صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 34

الموضوع: خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم (بحث في الخلق والنشوء)

  1. افتراضي

    عملية الحمل والولادة وتكوّن الإنسان

    [1] الشّهوة والجهاز
    [2] التّكوين
    [3] عملية الحمل وأطواره
    [4] مُدّة الحمل
    [5] الخلق في السُّنة الشريفة
    [6] أطوار الجنين ( مراحل الحمل )
    [7] خلق الإنسان في أحسن تقويم
    [8] من هو الأصلح للبقاء
    [9] النَّســـب
    .................................................. .................................................. .................................................. .................

    الفصل الأول

    الشَّـــهوة والجهـــاز


    إن بقي في النفوس شئ من الشّك والرّيب بعد كل ما أعلمنا الله به وهدانا إليه، إذا بقي أي شك في البعث والحساب بعد الموت، فليتفكر الإنسان في نفسه وفي مراحل تكونه وتخلقه يجد البرهان والدليل. قال تعالى "﴿وَفي الإرْضِ آياتٌ لِلموقِنينَوفي أنْفُسِكُمْ أفلا تبصِرونَ )[﴾1 ]

    لقد خلق الله سبحانه وتعالى البشر بني آدَمَ، وكرّمهم على غيرهم من المخلوقات، وجعل بقاء النوع الإنساني مرتبطاً بالزوجية والتناسل الحاصل بينهما، لذا فقد خلق الله لكل من الزوجين جهازاً تناسلياً خاصاً، يُقابل جهازاً تناسلياً آخر خاصاً بالطرف الآخر، ومن كل من الجهازين مجتمعين يتخلق الإنسان.



    ولم يوكل التكاثر والتناسل إلى هذين الجهازين العضويين فحسب، إنَّما زرع في كُلٍّ من الذكر والأُنثى الغريزة القوية الدافعة، فيبرز إندفاع تلك الغريزة في مظهر الجوعات الجنسية المتطلبة الإشباع، فشاءت إرادة الله تعالى أن تثور جوعة الجنس متطلبة الإشباع ليتحقق بقاء النوع الإنساني. وفي ذلك يقول "إبن القيم الجوزية":

    (ثم لمّا أراد الله سبحانه وتعالى أن يذر نسلهما ـ أي آدم وحواء ـ في الأرض ويكثره، وضع فيهما حرارة الشّهوة ونار الشّوق والطَلَب. وَألْهَمَ كُلاً منهما اجتماعه بصاحبه، فاجتمعا على قدر... تُمَّ اقتضت حكمته سبحانه وتعالى أن قدّرَ لخروجها ـ الشّهوة ـ أقوى الأسباب المستفرغة لها من خارج وداخل... فقيض لها صورة حَسَّنها في عين الناظر وشوقه إليها. وساق أحدهما إلى الآخر بسلسلة الشَّهْوَةِ والمَحَبَةِ، فَحَنَّ كل منهما إلى امتزاجه بصاحبه واختلاطه به، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً... وجعل هذا محل الحَرْث وهذا محل البَذر ليلتقي الماءان على أمر قد قُدِّر )[2 ]

    هذا بالنسبة للغريزة وشهوتها ـ أي ثورتها متطلبة الإشباع ـ. أمّا بالنسبة للتركيب العضوي : فالجهاز التناسلي المذكر ـ محل البذر ـ " Male Genitalia " يتكون من مصنع للنطف "Spermatozzons" ومن مجموعة من الأنابيب الدقيقة الملتفة التي توصل تلك النطف عبر السائل المنوي إلى الإحليل "Penis"، والإحليل "القضيب" هو عضو انتصابي بانصباب الدّم فيه حتى يمكن ايلاجه في الفرج "Tiller"، وقذف هذه النطف بالقرب من عنق الرحم في المرأة.

    ويتكون الجهاز التناسلي الأنثوي ـ محل الحرث ـ "Female Genitalia" من أعضاء تناسلية ظاهرة وأخرى باطنة. أمّـا الظاهرة فتشتمل على فتحة الفرج "Insertion Vent" وعلى حافتيه الشفران الصغيران والشفران الكبيران، وتقع فتحة الفرج في الدهليز... ويقع أمام فتحة الفرج صماخ[ 3] قناة مجرى البول. وعند التقاء الشفرين الصغيرين من أمام يقع البظر"Clitoris". أما إلتقاء الشفرين الكبيرين من أمام فيكون جبل الزهرة.

    أمّا الأعضاء الباطنة فتشمل مصنع النطف الأنثوية وهم : المبيضان " Ovaris " ، والرحم " Viterus " وقناتيه ، والمهبل " Vegina " ، مخزن الحرث حيث يختزن الجنين .

    إنّ بقاء النوع الإنساني متوقف على الزوجية المنتجة للذرية. والزوجية تعتمد على التقاء وتزاوج جهازين تناسليين، أحدهما ذكري والآخر أنثوي، ليقوما معاً بإنتاج المخلوق في عملية دقيقة، كما يعتمد ذلك أيضاً على الشهوة الكامنة في الإنسان ذكره وأنثاه وهي غريزة النوع التي تثور طالبة الإشباع، ودافعة كلا الزوجين "الذكر والأنثى" إلى الإلتقاء الجنسي والتزاوج، إذ اودعت لدى كل منهما الشّهوة للإلتقاء بقرينه بقصد الإشباع بالإستمتاع واللذة، ليتم أمر الله تعالى الذي قُدر، بالتناسل لبقاء النوع الإنساني.

    (وهكذا نجد بأنّ نظام الزّوجية هو الوسيلة الوحيدة لبقاء الحياة التي شاء الله بقاءها واستمرارها على الأرض بالتناسل. ونظام الزّوجية هو الدليل الثابت على ما في إطراد الزّوجية في النبات والحيوان من دليل على القصد ونفي المصادفة، ويظل التكوين الجنيني للإنسان في تصويره، وخلقته وعظامه وكسوته، وقراره المكين إلى قدره ومدته، في زوايا ظلمته..... أعظم دليل على القصد الإلهي. قال تعالى: (نخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً بعد خلقٍ في ظلمات ثلاث)[4 ]

    بويضة (Ovum) مثل بيضة الدجاجة، ولكنها أصغر منها بكثير، قطرها يتراوح بين جزء وبين جزئين من (10) أجزاء من المليمتر. ووزنها جزء من مليون جزء من الغرام وفيها مُح (cytopalasme) وفي المح (الحويصلة الجرثومية (Nuyauالتي يبلغ قطرها جزءاً من (700) جزء من القيراط.[5 ] وفيها تكمن (النطفة الجرثومية Nucleole) التي يبلغ قطرها جزءاً من (3000) جزء من القيراط.... هذه هي البويضة. تتكون في ظلمة المبيض ضمن حويصلة تسبح في سائلها الألبوميني (الزلالي Albumin). فإذا نمت هذه الحويصلة وازداد السائل الذي في باطنها، يتمدد غشاؤها ويرق ثم ينفجر وتخرج البويضة منها ومن المبيض كله .

    وتسير البويضة إلى فم (البوق Oviduct) وهو عبارة عن طريق ضيق دقيق قطره قطر شعرة ، يختبئ وراء (الرحم Uterus) ويمتد منه إلى (المبيض Ovay) ويدخل (الحيوان المنوي المذكرMale Spermatzoon) من الرحم حتى يصل إلى (البوق Oviduct) حيث يلتقي بالبويضة. ولكن هذا الحيوان صغير جداً جداً بالنسبة إلى البويضة، فطوله عبارة عن 60 جزءاً من ألف جزء من المليمتر، يسبح بسرعة هائلة في السائل (المنويSpermatic) الذي يقذف به ، وسباحته تتم في حركة لولبية حى تؤتي السّرعة المطلوبة، وجوهر هذا الحيوان المَنَـوِيُّ في رأسه لا في ذنبه، ولذلك جعل له رأس مُكوّز وَجُعِلَ برأسه عنق لولبي، وَجُعِلَ لعنقه ذنب طويل يَضرب به الماء الذي يسبح فيه ويقذف بنفسه، وجعل هذا الذيل معقوداً بأنشوطة لينفكَّ عنه إذا دخل البويضة.

    أما عدد الحيوانات المنوية الذكرية (Male Spermatzoons) فيربو على (200) مليون، ولكنه لا يصل إلى البويضة إلاّ من كان أقواها وأسرعها، حتى يمكنه اختراق الباب الخاصّ الذي يوصله إلى البويضه، الباب المسمى: باب الجاذبية (Cone d`attraction) فعندما يدخل الحيوان المنوي ينغلق الباب، وتنقطع الجاذبية وبذلك تموت جميع الحيوانات المنوية الأخرى. ثم تستقرّ البويضة في (الرَّحْم Uterus)، فتفتح خلايا غشائه المخاطي، وتتسع الشعيرات الدموية فيه، وتنشط الغدد، ثم يبدأ العمل المشترك ما بين الحيوان المنوي والبويضة في بناء الإنسان الجديد. فيمشج الشريكان كلٌ ما عنده بما عند الآخر من عناصر التخطيط النووي (الكروموزات Chromosomes) وما فيها من الخلق المخلقة (الجينات Genes) التي خطّتها وخلّقتها وسوّتها يدُ المٌقدِّر الخالق لها قانوناً وسُنّةً عبر الأجيال من الجدود والآباء إلى الأبناء والأحفاد من (سلالة من طين) ثم (سلالة من ماء مهين) لتتكوّن من هذا الإختلاط (النطفة الأمشاج Fertilized Ovem) التي أشار إليها أحسن الخالقين:
    (﴿إنّا خَلقنا الإنسانَ مِنْ نُّطفةٍ أمْشاجٍ نَبْتليهِ فَجَعَلناُ سَميعاً بَصيراً﴾)[6 ]

    .................................................. .................................................. .................................................. .................
    1- الذاريات: (20-21)
    2- ابن قيم الجوزية، التبيان في أقسام القرآن، صفحة: (338)
    3- صماخ : تقب
    4- الزمر : (6)
    5- القيراط: هو جزء من 20 جزء من المثقال، الذي يساوي 25 جرام.
    6- الإنسان: ( 2)
    .................................................. .................................................. .................................................. .................
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    .................................................. .................................................. .................................................. .................

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  2. افتراضي

    عملية الحمل والولادة وتكوّن الإنسان

    الفصل الأول

    الشَّـــهوة والجهـــاز - 2 -



    وعناصر التخطيط والتخليق والتسوية التي يخلِقُ الله بها المضغة لتكون بشراً سوياً فرداً يتميز عن غيره من الناس بكل صفاته الجسدية والعقلية من شكلٍ وقدٍ ولون وذكورةٍ وأنوثةٍ وجمال وذكاء وأخلاق ترسم كلها للفرد الخطوط الأولى من حظه في الحياة.

    وهكذا فإنّ البويضةّ التي تحمل في نواتها عناصر التخطيط المذكورة، تسير النطفة الأمشاج سيراً رهواً بطيئاً في البوق فلا تنتهي منه إلى الرّحم إلآ بعد ثمانية أو عشرة أيام، تقوم خلالها بتقسيم نفسها تقسيماً بعد تقسيم لكي تهيأ لكل قسم وتعدّه للدور الذي سيقوم به في تكوين الجنين الجديد أو في حفظه وحمايته ووقايته أو تغذيته.

    وعندما تصل تلك البويضة الملقحة إلى الرّحم تلتصق بجداره، وتبدأ خلايا ألأقسام عملها العظيم بالتعاون مع بعضها أو مع خلايا جدار الرّحم، فتجعل حول الجنين غلافاً فوق غلاف فوق غلاف....

    فالغلاف الأول الظاهر الذي يحيط بجميع الأغشية ويسمى (السّلي Chortion) فهو المعدّ في جانبه الملتصق بجدار الرّحم كوسيلة للتغذية الأولية ثم لتكوين المشيمة الحجبية، وفي جانبه الظاهر غير الملتصق بجدار الرّحم كوسيلة لوقاية الجنين وحفظه.

    والغلاف الثاني ينسج تحت الكوريون ليحيط بالجنين إحاطة كاملة من وراء غلاف مائي يحيط بالجنين إحاطة مباشرة ليقيه مع الغلافين الأولين كل صدمة أو رجة تأتي من الخارج. وتبدأ في الوقت نفسه، الخلايا الجرثومية (المخلّقة) التي تكون الجنين سيرها في تطورها من نطفة إلى علقة إلى مضغة، على الترتيب الذي القرآن الكريم.

    ومن هذه المضغة المخططة المخلقة بكروموزوماتها المتخالطة وجنيناتها يبدأ تكوين الأعضاء والأحشاء، كما بدأ تكوين أغشية الحفظ والوقاية والتغذية من خلايا المحّيّة غير المخلقة. فيقوم قسم من الخلايا الجرثومية بتكوين مباديء القلب، بينما يقوم قسم آخر منها بتكوين المخ ومباديء العمود الفقري، إلى جانب خلايا أخرى تقوم بتكوين مباديء الأحشاء من الجهاز الهضمي والتنفسي والتناسلي، إلى جانب خلايا أخرى تقوم بتكوين العظام، كل في دائرة اختصاصه. فلا ينتهي الشّهر الثاني إلآ وتكاد المضغة تصبح إنساناً كاملاً بجميع أعضائه وأحشائه وأعصابه. وهنا السِّر في الخلق، إذ أنّ هذه الخلايا لها من فطرة الخالق ما يعطيها القدرة على أن تسوّي إنساناً كاملاً، ولكنها تصير عاجزة حين تصبح هي نفسها إنساناً كاملاً عن أن تخلق ذبابة. (﴿فسُبْحانَ الذي أعطى كل شيء خلقه ثُمَّ هدى﴾)[1 ]

    أمّا الوظيفة التي تقوم بها المشيمة (Placenta)[ 2] فهي آية أخرى من آيات الإعجاز فخلايا الكوريون وخلايا جدار الرّحم تشترك كما قلنا في صنع المشيمة للجنين... وهذا الجنين الجديد، يحتاج إذا صار مضغة وتكونت أعضاؤه إلى طريقة من التغذية غير الطريقة الإمتصاصية الإرتشاحية الساذجة التي تحصل بين خمل الكوريون وبين جيوب الدم الرّحمية، لأنّ حاجة الجنين إلى الدّم إذا كبر ستكون أكبر، وحاجة الدّم إلى التصفية إذاً ستكون أكثر، وبما أنّه لا يجوز أن يدخل دم الأم بذاته إلى الجنين، وأنّ دَمَ الجنين يجب أن يتخلص من أقذاره وسمومه كما يتخلص كل حيوان، فلا بد من وجود آلة كبرى تتولى هذا الترشيح والتوريد والتصدير بين دم الأم الوارد المطهَّر ودم الجنين الصادر القذر، فكانت المشيمة العجيبة التي بنتها الخلايا من خمل الكوريون واهدابه ومن جيوب الدّم الرحمية، وجعلتها موصولة بسّرة الجنين بحبل يحمل منها إليه عناصر الغذاء والأوكسجين التي تستخلصها المشيمة من دم الأم، ثم الحبل من الجنين إلى المشيمة في وريد آخر ما يتكون في الجنين من سموم وأقذار، حتى إذا خرج الجنين إلى عالَم النور والهواء والثدي وأصبح قادراً على تنفس الهواء برئتيه وامتصاص الغذاء بشفتيه، وقادراً على حرق قمامته في سَحْره، ولفظها من نحره، قطعت المشيمة عن الولد وسُدّ باب السّرة إلى الأبد.[3 ]

    إنَّ هذا النظام الغريب، والجهاز المعقد الدقيق، والتصميم العجيب في خلق الإنسان من بين الصلب والترائب، في حيوان الذكر المنوي وبويضة الأنثى، ثم تخلقه في الأجنّة في بطون النساء، لهو الآية الكبرى والدليل الدامغ على قدرة الله تعالى في الخلق والتصوير... ولو تأمل الإنسان وتفكر لوعى وتبصر. ويكفي الإنسان الواعي الباحث عن الحقيقة المجردة التأمل والتفكير في الدّقة المتناهية في هذا الجهاز البالغ التعقيد والنظام البديع الذي يُسَيّره، بحيث لا يترك أي مجال للصدفة. بل تنظيم دقيق جداً لا يترك شاردة ولا واردة إلآ وأعد لها نظام سيرها مسبقاً، ليتم التناسل والتكاثر بموجبه حِفاظاً على النوع الإنساني. لذا يوجه الله تعالى الدعوة للإنسان للتأمل والتفكير في خلق نفسه، بما في ذلك هذا الجهاز المعقد الدقيق والنظام البديع المسير له:

    (﴿فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، إنّه على رجعه لقادر﴾)[4 ] ()[5 ] ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنّه الحق﴾

    هذا هو الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم، وجعل أصل وجوده من طين وتراب الأرض، وأوجب عليه أن يتم خلقه ووجوده بقانون واحد هو: الزوجية المؤدية إلى التناسل والتكاثر، وليتم ذلك فقد خلق لكل من الذكر والأُنثى هذا الجهاز المعقد، وزرع في نفس كل منهما الشهوة الغريزية إلى الجنس الآخر، لتثور متطلبة الإشباع، ليتم أمر الله من التوالد والتناسل والتكاثر، للمحافظة على بقاء النوع الإنساني.
    ومما يجدر الإنتباه إليه {{أنّ المسافة بين النطفة في خصية الرجل أو بويضة المرأة حتى يجتمعا معاً مسافة بعيدة، ففي الأنثى تتكون البويضة منذ كانت هي جنيناً في بطن أمها... وتنمو ببطء شديد، ثم تتوقف عن النمو هامدة فترة طويلة من الزمان... وتبدأ نموها مرة أخرى بعد البلوغ.... بويضة واحدة كل شهر، لا تتوقف منذ البلوغ إلى سنّ اليأس، إلا عند حدوث الحمل. أمّا في الذكر فإنّ خلايا الخصية تظلّ هامدة حتى سنّ البلوغ، عندها تستيقظ من رقدتها وهجعتها الطويلة، وتبدأ في إنتاج وإخراج ملايين الحيوانات المنوية. وتحتاج الخصية إلى ستة أسابيع تقريباً حتى يكتمل فيها نمو الحيوان المنوي. فإذا ما التقى الحيوان المنوي "نطفة الرجل" بالبويضة "نطفة الأنثى" ولقحها بأمر الله... تكوّنت عندئذٍ النطفة الأمشاج المختلطة من ماءي الذكر والأنثى، وتحتاج إلى أسبوع تقريباً حتى تبدأ في العلوق في جدار الرحم، ويتم علوقها وانغرازها في يومين، فتكون مرحلة ما تستغرقه النطفة الأمشاج أربعين يوماً كاملة}}[6 ]
    إنّه جهاز دقيق... بقوانين ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، فرضها من خلقها وأبدعها، وألزم هذا الجهاز السّير بهذا القانون لا يخالفه. (﴿إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج﴾)[7 ]

    .................................................. .................................................. .................................................. .................
    1- طه : (50)
    2- المشيمة أو السخذ:عضو مؤقت متصل بباطن جدار الرحم عند معظم الثدييات، بواسطتها يتلقى الجنين غذاؤه، وهي مؤلفة من أنسجة مستمدة من الأم والجنين معاً، وتتصل بالجنين بحبل سري غليظ تمتد أوعية الجنين الدموية عبر هذا الحبل إلى المشيمة ثمّ ترتدج راجعة إلى الجنين، تمتص المشيمة الغذاء والاوكسجين من الأم فينقلان عبر الأوعية الدموية في الحبل السري إلى الجنين، وتحمل الفضلات التي يفرزها الجنين إلى المشيمة فيمتصها دم الم إلى خرج الجسم.
    3- الزين - سميح عاطف، مجمع البيان الحديث - قصص الأنبياء في القرآن الكريم، الصفحات (61-66) بتصرف
    4- الطارق 5-8)
    5- فصلت: (35)
    6- المصدر السابق، صفحه (57) بتصرف
    7-ة الدهر: (2).
    .................................................. .................................................. .................................................. .................
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    .................................................. .................................................. .................................................. .................

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>





    --------------------

  3. افتراضي

    عملية الحمل والولادة وتكوّن الإنسان

    الفصل الأول

    التكويــــن[ 1]



    قال الله تعالى :
    [1] (﴿أوَ لَمْ يَرَ الذينَ كَفَروا أنَّ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ كَانَتا رَتقاً فّفّتَقناهُما وَجَعَلنا مِنَ الماءِ كُلَّ شيءٍ حيٍٍ أفَلآ يؤُمِنونَ﴾)[ 2]

    لقد كانت السموات والأرض منسدتين، ففتق السّموات فجعلها سبعاً والأرض سبعاً. وكانت السّماء لا تُمطر، وبعد فتقها بدأت تمطر، والأرض لم تكن تنبت، فبدأت بالإنبات، وصارت صالحة للحياة.

    [2] (﴿وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً﴾)[3 ]

    والمراد بخلق السموات والأرض هو جمع اجزائها وفصلها وفتقها من سائر ما يختلط بها من المواد المشابهة المركومة. وكان عرشه سبحانه يومها على الماء، أي أنّ المادة الأولى التي كان يتألف منها الكون هي الماء. وأمّا قوله سبحانه وتعالى (ثم استوى على العرش) فيعني احتواءه السموات والأرض، وأخذه في تدبيرهما.

    [3] ( ﴿والسّماء بنيناها بِأييدٍ وَإنّا لمُوَسِعونَ  وَالأرْضَ فَرَشْناها فنِعْمَ الماهدونَ  وَمِنْ كُلِّ شَيءٍ خلقنا زَوْجَين لعَلكُمْ تذكَرونَ﴾ )[ 4]
    [4] (﴿وَسِعَ كُرْسِيُهُ السَّمَواتِ وَالأرْضَ وَلا يَئودُهُ حِفظُهُما وَهُوَ العلي العظيم﴾)[5 ]

    [5] (﴿أفلم يَنْظُروا إلى ألسَّمآءِ بَنَيْناها فوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيْناها وَما لهل مِنْ فُروجْ  وَالأَرْضَ مَدَدْناها وَألْقَيْنا فيها رَواسِيَ وَأنْبَتْنا فيها مِنْ كُلّ زَوْجٍ بَهيج  تَبْصِرَةً وَذِكْرى لكل عَبْدٍ مُنيب ﴾)[ 6]

    [6] (﴿الذّي خَلقَ المَوْتَ والحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزيزُ الغفورُ  الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَواتٍ طِباقاً ما تَرَى في خَلْقِ الرَّحْمانِ مِنْ تَفاوُتٍ فَأرْجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فٌطورٍ  ثُمَّ أرْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إلَيْكَ البَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسيرٍ﴾)[7 ]

    طباقا :
    أي بعضها فوق بعض من غير مماسة .
    ماترى في خلق الرّحمن من تفاوت : أي تباين وعدم تناسب .
    فأرجع البصر :
    أي أعده إلى السّماء .
    هل ترى من فطور :
    أي هل ترى من صدوع وشقوق .
    ينقلب إليك البصر خاسئاً :
    أي ذليلاً لعدم إدراك الخلل .
    وهو حسير :
    أي كليل منقطع عن رؤية الخلل .

    نحن لا نريد البحث في العوالم السماوية، وما خلق الله فيها، وما هي عليه من أحكام وتنظيم، بل نترك هذا لِمَنْ يريد أن يعرف ما في هذا الكون من إتساع ودقة وإنتظام، فيعود إلى علم الفلك، ليرى في الحقائق التي أثبتها ذلك العلم ما يدهش العقول، ويرمي النفوس في الذهول. لكننا نكتفي بالإشارة هنا إلى ما له علاقة بموضوع خلق الإنسان وتكوينه من خلال العلم المذكور، ولإن كان في إشارتنا جزء يسير من ذلك الفيض الذي لا ينبض.
    لقد توصل علماء الفلك إلى التقرير بإنّ المجرة[8 ] التي يقع في طرفها النظام الشمسي والتي تسمى "درب التبان" ويسميها الإفرنج "الطريق اللبنية" أو "الدرب اللبنية Milky way galaxy"، يقع ورائها كثير من "السُّدُم nebolas"[ 9]، ومن جملته "سديم المرأة المسلسلة" الذي يبعد عنا مليون سنة ضوئية، وقد قدّرالعلماء حتى الآن، من هذه السدوم بعدما رأوها في الآت التصوير حوالي (500) ألف سديم، ويقولون أنّه لو تقدمت تلك الآلات وازدادت إتقاناً فلربما رأوا أكثر من مليون سديم.



    أمّا الأرض " Earth ": وهي ما لها علاقة مباشرة ووثيقة بالإنسان وحياته، إذ هو يعيش فوقها فهي ـ في علم الفلك ـ إحدى الكواكب السّيارة في النظام الشّمسي الذي يقع في طرف مجرتنا، والتي ورائها مئات الآلاف من المجرات والسُّدُم ... وهي الكوكب السيّارة الوحيد التي أُتيح لها من بين الكواكب الأخرى في هذا النظام أن تكون صالحة للحياة، وذلك بما خصّها الله به من كثافة وجاذبية وحركة وهواء وماء وما إلى غيرها من أسباب الحياة.

    إنّ في النظام الشمسي عدة سيارات كبار غير الأرض، منها ما هو أقرب إلى الشّمس من الأرض، ومنها ما هو أبعد، ومنها ما هو أكبر، ومنها ما هو أصغر، ومنها ما هو أسرع دوراناً حول الشمس وحول محوره، ومنها ما هو أبطأ، ولكنها كلها منفتقة عن السّماء - كما يقول القرآن الكريم- أو منفصلة عن الشّمس -كما يقول علماء الفلك- والمعنى واحد. وأشهر السيارات في النظام الشمسي هي:

    عطارد "Mercury" :
    يدور كالأرض حول نفسه وحول الشمس، ومدّة هذا الدوران 88 يوماً في الحالتين، وهذا يعني أنّ عطارد له وجهان، أحدهما موجه دائماً نحو الشمس، فنصفه شمس والنصف الآخر زمهرير... وكثافته تقارب كثافة الأرض، الجاذبية به قليلة. ليس فيه هواء ... ولهذه الأسباب فهو لا يصلح للحياة.

    الزهرة "Venus" :
    تدور هي الأخرى على نفسها في نفس المدة التي تدور بها حول الشّمس، أي خلال 225 يوماً، وهي مثل القمر، تتجه بأحد وجهيها نحو الشّمس، والوجه المتجه نحو الشّمس حرارته 90 درجة، بينما الوجه الثاني 20 درجة تحت الصفر. ليس فيها هواء ولا ماء، بل فيها بخار سميك، وتلك المزايا تجعلها غير صالحة للحياة.

    المريخ "Mars" :
    يدور حول نفسه مرة كل 24 ساعة تماماً كما الأرض، ولكنه يدور حول الشمس 687 يوماً، ويبعد عن الشّمس 142 مليون ميل، وحرارته في النهار بضع درجات فوق الصفر، ولكنها في الليل تنزل إلى 70 درجة تحت الصفر، سطحه بر لا بحر فيه ولا ماء، وإن توهم بعض الباحثين في النصف الأول من القرن العشرين أنّ على سطحه أحياء... هواؤه مؤلف من غاز أثقل من الأوكسيجين. جاذبيته 1/3 جاذبية الأرض، فلا تكفي إذاً لحفظ الأوكسيجين في هواؤه. ولهذه الأسباب فهو لا يصلح أبداً للحياة على رأي المحققين من العلماء.

    المشتري "Jupiter":
    يتم دورته حول الشّمس في 12 سنة، ويدور على محوره في كل 10 ساعات، يبعد عن الشمس 484 مليون ميل تقريباً، ودرجة الحرارة فيه 130 درجة تحت الصفر، كثافته ¼ كثافة الأرض، ويرجح العلماء أنه كتلة من الغاز والمواد الذائبة، فمن البديهي ألا يكون صالحاً للحياة.

    زُحَل "Satorn" :
    يتم دورته في 29 سنة حول الشمس، ودورته على محوره في 10 ساعات، وبعده عن الشمس 887 مليون ميل، فيصل إليه من حرارة الشمس جزء من 90 جزء مما يصل إلى الأرض، كثافته أقل من ¼ كثافة الأرض، ويظهر أنّ مادة سطحه مائعة متحركة، فمن الطبيعي أنّه لا يصلح للحياة.

    امّا "أورانوس Uranus" و "نبتون Neptune"[ ] و "بلوتو Pluto"[ ]
    فعدم صلاحها للحياة أظهر لأسباب كثيرة، لاسيما وأنّ الأول يتم دورته حول الشّمس كل 48 سنة تقريباً، ويدور على محوره في 10 ساعات، وبعده عن الشّمس 172 مليون ميل. أمّا الثاني فيتم دورته حول الشّمس في 169 سنة تقريباً، ويدور حول محوره في 10 ساعات، وبعده عن الشّمس 2792 مليون ميل تقريباً. أمّا الثالث فيتم دورته حول الشّمس في 247 سنة، وبعده عنها 3670 مليون ميل تقريباً. فيكون كل من فصلي الشتاء والصيف في أحدهما 42 سنة، والثاني 84 سنة، والثالث 123 سنة، أما النهار فهو خمس ساعات في كل منهم، وكذلك الليل.





    .................................................. .................................................. .................................................. .................
    1- هذا النص بالكامل ( بدون الحواشي السفلية ) منقول بتصرف عن كتاب: مجمع البيان الحديث - قصص الأنبياء في القرآن الكريم - ، سميح عاطف الزين، الصفحات (39-57).
    2- الأنبياء (30)
    3- هود : (8)
    4- الذاريات: 47-49) . بأيد: يعني بقوة
    5- البقرة(255) - آية الكرسي - ، لا يؤوده: يعني لا يعجزه حفظهما.
    6- ق: 06-8) . ، فروج: أي شقوق تعيبها.
    7- الملك: (2-4)
    8- المَجَرَّة " Galaxy ": نظام سماوي يتألف من نجوم وسُدُمْ " Nebolas " ومادة بَيْنَجيمية " Interstellar ". والمجرة التي يؤلف نظامنا الشمسي جزءاً منها تشتمل على ما يقارب مئة مليار نجم. وهي تدعى " الطريق اللّبنية". وفي هذا الكون عدد لا يحصى من المجرات. وقالوا أنّه يوجد نحواً من خمسمائة مليون مجرّة. وهي تنزع إلى التجمع في عناقيد، أكبرها " عنقود كوما Coma cluster " الذي يتألف من عشرة آلاف مجرة تقريباً.
    9- السّديم Haze: هو ضباب رقيق ناشئ عن وجود الدخان أو الغبار أو الملح في الهواء، أو عن وجود بعض جسيمات الماء البالغة الصغر فيه، وقد ينشأ السّديم في شهور الصيف الحارّة عن إحترار الهواء على نحو غير متوازن مما يؤدي إلى تفاوت في الكثافة وتفاوت في انكسار موجات الضوء أيضاً. أما المقصود في البحث فهو ما يسمى " السّديم أو الغيمة السديمية Nebula " وهي كتلة سحابية الشكل من غاز أو غبار أو منهما معاً، تكون في الفضاء البينجمي " أي الواقع بين النجوم " وتتوهج بفعل أشعة النجوم المجاورة المنعكسة عليها. أما إذا عدمت هذه الأشعة فعندئذ تبدو أشبه بكتلة سوداء تحجب ضياء النجوم الأكثر بعداً وهي تعرف في هذه الحال " السد يم المظلم dark nebula ".
    وهناك نظرية وضعها الرياضي الفرنسي " لابلاس " عام ( 1796 ) تسمى " السّديمية Nebular hypothesis "وهي تقول بأنّ الشمس نشأت من سديم غازي ضخم ساخن دوّار، برد شيئاً فشيئاً وتقلص متخذاً شكل كرة. ولقد كان من نتائج هذا التقلص أن انفصلت عن الشمس حلقات غازية ما لبثت أن تقلصت بدورها وشكلت الكواكب السّيارة، وهكذا نشأ في رأيه النظام الشمسي.
    ولقد أخذ علماء الفلك بتلك النظرية طوال القرن التاسع عشر، تكاثرت بعها سهام النقد الموجهة إليها، ومن ثم أخذ العلماء بنظرية جديدة معارضه هي " النظرية الكويكبية Planetesimal hypothesis " وهي افتراض طلع به العالمان الأمريكيان " توماس تشمبرلين وفورست مولتون " عام ( 1906 ) لتقسير نشوء الكواكب السيارة. وهي تقول أنّ الشمس لم يكن لها في الماضي السحيق كواكب سيارة تدور حولها، وأنّ كتلاً ضخمة من المادة فصلت عنها بفعل جاذبية نجم أكبر منها، وإنّ هذه الكتل التي تدعى الكويبكات اتخذت لها مدارات اهليليجية حول الشمس ثم اتحدت لتشكل ما يعرف " الكواكب السيارة.
    أما " الكويكب أو السيير Plantoid - asteroid " فهو كما يقولون جرم سماوي صغير يدور مثل الأرض وسائر الكواكب حول الشمس. وتقع مدارات السييرات أو الكويبكات بين مداري المريخ والمشتري في المقام الأول، ويقولون أنّهم اكتشفوا حتى الآن أكثر من ( 1700 ) كويكب، ومعظم السييرات صغير يقل قطره عن ميل واحد.
    وللباحث "عطية زاهدة" نظرية نشرها سنة (1988)، في كتابه "من يصدق أنّ الشمس لا تضئ" ينفي بها أن تكون الشمس هي المصدر الحقيقي للضوء والحرارة. وإذا ثبت صحة تلك النظرية فذلك يعني إعادة النظر في كل النظام الشمسي برمته، وإعادة تقييم المعلومات الفلكية المتداولة ـ جميعها أو معظمها ـ على وجه آخر جديد.


    .................................................. .................................................. .................................................. ................
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    .................................................. .................................................. .................................................. .................

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>



    --------------------

  4. افتراضي

    عملية الحمل والولادة وتكوّن الإنسان

    الفصل الأول

    التكويــــن[ 2]


    أمّا الأرض والتي أنعم الله علينا بخلقها لسكنانا ومعاشنا في آيات كثيرة، وذكّرنا بمافي هذا الخلق من دلائل القصد والحكمة والنظام، فهي الكوكب السيّار الوحيد الذي جعله الله صالحاً للحياة دون غيرها من الكواكب: فقربها من الشّمس معتدل، وحرارتها معتدلة، ودورتها اليومية معتدلة وكافية لإحداث ليل ونهار معتدلين صالحين للسعي والراحة معاً ودورتها السنوية معتدلة وصالحة لإرواء الزروع وانضاجها، علاوة على امتيازها بالماء والهواء الصالحين للحياة.

    وهذه المزايا السبع هي التي فرض الخالق قوانيها لتجعل الأرض صالحة للحياة، ذلك أنّ حجمها أصغر من حجم الشّمس بمليون و300 ألف مرة، وكتلتها أي وزنها أقل من وزن الشّمس ب332 ألف مرة تقريباً - حسب أقوال علماء الفلك - وأنها أكثف من الكواكب السيارة جميعاً، بل أكثف من الشّمس نفسها، لأنّ كثافة الشّمس هي ربع كثافة الأرض، فالثقل النوعي لكل جسم في الشّمس أخف من الثقل النوعي للجسم نفسه وهو على الأرض، وإنّ بعدها عن الشّمس 93 مليون ميل، ودورتها اليومية حول الشّمس تتم في365,25 يوم، وشكل مدارها حول الشّمس أهليلجي، وسرعة دورانها حول نفسها ألف ميل في الساعة، وسرعة دورانها حول الشّمس بمعدل 18 ميل في الثانية، أي نحو 65 ألف ميل في الساعة. ووضعها على مدارها مائل بزاوية قدرها 23 درجة.

    ويقول العلماء - افتراضاً - أنّه لوكان حجم الأرض أكبر أو أصغر، ولو كان ثقلها وكثافتها أقل أو أكثر، لاختل أمر الحياة أو تغير أو تشوه. لأنّ حجمها متناسب مع سرعتها ومع دورتها ومع ثقلها وتناسب مع قوّة جذبها، فلو زاد الحجم أو نقص لتغيرت السرعة والمدّة، ولو قلّ جذبها لأفلت الأوكسيجين منها، ولولا الدورة اليومية لما كان هناك ليل ونهار دائبين ثابتين.

    ولو زادت سرعة دورانها حول نفسها عن ألف ميل في الساعة أو قلت، كما هو الحال في بقية السيارات، فكانت مثلاً مئة ميل في الساعة لأصبح طول النهار 120 ساعة، أو لأحترقت زروعنا في لهيب النّار، وذوت في زمهرير الليل، ولإختل ميزان العمل في النهار والراحة والنوم في الليل، لكن هذه السرعة ثابته لم يطرأ تبديل في ثانية واحدة منذ خلقها الله الحكيم الخبير وفرض عليها قوانينها، ولولا الجاذبية التي تربطنا بالأرض لَطِرنا عن ظهرها وانتثرنا انتثاراً نحن وبيوتنا، بل لولا التعادل الدقيق بين الجاذبية التي تلصقنا بالأرض، وقوّة البعد عن المركز "force centrifuge" التي تطردنا عن سطحها، لطرنا وطارت بيوتنا، وزحلت بحارنا من وسط الأرض إلى القطبين... فسبحان الذي قدّر كل شئ بكل الإتقان والدّقة، مما جعل الأرض صالحة للحياة .

    وبعد،، إذا تأملنا في تلك القوانين التي جعلت من الأرض وحدها دون سائر السيارات الأخرى، فإننا قد نتسائل:

    ولم كانت الأرض وحدها هكذا؟ ... من أجل أن تكون فيها حياة.
    ولمن تكون هذه الحياة؟ ... لمن شاء الله أن يكون خليفة في الأرض.
    ومن هو هذا الخليفة؟ ... إنّه الإنسان.
    ومم خلق الإنسان؟ ... من تراب الأرض وطينها، أي من الأرض نفسها.
    وماذا يعني ذلك؟ ... يعني أنّ الله سبحانه وتعالى عندما جعل الأرض وحدها هي الصالحة، فقد شاءت قدرته وإرادته لمن يعمر تلك الأرض أن يتكوّن منها، وأن ترتبط حياته بها، ثم يعود إلى أصله من التراب، فكما يبدأ من تراب يعود إلى تراب....... وهذه آية الله الكُبرى ومشيئته العُظمى في تكوين الإنسان وخلقه، فقد شاء أن يجبل الإنسان الأول من طين الأرض وصلصالها ويُخلطَ بمائها، ثُمَ يُعجن حتى تتكون الصورة التي أراده عليها، وما أن يلفحها الهواء وتصلها حرارة الشّمس حتى تستمسك وتصلب وتشتد، ويأتيها الروح بإذنه تعالى، فتستوي بشراً سَوِياً.


    وهكذا يكون أصل الإنسان من الأرض، وقد خصّها الله بالحياة، فمن الطبيعي أن يكون الإنسان كائناً حياً، وحياته تستمر من الأرض الحيّة، لأنّّ هذه الأرض هي التي تمده بالغذاء والماء، وبدونها لا حياة، فكل ما يأكله الإنسان إنما أصله من الأرض سواء أكان لحماً أو خضاراً أو فواكه أو حبوباً، حتى إذا امتنع الإنسان عليه أكل وشرب ما تعطيه الأرض فقد بعد عن الحياة، وبعد فقدانه حياته فإنه إلى ألأرض يعود، قال تعالى: (﴿مِنها خلقناكُمْ وَفيها نُعيدُكُمْ وَمِنها نُخرجُكُمْ تارَةً أخرى﴾)[1 ].

    لقد سمى الله الإنسان الأول (آدم) لأنه خلقه من أدمة الأرض، والأدمة في اللغة إنّما هي مشبهة بلون التراب، وآدم أدماً بين القوم. (أصلح وألف ووفق بينهم) وفي هذه الخصيصة الأخيرة معنى جوهري، وهو للدلالة على خواصّ الفكر والإرادة والنطق التي يتصف بها الإنسان عن سائر المخلوقات. وهنا السِّر الإلهي أيضاً، إذ جعل اسم الإنسان الأول يقترن بأصله، وبالتالي يحمل المزايا والصفات التي لا تكون إلآ للإنسان من سائر المخلوقات، وفي ذلك من التأكيد على العناية بالإنسان.

    إنّ الإرادة التي جعلت هذا الكون المترامي الأطراف، الذي لم يقدر العقل البشري على أن يُلِمَّ به أو أن يعرف له حصراً على هذه الصورة من التكوين، وجعلت له هذا النظام الخارق في الدّقة والإتقان، بحيث تسْبَحُ الأفلاك والمجرات والكواكب والكويبكات التي لا تُعَدُّ ولا تحصى، في نطاق محدد ومحدود معين ثابت لايحيد عنه ومجبر على التقيد التام بأنظمته وقوانيه المفروضة عليه. إنّ تلك الإرادة التي أقامت هذا الإنتظام الشامل الكامل الدقيق، وهي على ما هي عليه من القوّة والإقتدار لقادرة على أن تمنح من قدرتها قدرة لأي كائن حتى تصبح له القدرة والحركة، وعلى سبيل التشبيه مع الفارق: فبمقدار ما يُعطي الإنسان الآلة التي يصنعها طاقة حرارية أوشحنات كهربائية، تكون تلك الآلة قادرة على التحرك والسرعة. وهكذا فإنّ النفخة الإلهية في الإنسان وهي ما عليه من إقتدار وقوّه قد فعلت فعلها في الجسم الترابي، عندما نفخ الله فيه من روحه، فاستوى بشراً ذا قدرات خارقة تكمن في ما انطوت عليه تلك الروح التي جعلها فيه، وتقف عند الحدّ الذي شاءت القدرة الواهبة لها أن تحْتدَ بهِ.

    وفي هذا العصر أثبت العِلم أنَّ مادة هذا الكون تتألف من العناصر الأربعة:
    التراب ، الماء ، النار ، الهواء
    وأنّ هذه العناصر الأربعة تتكون هي نفسها من عناصر وعناصر، وأنّ هذه العناصر الكثيرة تتكون من أجزاء صغيرة، وأنّ تلك الأجزاء الصغيرة مكونة من أجزاء أصغر منها بكثير هي (الذرات Atomes) التي تبلغ من الصغر حداً كبيراً، إذ قدّر حجم الذرة الواحدة بجزء من خمسين مليون جزء من البوصة، أمّا وزنها فيتراوح على اختلاف العناصر، بين جزئين و395 جزءاً من مليون مليار من الغرام، وهذا الحجم مع صغره المتناهي يراه العُلماء عظيماً بالنسبة لحجم الألكترونات والبروتونات التي تتألف منها الذرّة، إذ الفرق بين حجم الذرّة كلها وبين حجم الألكترون الذي هو فيها كالفرق بين حجم ذرّة غبار وبين غرفة في منزل.

    إنّ للذرّة غلاف تدور فيه نواة أو نوايات كثيرة، أمّا الغلاف فهو مؤلف من (الكترون Electron) واحد أو ألكترونات كثيرة بحسب العناصر، وأمّا (النواة Rucleus) فتتكون من (بروتون Proton) واحد أو أكثر، أو بروتونات كثيرة، وتتكون من (نوترونNeotron) واحد أو نوترونات كثيرة، إلا في الهيدروجين فلا يوجد فيه نوترون. أما الألكترون فهو وحدة كهربائية سالبة، والبروتون هو وحدة كهربائية موجبة، والنوترون هو وحدة كهربائية محايدة، لا سالبة ولا موجبة.

    وحسب هذا المفهوم، فالمادة والعالَم كله ونحن معه، عبارة عن وحدات أو شحنات كهربائية. أي أن العالم كله يتألف من طاقات كهربائية متجمدة بشكل ذرات وعناصر.

    .................................................. .................................................. .................................................. ...............
    1- طه: (55)
    .................................................. .................................................. .................................................. ................
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    .................................................. .................................................. .................................................. .................

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  5. افتراضي

    التكويــــن[ 3]


    وقد كان العالم "اينشتاين A. Einstein" هو أوّل من جاء بنظرية النسبية[ 1] التي تقول بأنّ المادة والقوة هي شئ واحد، وقد صحت نظريته علمياً عندما أمكن فلق الذرة وتحويل مادتها إلى قوة، وبناء على نفس النظرية فما دام ثبوت أنّ المادة والقوة شئ واحد، فقد أمكن أن تتحّول المادة إلى قوة،[ 2] كما ثبت علمياً بتحطيم الذرة، فقد يثبت يوماً إمكان تحويل القوة إلى مادة، مما يكون دليل للمتشككين بإمكان خلق مادة العالَم من العَدَمْ.

    وهكذا فإنّ "اينشتاين" قد وضع أساس العِلم الحديث الذي يقول بالوحدة بين المادة والقوة، وبتحويل المادة إلى قوة وفنائها، وقد استنتج من خلال نظريته النسبيّة فكراً محدداً حول الخلق والفناء، خلافاً للقول: "لاشئ في الطبيعة يخلق، ولا شئ يفنى" ، وبذلك أوصله علمه وتفكيره العميق المستنير إلى الإيمان بالله تعالى خالقاً لهذه الموجودات من العدم وإلى أنّ العِلم لا يستقيم في سيره بدون إيمان، وأنّ إعمال العقل في التفكر في المخلوقات لا بد أن يوصل إلى اٌيمان بالله تعالى، وفي ذلك قوله:

    (إنّ أجمل هزّة نفسيّة نشعر بها هي تلك الهزّة التي تَعْرونا عندما نقف على عتبة الخفاء من باب الغيب، إنّها النواة لمعرفة الحق في كل فن وعلم، وإنّه لمَيت ذلك الذي يكون غريباً عن هذا الشعور، فيَعيش مُسْتغلقاً رُعْباً، من غير أن تجد روعة التّعجب إلى نفسه سبيلاً، إنّ جوهر الشُّعور الديني في صميمه هو أن نعلم بأنّ ذلك الذي لا سبيل إلى معرفة كُنه ذاته موجوداً حقاً ويتجلّى بأسمى آيات الحكمة وأبهى أنوار الجمال، التي لا تستطيع ملكاتنا العقلية المسكينة أنْ تدرك منها إلآ الجِبليّة في السطح دون الدقائق في الأعمال. أيَّ ايمان عميق بالحكمة التي بُنِيَ عليها الكون كان إيمان كبلر ونيوتن؟[3 ] وأيّ شوق لهّاب كان شوقهما لأنْ يريا أضأل شُعاع من نور العقل المتجلي في هذا الكون؟..... إنني لا أستطيع أن أتصور عالِماً حقاً لا يُدرِكُ أنّ المبادئ الصحيحة لعالم الوجود مبنيّة على حكمة تجعلها مفهومة عند العقل، إنّ العِلمَ بلا إيمان ليمشي مشية الأعرج، وإنّ الإيمان بلا عِلم ليتلمّس تلمّس الأعمى)

    أما الرّبط القرآني بين أول الخلق وبين تتابع هذا الخلق فهو واضح وصريح في قوله تعالى: (وَلقدْ خلقنا الإنْسانَ مِنْ سُلالةٍ مِنْ طينٍ  ثُمَّ جَعَلناهُ نطفةً في قرارٍ مَكينٍ  ثُمَّ خلقنا النُطفةَ عَلقةً فخلقنا العَلقةَ مُضغةً فخلقنا المُضغةَ عِظاماً فكَسَوْنا العِظامَ لحْماً ثُمَّ أنشَأناهُ خلقاً ءآخرَ فتبارَكَ اللهُ أحْسَنَ الخالقينَ)[4 ]

    "ولقد خلقنا الإنسان" إيجاداً من العدم مع عدم سبق وجود المادة الأصلية. أما قوله "من سُلالة" فيشير إلى أنّ المواليد كلها أصول للإنسان، وأنّه المقصود بالذات الجامع لطبائعها. "ثم جعلناه نطفة" بالإنضاج والتخليص الصادر عن القوى المعدّة لذلك، ففي قوله هذا "ثم جعلناه نطفة": تحقيق لما صار إليه الماء من خلع الصور البعيدة، وقوله "في قرار مكين" يعني الرّحم، ومكين تعني - كما ثبت لاحقاً- أنّ الرحم مجهز في تكوينه وفي خصائصه بما يُمَكن أشدّ التمكين للجرثومة التي يكون منها اللقاح من الحفظ والوقاية والدفاع عنها.

    أمّا الطور الثالث فهو "ثم خلقنا النطفة علقة": أي صَيَّرناها دماً قابلاً للتّمدد والتخلق والعلوق باللزوجة والتماسُك، ومما يميز العلقة عن غيرها من الأطوار هي النشوب والتعلق واحاطة النطفة الملقحة بالدّم المتجمد الغليظ. وقد ثبت في علم الأجنّة أنّ النطفة التي يتكون منها اللقاح في مني الرجل، تعلو رأسها نازعة كالسنان فتهاجم البويضة في الرّحم، وتخرقها لتعلق بها، ولذا سميت علقة، فإذا امتزجتا يكون التحول الأول للنطفة إلى علقة، ولما كان بين هذه المراتب من المهلة والبعد ما ستقرره، فقد عطفها ب "ثم" المقتضية المهلة ما بين هذا الدور والأدوار الأخرى.
    وبعد انقضاء المهلة المحددة يأتي الدور التالي وهو تحويل العلقة مضغة، أي تحويل ذلك الدّم الغليظ جسماً صلباً قابلاً للتفصيل والتخليط والتصوير والحفظ وجعل مرتبة المضغة في الوسط وقبلها ثلاث حالات وبعدَها كذلك، لأنّها الواسطة بين الرّطوبه السَيّالة والجسم الحافظ للصور.

    ثم يأتي دور العظام "فخلقنا المضغة عظاماً" أي صلبنا تلك الأجسام بالحرارة والشدّة حتى قبلت التوثيق والرّبط والإحكام والضبط، وذلك بعد تخلق الأعضاء المشاكلة للعظام ويتحول دم المحيض مُغذيا، وقوله "فكسونا العظام لحْماً" يعني حال تحويل الدّم إلى لحم وشحم والدور الذي يكون فيه الإنسان كالنبات: (والله أنبتكم من الأرض نباتاً ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً)[5 ]

    بهذا تكون أطوار الخلق سبعة. وقد ربط بعض المفكرين بينها وبين عدد الكواكب السّيارة السبعة، كما ربطوا بينها وبين عدد السموات وهو سبعاً، وعدد الأيام التي يتكون منها وهي سبعاً، وتسمية القرآن بالسبع المثاني.

    وبعدما يشتدُّ المخلوق ويفيض بالحياة والحركة مِن نفخ الرّوح فيه، يستوي بشراً سوياً، إنساناً فيه من دقة الخلق والتصميم والتصوير مما يشير إلى عظمة الخالق المصور المبدع "ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" ومعنى خلقاً آخر هو تكوينه على صورة الإنسان، بعدما كان خلقه في أطواره الأولى متشابهاً مع خلق الحيوانات الأخرى، كما يشير إلى ذلك العِلم الحديث، فإنّ العالِم الطبيعي الألماني "فون باير Von Baer"[ 6]، قام بجمع أجنة حيوانات مختلفة في مرحلة خاصة من مراحل تطورها، واحتفظ بها في وعاء زجاجي به مطهر حافظ من التعفن والتمصّل، ولثقته في نفسه، لم يضع على كل جنين ما يوضح هويته أو نوعه، وعندما عاد إليها ليدرسها لم يستطع أنْ يرجع معظمها إلى أصولها التي جاءت منها، لـــذا فقد كتب في مذكراته: (إنني لا أستطيع أنْ أحدّد إطلاقاً إلى أيّة فصيلة أو رتبة تنتمي هذه الأجنّة... فقد تكون لسّحالي أو لطيور صغيرة أو لحيوانات ثديية في مراحل نموها المبكّر..... فكم هي متشابهة في أشكالها وتكوينها هذه البدايات لأجنّة تلك الحيوانات!!!)

    ومما لاشكّ فيه أنّ هذا التكوين للمخلوقات إنّما هو نتاج لنظام الزّوجيّة، هذا النظام الذي يقول العلماء بأنه مطرد وشامل لجميع الأحياء من الحيوانات والنباتات كلها بطريقة واحدة ونَسَقٌ واحد، وأعضاء متماثلة ولقاءً متماثلاً، فيتسائلون كيف اتفق هذا الإطراد والشمول والتماثل في كل حي؟ لقد استلفت هذا الإطراد نظر الفيلسوف "هنري برغسون Henri Bergson"[ 7]. فبعد أن تكلم عن حاسّة الإبصار، واستبعد أنْ يكون اطرادها في الإنسان وفي جميع الحيوانات على نسق واحد، وتركيب مماثل أثراً من آثار المصادفة، قال:

    (وإذا سلمنا بأنّ هذه المصادفة جائزة الحدوث في تكوين حاسة الإبصار الواحدة في جميع الحيوانات، وقلنا أنّ الحيوانات ترجع إلى نوع واحد، فماذا نقول في النبات وهو نوع آخر يسير في طريق مختلفة كل الإختلاف عن طريق الحيوان إذا نحن رأيناهما يسيران على طريقة واحدة واحدة في عملية التناسل؟ فكيف أتفق أن اخترع الحيوان الذكورة والأنوثة، ووفق النبات إلى الطريق نفسها وبالمصادفة نفسها؟)

    ونحن نضيف إلى تسـاؤلات هذا الفيلسـوف تساؤل آخر وهو: لماذا ألزمت تلك المخلوقات نفسها وأبناء جنسها بتلك الطريق وفرضتها على نفسها وعلى غيرها قانوناً وحيداً لا يتخلف ولا يتبدل للتكاثر والنشوء ؟ !!!.[8 ]

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ الهامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    [1] نظرية النسبية " Relativity " نظرية في الكون وضعها آينشتاين عام ( 1905 )، تبحث في حركة المادة وسرعة الضوء والجاذبية، والعلاقة بين المادة والقوة.
    [2] وبناء عليه فقد تمكن العقل البشري من إنتاج القنبلة الذرية " atomic bomb " تلك الآلة الشيطانية التي تستمد قوتها المدمرة من انشطار بعض العناصر الثقيلة كالبولتوليوم واليورانيوم وتحولها إلى طاقة لقذفها بوابل من النيوترونات ونشوء ما يعرف ب "التفاعل المتسلسل chain reaction ". وقد صُنِعَت أولى القنابل الذرية المدمرة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، وقام رأس الكفر الصليبي بإلقاء أول قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما باليابان في 6 أغسطس 1945. بأمر من رئيسهم المجرم هاري ترومان، فجعلتها قاعاً صفصفاً، وقضت على عدد لا يحصى من سكانها الأبرياء لإشفاء غل الكفار الحاقدين، وليتمكنوا من استعمار العالم والتحكم في مصائر الناس. وبعد ثلاثة أيام ألقى الكفرة الأمريكيون قنبلتهم الجهنمية الثانية على مدينة ناغازاكي باليابان، فقتلت أربعين ألف شخص من المدنيين الأبرياء وجرحت أربعين ألف آخرين ومحت جزءاً كبيراً من المدينة. ليظل عملهم هذا ناطقاً أبد الدهر ومذكراً البشرية جمعاء بإجرام هؤلاء الكفرة المتباهون بدموقراطيتهم العفنة حيناً، وبعلمانيتهم الكافرة حيناً آخر، وبصليبيتهم الكافرة الحاقدة أحياناً أخرى. وبعد رأس الكفر الولايات المتحدة صنع الإتحاد السوفييتي البائد قنبلته الذرية الأولى، وتبعه كل من بريطانيا الصليبية وفرنسا الصليبية والصين الشعبية... على التعاقب.
    [3] كَبْلر جوهانس " Jphannes Kepler " (1571–1630): عالِم فلك ورياضيات وبصريات ألماني، يُعتبر المؤسس الحقيقي لعلم الفلك الحديث، وضع ثلاثة قوانين شهيرة خاصة بحركات الكواكب، تعرف باسم: "قوانين كبلر Kepler`s Laws" ينص القانون الأول منها:على أنّ جميع الكواكب تدور حول الشمس في مسار يتخذ شكل قطعْ ناقص " ellipse " يقع مركز الشمس في بؤرتيه أو مركزيهُ. وينص القانون الثاني:على أنّ الخط الذي يصل مركز الشمس بمركز الكواكب يرسم مساحات متساوية في فترات متساوية من الزمن. أما القانون الثالث: فينص على أنّ مربع المدة الزمنيّة التي يستغرقها دوران الكوكب حول الشمس يتناسب تناسباً طردياً مع مكعب بعده المتوسط عن الشمس.
    أما الثاني فهو "سير إسحق نيوتن Sir Isaac Newton" (1643–1727): رياضي وفيزيائي إنكليزي، يعتبر أحد أبرز وجوه الثورة العلمية في القرن السابع عشر، وأحد أعظم العباقرة في تاريخ العلم الحديث، وضع "النظرية الجسيمية في الضوء Corpuscular theory " وهي نظرية في الفيزياء. قال فيها أنّ الضوء يتكون من جسيميات مادية تنطلق في جميع الاتجاهات من سطوح الأجسام المضيئة. وقد حل محل النظرية السابقة " النظرية الموجبة Wave theory " للعالم الهولندي " كريستيان هايجنز ". أما النظرية الثانية فهي: "قانون الجاذبية والتجاذب Gravity and gravitation a" الذي ينص على أنّ قوة التجاذب بين كتلتين تتناسب تناسباً طردياً مع حاصل ضرب الكتلتين، وتتناسب تناسباً عكسياً مع ربع المسافة التي تفصل بين مركزيهما. وأما نظريته الثالثة فكانت: " قوانين الحركة في الديناميكا Dyanamics Law " التي تقول على أنّ الجسم الساكن يظل ساكناً، والجسم المتحرك يظل متحركاً بسرعة ثابتة في خط مستقيم ما لم تؤثر عليه في كلتا الحالتين قوة خارجية، وأنّ هذه القوة الخارجية تُسَرِّع حركة الجسم في اتجاهها هي وهذا التسارع يتناسب تناسباً طردياً مع القوة الخارجيّة، ويتناسب تناسباً عكسياً مع كتلة الجسم. وأنّ لكل فعل ردّة فعل مساوياً له في المقدار ولكنه مضاد له في الاتجاه.....وقوانين الحركة في الديناميكا هي أساس الديناميكا الكلاسيكية، اما حين تبدأ سرعة الأجسام في الاقتراب من سرعة الضوء فيستعاض عن قوانين نيوتن بنظرية النسبية التي وضعها " آينشتاين ". ومن أشهر مصنفات نيوتن " علم البصريات Optics " عام ( 1704 ).
    (4) المؤمنون: (12-14)
    (5) نوح: (17)
    [ 6] فون باير " Von Baer " ( 1792 – 1872 ): عالم طبيعي بروسي، تخصص في علم الأجنة، له نظريات في التطور الطبيعي الجنيني.... انظر صفحه (49) – الفصل الثالث – الباب الأول.
    [7] هنري برغسون: فيلسوف فرنسي ( 1859 – 1941 )، قال بأنّ العالم المادي قوّة كامنة تعمل على تطوير المتعضيات والكائنات. وقد دعا هذه القوة " دفعة الحياة " أو " الدافع الحيوي " ( élan vital ).ومن أشهر آثاره: " التطور الخلاق L`Evolution creatrice " عام ( 1907 )، منح جائزة نوبل في الآداب عام (1927 ).
    [8] هذا الفصل بالكامل ( بدون الحواشي السفلية ) منقول بتصرف عن كتاب: - معجم البيان الحديث – قصص الأنبياء في القرآن الكريم )، سميح عاطف الزين، الصفحات ( 39 – 57 ).
    ـــــــــــــــــــــــــــــ
    الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  6. افتراضي

    وبارك الله في الأخ الحبيب ( حازم )
    وقد ابتدأ بالخبير وقام بداية بنشر الموضوع
    ويسرنا أن يشاركنا بالرأي فيما ابتدأه من خير
    وننتظر

  7. افتراضي

    عملية الحمل وأطواره (1)


    لقد كان أصل الخلق من تراب، كان هذا في الخلق الأول، خلق آدم عليه السلام، ثم تم خلق حواء من ضلعه الأيسر، وخلق في كليهما غريزة النوع التي من آثارها الميل الجنسي، ميل كلا الجنسين للجنس الآخر، أما ثورة الغريزة فإنها تتطلب الإشـباع، والإشباع يتم بمعاشـرة جنسيـة بين ذكر وأنثى (جماع)، وفي اجتماع الزوجين الذكر والأُنثى والذي يتم بمعاشرة جنسية ليتم في نهايتها قذف السّائل المنوي من قضيب الرّجل المولج في فرج الأنثى وبالذات في رحمها أو مهبلها، وتكون لحظة بلوغ المرأ قمّة اللذه والنشوة الجنسيّة ، فيندفع هذا السائل المتدفق من قضيب الرّجل والمحتوي على النطفة مُلقحاً بويضة المرأة ، ليُكوّن هذا التلقيح إتحاداً بين افرازات النسل الذكرية وبين افرازات النسل الأنثوية، مكوناً "النطفة الأمشاج" التي هي: النطفة المختلطة من الحيوان المنوي الملقِح لبويضة المرأة، أي ما يُدعى: "البويضة الملقحة Fertilized Ovum" التي تتحرّك في قناة الرحم لتصل إلى الرّحم "القرار المكين" فتستقرّ فيه وقد تحولت إلى قطعة متجمدة من الدّم، ثم تتطور إلى قطعة من اللحم مصورة فيها معالِمُ الإنسان، أو غير مصورة المعالِم، ليبين لنا الله قدرته على الإبداع في التكوين والتغيير من حال إلى حال، وبمشيئته تعالى يُسْقِطُ من الأرحام ما يشاء وَيُقِرُ بها ما يشاء، حتى تكتمل الشهور التسعة المقدرة لمدة الحمل في العادة (أو أكثر أو أقل)، ليخرج الطفل من رحم أمه بشرأ سوياً مكتمل الخلق حاملاً لكل الصفات الإنسانية، وفي ذلك قوله تعالى من سورة الحج :

    (يا أيُّها النّاس إنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِنَ البَعْثِ فإنّا خلقناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفةٍ ثُمَّ مِنْ عَلقةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلقةٍ وَغَيْرِ مُخَلقَةٍ لِنُبَيِنَ لكُمْ وَنُقِرُ في الأرْحامِ ما نَشاءُ إلى أجَلٍ مُسَمى ثُمَّ نُخرِجَكُمْ طِفلاً ثُمَّ لِتَبْلُغوا أشُدَكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفى وّمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلى أرْذَلِ العُمْرِ لِكَيْلا يَعْلَمّ مِنْ بَعْدِ عِلمٍ شَيْئأ وَتَرى الأرْضَ هامِدَةً فَإذا أنْزَلنا عَلَيْها الماءَ إهْتَزَتْ وَرَبَتْ وَأنبَتّتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهيجْ  ذالِكَ بِأنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأنَّهُ يُحْيِ المَوْتى وّانَهُ عَلى كُلِّ شَئٍ قدير  وَأنَّ الساعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فيها وَأنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القبورِ )[2 ]

    ونستطيع أن نحدد المراحل والأطوار التي يمر بها الحمل حسب السياق القرآني الوارد في سورة الحج كما يلي:

    (1) النُطفة : وهي نطفة يقذفها جهاز الرّجل التناسلي من خلال القضيب في مهبل المرأة لتتلقفها نطفة الأنثى، والنطفة نوعان :

    1. النطفة المذكرة "نطفة الرّجل": وهي الحيوانات المنوية الموجودة في سائل الرجل المنوي "المني" المتدفق من قضيبه.
    2. النطفة المؤنثة "نطفة الأنثى": وهي البويضة التي يفرزها مبيض المرأة مرَّة كل شهر.
    أمّا المني : فهو لفظ يطلق على الإفرازات التناسلية للرجل، ويتكون من الحيوانات المنوية "النطفة" والسائل المنوي الحامل لتلك الإفرازات ويغذيها.

    ومتى اختلطت مياه الرجل بمياه المرأة ، يتم تلقيح بويضة المرأة من الحيوان المنوي للرجل فيكونان "النطفــة الأمشاج" أو "البويضة الملقحةFertilized Ovum"

    الجهاز التناسلي المذكريتكون من مصنع للنطف " Spermatozzons " التي يحملها السائل المنوي من خلال المني ، والتي يقذفها جهاز الرجل التناسلي من خلال القضيب في مهبل المرأة لتتلقفها نطفة الأنثى ، ليتم التلاقح المنتج للإنسان..

    (2) العلقة : وقد فسَّرَها بعض المفسرين بِ "الدّم الغليظ المتجمد Colt"[ 3] وقال إبن الجوزي: وقيل سميت علقة لرطوبتها وتعلقها بما تمر به.[4 ] وجاء في "المصباح المنير" : علقت المرأة أي حبلت. وجاء في "لسان العرب": علق بالشئ عَلقاً وعلقه: نشب فيه، والعلق: هو الدّم الجامد الغليط. وقال الأطباء: العلقة هي المرحلة التي تعلق فيها النطفة الأمشاج بجدار الرحم وتنشب فيه.[ 5]

    وفي استعراض معاجم اللغة العربية نرى أنّ لفظ العلقة يطلق أساساً وعادةً على ما ينشب ويعلق، وكذلك تفعل العلقة إذ تنشب في جدار الرّحم وتنغرز فيه محاطة بالدّم المتجمد من كل حياتها. ويذكر الأطباء أنّ حجم العلقة عند بدأ انغرازها لا يزيد على ربع مليمتر، لـذا ندرك لماذا أصرَّ بعض المفسرين القدامى على أنّ العلقة هي الدّم الغليظ، فذلك ناتج عن الملاحظة بالعين المجردة وهو تفسير صحيح،. فالعلقة الملتصقة بجدار الرّحم متعلقة به والتي لا تكاد تُرى بالعين المجردة هي محاطة بالدّم الغليظ غير منفصلة عنه بحيث يراه هكذا كل ذي عينين. لـذا فإنَّ وصف العلقة هو أدقُ وصف، وأهم ما يميز هذه المرحلة من مراحل تخلق الجنين ونموه، وقد وصفها علماء الأجنّة بأنّها "مرحلـة الإلتصاق والإنغراز Attachment and Implation" وذلك حينما تقترب العلقـة من الغشاء المخاطي المبطن للرحم، والذي استعد أيما استعداد لإستقبال النطفة الأمشاج "البويضة الملقحة" فتعلق بجدار الرحم منغرزة به.
    (3) المُضغه: وهي القطعة من اللحم بمقدار ما يُمضغ ولم ينضج. ويفسرها بعض الأطباء بأنَّ المقصود بها مرحلة "الكتل البدنيّة Somites" التي تحمل الجنين وكأنّه مضغة من اللحم الغير ناضج ، وفي هذه المرحلة يبدو الجنين فيها وكأنَّ أسناناً إنغرزت فيه ولاكته ثم قذفته[6 ]

    (4) مخلقة وغير مخلقة: وذلك - كما ذهب إليه المفسرون - هو وصف للمضغة، وقال بعضهم أنّ المخلقة هي المصورة، وغير المخلقة هي غير المصورة. روي عن الحسن البصري عن إبن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: مخلقة أي تامة الخلق لا عيب فيها ولا نقص، وغير مخلقة أي أنّ بها عيب ونقص........ وفسّرها بعضهم أنّ غير المخلقة هي "السُقط أي الجهيض Abortive".

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الهامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1- هذا الفصل بالكامل - دون الهوامش السفلية - منقول بتصرف عن كتاب ( معجم البيان الجديث - قصص الأنبياء في القرآن الكريم)، سميح عاطف الزين، الصفحات (39-57)
    2- الحج: (5-7)
    3- البار: محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن، صفحة: (202)، نقلاً عن : سيد قطب، في ظلالا القرآن . والمراغي في تفسيره وآخرين.
    4- المصدر السابق، نقلاً عن : ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير.
    5- المصدر السابق، صفحة : ( 211-223)
    6-المصدر السابق، صفحة 367 وما بعدها بتصرف.
    [CENTER]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ[/CENTER]

    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة

    [B
    ]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    [/B]

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  8. افتراضي

    عملية الحمل وأطواره
    (الحلقة 2)


    وفي موضع آخر من محكم التنزيل يقص علينا الله تعالى قصة المراحل التي بدأت بخلق آدم عليه السّلام من خلاصة الطين، ثم يعرج إلى خلق نسله بطريق الزوجيّة والتّوالد، الذي يكون في أول مراحله "نطفة" من مني الرجل: الذي هو ماء فيه كل عناصر الحياة الأولى، تستقر في الرّحم الذي هو مكان للإستقرار حصينٌ ومهيأ لحماية تلك النطفة، ثم صَيَّرَ النطفة بعد تلقيح البويضة والإخصاب دماً، ثم كوَّنَ الدَّمَ بعد ذلك قطعة من اللحم، الذي تحوّل تخلقها بعد ذلك فصارت هيكلاً عظمياً، وكسا العظام باللحم، ثم أتم خلقه إنساناً كاملاً لا روح فيه، متمماً الخلق بعد نفخ الروح فيه خلقاً مغايراً لمبدأ تكوينه. فتعالى الله في عظمته وقدرته. وفي ذلك قوله تعالى من سورة المؤمنون:

    (وَلقدْ خلقنا الإنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طينٍ  ثمَّ جعَلناهُ نُطفةً في قرارٍ مَكينٍ  ثُمَّ جَعَلنا النطفةَ عَلقةً فخلقنا العَلقةَ مُضغةً فخلقنا المضغة عِظاماً فكَسَوْنا العِظامَ لحْماً تُمَّ أنْشأناهُ خلقاً آخرَ فتبارَكَ اللهُ أحْسَنَ الخالقينَ )[ 1]
    وهنا إعلامٌ لنا بالمراحل التي تم فيها خلق الإنسان، فالمرحلة الأولى هي خلق آدم عليه السّلام بالطريقة التي أعلمنا بها القرآن في أكثر من موضع: وهو سلالة الطين. أمّا الثانية: فهو تَكَوّنُ كافة البشر بعد آدم بطريقة واحدة تخضع لقانون الزوجية والتلاقُح وأطوار تكون الجنين.

    من سُـلالـةٍ من طين: وهذا نص يشير إلى أطوارالنشـأة الإنسـانية ولا يحددها، فيفيد أنّ الإنسان قد مرَّ بأطوارمُسلسلة من الطين إلى الإنسان، فالطين هو الطور الأول لتكون الإنسان، ومنه خُلق آدم أول البشرية "الإنسان الأول، وهذا يعني أنَّ الطين هو أصل نشأة الجنس الإنساني التي كانت من سلالةٍ "خلاصةٍ" من طين..... وأمّا نشـأة الفرد الإنساني بعد آدم، فتمضي في طريق آخر معروف هو ما سيحدثنا عنه القرآن بعد ذلك.

    القرار المكين: هو رحم المرأة الذي تنمو فيه النطفة الملقحة حتى تصير جنيناً، ثم تحافظ عليه في بقية أطواره حتى تخرجه طفلاً كامل الخلقة سوي التكوين.... لذا لا بد له أن يكون محروساً ومهيئاً للمحافظة على تلك النطفة. وأول شئ نلاحظه هو أنّ الرحم موضوع في في الحوض الحقيقي لهيكل المرأة مما يوفر له الحمايـة الكاملة من أي عدوان خارجي، ثم نجد الأربطة والصفاقات المختلفة التي تمسك بالرحم، ومع ذلك تسمح له بالحركة والنمو حتى أنّ حجمه ليتضاعف أكثر من ثلآثة آلآف مرة في نهاية الحمل، ومع ذلك يبقى الرحم في مكانه والأربطة ممسكة به، وبايجاز أن هناك عوامل كثيرة تحفظ الرحم في مكانه وتجعله القرار المكين.


    ولرُبَّ سائل يتسائل : هل يخلق الإنسان من ماء الرجل أم من ماء المرأة أم من كليهما ؟ وهل للمرأة ماء كما للرجل؟ .

    لقد وقع الخلاف والنزاع قديماً حول هذه النقطة، كما يقول الإمام "الفخر الرازي" في كتابه: المباحث الشرقية"[2 ]، فقد نفى "أرسطو"[3 ] أن يكون للمرأة مني... أمّا "جالينوس"[4 ] وهو أشهر أطباء اليونان القديمة فقد أكثر من التشنيع عليه في ذلك، مثبتاً أنّ للمرأة منياً، وإن كان يختلف عن مني الرجل في طبيعته، وأنه لا يقذف ولا يندفع بل يسيل على العضو المخصوص وأنه رطوبة بيضاء.[ 5]

    امّا العِلم الحديث فيقرر أنّ الماء الذي لا يقذف ولا يندفع بل يسيل على العضو المخصوص إنّما هو افرازات المهبل وغدد "بارثلون" المتصلة به، وخروج الماء من فرج المرأة هو أمر طبيعي ومشاهد عند الجماع أو الإحتلام. والإسلام يعتبره موجباً للغسل، وعند الجماع يختلط هذا الماء بمني الرجل... ويتقلص الرحم تقلصات عديدة تدفع بهذا الماء المختلط من مني الرجل وماء المرأة إلى الرحم ومنه إلى قناة الرحم، حيث يلتقي الحيوان المنوي ببويضة المرأة ليلقحها[ 6]. وبالدراسة يتضح أنّ للمرأة نوعين من الماء :

    1. ماء لذج يسيل ولا يتدفق وهو ماء المهبل، وليس له أي علاقة في تكوين الجنين، سوى مساعدته في سهولة الإيلاج وفي ترطيب المهبل وتنظيفه من الجراثيم والميكروبات.

    2. ماء متدفق يخرج مرة واحدة في الشهر من حويصلة "جراف" بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر من حافة البويضة. وفيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنّ ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر"[7 ] وعند تمام نموها تنفجر فتنذلق المياه على أقتاب البطن، ويتلقف البوق "وهو في نهاية الرحم" البويضة فيدفعها دفعاً خفيفاً حتى تلتقي بالحيوان المنوي الذي يلقحها في الثلث الوحشي من قناة الرحم. وهذا الماء يحمل البويضة "النطفة المؤنثة" كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية "النطفة المذكرة". وكلاهما متدفق .... وكلاهما يخرج من بين "الصلب والترائب"، أي من الغدد التناسلية المنتجة. ماء دافق يندفق من خصية الرجل يحمل النطفة المذكرة. وماء دافق يخرج من حويصلة جراف بمبيض المرأة يحمل النطفة المؤنثة.[8 ]

    وفي الحديث الشريف :
    (أخرج الإمام أحمد في مسنده: أنّ يهودياً مَرَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه. فقالت قريش: يا يهودي إنّ هذا يزعم أنّه نبي، فقال: يا محمد، مم يخلق الإنسان؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا يهودي، من كل يخلق، من نطفة الرجل، ومن نطفة المرأة. فقال اليهودي: هكذا كان يقول من قبلك)[9 ]

    ـــــــــــــ الهامش ــــــــــــــــ
    [1] المؤمنون: ( 12 – 14 ).
    [2] الرازي – فخر الدين، المباحث الشرقية، جزء ( 2 )، صفحه ( 243 ). والرازي – فخر الدين، (1149-1209 م )، فقيه ومفسر مسلم، ولد في الرّي بإيران، وتوفي في هَراة بأفغانستان، عُرف بدفاعه الشديد عن آراء مذهب " أهل السنة "، فطارت له شهرة واسعة... وضع نحواً من مائة مجلد بعضها موسوعي الطابع، أشهر آثاره تفسيرٌ للقرآن الكريم دعاه " مفاتيح الغيب. وهو من أشهر وأوثق التفاسير.
    [3] أرسطو "أرسطوطاليس Aristotle" (384- 322 ق.م.): فيلسوف يوناني، تلميذ أفلاطون وأستاذ الإسكندر المقدوني. جرت فلسفته في اتجاه مغاير لمثالية أفلاطون، وتعاظم اهتمامها شيئاًُ فشيئاً بالعلم وظواهر الطبيعة. ويعتبر واحداً من أعظم فلاسفة العالم، وقد انسحب أثره على جميع المفكرين في عصره ممن أتى بعده حنى مُنبلج العصر الحديث، من أشهر آثاره: " الأورغانون " في المنطق، وكتاب السياسة، وكتاب ما وراء الطبيعة، وكتاب الشعر.
    [4] جالينوس Galleons: طبيب يوناني، له مذهب في الطب يدعى " الجاليسونية Galennism "، وهو يقوم على أساس القول بأنّ الأخلاط الأربعة " الدم والبلغم و الصفراء والسوداء " هي التي تقرر صحة الإنسان ومزاجه.
    [5] البار – محمد علي ، خلق الإنسان بين الطب والقرآن ، صفحه ( 121 – 122 ) .
    [6] البار – د. محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن، صفحه ( 122 ).
    [7] رواه مسلم.
    [8] المصدر السابق، صفحه ( 123 – 124 ).
    [9] المقصود بمن قبلك: أي الأنبياء.

    ـــــــــــــــــــــ 324 - 329 ــــــــــــــــــ

    [
    ]الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة
    [/

    http://www.sharabati.org/
    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    التعديل الأخير تم 08-08-2006 الساعة 01:03 PM

  9. افتراضي

    عملية الحمل وأطواره
    (الحلقة 3)


    وقال العسقلاني: (المراد أنّ المني يقع في الرحم حين انزعاجه بالقوة الشهوانية الدافعة مبثوثاً متفرقاً فيجمعه الله في محل الولادة من الرحم. والمراد بالنطفة المني، وأصله الماء الصافي القليل، والأصل في ذلك أنّ ماء الرجل إذا لاقى ماء المرأة بالجماع، وأراد الله أن يخلق من ذلك جنيناً هيأ أسباب ذلك، لأنّ في رحم المرأة قوتين: قوة انبساط عند ورود مني الرجل حتى ينتشر في جسد المرأة، وقوة انقباض بحيث لا يسيل من فرجها مع كونه منكوساً ومع كون المني ثقيلاً بطبعه، وفي مني الرجل قوة الفعل، وفي مني المرأة قوة الإنفعال، وقيل في كل منهما قوة فعل وانفعال ولكن الأول في الرجل أكثر، والثاني في المرأة أكثر. وزعم كثير من أهل التشريح أنّ مني الرجل لا أثر له في الولد إلآ في عقده، وأنّه إنّما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب تبطل ذلك. وما ذكر أولاً أقرب إلى موافقة الحديث. والله أعلم)[ 1]

    ويقول الإمام أبن القيم: (ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد ما لم يماذجه مادة أخرى من الأنثى... إنّ الأعضاء والأجزاء والصورة تكونت من مجموع المائين، وهذا هو الصواب.)[2 ]

    أمّا القرآن الكريم، فيجيب على نفس التساؤلات في مطلع سورة الإنسان:
    (هَلْ أتى على الإنسان حينٌ مِنَ الدّهْر لم يكن شيئاً مذكوراً  إنّا خلقناهُ مِنْ نُطفةٍ أمشاج نَبْتَليه فجَعَلناهُ سَميعاً بَصيراً )[ 3]

    قال إبن جرير الطبري في تفسيره :
    (إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج: إنّا خلقنا ذرية آدم من نطفة، يعني من ماء الرجل وماء المرأة. والنطفة كل ماء قليل في وعاء - كان ذلك في ركية أو قربة أو غير ذلك - وقوله "أمشاج" يعني أخلاط، واحدها مَشَجَ ومَشيج، يقال إذا مشجت هذا بهذا أي خلطته، وهو مشوج به ومشيج أي مخلوط... وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة)[4 ]

    وقال عكرمة: أمشاج نبتليه: ماء الرجل وماء المرأة يمشج أحدهما بالآخر، أي ماء الرجل وماء المرأة يختلطان. وعن إبن عباس رضي الله عنهما: ماء الرجل وماء المرأة يختلطان. وعن الربيع بن أنس قال: إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة. وقال الحسن البصري: مشج "خلط" ماء المرأة مع ماء الرجل. وقال مجاهد: خلق الله الولد من ماء الرجل وماء المرأة.[5 ] وقد قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شُعوباً وقبائل لِتَعارفوا إنّ أكرَمَكُم عِندَ الله أتقاكُمْ.)[ 6]

    أما إبن كثير فيقول في تفسيره :
    (يقول تعالى مُخبِراً الإنسان أنّه وُجدَ بَعْدَ أن لمْ يّكُن شيئاً مذكوراً لضعفه وحقارته) ثم يستطرد مفسراً ("أمشاج" أي أخلاط، والمشج والمشيج المختلط بعضه مع بعض)

    ويقول صاحب الظلال رحمه الله :
    (ألأمشاج: الأخلاط. وربما كانت هذه اشارة إلى تكوّن النطفة من خلية الذكر وبويضة الأنثى بعد التلقيح. وربما كانت هذه الأخلاط تعني الوراثات الكامنة في النطفة والتي يمثلها علمياً ما يسمونه علمياً: "الجينات" وهي وحدات الوراثة الحاملة للصفات المميزة لجنس الإنسان أولاً، ولصفات الجنية العائلية أخيراً. وإليها يُعزى سير النطفة الإنسانية في رحلتها لتكون جنين إنسان لا جنين أي حيوان آخر، كما تُعزى إليها وراثة الصفات الخاصة في الأسرة، ولعلها في هذه الأمشاج المختلطة من وراثات شتى)[ 7]
    وبذلك نرى أنّ غالبية المفسرين من قدامى ومحدثين متفقون على أنّ النطفة الأمشاج هي النطفة المختلطة من ماء الرجل وماء المرأة، وأنّ الخلق يتكون من نطفتيهما. ويؤكد القرآن الكريم على حقيقة حصر الخلق في الزوجية في أكثر من موضع في محكم التنزيل، أكتفي منها بما جاء في سورة الحجرات: (يا أيها الناس إنّأ خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم)[ 8] وفي تفسير تلك الآية يقول إبن جرير الطبري في تفسيره: (يا أيها الناس إنّا أنشأنا خلقكم من ماء ذكر من الرجال ومن ماء انثى من النساء، وبنحو ذلك الذي قلنا قال أهل التأويل)... وروى بسنده عن مجاهد قال: (لأنَّ الله تعالى يقول من ذكر وأنثى).

    وقال إبن كثير في تفسيره: (يقول تعالى أنّه خلقهم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها وهما آدم وحواء، أي من ذكر وأنثى)[ 9]

    ويقول القرطبي في تفسيره: (ذهب قوم من الأوائل إلى أنَّ الجنين إنّما يكون من ماء الرجل وحده، ويتربى في رحم الأم ويستمد من الدّم الذي يكون فيه.... والصحيح أنّ الخلق إنّما يكون من ماء الرجل وماء المرأة - لهذه الآية - فإنها نَصٌ لا يحتمل التأويل، ولقوله تعالى (خلِق من ماء دافق يخرج من بين الصّلب والترائب)[10 ] والمراد منه أصلاب الرجال وترائب النساء... وأما ما احتجوا بهِ فليس فيه أكثر من أنّ الله ذكر خلق الإنسان من الماء والسلالة والنطفة، ولم يضفها إلى أحد الأبوين دون الآخر. فدلَّ على أنَّ الماء والسُّلالة لهما "والنطفة منهما" بدلالة ما ذكرنا. وبأنَّ المرأة تُمنى كما يُمنى الرجل)[ 11]

    يتضح بجلاء مما تقدم أنّ ما إكتشـفة الإنسان وعلومه مؤخراً (في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين) قد سبقه القرآن الكريم بوضوح لا يحتمل أي تأويل أو شك. وزادت عليه الأحاديث الشريفة توضيحاً، فقدما الأجوبة الصريحة الدقيقة لإستفسارات الإنسان وتساؤلاته. كما أنّ نجوم هذه الأمة الصحابة الكرام ومن تبعهم من المفسرين والفقهاء قد فهموا من نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف ما نفهمه نحن اليوم منهم، ويأكد فهمنا هذا الإكتشافات العلمية.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    [1] العسقلاني، فتح الباري – شرح صحيح البخاري، مجلد ( 11 )، صفحه ( 479 – 480 ).
    [2] الجوزية - الإمام أبن القيم، التبيان في أقسام القرآن، صفحه ( 242 – 256 ).
    [3] الإنسان: ( 1 – 2 ).
    [4] الطبري – إبن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، جلد ( 29 )، صفحه ( 120 ).
    [5] البار- محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن، صفحه ( 192 ).
    [6] الحجرات: ( 13 ).
    [7] قطب – سيد، في ظلال القرآن، جلد ( 6 )، صفحه ( 3779 ).
    [8] الحجرات: ( 13 ).
    [9] إبن كثير، تفسير إبن كثير، جزء ( 4 )، صفحه ( 454 ).
    [10] الطارق: ( 6 – 7 ).
    [11] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جلد ( 16 )، صفحه ( 343 ).

    الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة[/


    http://www.sharabati.org/
    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  10. افتراضي

    عملية الحمل وأطواره
    (الحلقة4)


    يتضح بجلاء مما تقدم أنّ ما إكتشـفة الإنسان وعلومه مؤخراً (في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين) قد سبقه القرآن الكريم بوضوح لا يحتمل أي تأويل أو شك. وزادت عليه الأحاديث الشريفة توضيحاً، فقدما الأجوبة الصريحة الدقيقة لإستفسارات الإنسان وتساؤلاته. كما أنّ نجوم هذه الأمة الصحابة الكرام ومن تبعهم من المفسرين والفقهاء قد فهموا من نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف ما نفهمه نحن اليوم منهم، ويأكد فهمنا هذا الإكتشافات العلمية.

    أمّا في سورة المرسلات، فإنّ الله تعالى يطلب من الإنسان كل إنسان إعمال عقله والتفكر في الخلق: للإهتداء إلى وجود الخالق المدبر المصور، والدعوة أتت على صورة أسئلة تذكيرية هادفة لتوجه الإنسان إلى الطريقة المنتجة للتفكير: ألم يتم خلقكم من ماء مهين حقير هو النطفة "الحيوان المنوي المذكر والبويضة المؤنثة" وجعلنا تلك النطفة بعد أن تلقحت وامتزجت في مكان آمن حصين تتمكن فيه، فيتم الخلق والتصوير إلى وقت محدود قرره الله تعالى؟ فقدرنا على خلقه وتصويره واخراجه للوجود بشراً سوياً!!! فنعم الخالقون نحن المقدرون له. وبعد كل تلك الأدلة التي لا مجال لدحضها بتاتاً فالويل والثبور لكل من أنعمَ الله تعالى عليه بعقل مفكر ورغم ذلك يُكذب الحقائق ويُنكر ويكفر بنعمة الخلق والتقدير. لقد جاء هذا التساؤل والتذكير والوعيد في سورة المرسلات:

    ( ألمْ نخلقكُمْ مِن ماءٍ مَّهينٍ  فجَعَلناهُ في قرارٍ مَكينٍ  إلى قدَرٍ مَعْلومٍ  فقدَرْنا فَنِعْمَ القادرونَ  وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلمُكذبينَ )[ 1]

    والمقصود "بماء مهين": أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عز وجل وهو النطفة. أما المقصود ب "قرارمكين" فيعني جمعناه في الرحم وهو قرار المائين من الرجل والمرأة، فالرحم معد لذلك تماماً، حافظ لما اودع فيه من من ذلك الماء. وأما قوله تعالى:
    "إلى قدر معلوم" فيعني إلى مدة معينة "تسعة أشهر أو أكثر أو أقل". أما "فقدرنا" أي قررنا أو أقدرنا.

    قال القرطبي في تفسيره: (ألم نخلقكم من ماء مهين: أي ضعيف حقير وهو النطفة - وقد تقدم -. وهذه الآية أصل لمن قال: إنّ خلق الجنين هو من ماء الرجل وحده - وقد مضى القول فيه –[2 ]. "فجعلناه في قرار مكين" أي مكان حريز وهو الرحم. "إلى قدر معلوم" قال مجاهد: إلى أن نصوره، وقيل: إلى وقت الولادة. "فقدرنا" أي فقررنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى أخرى حتى صارت بشرأ سوياً، أو الشقي والسعيد، أو الطويل والقصير)[3 ]

    ودعوة أخرى إلى إعمال العقل والتفكر في صورة سؤال يحوى في طياته التحدي والتذكير الجميل والوعيد كما يحوى التعليم أيضاً، وإعلام بكيفية الخلق والتكوين... أيظن أو يحسب هذا الإنسان المُلحِد المُنكِر لِلبَعث أن يُترَكَ مُهملاً فلا يُحاسَب!!! ألَم يكن ذلك الإنسان نفسه في طور من أطوار تخلقه نطفة من مني قدر تكوينه وحفظه في الرحم؟ ثم صار علقة مع دم جامد، فخلقه الله وسواه في أحسن تقويم!!! وجعل منه صنفي الإنسان الذكر والأنثى، أليس ذلك الخالق المبدع المصور المصور الفعال لِما يُريد، أليس بقادر على إعادة الأحياء ثانية للموتى بعد جمع عظامهم تارة أخرى وقد خلقهم أصلاً من عدم!!! إستعمل عقلك أيها الإنسان المُنكِر للبعث ثانية والحساب، وتفكر في الخلق إنشاءاً من العدم، هل من أنشأ من العدم عاجز عن إعادة الإنشاء ثانية!!! فإلى سورة القيامه:

    (أيَحْسَبُ الإنسانُ أن يُترَكَ سُدى  ألَمْ يَكُ نُطفةً مِنْ مِنِيٍ يُمْنى  ثُمَّ كانَ عَلقةً فخلق فسوّى  فجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَينِ الذكَرَ وَالأنثى  أليْسَ ذلِكَ بقادِرٍ عَلى أنْ يُحْيى المَوْتى )[ 4]
    وهنا لفتة طريفة، ففي هذه الآية الشّريفة يتحدث خالق النطفة ومنشئها، فيُعَلمنا التمييز بين النطفة وبين المني، : إذ جعل النطفة جزء من المني.

    ويفسّر ذلك حديثه عليه الصلاة والسّلام: (من كل الماء يولد الولد، وإذا أراد الله خلق لم يمنعه شئ)[5 ] ويتطابق هذا أيضاً مع ما جاء في سورة السّجدة: (ثُمَّ جَعَلنا نَسْلهُ مِنْ سُلالةٍ مِنْ ماءٍ مهين)[6 ] والسُّلالة كما يقول المفسرون هي الخُلاصة. أي جعل نسل بني آدم من خلاصة الماء المهين الذي هو المني. ونحن نعلم الآن أنَّ جزءاً يسيراً جداً من المني هو اللازم لتلقيح البويضة، أي اللازم لعملية تخلق وتكوين الولد. فالدفقة الواحدة من المني تحمل كما يقول العِلم الحديث مائتي مليون حيوان منوي... والذي يقوم بالتلقيح للبويضة هو حيوان منوي واحد من هذا الكم الهائل فقط.

    وعندما تحدى رأس الكفر "أمية بن خلف" رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلف، منكراً البعث ومستهزئاً باعتقاد المسلمين به. أتى ذلك الكافر الملحد الرسول صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته بين يديه وقال: يامحمد أترى الله يحيي هذا بعدما أرم؟[ 7] فأجابه عليه الصلاة والسلام راداً التحدي بأعظم منه: (نعم، يبعث الله هذا ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم)[ 8]

    ويأتي وحي السّماء مصدقاً لتأكيد رسول السّماء، وليؤكد كفر والحاد أمية بن خلف، ومؤكداً صدق إيمان المسلمين بالخلق والبعث والحساب. فيأتي السياق القرآني في صورة سؤال وتعجب واستهزاء، لافتاً النظر للتفكر بالخلق وقوانينه التي إن أُعمِلَ العقل بدراستها بتمعن ورغبة صادقة في الوصول إلى الحقيقة سيصل حتماً للجواب القاطع الغير قابل للجدل والعناد والمكابرة. أجحد الإنسان وجود الله وقدرته؟ أنسي أنا خلقناه بعد العدم وبعد أن لم يكن؟ ألا يعلم أنا خلقناه من نطفة مهينة حقيرة؟ ومع هذا إذا به مجادل شديد الخصومة مبين للحجة، يري بذلك أنّه بعد أن لم يكن شيئاً مذكورأ خصيماً مبيناً، وساق لنا هذا الخصم المبين مثلاً ينكر فيه قدرتنا على إحياء العظام بعد أن تبلى. ونسي أنّا خلقناه بعد أن لم يكن إذ قال ملحداً منكراًُ ومستبعداً قدرتنا على ذلك: "من يحيي العظام وهي رميم؟". قل يا محمد: يحييها الذي أنشأها أول مرة من العدم، ففي استطاعة من بدأ الخلق أول مرة أن يعيده ثانية، إن من كان عظيم العِلم بكل ما خلق لا يعجزه جمع الأجزاء بعد تفرقها. لقد جاء هذا التحدي الرائع الجميل في سورة يسن: (أوَ لَمْ يَرَ الإنسانُ أنّا خلَقناهُ مِن نطفةٍ فإذا هُوَ خصيمٌ مُبين  وَضَرَبَ لنا مَثَلاً وَنَسِيَ خلقهُ قالَ مَنْ يُحْيي العِظامَ وَهِيَ رَميمْ  قُلْ يُحْييها الذي أنْشَأها أوَلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بكلّ خلق عَليمٌ)[ ]

    إنّ هذا الرّد الذي يحمل قمة التحدي، هو في نفس الوقت حوار هادف، يقوم بتعليم هذا العُتل الزنيم كيفية إعمال العقل في المشاهدات والدلائل القاطعة للتوصل إلى الجواب الشافي لمن أراده، وليس المكابر المجادل الخصيم المبين.
    ـــــــ الهامش
    [1] المرسلات: ( 20 – 24 ).
    [2] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جزء (12 )، صفحه ( 7 ).
    [3] المصدر السابق، جزء ( 19 )، صفحه ( 159 – 160 ).
    [4] القيامة: ( 36 – 40 ).
    [5] صحيح مسلم.
    [6] السجدة: ( 8 ).
    [7] حائل: أي متقتت. وأرم : تعني بالي .
    [8] النيسابوري، أسباب النزول، صفحه ( 209 ).

    الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة[/


    http://www.sharabati.org/

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    08-08-2006 06:27 AM

  11. افتراضي

    عملية الحمل وأطواره
    (الحلقه 5)



    فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً. ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله تعالى المَلَكَ فينفخ فيه الروح).

    وفي سورة السّجدة يقول المَلك الجبارالعزيز الرحيم، أنّه قد أتقن كلّ شئ خلقه، أتقنه خلقاً متكاملاً بما فيه من الخصائص والطاقات الكامنة التي كونها فيه. أمّا الإنسان الأول فقد إبتدأ خلقه من طين: ذلك هو آدم أوّل البشر عليه السّلام. أمّا نسله وذراريه وهم كل البشر بلا استثناء فقد جعل خلقهم بعد ذلك من ماء حقير ضعيف "مهين" لا يُؤبه له في العادة، ثم قوَّمَهُ ونفخ فيه من روحه، أي أمده بالروح التي هي سرّ الحياة، وخلق له موهِباً إياه ومُزَيِنَهُ بالسّمع والإبصار والإدراك والحس والعقل، ليسمع ويبصر ويدرك ويعقل ويتفكر.

    ومع كل تلك النِّعَم العظيمة التي لا تقدر، فإنّ هذا الإنسان المُنعَم عليهِ بما لم يُنْعَمَ على غيره من المخلوقات الكثيرة، لا يقوم بواجب الشكر لله والحمد له على تلك النعم إلآ في القليل النادر. حتى أنّ الملاحدة من الناس المنكرين للبعث والحساب قالوا متسائلين يعتريهم العجب: أيعقل أننا بعد أن نصبح تراباً مختلطاً وممزوجاً بأديم الأرض ومتحداً معه بحيث لا يتميز عنه، أيعقل أننا سنعود في خلق جديد؟ إنّ هؤلاء وأمثالهم بالحادهم لا يُنكرون البعث والحساب وحده، بل بجميع ما بعد الحياة الدنيا "أي الآخرة" هم مكذبون. وفي هذا جاء الرّد القرآني في سورة السّجدة:
    (ذلِكَ عالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ العَزيزُ الرَّحيمُ ! الذي أحْسَنَ كُلَّ شَئٍ خلقهُ وَبَدَأ خَلقَ الإنسانِ مِنْ طينٍ ! ثُمَّ جَعَلَ نَسْلهُ مِنْ سُلالةٍ مِنْ ماءٍ مَهينٍ ! ثُمَّ سَوّاهُ وَنَفَخَ فيهِ مِنْ روحِهِ وَجَعَلَ لكُمْ السَّمْعَ وَالأبْصارَ وّالأفئِدَةَ قليلاً ما تَشْكُرونَ ! وَقالوا أءِذا ضَللنا في الأرضِ أءِنا لفي خلقٍ جَديدٍ ، بَلْ هُمْ بلِقاءِ رَبّهِمْ كافِرونَ ! قُلْ يَتَوَفاكُمْ مَلكُ المَوْتِ الذي وُكلَ بِكُمْ ثُمّ إلى رَبِكُمْ تُرْجَعونَ !)[1 ]

    بعد قرون طويلة من اتمام نزول القرآن، وفي منتصف القرن العشرين، توصل العِلم الحديث إلى معرفة حقيقة ظلت مجهولة لكل الناس - إلآ المسلمين الذين دونت في كتبهم وأسفارهم نقلاً عن القرآن الكريم - وهي أنّ ماء الرجل المنوي يتكون في عظام الظهر الفقارية، وأنّ المرأة تنتج هي الأخرى ماءاً يتكون في عظام الصدر العلوية، حيث يلتقي الماءان بعد ذلك "ماء الرجل وماء المرأة" من خلال الإتصال الجنسي "الجماع" فيتماذجان ويتحدان في مقر حصين آمن حافظ "مكين" الذي هو رحم المرأة مكوناً أول مراحل تخلق الجنين الإنساني.
    وقد بينت الدراسات الجنينية الحديثة أنّ نواة الجهاز التناسلي والجهاز البولي في الجنين تظهر بين الخلايا الغضروفية المكونة لعظام العمود الفقري، وبين الخلايا المكونة لعظام الظهر، وأنَّ الأعضاء التناسلية وما يغذيها من أعصاب وأوعية دموية تنشأ في موضع من الجسم بين الصلب والترائب "العمود الفقري Vertebral column" و "القفص الصدري Thoracic cavity". أليس هذا الذي توصل إليه العِلم الحديث بعد أن جنّد كافة امكاناته المادية من مختبرات وأجهزة وتجارب وتشريح وأشعة ومواد كيماوية... علاوة على الأطباء والعلماء والمشرحين وغيرهم.... أليس هو عين ما تعنيه الآية الكريمة التالية من سورة الطارق؟ ألَمْ يّأنِ لهؤلاء العلماء أن يطأطؤا رؤوسهم إجلالاً واحتراماً وأن تخشع قلوبهم من خشية الله وإقراراً بعجزهم أمام قدرته تعالى؟:
    (فَليَنظُر الإنسانَ مِمَ خلِقْ ! خلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ! يَخرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلبِ وَالتَرائِبْ ! إنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لقادِر !)[2 ]

    ماء: يعني ماءي الرجل والمرأة. دافق: متدفق ومصبوب بدفع وسرعة إلى الرحم. الصّلب: الشديد، وباعتبار الصّلابة سمي الظهر صلباً. الترائب: ضلوع الصّدر.

    ذكر القرطبي في تفسيره عن الحسن البصري وغيره[ 3]: بأنَّ الماء الدّافق يخرج من صلب الرجل وترائبه، وصلب المرأة وترائبها. وذكر الألوسي في تفسيره مثل هذا.[ 4] وقد أوضح ذلك ببيان جلي الشيخ المراغي رحمه الله حيث يقول في تفسيره للقرآن:
    (وإذا رجعنا إلى علم الأجنّة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب، وذهب فيها المفسرون مذاهب شتى، كل على قدر ما أوتي من عِلم... وإن كان بعيداً عن الفهم الصحيح والرأي السائد.
    ذاك أنّه في الأسبوع السادس والسابع من حياة الجنين في الرحم ينشأ ما يسمى "ولف" وقناته على كل جانب من جانبي العمود الفقري. ومن جزء من هذا تنشأ الخصية وبعض الجهاز البولي... ومن جزء آخر تنشأ الخصية في الرجل والمبيض في المرأة. فكل من الخصية والمبيض في بدأ تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب، أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريباً ومقابل أسفل الضلوع.

    ومما يفسر لنا صحه هذه النظرية أنَّ الخصية والمبيض يعتمدان في نموهما على الشريان الأورطي في مكان يقابل مستوى الكلى الذي يقع بين الصلب والترائب، ويعتمدان على الأعصاب التي تمد كلاً منهما، وتتصل بالضفيرة الأورطية ثم بالعصب الصدري العاشر، وهو يخرج من النخاع من بين الضلع العاشر والحادي عشر، وكل هذه الأشياء تأخذ موضعها من الجسم فيما بين الصلب والترائب.)[5 ]

    (والآية الكريمة تحثنا على النظر والتمعن في تخلق الإنسان من هذا الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب، وسبب تدفقه هو تقلصات جهاز الحويصلة المنوية والقناة القاذفة للمني مع تقلصات عضلات العجان، فتدفع بالسائل المنوي بمحتوياته من ملايين الحيوانات المنوية عبر الإحليل إلى المهبل. وهذا هو سبب الرّعشة عند الإنزال. وذلك كله متعلق بِالجهاز العصبي اللاارادي، والمسمى بِ "الجهاز التعاطفي Sypathetic nerves".

    أمّا الإنتشار والإنتصاب فسببه أعصاب خاصة من الجهاز العصبي اللآارادي المسمى "نظير التعاطفي Para Sypathetic" وبواسطته تمتلئ الأوردة الدموية الكثيفة في القضيب فتسبب الإنتشار. وهذه الأعصاب تأتي من منطقة بين الصلب والترائب. ونرى أنّ ذلك كله موكول إلى جهاز غير إرادي ولا تتحكم فيه الإرادة حتى يخرج أمر الخلق والتخلق من كل شبهة للإرادة الإنسانية.)[ 6]

    تقول الآية الكريمة أنّ الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب، ونحن قلنا أنَّ الماء الدافق "المني" إنّما يتكون في الخصية وملحقاتها، كما تتكون البويضة في مبيض المرأة. فكيف تتطابق تلك الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية؟.

    على هذا السؤال يجيب الدكتور محمد علي البار قائلاً :
    (إنّ الخصية والمبيض إنّما تتكونان من الحدبة التناسلية بين صلب الجنين وترائبه، والصلب هو العمود الفقري، والترائب هي الأضلاع ، وتتكون الخصية والمبيض من هذه المنطقة بالضبط أي بين الصلب والترائب. ثم تنزل الخصية تدريجياً حتى تصل إلى كيس الصفن "خارج الجسم" في أواخر الشهر السابع من الحمل.... بينما ينزل المبيض إلى حوض المرأة ولا ينزل أسفل من ذلك. ومع هذا فإنّ تغذية الخصية والمبيضين بالدماء والأعصاب واللمف تبقى من حيث أصلها... أي بين الصلب والترائب. فشريان الخصية أو المبيض يأتي من الشريان الأبهر "الأورطي البطني Aorta artery" من بين الصلب والترائب، كما أنَّ وريد الخصية يصب في نفس المنطقة... يصب الوريد الأيسر في الوريد الكلوي الأيسر، بينما يصب وريد الخصية الأيمن في الوريد الأجوف السفلي... وكذلك أوردة المبيض وشريانها تصب قي نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب... كما أنّ الأعصاب المغذية للخصية أو المبيض تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة من بين الصلب والترائب... وكذلك الأوعية الليمفاوية تصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب.

    فهل يبقى بعد كل هذا شك أنَّ الخصية أو المبيض إنّما تأخذ تغذيتها ودمائها وأعصابها بين الصلب والترائب؟ ... فالحيوانات المنوية لدى الرجل أو البويضة لدى المرأة إنّما تستقي مواد تكوينها من بين الصلب والترائب، كما أنّ منشأها ومبدأها هو من بين الصلب والترائب والآية الكريمة إعجاز كامل حيث تقول "من بين الصلب والترائب"... فكلمة "بين" ليست بلاغية فحسب، وإنّما تعطي الدقة العلمية المتناهيه)[ 7]

    هذا هو التفسير العلمي، والذي أتى مطابقاً لما ورد في القرآن الكريم. أمّا قول بعضهم أنّ المني يخرج من صلب الرجل، أما ماء المرأة فيخرج من ترائبها ويتكون في ترائبها، فإنّ هؤلاء لم ينتبهوا إلى كلمة "بين" الواردة في النص القرآني، لذا فقد وقعوا في الخطأ. ذلك الخطأ الذي وقع فيه عدد من المفسرين قد تنبه إليه الإمام أبن القيم، حيث ورد في كتابه "إعلام الموقعين عن رب العالمين" ما يلي: (ولا خلاف أنّ المُراد بالصّلب صلب الرجُل. واختلف في الترائب، فقيل المراد ترائبه أيضاً، وهي عظام الصدر بين الترقوة إلى الثندوة... وقيل المراد بها ترائب المرأة. والأول أظهر لأنه سبحانه قال "يخرج من بين الصلب والترائب" ولم يقل "من الصلب والترائب"، فلا بد أن يكون ماء الرجل خارجاً من بين هذين الملتقيين كما قال في اللبن "يخرج من بين فرث ودم"... وهذا لا يدل على إختصاص الترائب بالمرأة، بل يُطلقُ على كل من الرجل والمرأة. قال الجوهري: الترائب عظام الصدر بين الترقوة إلى الثندوة)[ 8]

    أمّا القرطبي فيقول في تفسيره: (يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل، ومن صلب المرأة وترائب المرأة،... وأيضاً المكثر بالجماع يجد وجعاً في ظهره وصلبه، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبساً من الماء.)[9 ] وللألوسي في تفسيره والشيخ المراغي كذلك نفس الفهم، وقد نبهنا إلى رأيهما في موضع سابق من هذا الفصل.
    يتضح مما تقدم أنّ تخلق الإنسان قد حصل من جراء الزوجية المتمثلة بالجماع الحاصل بين ذكر وأنثى، فيتكون الجنين من اختلاط وتلاقح مائيهما، وكلا المائين دافق، وكلا المائين يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية: الخصية في الرجل، أو المبيض في المرأة، وكلاهما يتكون من بين الصّلب والترائب، كما أنَّ تغذيتهما وترويتهما بالدماء والأعصاب تأتي من بين الصُّلب والترائب. فيتضح لنا معاني الآية الكريمة في إعجازها الدقيق الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية... وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة ....ومن كلاهما يتخلق الإنســـان.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1] السجده: ( 6 – 11 ).
    [2] الطارق: ( 5 – 8 ).
    [3] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جلد ( 20 )، صفحه ( 4 – 6 ).
    [4] تفسير الألو سي " روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني "، سورة الطارق.
    [5] البار – د. محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن، صفحه ( 120 – 121 )، نقلاً عن: تفسير المراغي.
    [6] المصدر السابق، صفحه ( 114 – 116 )، بتصرف.
    [7] البار – د. محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن، صفحه ( 114 – 116 )، بتصرف.
    [8] ابن القيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، جزء ( 20 ) صفحه ( 158 ).
    [9] تفسير القرطبي، جزء ( 20 ) صفحه ( 7 ).


    الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة

    http://www.sharabati.org/

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  12. افتراضي

    مـــدة الحـمــــل


    إنّ أقل مدّة الحمل ستة أشهر. لما روى الأثرم بإسناده عن أبي الأسود أنه رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشر فهم عمر برجمها، فقال علي: ليس لك ذلك. قال تعالى: (والوالدات يُرضعنَ أولادهن حولين كاملين)[2 ] وقال تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً)[ 1]، فحولان وستة أشهر ثلاثون شهراً، لا رجم عليها. فخلّى عمر سبيلها. وولدت امرأة أخرى لذلك الحد. ورواه الأثرم أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس قال ذلك الأحول: فقلت لعكرمة أنا بلغنا أنَّ علياً قال ذلك، فقال عكرمة: لا ما قال هذا إلآ ابن عباس. وذكر ابن قتيبة في "المعارف" أنَّ عبد الملك بن مروان وُلِدَ لستة أشهر، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم.[ 3]

    وظاهر مذهب الحنابلة أنّ أقصى مدة الحمل أربع سنين، بِهِ قال الشافعي، وهو المشهور عن مالك. وروي عن أحمد أنَّ أقصى مدته هو سنتان، وروي ذلك عن عائشة، وهو مذهب سفيان الثوري وأبي حنيفة، لما روت جميلة بنت سعد عن عائشة: "لا تزيد المرأة عن سنتين في الحمل."، ولأنّ التقدير إنّما يُعلمَ بتوقيف أو اتفاق، ولا توقيف ههنا ولا اتفاق، وإنّما هو على ما ذكرنا وقد وُجِدَ ذلك، فإنًّ الضحاك بن مزاحم وهرم بن حيان حملت أمُ كل منهما به سنتين، وقال الليث بن سعد: "أقصاه ثلاث سنين، حملت مولاة لعمر بن عبد الله ثلاث سنين." وقال عباد بن العوام: خمس سنين. وعن الزهري قال: قد تحمل المرأة ست سنين، وسبع سنين. وقال أبو عبيد: ليس لأقصاه وقت يوقف عليه.[4 ]

    ولنا أنَّ ما لا نَصَّ فيه يُرجَعُ فيه إلى الوجود. وقد وُجدَ الحمل لأربع سنين، فقد روى الوليد بن مسلم قال: (قلت لمالك بن أنس حديث جميلة بنت سعد عن عائشة قالت لا تزيد المرأة عن سنتين في الحمل، قال مالك: سبحان الله! من يقول هذا؟ هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان تحمل أربع سنين قبل أن تلد) وقال الشافعي: بقي محمد بن عجلان في بطن أُمِّهِ أربع سنين، وقال أحمد: (نساء بني عجلان يحملن أربع سنين، وامرأة عجلان حملت ثلاث بطون كل دفعة أربع سنين، وبقي محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي في بطن أُمه أربع سنين، وهكذا إبراهيم بن نجيح العقيلي، حكى ذلك أبو الخطاب، وإذا تقرر وجوده وجب أن يُحكم به ولا يُزاد عليه لأنه ما وُجِد. ولأنَّ عمر ضَرَبَ لامرأة المفقود أربع سنين ولم يكن ذلك إلا لأنه غاية الحَمل، وروي عن عثمان وعلي وغيرهما)[5 ]

    أمّا أكثر الحمل عند الأطباء فلا يزيد عن شهر بعد موعده، وإلا لمات الجنين في بطن أمه، ويعتبرون ما زاد على ذلك خطأ في الحساب.[ 6]

    أمّا الإمام علي بن أحمد بن حزم الظاهري فيقول في "المُحَلّى":
    (لا يجوز أن يكون حمل أكثر من تسعة أشهر، ولا أقل من ستة أشهر، لقول الله تعالى: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً"[7 ] وقال تعالى "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"[8 ] فمن ادعى حملاً وفصالاً يكون في أكثر من ثلاثين شهراً فقد قال الباطل والمحال ورد كلام الله عز وجل جهاراً.)[9 ] وبعد أن ذكر مختلف الأقوال في مدد ا5لحمل التي قال بها الفقهاء - والتي سبق أن ورد بعضها في بداية الفصل - بعد أن ذكر كل تلك الآراء قال: (وكل هذه أخبار مكذوبة راجعة إلى من لا يصدق ولا يُعرف من هو ولا يجوز الحكم في دين الله بمثل هذا.)[ 10]

    إلا أنَّ الجنين قد يموت في بطن أمه ويبقى فيها أمداً طويلاً، وقد يتكلس[11 ] الجنين بعد موته ثم يقذفه الرحم بعد فترة، وقد يقذفه على فترات متقطعة. وهذا أمر معروف عند الأطباء ومشهور لديهم.[ 12] وقد نقل عن ابن حزم عن الإمام علي قال: (إلا أنَّ الولد قد يموت في بطن أمه فيتمادى بلا غاية حتى تلقيه متقطعاً في سنين...)[13 ]

    وينفي د. محمد علي البار إمكانية حدوث هذا الحمل الطويل الممتد سنيناً..... حيث يذكر أنّهُ قد وجدت نساء ممن كُنَّ يترددن على عيادته في اليمن يزعمن أنَّهُنَّ حوامل لعدة سنوات.... وبالفحص تبين أنهن لم يَكُنَّ حوامل... ويعلل ذلك بأنهُ كان ذلك "الحمل الكاذب Pseudo pregnancy"[14 ]

    أمّا الغالب في مدّة الحمل فقد حَدّدَ أحد الأطباء المسلمين مدّة الحمل، فقد حدّدها الطبيب العربي "أحمد بن محمد البلدي" والذي عاش قبل أكثر من ألف عام في كتابه "تدبير الحبالى والأطفال والصبيان" حيث قال: (إنّما نجد جميع من يلد من النساء يكن ولادهن في الأيام التي فيما بين مائتين وثمانين يوماً ونصف بالتقريب، وبين مائتين وأربعة وسبعين يوماً على التقريب)[ 15]

    وهذا التحديد هو الشائع الآن، وهو ما يقول به أطباء أمراض النساء والولادة، أي أنَّ معدل مدّة الحمل هي 280 يوماً، أو عشرة أشهر قمرية، من الممكن أن تزيد قليلاً. أمّا أقل مدّةٍ للحمل التي هي ستة أشهر، فقد اتفق عليها الفقهاء كما ذكر ابن القيم الجوزية في كتابه "التبيان في أقسام القرآن"، كما أنّ أطباء الولادة يوافقون المسلمين في ذلك.

    فتعتبر مدّة الحمل الطبيعية (280 يوماً )، تُحسب من بدء آخر حيضة حاضتها المرأة ، وبما أنَّ التلقيح وبداية الحمل يحدث عادة في اليوم الرابع عشر من بدء الحيض تقريباً ... فإنَّ مُدّة الحمل الحقيقية تكون (280 – 14=266) يوماً . أي حوالي تسعة أشهر في الغالب وأقله ستة أشهر وأكثره سنتان.[ 16]
    ــــــــــــــــــــــــ
    [1] البقره: ( 233 ).
    [2] الأحقاف: ( 15 ).
    [3] ابني قدامة، المغني والشرح الكبير، جزء ( 9 )، صفحه ( 116 ).
    [4] المصدر السابق، صفحه ( 117 ).
    [5] المصدر السابق، صفحه ( 117 – 118 ).
    [6] البار – د. محمد علي، خلق الإنسان في الطب والقرآن، صفحه ( 452 ).
    [7] الأحقاف: ( 15 ).
    [8] البقرة: ( 233 ).
    [9] المصدر – ابن حزم - علي بن أحمد، المحلى، جزء (10)، صفحه (316)، طباعة دار الفكر – بيروت.
    [10] المصدر السابق .
    [11] يتكلس: يعني ترسب فيه أملاح الكالسيوم فيصبح مثل الجير.
    [12] البار – د. محمد علي، خلق الإنسان في الطب والقرآن، صفحه ( 453 ).
    [13] المحلى لإبن حزم، جزء ( 10 )، صفحه ( 316 ).
    [14] الحمل الكاذب: Pseudopregncy حالة سيكوسوماتية ( أي جسدية نفسية ) تتوهم المرأة الباحثة عن الإنجاب تتوهم أنها حامل، وتكون مصحوبة عادةً ببعض الأعراض الطبيعية الواضحة، كانقطاع الطمث وتضخم البطن، وبحركة جنينية ظاهرة، وباضطراب في عمل الغدد الصم شبيه بذلك الذي يرافق الحمل ولكنه أقل وضوحاً. وتعتقد المرأة مع هذه أنها حامل فعلاً، رغم تأكيد كل الفحوصات الطبية بعدم وجود الحمل. وقد يحدث لأحدى هؤلاء الواهمات بالحمل الكاذب الذي تتصور أنه بقي سنيناً... قد يحدث فعلاً أنها تحمل فعلاً... فتضع طفلاً طبيعياً في فترة حمله، فتتصور أنها قد حملته لسنين عدة.
    [15] البلدي – أحمد بن محمد، كتاب تدبير الحبالى والأطفال والصبيان، تحقيق الدكتور محمود الحاج قاسم محمد، الطبعة العراقية سنة ( 1987 )، صفحه ( 115 ).
    [16] النبهاني – الشيخ تقي الدين، النظام الاجتماعي في الإسلام، صفحه ( 169 ).



    الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة


    http://www.sharabati.org/

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

  13. افتراضي

    الخلق في السُّنة الشريفة

    بعد أن قمنا باستعراض بعض نصوص القرآن الكريم - المصدر الأول للتشريع - التي تتناول تفسير عملية الحمل وأطواره، وبما أنّ السنة الشريفة - وهي المصدر الثاني للتشريع - قد تناولت ذلك مبينة وشارحة لما ورد في القرآن الكريم، فسنستعرض إن شاء الله بعض ما جاء فيها:

    1. أخرج الإمام أحمد في مسنده: أنَّ يهودياً مَرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدّث أصحابه. فقالت قريش: يا يهودي إنَّ هذا يزعم أنّه نبي. فقال لأسألنّه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، فقال: يا محمد، مم يخلق الإنسان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا يهودي، من كل يخلق، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة. فقال اليهودي: هكذا كان يقول من قبلك. "أي الأنبياء".

    2. إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكاً قال يا رب مخلقة أو غير مخلقة، فإن قال غير مخلقة مجتها الأرحام دماً.[1 ]

    3. وعن أنس رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: وكل الله بالرحم ملكاً يقول: أي رب نطفة؟ أي رب علقة؟ أي رب مضغة؟ فإذا أراد الله أن يخلق خلقاً قال: يا رب ذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه.[2]

    4. وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون، بعث الله ملكاً فصورها وخلق سمعها و بصرها وجلدها وعظمها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك.[3 ]

    5. وفي رواية لعبد الله بن مسعود عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة. ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة في ذلك مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح. ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد.[4 ]

    6. ما من كل الماء يولد الولد. وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء.[5 ]

    7. يقول المصطفى عليه السلام لليهودي الذي سأله عن الولد: ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنث بإذن الله، قال اليهودي: صدقت وإنك لنبي.[6 ]

    8. وعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول: إنَ النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتصور عليها الملك فيقول: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيجله الله ذكراً أو أنثى. ثم يقول يارب أسويٌ أم غير سوي؟ فيجعله الله سوياً أو غير سوي. ثم يقول: يا رب ما رزقه؟ ما أجله؟ ما خُلقُهُ؟ ثم يجعله الله شقياً أو سعيداً.[7 ]

    9. عن أنس رضي الله عنه أنّ عبد الله بن سلام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: من أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وأمّا الشبهُ في الولد فإنّ الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماءه كان الشبه له، وإذا سبقت كان الشبه لها.[ 8]

    10. إذا مكثت النطفة في رحم المرأة أربعين ليلة جاءها الملك فاختلجها ثم عرج بها إلى الرحمن عز وجل، فيقول: اخلق يا أحسن الخالقين، فيقضي الله بها ما يشاء من أمره، ثم تُدفع إلى الملك فيقول: أسَقطٌ أم تمام؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب أواحدٌ أم توأمين ؟ فيبين له، ثم يقول: أشقي أم سعيد؟ فيبين له، ثم يقول: يا رب اقطع له رزقه مع أجله، فيهبط بها جميعاً. فوَ الذي نفسي بيده لا ينال من الدنيا إلا ما قسم له.[9 ]

    11. إذا خلق الله النسمة قال مَلكُ الأرحام: يا رب أذكر أم أنثى؟ قال: فيقضي الله أمره، ثم يقول: أي رب أشقي أم سعيد؟ فيقضي الله أمره. ثم يكتب ما أمره الله بين عينيه حتى النكبة ينكبها.[ 10]

    ـــــــــــــــــــ

    [1] أخرجه إبن أبي حاتم وابن رجب في " جامع العلوم والحكم " وابن القيم في " طريق الهجرتين ".
    [2] رواه البخاري ومسلم.
    [3] رواه مسلم في كتاب القدر.
    [4] رواه البخاري ومسلم.
    [5] أخرجه مسلم.
    [6] أخرجه مسلم.
    [7] أخرجه مسلم.
    [8] أخرجه البخاري.
    [9] أخرجه الألكاني عن عبد الله بن عمر. وذكره إبن رجب الحنبلي في كتابه " جامع العلوم والحكم ". وذكره العسقلاني في " فتح الباري "
    [10] أخرجه البزار عن إبن عمر.

    الموضوع منقول من :
    موسوعة الخلق والنشوء
    حاتم ناصر الشرباتي
    1424هـ / 2002م.
    مكتبة الايمان - المنصورة


    http://www.sharabati.org/


    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>> أطوار الجنين (مراحل الحمل)346

  14. افتراضي


    أطوار الجنين* (مراحل الحمل)


    [COLOR="Black"]من استعراض النصوص المتعددة في القرآن الكريم والحديث الشريف التي تعرضت لموضوع مراحل الحمل وتطور خلق الجنين الإنساني، نستطيع أن نحدد معالم أطوار التخلق الإنساني والتي أكدتها أيضاً مصادر علم الأجنة حديثاً، وهي:

    أولاً: مرحلة النطفة:
    عند الجماع والقذف تنطلق ملايين الحيوانات المنوية التي تحوى "النطفة المذكرة" دافقة قاصدة الرحم لتلتقي مع "النطفة المؤنثة" التي هي بويضة الأنثى، لتتزاوج وتختلط معها مكونة "النطفة الأمشاج"، وهذا ما يسمونه علمياً "العلوق" أو "الإخصاب" والذي يعني حصول الحمل.

    ثانياً: مرحلة العلقة:
    تستغرق المرحلة الأولى أسبوعاً كاملاً حتى تعلق هذه النطفة الأمشاج بجدار الرحم، إذ يبدأ العلوق في اليوم السابع بعد التلقيح بالالتصاق بجدار الرحم، وتستغرق هذه المرحلة أسبوعين تنمو خلالها العلقة.

    ثالثاً: مرحلة المضغة:
    في نهاية الأسبوع الثالث للتلقيح تبدأ المرحلة الثالثة في الظهور ككتل بدنية
    "Somites"، وتتحول إلى قطعة من اللحم كمن مضغتها الأسنان ثم قذفتها، وهي في هذه المرحلة إما أن تكون مضغة كاملة مخلقة، أو مضغة غير تامة الخلق "سقط"، فيقر في الرحم المضغة التامة، أما الغير تامة فتسقط إجهاضاً طبيعياً.

    رابعاً: مرحلة العظام:
    وهذه المرحلة تستغرق الأسابيع الخامس والسادس والسابع، إذ تتحول المضغة إلى عظام وفي آخر هذه المرحلة تُكسى العظام باللحم وتتكون العضلات.

    خامساً: مرحلة الإنشاء "التسوية والتصوير والتعديل"
    وتبدأ هذه المرحلة بعد الأسبوع السابع، إذ يتكون بالكامل تصوير الإنسان، الذي يشمل جميع الأعضاء والأطراف، ويدخل في هذه المرحلة تكون المولود ذكراً أم أنثى، إذ تتميز الأعضاء التناسلية الخارجية بحيث يمكن التمييز بين الذكر والأنثى في نهاية الشهر الثالث.

    سادساً: مرحلة نفخ الروح:
    بعد نهاية الشهر الثالث، وبعد أن يكتمل إنشاء الجنين وتصويره، يمكن سماع أو الإحساس بتحرك الجنين إرادياً، وهو علامة من علامات نفخ الروح فيه.

    سابعاً: الــولادة:
    بعد اكتمال الوقت المقرر للجنين وهو تسعة أشهر "أو تزيد أو تنقص" يكون الجنين قد اكتمل بشراً سوياً، فيخرج إلى الحياة إنساناً كاملاً مستقلاً كامل الصفات والأوصاف.

    أما المراحل حسب ما يراه علماء الأجنة فهي كالتالي :

    [1] مرحلة البويضة الملقحة "النطفة الأمشاج" Fertilized ovum
    [2] مرحلة الحمل Embryo
    1. الإنغراز " العلقة " Implanotation
    2. الجنين ذو الطبقتين Bilaminar Germ Disc
    3. مرحلة الجنين ذو الثلاث طبقات Trilaminar Germ Disc
    4. الكتل البدنية " مضغة " Somites
    5. تكون الأعضاء " الإنشاء" Oregano Genesis
    [3] مرحلة الجنين Fetus
    [4] الولادة Accouchement

    هذه هي المراحل كما يقررها مشاهير علماء الأجنة، في حين أنّ بعضهم يقسم المرحلة الثانية تقسيماً آخر، ومما لا شك فيه أنّ التقسيم القرآني لمراحل نمو الجنين الإنساني هو أصح وأدق بكثير من وصف علماء الأجنة... وإن كان التقسيم القرآني يلتقي مع كثير من تقسيماتهم كالنطفة والعلقة والمضغة... ولا يركز علماء الأجنة على مرحلة العلقة كما يركز عليها التقسيم القرآني... وكذلك التصوير والتسوية والتعديل. على أنه يجب أن يكون واضحاً بجلاء أننا كمسلمين نأخذ بالحقيقة القرآنية فقط وبدون أي تحفظات، وبإيمان وتصديق كاملين في حالة التعارض بين الحقيقة القرآنية وبين النظريات العلمية.

    أما نفخ الروح، وهو أهم أقسام ما في الإنشاء والتخلق، فهو مما لا تفسير مادي له عند علماء الأجنة، لذا فإنهم لا يتعرضون له في استعراضهم لمراحل الحمل، بل يتعمدون تجاهل الخوض في بحثه، ولكون تعاملهم هو مع المادة والوقائع المادية التي تخضع للاختبارات وصور الأشعة، فهم بالتالي ينكرون أو يتجاهلون أهم طور في أطوار تخلق الجنين البشري، إذ لولاه لكان ذلك الجنين مجرد مادة لا يمكنها بحال التحول إلى إنسان سوي إلا بنعمة الله الكبرى التي لا تدركها عقولهم ألا وهي نفخ الروح التي بها وبها وحدها يكون سـر الحياة.

    ونظراً لأهمية هذا الموضوع في مسألة الخلق والإنشاء، والذي أشكل فهمه على جهابذة علماؤهم وكبراؤهم سنفرد له بحثاً خاصاً باسم "الحياة والروح".[1 ]


    ـــــــــــــــــــ


    [*]منقول: موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، الصفحات ( 349-354)
    http://www.sharabati.org
    [1] يمكن الرجوع إلى بحث " الحياة والروح " وبحث " الموت " في الباب الخامس.

    للبحث بقية >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    التعديل الأخير تم 04-06-2007 الساعة 07:55 AM

  15. افتراضي

    خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم*


    خلافاً لكل نظريات الإلحاد والشرك والكفر، وخلافاً لكل آراء ومعتقدات أصحاب الديانات الوضعية، ينظر الإسلام بلسان القرآن الكريم، وبلسان رسوله الأمين، وبأيمان أتباعه، إلى الإنسان نظرة تختلف اختلافاً جوهرياً وبالكامل عن جميع النظرات الأخرى.

    في حين ينظر للإنسان من أعمى الله قلوبهم أنّه آثم خاطيء بالوراثة، أو أنّه من سلالة القرود والسعادين، أو أنه قريب من نسل الكلاب والحشرات؛ ماسخين إياه في أحط صورة؛ واصفين أصله بالوضاعة المتناهية وبالتالي حقارة ودناءة هذا المنشأ. وفي حين يعتبره بعضهم مادة للبحث يستخدمونها لإجراء التجارب عليها في معاملهم ومختبراتهم، وحقل تجارب واستكشاف لدى علماء النفس والاجتماع. فإنَّ الإسلام ينظر إليه نظرة تبجيل واحترام. فهو في نظر الإسلام مخلوق خلقه الله تعالى في أحسن تقويم، صاحب أجمل صورة. وأنّ الله صوره فأحسـن التصوير.

    نعــم، إنه الإنسـان الذي سجدت له ملائكة الرحمن، الإنسان الذي كرّمه الله وزينه بالسمع والبصر والفؤاد والإدراك والتمييز وحُسن الصورة وجمالها.

    قال تعالى من سورة الانفطار: (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم  الذي خلقك فسواك فعدلك  في أي صورة ما شاء ركبك )[ 1]
    وقال تعالى من سورة غافر: (الله الذي جعل لكم الأرضَ قراراً والسّماء بناءاً وصوركم فأحسَنَ صُوركم وَرَزَقكُم مِنَ الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين )[2 ]

    وقال تعالى من سورة التغابن: (خلقَ السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير )[ 3]

    ومن سورة المُلك: (هُوَ الذي أنشأكم وَجَعَلَ لكمُ السّمْعَ وَالأبْصارَ وَالأفئدةَ قليلاً ما تشكرونَ  قُلْ هُوَ ذرَأكـُمْ في الأرْضِ وَإلَيْهِ تُحْشَرونَ )[4 ]

    ومن سورة التين: (لقدْ خلَقنا الإنسانَ في أحْسَنِ تقويمٍ )[5 ]

    ومن سورة الإسراء: (وَلقدْ كرَّمْنا بني آدَمَ وَحَمَلناهُمْ في البَّرِ وَالبَحْرِ وَرَزَقناهُمْ مِنَ الطَّيِباتِ وَفَضَلناهُمْ على كثيرٍ مِما خلقنا تفضيلاً )[6 ]

    وفي تفضيل الله تعالى الإنسان على غيره من المخلوقات يقول محمد بن جرير الطبري في تفسيره: (إنَّ التفضيل هو أن يأكل بيده وسائر الحيوانات بالفم، وروي عن إبن عباس والكلبي ومقاتل نفس ذلك، وقال الضحاك: كرّمهم بالنطق والتمييز، وقال عطاء: كرّمهم بتعديل القامة وامتدادها، وقال يمان: بحُسن الصورة)[7 ] وله أيضاً: (بتسليطهم على سائر الخلق، وتسخير سائر الخلق لهم) وقال آخرون: (بالكلام والخط، وقيل بالفهم والتمييز)[8 ]

    وقال القرطبي في تفسيره مُرَجحاً: (والصحيح الذي يعول عليه أنَّ التفضيل إنّما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يُعرف الله ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رُسُله، إلا أنّه لما لم ينهض بكل المراد من العبد بُعِثت الرّسُل وأرسلت الكتب)[9 ]

    أما ابن كثير فيقول في تفسيره: (يخبر الله تعالى عن تشريفه لبني آدم وتكريمه إياهم في خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكملها، كقوله تعالى "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"[10 ]، أن يمشي قائماً منتصباً على رجليه ويأكل بيديه، وغيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمه، وجعل له سمعاً وبصراً وفؤاداً يفقه به ذلك كله وينتفع به ويفرق بين الأشياء، ويعرف منافعها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية.....)[11 ]

    وقال العلامة الشيخ تقي الدين النبهاني، في كتابه "التفكير": (إنَّ الإنسـان هو أفضل المخلوقات على الإطلاق، حتى لقد قيل ~ وهو قول حق ~ إنَّه أفضل من الملائكة، والإنسان فضله إنّما هو في عقله، فعقل الإنسان هو الذي رفع شأن هذا الإنسان وجعله أفضل المخلوقات)[12 ]

    وأورد محمد علي الصابوني في تفسيره: (أي لقد شرفنا ذرية آدم على جميع المخلوقات: بالعقل والعلم والنطق وتسخير جميع ما في الكون لهم... وفضلناهم على جميع من خلقنا من سائر الحيوانات وأصناف المخلوقات من الجن والبهائم والدواب والوحش والطير وغير ذلك)[ 13]

    وأمّا صاحب الظلال فيقول: (ذلك وقد كرّم الله هذا المخلوق البشري على كثير من خلقه، كرّمه بخلقته على تلك الهيئة، بهذه الفطرة التي تجمع بين الطين والنفخة، فتجمع بين الأرض والسماء في ذلك الكيان!! وكرمه بالاستعدادات التي أودعها في فطرته، والتي استأهل بها الخلافة في الأرض، يغير فيها ويبدل، وينتج فيها وينشئ، ويركب فيها ويحلل، ويبلغ فيها الكمال المقدر للحياة..... وكرّمه بتسخير القوى الكونية له في الأرض وإمداده بعون القوى الكونية في الكواكب والأفلاك..... وكرّمه بذلك الاستقبال الضخم الذي استقبله به الوجود، وبذلك الموكب الذي تسجد فيه الملائكة ويعلن فيه الخالق جلّ شأنه تكريم الإنسان)[14 ]

    قال عالِم التطور "ميلرش H.Mellersh" في كتابه "تاريخ الإنسان": (إنّ دماغ الإنسان يختلف عن أدمغة بقية الحيوانات، وهو يشكل حدثاً جديداً في الحياة. وكل الأجناس البشرية تتمتع بهذه المزية... فأقوام أستراليا البدائيون يستطيعون أن يتثقفوا في بحر جيل واحد، وهذا يدل على أنّ الإنسان سواء أكان شرقياً أو غربياً، متمدناً أو بدائياً، يتمتع بالقدرات العليا ذاتها. وهذا ما أقرّه العِلم! فالهوّة إذاً سحيقة بين الإنسان والحيوان)

    أمّا مجلة "لايف Life" فقد كتبت في عددها الصادر بتاريخ 28/06/1963، شارحة تفوق الدماغ الإنساني تقول: (لخلايا الدماغ العصبية آلاف الاتصالات بعضها ببعض، وهناك اتصالات إضافية بفضل الكمية العليا من القشرة الدماغية التي تضاعف القدرة أضعافاً لا نهاية لها على استقبال وتحليل المعلومات. وهذه القدرة الاعتيادية تجعل الدماغ الإنساني بمنزلة رفيعة لا تُدانى بالنسبة إلى باقي الكائنات الحية)

    وبالتالي فالهوة سحيقة جداً بين الإنسان وبين الحيوان، أو حتى بين الإنسان وبين أي مخلوق آخر، فلو كانت نظرية النشوء والارتقاء المادي أو جميع نظريات التطور المادي الأخرى صادقة لما كانت تلك الهوة السّحيقة، بل لكان التقارب النسبي واضحاً.


    يقول علماء التطور المادي بوجود مراحل للذكاء، ولكننا لا نعلم بوجود ذلك مطلقاً، بل إنّ ما نعلمه "أنَّ 90% من الناس أذكياء، فعامة الناس أو أكثرهم أذكياء، والنادر هم البلداء أو الأغبياء، وهذا النادر لا حكم له." وهذا الرأي هو ما قال به العلامة النبهاني في كتابه "سرعة البديهة".[15 ]

    كما يزعم علماء التطور المادي بأنّ الإنسان المعروف باسم "إنسان ما قبل التاريخ" والذي يدّعون أنه انقرض كان يمثل الحلقة الوسطى. فلماذا عاشت هذه الحلقات الدنيا مثل القردة بينما انقرض إنسان ما قبل التاريخ، مع العِلم أنّ المفروض فيه حسب منطوق ومفهوم نظرياتهم أن يكون أرقى من القردة بكثير وأصلح للبقاء؟ وما الدليل على ذلك إن وُجد؟.

    ويقول داروين: (قد يكون للإنسان عذره في أن يشعر بشيء من الكبرياء لأنه ارتقى إلى ذروة السّلم العضوي، ولو أنّ ذلك الارتقاء لم يكن نتيجة لجهده الخاص. وإذا كان الإنسان قد ارتقى إلى مكانه الذي يحتله الآن، ولم يوجد في الأصل ومنذ البداية في هذا المكان فإنَّ ذلك خليق بأن يعطيه بعض الأمل في مصير أفضل في المستقبل البعيد... "ومع ذلك"... ورغم كل هذه القوى المثيرة فلا يزال الإنسان يحمل في هيكله المادي وصمَةً لا يمكن محوها تشير إلى أصله الوضيع)[16 ]

    وصمة الأصل الوضيع!!!! هكذا ينظرون للإنسان وأصله، ونحن نقول ومعنا كل الأدلة الدامغة التي تؤكد صحة قولنا؛ وتنفي نفياً قاطعاً ادعاءات وترهات داروين والتي نسجها من خياله الواسع!!!! نقول: نعم، لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم... إنّه الإنسان العاقل، الذي علمه الله، وزينه بالعقل والإدراك. إنّه الإنسان الأول "آدم عليه السّلام" الذي هو نفس الإنسان الحالي بجميع أوصافه التي نراها وندركها. لم يتبدّل ولم يتغير ولم يتطور. وله أن يفخر بأصله بحق، وله أن يفخر بأنّ الله قد فضله على جميع مخلوقاته، إذ اختاره من دون المخلوقات جميعها ليهبه العقل المميز، وأن يُسّخِرَ له ولمنفعته كل ما خلق. الإنسانُ الذي خلقهُ الله في أحسن تقويم.
    ــــــــــــــــــــــــ
    [*]منقول: موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، الصفحات ( 355-361)
    http://www.sharabati.org
    [1] الانفطار: ( 6 – 8 ).
    [2] غافر: ( 64 ).
    [3] التغابن: ( 3 ).
    [4] المُلك: ( 23-24 ).
    [5] التين: ( 4 ).
    [6] الإسراء: ( 70 ).
    [7] تفسير القرطبي، جلد ( 10 ) صفحه ( 294 ) أيضاً: تفسير الطبري، جلد (15)، صفحه (126).
    [8] المصدر السابق.
    [9] تفسير القرطبي، جلد ( 10 )، صفحه ( 294 ).
    [10] التين: ( 4 ).
    [11] - تفسير ابن كثير ، مجلد (3) ، صفحه (52).
    [12] النبهاني – الشيخ تقي الدين، كتاب " التفكير "، صفحه ( 5 ).
    [13] الصابوني – محمد علي، صفوة التفاسير، جلد ( 2 )، صفحه ( 170 ).
    [14] قطب – سيد، في ظلال القرآن، جلد ( 4 )، صفحه ( 2241 ).
    [15] النبهاني – الشيخ تقي الدين، سرعة البديهة، صفحه ( 23 ).
    [16] دورية " عالم الفكر "، المجلد الثالث، العدد الرابع ( 1973 )، صفحه ( 152 ).

    يتبع بحول الله >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

    التعديل الأخير تم 07-22-2007 الساعة 07:58 AM

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الخلق والنشوء بين ضلال النظريات وحقائق الإسلام
    بواسطة حازم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 90
    آخر مشاركة: 12-04-2018, 08:00 PM
  2. سلسلة تقويم اللسان (قل ولا تقل) .
    بواسطة قلب معلق بالله في المنتدى قسم اللغة والشعر والأدب
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-06-2012, 06:21 PM
  3. المعنزلة والأصول الخمسة
    بواسطة ليس هكذا تورد الابل في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-14-2010, 06:37 PM
  4. سؤال: سؤال عن نظرية التطور والنشوء ؟
    بواسطة الأسيف في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-28-2009, 02:06 PM
  5. تقويم القدس [ 1430 هـ / 2009 م ]
    بواسطة فحماوي في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-20-2009, 10:57 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء