إلى عينيه يغمى عليه، وانتظرت أن ينصرف، صاح في وجهي مرتين وكأنه يحذرني أو يتوعدني ثم حمل الشاة بفكه ووثب بعيدا ، وأظن أنه لن يعود إلى هذه القرية بعد الآن.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    َAlgeria
    المشاركات
    213
    المذهب أو العقيدة
    علمانى

    افتراضي

    في ليلة أخرى وسط نفس الظروف تسرد الأم حكاية أخرى فتقول :
    كانت العادة أن أمي تخرج قبل الفجر لجلب الماء من العنصر قرب الجبال، وأتذكر في إحدى الليالي أنها جلست إلى جدتي وعيناها مرعوبتان، قالت لها بصوت خفيض، هذا الصباح لما خرجت لجلب الماء في الظلمة الحالكة ولم يكن القمر يضيء إلا قمم الأشجار كنت أسمع خطوات تسير ورائي ، فلما أستدير لم أكن أرى شيئا، وكلما سرت كان الخوف يزداد حتى أني كنت اتصبب عرقا ، ولما وصلت إلى المكان الذي به حشائش كثيفة واشجار متداخلة أحسست وكأن أحدهم يتنفس عند أذني ، ويهمس : عودي إلى البيت
    ارتجفت ولم أقوى على العودة فأسرعت بالمشي محاولة أن أهرب من ذلك الصوت، غير أنه كان لصيقا بي : وكان يردد : ما الذي اتى بك إلى هنا ؟ عودي ، عودي ...
    ولكني لم استطع أن أعود دون الماء وسرت فإذا برجل أشيب في لباس أبيض يظهر فجأة أمامي، وكاد قلبي أن يتوقف لما صاح بي زاجرا : لا تعودي إلى هنا أبدا
    ثم أظاف أحضري الماء لأطفالك ولتكن المرة الأخيرة
    ثم وضع يده على كتفي وكانت ثقيلة ثقيلة جدا وقال لي : امض

  9. #9

    افتراضي

    الزميلة لوتشيا ...
    أنت مسألتك ليست في سرد القصص المرعبة والجن والغول إلخ ..
    ولكن مسألتك - لكي نحدد الموضوع ونضع الفائدة - هي :
    أن الله تعالى قد قدر لكل إنسان حياته في هذه الدنيا : والتي تلائم اختباره الذي يُظهر مكنونات نفسه ..
    فهناك مَن تعرض لأضعاف أضعاف ما تقصينه من قصص : ولكن بنفسه - أي واجه جنا ًوغيلانا ًإلخ - :
    ورغم أن ذلك كان منذ صغره : إلا أنه لم يشب جبانا ً!!!.. بل شب على طاعة الله وتمسك به أكثر سبحانه :
    ووثق يقينا ًبأنه وحده هو خالق كل شيء وهو وحده القادر على صرف أذاهم عنه وتمكين البشر الضعيف منهم !

    نعم .. كل إنسان يتأثر يقينا ًبطفولته وما زرعه والداه أو محيطه في نفسه وعقله ولكن :
    هذا هو أيضا ًنوع من الاختبار وليس نهاية المطاف : فماذا أنت فاعلة ؟!!..
    تماما ًكمَن يولد مريضا ًأو مُعاقا ًمنذ الصغر ... أو يتيما ًمنذ الصغر .. أو لأبوين مطلقين أو لأسرة منحلة إلخ إلخ
    فهل أوجبت مثل تلك الظروف على (( كل )) مَن مر بها : أن تكون النتائج دوما ًواحدة ؟!!..
    أم أن كل ذلك اختبار :
    وكل إنسان أدرك الاختبار : فهو في مرحلة جهاد نفسه من ساعتها إن كان محبا ًللحق ..
    وأما إن مات قبل أن يدرك هذا الاختبار : فمثله مثل الذي لم تبلغه رسالة .. واختباره عند الله يوم القيامة ...

    كان بودي أن أضيف المزيد .. ولكن ضيق الوقت والشغل يمنعني للأسف ...
    واللوم هنا : هو لوم على جهل الأم التي تحكي بطبيعة الأولاد وكون ما تحكيه يؤثر على نفوسهم ..
    فهي قد تكون صادقة ... ولكن :
    ليس هكذا يتم إخبار أطفالا ًصغارا ًبمثل هذه الأشياء التي قد تزرع في قلوبهم الرعب والجبن ..!
    فهنا افتـُقدت الحكمة نتيجة الجهل بالتربية ..

    وفي المقابل : كان يمكن أن يتم حكي نفس الأحداث - وأرجو التنبه - : نفس الأحداث : ولكن بصورة إيجابية !
    أي : يتم مزج صور الشجاعة ومدحها في الحكي مزجا ً!!!!..
    وعلى هذا تربى أيضا ًالكثير من الأطفال الصغار في البادية والقرى - وأراها مجتمعات قريبة لما ذكرته الزميلة - ..

    والأمر بين ذلك وذاك يدور ....
    والكلمة النهائية هي في يد الإنسان الذي يختبره الله تعالى بكل ما حوله منذ وعيَ وفهم :
    فهي ورقة الامتحان الخاصة بكل منا .. مع الثقة تمام الثقة بأنها هي المتوافقة مع حقيقة كل منا تماما ًوالتي ستظهرها :
    فهي من الحكيم العادل سبحانه ...
    والتي لا تنافي حرية الاختيار لمَن يفهم ...
    والله المستعان ..

  10. #10

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حب الله مشاهدة المشاركة
    والكلمة النهائية هي في يد الإنسان الذي يختبره الله تعالى بكل ما حوله منذ وعيَ وفهم :
    فهي ورقة الامتحان الخاصة بكل منا .. مع الثقة تمام الثقة بأنها هي المتوافقة مع حقيقة كل منا تماما ًوالتي ستظهرها :
    فهي من الحكيم العادل سبحانه ...
    والتي لا تنافي حرية الاختيار لمَن يفهم ...
    والله المستعان ..
    مثال :
    طفل أنشأه والداه على السرقة واحترافها منذ الصغر ..
    فلما كبر ووعي وفهم وعرف معنى كلمة دين وأخلاق وظلم وحاجة إلخ ..
    من هنا بدأ اختباره الفعلي الذي قدره الله تعالى له ...
    وكلما جاهد نفسه فيما اعتاد عليه من السرقة : كان الله معه وفي عونه : ووعده بالهداية طالما استمر :
    " والذين جاهدوا فينا : لنهدينهم سُبلنا " ...

    والله الموفق ...

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,759
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    سأقتبس فقرات من كتاب "الشخصية" وأرجو أن تركزى إلى ما انتهى اليه علماء النفس فى هذا الأمر وخاصة أسهام ادلر Adler

    لا شك أن النشأة تساهم فى تكوين شخصية الطفل - فلقد نبه الإسلام والنبى صلى الله عليه وسلم على تربية الأطفال والإسلام أعطى نظاما معجزا فى كيفية تنشأة الطفل -

    ولكن بهذا النظام الذى أتيتى به أنتى محوتى وجدان الإنسان ووظائف تفكيره وذاته وحدثه وإحساسه - فأنتى جعلتى الشخصية المكتسبة من البيئة كأنها جينات تورث تماما وأن الفرد مجبر على اعتناقها طوال حياته وهذا ليس صحيح بالطبع وأعتقد والله أعلم أن هذه المختصة فى علم النفس تعتقد باعتقاد يونج الذى اعتقد أن الغرائز الحيوانية الموروثة من السلف الحيوانى هى المسئولة عن الخطيئة لدى الإنسان وأن الإنسان مجبر على إعتناق الخطيئة والذنوب لانها ليست بارادته - (وهو الفكر الداروينى الآن )
    ويعتقدون ان النشاءة هى الأساس العنصرى الموروث للبناء الكلى للشخصية - وصدقينى هذا كلام غير صحيح -فالشخصية كيان حر لا يورث من البيئة فقد خرج عكرمة بن أبى جهل من بيئة أبى جهل وقد خرج سيدنا خالد بن الوليد من بيت الوليد بن المغيرة وقد خرج إبن سيدنا نوح من بيئة نوح عليه السلام - الإنسان لا يجبر على اعتقاده الذى نشأ عليه من الصغر

    الشخصية هى كيان حر وليس كما اعتقد فرويد بتحليله النفسى التقليدى حول تكوين الشخصية وربطها المطلق بالطفولة والنشأة
    الشخصية ليست كما اعتقد ادلر الذى قلل من اهمية الجنس واعتبر ان النظم الاجتماعية والعلاقات بالاخرين هى اشياء تحددها الطبيعة التى الذى يولد فيها الشخص وله وجهة نظر بيولوجية لا تختلف عن فرويد ويونج فهم يعتقدون ان الانسان له طبيعة فطرية تشكل شخصيته

    ولكن عاد ليناقض نفسه ويضع نظرية اخرى تسمى بالذات الخلاقة التى اعتبرها صاحبة فى بناء الشخصية وانها تمثل مكانا متوسطا بين المثيرات والاستجابات للشخص وان الانسان يصنع شخصيته باراداته وان الانسان متفر] وان لكل شخص صياغة فريدة من الدوافع والسمات والاهتمامات والقيم - فكل فعل يصدر عن الشخص يحمل طابع اسلوبه الخاص والمميز فى الحياة الذى لم يكتسبه من النشاءة ولم يرثه من الوالد والجد

    والإنسان كائن شعورى يعرف أسباب تصرفاته ويشعر بنقائصه والاهداف التى يحاول بلوغها اى انه كائن إرادى .


    فى صفحة 37 من نفس الكتاب موجود نقد هذه النظريات بعنوان (نقد نظرية فرويد تكوين الشخصية) ولكن صراحة لم أقرأه



    [ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ]

    http://antishobhat.blogspot.com.eg/
    http://abohobelah.blogspot.com.eg/
    http://2defendislam.blogspot.com/

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,276
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ذكرتني قصصك يا لوتشا بطفولتي حيث كانت جدتي رحمها الله تحكي لنا مثل هذه القصص المرعبة و كنت منها الأكثر رعبا و خوفا من بين الأحفاد جميعا و فعلا كبر معي ذلك الخوف حتى أنني لا أستطيع التجول في بيتنا وحدي ليلا مخافة أن يظهر لي شبح في زاوية ما و أعلم في قرارة نفسي أنها سفاهة تفكير و ضعف و غباء مني و كلها تخيلات مما علق في ذهني من قصص خيالية أو حتى واقعية لكنني لم أشهدها بنفسي يوما و لكن رغم كل ذلك ماذا أفعل في كل مرة أستسلم للأمر الواقع إلى أن واجهت هذا الخوف بتحدي إيماني فطرحت السؤال على نفسي من أخاف أكثر هل الله أم خلقه ؟ و هل فعلا أوكل إليه كل أموري ؟ حتى في هذا الأمر البسيط المضحك ؟! أوليس الله على كل شيء قدير و ما من دابة إلا و آخذ بناصيتها ؟ أولست أدين له بالألوهية و الربوبية ؟ فوالله يا أختي من يومها زالت تلك العقدة مني نهائيا بل أصبحت أحس أني حتى إن واجهت جنيا وجها لوجه لن أخافه و قلبي مؤمن بالذي خلقه و سأتلو آيات من كتابه العزيز و الله معيني ...شحنة و نفحة إيمانية في لحظة صادقة تغني عن سنوات من الخوف الذي تولد في الطفولة ....و هذا يعزز ما قلتُ لكِ سابقا عن مدى تأثير الدين على النفس البشرية و قوته في تغييرها ، لمن أذعن له و اختار بإرادته إتباع هداه ..

    و كما ساق لكِ أستاذنا أبو حب الله من أمثلة و فصل فيها بارك الله فيه ، فالإنسان يمر في اختبارات و له حرية اختيار الطريقة التي سيتبعها لجتيازها و له إرادة و قدرة على تحديد مصيره المبني على سلوكه الذي قرره و اختاره دون غيره ...

    بعيدا عن ما يُحاول علم النفس رصده في النفس البشرية و تحديده بعلاقات تحليلية تفكيكية تعتمد الحتمية المادية كضرورة تفسيرية لمقتضى المذهب و الإديولوجية فقط ! و كأنه يرى النفس كجهاز بيولوجي ثابت له نظم فزيولوجية محددة صارمة ... لا يعدمه حق هذا العلم الذي إختلط فيه الحابل بالنابل طبعا ، لكن لا يوجد أبدا من فسر ووصف النفس البشرية من جميع جوانبها كما بيّن خالق النفس الله تعالى و العليم بمكنوناتها و نوازعها في محكم آياته ذكرى لأولي الألباب ...تحاول قراءة كتابه العزيز فإذا به يقرئك يَعرفُك أكثر من معرفتك نفسك كما قال جيفري لانغ و تحس بنفسك تنجذب وتذعن و تُقر ...هذا حصل حتى مع الكفار و لو للحظات قبل أن ينكصوا على أعقابهم في كبرياء و غرور ..ثم جَرِّب قراءة مقالة في علم النفس في محاولة للإحاطة بتفسير إحدى الحالات النفسية ..غالبا ستحس بالإندهاش و غرابة المعلومات ...و الحيرة لكن أبدا لن تحس بالقرب أو عمق التأثير أو حتى الإقتناع بما سيق فيها و لو بدت على مستوى عالى من المنطقية ...

    نحن قابلون للتغيير و أحرار في اختيار السلوك بين الصواب و الخطأ و المصير ككل دون حاجة للتذرع بماض أو ظرف فذلك لن يكون إلا تمويها مكشوفا لنا أولا قبل الغير و قد جزم بذلك خالق النفس " ونفس وما سواها ..فألهمها فجورها وتقواها..قد أفلح من زكاها ..وقد خاب من دساها "
    " الصدق ربيع القلب ..و زكاة النفس ..و ثمرة المروءة .. و شعاع الضمير الحي.. ومناط الجزاء الالهي (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ...) و إنَّ الضمائر الصحاح اصدق شهادة من الألسن الفصاح "
    -بتصرف-
    "حقُّ الواعِظ أن يتعظ ثمّ يعظ، ويبْصِر ثمّ يُبَصّر، ويهتدي ثم يَهدِي، ولا يكون دفترًا يُفيد ولا يستفيد، ومَسنًّا يحدُّ ولا يقطع، بل يكون كالشمس التي تُفيد القمرَ الضوء ولها أكثر مما تفيده"!
    -الراغب الأصفهاني رحمه الله-

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    َAlgeria
    المشاركات
    213
    المذهب أو العقيدة
    علمانى

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حب الله مشاهدة المشاركة
    الزميلة لوتشيا ...
    أنت مسألتك ليست في سرد القصص المرعبة والجن والغول إلخ ..
    ولكن مسألتك - لكي نحدد الموضوع ونضع الفائدة - هي :
    أن الله تعالى قد قدر لكل إنسان حياته في هذه الدنيا : والتي تلائم اختباره الذي يُظهر مكنونات نفسه ..
    فهناك مَن تعرض لأضعاف أضعاف ما تقصينه من قصص : ولكن بنفسه - أي واجه جنا ًوغيلانا ًإلخ - :
    ورغم أن ذلك كان منذ صغره : إلا أنه لم يشب جبانا ً!!!.. بل شب على طاعة الله وتمسك به أكثر سبحانه :
    ووثق يقينا ًبأنه وحده هو خالق كل شيء وهو وحده القادر على صرف أذاهم عنه وتمكين البشر الضعيف منهم !

    نعم .. كل إنسان يتأثر يقينا ًبطفولته وما زرعه والداه أو محيطه في نفسه وعقله ولكن :
    هذا هو أيضا ًنوع من الاختبار وليس نهاية المطاف : فماذا أنت فاعلة ؟!!..
    تماما ًكمَن يولد مريضا ًأو مُعاقا ًمنذ الصغر ... أو يتيما ًمنذ الصغر .. أو لأبوين مطلقين أو لأسرة منحلة إلخ إلخ
    فهل أوجبت مثل تلك الظروف على (( كل )) مَن مر بها : أن تكون النتائج دوما ًواحدة ؟!!..
    أم أن كل ذلك اختبار :
    وكل إنسان أدرك الاختبار : فهو في مرحلة جهاد نفسه من ساعتها إن كان محبا ًللحق ..
    وأما إن مات قبل أن يدرك هذا الاختبار : فمثله مثل الذي لم تبلغه رسالة .. واختباره عند الله يوم القيامة ...

    كان بودي أن أضيف المزيد .. ولكن ضيق الوقت والشغل يمنعني للأسف ...
    واللوم هنا : هو لوم على جهل الأم التي تحكي بطبيعة الأولاد وكون ما تحكيه يؤثر على نفوسهم ..
    فهي قد تكون صادقة ... ولكن :
    ليس هكذا يتم إخبار أطفالا ًصغارا ًبمثل هذه الأشياء التي قد تزرع في قلوبهم الرعب والجبن ..!
    فهنا افتـُقدت الحكمة نتيجة الجهل بالتربية ..

    وفي المقابل : كان يمكن أن يتم حكي نفس الأحداث - وأرجو التنبه - : نفس الأحداث : ولكن بصورة إيجابية !
    أي : يتم مزج صور الشجاعة ومدحها في الحكي مزجا ً!!!!..
    وعلى هذا تربى أيضا ًالكثير من الأطفال الصغار في البادية والقرى - وأراها مجتمعات قريبة لما ذكرته الزميلة - ..

    والأمر بين ذلك وذاك يدور ....
    والكلمة النهائية هي في يد الإنسان الذي يختبره الله تعالى بكل ما حوله منذ وعيَ وفهم :
    فهي ورقة الامتحان الخاصة بكل منا .. مع الثقة تمام الثقة بأنها هي المتوافقة مع حقيقة كل منا تماما ًوالتي ستظهرها :
    فهي من الحكيم العادل سبحانه ...
    والتي لا تنافي حرية الاختيار لمَن يفهم ...
    والله المستعان ..
    كلامك صحيح وينطبق على الأشخاص الأذكياء ... بل الحكماء، وهم قلة قليلة، أما الأغلبية فهي بالكاد تعي أفعالها وأهدافها

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    َAlgeria
    المشاركات
    213
    المذهب أو العقيدة
    علمانى

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسلمت لله 5 مشاهدة المشاركة
    سأقتبس فقرات من كتاب "الشخصية" وأرجو أن تركزى إلى ما انتهى اليه علماء النفس فى هذا الأمر وخاصة أسهام ادلر Adler

    لا شك أن النشأة تساهم فى تكوين شخصية الطفل - فلقد نبه الإسلام والنبى صلى الله عليه وسلم على تربية الأطفال والإسلام أعطى نظاما معجزا فى كيفية تنشأة الطفل -

    ولكن بهذا النظام الذى أتيتى به أنتى محوتى وجدان الإنسان ووظائف تفكيره وذاته وحدثه وإحساسه - فأنتى جعلتى الشخصية المكتسبة من البيئة كأنها جينات تورث تماما وأن الفرد مجبر على اعتناقها طوال حياته وهذا ليس صحيح بالطبع وأعتقد والله أعلم أن هذه المختصة فى علم النفس تعتقد باعتقاد يونج الذى اعتقد أن الغرائز الحيوانية الموروثة من السلف الحيوانى هى المسئولة عن الخطيئة لدى الإنسان وأن الإنسان مجبر على إعتناق الخطيئة والذنوب لانها ليست بارادته - (وهو الفكر الداروينى الآن )
    ويعتقدون ان النشاءة هى الأساس العنصرى الموروث للبناء الكلى للشخصية - وصدقينى هذا كلام غير صحيح -فالشخصية كيان حر لا يورث من البيئة فقد خرج عكرمة بن أبى جهل من بيئة أبى جهل وقد خرج سيدنا خالد بن الوليد من بيت الوليد بن المغيرة وقد خرج إبن سيدنا نوح من بيئة نوح عليه السلام - الإنسان لا يجبر على اعتقاده الذى نشأ عليه من الصغر

    الشخصية هى كيان حر وليس كما اعتقد فرويد بتحليله النفسى التقليدى حول تكوين الشخصية وربطها المطلق بالطفولة والنشأة
    الشخصية ليست كما اعتقد ادلر الذى قلل من اهمية الجنس واعتبر ان النظم الاجتماعية والعلاقات بالاخرين هى اشياء تحددها الطبيعة التى الذى يولد فيها الشخص وله وجهة نظر بيولوجية لا تختلف عن فرويد ويونج فهم يعتقدون ان الانسان له طبيعة فطرية تشكل شخصيته

    ولكن عاد ليناقض نفسه ويضع نظرية اخرى تسمى بالذات الخلاقة التى اعتبرها صاحبة فى بناء الشخصية وانها تمثل مكانا متوسطا بين المثيرات والاستجابات للشخص وان الانسان يصنع شخصيته باراداته وان الانسان متفر] وان لكل شخص صياغة فريدة من الدوافع والسمات والاهتمامات والقيم - فكل فعل يصدر عن الشخص يحمل طابع اسلوبه الخاص والمميز فى الحياة الذى لم يكتسبه من النشاءة ولم يرثه من الوالد والجد

    والإنسان كائن شعورى يعرف أسباب تصرفاته ويشعر بنقائصه والاهداف التى يحاول بلوغها اى انه كائن إرادى .


    فى صفحة 37 من نفس الكتاب موجود نقد هذه النظريات بعنوان (نقد نظرية فرويد تكوين الشخصية) ولكن صراحة لم أقرأه
    لو كان الإنسان يصنع شخصيته بيده لتجاوزنا كلنا عيوبنا ... ولكن أسوأ ما في الأمر هو أن تغيير أي عيب في الشخصية لا يتحقق إلا بالمرور على مرحلة الوعي بهذا العيب ... وهذا بالذات أصعب شيء فنحن نحس بوجود خلل في ذواتنا ولكننا لا نعيه ما هو ؟؟؟ وبالتالي نعجز عن الإصلاح

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    َAlgeria
    المشاركات
    213
    المذهب أو العقيدة
    علمانى

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالبة علم و تقوى مشاهدة المشاركة
    ذكرتني قصصك يا لوتشا بطفولتي حيث كانت جدتي رحمها الله تحكي لنا مثل هذه القصص المرعبة و كنت منها الأكثر رعبا و خوفا من بين الأحفاد جميعا و فعلا كبر معي ذلك الخوف حتى أنني لا أستطيع التجول في بيتنا وحدي ليلا مخافة أن يظهر لي شبح في زاوية ما و أعلم في قرارة نفسي أنها سفاهة تفكير و ضعف و غباء مني و كلها تخيلات مما علق في ذهني من قصص خيالية أو حتى واقعية لكنني لم أشهدها بنفسي يوما و لكن رغم كل ذلك ماذا أفعل في كل مرة أستسلم للأمر الواقع إلى أن واجهت هذا الخوف بتحدي إيماني فطرحت السؤال على نفسي من أخاف أكثر هل الله أم خلقه ؟ و هل فعلا أوكل إليه كل أموري ؟ حتى في هذا الأمر البسيط المضحك ؟! أوليس الله على كل شيء قدير و ما من دابة إلا و آخذ بناصيتها ؟ أولست أدين له بالألوهية و الربوبية ؟ فوالله يا أختي من يومها زالت تلك العقدة مني نهائيا بل أصبحت أحس أني حتى إن واجهت جنيا وجها لوجه لن أخافه و قلبي مؤمن بالذي خلقه و سأتلو آيات من كتابه العزيز و الله معيني ...شحنة و نفحة إيمانية في لحظة صادقة تغني عن سنوات من الخوف الذي تولد في الطفولة ....و هذا يعزز ما قلتُ لكِ سابقا عن مدى تأثير الدين على النفس البشرية و قوته في تغييرها ، لمن أذعن له و اختار بإرادته إتباع هداه ..

    و كما ساق لكِ أستاذنا أبو حب الله من أمثلة و فصل فيها بارك الله فيه ، فالإنسان يمر في اختبارات و له حرية اختيار الطريقة التي سيتبعها لجتيازها و له إرادة و قدرة على تحديد مصيره المبني على سلوكه الذي قرره و اختاره دون غيره ...

    بعيدا عن ما يُحاول علم النفس رصده في النفس البشرية و تحديده بعلاقات تحليلية تفكيكية تعتمد الحتمية المادية كضرورة تفسيرية لمقتضى المذهب و الإديولوجية فقط ! و كأنه يرى النفس كجهاز بيولوجي ثابت له نظم فزيولوجية محددة صارمة ... لا يعدمه حق هذا العلم الذي إختلط فيه الحابل بالنابل طبعا ، لكن لا يوجد أبدا من فسر ووصف النفس البشرية من جميع جوانبها كما بيّن خالق النفس الله تعالى و العليم بمكنوناتها و نوازعها في محكم آياته ذكرى لأولي الألباب ...تحاول قراءة كتابه العزيز فإذا به يقرئك يَعرفُك أكثر من معرفتك نفسك كما قال جيفري لانغ و تحس بنفسك تنجذب وتذعن و تُقر ...هذا حصل حتى مع الكفار و لو للحظات قبل أن ينكصوا على أعقابهم في كبرياء و غرور ..ثم جَرِّب قراءة مقالة في علم النفس في محاولة للإحاطة بتفسير إحدى الحالات النفسية ..غالبا ستحس بالإندهاش و غرابة المعلومات ...و الحيرة لكن أبدا لن تحس بالقرب أو عمق التأثير أو حتى الإقتناع بما سيق فيها و لو بدت على مستوى عالى من المنطقية ...

    نحن قابلون للتغيير و أحرار في اختيار السلوك بين الصواب و الخطأ و المصير ككل دون حاجة للتذرع بماض أو ظرف فذلك لن يكون إلا تمويها مكشوفا لنا أولا قبل الغير و قد جزم بذلك خالق النفس " ونفس وما سواها ..فألهمها فجورها وتقواها..قد أفلح من زكاها ..وقد خاب من دساها "
    تجاوزت الخوف من الظلام والأشباح أمر إيجابي ولكن ماذا عن المخاوف الأخرى ؟؟؟ هل يمكنك اقتلاع الخوف نهائيا من ذاتك ؟ بالطبع لا
    ثم اختيار السلوك الذي نراه صحيحا يكون وفق ما نعرفه أو نملكه من معلومات، فإذا كنا لا نعرف أو نعي أمورا خارج مستوانا المعرفي أو الفكري ستصبح صحة سلوكنا نسبية، فمثلا أنا أريد أن أغير شخصيتي وأتجنب من الآن فصاعدا الكذب، فاحرص على الصدق لفترة ثم أصبح صادقة بشكل تلقائي، ولكني أفاجأ بعد ذلك بأن الكذب لم أتمكن من محوه نهائيا من شخصيتي فأنا مازلت أكذب على نفسي ، أو ربما الكذب أخذ شكلا آخر في شخصيتي وهو النفاق والعيش بشخصيتين، ثم بعد ذلك أحاول تجاوز النفاق فأجد نفسي في صفة سلبية أخرى ... وهكذا تسير الأمور

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فقر الأطفال في أفريقيا ..!
    بواسطة انصر النبى محمد في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-16-2014, 10:32 PM
  2. فتاوى الأطفال
    بواسطة *محب الاسلام* في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-29-2012, 08:45 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء