معذرة لتطفلي فقد استفزتني الردود المتداولة
فأول ذلك أسلوب النقاش الذي يتدنى حتى يُذهب الغرض من المنتدى
وثانيًا أن سنة النبي تتطلب مناقشتها أن نتحلى بأخلاق النبي
وثالثًا فإن إثبات السنة لا يتأتى بمثل هذه الأدلة، وإنما السنة ثابتة بأدلة مغايرة تمامًا، ولكي أوضح فأقول:
فالناظر لهذه الآية فى ضوء آيات القرآن المبين، واستدلالات العقل باليقين، سيجد أن المقصود بالإتيان فيها هو القرآن فقط، ولا علاقة البتة للآية بتأويلات المتأولين ، والدليل على ذلك أن الناظر للآية لابد له من واحدة من اثنتين : إما التقيد بخصوص السبب ، أو الأخذ بعموم اللفظ:
فلو أخذنا بالتقيد بخصوص السبب:
● فيلزم الناظر فى آيات الكتاب لكى يفهمها فهمًا صحيحًا: أن يتجرد من أى هوى.
● وألا يلجأ للتأويل إلا إذا اقتضت الحاجة .
● وأن ينظر إلى سياق الآيات ككل، فلا يجزئها أو يُقطعها لتوافق شيئًا ما فى نفسه.
● وأن يربط الآية بغيرها من الآيات لكى تتحقق وحدة الموضوع.
ولو نظرنا للآية فى سياقها الذى أنزلها الله فيه لوجدنا أن السورة بدأت بالإخبار بتسبيح ما فى السماوات والأرض لله تعالى، ثم الإخبار بأن الله سبحانه هو الذى أخرج كفرة أهل الكتاب من ديارهم. فكان أمر الله تعالى بأن قذف الرعب فى قلوب هؤلاء الكفرة إلى درجة أنهم صاروا يُخربون بيوتهم بأيديهم. ثم إن الله تعالى قد كتب على هؤلاء الكفرة من أهل الكتاب: الجلاء فى الدنيا، وعذاب النار فى الآخرة. وهذا الجلاء والتخريب قد ترتب عليه وجود فىء. والفىء هنا حدث بدون إيجاف خيل (أى غارات الخيل) أو إبل، وإنما حدث بتسليط الله تعالى لرسله، فهو بالحقيقة إفاءة من الله على رسوله:
" وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
فهذا الذى أفاءه الله تعالى على رسوله فهو : للرسول ، ولذى القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل.
هذا هو ما شرعه الله للناس. كما بَيَّنَ سبحانه بأن المقصود من هذا التقسيم هو: ألا يكون المال متداولاً بين الأغنياء فقط :
" مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " (سورة (59 ) الحشر : 7) .
إذن فقد جاء قول الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فى سياق الكلام عن الفىء الذى سيختلف حكمه هذه المرة عن المرات السابقة .
فيا أيها الناس (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ) من أوامر وأحكام (فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ) من نواهىٍ (فَانْتَهُوا) .
Bookmarks