صفحة 3 من 7 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 45 من 91

الموضوع: الخلق والنشوء بين ضلال النظريات وحقائق الإسلام

  1. افتراضي عصور التقدم البشري الأولى - 2 -

    عصور التقدم البشري الأولى - 2 -


    أما العالم الاقتصادي الألماني " كارل بيشــر Karl Bucher " فقد ذهب إلى أن الاقتصاد البشري مَرَّ بثلاث مراحل قبل أن يصل إلى المرحلة الصناعية قي أوروبا في القرن التاسع عشر. وفي أولى تلك المراحل الثلاث كانت حياة الإنسان تعتمد إما على الجمع والالتقاط أو قنص الحيوان أو صيد السَّمك بحسب ظروف كل مجتمع على حدة، ثم انتقل الإنسـان بعد ذلك إلى مرحلة الرعي، وأخيراً وصل إلى مرحلة الحياة المستقرة التي تعتمد على الزراعة.[1 ]

    أما العالم الأمريكي " لويس مورجان Lewis Morgan" فيذكر في كتابه "المجتمع القديم Ancient Society " أن الإنسان قد مَرَّ بحقبتين كبيرتين هما "حقبة التَّوَحُش" و "حقبة البربرية" قبل أن يصل إلى "الحضارة الأوربية الحديثة". ثم يقسم كلاً من هاتين الحقبتين بعد ذلك إلى ثلاث مراحل أخرى هي "دنيا، وسطى، عليا". وبناء عليه يكون المجتمع الإنساني قد مرَّ بحسب تقسيمه بالمراحل التالية :


    أ‌. مرحلة التوحش الدنيا: وتبدأ من طفولة البشرية.
    ب‌. مرحلة التوحش الوسطى: وتبدأ باستخدام النار، وكان الإنسان يعتمد في أساسها على صيد السمك.
    ت‌. مرحلة التوحش العليا: وتبدأ منذ اخترع الإنسان القوس والنشاب والسهام، وبذلك كانت حياته تقوم في الأغلب على القنص.
    ث‌. مرحلة البربرية الدنيا: وتبدأ باختراع الأواني الفخارية.
    ج‌. مرحلة البربرية الوسطى: التي تتميز بحفظ واستئناس الحيوانات، وزراعة الذرة ، والاعتماد على الرّي.
    ح‌. مرحلة البربرية العليا: وتبدأ باكتشاف طريقة سبك الحديد، وبالتالي استخدام الآلات والأدوات الحديدية.
    خ‌. وأخيراً وصلت الإنسانية إلى المرحلة السابعة والأخيرة وهي: "مرحلة الحضارة الصحيحة": التي تمتاز باكتشاف حروف الهجاء والكتابة، وتمتد حتى عصرنا الحالي.[ 2]

    أما فيما يتعلق بأدوات ووسائل العيش فيقول مورجان: أن الإنسان انتحل خمس طرائق في معاشه، ويرد اثنتين منها إلى حقبة التوحش، والثلاث الأخرى إلى البربرية، وأولى تلك الوسائل هي طريقة العيش الطبيعية عن طريق جمع الفواكه والبذور والجذور في المنطقة التي يسكنها الإنسان، والثانية هي صيد السمك. أما الوسائل الثلاث الأخرى فهي الاعتماد على زراعة الحبوب في الحدائق، والاعتماد على اللحم واللبن، ثم ممارسة الزراعة الواسعة في الجبال.[3 ]


    ويبدو كما يقول "ايفانز ريتشارد "[ 4]:

    ان معظم العلماء التطوريين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وأشهرهم:
     سير هنري مين، في كتابة "القانون القديم".
     تايلور، في كتابه "أبحاث في التاريخ القديم للجنس البشري".
     سير جون لبوك، في كتابه "أصل الحضارة ".
     ماكميلان، في كتابه الذي ظهر في مجلدين بعنوان "دراسات في التاريخ القديم".


    كانوا يذهبون إلى أن الشعوب البدائية التي لا توجد الآن، أو على الأصح التي كانت تعيش إلى أيامهم ، تمثل أدنى المراحل التي مرت بها البشرية، وأنه بناء على ذلك فإنَّ ترتيب الشعوب والمجتمعات التي توجد الآن حسب درجة تقدمها وارتقاءها إنما يعطينا صورة واضحة ومتكاملة عن كل المراحل التي مرَّ بها المجتمع الإنساني منذ وُجِدَ حتى الآن، وهذا يعني أن الاهتمام الزائد الذي كان يبديه هؤلاء العلماء بما كان يعرف حتى عهد قريب باسم "الشعوب البدائية" لم يكن اهتماماً بتلك الشعوب بذاتها وإنما لاستخدامها في إقامة نماذج ومُثُل افتراضية كانوا يعتقدون أنها تمثل التاريخ المبكر للجنس البشري عامة، ولذا فليس من الغريب أن نجد علماء ذلك العصر يكتبون ما كانوا يعتبرونه تاريخاً، لأنَّ العلوم والمعارف كانت تتجه في ذلك الوقت اتجاهاً تاريخياً في أساسه، وهي كلها مجهودات كانت تهدف دائماً إلى تفسير الشيء القريب بالشيء البعيد، أي قياس الحاضر بالغائب.

    ولقد أدت تلك الافتراضات والدَّعاوى بأن الشعوب البدائية تمثل أدنى المراحل التي مرَّت بها البشرية إلى الوقوع في كثير من الأخطاء نتيجة لإطلاقهم بعض الأحكام العامة غير الصحيحة والتي لا تستند في كثير من الأحيان إلى حقائق ووقائع مؤكدة)[5 ]

    فواضح إذن أن النظريات التي كان يضعها هؤلاء العلماء عن الماضي لم تكن تقوم على الحدس والتخمين فقط، وإنما كان يداخلها على ما يقول "ايفانز ريتشارد" كثير من العناصر التقويمية أيضاً !!!.6 ]، ويذهب "ايفانز ريتشـارد " إلى أن السبب الأول لكل ذلك الخلط لا يرجع إلى اعتقاد علماء القرن التاسع عشر في التقدم ورغبتهم في الوصول إلى طريقه يمكنهم بها أن يعرفوا كيف حدث ذلك التقدم، لأنهم كانوا يدركون تماماً أن النماذج التي يصفونها لم تكن سوى افتراضات لا يمكن تحقيقها، وانما كان ذلك الخلط يرجع في المحل الأول إلى الدعوى التي ورثها هؤلاء العلماء من عصر التنوير، ومؤداها أن المجتمعات أنساقٌ طبيعية أو كائنات عضوية تتطور بطريقة معينة وتمر أثناء تطورها بمراحل ضرورية يمكن ردها إلى مبادئ عامة أو قوانين.[7 ]

    أما "دوجالد ستيوات Dugald Stewart " فهو يطلق على أبحاث تاريخ الإنسـان التطوري "التاريخ الظني" أو "التاريخ التخميني" لمعرفة الصورة الأولى التي كانت عليها النّظم الاجتماعيّة، لإعادة تركيب تاريخ المجتمعات البشرية وتصنيفها من حيث درجة رقيها وترتيب مراحل الحضارة التي مرَّت بها تلك المجتمعات منذ نشأتها حتى الآن، وذلك حسب نظام عقلي دقيق يرسمون هم أنفسهم خطته ويحددون خطواته تجديداً تعسفيا، ولذلك فكثيراً ما كانوا يصلون إلى نتائج غريبة ومتناقضة.[ 8]

    بل كثيراً ما كان العلماء الذين يستخدمون نفس الوسيلة، ويتبعون نفس المنهج في دراسة نفس الموضوع يصلون إلى نتائج مختلفة كل الاختلاف. فبينما نجد "سير هنري مين H.S.Maine " مثلاً يذهب إلى أن العائلة الأبوية التي ينتسب إليها الأبناء إلى الأب هي الشَّكل الأول للنظام العائلي على الإطلاق . فإنَّ "باخوفن Bachofen " يدعي أنَّ الإنسانية عرفت أولاً بعد الإباحية المطلقة نظام العائلة الذي يرتكز على الانتساب إلى الأم قبل أن تصل إلى العائلة الأبوية. ومن الطريف أنَّ مين وباخوفن قد نشرا نتائج دراستيهما في نفس السنة أي عام (1861).[9 ]

    وللحقيقة فإنَّ فكرة التّطور بمعنى التَّقَدُم والارتقاء قد استغلت لإثبات ما يسمى بالتطورية الاجتماعية، إذ امتدت من أسلوب لفهم أصل الحياة والكون إلى فهم الإنسان والمجتمع عن طريق الاستعانة بما يعرف باسم "المماثلة البيولوجية Analogy" ومحاولة تصور المجتمع ككائن عضوي حي ومقارنة ما يحدث فيه من تغيرات وتطورات بما يحدث في الكائنات العضوية الأخرى ... ولقد تغلغلت الفكرة إلى كل مجالات العلوم التي أصبحت بمثابة ميادين لاختبار مدى صدق تلك النظرية، وتمثل ذلك بوجه خاص في الكتابات الأنثربيولوجية والسوسيولوجية[ 10] والتاريخية والاقتصادية وفي النظرة السياسية[ 11] ونتج عن ذلك تأسيس أو قيام ما يسمى "التطورية الاجتماعية Social Evolutionism " وما يسمى "الداروينية الاجتماعية Social Darwinism " ومع ذلك فإنَّ فكرة التَّطور بمعنى التّقدم والارتقاء، وكذلك فكرة التّقدم الاجتماعي لم يسلما من كثير من الانتقادات العنيفة التي وجهها إليها عدد من العلماء الرّافضون لها، إذ يرفض هؤلاء المعارضون أن يتصوروا المجتمع البشري يسير في ذلك الخط الذي يرسمه له أصحاب مدرسة التقدم، ويرون عكس ذلك تماماً أن الإنسان خُلق في الأصل على درجة عاليه نسبياً من الرّقي الثقافي، ولكن هذه الثقافة الأولى الرّاقية تعرّضت لبعض عوامل مضادة ولبعض الظروف غير المواتية التي دفعت بها إلى هوة التّدهور والتأخر والانحلال. فتاريخ الثقافة بدأ – في رأي أصحاب تلك المدرسة – بظهور جنس بشري متحضّر على سطح الأرض، ثم لم تلبث هذه الثقافة الأولى أن اتجهت وجهتين مختلفتين: إما نكـوص وتدهور وانحطاط ترتب عليها ظهور المجتمعات المتوحشة، وإما إلى تقدم وارتقاء ورفعة أدّت إلى ظهور الشعوب المتحضرة الرّاقية.

    ومن أكبر مشايعي هذه النظرية "الأسـقف هويتلي Whitely" – أسـقف كانتربري- إذ كتب في ذلك كتاباً بعنوان "مقال عن أصل الحضارة Essay on the origin of civilization " كان له دوي كبير في حينه، ويبني هويتلي كتابه على حجة استقاها من " نيبوهـر Niebuhr " أحد أعداء النظرية التقدمية المتطرفين. وكان نيبوهر يُنكِرُ بشدَّة إمكان نهضة الإنسان الأول وتقدمه وارتقائه من مرحلة متوحشة أولى إلى المراحل الأكثر تحضراً عن طريق التطور التلقائي الذاتي ودون تدخل أية عناصر أو عوامل أخرى خارجية، وكان يتحدى العلماء التقدميين في أن يأتوا بمثال واحد لشعب بدائي واحد أمكنه أن يرقى إلى مرحلة التّحضر من تلقاء نفسه. إنما البدائيون عنده وعند أتباع تدهور الثقافة الأولى هم سلالة متدهورة من شعب متحضر في الأصل .

    والحق الذي لا يُمارى فيه أنّ الله تعالى قد خلق آدم عليه السّلام وعَلّمه وأدَّبهُ ، لذا فآدم ومن سار على نهجه من نسله هم في قمَّة الثقافة والحضارة والتّقدم. وقد انحط وتدهور أقوام من عقب آدم نهجوا نهجاً مخالفاً لنهجه، فأرسل الله تعالى الأنبياء والرّسُل لهداية البشر وتقويم انحرافاتهم ولرفعهم إلى المستوى اللائق بهم كبشر، فآمن واستقام منهم أقوام، وكذبهم أقوام استحبوا وألفوا ما هم فيه من الانحراف والانحطاط والتدهور. فالرّسل وأتباعهم هم في قمّة الثقافة والتقدم والرقي، أصحاب الفكر المستنير والحضارة الراقية، ومن خالفهم فقد استحبّ العمى على الإبصار وسار أشواطاً بعيدة في طريق التّخلف والجهل والانحلال والانحدار والتدهور، وما دمنا نؤمن أنّ آدم عليه السّلام هو أول البشر فالأصل في بني الإنسان العلم والتحضر والثقافة والرقي. أما التوحش والبدائية والانحطاط فهي خلاف الأصل إذ وجدت في سلالات متدهورة من أمم وشعوب متحضرة أصلاً.

    وقد شايع نيبوهر في فكرته عدد من كبار العلماء في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مثل "الكونت دي ميستر Count Josef De Maistre" ومن قبله "دي بر وسسDe Brosses" و "جوجيه Goguet".[ 12] إلا أنه يجب التنويه إلى إنّ عدداً غير قليل من التطوريين المعاصرين يُنكر أن يكون التنافس والصراع من وسائط ووسائل التقدم الاجتماعي، فكلمة الأصلح في رأيهم اصطلاح غير دقيق ومضلل، ولا يفيد بالضرورة الامتياز والسُّمو في الخصائص والقدرات والقوى في كلّ الأحوال، إذ قد يكون البقاء من نصيب الفرد الذي ينجب أكبر عدد من الذرية حتى وإن لم تكن لتلك الذّرية خصائص وقوى وقدرات متميزه.[13 ] وهذا معناه أنّ هؤلاء العلماء يميلون للتشكيك في الدور الذي يلعبه الانتخاب الطبيعي في التاريخ البشري والتهوين من أهميته وفاعليته، ومن هذه الناحية فإنهم ينظرون إلى الإنسان على أنّه حيوان حامل للثقافة وناقل لها عن طريق المحاكاة والتّعلم، وهما عمليتان تختلفان كل الاختلاف عن عملية نقل الخصائص والصفات الفيزيقية عن طريق التكاثر البيولوجي، وعليه فليس هناك ما يدعو إلى تفسير النظرية الاجتماعية تفسيراً بيولوجياً أو صياغتها في حدود مصطلحات وألفاظ البيولوجيا، وإن كان هذا لا يمنع من وجود بعض أوجه التشابه بين التطور البيولوجي والتطور الثقافي.[14 ]

    وعلى الرغم من أنّ جوليان هكسلي" عالم بيولوجي تطوري فانه يقف موقفاً مماثلاً لذلك، ويذهب إلى أنّ التنافس داخل النوع الواحد لا يمكن أن يكون مصدراً للتقدم التطوري خلافاً لنظرية سبنسر عن الصراع والتنافس.

    ــــــــــــــــــــــــــــ الهامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1] تيلور، " نوابغ الفكر الغربي "، ترجمة دكتور أحمد أبو زيد،
    [2] المصدر السابق.
    [3] المصدر السابق.
    [4] المصدر السابق عن ريتشارد ايفانز، الانثربولوجيا الاجتماعية، ترجمة دكتور أحمد أبو زيد، الإسكندرية (1958)، صفحه66).
    [5] المصدر السابق، الصفحات ( 66 – 70 ) .
    [6] المصدر السابق.
    [7] المصدر السابق.
    [8] دورية، نوابغ الفكر الغربي، صفخه ( 24 ).
    - دورية " عالم الفكر " ، المجلد الثالث ، العدد الرابع ( 1972 ) ، صفحه ( 122 ) .
    [9] المرجع السابق.
    [10] الاجتماعية
    [11] - Hofstadter, R., Social Darwinism in American thought. pp 3-4.
    [12] Lewontin, R.C., The concept of Evolution in International. Encyclopedia of social science, En's “Evolution” -
    [13] المرجع السابق، صفحه ( 91 ).
    [14] المرجع السابق، صفخه ( 91 ).
    ــــــــــــــــــــــــ 91 > 97 ــــــــــــــــــــ

    منقول من : موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر

    الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي

    www.sharabati.org

    يتبع إن شاء الله>>>>>>>>>>>>> على هامش نظريات التطور والارتقاء المادي
    التعديل الأخير تم 07-27-2006 الساعة 11:03 AM

  2. افتراضي

    على هامش نظريات التطور والارتقاء المادي

    إنَّ داروين حاول جاهداً إثبات إنّ الإنسان نشأ من صورة دنيا هي أقرب إلى القردة العليا منها إلى أية صورة أخرى من صور الأحياء. ولإثبات ذلك فهو يرى أن من الحقائق التي لها دلالتها الواضحة القوية أن الإنسان مركب على نفس الغرار العام – وإن شئت فقل على نفس القالب – الذي انصبت فيه بقية الحيوانات ذوات الثدي " Mammilla "، كل العظام التي يتألف منها هيكله لها ما يماثلها في القرد أو السعدان أو الصيل Seal أو الخفاش " Ordinary bats " وكذلك عضلاته وأعصابه وأوعيته الدّموية وأمعاؤه، والدّماغ من أهم الأعضاء جميعاً لا يند عن ذلك القانون كما أبان المُشَرِّح هكسـلي وغيره من مشاهير المُشرّحين، ناسياً أو متجاهلاً أنّ دماغ الإنسان وحده من دون الأدمغة هو الدماغ الصالح للتفكير، في حين أن بقية الأدمغة هي أدمغة غير صالحة للربط والتفكير.[1 ] ويســتطرد الداروينيون في تبريراتهم الواهية فيقولون:

    ( قد يتقبل الإنسان من حيوانات أحط منه، كما ينقل إليها أمراضاً معينة مثل: السعار[2 ] والذيبة والزهري والكوليرا والهرس وغير ذلك، وهذه الحقيقة تقيم الدّليل على المشابهة بين الأنسجة والدّم سواء في التّركيب أم في التّكوين، على صورة من الوضوح والجلاء بحيث لا تبلغ إليها المقارنة بأقوى المجاهر أو أدق التحليلات الكيماوية)[3 ]

    أما السعادين "النسانيس" فهي عرضة للإصابة بنفس الأعراض غير المُعدية التي يتعرض لها الإنسان، ولقد عرف "ريخر" بعد أن عكف طويلاً على ملاحظة نوع منها وهو المسمى "الحَوْدَل الإزاري" في مواطنه أن هذا السعدان كثير الاستجابة للزكام "Coryza" بنفس أعراضه المعروفة، وأنّ الزكام إذا عاوده في فترات قريبة فقد يكون سبباً في إصابته بالسّل " Tuberculosis "، وتصاب تلك السعادين أيضاً بأمراض: مرض التهاب الأمعـاء "Enteritis الحمره "Schweinerotlauf" ومرض بياض العين "Albugina ocali". كما لاحظ أنّ صغارها قد تموت وهي تشقُّ أسنان اللّبن. وللعقاقير فيها نفس تأثيرها في الإنسان . وكثير من السعادين تهوى شرب القهوة والشاي والمشروبات الكحولية، وتدخن الطباق بلذة متناهية.[4 ]

    ويؤكد برهم أنّ سكان شرقي أفريقية يصطادون الرّبابيخ وهي جنس من السعادين الكبيرة بأن يَترُكوا بمقربة من مرابعها أوعية مفعمة ببوظة المريسة لتشرب منها حتى تثمل. ويستطرد برهم أنّه رأى بعض تلك السعادين وكانت مأسورة عنده في مثل هذه الحال، ووصف من تصرفاتها وسـلوكها وحركاتها ما يُضحِكُ وَيُسـَلي، وأردف قائلاً: أنها في صبيحة اليوم التالي كانت في خُمار شديد، كظيمة خائرة القوى، تُمْسِكُ رؤوسها المصدعة بيديها معبرة عن آلامها بما يثير الشفقة بها والعطف عليها، فإذا قدّمت لها المريسة أو الخمر ثانية عافتها وتنكرت لها ورفضتها، واستحبت شراب الليمون.[5 ] وعرف عن سعدان أمريكي من نوع الكهول خَمِرَ مَرَةً بشراب البراندي فعافه ولم يمسه مرة أخرى، ويعلق الكاتب على ذلك الحادث قائلاً (فكان بذلك أعقَلَ من أبناء آدم)[6 ]

    ويستدلون بأمثال تلك الحوادث على بساطتها بأنها تظهر إلى أي حد تصل المشابهة بين أعصاب الذّوق في الإنسان وبين أعصاب الذّوق في السعدان وعلى أي صورة من التماثل يتأثر الجهاز العصبي في كليهما، وقد قمت بتفسير وتعليل أسباب تلك الظواهر في فصل لاحقٍ من الكتاب تحت عنوان "الإدراك الفكري والتمييز الغريزي" فيمكن الرجوع إليه لمن شاء.[7 ]

    يغزو الإنسان طفيليات جوفيـة " Entozoan " كثيراً ما يكون لها آثاراً مهلكة، كما أنه يصاب بطفيليات خارجيـة "Entophyte"، وكلها ترتد إلى ذات الأجناس أو الفصائل التي تصيب غيره من الثدييات، وفي مرض الجرب "Scabies" تكون من نفس النَّوع في كليهما، ويتعرَّض الإنسان كما تتعرض الحيوانات والطيور وحتى الحشرات لحكم تلك السُّنَة الخفية التي تسبب مظاهر سوية في الأفراد كالحمل ونضوج حضانة بعض الأمراض ومداها، والجروح في الإنسان تلتئم بنفس الطريقة التي تلتئم بها في الحيوان، وكذلك الجذامير التي تتخلف بعد بتر بعض أطرافه وبخاصة في بداية الطور الجنيني كثيراً ما تكون حائزة للقدرة على التّجدد كما يشاهد في أحط صور الحيوان.[8 ]

    مما تقدم يذهبون إلى أنَّ علاقة الإنسان بما هو أدنى منه في عالم الحيوان هي علاقة تتجاوز وتتخطى حدُّ التّشابه الظاهري، بل تتخطى هذه العلاقة الظاهرية إلى علاقة النشأة والدّم والاستعداد الفسيولوجي، ويؤكد فون باير " Von Baer " أنه عندما يتقدم تخلّق الجنين البشري شيئاً ما تبدو أطرافه " اليدان والساقان " متخلقة على نفس الصورة السّوية التي تظهر بها أرجل العظايا "السّحالي" وذوات الثدي وأجنحة الطيور وأرجلها.[9 ] ويستندون في ذلك أيضأ إلى قول المُشَرِّح بيشوف حيث يقول: (إنَّ تلافيف الدّماغ في الجنين البشري عندما يبلغ الشهر السابع من العمر يكون مماثلاً من حيث النّماء والتكوين لدماغ الحبن[10 ] عند البلوغ ).[ 11] إلا أنَّ بيشوف نفسه يقول: (من المسَلّم به أن كل شق وكل طية في دماغ الإنسان لها ما يقابلها في الأرطان[ 12] وهو نوع من القردة، ولكن دماغيهما لا يتماثلان في أي طور من أطوار نمائهما، وذلك يعني عدم تماثلهما) إلى أن يخلص إلى نتيجة عدم تماثلهما ليبرهن على تفارقهما أصلاً، وذلك يعني عدم تماثل القدرات العاقلة في كليهما.[ 13]

    أمّا العالم الطبيعي الإنجليزي "توماس هنري هكسلي" وهو عالم تشريح أيضاً ومن أشهر من ناصر داروين في الترويج لمذهبه فيقول: (في مدارج متقدمة من تطور الجنين البشري تبدو الانحرافات التي تميزه عن جنين القرد، في حين أنَّ جنين القرد ينحرف عن جنين الكلب في تخلقه بمقدار ما ينحرف جنين الإنسان عن جنين القرد، وبالرغم مما في هذه الحقائق من الرّوعة البالغة فإنها حقائق ثابتة تؤيدها المشاهدة.)[14 ]

    أمّا العلامة "ويمان" فقد وجد أنّ إبهام القدم في جنين بشري طوله بوصة واحدة يكون أقصر من بقية الأصابع ويبرز منحرفاً عن القدم مكوناً في انحرافه زاويةٌ حادّة مقدارها كنفس مقدار نفس الزاوية التي ينحرف بها عن إبهام القدم في بقية الأصابع في الأيودات التي هي القردة بِأجناسـها الأربعـة المعروفـة "الغرلي، الشمزي، الأرطان والحبن). في حين أنَّ المشرح المعروف ريتشارد أوين له رأي آخر في ذلك وهو أن إبهام القدم في الإنسان وهو مركز الاتزان عند الوقوف والمشي ربما يكون أخصٌُّ تركيب تشريحي فيه.[ 15]

    وخلاصة القول في هذا الموضوع عند علاّمتهم هكسـلي حيث يتساءل: هل يتولد الإنسان بأسلوب غير الأسلوب الذي تتولد فيه الكلاب والطيور والضفادع والأسماك وغيرها من ذوات الفقار؟ فيجيب على تساؤلاته قائلاً: (إنه لا يتردد لحظة واحدة في القول بأن أسلوب التّولد البشري وبخاصة في خلال المدارج الأولى من تخلقة الجنيني مماثل تماماً للأسلوب الذي تتوالد فيه أجنّة غيره من الحيوانات التي تنزل عنه في سلم التطور، وأنّ الإنسان من حيث علاقته النشوئية أقرب إلى القردة من علاقة القردة بجنس الكلاب، أي أن الفرجة بين الكلاب والقردة تتسع بينما تضيق بين الإنسان والقردة العليا)[16 ]
    ــــــــــــــــ الهامش ـــــــــــــــــ

    [1] المرجع، صفحة ( 53 ).
    [2] السعار: داء الكَلَب.
    [3] المرجع، صفحه ( 53 ).
    [4] المرجع، صفحه ( 54 ).
    [5] المرجع، صفحه ( 54 ).
    [6] المرجع، صفحه ( 54 ).
    [7] الباب الخامس - الفصل الثاني .
    [8] المرجع، الصفحات ( 54 – 55 ).
    [9] المرجع، صفحه ( 55 ).
    [10] الحبن هو نوع من " القرود المشابهة للإنسان ".
    [11] المرجع، صفحه ( 56 ).
    [12] الأرطان: إنسان الغاب، وهو نوع من " القردة المشابهة للإنسان ".
    [13] المرجع ، الصفحات ( 53 – 56 ) .
    [14] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).
    [15] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).
    [16] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).

    ـــــــــــــــــ99- 103 ـــــــــــــــــ

    منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

    www.sharabati.org

    يتبع على حلقات ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>

  3. افتراضي

    على هامش نظريات التطور والارتقاء المادي
    2. البهائم العجماء ، هل تشترك مع الإنسان في النّسَب والقرابة بالنشوء من أصل واحد؟


    أما داروين نفسه فيقول: (إنّ نظام العظام لهو نفسه في يد الإنسان وفي جناح الخفاش وفي زعنفة سلحفاة الماء وفي رجل الحصان، ونفس العدد من الفقرات هو في رقبة الزرافة ورقبة الفيل، وحقائق أخرى لا تعد كلها تغدو مفسرة واضحة في الحال على أساس نظرية التطور عن طريـق التحولات الطفيفة البطيئة المتتابعة. وكذلك تشـابه النظام بين جناح الخفاش ورجله رغم استعمالهما في غرضين مختلفيـن، وبين فك سرطان البحر ورجله، كلها يسهل فهمها على أساس

    التحول التدريجي للأشياء وللأجزاء أو الأعضاء التي كانت متشابهة في الأسلاف المبكرة في طائفة من الطوائف)[1 ]

    وتبريرات أخرى في نفس الموضوع لتأكيد الأصل المشترك الواحد: (إنَّ التراكيب في بعض الحيوانات لها أصل واحد، مثال ذلك الأطراف الخماسية الأصابع في جميع فقاريات اليابسة نجدها مبنية على نظام واحد وإن كانت تختلف أحياناً في الوظيفة التي تؤديها، ومثل تلك التراكيب تسمى بالتراكيب المتشابهة تركيبياً " homologous structures "، فجناح الخفاش ومجداف الحوت ورجل الكلب متشابهة تركيبياً وإن كانت تؤدي وظيفة واحدة هي المعاونة على الحركة ولكنها حركة تختلف من مثال لآخر، الأول في الطيران والثاني في السباحة والثالث في المشي، وتختلف أجنحة الحشرات عن أجنحة الطيور والخفافيش اختلافا تاماً في التراكيب ولكنها تتشابه في الوظيفة وهي معاونة الحيوان على الطيران، ومثل تلك التراكيب المتشابهة وظيفياً " analogous structures " وغني عن البيان أنها مختلفة الأصول، وهناك أمثلة لا حصر لها عن هذين النوعين من التراكيب.

    فالتعرف على التراكيب المتشابهة تركيبياً دليل قوي على التشابه الأساسي في التصميم، وهذا لا يمكن شرحه إلا بافتراض أنَّ الجماعات التي توجد بها هذه التراكيب لا بد أن تكون من اصل مشترك واحد.[2 ]

    عــوامــــل التطـــور[3 ]

    في سنة 1859 هاجم داروين بشدّة الاعتقاد بأنَّ كل نوع من الأنواع الحيّة قد خُلِقَ خَلْقاً مسـتقلاً Special creation، وأنَّ جميع الكائنات قد خُلِقَت من العدم، وأن الكائنات الموجودة هي ثابتة لم تتغيّر ولم تتطور، وأنها احتفظت على الدّوام بأشكالها التي خُلقت بها أولَ مرّة، فقد ادعي داروين أنّ الأنواع المختلفة نباتاً كانت أم حيواناً ومعها الإنسان إنما نشأت تدرجاً من طريق الاحتفاظ بمختلف التحولات التي تنشأ في أفراد كل منها، إلا أنّ هذا التَّحول قد استغرق أحقاباً طويلة وفقاً لما يقتضيه تأثير سنن طبيعية دائمة التأثير في طبائع الأحياء.

    سميت مقولة داروين تلك "نظرية التطور Evolution" ولقد شرح داروين أنَّ في مستطاع الإنسان أن يبتكر في السلالات الداجنة من صور مستحدثة بالانتخاب الاصطناعي Artificial selection وأنَّ في مكنة الطبيعة أن تستحدث مثله بالانتخاب الطبيعيNatural Selection، وإن كان الانتخاب الطبيعي أبطأ أثراً في تحول الأحياء بالانتخاب الصناعي.

    أمّا العوامل الطبيعية التي يؤدي فعلها إلى التّطور ونشوء الأحياء فحصرها في خمسة عوامل هي:

    1. الوراثة Heredity: ومحصلها أنَّ الشَّبه يأتي بمشابهه، فالسنانير لا تلد كلاباً بل سنانيراً، أي أنَّ صغار كل نوع تشابه آبائها، ذلك في النبات كما في الحيوان.

    2. التحولية "أي الاستعداد للتحول" Variability: وذلك أنَّ أفراد كل نوع تتشابه ولا تتماثل، أي لا تكون نسخة مطابقة لأصولها، فهي تشابه آبائها ولكن لا تماثلهم، ففي بطن من السنانير مثلاً لا تقع على اثنين متماثلين تماماً، وإن تشابه الجميع حتى في اللون فإنها تختلف في الظلال التي يمتد فيها اللون.

    3. التّوالد Nasality: وهو ناتج عن إسراف الطّبيعة، فإنَّ ما يولَد من النبات والحيوان أكثر مما يقدّر له البقاء، فالطبيعة تُسـرف في الإيجاد كما تسـرف في الإفناء، ومن هنا ينشأ العامل الرابع وهو:

    4. التناحر بين المخلوقات على البقاء Atuggle for existence : أو ما يسمى "تنازع البقاء Competition " وهو عامل غير منقطع الفعل ، فكل نبات أو حيوان يبرز في الوجود ينبغي له أن يسعى إلى الرّزق وأن يجالد في سبيل ذلك وأن يجاهد غيره ويصارعه على ضرورات الحياة مما ينشأ عن ذلك " بقاء الأصلح " :

    5. البقاء للأصلح Survival for the fittest: فالأفراد التي تتزود من بنائها بقوة أوفى أو حيلة أزكى أو تكون أقدر على مقاومة أفاعيل الطّبيعة تكون أكثر قابلية للبقاء، وإعقاب نسل فيه صفاتها التي مكنت له لها في الحياة.

    هذه هي العوامل التي تؤدي إلى الانتخاب الطبيعي مما يؤدي إلى تطور الأنواع مما يُحدث نشوء أنواع جديدة ذات قدرات وصفات مُحسّنة متطورة، ومما يذكر أنّ تلك العوامل هي المعتمدة في المذهب التّطوري الأكثر شيوعاً والذي ينتمي إليه غالبية دعاة التّطور وهو المذهب الدارويني، في حين أنّ هناك مذاهب تطورية أخرى تخالف داروين في عوامل التّطور معتمدة غيرها كما ذكرنا في فصل سابق.[4 ]


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
    [ 1] المرجع، صفحه ( 765 ).
    [ 2] دكتور فؤاد خليل وآخرين، علم الحيوان العام، صفحة ( 1102 ).
    [3] المرجع، الصفحات ( 38 – 39 ).
    [4] الفصل الثالث، أشهر المذاهب التطورية

    ـــــــــــــــــ99- 102 ـــــــــــــــــ

    منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

    www.sharabati.org


    يتبع على حلقات ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>

  4. افتراضي

    عــوامــــل التطـــور -2-

    [align=justify]والانتخاب الطبيعي في نظر داروين هو مصاحب لفكرة التكيف مع البيئة أو التبايؤ "Adaptation " أو هو نتيجة حتمية لها، الذي هو عملية يتكيف بها الحيوان أو النبات مع محيطه وإلا خيف عليه من الانقراض، كما يُعرَّف بأنّه وجود صفة أو صفات وراثية تزيد من قدرة الفرد على البقاء والتناسل في بيئته، فهو تَكَيُف الكائن الحي مع بيئته التي يعيش فيها.[1 ]

    والتكيف لا يشمل الشكل والتركيب فقط، بل يشمل الوظيفة أيضاً، فهم يقولون أنَّ الكائنات الحية تتكيف كل حسب ظروف البيئة التي تعيش بها، فمثلاً تختلف أشكال المناقير في الطيور لتلائم نوع الغذاء التي تقتات به، والأسماك تتكيف بطرق عديدة في الشكل والتركيب لتناسب الوسط المائي الذي تعيش به، وقد فسّرَ داروين التّكيف الذي لاحظه في الكائنات الحية بأنّه نتيجة للانتخاب الطبيعي. فالأفراد المتكيفة مع بيئتها قد انحدرت من أسلاف ذات صفات ملائمة للبيئة أكثر من باقي أفراد نوعها في تلك البيئة ونقلت بعامل الوراثة هذه الصفات إلى نسلها، وهكذا فالانتخاب الطبيعي ينتج أفراداً متكيفة مع بيئتها. لـــــذا فقد استحدثوا علماً منفرداً بذلك سموه "البيئيات" أو"علم الأحياء البيئي"[2 ] " ecology " "environmental biology" الذي هـو فـرع من علم الأحيـاء يعنى بعلاقـة المتعضيات[ 3] بعضها بالبعض الآخر وبعلاقتها بالبيئة الطبيعية، وهو يدرس في المقام الأول المناخ الجغرافي الملائم لحياة النوع، كما يدرس مسألة الغذاء لصلتها الوثيقة بالبيئة، ومسألة التكاثر والتناسل لأن هذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى مشاكل خاصة بالغذاء يضطر معها أفراد النوع إما إلى التكيف مع البيئة بالحد من التكاثر، أو إلى الهجرة إلى موطن آخر "emigration" أو البقاء بغير تكيف وبذلك يسير النوع في طريق الانقراض "extinction". وفي محاولتهم لإثبات مقولة الانتخاب الطبيعي فقد قاموا بإجراء تجارب في المختبر اعتمدوها للتدليل على مقولتهم منها: ( وضع في طبق معين 100 مليون خلية بكتيريا من نوع معين هو Staphylococcus aurous وقد عُرِضَ الطبق لجرعة بنسلين مخففة، فكانت النتيجة أن ماتت معظم الخلايا وبقي أقل من 10 خلايا تناسلت وأعطت نسلاً استطاع جميعه أن يقاوم هذه الجرعة المخففة، أما عند مضاعفة تركيز البنسلين في الطبق فقد ماتت جميع أفراد البكتيريا المقاومة للجرعة المخففة تقريباً ولم يبق سوى أفراد قليلة جداً. وقد أعيدت تلك التجربة خمس مرات فكانت النتيجة الحصول على بكتيريا تستطيع مقاومة جرعة بنسلين أقوى من الجرعة التي استخدمت في الجرعة الأولى 2500 مرّة، والحقيقة أنّ هذه البكتيريا المقاومة للبنسلين هي من نسل الأفراد القليلة التي كانت تنتخب في كل جيل، أي أنَّ هذه البكتيريا المقاومة هي نتيجة الانتخاب الطبيعي، وليست هي التي قامت بتكوين المقاومَة ضد البنسلين.)[4 ]

    ومثال آخر يوضح أثر الانتخاب الطبيعي هو الذباب وأحد المبيــدات الحشرية "D.D.T." الذي عندما استعمل لأول مرّة للقضاء على ذباب المنازل كان ناجحاً، على أننا ما لبثنا بعد عدة سنوات أن وجدنا أنّ ألذباب أصبحت له مناعــة


    لتلك المادة، وتفسير ذلك أنه في السنة الأولى لاستعمال ذلك المبيد الحشري قتل تقريباً جميع الذباب ما عدا قليل لم يقتل بسبب اختلافات وراثية موجودة به مميزة عن غيره من بقية الأفراد وتضفي عليه مناعة ضد المبيد الحشري، فكانت النتيجة أن بقي هذا العدد القليل وتناسل فأنتج أفراداً ذات مقاومة، وعندما اسـتعمل ألـ " D.D.T. " بعد ذلك أصبح أقل تأثيراً وبقي الذباب المقاوم له بسـبب الانتخاب الطبيعي وماتت الأفراد القليلة غير المقاوِمَة، وكان كلما يستعمل آل " D.D.T. " يبقى عندنا أكثر الذباب المقاوم حتى أصبح معظم الذباب الموجود في المنازل مقاوماً لمادة أل " D.D.T" ويردون ذلك إلى أنّ الانتخاب الطبيعي هو الذي أنتج لنا الذباب المقاوم وليس مبيد أل "D.D.T.".[ 5]

    ومثال آخر لوحظ في التلال الصغيرة ذات الرمال البيضاء، ففي نيو مكسيكيو شوهد أنَّ الحيوانات الموجودة عليها كالسحالي والحشرات والفئران كلها ذات لون أبيض تقريباً، بينما الحيوانات الموجودة حول تلك التلال حيث الرمال الحمراء كلها كانت ذات لون أحمر، أي أنَّ لون الحيوان يكون حسب لون الوسط الذي يعيش فيه، فيفسرون وجود الحيوانات بتلك الألوان في هذين الوسطين بالانتخاب الطبيعي أي من نتائجه، إذ أن كل وسط كان يحوى حيوانات ذات ألوان أخرى بالإضافة إلى المشابهة في ألوان تلك الحيوانات المخالفة للون الوسط لأنه يسهل رؤيتها من قبل أعدائها المفترسة، بينما بقيت الحيوانات ذات اللون المشابه للوسط لصعوبة رؤيتها من قبل أعدائها.[6 ]

    هذه هي عوامل التطور في مذهب داروين وهو المذهب التّطوري الأكثر شيوعاً، في حين أنَّ مذاهب أخرى ترجعها إلى عوامل أخرى، وأشهر تلك المذاهب هو مذهب لامارك الذي يردها إلى عاملين أو قانونين:


    [1] قانون الاستعمال والإهمال. [2] قانون توارث الصفات المكتسبة.[7 ]

    في حين أنَّ دي فريز مثلاً يُرجع التّطور إلى عامل واحد فقط هو "الطفرة Mutation" والتي تعني التّحول المفاجئ الذي يطرأ على المادة الوراثية في الكائن الحي تؤثر على الحامض النووي " DNA " الذي تتركب منه الجينات فيؤدي إلى نشوء مواليد جديدة ذات خصائص لم تكن لأي من الأبوين المنتجين.[8 ]

    أما "مذهب أرسطو" فيرجع ذلك إلى قانون الخلق التلقائي "Spontaneous generation" والذي يطلق عليه أيضاً التّولد الذاتي "A biogenesis autogenesis" وهي نظرية حاولت أن تفسر نشوء الحياة من مادة غير حية، ووفقاً لهذه النظرية اعتقد بعض الناس بأن قطع الجِبْن وكِسر الخبز الملفوفة في أسمال بالية والملقاة في زاوية مظلمة كانت تولد بعض الفئران، وذلك بسبب ظهور تلك الفئران في تلك الأسمال البالية بعد أسابيع محدودة، وقد آمن كثيرون بتلك النظرية لأنه كان يقدم لهم تفسيراً لظهور اليرقات على اللحم الفاسد، حتى إذا كان القرن الثامن عشر أصبح واضحاً أنَّ المتعضيات العليا لا يمكن أن تنشأ من مواد غير حية، علماً بأن علمائهم لم يتركوا تلك المقولة نهائياً وبشكل حاسم، إذ أنّ مسألة نشوء المتعضيات المجهرية كالبكتيريا مثلاً لم تُحْسَم لديهم نهائياً إلا بعد أن اثبت باسـتور في القرن التاسع عشر أنَّ المتعضيات المجهرية تتكاثر أو تتوالد.[ 9]

    ـــــــ الهامش ـــــــ

    [1] د. عدنان بدران وآخرين، البيولوجيا، صفحه ( 125 ).
    - موسوعة المورد العربية ، منير البعلبكي ، جزء ( 1 ) صفحه ( 296 ) .
    [2] البيئيات، علم الأحياء البيئي: فرع من علم الأحياء يُعنى بعلاقة المتعضيات بعضها ببعضها الآخر، وبعلاقتها ببيئتها الطبيعية.ينقسم عادةً إلى فرعين رئيسيين: بيئيات الحيوان وبيئيات النبات. وهو يدرس في المقام الأول المناخ الجغرافي الملائم لحياة النوع، كما يدرس مسألة الغذاء لصلتها الوثيقة بالبيئة، ومسألة التكاثر والتناسل لأن هذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى مشكلات خاصة بالغذاء يُضطر معها أفراد النوع إلى اتخاذ واحد من ثلاثة سبل: التكيف مع البيئة للحد من التكاثر، أو الهجرة إلى موطن آخر، أو البقاء دون تكيف وبذلك يسير النوع في طريق الانقراض. – علم البيئة البشري علاقة الإنسان ببيئته الطبيعية، كما يدرس مشكلات معقدة أخرى كالهجرة من الأرياف إلى المدن، ونشوء المجتمعات الصناعية، وغير ذلك من المسائل الناشئة عن التطور الاجتماعي المتسارع.
    [3] المتعضي " Organism " : كائن حي مؤهل للعيش بالاستعانة بأعضاء منفصلة من حيث الوظيفة، ولكن بعضها يعتمد على البعض الآخر. والحيوانات والنباتات كلها متعضيات. وبعض المتعضيات بالغ الصغر إلى حَد يتعذر معه رؤيته بالعين المجردة، ومن أجل ذلك ندعوه " المتعضي ألمجهري microorganisms " -
    [4] المصدر السابق، صفحه ( 126 ).
    [5] المرجع السابق، صفحه ( 127 ) .
    [6] المرجع السابق، صفحه ( 127 – 128 ) .
    [7] المرجع السابق، صفحه ( 124 ) .
    [8] المرجع السابق، صفحه ( 128 ). وموسوعة المورد العربية، المجلد الثاني، صفحه ( 740 ) .
    [9] موسوعة المورد العربية، المجلد الأول، صفحه ( 348 ).[/align]

    منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

    www.sharabati.org


    يتبع على حلقات ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>
    التعديل الأخير تم 09-24-2006 الساعة 10:18 PM

  5. افتراضي

    الخَلــق والصُّدفــة العشوائيـــة[1 ]

    يقول الفيلسوف "برتراند راسل": (ليس وراء الإنسان غاية أو تدبر، إنَّ نشأته وحياته وآماله ومخاوفه وعواطفه وعقائده ليست إلا نتيجة لاجتماع ذرات جسمه عن طريق المصادفة).[2 ]

    أما هُكسلي فبسذاجة متناهية وتبريرات واهية تنم عن طيش ورعونة وعن خيال واسع فيقول: (لو جلست ستة من القرود على الآت كاتبة وظَلَت تضرب على حروفها لملايين السنين، فلا نستبعد أن نجد في بعض الأوراق الأخيرة التي كتبوها قصيدة من قصائد شكسبير "!!!" فكذلك كان الكون الموجود الآن نتيجة لعمليات عمياء ظلَت تدور في المادة لبلايين السنين).[3 ] أما عالم البيولوجيا هيكل "Heckle " فقد تطاول أو تغابى حين قال في هرطقة متغابية: (ائتوني بالهواء والماء وبالأجهزة الكيماوية اللازمة وبالوقت وسأخلق الإنسان).[4 ]

    أما تاريخ الخلق فيحدده جورج جامبوفي كتابه "تاريخ الأرض" وفقا لمعاييره واستنتاجاته وتصوراته كما يلي: (إنَّ الكون قد بدأ تطوره منذ بليون بليون سنه، أما الأرض فقد نشأت حديثا جداً إذ لم توجد إلا منذ بليونين من السنين، وظهرت الحياة على الأرض من بليون سنه، وظهرت الحيوانات البرمائية منذ 200 مليون سنه، أما الحيوانات الثديية التي يعتبر الإنسان أحد فروعها فقد بدأ ظهورها منذ 120


    مليون سنه، والإنسان وهو أحدث الوافدين على الأرض إذ بدأ على صورته الإنسانية منذ 50 مليون سنه).[ 5] في حين أنَّ علماء الفلك والجيولوجيا والأحافير يقولون بأنَّ الزمن الذي انقضى منذ انفصال الأرض من السَّديم الأصلي حتى ظهور الإنسان يتراوح بين مليون سنة وبين خمسة عشر مليون سنة !!![6 ]

    أمّا دي نواي فتقول تقديراته: (لا بُدّ أنّ الأرض لم توجد إلا منذ بليونين من السنين، وأنّ الحياة – في أي صورة من الصُّور – لم توجد إلا قبل بليون سنة عندما بردت الأرض).[7 ]

    لقد فسّر التطوريون وجود هذا الكون بنظامه الفريد وقوانينه الدقيقة بواسطة "قانون الصدفة" الذي هو في رأي "سير جيمس جينز" ليس بكلام فارغ بل هو كما يعتقد ويجزم تماماً وبلى أدنى شك على "قوانين الصدفة الرياضية البحتةPurely mathematical Law of chance"[ 8]. لــذا فإنّ أحد العلماء الأمريكيين يعلق قائلاً: (إنّ نظرية الصدفة ليست افتراضاً إنما هي نظرية رياضية عُليا، وهي تطلق على الأمور التي لا تتوفر في بحثها معلومات قطعية، وهي تتضمن قوانين صارمة للتمييز بين الباطل والحق، وللتدقيق في مكان وقوع حادث من نوع معين، وللوصول إلى نتيجة هي معرفة مدى مكان وقوع ذلك الحادث عن طريق الصدفة).[9 ]

    أما "أ. كريسي موريسون A.Cresy Morrison" الرئيس السابق لأكاديمية العلوم بنيويورك فيعلق على قانون الصدفة قائلاً: (إنَّ حجم الكرة الأرضية، وبعدها


    عن الشمـس، ودرجة حرارة الشمس وأشعتها الباعثة للحياة، وسمك قشرة الأرض وكمية المـاء، ومقدار ثاني أكسيد الكربون وحجم النيتروجين، وظهـور الإنسـان وبقاءه على قيد الحياة، كل أولاء تدل على خروج النظام من الفوضى، وعلى التصميم والقصد، كما تدل أيضاً على أنه طبقاً للقوانين الحسابية الصارمة ما كان يمكن حدوث كل ذلك مصادفة في وقت واحد على كوكب واحد، مرة في بليون مرة – إن كان يمكن أن يحدث هكذا – ولكن لم يحدث هذا بالتأكيد. وحين تكون الحقائق هكذا قاطعة، وحين نعترف كما ينبغي لنا بخواص عقولنا التي ليست مادية، فهل في الإمكان أن نعقل البرهان ونؤمن بمصادفة واحدة في بليون ونزعم أننا وكل ما عدانا نتائج المصادفة؟

    لقد رأينا أنَّ هناك 999 999 999 فرصة ضد واحد أي ضد الاعتقاد بأنّ جميع الأمور تحدث مصادفة، والعلم لا ينكر الحقائق كما بيناها، وعلماء الحساب يقرون أن هذه الأرقام صحيحة، والآن تقابلنا مقاومة عنيدة من العقل البشري الذي يكره النزول عن أفكار مستقلة، لقد كان اليونان القدماء يعرفون أنّ الأرض كروية، ولكن مضى ألفا سنة ليؤمن الناس بصدق هذه الحقيقة.[ 10] إنّ الأفكار الجديدة تلقى معارضة وسخرية وذماً ولكن الحقيقة تبقى وتثبت.

    وهنا أكرر القول بأنّ قصدي من هذه المعالجة للمصادفة هو أن أبين بطريقة علمية واضحة تلك الحدود الضيقة التي يمكن الحياة بينها أن توجَدَ على الأرض، وان اثبت بالبرهان القطعي الواقعي أنّ جميع مقومات الحياة الحقيقية ما كان يمكن أن توجد على كوكب واحد في وقت واحد بمحض المصادفة ).[11 ]


    أما البروفيسور "أيودين كونكلين" فيعلق على قانون الصدفة قائلاً: (إنَّ القول بأنَّ الحياة وجدت نتيجة حادث اتفاقي شبيه في مغزاه بأن تتوقع إعداد معجم ضخم نتيجة انفجار صدفي في مطبعة).[ 12]

    أما عالم الأعضاء الأمريكي "مارلين ب. كريدر" فيقول "(إنّ الإمكان الرياضي في توفر العلل اللازمة للخلق - عن طريق الصدفة - في نسبها الصحيحة هو ما يقرب من لا شيء).[ 13]، ويقول "جون كليفلاند كوثران"[ 14] في مقال له بعنوان "النتيجة الحتمية":
    (إننا لنرى أنّ التطورات الهامة التي تمت في جميع العلوم الطبيعية خلال المائة سنة الماضية بما في ذلك الكيمياء قد حدثت بسبب استخدام الطريقة العلمية في المادة والطاقة. وعند استخدام هذه الطريقة تبذل كل الجهود للتخلص من كل احتمال من الاحتمالات الممكنة التي تجعل النتيجة التي نصل إليها راجعة إلى محض المصادفة. وقد أثبتت جميع الدراسات العلمية بصورة ثبتت في الماضي ولا تزال ثابتة في الحاضر أنّ سلوك أي جزء من أجزاء المادة مهما صغر أو تضائل حجمه لا يملك أن يكون سلوكاً عشوائياً، بل أنه على النقيض من ذلك يخضع لقوانين طبيعية محددة. وفي كثير من الأحيان يتم اكتشاف القانون قبل اكتشاف أسبابه أو فهم طريقة عمله بفترة طويلة من الزمن، ولكن بمجرد معرفة القانون وتحديد الظروف التي يعمل في ظلها يثق الكيمويون فيه كل الثقة، ويظل القانون عاملاً ومؤدياً إلى نفس النتائج.

    >>>>> الهامش <<<<<

    [1] صدفةُ. صادفهُ. مصادفة: لَقِيَهُ على غير موعد ولا توقع. والعشوائية: عدم التعمد والتقصّد.
    [2] Limitations of science .
    - الله يتجلى في عصر العلم ، صفحه ( 51 ) .
    [3] كتاب " الإسلام يتحدى "، صفحه ( 72 ) نقلاً عن: The Mysterious Universe. pp. 3-4
    [4] المصدر السابق، صفحه ( 78 ).
    [5] جورج جامبو، تاريخ الأرض.
    [6] المرجع، صفحه ( 44 ).
    [7] الإسلام يتحدى، صفحه ( 76 )، نقلا عن: Human Destiny, pp. 30-36
    [8] المصدر السابق، صفحه ( 73 )، نقلا عن: Mysterious Universe pp.3
    [9] الإسلام يتحدى، صفحه ( 73 ( نقلا عن: The Evidence of Gad pp23.
    [10] في حين أن كروية الأرض هي نظرية افتراضية وليست من الحقائق، فقد ثبت أنها بيضوية الشكل " دحي " كما وصفها القران الكريم " والأرض وما دحاها " – الشمس ( 6 ). – المؤلف -
    [11] أ. كريسي موريسون في كتابه " العلم يدعو للإيمان " الصفحات ( 191 – 196 ). بحث المصادفة.
    والكتاب ترجمة لكتابه " Man does not stand alone " أي " الإنسان لا يقوم وحدة.
    [12] الإسلام يتحدى، صفحه ( 72 )، نقلا عن: The Evidence of God p. 174
    [13] المصدر السابق، صفحه ( 77 ). نقلا عن: Ibid, p. 67.
    [14] جون كليفلاند كوثران، هو من علماء الكيمياء والرياضة، حائز على دكتوراه من جامعة كورنل، رئيس العلوم الطبيعية - بجامعة دولت
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر



    www.sharabati.org

    يتبع على حلقات ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>
    التعديل الأخير تم 10-04-2006 الساعة 05:32 PM

  6. افتراضي

    الخَلــق والصُّدفــة العشوائيـــة[2]


    وليس من المعقول أن يكون لدى الكيماويين كل هذه الثقة في القوانين الطبيعية لو أنَّ سلوك المادة والطاقة كان من النوع العشوائي الذي تتحكم فيه المصادفة، وعندما يتم أخيراً إدراك الأسباب التي تجعل هذا القانون الطبيعي عاملاً وتفسر لنا حقيقته، فإنّ أي أثر لفكرة العشوائية أو المصادفة في سلوك المادة أو الطاقة سوف يندثر اندثاراً تاماً.

    ومنذ مائة سنة تقريباً رتَّبَ العالم الروسي "مانداليف" العناصر الكيماوية تبعاً لتزايد أوزانها الذرية ترتيباً دورياً، وقد وجد أن العناصر التي تقع في قسم واحد تؤلف فصيلة واحدة ويكون لها خواص متشابهة، فهل يمكن إرجاع ذلك إلى مجرد المصادفة؟

    وهل يمكن أن نفسر على أساس المصادفة ما توصل إليه العلماء السابقون من تفاعل ذرات عنصر (أ) مع ذرات عنصر (ب) وعدم تفاعلها مع عنصر (ج)؟ كلا. إنهم قد فسروا ذلك على أساس أنّ هناك نوعاً من الميل أو الجاذبية بين جميع ذرات عنصر (أ) وجميع ذرات عنصر (ب)، ولكن هذا الميل أو الجاذبية منعدم بين ذرات عنصر (أ) وبين ذرات عنصر (ج) ....... فهل يتصور عاقل أو يفكر أنَّ المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة؟. لا شك أنَّ الجواب سيكون سلبياً. بل إنّ المادة عندما تتحول إلى طاقة أو تتحول الطاقة إلى مادة فإنَّ ذلك يتم طبقاً لقوانين معينة، والمادة الناتجة تخضع لنفس القوانين التي تخضع لهل المادة المعروفة التي وُجدت قبلها.

    وتدلنا الكيمياء على أنَّ بعض المواد في سبيل الزوال أو الفناء، ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة والآخر بسرعة ضئيلة، وعلى ذلك فالمادة ليست أبدية[1 ]، ومعنى ذلك أيضاً أنها ليست أزلية[2 ] إذ أنَّ لها بداية، وتدل الشواهد من الكيمياء وغيرها من العلوم على أنَّ بداية المادة لم تكن بطيئة أو تدريجية بل

    وُجدَت بصورة فجائية، وتستطيع العلوم أن تحدد الوقت الذي نشأت فيه هذه المواد، وعلى ذلك فإنَّ هذا العالَم المادي لا بُدّ أن يكون مخلوقاً، وهو منذ أن خُلق يخضع لقوانين وسنن كونية محددة ليس لعنصر المصادفة بينها مكان.

    فإذا كان هذا العالَمُ المادي عاجزاً عن أن يخلق نفسه أو يحدد القوانين التي يخضع لها فلا بدَّ أن يكون الخلق قد تمَّ بقدرة كائن غير مادي. وتدل الشواهد جميعاً على أنَّ الخالق لا بُدَّ له أن يكون متصفاً بالعقل والحكمة. إلا أنَّ العقل لا يستطيع أن يعمل في العالم المادي دون أن يكون هناك إرادة. ولا بدَّ لمن يتصف بالإرادة أن يكون موجوداً وجوداً ذاتياً. وعلى ذلك فإنَّ النتيجة المنطقية الحتمية التي يفرضها علينا العقل ليست مقصورة على أنَّ لهذا الكون خالقاً فحسب، بل لا بُدَّ أن يكون هذا الخالق حكيماً عليماً قادراً على كل شيء حتى يستطيع أن يخلق هذا الكون وينظمه ويدبره، ولا بد أن يكون هذا الخالق دائم الوجود تتجلى آياته في كل مكان. وعلى ذلك فإنه لا مفر من التسليم بوجود الله خالق هذا الكون ومدبره وموجهه. إنَّ التّقدم الذي أحرزته العلوم منذ أيام "لورد كلفن" يجعلنا نؤكد بصورة لم يسبق لها مثيل ما قاله من قبل من أننا إذا فكرنا تفكيراً عميقاً فإنَّ العلوم سوف تضطرنا إلى الإيمان بالله ).[3 ]

    أما "جورج هربرت بلونت" [4 ] فيقول في مقال له بعنوان "منطق الإيمان" :

    (... فالأدلة الكونية تقوم على أساس أنَّ الكون متغير، وعلى ذلك لا يمكن أن يكون أبدياً، ولا بد من البحث عن حقيقة أبدية عليا، أما الأدلة التي يبنى على أدراك الحكمة فتقوم على أساس أنَّ هنالك غرضاً معيناً أو غاية وراء هذا الكون ولا بد


    لذلك من حكيم أو مدبر، وتكمن الأدلة الإنسانية وراء طبيعة الإنسان الخلقية، فالشعور الإنساني في نفوس البشر إنما هو اتجاه مشروع أعظم.

    ولما كان اشتغالي بالعلوم ينحصر في التحليل الفيزيائي، فإنَّ الأدلة التي يتجه إليها تفكيري تعتبر من النوع الذي يبحث عن حكمة الخالق فيما خلق. ولاكتشاف القوانين التي تخضع لها الظواهر المختلفة لا بُدَ من التسليم أولاً بأنَّ الكون أساسه النظام، ثم يتجه الباحث نحو كشف هذا النظام.... ولا يمكن أن يتصور العقل أنَّ هذا النظام قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم أو من الفوضى، وعلى ذلك فإنَّ المفكر لا بد وأن يصل ويسلم بوجود إله منظم لهذا الكون[5 ]، وعندئذ تصير فكرة الألوهية إحدى بديهيات الحياة، بل الحقيقة العظمى التي تظهر في هذا الكون والمطابقة بين الفرض والنتيجة تعد برهاناً على صحة هذا الفرض. والمنطق الذي نستخدمه هنا هو أنه إذا كان هنالك إله فلا بد أن يكون هنالك نظام، وعلى ذلك فما دام هنالك نظام فلا بد من وجود إله.... فإذا قارنا بين الشواهد التي يستدل بها المؤمنون على وجود الله، وتلك التي يستدل بها الملحدون في إنكار ذاته العلية، يتضح لنا أنَّ وجهة نظر الملحد تحتاج إلى تسليم أكثر مما تحتاج إليه وجهة نظر المؤمن، وبعبارة أخرى نجد المؤمن يقيم إيمانه على البصيرة، أما الملحد فيقيم إلحاده على العمى، وأنا مقتنع أن الإيمان يقوم على العقل، وأنَّ العقل يدعوا إلى الإيمان)[ 6]

    أما "وحيد الدين خان" فيقول: ( ولو افترضنا أنَّ المادة وُجدَت بنفسها في الكون، وافترضنا أيضاً أنَّ تَجَمعها وتفاعلها كان من تلقاء نفسها – ولست أجد أساساً لأقيم عليه هذه الافتراضات – ففي تلك الحال أيضاً لن نظفر بتفسير الكون، فإنَّ صُدفَة أخرى تحول دون طريقنا، فلسوء الحظ أنَّ الرياضيات التي تعطينا نكتة


    الصُدْفَة الثمينة هي نفسها التي تنفي أي مكان رياضي في وجود الكون الحالي بفعل قانون الصدفة).[7 ]

    أما العالِم الطبيعي "إسحاق نيوتن" فيقول: (لا تشكوا في الخالق فإنه مما لا يعقل أن تكون المصادفات وحدها هي قاعدة الوجود)[8 ].

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
    [1] الأبدي هو دائم الوجود.
    [2] الأزلي هو ما لا أول له ولا آخِر.
    [3] كتاب " الله يتجلى في عصر العلم " الصفحات ( 21 – 25 ). والكتاب هو النسخة العربية لكتاب: " The Evidence of God ".
    [4] جورج هربرت بلونت: أستاذ الفيزياء التطبيقية، وكبير المهندسين بقسم البحوث الهندسية بجامعة كاليفورنيا.
    [5] الكون: هو مجموعة الأجرام السماوية.
    [6] المصدر السابق، الصفحات ( 78 – 83 ).
    [7] وحيد الدين خان، كتاب "الإسلام يتحدى"، صفحه (73)، وهو النسخة العربية المترجمة للكتاب باللغة الأردية باسم: Jadeed Ka challenge. ؛ Ilmeَ
    [8] العبادة في الإسلام، يوسف القرضاوي، صفحه ( 17 ).


    منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر


    الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي
    www.sharabati.org

    يتبع على حلقات ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>

  7. افتراضي

    الفصل الرابع عشر

    هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟


    تصور العلماء أنَّ "إنسان نياندرتال" كان وجهه يشبه وجه القرد حيث اختفى من أوروبا بطريقة غامضة!!! ومع الوقت اكتُشِفَت عشرات من قطع العظام في جنوب وشرق أفريقيا في محاولات مضنية للتعرف على الأجداد المفقودين في جب النشوء والارتقاء حيث تضاربت فيه الآراء، إلا أن إنسان نياندرتال كان جسمه براميلياً مكتنز اللحم كالإسكيمو وذو أنف عريض واسع ليدفيء الهواء البارد الذي كان يستنشقه في أصقاع أوروبا حيث كان يعيش في أواخر العصور الجليدية المتعاقبة.[1 ] ويعتبرون أنّ الإنسان الأول كان منتصب القامة، خرج من أفريقيا، وكان يصنع الآلة الصوانية كالفؤوس والأسلحة والمكاشط والشفرات الحادة. ويختلف إنسان نياندرتال عنه بأنفه العريض وضخامة عظام فكه وكبر حجم أسنانه الأمامية. لكنَّ العُلماء اكتشفوا فيما بعد عظاماً أقدم لها ملامح تشريحية مختلفة ولم يعد بعدها نياندرتال الجد الأول ... لهذا يظلُّ البحث جارياً عنه.[ 2]

    والخطوات الأولى لسيناريو البشر منتصبي القامة أظهرتها – كما يَدَّعون – الحفائر التي اكتشفت في جنوب وشرق أفريقيا عندما عثر العلماء على آثار أقدام مطبوعة فوق رماد بركان قديم عندما عبرت الرئيسيات سهول تنزانيا في لاتولي منذ 3.6 مليون سنة، وهذا الاكتشاف جعل "فيونامارشال" يبذل كل جهوده للحفاظ على هذه البصمات القدمية لأنَّ علماء الوراثة من خلال تفسيرهم الجنيني اكتشفوا أنَّ الإنسان العاقل كان يعيش في أفريقيا وآسيا قبل ظهور "إنسان نياندرتال" لأنَّ أول إنسان ظهر منتصب القامة كان منذ نحو 1.5 مليون سنة في "بدو بأثيوبيا" و "ندوتو بتنزانيا" لأن ما وجد من عظامه كانت سميكة ومتينة عن ذي قبل مما يُمَكِنَهُ من الوقوف عليها بسهولة.[ 3]

    أما الكاتب "ريك جو" وزميله المصور "كينيث جاريف" فقد سافرا مئات الأميال إلى تنزانيا وجنوب أفريقيا للتّعرف على الأسلاف ولمعرفة كيف خطا الإنسان أولى خطواته على قدميه فوق الأرض... وفي جنوب أفريقيا شاهد الكاتب حفائر معظمها اكتشف هناك بواسطة علماء جامعة جوهانسبرج، وقاموا من خلال دراستها باكتشاف الخطوات الأولى لأشباه الإنسان قبل أن يصبحوا بشراً وأوعزوا نسبه إلى القرد، كما أكدوا على أنَّ ثمة مجموعتين للبشريات قد ظهرتا خلال أربعة ملايين سنة، إحداها الجنس البشري الذي ظهر منذ 2.5 مليون سنة، وقالوا أن المجموعتين شملتا ظهور الإنسان الماهر والإنسان العاقل والإنسان منتصب القامة، لكنَّ العُلماء ما زالوا حائرين في كيف وأين حلَّ الجنس البشري محلَّ أشباهه الأوسترالوييثكيسين الذين كانوا يشبهون القردة بأمخاخها الصغيرة إلا أنهم كانوا يسيرون على أقدامهم.[ 4]

    والأسترالوبيثكس أو"شبيه الإنسان" كان عالِم التَشريح "ريمون دارت" هو أول من ادعى اكتشاف أول حفرية لها عام 1925 بكهف "توانج" الحجري بجنوب أفريقيا..... وكانت لطفل عمره 2.5 مليون سنه، واعتبر علماء جنوب أفريقيا أنَّ طفل توانج هو الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان حيث أطلقوا عليه اسم "استرا لوبيثكس أفريكارتر" أي "قرد جنوب أفريقيا". وبعد توانج اكتشـف العلماء عظاماً لعدة أنواع من شبيـه الإنسـان منها " H.Repust" وأنواع عائلة "لوسـي" الشهيرة التي عمرها 3.18 مليون سنة والتي اكتشفت عظامها في موقع "جيدار بأثيوبيا" عام 1974، واعتبر العلماء وقتها أنَّ لوسي هي "أم البشر"، ومع هذا فقد أعلن عالما الحفائر الألمانيان "بيتر شميديت" و "مارتن هوسلر" بجامعة زيورخ أنَّ لوسي ليست
    أم البشر كما يقال، بل ذكر كامل الذّكورة، وأكّد ذلك العالم "لوري هاجر" الذي شكك في أنوثتها مكذباً الادعاء بأنها أم البشر.[ 5] وقد اكتشف فريق جامعة بيركلي في بحيرة توركانا عظاماً عمرها 4.4 مليون سنة، واعتبر "هوايت" أنها لنوع آخر من أشـباه الإنسان سماه "راميدس" وقالوا أنّه همزة الوصل بين أسلافنا والشمبانزي.[ 6]

    وفي عام 1994 أعلن علماء الحفائر بجنوب أفريقيا عن مكتشفاتهم الحفائرية لشبيه الإنسان "أفريكاتر" مما جعلهم يؤكدون أنَّ شبيه الإنسان وُجِدَ أولاً في جنوب أفريقيا وليس شرقها، ويعلق العالم "بيرجر" من جامعة جوهانسبرج بأنَّ خاصية المشي على قدمين نشأت في موقعين: أحدهما في شرق أفريقيا حيث عاش والموقع الثاني في جنوب أفريقيا حيث كان نوع "أفريكاتر" الذي لم يكن بدائياً لأنَّ إصبعه يشبه إصبع الإنسان...[7 ]

    وقد نشرت دورية "العِلم" مقالاً تحت عنوان " متاهة البحث عن الجذور!!! علماء أستراليا يهدمون نظرية داروين.... القرد أصله إنسان ترك الأرض وتَسَلقَ الأشجار فحدث له التحول!!!" حيث قالت: (في جامعة كانبيرا أعلن علماء الأجناس الأستراليون أنَّ القرد أصلهُ إنسان وهدموا مؤخراً نظرية داوين وقلبوها، واعتبروا إنسان أسترالوبيتكس القديم جَدُ القرد الإنسان، ويقول الأستراليون أنَّ الإنسان انفصل منذ أربعة ملايين سنة، وهذا يخالف قول علماء أصول الإنسان من أنَّ الانفصال تم منذ ثمانية ملايين سنة، ويضيف الأستراليون في نظريتهم أنَّ القرد لم ينزل من فوق الشّجرة ليتطور لإنسان، لكنَّ الإنسان ترك الأرض وتسلق الأشجار وظلَّ هناك حتى أصبح قرداً)[ 8]
    ــــــــــ
    [1] مجلة العلم "، القاهرة – العدد 249 – يونيه 1997، صفحه ( 32 ).
    [2] المرجع السابق . والمبحوث عنه المقصود في نهاية الفقرة هو: " الجد الأول للإنسان ".
    [3] المرجع السابق.
    [4] المرجع السابق، صفحه ( 33 ).
    [5] المرجع السابق، الصفحات ( 33 – 34 ).
    [6] المرجع السابق، صفحه ( 34 ).
    [7] المرجع السابق، صفحه ( 34 ).
    [8] المرجع السابق، صفحه ( 31 و 32 ).


    منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

    الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي


    www.sharabati.org

    يتبع على حلقات ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>

  8. افتراضي

    الفصل الرابع عشر
    هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟
    الحلقة الثانية


    [RIGHT]يؤكد دعاة فكرة التطور أن الإنسان من سلالة القرود، ويقولون أنّ الهوة بين الإنسان وبين الحيوان قد ملأها "إنسان ما قبل التاريخ" أو "الإنسان القرد" – الذي لم يوجد قط – وفي ذلك تقول دورية "العلوم":

    (يتصور علماء التطور أجدادنا أجلافاً[ 1] وبلا ذنب، وهم أضخم بقليل من الإنسان القرد الذي يعيش في أيامنا هذه، وأنهم كانوا يتمتعون بعضلات وجه متحرك، ولكنهم لم يكونوا شديدي الذكاء، وكانوا يتسلقون الأشجار ويعيشون على الأكثر عليها كما يعيشون على وجه الأرض، وكانوا يستطيعون أن ينتصبوا انتصاباً غير تام، كما كانوا يمشون على أربع وعلى رجلين، ويبدو أنه لم تكن لهم لغة محكية.)[ 2]

    أي أنّه كان هناك على زعمهم إنسان قردي ذو جسم حيواني وعقل غير ناضج، يجتمع فيه في آن واحد صفات بشرية وأخرى حيوانية، إنسان لا يعقل إلا قليلاً ولا يتمكن عن التعبير عما يجيش في صدره بالكلام، وهذا القول الافتراضي يحتاج إلى برهان يُثبته، والجواب هو ما قدمه "جان روستان" في كتابه "التطور": (مازال البحث جارياً، وسيظل مستمراً وقتاً طويلاً لمعرفة الصلات الحقيقية لكل هذه الأشكال... هل الإنسان ينحدر من قرد يشبه الإنسان القردي الذي نعرفه؟ أو أنه ينحدر من قرد دون ذلك، أو من حيوان بدائي لا يستحق حتى اسم قرد؟)[3 ]

    يتضح مما تقدم أنَّ كل ذلك هو مجرد افتراضات وهرطقات لا تمت إلى الحقيقة بصلة ما دام من يقول بها لا يملك الدليل على صحتها، ومعنى ذلك أنه توجد صعوبة في إثبات تلك المقولــة بالبرهان الدامغ، لــذا فإنَّ الدوريـة نفسها تضيف قائلة : ( إنَّ إحدى الصعاب الرئيسية تكمن في ندرة وجود جماجم

    إنسان في المستحثات ذات دلالة حقيقية ، وكل ما وجد من جماجــم حتى الآن في توابيـت كبيرة، وكل ما فيها من عظام لا علاقــة له بالجمجمة)[4 ]

    أما الصعوبة الثانية فهي كما ذكرها "جوليان هكسلي" في كتابه "التطور على اعتبار أنه امتداد" حيث قال: (في أكثر الحالات يكون وصف النموذج الذي يقدمه العلماء الذين يكتشفونه ينطوي على أهمية خاصة، أو يحتل مكاناً مرموقاً في عالم نسبة الإنسان المباشر إلى الأجداد في مقابل نسبته إلى القرود. ولكن حظّ هذا القول من الواقع قليل، وفي حالة الكلام عن تطور الإنسان الأول قلما تكون الاستنتاجات مدعومة بدليل بسبب قلة الوثائق)[ 5]

    نعم، إنَّهُ مجرد وهم علق بمخيلتهم، إنها هرطقة يريدون وبكل الوسائل والأساليب إلباسها ثوب الحقيقة، ولكن فإنه لا دليل لديهم لدعم تلك الهرطقة سوى رغبتهم في نشر تلك المقولة، إنهم يحاولون التأويل والتأليف كيفما اتفق ليوهموا أنفسهم قبل أن يوهموا الناس أنّ في جعبتهم الأدلة والبراهين، إنّ كل ما تقدم لم يثنهم عن هرطقتهم أنَّ الإنسان وما يسمى بالإنسان القردي هما توأمان من أبوين من القرود!!!

    وفي إصرار عجيب تؤكد مجلة " العالم الحديث " تلك القرابة المزعومة قائلة: (إنَّ القرابة التي لا شكَّ فيها بين الإنسان والإنسان القردي تدل بصراحة أنَّ لهما جداً مشترَكاً، ولكن هذا الجد لم يوجد حتى الآن، وقد نجد صعوبة في التّعرُف عليه)[6 ]


    يتضح مما تقدم بجلاء أنَّ دعاة التّطور المنادين بتطور الإنسان من الإنسان القردي والذي بدوره قد انحدر من نفس الجد – وهو القرد أو السعدان – إنما يهرقطون بسفاسف القول، إنه الوهم الذي هم فيه عاجزون عجزاً كاملاً إثباته بدليل أو بشبهة دليل يُرضون به أنفسهم قبل أن يُقنعوا غيرهم من الناس، وفي ذلك تعترف جريدة "ستر دي ايفننج بوست" أنه على الباحثين عن أصل الإنسان أن يستمروا في البحث حتى يكتشفوا أصول أجدادهم القرود!!![7 ]

    وكما عجز داروين صاحب النظرية المشهورة أن يؤكد من هو جد الإنسان الأول – القرد أم السعدان – فإنَّ مؤلف كتاب "الإنسان الأول" يؤكد ذلك العجز صراحة حين يقول (من المؤسف أن تظل حتى الآن المرحلة الأولى من التطور الإنساني سراً غامضاً)[ 8]

    وفي أسلوب ينم عن اللباقة تفسر دورية "العلوم" الأمريكية العجز في ذلك قائلة:

    (إنَّ نوعية نسب أجداد الإنسان ما زالت نظرية محضة)[9 ] - أي ليست من الحقائق – وبنفس الأسلوب نجد أنَّ " علماء الإنسان القردي "قد وضعوا في مؤتمرهم المعقود سنة 1965 تواريخ اعتمدتها مجلة "نيو يورك تايمس" حيث قرروا: (إنَّ جهلنا بشجرة نسب الإنسان ما زالت حتى اليوم جهلاُ عجيباً فهناك ما زالت ثغرات.)[10 ] إلا أنهم مع ذلك وبتأكيد غريب مستهجن يدللون على وجود الإنسان القردي قائلين كما ورد في نفس المجلة: (منذ ما لا يقل عن ثلاثين مليون سنة بدأت تظهر الصفات التي تميّز الإنسان عن غيره من الحيوانات)[ 11] ويشير الجدول الذي اعتمدوه إلى التأكيد على أنّه في المقام الأول يوجد حيوان اسمه

    "Proplio Pithecus" يشبه القرد المسمى "غيبون Gibbon "[12 ] والذي وجدت عظامه في مصر.

    ـــــــــــــــــــــــــ

    [1] الجلف: الجافي في خَلْقِهِ وَحُلُقِه ، شُبّه بجلف الشاة ، أي أنّ جوفه هواء لا عقل فيه ، قال سيبويه: الجلف جمعها أجلاف ، ويطلق على الأحمق أنه جلف لضعف عقله.
    [2] خلق لا تطور، صفحه ( 95 )، نقلاً عن: دورية " العلوم Sciences "، عدد أيار سنة 1965.
    [3] المرجع السابق، نقلاً عن: ‘ كتاب " التطور Evolution "، جان روستان.
    [4] المصدر السابق، صفحه ( 96 )، نقلاً عن: دورية " العلوم Sciences "، عدد أيار سنة 1953.
    [5] المصدر السابق، نقلا عن:Julian Huxley. Evolution as a Process
    [6] المصدر السابق، صفحه ( 97 )، نقلاً عن: مجلة " العالم الحديث New Scientist " عدد 25 / 3 / 1965
    [7] خلق لا تطور، صفحه ( 97 )، نقلاً عن: Saturday Evening Post
    [8] المصدر السابق، نقلاً عن: كتاب " الإنسان الأول " Primates
    [9] المصدر السابق، نقلاً عن: مجلة " العلوم Sciences " عدد شهر 11 سنة 1966.
    [10] المصدر السابق، صفحه ( 98 )، نقلاً عن: مجلة " New York Times "، عدد 11 / 4 / 1965.
    [11] المصدر السابق.[/
    RIGHT]


    منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر

    الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي




    www.sharabati.org


    يتبع على حلقات ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>123

  9. افتراضي

    هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟
    الحلقة الثالثة*


    تلك كانت المرحلة الأولى من مراحل تطور وتحول الإنسان من قرد إلى إنسان، أمّا المرحلة الثانية فهي كما يقول جدولهم المعتمد: (إنَّ المرحلة الثانية كانت قبل 19 مليون سنة، وفيها ظهر حيوان تشبه أسنانه أسنان الإنسان والقردة)[1 ] لقد زعموا وجود بقايا من هذا الحيوان والذي أطلقوا عليه اسم "Dryopithecus"[ 2] في أفريقيا وفي أورازيا[3 ] وبعملية حسابية نجد أنّ الفرق بين الحيوان الأول وبين الحيوان الثاني هو فترة زمنية تقدر ب 11 مليون سنة ليس لدينا عنها أي علم في المستحاثات[ 4]. وتضيف المجلة (بعد انقراض الحيوان الثاني منذ نحو تسعة ملايين سنة لم نجد في الصخور أي معلومات خلال سبعة ملايين سنة)[5 ]. إلا أنَّ نفس المجلة وفي عدد آخر تستعمل الحكمة والتروي حتى يتم لهم الحصول على براهين مادية حيث تذكر: (إنَّ من الحكمــة ألا نؤكد بأنّ الصلة بين الإنسان القردي والإنسان تعتمد على شهادة المستحاثات بل ننتظر اكتشافات جديدة)[ 6]


    وفي نِسْـبـَة نَسـَب الإنسان إلى الجَد الذي ادعته دورية نيويورك تايمس الذي هو "Propilio "[7 ] فإنَّ علماء تطور آخرين يرفضون ذلك النَّسَب، ويوصلون النَّسَب بالقرد المعروف باسم "غيبون" ويقولون بأنّه "Dryopith"[ 8]، مع رؤيتهم أنَّ أقدم أجداد الإنسان القردي هو حيوان "Ramapith"[9 ] أي أنَّ لكل منهم روايات توهمها كيفما اتفق!

    وتدعي نفس المجلة أنه: (منذ نحو 12 مليون سنة أي في منتصف الطريق بعد ظهور الإنسان الأول "Dryopith" ظهرت مخلوقة جديدة أسمتها "Simiesque" لها ملامح الإنسان، اكتشفت في سلسلة جبال سيواليك)[ 10]

    يتضح بداهة أنَّ الجَد المزعوم "رامابيت" والجَد الآخر "أوسترالوبيت" الذي هو "الإنسان القردي الأفريقي" الذي يطلقون عيه اسم "Australo Pithecus" وهو الجَد الثاني المزعوم في سلسلة النَّسَب توجد بينهما ثغرة عميقة، وفي هذا تقول جريدة "أخبار العلوم" في عددها الصادر بتاريخ 28/1/1967: (من المؤسف أن يكون بين آخر رامابيت وبين أول أوسترالوبيت ثغرة تمتد نحو عشرة ملايين سنة ليس لدينا عنها أي أثر للمستحاثات وهكذا فأننا أمام هذه المعطيات نجد الصخور صامتة لا تدلي بأي دليل منذ 12 مليون سنة وحتى عشرين مليون سنة قبل عصرنا هذا)[11 ]

    والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل عاقل ويحتاج إلى إجابة مقنعة هو: من هو الجد رامابيت هذا، وما هي أوصافه، وما هو الدليل على أنَّ هذا المخلوق المدعى يتصل بنسب الأبوة إلى الإنسان؟


    ويجيب العلماء على هذا السؤال في مجلة " Saturday evening post ":

    ( لَعَلَّ الرامابيت كان الشمبانزي الصغير الذي يتمتع بأيد خفيفة وبخفة القرد، وقد يمكن أن يكون من أوائل المخلوقات التي عُرِفَت، ولكنه ليس بالمخلوق الأول في أُسرة الإنسان، وكان لا يقل ذكاء عن الشمبانزي الذي نعرفه الآن، وليس لدينا إلا فكرة عابرة عن صورة مقطوعة من فيلم طويل.)[12 ]

    والذي نفهمه من هذا النّص والأوصاف التي يقدمها لنا علماء التطور بأنّ الرامابيت كان حيواناً من أُسرة القرد الإنساني المزعوم أو القردة كبيرة الحجم، أما ادعائهم أنَّه كان في سلسلة نسب الإنسان فإنَهُ وَهم وخيال واسع لا يتصل إلى الحقيقة بسبب، لا سيما وأنَّ علماء تطور آخرين لا يؤكدون أنه داخل في سلسلة التطور الإنساني، ومن ذلك ما يقوله "د. كلارك" صاحب كتاب "أدلة المستحاثات على تطور الإنسان" فقد ذكر في كتابه المذكور:

    (يجوز لنا أن نتخيل صورة للمراحل التي تعترض بين أجدادنا المعروفة باسم "بيتوكويد Pithecoides" وبين "الأوسترالوبيت"، ولكن إذا انعدمت الأدلة الملموسة في المستحاثات تبقى الفكرة غير مقنعة.)[13 ]

    لعلّ... . ربما .... قد نتخيل هناك ثغرات من الحكمة ألا نؤكد ....... قد نجد صعوبة في التأكد ........



    وفي استعراض أقوالهم نجد أنه يغلب عليها ورود كلمات مثل: ( نتخيل. نظن. قَد. رُبَما. هناك ثغرات. من الحكمة ألا نؤكد، قلما تكون الاستنتاجات مدعومة بدليل. قد نجد صعوبة في التأكد. سِراً غامضاً. ما زالت محض نظرية. نتصور أنَّ. ما زال البحث جارياً... وهكذا) وهي كلها عبارات تشيكية لا تؤخذ على أنّ أصحابها قاطعون بصحتها، أو حتى أنّ لديهم ترجيحاً أو غلبة ظن بها، بل هي افتراضاتٌ وهمية لا أساس لها من الصّحة علقت بأذهانهم وطفقوا يألفون لها الأدلة التي عجزوا عن الإتيان بها، فلا يجوز أن يُكتفى بالتحدث عن سلسلة النّسَب النازلة عن الجَد الأكبر المشترك والمفترض افتراضاً بلا دليل حتى تنتهي إلى الأوسـترالوبيت المزعوم أيضاً في حين أنَّ تلك السلسلة ليست إلا هرطقات ونتيجة أوهام أتت من نزغ الشيطان، فلماذا يقبل عاقلٌ نظرية تقوم على تخيلات وأوهام لا تستند إلى أي دليل أو إثبات، وليس لها أي أثر في الواقع!!!

    إنّ الأخذ بتلك النظرية أو ما يناقضها هو أمر عقائدي، فالعقيدة هي فكرة كلية شاملة عن الكون والحياة والإنسان، وعما قبل الحياة الدنيا وعما بعدها وهذا يعني تصديق جاذم مطابق للواقع عن دليل. وذلك يحتم علينا أنَّ كل ما نأخذه كعقيدة يجب أن يكون قد أتى بدليل عقلي يجذم به ويجذم بفساد وبطلان ما يخالفه، لذا فإن إعطاء نظريات عقائدية بلا دليل يمكن الجذم به هو أمر مرفوض قطعاً، كما هو مرفوض أيضاً الاعتقاد بنظريات أتت بعبارات تشكيكية لأن تلك العبارات تدل على عدم وجود القطع والجذم عند القائلين بها، بل تدل على الظن والتوهم مما لا يجوز أخذه في الاعتقاد، وبالتالي لا مكان لها لأن تصبح فكرة كلية شاملة.
    ــــــــــــــــــــــــــ
    [*] منقول: موسوعة الخلق والنشوء ، حاتم ناصر الشرباتي، الصفحات ( 122-125 )
    [1] غيبون: قرد هندي ماليزي يتسلق الأشجار بخفة بسبب طول ذراعه.
    [2] المصدر السابق.
    [3] لا يوجد ترجمة عربية لهذا الاسم، ويختصر باسم " Droplio ".
    [4] أورازيا : اصطلاح يطلق على قارتي آسيا وأوروبا .
    [5] المستحاثات – علم الإحاثة - paleontology – هو علم مستحدث يبحث في أشكال الحياة في العصور الجيولوجية الغابرة، كما تمثلها الأحافير الحيوانية والنباتية، وقد نشأ هذا العلم في أوائل القرن التاسع عشر، قاصدين منه إلقاء الأضواء على المسائل النشوئية، وعلى مسائل تصنيف الحيوان والنبات والعوامل التي تحدد توزعها الجغرافي. أما الأحافير ( المستحجرات ) fossils: فهي بقايا أو آثار الحيوانات والنباتات التي هلكت أو بادت ودفنت في طبقات الأرض في أزمنة غابرة، وهي تكون عادة متحجرة في الصخور أو مطبوعة عليها.
    [6] المصدر السابق.
    [7] المصدر السابق: نقلا عن: المجلة ألأميركية، عدد تموز 1964.
    [8] اختصار لكلمة: Propliopithecus.
    [9] اختصار لكلمة: Dryopithecus.
    [10] اختصار لكلمة: Ramapithcus.
    *** لم تعتمد ترجمة عربية للأسماء الثلاثة السابقة ومثيلاتها.
    [11] سلسلة جبال سيواليك أمام جبال همالايا في شمال غرب الهند.
    [12] خلق لا تطور، صفحه ( 99 )، نقلاً عن: جريدة " أخبار العلوم " عدد 28 /1/1967.
    [13] المصدر السابق، صفحه ( 100 )، نقلاً عن: مجلة " ستر دي ايفننج بوست ".
    [14] المصدر السابق، نقلاً عن كتاب: " أدلة من المستحثات على تطور ألإنسان ".

    الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي

    www.sharabati.org
    التعديل الأخير تم 04-06-2007 الساعة 08:22 AM

  10. افتراضي

    الإنســــان البدائـــي


    يفترض علماء التطور أنَّ الإنسان الأول "أوسترالوبيت" قد ظهر قبل مليوني سنة، ويزعمون أنه كان يعرف صنع الأدوات، ويزعمون أيضاً أنّ دماغه كان مقارباً لثلث دماغ الإنسان حجماً، فقد ذكرت "نيويورك تايمس" في عددها الصادر بتاريخ 11/4/1965:

    (إنّ الإنسان الحاذق "Homo Habilis " الذي اكتشفه الدكتور ليكي "Dr. L. Leakey" والذي يبدو أنه كان يستطيع أن يصنع أدواته، يعتبره الدكتور روبنسون "Dr. Robinson" وغيره من العلماء شكلاً من أشكال ألأوسترالوبيت)[ 1]. ومن جهته يؤكد كتاب "الإنسان الأول Primates": (إنَّ اكتشاف دكتور ليكي يسمح بتحقيق أول فرصة مترابطة بشأن تطور الإنسان من أجداده القردة)[2 ]

    لقد استمرت أعمال التنقيب والبحث قرناً من الزّمن، حتى أمكنهم الحصول على بعض العظام التي أمكن بها تجميع هيكل هو أول فرضية ترمي إلى شرح نظريتهم حول كيفية انحدار الإنسان من جد قردي إنساني، ولكن هل هم قاطعون يقيناً أنَّ ألأوسترالوبيت كان حقاً قرداً إنسانياً؟ ويجيب العالم التطوري "غرو كلارك Le Gross Clarck" بتحفظ: (إنّه لا يمكن أن يطلق لفظ إنسان أو إنسانية على هذا المخلوق إلا مع التّحفظ، لأنه لا يوجد أي دليل يثبت أنّ ذاك المخلوق كان يملك أي صفة من صفات إنسان اليوم)[ 3]

    هذا بالنسبة إلى الاسترالوبيت نفسه، أما بالنسبة للأدوات وفيما إذا كان عرف صنعها حقاً فتذكر الدورية الأميركية "العلوم" في مقال بعنوان "هل كان الأوسترالوبيت والإنسان معاصرين؟" ما يلي: (يتحدّث الدكتور روبنسون عن اكتشاف 58 قطعة أداة حجرية اكتشفت في "ستيركفورتن Sterkfortein" في جنوب أفريقيا، ولهذا الاكتشاف أهمية كبيرة على اعتبار أنَّ هذه الصخور تحتوي على بقايا إنسان قردي من نوع "بليستوسي Pleistocene’s"[4 ] الأدنى الموجود في جنوب أفريقيا...)[ 5] ويختتم د. روبنسون مقاله قائلاً: (إنّ الصفات المذكورة لتلك الأدوات الحجرية تجعلنا نشك بصحة نسبها إلى الأوسترالوبيت، بل يرى أنّ الفرضية المعقولة في الوقت الحاضر أن تنسب هذه الصناعة إلى إنسان حقيقي)[ 6]

    وفي مقال بعنوان "صائدي الطرائد" ظهر في الدورية الأمريكية "العلوم Sciences " في عددها الصادر بتاريخ 29/11/1957: (كتب "ريمون دارت Raymond Dart" الذي يعود إليه الفخر في اكتشاف ألأوسترالوبيت الأوائل في هذه الأيام الأخيرة مقالً مطولاً عن الحياة الاجتماعية للإنسان القرد، وهو مقال ممتع ومليء بالتناقضات، هذا وإنّ المعطيات التي بنى عليها استنتاجه ثم خاتمته ذاتها بدت غير مقنعة في نظر بعض دارسي التطور، أما الأدلة التي ساقها دارت على استعمال هذه المخلوقات للنار استعمالاً ذكياً فلم تثبت أمام تجربة التحليل الفردي، هذا بالإضافة إلى أن بعض الباحثين أمثال "أوكلهOakley" قد نسبوا إلى بعض الحيوانات آكلة اللحم "Carnivova “ مثل الضبع جمع عظام غير ألأسترالوبيت، وقد استخلص "واشبورنWashborn “ من هذا أنه من الممكن أن لا يكون الأسترالوبيت من الصيادين بل من الطرائد)[7 ]
    وفي نفي مقولة أنّ ألأوسترالوبيت قرد إنسـاني، بل هو مجرد حيوان لا صلة بينه وبين الإنســان، فقد كتب العالِم "ليهـرمن Robert L. Lehrman" في كتابه "الطريق الطويلة المؤدية إلى الإنسان": (لم يكن ألأوسترالوبيت إلا قرداً ذكياً وذا قامة مستوية، ولم يكن إنساناً. وكانت جمجمته ذات حجم صغير، وله فوق عينيه صدغي ناتئ، وفي خط وسط الجمجمة ارتفاع شأنه في ذلك شأن كل القردة الإنسانية.)[ 8]

    وقال "ايشلي Ashley Montague" في كتابه "العصور الأولى للإنسان": (إنّ جمجمة ألأوسترالوبيت تشبه في شكلها جمجمة القرد شبهاً كبيراً، وبالتالي فإننا نجد أنفسنا أمام تطورات قادتنا إلى استبعاد هذه الحيوانات في النّسَب المباشر للإنسان.)[9 ]

    الإنسان هو الإنسان، لم يتغير أو يتبدل أو يتطور، ولم يختلف حجم جمجمته، ولم يتشابه قط مع أي من المخلوقات الأخرى، منذ وجد إلى الآن.


    ــــــــــــــــــــــ
    [*] منقول: موسوعة الخلق والنشوء ، حاتم ناصر الشرباتي، الصفحات ( 126-128 )
    [1] خلق لا تطور، صفحه ( 101 )، نقلاً عن: جريدة " نيويورك تايمس " عدد 11/4/1965.
    [2] يقصد بذلك القرد من نوع Simlens.
    - المصدر السابق، نقلاً عن كتاب: ألإنسان ألأول Primates " المطبوع باللغة الفرنسية.
    [3] المصدر السابق، نقلاً عن: الدورية الأمريكية " العلوم "، عدد: 13 / 12 / 1957.
    [4] بليستوسي من العصر الأول وهو من الحجر المنحوت.
    [5] المصدر السابق.
    [6] المصدر السابق.
    [7] خلق لا تطور، صفحه ( 102 )، نقلاً عن: مجلة العلوم، عدد 29/11/1957.
    [8] المصدر السابق، صفحه ( 103 ) نقلاً عن كتاب: The long road to man.
    [9] المصدر السابق، نقلاً عن كتاب: Les Premiers de `Homme.

    الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي

    www.sharabati.org

    يتبع إن شاء الله
    التعديل الأخير تم 07-22-2007 الساعة 07:19 AM

  11. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محارب الروافض
    السلام عليكم
    أخي حاتم جزاك الله خيراً على المواضيع التي وضعتها في المنتديات....أخي هناك سؤال لم ألقى منها إجابة:
    ((الإله أو المنظومة الإلهية أو الخالق أو سمه ما شئت هو عبارة عن System أي نظام أساسي يتفرع منه هذا الكون البديع بمجراته و أجرامه و أراضيه و سماواته Sub-System ، أنت تدعي أن جميع المؤشرات تؤكد على أن هذا النظام الفرعي و هو الكون Sub-System لم ينشأ عن طريق الصدفة ، بل توجد قوة خارقة حكيمة عظيمة قامت بخلقه.

    سؤالي: ألا يستلزم بناء على منطقك في إستحالة نشأة هذا الكون Sub-System عن طريق الصدفه الأمر ذاته على النظام الأساسي و هو المنظومة الإلهية System ؟! خصوصاً أن من المؤكد تفوق النظام الأساسي على توابعه من حيث التركيبة و التعقيدات و الإبداع ! لماذا طبقت هذه النظرية فقط على النظام الفرعي و هو الكون و لم تفعل المثل مع النظام الإلهي الواجد لهذا الكون ؟! و ما الدليل على أن الله هو العلة الأولى ؟!))
    فهل هناك جواب على هذا؟؟؟؟!!!!
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ينهَضُ الإنسانُ بما عندَهُ مِن فكرٍ عَنِ الحياةِ والكونِ والإنسانِ، وَعَن عَلاقَتِهَا جميعِها بما قبلَ الحياةِ الدُنيا وما بعدَها. فكانَ لا بُدَّ مِن تغييرِ فكرِ الإنسانِ الحاضرِ تغييراً أساسياً شاملاً، وإيجادِ فكرٍ آخرَ لَهُ حتّى ينهَضَ، لأَنَّ الفكرَ هو الذي يوجِدُ المفاهيمَ عنِ الأشياءِ، ويركِّزُ هذِهِ المفاهيمَ. والإنسانُ يُكَيِّفُ سلوكَهُ في الحياةِ بِحَسَبِ مفاهيمِهِ عَنْهَا، فمفاهيمُ الإنسانِ عَنْ شخصٍ يُحِبُّهُ تُكيِّفُ سلوكَه نَحْوَه، على النَّقِيضِ مِنْ سلوكِهِ مَعَ شَخْصٍ يُبْغِضُهُ وعندَهُ مفاهيمُ البُغْضِ عَنْهُ، وعلى خِلافِ سلوكِهِ مع شخصٍ لا يعرفُهُ ولا يُوجَدُ لَدَيْهِ أيُّ مفهومٍ عَنْه، فالسلوكُ الإنسانيُّ مربوطٌ بمفاهيمِ الإنسانِ، وعندَ إرادتِنَا أَنْ نغيِّرَ سلوكَ الإنسانِ المنخفِضِ ونجعلَهُ سلوكاً راقياً لابدَّ أَنْ نغيِّرَ مــفــهـــومَــهُ أَوّلا}إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ{.

    والطريقُ الوحيدُ لتغييِر المفاهيمِ هُوَ إيجادُ الفكرِ عَنِ الحياةِ الدنيا حتَّى تُوجَدَ بواسطتِهِ المفاهيمُ الصحيحةُ عَنْهَا. والفكرُ عَنِ الحياةِ الدنيا لا يتركَّزُ تَرَكُّزاً مُنْتِجاً إِلاّ بعدَ أَنْ يُوجَدَ الفكرُ عَنِ الكونِ والإنسانِ والحياةِ، وعمَّا قبلَ الحياةِ الدنيا وعمَّا بعدَها، وعَنْ عَلاقتِها بما قبلَهَا وما بعدَهَا، وذَلِكَ بإِعطاءِ الفكرةِ الكُلِّيَةِ عمَّا وراءَ هذَا الكونِ والإنسانِ والحياةِ. لأنَّها القاعدةُ الفكريةُ التي تُبْنَى عليْهَا جَميعُ الأفكارِ عَنِ الحياةِ. وإِعطاءُ الفكرةِ الكليةِ عَنْ هذِهِ الأَشْيَاءِ هُوَ حَلُّ العُقْدَةِ الكُبْرى عِندَ الإنسانِ. ومتى حُلَّتْ هذه العقدةُ حُلَّت باقِي العُقَدِ، لأنها جزئيةٌ بالنِسْبَةِ لَهَا، أَوْ فُروعٌ عَنْها. لَكِنَّ هذا الحلَّ لا يُوصِلُ إِلى النَّهضةِ الصحيحةِ إلا إذا كانَ حلاً صحيحاً يوافِقُ فِطْرَةَ الإنسانِ، ويُقْنِعُ العقلَ، فَيَمْلأُ القَلبَ طُمَأْنِينَةً.



    ولا يمكنُ أنْ يوجدَ هذا الحلُّ الصحيحُ إلا بالفكرِ المستنيِر عنِ الكونِ والإنسانِ والحياةِ. لذلك كان على مُرِيدِي النهضةِ والسيرِ في طريقِ الرُّقِيِّ أَنْ يَحُلُّوا هذِهِ العقدةَ أولاً، حلاً صحيحاً بواسطةِ الفكرِ المستنيرِ، وهذا الحلُّ هو العقيدةُ، وهو القاعدةُ الفكريةُ التي يُبنى عليها كلُّ فكرٍ فَرْعِيٍ عَنِ السلوكِ في الحياةِ وعنْ أنظمةِ الحياةِ.



    والإسلامُ قَد عمَد إِلى هذه العقدةِ الكبرى فَحَلَّها للإنسانِ حلاً يوافِقُ الفِطرةَ، ويَمْلأُ العقلَ قَناعةً، والقلبَ طُمأنينةً، وجعَلَ الدخولَ فِيه متوقِّفاً على الإقرارِ بهذا الحلِّ إقراراً صادراً عنِ العقلِ، ولذلك كان الإسلام مبنياً على أساسٍ واحدٍ هو العقيدةُ. وهي أنَّ وراءَ هذا الكونِ والإنسانِ والحياةِ خالقاً خلقَها جميعاً، وخلقَ كلَّ شيءٍ، وهو اللهُ تعالى. وأَنَّ هذا الخالقَ أَوْجَدَ الأشياءَ مِن العدمِ، وهو وَاجِبُ الوجودِ، فهو غيرُ مخلوقٍ، وإلا لما كان خالقاً، واتصافُهُ بكونِهِ خالقاً يَقْضِي بكونِهِ غيرَ مخلوقٍ، ويَقْضِي بأنَّهُ واجبُ الوجودِ، لأنَّ الأشياءَ جميعَهَا تستَنِدُ في وجودِها إِلَيْهِ ولا يستندُ هو إلى شيءٍ.



    أمَّا أنَّهُ لا بدَّ للأشياءِ مِن خالقٍ يخلُقُها فذلك أنَّ الأشياءَ التي يُدرِكُها العقلُ هي الإنسانُ والحياةُ والكونُ، وهذه الأشياءُ محدودةٌ، فهي عاجزةٌ وناقصةٌ ومحتاجةٌ إلى غيرِهَا. فالإنسانُ محدودٌ لأنَّهُ ينمُو في كلِّ شيءٍ إلى حَدٍ مَا لا يتجاوَزُهُ، فهو محدودٌ. والحياةُ محدودةٌ، لأنَّ مظهَرها فرديٌ فَقَطْ، والمُشاهَدُ بالحِسِّ أنَّها تَنْتَهِي بالفردِ فهي محدودةٌ. والكونُ محدودٌ لأنه مجموعُ أَجرامٍ وكلُّ جِرْمٍ مِنها محدودٌ، ومجموعُ المحدوداتِ محدودٌ بداهةً، فالكونُ محدودٌ. وعلى ذلك فالانسانُ والحياةُ والكوْنُ محدودةٌ قطعاً.



    وحينَ ننظُرُ إلى المحدودِ نجدُهُ ليسَ أَزَلِياً وإلا لمَا كان محدوداً فلا بدَّ أنْ يكونَ المحدودُ مخلوقاً لغيرِهِ، وهذا الغيرُ هو خالقُ الإنسانِ والحياةِ والكونِ، وهو إِمَّا أَنْ يكونَ مخلوقاً لغيرِهِ، أَوْ خالقاً لنفسِهِ، أو أزلياً واجبَ الوجودِ. أمَّا أنَّهُ مخلوقٌ لغيرِهِ فباطلٌ، لأنَّهُ يكونُ محدوداً، وأما أنَّهُ خالقٌ لنفسِهِ فباطلٌ أيضاً، لأنه يكونُ مخلوقاً لنفسِهِ وخالقاً لنفسِهِ في آنٍ واحدٍ، وهذا باطلٌ أيضاً، فلا بُدَّ أَنْ يكونَ أزلياً واجبَ الوجودِ وهو اللهُ تعالى.



    على أنَّ كلَّ مَنْ لَهُ عقلٌ، يُدرِكُ من مجرَّدِ وجودِ الأشياءِ التي يقَعُ عليْها حِسُّهُ، أَنَّ لهَا خالقاً خَلَقَهَا، لأَنَّ المشاهَدَ فيها جميعِهَا أَنَّها ناقصةٌ، وعاجزةٌ ومحتاجةٌ لغيرِهَا، فهي مخلوقةٌ قطعاً. ولذلك يكفِي أنْ يُلْفَتَ النَظَرُ إِلى أَيِّ شيءٍ في الكونِ والحياةِ والإنسانِ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ على وجودِ الخالقِ المدبِّرِ. فالنَظَرُ إلى أَيِّ كَوْكَبٍ مِنَ الكواكبِ في الكونِ، والتأَمُّلُ في أَيِّ مَظْهَرٍ مِنْ مَظاهِرِ الحياةِ، وإِدراكُ أَيِّ ناحيةٍ في الإنسانِ، لَيَدُلُّ دِلالةً قطعيةً على وجودِ اللهِ تعالى.



    ولذلكَ نَجِدُ القرآنَ الكريمَ يُلْفِتُ النَظَرَ إلى الأشياءِ، ويدعُو الإنسانَ لأَنْ ينظُرَ إِليها وإلى ما حَوْلَهَا وما يتعلَّقُ بِهَا، ويَسْتَدِلُّ بذلك على وجودِ اللهِ تعالى. إِذْ ينظرُ إِلى الأشياءِ كَيْفَ أَنَّهَا محتاجةٌ إلى غيرِها، فَيُدْرِكُ مِنْ ذلك وجودَ اللهِ الخالقِ المدبِّرِ إِدراكاً قطعياً. وَقَدْ وَرَدَتْ مِئَاتُ الآياتِ في هذا المعنــى. قال تعالى : في سورةِ آلِ عمرانَ } إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ{ وقالَ تعالى : في سورةِ الرومِ }وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ{ وقالَ تعالى : في سورةِ الغاشِيةِ } أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ{ وقالَ تعالى : في سورةِ الطارِقِ }فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ، خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ{ وَقالَ تعالى : في سورةِ البَقَرَةِ } إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ{ وإلى غيرِ ذلك مِنَ الآياتِ التي تدعُو الإنسانَ لأَنْ ينظُرَ النَظْرَةَ العميقةَ إلى الأشياءِ وما حولهَا وما يتعلقُ بِهَا،ويَستدِلَّ بذلك على وجودِ الخالقِ المدبِّرِ، حتَّى يكونَ إيمانُهُ باللهِ إيماناً راسخاً عَنْ عَقْلٍ وَبَيِّنَةٍ.

    نَعَمْ إِنَّ الإيمانَ بالخالقِ المدبِّرِ فِطْرِيٌ في كلِّ إنسانٍ. إِلا أَنَّ هذا الإيمانَ الفطريَّ يأتِي عن طريقِ الوِجْدَانِ. وهو طريقٌ غيرُ مَأْمُونِ العاقِبَةِ، وغيرُ مُوصِلٍ إِلى تركيزٍ إذا تُرِكَ وَحْدَهُ. فالوِجدانُ كثيراً ما يُضْفِي على ما يُؤْمِنُ بِهِ أَشْيَاءَ لا حقائقَ لهَا، ولكنَّ الوِجدانَ تخَيَّلَهَا صِفاتٍ لازمةٍ لِمَا آمَنَ بِهِ، فَوَقَعَ في الكُفرِ أو الضَّلالِ. وما عبادةُ الأوثانِ، وما الخُرافاتُ والتُرَّهَاتُ إلا نَتيجَةً لخطأِ الوِجدانِ. ولهذا لم يَتْرُكِ الإسلامُ الوجدانَ وحدَهُ طريقةً للإيمانِ، حتى لا يجعلَ للهِ صفاتٍ تَتَنَاقَضُ مَعَ الأُلُوهِيَّةِ، أو يجعلَهُ مُمْكِنَ التَجَسُّدِ في أشياءَ مادِّيَّةٍ، أو يَتَصَوَّرَ إِمكانَ التَقَرُّبِ إلَيْها بعِبادةِ أَشياءَ مادِّيَّةٍ، فيُؤَدِّيَ إمَّا إلى الكفرِ أو الإشراكِ، وإمَّا إلى الأوْهَامِ والخُرافَاتِ الَّتي يَأْبَاها الإيمانُ الصادقُ. ولذلكَ حَتَّمَ الإسلامُ استعمال العَقْلِ مَعَ الوِجدانِ، وأَوْجَبَ على المُسلمِ استعمال عقلِهِ حينَ يُؤْمنُ بِاللهِ تعالى، ونَهى عَنِ التقليدِ في العقيدةِ ولذلكَ جَعَلَ العقلَ حكماً في الإيمانِ باللهِ تعـالى. قالَ تعالى : } إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ{.

    ولهذا كانَ واجباً عَلى كلِّ مسلمٍ أَنْ يَجْعَلَ إيمانَهُ صادراً عَنِ تَفْكيرٍ وبَحْثٍ ونَظَرٍ، وأَنْ يُحَكِّمَ العَقلَ تحكيماً مُطلقاً في الإيمانِ باللهِ تعالى. والدعوةُ إلى النَظَرِ في الكونِ لاسْتِنْبَاطِ سُنَنِهِ وللاهْتِدَاءِ إلى الإيمانِ بِبَارِئِهِ، يُكَرِّرُهَا القُرآنُ مِئَاتِ المرَّاتِ في سُوَرِهِ المُخْتَلِفَةِ، وكُلَّهَا مُوَجَّهَةٌ إلى قُوَى الإِنسانِ العاقِلَةِ تَدعُوهُ إلى التَدَبُّرِ والتَأَمُّلِ لِيَكونَ إيمانُهُ عَنْ عقلٍ وبَيِّنَةٍ وتُحَذِّرُهُ الأَخْذَ بما وَجَدَ عَلَيْهِ آبَاءَهُ مِنْ غيِر نَظَرٍ فيه وتَمْحِيصٍ لَهُ وثِقَةٍ ذَاتِيَّةٍ بِمَبْلَغِهِ مِنَ الحقِّ. هذا هوَ الإيمانُ الذي دَعَا الإِسلامُ إِلَيْهِ، وهوَ لَيْسَ هذا الإيمانَ الَّذي يُسَمُّونَهُ إيمانَ العَجَائِزِ، إنَّمَا هوَ إيمانُ المُسْتَنِيرِ المُسْتَيْقِنِ الَّذي نَظَرَ ونَظرَ، ثُمَّ فَكَّرَ وفَكَّرَ، ثُمَّ وَصَلَ مِنْ طَريقِ النَظرِ والتَفْكِيرِ إلى اليَقِينِ بِاللهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ.

    ورَغْمَ وُجوبِ استعمال العَقْلِ في الوُصولِ إلى الإيمانِ باللهِ تعالى فإنَّهُ لا يُمْكِنُهُ إِدْراكُ ما هوَ فَوْقَ حِسِّهِ وفوقَ عقلِهِ، وذلكَ لأَنَّ العقلَ الإِنسانيَّ محدودٌ، ومحدودةٌ قُوَّتُهُ مَهْمَا سَمَتْ ونَمَتْ بِحُدُودٍ لا تَتَعَدَّاهَا، ولِذلكَ كانَ محدودَ الإدْرَاكِ، ومنْ هنا كانَ لا بُدَّ أَنْ يَقْصُرَ العقلُ دونَ إِدراكِ ذاتِ اللهِ، وأَنْ يَعْجَزَ عنْ إدراكِ حَقِيقَتِهِ، لأَنَّ اللهَ وراءَ الكونِ والإنسانِ والحياةِ، والعقلُ في الإنسانِ لا يدركُ حقيقةَ ما وراءِ الإنسانِ، ولذلكَ كانَ عاجِزاً عَنْ إدراكِ ذاتِ اللهِ. ولا يقالُ هُنَا: كيفَ آمَنَ الإنسانُ باللهِ عقلاً معْ أَنَّ عقلَهُ عاجِزٌ عنْ إدراكِ ذاتِ اللهِ؟ لأنَّ الإيمانَ إنَّمَا هوَ إيمانٌ بِوجودِ اللهِ وَوُجودُهُ مُدْرَكٌ منْ وجودِ مخلوقاتِهِ، وهيَ الكونُ والإنسانُ والحياةُ. وهذهِ المخلوقاتُ داخلةٌ في حدودِ ما يُدْرِكُهُ العقلُ، فأَدْرَكَهَا، وأدركَ منْ إدراكِهِ لَهَا وجودَ خالقٍ لَهَا، وهوَ اللهُ تعالى. ولذلكَ كانَ الإيمانُ بِوجودِ اللهِ عقلياً في حدودِ العقلِ، بِخِلافِ إدراكِ ذاتِ اللهِ فَإِنَّهُ مُسْتَحِيلٌ، لأنَّ ذاتَهُ وراءَ الكونِ والإنسانِ والحياةِ، فهوَ وراءَ العقلِ. والعقلُ لا يمكنْ أنْ يدركَ حقيقة ما وراءَهُ لِقُصورِهِ عنْ هذا الإدراكِ. وهذا القصورُ نفسُهُ يجبُ أنْ يكونَ منْ مُقوياتِ الإيمانِ، وليسَ منْ عواملِ الارتياب والشكِّ .

    فإنِّهُ لمَّا كانَ إيمانُنَا باللهِ آتِياً عنْ طريقِ العقلِ كانَ إدراكُنَا لِوُجودِهِ إِدْراكاً تامَّاً، ولمَّا كانَ شعورُنا بِوجودِهِ تعالى مَقْرُوناً بالعقلِ كانَ شُعُورُنَا بوجودِهِ شُعوراً يَقينياً، وهذا كُلُّهُ يجعلُ عِنْدَنَا إِدراكاً تامَّاً وَشُعوراً يقينِياً بجَميعِ صفاتِ الأُلوهيَّةِ.

    وَهذا منْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْنِعَنَا أَنَّنا لنْ نَستَطيعَ إدراكَ حقيقةِ ذاتِ اللهِ على شِدَّةِ إيمانِنَا بِهِ، وأنَّنَا يجبُ أنْ نُسَلِّمَ بِما أخبرنَا بِهِ مِمَّا قَصَرَ العقلُ عنْ إدراكِهِ، وذلكَ لِلْعَجْزِ الطَبِيعِيِّ عنْ أنْ يَصِلَ العقلُ الإنْسَانِيُّ بمَقَاييسِهِ النِسْبِيَّةِ المحدودةِ إلى إدراكِ ما فوقَهُ. إذْ يحتاجُ هذا الإدراكُ إلى مقاييسَ ليسَتْ نِسْبِيَّةً وليستْ محدودةً، وهي ممَّا لا يملكُهُ الإنسانُ ولا يستطيعُ أنْ يملِكَهُ.

    أمَّا ثبوتُ الحاجةِ إلى الرسُلِ ، فهوَ أنَّهُ ثَبَتَ أنَّ الإنسانَ مخلوقٌ للهِ تعالى، وأنَّ التديُّنَ فِطريٌّ في الإنسانِ، لأنَّهُ غريزةٌ منْ غرائزِهِ، فهوَ في فطرتِهِ يُقَدِّسُ خالِقَهُ، وَهذا التقديسُ هوَ العبادةُ، وهيَ العلاقةُ بينَ الإنسانِ والخالقِ وهذهِ العلاقةُ إِذا تُرِكَتْ دونَ نظامٍ يُؤَدِّي تَرْكُهَا إلى اضْطِّرَابِهَا وإلى عبادةِ غيرِ الخالقِ، فلا بُدَّ منْ تَنْظيمِ هذهِ العلاقةِ بنظامٍ صَحيحٍ، وهذا النِظامُ لا يَأْتِي مِنَ الإنسانِ لأَنَّهُ لا يَتَأَتَّى لَهُ إدراكُ حقيقةِ الخالقِ حَتَّى يضعَ نِظاماً بَيْنَهُ وبَيْنَهُ، فَلا بُدَّ أنْ يكونَ هذا النظامُ منَ الخالقِ. وبما أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يُبَلِّغَ الخالقُ هذا النظامَ لِلإنسانِ. لذلكَ كانَ لا بُدَّ منَ الرسلِ يُبلِّغونَ الناسَ دينَ اللهِ تعالى.

    والدليلُ أيضاً على حاجةِ الناسِ إلى الرسلِ هوَ أنَّ إِشْباعَ الإنسانِ لِغرائزِهِ وحاجاتِهِ العضويَّةِ أَمْرٌ حَتْمِيٌّ،وهذا الإشباعُ إذا سارَ دونَ نظامٍ يُؤَدِّي إلى الإشْباعِ الخَطَأِ أو الشاذِّ ويُسَبِّبُ شقاءَ الإنسانِ، فَلا بدَّ منْ نظامٍ يُنظِّمُ غَرائِزَ الإنسانِ وَحاجاتِهِ العضوِيَّةَ، وهذا النظامُ لا يأتي منَ الإنسانِ، لأنَّ فهمَهُ لتنظيمِ غرائزِ الإنسانِ وحاجاتِهِ العضويةِ عُرْضَةٌ لِلْتَفَاوُتِ والاخْتِلافِ والتَنَاقُضِ والتَأَثُّرِ بالبيئةِ الَّتي يعيشُ فيها، فإذا تُرِكَ ذلكَ لَهُ كانَ النظامُ عُرْضَةً لِلْتَفَاوُتِ والاخْتِلافِ والتَنَاقُضِ وأَدَّى إلى شَقَاءِ الإنسانِ، فلا بُدَّ أنْ يكونَ النظامُ منَ اللهِ تعالى.

  12. افتراضي

    الإنســــان البدائـــي *2
    [/FONT]

    من ناحيتها تؤكد الموسوعة الأمريكية أنَّ أول ظهور الإنسان كان "الإنسان المستوي Homo Erectus" وهو الإنسان مستوي القامة الذي يعتبروه "الإنســان العاقل Homo Spleens" والذي هو الإنسان الحاضر المـوجود، ويزعمون أنه أرقى أنواع ألأوسترالوبيت، ويصنفون أنواع الإنسان الأول إلى ثلاثة أنواع:

    1. إنسان جاوه Pithecan therapy : وقد ظهر قبل 500 000سنة .
    2. إنسان بكين Sinan therapy : وقد ظهر قبل 360 000 سنة
    3. إنسان شيلي African therapy : وقد ظهر قبل 400 000 سنة .

    وتقول المجلة العلمية الأمريكية في عددها الصادر في أيار سنة 1965: (إن جميع الذين انصرفوا إلى البحث عن الإنسان الأول متفقون على أنّ الإنسان العاقل الحاضر ينحدر من الإنسان مستوي القامة)[1 ]، أي أنَّ جميع علماء التطور مجمعون على أنّ الإنسان الحالي منحدر من الإنسان مستوي القامة، فهل إصرارهم هذا، وهل هذا الإجماع يستند إلى دليل قطعي أكدوا بناء عليه يقيناً على ذلك الإجماع؟ وتجيب نفس المجلة قائلة: (ليس هناك أي دليل مباشر على الانتقال)[2 ] فما دام أنّهُ ليس هناك أي دليل مباشر، فكيف اتفقوا وبهذا الإصرار العجيب على أنَّ الإنسان المستوي القامة قد تحول إلى الإنسان العاقل حتماً، بينما هم يعترفون أنهم لا يستندون إلى أي دليل؟ ليس من جواب على ذلك سوى أنهم سذج عمي البصائر، أعمى الله قلوبهم وختم على أبصارهم غشاوة فهم لا يعقلون.

    ومع إصرارهم على أنَّ الإنسان العاقل قد جاء من نسل الإنسان المستوي القامة، فهم يغالطون أنفسهم حيث تقول نفس المجلة[ 3] أنَّ المستحاثات التي اكتشفت حديثاً في المجر تدل على أنّ جماعة راقية تنتسب إلى الإنسان العاقل كانت تعاصر جماعة من الإنسان المستوي القامة، وبهذه المناسبة فقد كتب "الدكتور وينشستر A.M.Winchester" أستاذ علم الحياة في كتابه "علم الحياة وعلاقته بالإنسان" قائلاً: (إنَّ بقايا إنسان سوانسكومب "Swanscombe"[4 ] في أوروبا وإنســان كانجييرا "

    Kanjera" في أفريقيا وغيرهما، توحي بأنّ الإنسان وجد منذ نحو 300 ألف سنة، وبهذا يكون قد عاصر الإنسان مستوي القامة)[ 5]

    هذا ولم يمضي وقت طويل على علماء التطور وهم يظنون بأنَّ إنســان نياندرتال "Neanderthal “ هو إنسان قرد، وهو الحلقة المفقودة للجد المباشر للإنسان الحالي فجاءت أبحاثهم لتقول كما جاء في مجلة Harper، عدد كانون أول سنة 1962:

    (إنَّ إنسان نياندرتال لم يكن دميماً ولا محدودباً ولا كان شكله شكل حيوان كما يُظَنُ غالباً، بل كانت جماعة منهم تشتكي من التهاب المفاصل)[ 6]، تقول مجلة نيويورك تايمس مجازين: (إنَّ حجم جمجمة الإنسان النياندتال كانت أكبر من حجم جمجمة الإنسان الحالي المتوسط)[7 ]

    وحتى تتضح الصورة عن ذلك الإنسان المزعوم نرجع إلى الموسوعة الأمريكية حيث تقول (في البدء كان العلماء يظنون أنَّ إنسان نياندرتال كان ذا هيكل قردي، دميماً محدودباً وذا مظهر حيواني. ولكنَّ الأبحاث الأخيرة أظهرت أنَّ أجسام رجال ونساء النياندرتاليين كانت إنسانية تامة وكانت مستوية وذوات عضلات نامية، وكانت دماغهم بحجم دماغ إنسـان اليوم)[8 ]

    والغريب المستهجن أن نفس الموسوعة المذكورة، ومع قناعتها المنشورة آنفـاً والتي لا تحتمل أي معنى آخر إلا نفي الصفات الحيوانية عن النياندرتالييـن وإعطائهم السـمات الإنسـانية الكاملـة، ومـع هذا تقدم في مقـالٍ ثانٍ صورة لأسرة نياندرتالية ممثلة إياهم كالقرود ذوات الهيكل المتجمع والظهر المحدودب والشكل الحيواني!!! وتفسير هذا الموقف الذي يناقض بعضه بعضاً: هو رغبة كافة دعاة التطور إلى عرض الإنسان بتلك الصورة المشوهة، لكي يبرروا بالتالي إصرارهم العجيب على أنّ القرد الإنساني هو جد الإنسان الحالي.

    وهناك مستحثات أخرى كانت فيما مضى تُعتبر وكأنها عائدة إلى أنواع مختلفة صنفت حديثاً – ولغاية أرادوها في نفوسـهم – بإلحاقها بالإنسـان الحاضر. وكان جنس "كرومانيون Cro magnon" الذي وُجدَت بقاياه عام 1868 في كهف كرومنيون في الجزء الجنوبي الغربي من فرنسا والذي يتميز بقامته الفارعة المنتصبـة، وبجمجمته الطويلة، وبعينيه الغائرتين، ويعتبره بعض العلمـاء الجـد الأعلى للإنسـان الأوروبي الحديث[ 9] كان هذا الجنس – كما يزعمون – يشبه الإنسـان الحالي شبهاً تاماً في جميع صفاته الخارجية، فقد أكدت المجلـة العلميـة "ساينس دايجست Sciences Digest " بأنَّ دماغ الإنسان ما زال في تناقص من حيث الحجم منذ إنسان كرومانيون، وهذا دليل على التراجع لا على التطور نحو الأفضل.[10 ]

    ويقول "وينشستر Winchester" في كتابه "علم الأحياء وعلاقته بالإنسان": (لقد مضى وقت طويل كان يُظنُ فيه بأنّ الإنسان الحاضر منحدر مباشرة من إنسان جاوه وإنسان روديسيا والإنسان النياندرتالي، ولكن مع توفر الأدلة بدت استحالة هذا الأمر، إذ وجدت بقايا إنسان حقيقي قديم عاصَرَ أجناساً أخرى)[11 ]

    وفي نفس الموضوع وتأكيداً لما سبق يقول عالم الأحياء "مارش F.Marsh" في كتابه "التطور أو الحلقة المفقودة": (هناك مثال آخر على تزوير الأدلة في قضية "دبوا Du Bois"[ 12] الذي بعد سنوات من إعلانه أحدث ضجة، والذي قال فيه إنه اكتشف بقايا من إنسان جاوه، اعترف بأنه في الوقت نفسه وفي المكان ذاته وجد عظاماً تعود بلا شك إلى الإنسان الحاضر)[13 ]، وكاتب آخر أدلى بدلوه في القضية وعالجها بطريقته في مقال ظهر في كتاب "Science moderne”: (من الجدير بالملاحظة ألاّ نُهمل الهياكل العظميـة العائدة لإنسان اليوم، والتي وُجِدَت في أماكن متفرقة، وأكثرها في الغالب يدل على أنها قديمة، إذ لم تكن أقدم من هياكل الإنسان "هومينويد Hominoid" والمفترض أنّه أقل رقياً منا، وليس هناك أي دليل راهن يؤكد النظرية التي يراها بعض العلماء، والقائلة بأنّ إنسان نياندرتال وإنسان جاوه وإنسان بكين وغيرهمـا يمثلون أجناساً منحطّة انحدرت من الإنسان العاقل عن طريق الانتقال أو الانعزال وغير ذلك، بل الأصح هو أن نقول بأنّ إنسان اليوم قد انحط عن أجداد كانوا أفضل منه، إذ من المعلوم أنّ جنس كرومانيون الذي سكن أوروبا في فترة قريبة من النيانرتال كان أرقى من إنسان اليوم سواء من ناحية القد أو من حيث سعة الجمجمة)[14 ]، وإنّ هذا هو أبلغ رد على هرطقات دعاة التطور، وضحالة فكر من وضع نظريات التطور والارتقاء المادي، فهو يعطي الدليل على أنّ جميع نظرياتهم كانت عبارة عن افتراضات مسبقة كانت نتاج بتصميم مسبق ولغاية لعقول محدودة وناقصة وعاجزة بلا إثبات وبلا أدلة – وحتى بدون بحوث علمية مسبقة - اللهم إلا لرغبتهم في الشهرة ولخدمة رغبات متركزة في نفوسهم، لذا فقد ابتدعوا نظريات واهية ثمّ طفقوا يبحثون لها عن دليل يؤكدها في المغاور والكهوف وعلى صفحات الصخور والحجارة وبين الفضلات والنفايات.


    _______________


    [*] منقول: موسوعة الخلق والنشوء ، حاتم ناصر الشرباتي، الصفحات ( 129-135 )
    [1] خلق لا تطور، صفحه ( 106 )، نقلاً عن: المجلة العلمية ألأمريكية، عدد: أيار 1965.
    [2] المصدر السابق.
    [3] المجلة العلمية الأمريكية، عدد شهر تشرين ثاني سنة 1966 .
    [4] سوانسكومب: منطقة في إنجلترا.
    [5] المصدر السابق ، نقلاً عن :Biology . Ama Its Relation to Mankind.
    [6] المصدر السابق، صفحه ( 107 )، نقلا عن مجلة: هابر Haper، في عدد: ديسمبر 1962.
    [7] المصدر السابق، صفحه ( 108 )، نقلاً عن مجلة: نيويورك تايمس مجازين، عدد 19/5/1961.
    [8] خلق لا تطور، صفحه ( 108 )، نقلا عن: المجلة العلمية الأمريكية
    [9] موسوعة المورد العربية، الجزء الأول، صفحه ( 139 ).
    [10] خلق لا تطور، صفحه ( 108 )، نقلاً عن مجلة: سيانس دايجست.
    [11] المصدر السابق، صفحه ( 109 )، نقلاً عن: Biology. Ama Its Relation to Mankind.
    [12] طبيب هولندي أعلن عن اكتشافه " إنسان جاوه ".
    [13] المصدر السابق، نقلاً عن: Evolution or special creation.
    [14] المصدر السابق، صفحه ( 109 )، نقلا عن كتاب: Science Moderne.


    الموقع الشخصي لحاتم ناصر الشرباتي

    www.sharabati.org
    التعديل الأخير تم 09-25-2007 الساعة 05:35 PM

  13. افتراضي غلاف كتاب " موسوعة الخلق والنشوء"


  14. افتراضي

    ='حاتم ناصر الشرباتي' date='Apr 1 2010, 10:33 AM' post='294215']
    3



    وهناك مستحثات أخرى كانت فيما مضى تُعتبر وكأنها عائدة إلى أنواع مختلفة صنفت حديثاً – ولغاية أرادوها في نفوسـهم – بإلحاقها بالإنسـان الحاضر. وكان جنس "كرومانيون Cro magnon" الذي وُجدَت بقاياه عام 1868 في كهف كرومنيون في الجزء الجنوبي الغربي من فرنسا والذي يتميز بقامته الفارعة المنتصبـة، وبجمجمته الطويلة، وبعينيه الغائرتين، ويعتبره بعض العلمـاء الجـد الأعلى للإنسـان الأوروبي الحديث[ 1] كان هذا الجنس – كما يزعمون – يشبه الإنسـان الحالي شبهاً تاماً في جميع صفاته الخارجية، فقد أكدت المجلـة العلميـة "ساينس دايجست Sciences Digest " بأنَّ دماغ الإنسان ما زال في تناقص من حيث الحجم منذ إنسان كرومانيون، وهذا دليل على التراجع لا على التطور نحو الأفضل.[ 2]

    ويقول "وينشستر Winchester" في كتابه "علم الأحياء وعلاقته بالإنسان": (لقد مضى وقت طويل كان يُظنُ فيه بأنّ الإنسان الحاضر منحدر مباشرة من إنسان جاوه وإنسان روديسيا والإنسان النياندرتالي، ولكن مع توفر الأدلة بدت استحالة هذا الأمر، إذ وجدت بقايا إنسان حقيقي قديم عاصَرَ أجناساً أخرى)[ 3]

    وفي نفس الموضوع وتأكيداً لما سبق يقول عالم الأحياء "مارش F.Marsh" في كتابه "التطور أو الحلقة المفقودة": (هناك مثال آخر على تزوير الأدلة في قضية "دبوا Du Bois"[ 4] الذي بعد سنوات من إعلانه أحدث ضجة، والذي قال فيه إنه اكتشف بقايا من إنسان جاوه، اعترف بأنه في الوقت نفسه وفي المكان ذاته وجد عظاماً تعود بلا شك إلى الإنسان الحاضر)[5 ]، وكاتب آخر أدلى بدلوه في القضية وعالجها بطريقته في مقال ظهر في كتاب "Science moderne”: (من الجدير بالملاحظة ألاّ نُهمل الهياكل العظميـة العائدة لإنسان اليوم، والتي وُجِدَت في أماكن متفرقة، وأكثرها في الغالب يدل على أنها قديمة، إذ لم تكن أقدم من هياكل الإنسان "هومينويد Hominoid" والمفترض أنّه أقل رقياً منا، وليس هناك أي دليل راهن يؤكد النظرية التي يراها بعض العلماء، والقائلة بأنّ إنسان نياندرتال وإنسان جاوه وإنسان بكين وغيرهمـا يمثلون أجناساً منحطّة انحدرت من الإنسان العاقل عن طريق الانتقال أو الانعزال وغير ذلك، بل الأصح هو أن نقول بأنّ إنسان اليوم قد انحط عن أجداد كانوا أفضل منه، إذ من المعلوم أنّ جنس كرومانيون الذي سكن أوروبا في فترة قريبة من النيانرتال كان أرقى من إنسان اليوم سواء من ناحية القد أو من حيث سعة الجمجمة)[6 ]، وإنّ هذا هو أبلغ رد على هرطقات دعاة التطور، وضحالة فكر من وضع نظريات التطور والارتقاء المادي، فهو يعطي الدليل على أنّ جميع نظرياتهم كانت عبارة عن افتراضات مسبقة كانت نتاج بتصميم مسبق ولغاية لعقول محدودة وناقصة وعاجزة بلا إثبات وبلا أدلة – وحتى بدون بحوث علمية مسبقة - اللهم إلا لرغبتهم في الشهرة ولخدمة رغبات متركزة في نفوسهم، لذا فقد ابتدعوا نظريات واهية ثمّ طفقوا يبحثون لها عن دليل يؤكدها في المغاور والكهوف وعلى صفحات الصخور والحجارة وبين الفضلات والنفايات.

    لقد اعتمد أصحاب تلك النظريات على العظام والهياكل لإثبات صحة ادعاءاتهم، وهاهي نفس العظام والهياكل التي سعوا إليها متلهفين عليها ليثبتوا بها صحة أقاويلهم، إذا بها تكذبهم وتفند دعواهم وتنقض نظرياتهم وتضعهم في تخبُط، فإذا بعلمائهم ينقلبون من مؤيد لتلك النظريات داعياً لها ومثبتاً لأركانها، ينقلبون إلى رافض لها ومكذب لصحتها.

    إننا إذا قمنا بالمقارنة بين المصادر السابقة، وخاصة المصدر الأخير،[7 ] إذا قارنا ذلك بما جاء في نظرية التطور والارتقاء المادي التي وضعها داروين مع اقترانها بمفهوم التطور المادي لديهم، فأنا نجد البَون شاسعاً بين أقوال العلماء، مما ينتج عنه فساد نظرياتهم ونقضها من أساسها، وحتى تتضح الصورة أكثر نعود إلى ما اتفقوا عليه من تعريف لتلك النظرية وبالتالي لتعريف مفهوم التطور لديهم: (إنه يعني ارتقاء الحياة من جهاز عضوي ذي خلية واحدة إلى أعلى درجات الارتقاء وهو بالتالي: التّغير الذي طرأ على الإنسان نتيجة حلقات من التغييرات العضوية خلال ملايين السنين)[ 8]

    أمّا الأفكار الأساسية لنظرية التطور والارتقاء المادي فهي تحديداً كما حددته "الموسوعة العالمية" طبعه (1966): (إنّ نظرية التطور العضوي تنطوي على ثلاثة أفكار رئيسية هي:

    1. إنّ الكائنات الحيّة تتبدل جيلاً بعد جيل وتنتج نسلاً يتمتع بصفات جديدة.
    2. إنّ هذا التطور قديم جداً وبه وُجِدت كل أنواع الكائنات الحيّة.
    3. إنّ جميع الكائنات الحيّة يتصل بعضها ببعض بصلة قرابة).[ 9] فتعريف التطور لديهم، علاوة ما جاء شجرة الأحياء التي وضعها داروين،[10 ] يحتم أن يكون تدرج التطور من الصور المنحطة الدنيا للمخلوقات إلى صور أرقى وأعلى مرتبة منها بالتأكيد، أي أنّ حتمية ظهور مخلوقات أرقى بفعل التطور انحدرت من مخلوقات أدنى وأحط، وحتمية التطور تحتم انقراض في المخلوقات الدنيا والتي ظهر بديلاً لها مخلوقات أعلى وأفضل منها وأقدر على الحياة، هذا هو الأمر الواقع والحتمي كما يقول كتاب " علم الحياة لك " وكما يقول عرّاب التطور سـير جولين هكسله: (إنّ التطورية لا تترك أي مجال للخوارق، فالأرض وسكانها لم يُخلقوا كما هم، بل تكونوا بالتطور).[ 11]


    وهذا التطور الذي يؤكده هكسله جازماً، هو تطور بالمقاييس التي اعتمدها داروين وزملاءه، تلك المقاييس التي تعتمد على قاعدة البقاء للأصلح وذلك يقتضي أنَّ كل طور آتٍ هو أفضل من سابقه، فهو بالتالي يتمتع بصفات أحسن من الطّور الذي سبقه.


    الهامش:

    [1] موسوعة المورد العربية، الجزء الأول، صفحه ( 139 ).
    [2] خلق لا تطور، صفحه ( 108 )، نقلاً عن مجلة: سيانس دايجست.
    [3] المصدر السابق، صفحه ( 109 )، نقلاً عن: Biology. Ama Its Relation to Mankind.
    [4] طبيب هولندي أعلن عن اكتشافه " إنسان جاوه ".
    [5] المصدر السابق، نقلاً عن: Evolution or special creation.
    [6] المصدر السابق، صفحه ( 109 )، نقلا عن كتاب: Science Moderne.
    [7] "كتاب " ساينس مودرن Science moderne. " .
    [8] خلق لا تطور، صفحه ( 13 ) نقلا عن: جريدة " Houston Post. ".
    9] المصدر السابق، صفحة ( 14 ) نقلا عن:World book encyclopedia.
    [10] المصدر الفصل الخامس من هذا الباب.
    [11 ) المصدر السابق، نقلاً عن: D.F., B.B. Vance Miller-Biology for you.


    >>>>>>>>>>>>>>>> يتبع ان شاء الله
    9022/ 106/132/136 / 2
    التعديل الأخير تم 05-19-2010 الساعة 12:46 PM

  15. افتراضي

    4

    وينقض تلك النظرية من أساسها بما فيها من فروض وقواعد وتعاريف ما جاء في كتاب ساينس مودرن آنفاً وما أكده عالم الأحياء مارش، فالأول يؤكد أنَّ التطور كان من الأعلى إلى الأدنى ومن الرقي إلى المنحط، والثاني يؤكد تزامن وجدود الراقي في وقت واحد مع الأقل رقياً، فبأي من نظريات هؤلاء العلماء نأخذ؟ وما من تلك النظريات نأخذ وما نذر؟.

    يؤكد الأستاذ "ايفار IVAR" نظريةٌ حول ما يسمى الإنسان البدائي وأوصافه قائلاً في كتاب "وكان الله هُناك": (لقد بدئنا نشعر بأنّ الإنسان البدائي لم يكن متوحشاً، وقد بقي علينا أن نقتنع بأنّ إنسان بليستوسين لم يكن جِلفاً ولم يكن قِرداً، ولذا فإنّ الهياكل العظمية التي أُعيد تركيبها، والتي يقال بأنها تمثل النياندرتال أو غيره من النّاس لم تمثل الحقيقة.)[ 1]

    أما ما تعرضه متاحف المدن الكبرى من رؤوس أشخاص قبيحة، جلدها أغبر بلون التراب، وذات لحى مبالغ في طولها، ذات جبهات عريضة واسعة وفك ناتئ، فالصحيح أنه لا يمكن أن يعرف بواسطة العظام أي شيء عن لون البشرة أو عن السّحنة أو لون اللحية وطولها، وذلك ما يعترف به العالم الأمريكي ستيوارت حيث يقول:
    (إنّه من المستحيل إعادة تركيب أي شيء في هذه الحالات، بل لعل من الممكن ألا تكون خلقة الإنسان القديم أقل جمالاً من خلقة إنسان اليوم)[ 2]




    لا يمكن أن يُعرف بواسطة العظام أي شيء عن لون البشرة أو السحنة أو لون اللحية وطولها


    أمّا عن اكتشاف " دكتور ليكي Dr. L. Leakey " الشهير لجمجمة إنسان في كينيا، فتقول مجلة " عالم الفكر " في عددها الرابع من المجلد الثالث، وفي صفحه (11) ما يلي: (أعلَنَ الدكتور ريتشارد ليكي مدير المتحف الوطني في كينيا في نوفمبر عام 1972، أمام الجمعية الجغرافية الوطنية في واشنطن عن اكتشاف بقايا جمجمة يرجع تاريخها إلى مليونين ونصف مليون سنة مضت، وهذه الجمجمة ترجع بذلك إلى مليون ونصف مليون عام عن أقدم أثر أمكن الحصول عليه حتى ذلك الحين، كما أنّه تم اكتشاف ساق ترجع إلى تلك الحقبة من التاريخ في جبل حجري بإحدى الصحراوات شرقي بحيرة رودولف في كينيا، ويبدو أنّ هذا الاكتشاف سوف يقلب النظريات القائمة بشأن تطور الإنسان من أسلافه المبكرين من عصور ما قبل التاريخ، فنظريات التطور الحالية وعلى رأسها نظرية داروين تذهب إلى أنَّ الإنسان تطور من مخلوق بدائي له سمات فيزيقية أقرب إلى سمات القرود العليا، وأنّ أقدم أثر للإنسان ككائن منتصب القامة يرجع إلى نحو مليون سنه فقط، في حين أنَّ الاكتشاف الجديد يدل على أنّ الكائن البشري المنتصب القامة يسير على ساقين اثنتين لم يتطور من كائن أكثر بدائية، أو أنّه انحدر من سلالة أحد تلك الآدميات المشبهة بالقردة ، وإنما عاصرها منذ نحو مليونين ونصف مليون سنة، وليس من شك في أنه لو صحَت تلك النظرية لهدمت نظرية التطور الدارويني من أساسها، ودعمت نظرية الخَلق المستقل)[3 ]

    أما بالنسبة لما يدعونه من المشـابهة الهيكلية بين الإنسان والقرود، إذ يدعون أنّ تكوينه الهيكلي يشبه تكوين فصائل السيميا[4 ] فإنّ هذا الشبه الهيكلي ليس بالضرورة برهاناً على أننا نسل من أسلاف سيميائية – القرود – وأّنَّ تلك القرود هي ذرية منحطة للإنسان. ولا يستطيع أحد أن يزعم أنّ سمك القد " Cod " قد تطور من سمك الحساس" Haddock" وإن يكـن كـلاهما يسكن المياه نفسها ويأكل الطعام نفسه، ولهما عظام تكاد تكون متشابهة. وإنما يعني وبوضوح تام عظمة الخالق الذي أحسن كل شيء خلقه ووازنه وأعطاه كل ما يلزمه في تكوينه.

    إنَّ العلم يشير إلى إبهام يد الإنسان وقدرتها على الإمساك بالعدد والأسلحة، ويعد ذلك أصلاً لتميز الإنسان، وإنَّ إبهام القرد التي لا نفع لها لهي برهان قاطع على أنّ إبهام الإنسان لا يمكن أن تكون قد جاءت من إبهام قرود السيميا التي تعيش على الأشجار، تلك الإبهام المخصصة لتلك العيشة ولهذا النوع من العيش، والحصان الذي يجري الآن على إصبع شـديدة التّخصص لا يمكنه أبداً أن يسـتعيد تلك الأصابع التي فقدها على كر الزمن - إن كان قد فقد أصابع أصلاً، وهو ما لم يحصل - على أننا لا ينبغي لنا أن نُشغلَ أنفسنا بشكل جدي أكثر من اللازم بالترهات والهرطقات والجدل العقيم والفرضيات الوهمية لما حدث لأسلافنا منذ مليوني جيل على الأقل، ومع هذا يبدوا أن البحث عن الحلقة المفقودة سوف يتضح عبثه وعدم جدواه...

    إنّ جوزة البلوط تسقط على الأرض فتحفظها قشرتها السمراء الجامدة وتتدحرج في حفرة ما من الأرض، وفي الرّبيع تستيقظ الجرثومة فتنفجر القشره ويزود الطعام من اللب الشبيه بالبيضة التي اختفت فيه الجينات، وهي تمد الجذور في الأرض وإذا بك ترى شجيرة لتنقلب بعد سنوات شجرة وارفة الظلال باسقة الأغصان، تعطي بغزارة أجود الثمار. وفي خلال مئات بل آلاف السنين قد بقي في ثمار البلوط التي لا تحصى نفس ترتيب الذرات تماماً الذي أنتج أول شجرة بلوط منذ ملايين السنين.



    البلوط هو البلوط والسفرجل هو السفرجل والتفاح هو التفاح


    لم تحمل شجرة بلوط قط سفرجلاً أوتفاحاً أو موزاً، ولم يلد أي حوت سمكة، وحقول القمح المتماوجة هي قمح في كل حبة من حبوبها، والشعير هو الشعير، والشوفان هو الشوفان، والقانون هو القانون الذي يتحكم في التنظيم الذري "الجينات" التي تقرر قطعاً كل نوع من الحياة من البداية إلى النهاية.

    لقد قال "هيكل Heackel" (أعطني هواء ومواد كيماوية ووقتاً، وأنا أصنع الإنسان). ولكنه أغفل وحدات الوراثة "الجينات" وأغفل الحياة نفسها. لقد كان لو استطاع - ولن يستطيع ذلك أبداً – أن يجد وينظم الذرات غير المرئية ووحدات الوراثة ويمنحها الحياة!!! وحتى في هذه الحالة كانت التنيجة رياضياً بنسبة بلايين إلى واحد أنَهُ كان سيأتي بوحش لا مثيل له. ولو نجح جدلاً – ولن ينجح – لقال أنَّ الأمر لم يكن مجرد مصادفة عشوائية، ولكن ثمرة عقله الخارق!!!!)[ 5]


    يا أيُها النّاسُ قد ضُرٍبَ مَثَلٌ فاستَمعوا لّه ، إنَّ الذينَ تَدعون من دون الله لن يَخلقوا ذباباً ولو إجتمعوا لَهُ وَإن يَسلُبُهم الذباب شيئاً لا يستنفذونه منه ضعف الطالب والمطلوب[6]

    الهامش :
    [1] المصدر السابق، صفحه ( 110 )، نقلاً عن: Dieu etait Dega La-Ivar Lissner.
    [2] خلق لا تطور، صفحه ( 112 ).
    [3] دورية " عالم الفكر " المجلد الثالث، العدد الرابع، صفحه ( 11 ).
    [4] فصائل السيميا Simian: فصائل الاورانجتان والغوريلا والشمبانزي.
    [5] الفقرات الخمس الأخيرة: منقولة بتصرف من كتاب "العلم يدعو للإيمان"، الفصل العاشر - وحدات الوراثة – الصفحات ( 139 – 150 ).
    [6] سورة الحج، ( 73 ).


    9111 / 107 / 136 / 140 / 2

صفحة 3 من 7 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم (بحث في الخلق والنشوء)
    بواسطة حازم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 33
    آخر مشاركة: 12-04-2018, 09:40 PM
  2. سؤال: سؤال عن نظرية التطور والنشوء ؟
    بواسطة الأسيف في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-28-2009, 03:06 PM
  3. سؤال في الخلق
    بواسطة tuto في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-31-2008, 10:00 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء