الخلق والنشوء
بين ضلال النظريات
وحقائق الإسلام
***
داروين ونظريته حول خلق الإنسان[3 ]
ويجذم القائلون بنظرية داروين أنّهُ بالتّطور قد وُجدَت جميع الكائنات
الحيّة، فخَرَجَ بعضها من بعض على طول الأحقاب الجيولوجيّة. ومما يتقوّلُ به علماء الفلك والجيولوجيا بأنّ الزّمن الذي انقضى منذ انفصال الأرض من السّديم الأصلي 2] حتى ظهور الإنسان يتراوح بين ثلاثة آلاف مليون سنة وبين خمسة عشر ألف مليون سنة، أي أنّ الفرق بين تقدير العلماء في قياس ذلك الزّمن يبلغ اثنى عشر ألف مليون سنة فقط[ 1]!!!.
كان هذا تلخيصاً شاملاً لتسلسل الحياة بدءاً بالجبلة الأولى مروراً بالديدان والحشرات والبهائم والقرود وصولاً بالإنسان، كما يفترض ذلك داروين في نظريته، فهو يرى أنّه بالتطور وُجِدَت جميع الكائنات الحيّة إلى أن ظهر الإنسان، أمّا من أي القرود تنشأ الإنسان بالتأكيد – ذوات الذيول أم فاقدتها – فأمر لا يزال محوطاً بالشَّك لديهم!!! ولكن الراجح لديهم أنّ سلفاً من الأسلاف البشرية المشابهة للإنسان قد تطور عنه بالتأكيد الغوريلا والشمبانزي والأرطان ، ومن ثمَّ جاء بعدهم الإنسان ومن أحدهم.
إنّ هذا التسلسل العجيب للحياة وتطورها قد رُسِمَ فيما أسموه "شـجرة الأحياء" نثبتها كما وردت – وبتصرف - في كتاب داروين "أصل الأنواع"[ 3] مع ملاحظتين:
[1] رسمت شجرة الحياة من أسفل إلى أعلى وليس العكس، بناء على نظرية داروين "البقاء للأصلح" لذا فتقرأ من أسفل إلى أعلى وليس العكس.
[2] يؤكد داروين صحّة ما ورد في نظريته حول الأصول الأولى للأحياء المتناهية والموغلة في القِدَم، في حين لا يستطيع التأكد من الأصول القريبة نوعاً، فالإنسان نشأ من الصعابير التي أنتجت القرود والسّعادين، وبالتأكيد فالإنسان قد نشأ من أحدهم، أمّا أيهم بالتأكيد على وجه التحديد؟ فلا يستطيع التأكيد!!!.
نشـــــأة الحيـــــــاة
تسرد كيفية نشأة الحياة دورية " عالم الفكر [4 ] كالتالي :
(وكيفية ظهور الحياة ما زالت موضع دراسة وإن كانت الأبحاث الحديثة في الكيمياء الحيوية Biochemistry وعلم الخلية Cytology والفيروسـاتViruses قد ألقت بعض الضوء على هذه المشكلة، ولكن العلماء لم يصلوا بعد إلى حل لهذا السّر وربما لن يصلوا إليه إلى الأبد، وأقدم نظرية تفسّر نشـأة الحياة هي: "نظرية النّشوء الذّاتي أو التلقائي Spontaneous Generation" ، وتبعاً لهذه النظرية تنشأ الأنواع المختلفة من الحياة حتى المعقدة منها تلقائياً من مواد غير حيّة، فمثلاً كان الفيلسوف الإغريقي الشهير"أرسطوAristole " يعتقد أن البعوض والبراغيث نشأت من المواد المتحللة، ولكن تمكن الطبيب الإيطالي "ريدي Redi" في القرن السابع عشر والقسيس الإيطالي "سبالانزاني Spallanzani" في القرن الثامن عشر من إثبات خطأ هذه النظرية، ولكن بعد اكتشاف البكتيريا Bacteria ظلَّ العلماء يؤمنون بإمكانية نشوء هذه الكائنات الدّقيقة جداً تلقائياً من أي وسط عضويOriganic medium حتّى تمكن العالم البكتريولوجي الفرنسي الشهير "باستير Pasteur" من إثبات خطأ هذا الرّأي بالتجربة.
والنّظرية الثانية هي " النظريّة الكونيّة Cosmozoic theory" التي تنادي بأنّ البذور أو الجراثيمApores الأولى للحياة وصلت إلى كوكبنا بطريقة ما من مكان آخر في الكـون. ولكنَّ هذه النّظرية غير مقنعة لسببين: الأوّل أنها لا تفـسر
كيفية نشوء الحياة على الإطلاق تغير منشأها من الأرض إلى مكان بعيد وغير محدد من الكون، والسبب الثاني أنّ الجفاف الشديد والبرد القارس والإشعاع القوي الذي يتميز به الفضاء فيما بين الكواكب المختلفة لا يسمح إطلاقاً لبذور الحياة بأن تمر من كوكب إلى آخر.)[5 ]
أمّا الآراء الحديثة لعلماء التّطور في كيفية نشوء الحياة وشرحها فهي معقدة وملخصها أنَّ حالة البحار البدائيّة من حيث درجة الحرارة والإشعاع والتركيب الكيميائي شجعت على تكوين وبقاء عدد كبير جداً من مركبات الكربونCarbon المختلفة، ثم بواسطة عدد لا يحصى من اتحادات هذه المركبات بعضها ببعض تكونت أجزاء فيزيائية كيماوية Physic-chemical لها طبيعة ثابتة نسبياً وتتميز بالصفات الأساسيّة للحياة معتقدين أنّ هذه الكائنات البدائيّة أو الأوليّة Proto-organisms كانت تشبه في أول مراحلها الجينGene الحامل للصفات الوراثية، بينما يؤكد علماء آخرون مقارنتها بالفيروس Virus يعيش عيشة حرّة، إنما هم متفقون أنّ أول الأشياء التي ظهرت على الأرض لم تظهر بصفة خلايا إنما بصورة أشياء هي أبسط من الخلايا بكثير يمكن تسميتها جزيئيات حيّة Living molecules، وأنّ الوقت الذي تحولت فيه تلك الجزيئيات الحيّة إلى مرحلة الخلية الواحدة مثل حيوان الأميبا Amoeba هو وقت طويل جداً نسبياً.[6 ]
.................................................. .................................................. .................................................. .............
[1] السّديم – الغيمة السديمية nebula) ): كتلة سحابية الشكل من غاز أو غبار أو كليهما معاً تكون في الفضاء الواقع بين النجوم وتتوهج بفعل أشعة النجوم المجاورة المنعكسة عليها.
الفرضية السديمية ( nebular hypothels ): نظرية وضعها الرياضي الفرنسي لابلاس عام ( 1796 ). تقول بأنّ الشمس نشأت عن سديم غازي ضخم ساخن دوّار، بَرَدَ شيئاً فشيئاً ةتقلّص متخذاً شكل كُرة. ولقد كان من نتائج هذا التقلص أن انفصلت عن الشمس حَلقاتٌ عازية ما لبثت أن تقلصت بدَورها وشكلت الكواكب السّيارة، وهكذا نشأ النظام الشمسي. وقد أخذ علماء الفلك بهذه الفرضية طوال القرن التاسع عشر، حيث أهملت بعد التحول عنها واستبعادها.
وفي نهاية القرن التاسع عشر أخذ العلماء بفرضية جديدة بدلها هي الفرضية الكويكبية Planetesimal hypothesis وهي فرضية طلع بها العالمان الأميركيان توماس تشمبرلين وفورست مولتون، عام ( 1906 ) لتفسير نشوء الكواكب السيارة. وهي تقول إنّ الشمس لم يكن لها في الماضي السحيق كواكب سيارة تدور حولها، وأنّ كتلاً ضخمة من المادة فُصلت عنها بفعل جاذبية نجم أكبر منها، وان هذه الكتل التي تسمى الكويكبات اتخذت لها مدرات اهليجية حول الشمس ثم اتحدت لتشكل ما يُعرف بالكواكب السيارة.
[2] المرجع. صفحة ( 41 ).
[3] المرجع. صفحة ( 41 ).
[4] دورية ( عالم الفكر )، العدد الربع ، المجلد الثالث، صفحة (15)
[5] المصدر السابق
[6] المصدر السابق، صفحة ( 15-16)
.................................................. .................................................. .................................................. .................
منقول من : موسوعة الخلق والنشوء
حاتم ناصر الشرباتي
الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة.مصر
www.sharabati.org
.................................................. .................................................. .................................................. ..................
يتبع إن شاء الله.........
Bookmarks