النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: الاستعمار و التبشير

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الاستعمار و التبشير

    الاستعمار و التبشير



    الاستعمار و التبشير كتاب قيم من تأليف الدكتوران مصطفى خالدي و عمر فروخ يتحدثان فيه عن بواعث التبشير في الشرق و إفريقية ووسائله الخبيثة ويكشفان عن حقيقة التبشير كوسيلة للاستعمار الغربي , أحببت أن أنقل لكم فصول هذا الكتاب على شكل مقالات مختصرة .

    الفصل الأول

    بواعث التبشير



    يظن الكثير أن المبشرين يسعوَن في نشاطاتهم إلى نشر حياة روحية و سلام ديني في بقاع الأرض و لكن لو نظرنا إلى البلاد الأصلية لهؤلاء المبشرين لوجدنا أنهم يعيشون حياةً مادية لا وجود للدين فيها إلا رمزاً و تقليداً لا يحمل أي معنى روحي فالغرب يعبد المال .. المادة .. فكيف يجتهد المبشرون في بلاد الشرق و يتركون بلادهم التي هي أولى من الشرق (بتعاليم المسيح) و (دين السلام) ... ؟؟!!



    و سنجد فيما يلي من نقولات (من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) كيف هي الحياة الغربية .

    يقول الأستاذ الألماني المهتدي محمد أسد في كتاب "الإسلام على مفترق الطرق" :

    (( لا شك أنه لا يزال في الغرب أفراد يعيشون و يفكرون على أسلوب ديني ويبذلون جهدهم في تطبيق عقائدهم بروح حضارتهم و لكنهم شواذ , إن الرجل العادي في أوربا ديمقراطياً كان أو فاشياً , رأسمالياً كان أم اشتراكياً عاملاً باليد أو رجلاً فكرياً إنما يعرف ديناً واحداً , و هو عبادة الرقي المادي و الاعتقاد بأنه لا غاية في الحياة غير أن يجعلها الإنسان أسهل ))أ.هـ



    و يحدثنا الأستاذ جود (Joad) رئيس قسم الفلسفة و علم النفس في جامعة لندن في كتابه (Guide to Modern Wickedness ) عن تجربته مع عشرين طالباً و تلميذة سألهم ((كم منهم مسيحي بأي معنى من معاني الكلمة)) و النتيجة إجابة ثلاثة منهم بالإيجاب و سبعة لم يفكروا في المسألة و العشرة الباقية صرحوا بمعاداتهم للمسيحية .. و لا يرى الدكتور (Joad) أي غرابة في هذه النتيجة و يقول : ((إن الأحوال و الآثار في هذه البلاد لتدل على أن الكنيسة النصرانية ستموت في القرن الآتي !! ))



    و ينقل لنا الأستاذ (Joad) خبراً من صحيفة يومية عن رجل اخترع آلة تحوّل نُسخ الكتاب المقدس إلى حشو للبنادق و الحرير الصناعي و اللدائن ... هذه قيمة الدين في الغرب , لا بل إن الغرب استبدل هذا الدين بدين آخر و هو عبادة المال يقول الأستاذ (Joad) في كتاب آخر ( Philosophy for times ) : (( إن نظرية الحياة التي تسود على هذا العصر و تحكم عليه هي النظر في كل مسألة و شأن من ناحية المعدة و الجيب (stomach and poeket view of life ) و يقول الصحفي الأمريكي المشهور (Jhon Gunther) في كتابه (Inside Europe ) : (( إن الإنجليز إنما يعبدون بنك انكلترا سنة أيام في الأسبوع و يتوجهون في اليوم السابع إلى الكنيسة ))أ.هـ

    و إلى جانب هذا الإفراط في الحياة المادية و اضمحلال أي أثر للحياة الدينية الروحية في الغرب ظهرت النزعات القومية و الوطنية لتكون أهم سبب من أسباب الحروب التي راح ضحيتها ملايين البشر .. يقول البروفسور أترني ((لأي شيء يدرس أولادنا تاريخ أمة أجنبية و لماذا يقص عليهم قصص إبراهيم و إسحاق ؟ ينبغي أن يكون إلهنا أيضاً ألمانياً ! ))

    و تبع الترك الألمان في هذا الاتجاه فمجدوا أوصولهم و زعموا أنهم و المغول من أصل واحد و غالى بعضهم في ذلك حتى بحثوا عن عبادات أجدادهم و عن الذب الأبيض الذي كانوا يعبدونه ليحيوا هذه العبادات ! ..



    فإذا كانت صورة المجتمع الغربي قاتمة بهذا الشكل فلماذا ينشط المبشرون في الشرق و إفريقيا ؟ ..



    إن الأهداف المباشرة و القريبة التي يسعى المبشرون كأفراد إليها في عملهم هي حب المغامرات و الأسفار و السيطرة الشخصية للمبشر على من حوله و فرض رأيه ... و الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الأطماع هي الجمعيات التبشيرية فالمبشر يغادر من جمعية إلى أخرى حسب أهواءه فإن وليم بلغراف الإنكليزي قد دعته أطماعه الخاصة إلى أن ينقلب راهباً يسوعياً و يجادل البروتستانت قومه , و لمّا استغنى عن اليسوعيين عاد بروتستانتياً حتى أنه سمي الحرباء . و لكن المبشرون كلهم على اختلاف أهدافهم متفقين على عداوة المسلمين و لكنها عداوة سياسية دنيوية لا عداوة دينية ! ..



    يقول القس زويمر رئيس مؤتمر المبشرين الذي انعقد في جبل الزيتون في القدس عقب الاحتلال الإنكليزي لفلسطين يقول مخاطباً جمع من المبشرين : (( مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية فإن هذا هداية لهم و تكريماً و إنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله و بالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها و بذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية و هذا ما قمت به في خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام و هذا ما أهنئكم عليه و تهنئكم دول المسيحية و المسيحيين أحسن تهنئة لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية و نشرنا في تلك الربوع مكامن التبشير و الكنائس و الجمعيات و المدارس المسيحية الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوربية و الأمريكية إنكم أعددتم نشأ (في ديار الإسلام) لا يعرف الصلة بالله و لا يريد أن يعرفها و أخرجتم المسلم من الإسلام و لم تدخلوه في المسيحية و بالتالي جاء النشء الإسلامي طبقاً لما أراده الاستعمار الأوربي )) .



    هذه هي بواعث التبشير الحقيقية باعتراف المبشرين أنفسهم .. إن الإسلام عندما يحكم الشعوب يعمل على توحيدها و تذوب في ظله العصبيات للجنس و القومية و العرق فلا فرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى و هذا ما يخافه الغرب لأنه يقف في وجه أطماعهم الاستعمارية و التبشير خير وسيلة لإضعاف المسلمين و إبعادهم عن إسلامهم .



    يصرح القس سيمون (Rev. G .Simon) بهذا الرأي بصراحة و وقاحة : (( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب السمر (كذا) و تساعدهم على التملص من السيطرة الأوربية و لذلك كان التبشير عاملاً مهماً في كسر شوكة هذه الحركة)) .. و يكمل : (( إذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلاً ذد الاستعمار الأوربي ثم استطاع المبشرون أن يظهروا الأوربيين في غير مظهر المستعمر فإن الوحدة الإسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها و سبباً من أسباب وجودها ))



    و بهذا نعرف أن هدف التبشير ليس هداية المسلمين إلى دين النصارى باعتراف المبشرين أنفسهم فهم يرمون إلى إبعاد المسلم عن دينه لما عملوا من خطر المسلمين إذا رجعوا إلى دينهم و تمسكوا بتعاليم الإسلام و اتحدوا في وجه المستعمر .



    و من أهم وسائل المبشرين في ذلك هي الافتراءات على الإسلام و أهله و الاستهزاء و التهكم بمظاهر الإسلام فهذا لطفي ليفونيان ألف كتباً تهكم فيها على أركان الإسلام و عاب تنزيههم لله سبحانه و تعالى !! و يزعم المبشر نلسن أن الإسلام مقلد أحسن ما فيه مأخوذ من النصرانية و يقول المبشر جون تاكيلي : ((يجب أن نستخدم كتابهم – أي القرآن الكريم – و هو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه لنقذي عليه تماماً يبج أن نري هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديد و أن الجديد فيه ليس صحيح )) .



    و زعموا أن الإسلام انتشر بالسيف و أنه قام على سفك الدماء و إخضاع الشعوب للإسلام بالقوة أم الذين يتعرضون لشخص الرسول صلى الله عليه و سلم فهم كثر فيقول هاربر أن محمد (صلى الله عليه و سلم ) كان عابد أصنام و سماه بعضهم كذاب مكة و يقول جسب أن الإسلام حكم على المرأة بالجهل و أفسدها و ضربها على فسادها .. إلخ من الافتراءات التي تنم عن جهل عميق و بهذا يشككون المسلم بدينه و يحرضونه على ترك الإسلام و لا يهم إن اعتنق النصرانية أم لا طالما أنه بعيد عن الله و عن أي رقيب على تصرفاته في حياته .. كما اعتمدوا على الجمعيات و الهيئات التبشيرية الخيرية و لكن هذه الوسائل لا تجدي نفعاً كبيراً ظاهراً يرضي أطماع المستعمر , فقد ظهر في عام 1932 كتاب اسمه "التفكير الجديد في أمر الإرساليات" ينص على وسائل عجيبة للتبشير , فالمبشرون وفقاً للأساليب الجديدة يفرضون على أنفسهم أن يكونوا مستعدين لأن يقبلوا بأمور تخالف العقيدة المسيحية فهم يقولون بوحدانية الله و يقبلون الرأي القائل بتعدد الإله على اعتبار أن الله يتشكل في مظاهر مختلفة .. و يقبلون تأويل عقيدتهم في بنوّة المسيح تأويلاً روحياً و لا يرون مانع من مصادقة عدوة النصرانية "الشيوعية" فالغاية تبرر الوسيلة , يقول تشارلس واطسون : ((يجب أن يظلوا – أي المشرون – برءاء كالحمام و لكن هذا لا يمنعهم أيضاً من أن يكونوا حكماء كالحيات )) .



    و مما يؤكد أن التبشير وسيلة استعمارية أن المبشرون لا يتفقون أبداً و إنما يتناحرون دائماً فالبروتستانت لا يكتفون بأن يظل المسيحي أرثوذكسي بل يجب أن يصبح بروتستانتياً و أن هوى الكاثوليك مع فرنسا و هوى الأرثوذكسي مع روسيا فإذا انتقل هوى هذان إلى البروتستنتية أصبح هواهما مع أمريكا بالدرجة الأولى و مع انكلترا بالدرجة الثانية و بهذا نرى أن أهداف المبشرين تبع لحكوماتهم الاستعمارية ....
    يتبع ...
    التعديل الأخير تم 02-02-2006 الساعة 03:32 PM
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هم منصرون ياأخى الكريم
    وجاء محمدا صلى الله عليه بشيرا ونذيرا
    موضوع جيد جزاك الله خيرا
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيف الكلمة
    هم منصرون ياأخى الكريم
    وجاء محمدا صلى الله عليه بشيرا ونذيرا
    موضوع جيد جزاك الله خيرا
    و جزاك الله خيراً أخي سيف الكلمة

    التطبيب وسيلة للتبشير

    حينما يتخرج الطبيب في كليته يقسم بقسم يسمى يمين أبقراط , مضمونه أن الطبيب يقصد في عمله نفع المريض فقط و يتعهد أن لا يستغل مهنته في ظلم أو جور ... إلخ أما المبشرون فقد تعهدوا أن يخونوا الأمانة و يستغلوا آلام البشر في أعمالهم التبشيرية و أول من نقض العهد هم الأمريكيون في تركيا بإنشائهم عيادة طبية في سيواس (1) عام 1985 .

    يقول الطبيب بول هاريسون في كتابه " الطبيب في بلاد العرب " ص277 :

    ((إن المبشر لا يرضى عن إنشاء مستشفى ولو بلغت منافع ذلك المستشفى منطقة (عُـمان) بأسرها , لقد وُجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها و نساءها نصارى ! ))



    و في عام 1924 أقام المبشرون مؤتمراً في القدس و استنبول و حلوان (مصر) و برمّانا (لبنان) و بغداد , و بحثوا خلاله التطبيب كوسيلة للتبشير (2)



    و حين يقيم المبشرون المستوصفات و المشافي فقد سَهُلت المهمة و يستطيع الطبيب أن يطرح أفكاره الخبيثة بحريّة فيتودد للمريض و يزوره في بيته و يجتمع بزوّار المريض و يقص لهم حكاياه مستغلاً حال المريض و زواره ..



    و التطبيب لازم التبشير و سبق المؤسسات التبشيرية في الظهور خاصة في سورية فقد أقيمت المراكز الطبية و ما لبثت أن تحولت إلى جمعيات تبشيرية ..



    و لا عجب إذا علمنا أن كبار الأطباء الغربيين الذين اشتهروا في بلاد العرب و أفنوا حياتهم فيها لم يأتوا إلا للتبشير !! منهم : آسا دودج , فورست , كارنيليوس , فانديك , جورج بوست , تشارلس كلهون , ماري أدي , و الدكتور طومسون (3)



    من خداعهم للمرضى أنهم كانوا لا يعالجونهم حتى يعترفوا بأن الشافي هو المسيح كما فعلوا في بلدة الناصر في السودان , و في الحبشة لا تبدأ المعالجة قبل أن يركع المرضى (4)



    و قد أعلن المبشرون عن هذه الأساليب بصراحة في كتبهم فهذا Richter يقول : (( في هذه المناسبات من التطبيب في مستوصف أو مستشفى يمكن للطبيب أن يخاطب المسلمين بكلام كثير لو سمعوا بعضه في مكان غير المستشفى و من شخص غير الطبيب لامتلأ غيظاًَ و غضباً (5)



    و هذه غيرا هاريس تنصح الطبيب المبشر قائلة : (( لعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك : إن واجبك التطبيب لا التبشير , فلا تسمع منه (6) فاحترام المهنة عندهم وساوس شيطان و استغلال المرضى عمل طيب فليستحضر القارئ قسم أبقراط .



    و ركز المبشرون الأطباء على العناصر الهامة في المجتمع و ذلك للاستفادة من تأثيرها على أكبر عدد من أفراد المجتمع كما أنهم اعتنوا بالعنصر النسائي فأرسلوا الطبيبات المبشرات إلى المنازل و قاموا مدارس التمريض على اعتبار أن الممرضة لا تعمل على تخفيف الألم عن المرضى فقط بل تحمل إليهم أيضاً رسالة المسيح (7)



    (1) Addison

    (2) Christian Workers 32-4

    (3) cf Jeesup 37 . 108 . 804

    (4) Milligan 101 – 32

    (5) Richter 25 cf . Methods Of Missoins54

    (6) Methods Of Missoins 105

    (7) Cf MW Oct 1936 p283
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل الثالث

    التعليم ميدان فسيح للتبشير (التعليم عموماً)


    و لو أن أهل العلم صانوه صانهم * و لو عظموه في النفوس لعُظِّما

    و لكن أهانوه فهان و دنسوا * مُحيَّاه بالأطماع حتى تجهّما


    استخدم المبشرون العلم و التعليم في سبيل غايات صغيرة و شغلوا أنفسهم بتبديل عقائد الأفراد الدينية باذلين جهوداً كباراً في سبيل منافسة غير نبيلة : عداوة على تجاذب الأشخاص بين اليسوعيين و البروتستانت و مكائد بين فرق البروتستانت أنفسهم ثم رياء لا حد له في تزيين الآراء و تسويد صفحات التاريخ ..



    و يدور هذا البحث حول نقطتين :

    1- استغلال المبشرين العلم بطرق لا تنكشف إلا عن ضيق في الأفق .. و هذا قليل الأهمية لأن الإنسان لا يلبث أن يرى هذا الأفق الضيق فيجازي أصحابه .

    2- حرص المبشرين على إفساد النبل الإنساني و جعل العلم وسيلة لاستعباد الأفراد و الأمم ثم سوقهم بسيف الاستعمار إلى الاستكانة أمام سلطان السياسة المادي .



    ليس للتعليم عندهم غاية سوى التبشير


    قال نفر من المبشرين :

    ((إن أهداف المدارس و الكليات التي تشرف عليها الإرساليات في جميع البلاد كانت دائماً متشابهة , إن المدارس و الكليات تعتبر في الدرجة الأولى واسطة لتمرين قسس للكنيسة .. حتى إن الموضوعات العلمانية التي تعلم , من كتب غربية و على يد مدرسين غربيين , تحمل معها الآراء النصرانية )) (1)



    و يرى هنري جسب : (( أن التعليم في –مدارس- الإرساليات المسيحية إنما هو واسطة إلى غاية فقط , هذه الغاية هي قيادة الناس إلى المسيح و تعليمهم حتى يصبوا أفراداً مسيحيين وشعوباً مسيحية و لكن حينما يخطو التعليم وراء هذه الحدود ليصبح غاية في نفسه و ليخرج لنا خيرة علماء الفلك و طبقات الأرض و علماء النبات وخيرة الجراحين والأطباء في سبيل الزهو العلمي ... فإننا لا نتردد حينئذ في أن نقول إن رسالة مثل هذه قد خرجت عن المدى التبشيري المسيحي إلى مدى علماني محض , إلى مدى علمي ينوي مثل هذا العمل يمكن أن تقوم به جامعات هايدلبرغ و كمبردج و هارفرد و شيفيلد لا الجمعيات التبشيرية التي تسعى إلى أهداف روحية فحسب )) (2)



    و تجدر الإشارة إلى أن هذه الآراء التي تدعي أن هدف التبشير و التعليم روحي محض لا تناقض كلام القس زويمر الذي أوردناه في أول الكتاب الذي يرى أنه لا ضرورة لتنصير المسلم و يكفي فصله عن دينه .. فكلا الأسلوبين هو جعل الشعوب الإسلامية تبع لحكومات المبشرين الاستعمارية و هو الغاية من التبشير ..

    حيث ير البعض أن المدارس قوة لجعل الناشئين تحت تأثير التعليم المسيحي أكثر من كل قوة أخرى (3)



    كيف تختار المدارس أساتذتها


    يقول المؤلف دانبي – في كتاب ألفه عقب مؤتمر للمبشرين كملخص لما توصل إليه المؤتمر - :

    ((ثم يتسع الشك على كل حال حينما نأتي إلى استخدام معلم غير مسيحي ليعلم موضوعات لا نجد لتعليمها معلماً مسيحياً , أجل إن البراعة في التعليم لا صلة لها بدين المعلم و مما لا ريب فيه أن معلماً مسلماً ذا خبرة بمهنته وذا كفاية يمكن أن يكون له من الجانب الشخصي وقوة الخلق و الشعور بالواجب ما يجعل منه معلماً يبعث الحياة في طلابه أو مربياً صالحاً ثم هو يمكن أن يؤثر في طلابه أكثر من المعلم المسيحي المجرد من الصفات التي يتصف بها ذلك المعلم المسلم و لكن إذا كانت الغاية من التعليم في المدارس المسيحية (كما يجب أن تكون ) إنما هي تزويد الطلاب باستشراف مسيحي للحياة و تمرين لهم على ممارسة المبادئ المسيحية و تقريبهم من اختبار شخصي للإيمان المسيحي فكيف يمكن للمسلم الأمين أن يعاوننا على بلوغ هذه الغاية ؟ ثم إذا كان هو يعتقد بهذه الغاية – لأنه ضعيف الشخصية خنوع – و لكنه لا يخطو خطوة يصبح بها مسيحياً , أفلا يكون له حينئذ على تلاميذه تأثير سلبي فيستنتجون من سلوكه أن الدين ليس موضوعاً ذا أهمية حاسمة (ص 62.68-67)



    و يعتمد المبشرون على التعليم كوسيلة غير مباشرة خاصة حينما رأوا أن التبشير رأساً لم يجعل أحداً من المسلمين يصبأ إلى النصرانية .



    كما أنهم يستغلون جهل الشعوب ... يقول بنيامين ماراي : (( شمالي نيجيرية ميدان للتبشير )) و استعرض ما عليه الشعب النيجيري من تخلف و أمية ثم قال : (( و هذا يتيح فرصة عظيمة للتعليم التبشيري المسيحي))



    وسائل التبشير في أثناء التعليم


    (إن المبشر الأول هو المدرسة)

    1-أن يكون ثمة مدارس لكي يستطيع المبشر الاتصال بالناس عن طريقها .

    2-أن يكون المعلم في هذه المدارس أجنبي غير وطني , أو وطني و بكن مسيحي بالدرجة الأولى (4) و متمرن على التبشير (5)

    3-التدرج في تدريس التوراة ثم تدريس التاريخ و الجغرافية و لكن من ناحية صلتهما بالتوراة فقط ثم أضافوا إلى ذلك كله موضوعات مشابهة (6)



    الكتب المدرسية خاصة و الطعن على الإسلام

    من الكتب التي شوهت الإسلام و مُلأت بالحقد عليه كتاب " البحث عن الدين الحقيقي" (7)

    و هو محاضرات في التعليم الديني تأليف المنسنيور كولي و قد صدر عن اتحاد مؤسسات التعليم المسيحي في باريس و نال رضا البابا ليون الثالث عشر مما جاء فيه : (( الإسلام – في القرن السابع للميلاد برز في الشرق عدو جديد ذلك هو الإسلام الذي أسس على القوة و قام على أشد أنواع التعصب لقد وضع محمد السيف في أيدي الذين اتبعوه و تساهل في أقدس قوانين الأخلاق ثم سمح لأتباعه بالفجور و السلب ووعد الذين يهلكون في القتال بالاستمتاع الدائم بالملذات و بعد قليل أصبحت آسية الصغرى و إفريقية و اسبانية فريسة له , حتى إن إيطاليا هددها بالخطر و تناول الاجتياح نصف فرنسة . لقد أصيبت المدنية , و لكن اجتياح هؤلاء الأشياع – المسلمين – تناول في الأكثر كلاب النصارى ..... الخ )) ص220

    هذا أحد نماذج الكتب الغربية التي تُدرّس في المدارس الشرقية و تزرع الأحقاد و تشوّه الحقائق .



    واجب الحكومات الوطنية

    واجبها إزالة أسباب التنافر و الشقاق بإزالة هذا النوع من الكتب فالكتاب السابق دُرّس في الصف الرابع من المدرسة البطريركية في بيروت و هناك كتب أخرى مثل كتاب "تاريخ فرنسة" تأليف هـ غيومان وف لوستير لصفوف الشهادة الابتدائية و فيه ما فيه من الإساءة و التشويه .

    4-يٌلحق بهذه الكتب و التي تتضمن التهجم على الإسلام كتب أخرى تتضمن ردوداً على الإسلام و اعتراضات على عقائده و تاريخه .

    5-إقامة الخطب و المناظرات و المجادلات ذات الصلة ...

    6-بناء كنيسة إلى جانب كل مدرسة ..

    7-دراسة مشاكل الشباب للنفوذ إلى نفوسهم و اجتذابهم و توجيههم للمسيحية . (8)

    نشاط المبشرين من طريق التعليم



    قم للمعلم وفه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولا !

    أعلمت أشرف أجل من الذي * يبني و ينشئ أنفساً و عقولا ؟


    هذا الذي ظنه شوقي و ظنه الناس كلهم أما المبشرون فقد استغلوا العلم النبيل ستاراً لغاياتهم المتمثلة في استعباد الشعوب و استغلاله سياسياً و اقتصادياً .

    إن التبشير هو مشروع بابوي متميز ! فإن غريغوريوس السادس عشر الذي أصبح بابا عام 1831 م شجع اليسوعيين على المجيء إلى سورية و العمل فيها وكذلك أعطى البابا ليون الثالث عشر لليسوعيين في سوريا عام 1881 م حق منع الشهادات بأنواعها أما بيوس الحادي عشر الذي جاء إلى عرش رومية عام 1922 م فقد كان يسمى بابا التبشير ! (9)

    و اعتمد المبشرون في الشرق على تعليم الأطفال في المدارس التبشيرية و ركزوا على المدارس الابتدائية و رأوا في ذلك وسيلة تأتي بأحسن الثمار في تنصير المسلمين و هي تعليم أولادهم الصغار (10)



    التبشير و قادة البلاد في المستقبل


    و التعليم العالي لا يقل أهمية عن سائر درجات التعليم و ذلك للوصول إلى الطبقة المثقفة المؤثرة في المجتمع (11) فأسسوا كليات في المراكز الإسلامية و أرادوا أن يكون لهم كلية في القاهرة إلى جانب الأزهر (12) فكانت الكلية الأمريكية في القاهرة و كان للمبشرين الفرنسيين كلية لاهور في الهند (13)



    إجبار المسلمين على دخول الكنيسة في مدارس المبشرين


    كما في مدراس الإرساليات الفرنسية و يجبرون أيضاً على حضور قداس الوعظ يوم الأحد و يصرون على تعليم التوراة و حضور دروس تفسيره .



    التبشير بين الأميين


    و اتفق المبشرون على أن يبدأ الكلام مع الأميين على مقام عيسى عليه السلام في القرآن الكريم و على المبشر أن يقول أمام الأميين "القرآن الكريم" و أن يذكر الشفاعة و الجنة و ما إلى ذلك من الألفاظ الإسلامية استمالةً للسامعين الأميين فإذا وثَقَ من آذانهم صبَّ فيها تبشيره (14)



    التعليم السمي و التبشير


    رأى المبشرون أن المدارس الرسمية في البلاد التي تكثر فيها المذاهب الدينية لا تتشدد في تعليم الدين بل تتساهل حتى لا تنفر أحداً من مواطنيها و حتى لا يحمل بعض المواطنين كرهاً لبعض و لقد رأى المبشرون في ذلك ثغرة أحبوا أن ينفذوا منها إلى عقائد الطلاب في مثل هذه المدارس .

    و استغل الانتداب الغربي على الدول العربية كسورية و لبنان قدرته في فرض القوانين و سن الدساتير .. اسغلها في وضع مناهج تعليمية تساعد المبشرين في أعمالهم ..



    التعليم النسائي خاصة


    قال جسب : (( إن مدرسة البنات في بيروت في بؤبؤ عيني , لقد شعرت دائماً أن مستقبل سورية إنما هو بتعليم بناتها و نسائها , لقد بدأت مدرستنا للبنات ولكن ليس لها بعد بناء خاص بها و ها هي قد أثارت اهتماماً شديداً في أوساط الجمعيات التبشيرية (15)

    و اعتمدوا أيضاً على جذب البنات في الأسر المعروفة لأن نفوذ هؤلاء يكون في بيتهن أعظم .



    التبشير بين الدارسين في الخارج


    مما لا ريب فيه أن ذهاب الطلاب الشرقيين إلى أوربة و أمريكة يكسبهم شيئاً من أساليب الحياة الغربية و الاتجاه الغربي في التفكير و التعلم و السلوك و ما إلى ذلك مما يكون نافعاً أو ضاراً و لكن المبشرون يريدون أن يستغلوا الطلاب الشرقيين في أمر خبيث .. يريدون أن يجعلوهم نصارى أو ممالئين للنصرانية (16)

    و يدخل في هذا الباب زواج المسلمين بالغربيات ؛ الأوربيات و الأمريكيات ...



    ملخص الفصل :

    إن المبشرين و من ورائهم يستخدمون التعليم ظاهراً و باطناً للتبشير ..

    ظاهره : دعوة لسلوك هم لا يسلكونه و تلك دعوة لم تتم ففاقد الشيء لا يعطيه ..

    باطنه : تفكيك أواصر القربى الروحية في لأمة الإسلامية خاصة حتى يستطيع الغرب أن يحكم الشعوب و يستغل بلادها اقتصادياً و حربياً .




    (1) Re – thinking Missions 118

    (2) Jessup 592 . 567

    (3) Anna A . Milligan , Milligan 108

    (4) Jessup 304.518.519

    (5) Jessup 593,Bilss –R- 334

    (6) Jessup 593 , Bilss –r- 334 : Re-thinking Missons 204

    (7) Recherche de la vraie religion

    (8) Re-thinking Mission 163 f . 264

    (9) Page de Mission cf Les Jesuites en Syrie 1:7

    (10) Christian Workers 5

    (11) Milligan 124-5

    (12) Milligan 123f

    (13) Gairdner 245

    (14) Methods of Mission 36f

    (15) Jessup 280

    (16) Missionary Outlook 276
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    361
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميدانى كتاب قيم جداً باسم "اجنحة المكر الثلاثة" يتناول فيه بالدراسة والتحليل والتوجيه الاستشراق ، والاستعمار ، والتبشير .. والكتاب طبعة دار القلم - دمشق .
    كل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ولا وفى بموجب العلم والإيمان ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ولا أفاد كلامه العلم واليقين

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    سأقتصر في هذا الفصل على النقاط الرئيسية فقط ..



    الفصل الرابع

    التعليم ميدان فسيح للتبشير

    (2) المؤسسات التبشيرية (الكليات و الجامعات خاصة)


    شهد لبنان قيام أحزام ذات طابع قومي كالحزب القومي السوري الذي نشأ عام 1932 م يحمل أفكاراًَ تدعو إلى قيام الدولة السورية التي تضم السوريين كأمة و من ضمنها لبنان (1) , و نشأت منظمة "الكتائب" اللبنانية التي تقول بأن اللبنانيين أمة و لبنان وحدة سياسية تاريخية جغرافية و أن نظرية سورية الجغرافية التي تبناها الحزب القومي السوري هي من صنع المستشرقين المسخرين لسياسات الاستعمار (2) لسنا هنا في مقام الموازنة بين عقيدة الحزب القومي وبين عقيدة الكتائب بل ما يهمنا هو الجامعية الأمريكية و الجامعة اليسوعية الأجنبيتان , فأكثر الذين ينتمون للحزب القومي السوري هم بالأصل طلاب في الجامعة الأمريكية الأجنبية لذلك رأت منظمة الكتائب أن هذه الجامعة يجب أن تزول ..



    و هنا يُطرح سؤال , ما مقام المدارس الأجنبية في حياتنا القومية ؟

    إن الجامعات أداة توجيه في البلاد من أجل ذلك لا يجوز أن تكون في أيد أجنبية مهما كانت هذه الأيادي نظيفة و لكن الإنسان قد يٌدفع أحياناً إلى اختيار أهون الشرين و إن كان لا تفاضل في الشر من الناحية النظرية على الأقل .



    فالحزب القومي السوري جمع المسلم مع المسيحي و ذابت الطائفية و هذا جيد بالنظر إلى حال لبنان الطائفي و المجتمع الممزق و لكن هذا لا يغير من أفكار الحزب القومي و دعوته إلى القومية السورية مدعوماً بطلاب الجامعة الأمريكية ! .



    * * *
    يعترف القائمون على المؤسسات الأجنبية بأن هذه المؤسسات كانت في أول أمرها تبشيرية ولكنها اليوم لا تُعنى بالتبشير على أن هذا مخالف للواقع , وإنما هو قول يتسترون به لأن العصر الذي نعيش فيه أصبح يأبى هذا التعبير : (( في سبيل التبشير)) .

    رأى المبشرون أن التبشير يجب ألا يقف عند انتهاء مرحلة التعليم الابتدائي أو الثانوي , بل يجب أن يستمر إلى مرحلة التعليم العالي لأنه هو الذي يهيّئ قادة الشعوب , فإذا استمال المبشرون بعد هؤلاء الذين ينتظر أن يكونوا قادة في بلادهم , فقد كفلوا التأثير على الشعب كله .



    من أجل ذلك تبلورت سياسة الإرساليات الأمريكية حول إقامة كليات مجهزة تجهيزاً جيداً في اسطنبول و بيروت و ازمير و القاهرة و غيرها من مراكز البلاد الشرقية (3)



    و مع الأيام أصبح الأمريكيون يعتقدون أن المؤسسات التبشيرية سواء أكانت معاهد علمية أم مؤسسات أخرى , إنما هي ((مصالح أمريكية)) تجب المحافظة عليها و هم لا ينكرون أن هذه المصالح كلها قد نشأت من التبشير و على أيدي المبشرين (4)



    و من هذه المدارس التي أنشأها المبشرون :

    1- مدرسة عبية (لبنان) : تأسست عام 1846 على يد د . كرنيليوس فان ديك (5) و ظلت تمثل دورها حتى تأسست الكلية السورية الإنجيلية عام 1865 في بيروت ...

    2- كلية روبرت في اسطنبول ..

    3- الجامعة الأمريكية في بيروت :

    و هي الكلية السورية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية) اليوم تأسست عام 1865 في بيروت بعد اجتماعات متكررة عقدها مبشرون و قرروا أخيراً إنشاء هذه الجامعة بحضور قنصل الولايات المتحدة في بيروت و أجمعا على ما يلي :



    ((نحن نصر على الطابع التبشيري للكلية , و على أن يكون كل أستاذ فيها مبشراً مسيحياً)) و أن تكون مؤسسة بروتستانتية (6) فهي نتاج التعليم البروتستانتي و ووليد الإرسالية الأمريكية للتبشير (7) و لما زار المبشر جون موط الكلية السورية الإنجيلية عام 1895 أسست الكلية فرعاً لجمعية الشبان المسيحيين إلا أن الاسم (جمعية الشبان المسيحية) كان محرجاً أمام غير النصارى فغيرته الكلية و جعلته الأخوية (8) و هذه الأخوية لا تزال قائمة و تدعى بأسماء مختلفة بحسب الأدوار المختلفة !



    و يرى المبشرون أنفسهم أن الجامعة الأمريكية ما هي إلا محاولة مدروسة لتمهيد الطريق أمام المصالح الأمريكية و التجارية منها خاصة .



    إن القائمين على أمر الجامعة في بيروت لم يكتفوا من أول أمرهم بأن يكون رئيس هذه المؤسسة مبشراً , بل أصروا على أن يكون جميع المدرسين فيها مبشرين , و كان على هؤلاء المدرسين أن يوقعوا يميناً يقسمون فيه بأن يوجهوا جميع أعمالهم نحو هدف واحد و هو التبشير ( و مع الأيام ألغت الجامعة توقيع هذا اليمين و لكنها لم تلغ مؤداه) .



    و كانت الجامعة تحرص على أن يظهر جميع أساتذتها بمظهر المبشرين ثم تحملهم على أن يحضروا المؤتمرات التبشيرية , و مع أن الجامع الأمريكية لم تعلن سياستها التبشيرية في مطلع حياتها خوفاً من أن يعلقها العثمانيون فإنها لم تأل جهداً في التبشير في كل درس حتى في الدروس التي لا صلة خاصة بينها و بين الدين , كانت المبادئ المسيحية موضع أكيد و تزيين كلما سنحت لذلك الفرصة , فمن أمثال ذلك أن درس اللغة الإنكليزية كان يستغل في نقل نصوص التوراة الإنكليزية إلى اللغة العربية و في هذه الأثناء كان الأستاذ ينتقل إلى مناقشة المشاكل الدينية من الزاوية التبشيرية (9)



    و هذا أمر غير مستغرب فلقد قرر مؤتمر القد المنعقد عام 1935 م أن يستغل كل درس في سبيل تأويل مسيحي لفروع العلوم كالتاريخ و علم النبات .. الخ (10)



    4- سائر المدارس الأمريكية :

    و منها كلية جيرارد أو كلية الأمريكان في صيداء (11) و سبب نشأتها أن من يتخرج من الكلية السورية الإنجيلية لا يصلح لأن يعمل مبشراً في القرى لأنه في الأصل يأتي من بيئة بعيدة عن القرى و يدرس في بيئة حضرية لذلك أسست كلية جيرارد في مكان قريب من البيئة القروية لإعداد معلمين و مساعدين على التبشير في القرى نفسها (12)

    و مثل هذا يقال في الكليات الأمريكية المختلفة في خربوط و عينتاب و مرعش و طرسوس (13) و في طرابلس و القاهرة و حلب و سواها .



    5- كلية غوردون في الخرطوم (الإنكليزية) أسسها الانكليز عام 1903 و هي باسم ضابط انكليزي (تشارلس غوردون) ؟؟



    6- المؤسسات الفرنسية : تختلف المؤسسات الفرنسية عن المؤسسات الأمريكية في أنها تحمل اسمها على ثيابها سواءً أكانت بروتستانتية أم كاثوليكية و قد يجوز لنا أن نستثني المؤسسات العلمانية التي تهتم ببسط السياسة و الثقافة الفرنسيتين أكثر من بسط المذهب الكاثوليكي أو البروتستانتي .

    و لا نحب هنا أن نسهب في الكلام على المؤسسات اليسوعية (ذات اللون الفرنسي) و لا المؤسات الشبيهة بها فالغايات اليسوعية معروفة ... علينا أن نقتدي بأمم الغرب التي لم تستطع بلادها أن تسير في معارج الاستقلال و الرقي إلا بعد أن وضعت اليسوعيين خارج حدودها : يجب أن نتعلم من غيرنا ما ننفع به أنفسنا .



    لقد تعثر الشرق في حياته السياسية و القومية لأن المدارس الأجنبية المختلفة قد فرقت أبناء الوطن الواحد طرائق مختلفة فشتتت أهدافهم وباعدت بين الطرق إلى تلك الأهداف , إن التعليم قوة توجيهية عظيمة , فلا يجوز أن تكون في أيد أجنبية تلعب بها و تستغلها لمآرب و أغراض أجنبية .



    إن التعليم الوطني الموحد , ولو كان ناقصاً بعض النقص , أفضل من التعليم الأجنبي المتنافر و لو كان كاملاً كل الكمال .





    (1) بلاغ زعيم السوريين القوميين إلى الرأي العم 8 حزيران 1963 . ص10-11

    (2) أهدافنا (الكتائب اللبنانية , مصلحة الدعاية و النشر ) 1936 – 1944 ص 7, 8 ,12

    (3) cf Enc of Missins 600

    (4) cf MW Apr 1939 pp 121 ff

    (5) Jessup 96 , Bliss 111

    (6) Bliss 163-9

    (7) cf Jessup 298 , Bliss ® 329

    (8) Bliss 217 – 8 Brotherhood

    (9) Peneose 46

    (10) Danby 31 etc .

    (11) cf Jessup 313 : Richter 222

    (12) cf Bliss 170

    (13) Richter 74
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل الخامس

    السياسة طريق التبشير (1- تعاون التبشير والسياسة)




    لقد خابت الجمعيات التبشيرية في جهودها الفردية بين المسلمين و تبين أن الجهود التي يبذلونها لا تتناسب مع النتائج التي يجنونها , فيجب البحث إذن عن طريق أشد تأثيراً .



    و لذلك لجئوا إلى حكوماتهم و بعد أن رضي المبشرون أن يجعلوا أنفسهم و الدين آلة طيعة في يد دولهم , انتهزت تلك الدول هذه الفرصة وجعلت تساعد المبشرين , إلا أنها في الحقيقة كانت تسعى إلى أهدافها السياسية و الاقتصادية الخاصة باستغلال المبشرين و الدين .



    فالمدارس الفرنسية و اليسوعية مثلاً تجاهر بأهدافها و تتبع سياسة واحدة دائمة و قيادة واحدة على الأكثر , هذه المدارس الفرنسية لا تسعى إلى إبراز الخصائص الوطنية حيث تفتح أبوابها لأبناء البلاد التي تكون فيها , ولكنها تجهد في أن تجعل من أبناء البلاد الذين تعلمهم , سواء أكانت تلك البلاد مراكش أو مصر أو إيران أو الهند الصينية ,أشباهاً لأبناء فرنسة نفسها في المظهر و اللغة و أسلوب التفكير و التعلق بفرنسة المستعمرة .



    و للمدارس الفرنسية المذكورة منهاج خاص موحد تسير عليه مصنوع في غير البلاد التي تقوم عليها . إنه منهاج فرنسي استعماري في كل شيء , من المشهور أن طلاب المدارس الفرنسية يعرفون جغرافية فرنسة وتاريخها بتفصيل أوفى من التفصيل الذين يعرفون به بلادهم , و يقرؤون من تاريخ فرنسة مالا يقرؤون من تاريخ بلادهم .



    الحروب الصليبية


    من الأمور التي أصبحت معروفة في أسباب الحروب الصليبية أن تلك الأسباب كانت في ظاهرها دينية , غايتها تخليص بيت المقدس من يد المسلمين , بينما كانت في حقيقتها سبيلاً للسيطرة على الشرق الإسلامي بما فيه من خيرات اقتصادية و مراكز حربية .



    و أوجز رشتر القضية فقال (1): ((جهد الصليبيون طوال قرنين لاستعادة الأرض المقدسة من أيدي المسلمين المتعصبين , فكان عهد الحروب الصليبية من أجل ذلك أروع العهود في العصور الوسطى كلها ... و لكن ذلك الجهد خاب , و تراجعت الحملة الصليبية أمام سدود عنيدة من التعصب الإسلامي )) .



    و لكن غاردنر و لطفي ليفونيان قد كشفا عن حقيقة القضية ستاراً آخر , فقد قال غااردنر (2) : (( لقد خاب الصليبيون في انتزاع القدس من أيدي المسلمين ليقيموا دولة مسيحية في قلب العالم الإسلامي .. و الحروب الصليبية لم تكن لإنقاذ هذه المدينة بقدر ما كانت لتدمير الإسلام )) . أما ليفونيان فيرى (3) ,و هو على حق, أن الحروب الصليبية كانت أعظم مأساة نزلت بالصلات بين المسلمين و النصارى في الشرق الأدنى , لقد أحب الصليبيون أن ينتزعوا القدس من أيدي المسلمين بالسيف ليقيموا للمسيح مملكة في هذا العالم , إنهم لم يستطيعوا أن يقيموا تلك المملكة , ولكنهم تركوا بعدهم العداوة و البغضاء .



    خابت دول أوربة في الحروب الصليبية الأولى من طريق السيف فأرادت أن تثير على المسلمين حرباً صليبية جديدة من طريق التبشير , فاستخدمت لذلك الكنائس و المدارس و المستشفيات , و فرقت المبشرين في العالم (4) .



    التبشير و النفوذ الأجنبي


    وقف العثمانيون موقفاً حازماً من المبشرين و كانوا على حق في ارتيابهم منهم فألقوا في سبيلهم العراقيل و لكن الدولة العثمانية لم تتخذ سياسة علنية اتجاه المبشرين لأن هؤلاء كانوا يأتون في الظاهر كرعايا انكليز أو أمريكيين أو دانمركيين أو فرنسيين فإذا استقروا في البلاد أخذوا يقومون بالتبشير سراً ما أمكنهم . ولجئوا لقناصل دولهم إن واجهوا أية متاعب .



    و لما أدركت الدول الأوربية أن المبشرين آلة فعالة لتأييد النفوذ الأجنبي في الإمبراطورية العثمانية أخذت تلك الدول تتبارى في استخدام المبشرين و كان الدور الأول في ذلك للسياسة الانكليزية (5) و يظهر أن انكلترا لم ترهب النفوذ الأمريكي كما كانت ترهب الفوذين الفرنسي و الإيطالي .



    و كلما ضعف نفوذ الدولة العثمانية زاد نشاط المبشرين و تكاتفت جهودهم في طلب دعم دولهم و لو كان ذلك مخالفاً للعرف الدولي .



    السلك السياسي الأجنبي يحمي المبشرين


    و ليس من المستغرب أن تستجيب الدول الغربية لرغبة مبشريها , أليس في ذلك تأييداً للنفوذ السياسي ؟! من أجل ذلك كانت هذه الدول تضغط على الدولة العثمانية بين الحين والحين من أجل مبشريها فتلين الدولة العثمانية أمام هؤلاء المبشرين (6) أراد الأتراك مرة إغلاق بعض مدارس المبشرين ولكنهم تراجعوا أمام ضغط سياسي لا علاقة له بالتبشير (7)



    و كان وجود حاكم مسلم ضعيف (كالخديوي سعيد باشا في مصر) أو قوي (كاسماعيل باشا) يؤثر كثيراً في موقف حكومته من التبشير و المبشرين ..

    و حرصت بريطانية على أن تحمي الإرساليات البروتستانتية خاصة سواء أكانت هذه الإرساليات انكليزية أم أمريكية أم ألمانية و كان نفوذ انكلترة في ذلك الحين قد أصبح فعالاً في الإمبراطورية العثمانية (8)



    و كان القناصل يتدخلون دائماً حين يضيّق على مبشري دولتهم أو حين تُغلق لهم مدارس تبشيرية ..



    الجنسية الأجنبية


    أما إذا اعتنق رجل النصرانية أو انتقل إلى المذهب البروتستانتي فكان القناصل و السياسيون يأخذونه تحت جناحهم علناً و هكذا كان التدخل السياسي من طريق التبشير هدفاً وسيلة للأمريكيين و الانكليز و حتى الروس الذين تقربوا إلى الأرثوذكس و جعلوهم وسيلة لتحقيق أطماعهم السياسية و الاقتصادية ..



    اليسوعيون أيضاً


    وكان لليسوعيين صولة في الدولة العثمانية بدعم من فرنسة و إيطالية و البابوية (9) حتى أن فرنسة طردت اليسوعيين من بلادها و أنفقت عليهم ملاين الفرنكات في الخارج (10)

    وكان اليسوعيين يعدون كل تعرض لفرنسة تعرضاً للبابا نفسه (11) و ما إن جاء الانتداب الفرنسي حتى كشر اليسوعيون عن أنيابهم و قالوا بصراحة (12) : (( أجل لقد كنا نعتمد على مساعدة فرنسة و الآن ها هي فرنسة هنا )) !!



    اليسوعيون والمفوض السامي الفرنسي


    وجه اليسوعيون اهتمامهم إلى بلاد العلويين (النصيريين) و استغلوا جهل تلك الربوع و أرسلوا لهم جماعة من الراهبات وحملوهم على الإقرار بالمذهب الكاثوليكي (13) بأمر من المفوض الجنرال ساراي الذي كن علمانياً لا دينياً !! و لم يكن هذا الجنرال يعطف على حركة دينية إلا بمقدار ما تساعده هذه الحركة على إحكام خطته السياسية .

    و هكذا كانت السياسة تعمل مقنعة من وراء المبشرين الذين كانوا بدورهم يعملون بقناع التعليم و التطبيب و بذل الإحسان .



    لقد عمل اليسوعيون على استعباد الشعوب و السيطرة عليهم و التدخل حتى في السياسة الداخلية و لذلك لن نجد شعباً أراد لنفسه الحرية إلا بدأ بطرد اليسوعيين و مصداق ذلك كله في كتاب "سياسة اليسوعيين" تأليف بيير دومينيك .



    و في الجزائر استحال على المبشرين أن ينصروا أحد من أهلها فأقاموا مراكز تبشيرية مشابهة في مظاهرها المراكز الإسلامية (وهذه المراكز هي زوايا للصوفية) و ألبسوا المسيحيين فيها لباساً يشابه لباس المسلمين و حثوهم على الاختلاط بين المسلمين , لكي يكبوهم و يقدموهم عطية لفرنسة ..



    1- Richter 14

    2- Gairdner 9.221

    3- Levonian 124

    4- Richter 14

    5- Re – Thinking Mission 165

    6- Richter 351

    7- cf Richter 314

    8- cf Jessup 660 f

    9- Les Jesuites en syrie 1:11

    10- cf also Enc Br 15 : 347

    11- Jessup 659

    12- Les Jesuites en syrie 11:25.29

    13- cf idib 10:23 ss
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل السادس
    السياسة طريق التبشير (2-الفتن و الحروب في الشرق)

    بعد أن عملت الدول الأجنبية زمناً طويلاً على تأييد إرسالياتها التبشيرية في الشرق قويت تلك الإرساليات فعادت هي بدورها تعمل على تأييد دولها . و لكن المبشرين لم يستطيعوا ذلك إلا من طريق إثارة الاضطرابات في بلادنا , و لذلك عمدوا إلى إثارة اضطرابات مختلفة و حرصوا على ((إذكاء العداوة بين الذين كانوا يبشرون بينهم )) (1)

    إثارة الحروب

    عمل المبشرون على خلق أسباب تقود للحرب في الدولة العثمانية , فكانت حروب العثمانيين مع الدول الغربية متميزة بعامل ديني كالحروب الصليبية و الحروب في الأندلس يقول لورنس براون (2): ((و كذلك شنت الدول الأوربية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين حروباً عدوانية على الحكومات المسلمة , ثم انتزعت منها أراضي ضمتها إلى سلطانها . و لقد كانت النتائج في أحوال كثيرة غير سارة لبعض الشعوب التي استعبدت , وخصوصاً من المسلمين و لكن هذه الشوب لم تصل بعد إلى درجة تشعر فيها أنها أصبحت أقليات مضطهدة , أو أنها تعيش في حابورات )) (3).

    في عام 1920 م أصدرت لجنة التبشير الأمريكي , التي تهتم بالاستفادة من مناسبات الحروب للتبشير , كتاباً ذكرت في مطلع مقدمته : من أبرز الأمور المتعلقة بدخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية (الأولى) إن الآراء والمبادئ التي كانت تهدف إليها الإرساليات التبشيرية قد تبنتها الآن الأمة (الأمريكية) , ثم أعلنت أنها هي أهدافها الأخلاقية وغايتها من خوض تلك الحرب ... إن هذه المبادئ التبشيرية قد سميت الآن أسماء سياسية فقط . (4)

    لا يمكن أن تقوم الحروب كالحرب العالمية الأولى في سبيل التبشير وحده و يجب أن يرجع نشوبها إلى عوامل اقتصادية و سياسية و لكن ثمة شيئين يثيران اهتمامنا أولهما أن الدول المتحاربة لا تتورع في سبيل ظفرها عن أن تستفيد من كل حزب وجماعة , و لذلك استغل المبشرون أحوال الحرب فاستفادوا من الحرب بطريقة غير مباشرة .و ثاني ذينك الشيئين أن الدول التي تبغي الاستعمار إنما تبغيه في الشرق , لما في الشرق من الثروات الاقتصادية والمراكز الحربية . و كان العنصر الإسلامي من أقوى العناصر المدافعة عن الشرق لذلك اتفقت غايات التبشير وغايات الاستعمار و توحدت في حروب تثار ظاهراً باسم الاقتصاد و السياسة وباطناً للاستعمار والقضاء على العناصر التي تجعل استغلال الشرق مستحيلاً .

    الحصار العسكري على المسلمين - إبعادهم عن الشواطئ


    ادعى رجل مبشر أو متصل بالتبشير أنه هو الذي اقترح خطة عزل المسلمين عن الشواطئ , حيث كتب هذا الشخص ,واسمه Isahiah Bowman , في مجلة العالم الإسلامي مقالاً بعنوان "الجغرافية السياسية للعالم الإسلامي" و قال أن المسلمين يتزايد عددهم يوماً بعد يوم و لهم في الصحراء حصن منيع ويقترح على بريطانية وفرنسة كأكثر الدول سيطرة على العالم الإسلامي (نشر المقال عام 1930) أن تسيطر على الشواطئ ..

    و هكذا فعلت إيطاليا أيضاً في طرابلس الغرب و الأمم المتحدة في فلسطين..

    الامتيازات الأجنبية

    على أن الدول الأجنبية لم تكن ميالة إلى أن تعلن بين كل حين و آخر حرباً نظامية على الإمبراطورية العثمانية حتى تستفيد من الشرق امتيازاً اقتصادياً أو مركزاً حربياً .

    و الامتيازات الأجنبية تقوم على منح رعايا الدول الأجنبية النازلين أو السائحين في الإمبراطورية العثمانية أو المارين بها مروراً امتيازات لم تكن تمنح للعثمانيين أنفسهم , فلا ضرائب و لا جمارك ... الخ أما أصل هذه الامتيازات فغامض جداً , زعموا أن هارون الرشيد قد منح للفرنجة من أتباع شارلمان تسهيلات تجارية (5) وذلك ليس بصحيح و يزعمون أن هذه الامتيازات قد نقلت بعد سقوط إمبراطورية شارلمان إلى بعض المدن الإيطالية .

    و لكن يظهر أن أمير إنطاكية الصليبي قد منح مدينة جنوة الإيطالية امتيازات تجارية في إمارته عام 1098 م , ثم إن ملك القدس قد منح هذه الامتيازات للبندقية في إيطالية عام 1123 م و لمرسيلية في فرنسة عام 1136 م . و بما أن الإمبراطورية البيزنطية – الرومانية الشرقية – كانت مستضعفة فاضطرت أن تمنح مثل هذه الامتيازات لدول أوربة القوية , و لما استولت الدولة العثمانية على الإمبراطورية البيزنطية طمعت الدول الغربية في المحافظة على امتيازاتها و تحقق لها ذلك في عهد السلطان سليم القانوني 1536 م وحصل فرنسوا الأول ملك فرنسة على امتيازات تجارية ...

    و ما يتعلق ببحثنا هنا ثلاثة أمور :
    1- إن الرجل الذي عهد إليه بالحصول على هذه الامتيازات لفرنسة من الباب العالي هو De la forest , راهب من فرسان القديس يوحنا الصليبيين .

    2- إن هذه الامتيازات كانت للنصارى من الأجانب ..

    3- من أجل ذلك عُيِّن الراهب الصليبي De la forest كأول سفير لفرنسة في الدولة العثمانية .

    و مع ضعف الدولة العثمانية زاد شره الدول الأجنبية و امتدت الامتيازات لتشمل الانكليز والهولنديين والايطاليين والإسبان ثم الأمريكان و رعايا النمسا وروسيا واليونان

    و أدرك المبشرون ما يمكن أن يستفيدوا من الاحتماء بالامتيازات الأجنبية فاستغلوها إلى أبعد الحدود , لقد كانوا يدورون البلاد كأجانب ويعملون فيها كمبشرين .

    إثارة الاضطرابات ثم استغلالها

    على أن الدول الأجنبية لم يكن باستطاعتها أن تتدخل في شؤون الإمبراطورية العثمانية التي كانت تسيّر شؤونها بشكل طبيعي و هادئ , فعملت تلك الدول على خلق الفتن و لو أننا أحببنا أن نؤرخ المذابح في الفترة بين 1840 و 1860 لاحتجنا كتاباً كاملاً .

    و كان التنافس بين انكلترا و فرنسا علني -وصل إلى إعداد الجيوش- في سبيل السيطرة على سورية –مثلاً- (6) وحصلت مجازر في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية من بلغاريا و اليونان إلى آسيا الصغرى بين الأرمن و كلها بأصابع أجنبية وبواسطة المبشرين (7)

    ولم يكن دور المبشرين في إثارة الفتن فحسب بل كان لهم أيادي في التجسس لدولهم سياسياً وعسكرياً (8). و فرقوا الناس معسكرات فالدروز يعتمدون على حماية انكلترا و يفضلون المدارس الأمريكية (9) و الموارنة يعتمدون على فرنسة و يفضلون المدارس الفرنسية .

    وقل أن أثر المبشرون في البيئة الإسلامية فلجئوا إلى إثارة الخلاف بين الطوائف المسيحية .. فما إن جاء البوتستانت إلى سورية حتى وقف في وجههم الأرثوذكس و الموارنة وهدد البطريرك الماروني بالحرمان كل من يقترب منهم و يتعامل معهم من أهل مذهبه (10). و كذلك فعل الأكليروس الأرثوذكسي (11)

    فتنة عام 1860

    نشبت هذه الفتن بين الدروز و الموارنة في جبل لبنان بأيادي أجنبية , غزا إبراهيم باشا سورية عام 1831 – 1832 م وكاد يدخل إلى استانبول ! فخافت الدول الأجنبية على مصالحها و أجبرته على الانسحاب من بلاد الشام , وكان يحكم البلاد آنذاك الأمير بشير الثاني الذي استبد في حكم جبل لبنان وزرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين فعاشت البلاد في ذلك الوقت في فوضى شديدة وانسحب إبراهيم باشا ونُفي الأمير المستبد في عام واحد واستمرت الفوضى في البلاد وبدأت بوادر الفتنة على شكل اضطرابات إقطاعية بين الدروز والنصارى (12) يبيّن أسباب النزاع في ذلك العهد .

    تقسيم جبل لينان , وفلسطين

    بلغ اهتمام أوربة بجبل لبنان أن الأمير مترنخ مستشار النمسا و أعظم شخصية سياسية في القرن التاسع عشر أبدى اهتماماً كبيراً بشكل الحكم في جبل لبنان و كان اهتمامه لمصلحة الدول الأجنبية فاقترح تقسيم البلاد إلى قائمقامين جنوبي و شمالي إحداهما مسيحية و الأخرى إسلامية ..

    و عاد الاستعمار بعد نحو قرن إلى هذه النغمة الشاذة واستأجر عمالاً و أذناباً يكتبون في هذه الدعوة تلميحاً ويبثون فيها الكلام سراً و لكن صريحاً ... حتى أن بعض اللبنانيين قد طالب بتأسيس دولة صهيونية في فلسطين ودولة مسيحية في لبنان منذ عام 1935 م !!ثم في عام 1945 م على الأخص (13), قبل أن تولد دولة إسرائيل مما يدل على أن الدعوة أتت من الخارج ..

    و كان تقسيم فلسطين لا حباً باليهود و لا بالعرب إنما هي مصالح الدول الكبرى

    و صارت الخلافات دينية صعبة الحل خاضعة للدول الأوربية التي كانت تريد دوام الاضطرابات ليتسنى لها التدخل كيفما شاءت , و لكن تلك الفتن في عام 1840 لم تكن كافية لتبرر التدخل الأجنبي و كانت فتنة عام 1860 م هي مرام الظالمين فقسموا السكان بشكل واضح إلى مسلمين و نصارى و أرسلوا الجيوش دعماً لفرقهم ..

    وهنا نستعرض رأي المبشرين فيرى هنري هاريس جسب هذه الفتنة إعلاناً ناجحاً ,فلقد ((اضطرب لها أوربة و أمريكة , و أصبح لبنان معروفاً بها في العالم الغربي فأمكن أن تجمع الإعانات لاسمه و التبشير فيه)) (14)

    أما يوليوس رشتر الألماني فقد أجرى الدموع على خديه في أول الأمر وقال : ((إن هذه المذبحة الجديدة قد أثارت رحمة قوية في العالم المسيحي)) وعاد ليمسح الدموع عن وجنتيه وليحيل حزنه ابتسامةً و اطمئنان قائلاً : ((و عن هذه الطريق بدأ في عام 1860 فصل جديد في تاريخ الجهود البروتستانتية في الشرق الأدنى)) (15)

    ولم يكتف المبشرون بإثارة الفتن والتفرج بل اشتركوا فيها , فقد قُتل الراهب اليسوعي فرديناندو بوناشيتا بعد أن قتل سبعة من الدروز (16)


    و انعقد أخيراً في بيروت مؤتمر دولي تقرر فيه أن تكون إدارة الجبل بواسطة متصرف مسيحي (17) و هذا المتصرف يجب أن يكون نصرانياً أوربياً من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية لا وطنياً ورياً مسلماً أو مسيحياً (18)
    (1) Jessup 160 ff.
    (2) Browne 8.
    (3) الحابورة كلمة عامية معناها حي اليهود
    (4) Missionary Outlook . p .xv . ff.
    (5) cf . Enc ., under Capilulation
    (6) Jessup 209 f.
    (7) cf. Jessup 221.
    (8) cf. Jessup 536 f
    (9) Jessup 157
    (10) Richter 187 f
    (11) Richter 194 et passim
    (12) كتاب "الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية"
    (13) راجع لبنان الطائفي ص 161
    (14) Jessup 215
    (15) Richter 201 ff.
    (16) Les Jesuites en Syrie 12:17 , 18
    (17) "لبنان" تأليف لجنة من الأدباء 391 – 302
    (18) Jessup 210
    التعديل الأخير تم 02-19-2006 الساعة 02:13 PM
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل السابع

    السياسة طريق التبشير (3-الإدارة الأجنبية في خدمة التبشير)



    في صميم التدخل السياسي


    من المعروف في التاريخ أن المبشر كان يدخل البلاد ثم يأتي الجيش على إثره , ولكن المبشرين منذ القرن التاسع عشر أحبوا أن يتقدم الجيش أولاً لأن ذلك يسهل مهمتهم ولذلك كان الحكام الوطنيون في كل بقعة على حق حينما كانوا ((يعتقدون أن مجيء المبشرين ينتهي دائماً بتدخل الدول النصرانية في بلادهم , وبخسارتهم جزءاً من استقلالهم)) (1)

    ولكن هذه الطريق طويلة لذلك رغب المبشرون في أن تتدخل الدولة بقوتها أولاً ممهدة الطريق لمهمة التنصير .. فهذا المبشر طومسون يقترح على الدول الغربية التعاون في سبيل منع انتشار الإسلام بين القبائل الوثنية في إفريقية (2) حتى تكون مهمة التبشير أهون .

    يقول غاردنر إن نزول الإرساليات المسيحية على ساحل غانة , من نهر غامبيه إلى نهر النيجر للتبشير بين الوثنيين من أهل إفريقيا ثم احتلال الدول الأوربية لهذه المناطق و لما وراءهما هما اللذان أقاما الإسلام والنصرانية وجهاً لوجه في تلك الأصقاع (3) كل دين يحاول اجتذاب أولئك الوثنيين ولم يكن في الأمر منافسة لو لم تقف الدول الأوربية بجانب مبشريها .

    و حينما ضعفت الدولة العثمانية و تغلغل الغرب عن طريق الفتح والتسلل السياسي في دول العرب , وجد المبشرون الوضع مواتياً لأن يستفيدوا من الوضع , يقول جسب : إن القسم الأكبر من المسلمين قد أصبح في حكم الدول النصرانية فيجب الاستفادة من هذه الحالة الراهنة (4) .. فكشفوا عن قناعهم أخيراً و قال بعضهم إن الاحتلال الإنكليزي لمصر وقبرص قد ساعد على تسهيل تعليم اللغة الإنكليزية وبالتالي على التبشير (5) وأن رسوخ حكم الإنكليز في السودان قد سهل مهمة التبشير (6)

    أما مصر فقد طمع المبشرون بها في مطلع القرن التاسع عشر في أيام محمد علي الذي قرر أن يدخل المدنية الأوربية .. حتى جاء عباس الأول عام 1848 م الذي قاوم التبشير فنعته المبشرون بالقاسي ! أما سعيد باشا (1854-1863) فنعتوه بالعبقري لأنه سمح للنفوذ الأوربي أن يعود سائداً في وادي النيل (7)

    وباتت مصر تقع تدريجياً تحت سلطة الإنكليز ففي عهد الخديوي إسماعيل أمدته أوربا بالأموال وأغرقته بالديون واستوفت ديونها بأخذها جزءاً من أسهم قناة السويس و انتهزت انكلترا الفرصة أخيراً في عهد عرابي باشا وضربت الإسكندرية وأنزلت جيوشها إلى بر مصر عام 1882 م ومنذ ذلك أصبحت مصر تحت الحماية الإنكليزية وإن ظلت تابعة اسماً للعثمانيين (8) فأراد حينها المبشرون أن تعلن انكلترا سياسة دينية عنيفة في مصر (9) بعد أن وجهوا هم جهودهم للتبشير بين المسلمين (10) ولكن الانكليز أحجموا عن ذلك حرصاً على مصالحهم السياسية و العسكرية .



    كيف دخل الإنكليز إلى السودان


    على أن الجهود السياسية في السودان كانت أكثر تضافراً على التبشير ومنذ أن حكم الجنرال غوردون في أواخر أيام الخديوي إسماعيل باشا حثت الجمعيات التبشيرية رجالها على البدء بالتبشير الفعلي في السودان (11) وخمدت حركة التبشير بعدها عام 1885 في أيام ثورة السودانيين ثم عادت عام 1898 وجعلت الجمعيات التبشيرية التبشير عملاً منظماً وكان اللورد كرومر المعتمد البريطاني يشجع على التبشير مع التريث حفاظاً السياسة البريطانية من الأضرار (12) وتدخل المبشرون في شؤون السودان حتى في اختيار الموظفين و اقترحوا أن يكون الموظفين نصارى أو صابئين من إلى الإسلام إلى النصرانية على الأقل و لكن انكلترا لم تصغ دائماً لهم (13)

    وبما أن التبشير يخدم المستعمر بشكل عام فقد سمحت انكلترا للبروتستانت و الكاثوليك على السواء بالعمل في السودان ووجهوا اهتمامهم إلى جنوب السودان حيث الوثنيين وحتى الوثنيين لم يقبلوا على النصرانية بكثرة فكان عمل المبشرين قاصراً على منع انتشار الإسلام (14)

    وهكذا استعان المبشرون بالمستعمر كما في الحرين أيضاً (15) وفي جزر الهند الشرقية في جاوة وسومطرة وسواهما (16) وفي روسيا أجبر المسلمون على التنصر ولما أعلنت الحرية المدنية فيها عام 1902 عاد خمسون ألفاً إلى الإسلام و حملوا عدداً آخر ممن لم يكونوا مسلمين قط! (17)



    فرنسة خاصة


    كانت فرنسة تعتقد أن النفوذين الديني والسياسي في جبل لبنان احتكار لها دون سائر الدول , فعملت بالتعاون مع داود باشا (الأرمني) على استئصال شأفة البروتستانتية بواسطة الموارنة (18) واستمر هذا الوضع حتى الحرب العالمية الأولى حيث ألغت الدولة العثمانية نظام المتصرفية فخمدت حركة التبشير أربعة أعوام حتى احتل الانكليز والفرنسيون سورية , عندها صال المبشرون اليسوعيون في منطقة الانتداب الفرنسي صولة شديدة فرأوا الوضع عظيماً للتبشير وصرحوا بذلك فقالوا : ((لما فتحت الهدنة عام 1918 م للمبشرين طريق سورية من جديد , وطد هؤلاء المبشرون أقدامهم في حوران , وفوضهم الأساقفة الكاثوليكيون بما كانوا قد أجبروا على تركه عام 1914 (19) و أشد من ذلك تلويحاً قولهم : ((أيها المبشرون هذه فرص لم تسنح لكم من قبل )) (20)

    يشهد اليسوعيون (21) أن فرنسة أرادت بعد عهد من الاستعباد و الجهل غطى بلاد العلويين أن توجد للعلويين دستوراً محرراً (لانتزاعهم من الإسلام وإدخالهم في النصرانية) على شرط أن يساعد هذا الدستور على تحقيق ذلك بلا ضجة ,لذلك أصدر المسيو شوفلر (جلاد بلاد العلويين) مرسوماً بتاريخ 2أيار 1931 رقم 2908 يجعل الانتقال للمذهب الكاثوليكي يجري في المحكمة العادية من غير حاجة إلى الإجراءات المعقدة !



    تهكم و استهزاء


    و دعاة الاستعمار الخالص كدعاة الاستعمار المتستر بالتبشير لا يرون للناس عهداً ولا يحفظون لهم كرامة , حتى لأولئك الذين يستميلونهم أو يدّعون أنهم استمالوهم . إن دعاة الاستعمار هؤلاء إذا كتبوا عن الشرق ملأوا كتاباتهم بالتهكم و الاستهزاء وبشيء كثير من الازدراء أحياناً ... ومن هذه الكتابات .. كتاب باللغة الفرنسية اسمه "آسيا المرعبة" يصف رحلة شبه صحفية في بلاد الشرق الآسيوي ولقد تهكم مؤلفاه بيار ورينيه غوسيه على البلاد ونال لبنان من هذا التهكم أمرّه مع العلم أن مؤلفي الكتاب نالا من الإكرام في لبنان - بشهادتهما - ما أدهشهما .



    استفزاز وقلة ذوق


    ولقد أقام الفرنسيون خاصة في مناطق نفوذهم بأعمال تبشيرية استعمارية كلها استفزاز وقلة ذوق وكان التعاون بين فرنسة وبين اليسوعيين والبابا تعاوناً وثيقاً جداً ! من هذه الإعمال حادث جنينة رسلان وكيف أن اليسوعيين احتموا بحراب الفرنسيين وذهبوا إلى بلاد العلويين –وه يقعة من الجمهورية العربية السورية- وحلوا نفراً من أهل البلاد على إعلان انتسابهم إلى المذهب الكاثوليكي بالقوة (22)

    و بعد أن جلت فرنسة قواتها عن البلاد لم تنس خلق مشاكل فيها فأثارت سليمان المرشد - وهو رجل إقطاعي - على أن يدعي الألوهية !! و بالفعل تسمى بالرب وعامل قومه العلويين على هذا الأساس , فعمل سليمان المرشد على السلب والنهب والقتل حتى قبضت عليه الحكومة وعدمته , لقد أراد اليسوعيون أن يصنعوا من سليمان إلهاً يوهن قوى الدولة السورية الناشئة ولكنهم جنوا عليه ثم قادوه إلى المشنقة .

    في تونس أيضاً : ... في عام 1930 أرد البابا أن يقيم عيداً بمناسبة مرور 1600 سنة على موت القديس أغسطينوس واختار قرطاجة – تونس لتكون مكاناً لإقامة الحفل !! في بلد أهله كله مسلمون فهذا ولا شك يدل على كثير من قلة اللياقة .

    وفي مراكش : ... في 15 أيار عام 1930 أجبرت فرنسة سلطان مراكش الشاب على أن يصدر مرسوماً ينص على أن يكون للقبائل المراكشية التي هي من أصل بربري نظام قضائي خاص , أو على الأصح نظام شرعي خاص فلا تسري عليهم قوانين الشرع الإسلامي بل قواعد العرف العشائري البربري ..

    وفي العراق أيضاً : ... حيث أذكى الاستعمار ثورة الآشوريين و هم طائفة مسيحية تعيش شمال العراق ويرى المؤرخ عبد الرزاق الحسني أن هؤلاء لا صلة لهم بالآشوريين الذين سكنوا العراق قبل الميلاد وإنما هم طائفة غريبة دخيلة حالك لها المستعمر هذه الاسطورة (23)

    و تمرد هؤلاء على الدولة العثمانية فطردتهم , وعادوا ليتطوعوا في الجيش الانكليزي وينتقموا من المسلمين (24), وكانوا يتجسسون على وطنهم (25) و السيد عبد الرزاق الحسيني على حق حينما ذكر أن الانكليز أرادوا من إسكان الآشوريين في العراق وضع أقلية مسيحية يستغلونها في مقاومة تركية المسلمة ويهددون بها استقلال القطر العراقي الناشئ (26)



    التوظيف والطائفية


    إن المستعمر إذا نزل بلداً اتخذ أعوانه من الأقليات المتوطنة أو الطارئة , ولقد أشار علامتنا ابن خلدون إلى هذه الناحية فعقد لها فصلين قصيرين في مقدمته المشهورة فذكر أن صاحب الدولة إذا خشي من أهل الدولة الانتقاض عليه مال ((إلى أولياء آخرين من غير جلدتهم يستظهر بهم عليهم .. ويخصهم بمزيد التكرمة والإيثار .. ويقلدهم الأعمال والولايات والوزارات والقيادة والجباية)) (27)

    وكذلك فعل المستعمرون عند نزولهم ببلاد الشرق الإسلامي هذا الفعل فاستخلصوا الأرمن والآشوريين والمهاجرين من اليهود والروس واليونان والإفرنج ليقاوموا بهم العرب .

    يقول س.م موريسون في مقال نشره في مجلة العالم الإسلامي عنوانه "الحرية الدينية في العراق"(28):

    ((إن المسلم .. أعظم حظاً من غير المسلم (يقصد الآشوريين) فالمسلم مثلاً هو المفضل على النصراني واليهودي عند إرسال البعثات العلمية إلى الخارج أو عند التعيين في مناصب الدولة , وبما أن العراق دولة إسلامية فلعل هذا هو الأمر الطبيعي)) ولا شك أن هذا القول فيه مغالطات مقصودة فلو نظرنا إلى واقع أمر التوظيف في العراق لوجدنا أن غير المسلمين يتمتعون بعدد من المناصب لا يتفق مع نسبتهم في الإحصاء .

    و كذلك الأمر في لبنان فإن أعظم مفاتحه في يد غير المسلمين تهاوناً منهم في سبيل الحفاظ على الوحدة الوطنية !

    أخيراً نشير إلى اتفاق (29) جرى بين أمريكا وفرنسة يعلن صراحة دعمه للتبشير .. وقد جاء في هذا الاتفاق ما يلي (30):

    المادة العاشرة – إن إشراف الدولة المنتدبة (فرنسة) على الإرساليات الدينية في سورية ولبنان يجب أن يقتصر على حفظ الأمن والإدارة الحسنة , إن أوجه نشاط هذه الإرساليات الدينية يجب ألا تخضع لتدبير يضيق مجال عملها , ولا أن يخضع أعضاء هذه الإرساليات لتدبير يضيق مجال عملهم بسبب اختلاف جنسيتهم , على شرط أن تنحصر أوجه هذا النشاط في حقل الدين

    هذه المادة تنص بوضوح على تعاون فرنسة وأمريكا وغيرها من الدول الأوربية على التبشير في سورية ولبنان فالدول الغربية كلها إذن ترى أن التبشير ذو فائدة لها حتى تعقد في سبيله المعاهدات .على أن الحكومة السورية أوقفت العمل في هذه المعاهدة عند استقلالها ولكنها لا زلات نافذة في لبنان ..



    (1) Islam and Missions 172 f.

    (2) ibid 192.

    (3) Gairdner 280

    (4) Jessup 767 f

    (5) Jessup 595 f.

    (6) MillIgan 29.

    (7) Addison 139 f

    (8) Hayes , op,cit 600f

    (9) Richter 78

    (10) cf Richter 78,351

    (11) Richter 367.cf.366

    (12) cf.Richter 367-8:MillIgan26

    (13) Gairdner 284

    (14) cf.Milligan 29 .

    (15) Richter 276

    (16) Islam and Mission 198

    (17) ibid 196

    (18) Jessup 250

    (19) Lss Jesuites en Syrie 10:64

    (20) ibod 11:26

    (21) Lss Jesuites en Syrie 10:17

    (22) cf Lss Jesuites en Syrie 10:35,11:27

    (23) تاريخ الوزارات العراقية 144:3

    (24) نفس المصدر .

    (25) تاريخ العراق السياسي الحديث 294:3

    (26) تاريخ الوزارات العراقية 145:3 وما بعد

    (27) مقدمة ابن خلدون , بيروت الطبعة الثالثة 183-185

    (28) MW.Apr.35.p.123

    (29) سلسلة المعاهدات رقم 695

    (30) Penrose 313
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل السابع

    السياسة طريق التبشير (3-الإدارة الأجنبية في خدمة التبشير)



    في صميم التدخل السياسي


    من المعروف في التاريخ أن المبشر كان يدخل البلاد ثم يأتي الجيش على إثره , ولكن المبشرين منذ القرن التاسع عشر أحبوا أن يتقدم الجيش أولاً لأن ذلك يسهل مهمتهم ولذلك كان الحكام الوطنيون في كل بقعة على حق حينما كانوا ((يعتقدون أن مجيء المبشرين ينتهي دائماً بتدخل الدول النصرانية في بلادهم , وبخسارتهم جزءاً من استقلالهم)) (1)

    ولكن هذه الطريق طويلة لذلك رغب المبشرون في أن تتدخل الدولة بقوتها أولاً ممهدة الطريق لمهمة التنصير .. فهذا المبشر طومسون يقترح على الدول الغربية التعاون في سبيل منع انتشار الإسلام بين القبائل الوثنية في إفريقية (2) حتى تكون مهمة التبشير أهون .

    يقول غاردنر إن نزول الإرساليات المسيحية على ساحل غانة , من نهر غامبيه إلى نهر النيجر للتبشير بين الوثنيين من أهل إفريقيا ثم احتلال الدول الأوربية لهذه المناطق و لما وراءهما هما اللذان أقاما الإسلام والنصرانية وجهاً لوجه في تلك الأصقاع (3) كل دين يحاول اجتذاب أولئك الوثنيين ولم يكن في الأمر منافسة لو لم تقف الدول الأوربية بجانب مبشريها .

    و حينما ضعفت الدولة العثمانية و تغلغل الغرب عن طريق الفتح والتسلل السياسي في دول العرب , وجد المبشرون الوضع مواتياً لأن يستفيدوا من الوضع , يقول جسب : إن القسم الأكبر من المسلمين قد أصبح في حكم الدول النصرانية فيجب الاستفادة من هذه الحالة الراهنة (4) .. فكشفوا عن قناعهم أخيراً و قال بعضهم إن الاحتلال الإنكليزي لمصر وقبرص قد ساعد على تسهيل تعليم اللغة الإنكليزية وبالتالي على التبشير (5) وأن رسوخ حكم الإنكليز في السودان قد سهل مهمة التبشير (6)

    أما مصر فقد طمع المبشرون بها في مطلع القرن التاسع عشر في أيام محمد علي الذي قرر أن يدخل المدنية الأوربية .. حتى جاء عباس الأول عام 1848 م الذي قاوم التبشير فنعته المبشرون بالقاسي ! أما سعيد باشا (1854-1863) فنعتوه بالعبقري لأنه سمح للنفوذ الأوربي أن يعود سائداً في وادي النيل (7)

    وباتت مصر تقع تدريجياً تحت سلطة الإنكليز ففي عهد الخديوي إسماعيل أمدته أوربا بالأموال وأغرقته بالديون واستوفت ديونها بأخذها جزءاً من أسهم قناة السويس و انتهزت انكلترا الفرصة أخيراً في عهد عرابي باشا وضربت الإسكندرية وأنزلت جيوشها إلى بر مصر عام 1882 م ومنذ ذلك أصبحت مصر تحت الحماية الإنكليزية وإن ظلت تابعة اسماً للعثمانيين (8) فأراد حينها المبشرون أن تعلن انكلترا سياسة دينية عنيفة في مصر (9) بعد أن وجهوا هم جهودهم للتبشير بين المسلمين (10) ولكن الانكليز أحجموا عن ذلك حرصاً على مصالحهم السياسية و العسكرية .



    كيف دخل الإنكليز إلى السودان


    على أن الجهود السياسية في السودان كانت أكثر تضافراً على التبشير ومنذ أن حكم الجنرال غوردون في أواخر أيام الخديوي إسماعيل باشا حثت الجمعيات التبشيرية رجالها على البدء بالتبشير الفعلي في السودان (11) وخمدت حركة التبشير بعدها عام 1885 في أيام ثورة السودانيين ثم عادت عام 1898 وجعلت الجمعيات التبشيرية التبشير عملاً منظماً وكان اللورد كرومر المعتمد البريطاني يشجع على التبشير مع التريث حفاظاً السياسة البريطانية من الأضرار (12) وتدخل المبشرون في شؤون السودان حتى في اختيار الموظفين و اقترحوا أن يكون الموظفين نصارى أو صابئين من إلى الإسلام إلى النصرانية على الأقل و لكن انكلترا لم تصغ دائماً لهم (13)

    وبما أن التبشير يخدم المستعمر بشكل عام فقد سمحت انكلترا للبروتستانت و الكاثوليك على السواء بالعمل في السودان ووجهوا اهتمامهم إلى جنوب السودان حيث الوثنيين وحتى الوثنيين لم يقبلوا على النصرانية بكثرة فكان عمل المبشرين قاصراً على منع انتشار الإسلام (14)

    وهكذا استعان المبشرون بالمستعمر كما في الحرين أيضاً (15) وفي جزر الهند الشرقية في جاوة وسومطرة وسواهما (16) وفي روسيا أجبر المسلمون على التنصر ولما أعلنت الحرية المدنية فيها عام 1902 عاد خمسون ألفاً إلى الإسلام و حملوا عدداً آخر ممن لم يكونوا مسلمين قط! (17)



    فرنسة خاصة


    كانت فرنسة تعتقد أن النفوذين الديني والسياسي في جبل لبنان احتكار لها دون سائر الدول , فعملت بالتعاون مع داود باشا (الأرمني) على استئصال شأفة البروتستانتية بواسطة الموارنة (18) واستمر هذا الوضع حتى الحرب العالمية الأولى حيث ألغت الدولة العثمانية نظام المتصرفية فخمدت حركة التبشير أربعة أعوام حتى احتل الانكليز والفرنسيون سورية , عندها صال المبشرون اليسوعيون في منطقة الانتداب الفرنسي صولة شديدة فرأوا الوضع عظيماً للتبشير وصرحوا بذلك فقالوا : ((لما فتحت الهدنة عام 1918 م للمبشرين طريق سورية من جديد , وطد هؤلاء المبشرون أقدامهم في حوران , وفوضهم الأساقفة الكاثوليكيون بما كانوا قد أجبروا على تركه عام 1914 (19) و أشد من ذلك تلويحاً قولهم : ((أيها المبشرون هذه فرص لم تسنح لكم من قبل )) (20)

    يشهد اليسوعيون (21) أن فرنسة أرادت بعد عهد من الاستعباد و الجهل غطى بلاد العلويين أن توجد للعلويين دستوراً محرراً (لانتزاعهم من الإسلام وإدخالهم في النصرانية) على شرط أن يساعد هذا الدستور على تحقيق ذلك بلا ضجة ,لذلك أصدر المسيو شوفلر (جلاد بلاد العلويين) مرسوماً بتاريخ 2أيار 1931 رقم 2908 يجعل الانتقال للمذهب الكاثوليكي يجري في المحكمة العادية من غير حاجة إلى الإجراءات المعقدة !



    تهكم و استهزاء


    و دعاة الاستعمار الخالص كدعاة الاستعمار المتستر بالتبشير لا يرون للناس عهداً ولا يحفظون لهم كرامة , حتى لأولئك الذين يستميلونهم أو يدّعون أنهم استمالوهم . إن دعاة الاستعمار هؤلاء إذا كتبوا عن الشرق ملأوا كتاباتهم بالتهكم و الاستهزاء وبشيء كثير من الازدراء أحياناً ... ومن هذه الكتابات .. كتاب باللغة الفرنسية اسمه "آسيا المرعبة" يصف رحلة شبه صحفية في بلاد الشرق الآسيوي ولقد تهكم مؤلفاه بيار ورينيه غوسيه على البلاد ونال لبنان من هذا التهكم أمرّه مع العلم أن مؤلفي الكتاب نالا من الإكرام في لبنان - بشهادتهما - ما أدهشهما .



    استفزاز وقلة ذوق


    ولقد أقام الفرنسيون خاصة في مناطق نفوذهم بأعمال تبشيرية استعمارية كلها استفزاز وقلة ذوق وكان التعاون بين فرنسة وبين اليسوعيين والبابا تعاوناً وثيقاً جداً ! من هذه الإعمال حادث جنينة رسلان وكيف أن اليسوعيين احتموا بحراب الفرنسيين وذهبوا إلى بلاد العلويين –وه يقعة من الجمهورية العربية السورية- وحلوا نفراً من أهل البلاد على إعلان انتسابهم إلى المذهب الكاثوليكي بالقوة (22)

    و بعد أن جلت فرنسة قواتها عن البلاد لم تنس خلق مشاكل فيها فأثارت سليمان المرشد - وهو رجل إقطاعي - على أن يدعي الألوهية !! و بالفعل تسمى بالرب وعامل قومه العلويين على هذا الأساس , فعمل سليمان المرشد على السلب والنهب والقتل حتى قبضت عليه الحكومة وعدمته , لقد أراد اليسوعيون أن يصنعوا من سليمان إلهاً يوهن قوى الدولة السورية الناشئة ولكنهم جنوا عليه ثم قادوه إلى المشنقة .

    في تونس أيضاً : ... في عام 1930 أرد البابا أن يقيم عيداً بمناسبة مرور 1600 سنة على موت القديس أغسطينوس واختار قرطاجة – تونس لتكون مكاناً لإقامة الحفل !! في بلد أهله كله مسلمون فهذا ولا شك يدل على كثير من قلة اللياقة .

    وفي مراكش : ... في 15 أيار عام 1930 أجبرت فرنسة سلطان مراكش الشاب على أن يصدر مرسوماً ينص على أن يكون للقبائل المراكشية التي هي من أصل بربري نظام قضائي خاص , أو على الأصح نظام شرعي خاص فلا تسري عليهم قوانين الشرع الإسلامي بل قواعد العرف العشائري البربري ..

    وفي العراق أيضاً : ... حيث أذكى الاستعمار ثورة الآشوريين و هم طائفة مسيحية تعيش شمال العراق ويرى المؤرخ عبد الرزاق الحسني أن هؤلاء لا صلة لهم بالآشوريين الذين سكنوا العراق قبل الميلاد وإنما هم طائفة غريبة دخيلة حالك لها المستعمر هذه الاسطورة (23)

    و تمرد هؤلاء على الدولة العثمانية فطردتهم , وعادوا ليتطوعوا في الجيش الانكليزي وينتقموا من المسلمين (24), وكانوا يتجسسون على وطنهم (25) و السيد عبد الرزاق الحسيني على حق حينما ذكر أن الانكليز أرادوا من إسكان الآشوريين في العراق وضع أقلية مسيحية يستغلونها في مقاومة تركية المسلمة ويهددون بها استقلال القطر العراقي الناشئ (26)



    التوظيف والطائفية


    إن المستعمر إذا نزل بلداً اتخذ أعوانه من الأقليات المتوطنة أو الطارئة , ولقد أشار علامتنا ابن خلدون إلى هذه الناحية فعقد لها فصلين قصيرين في مقدمته المشهورة فذكر أن صاحب الدولة إذا خشي من أهل الدولة الانتقاض عليه مال ((إلى أولياء آخرين من غير جلدتهم يستظهر بهم عليهم .. ويخصهم بمزيد التكرمة والإيثار .. ويقلدهم الأعمال والولايات والوزارات والقيادة والجباية)) (27)

    وكذلك فعل المستعمرون عند نزولهم ببلاد الشرق الإسلامي هذا الفعل فاستخلصوا الأرمن والآشوريين والمهاجرين من اليهود والروس واليونان والإفرنج ليقاوموا بهم العرب .

    يقول س.م موريسون في مقال نشره في مجلة العالم الإسلامي عنوانه "الحرية الدينية في العراق"(28):

    ((إن المسلم .. أعظم حظاً من غير المسلم (يقصد الآشوريين) فالمسلم مثلاً هو المفضل على النصراني واليهودي عند إرسال البعثات العلمية إلى الخارج أو عند التعيين في مناصب الدولة , وبما أن العراق دولة إسلامية فلعل هذا هو الأمر الطبيعي)) ولا شك أن هذا القول فيه مغالطات مقصودة فلو نظرنا إلى واقع أمر التوظيف في العراق لوجدنا أن غير المسلمين يتمتعون بعدد من المناصب لا يتفق مع نسبتهم في الإحصاء .

    و كذلك الأمر في لبنان فإن أعظم مفاتحه في يد غير المسلمين تهاوناً منهم في سبيل الحفاظ على الوحدة الوطنية !

    أخيراً نشير إلى اتفاق (29) جرى بين أمريكا وفرنسة يعلن صراحة دعمه للتبشير .. وقد جاء في هذا الاتفاق ما يلي (30):

    المادة العاشرة – إن إشراف الدولة المنتدبة (فرنسة) على الإرساليات الدينية في سورية ولبنان يجب أن يقتصر على حفظ الأمن والإدارة الحسنة , إن أوجه نشاط هذه الإرساليات الدينية يجب ألا تخضع لتدبير يضيق مجال عملها , ولا أن يخضع أعضاء هذه الإرساليات لتدبير يضيق مجال عملهم بسبب اختلاف جنسيتهم , على شرط أن تنحصر أوجه هذا النشاط في حقل الدين

    هذه المادة تنص بوضوح على تعاون فرنسة وأمريكا وغيرها من الدول الأوربية على التبشير في سورية ولبنان فالدول الغربية كلها إذن ترى أن التبشير ذو فائدة لها حتى تعقد في سبيله المعاهدات .على أن الحكومة السورية أوقفت العمل في هذه المعاهدة عند استقلالها ولكنها لا زلات نافذة في لبنان ..



    (1) Islam and Missions 172 f.

    (2) ibid 192.

    (3) Gairdner 280

    (4) Jessup 767 f

    (5) Jessup 595 f.

    (6) MillIgan 29.

    (7) Addison 139 f

    (8) Hayes , op,cit 600f

    (9) Richter 78

    (10) cf Richter 78,351

    (11) Richter 367.cf.366

    (12) cf.Richter 367-8:MillIgan26

    (13) Gairdner 284

    (14) cf.Milligan 29 .

    (15) Richter 276

    (16) Islam and Mission 198

    (17) ibid 196

    (18) Jessup 250

    (19) Lss Jesuites en Syrie 10:64

    (20) ibod 11:26

    (21) Lss Jesuites en Syrie 10:17

    (22) cf Lss Jesuites en Syrie 10:35,11:27

    (23) تاريخ الوزارات العراقية 144:3

    (24) نفس المصدر .

    (25) تاريخ العراق السياسي الحديث 294:3

    (26) تاريخ الوزارات العراقية 145:3 وما بعد

    (27) مقدمة ابن خلدون , بيروت الطبعة الثالثة 183-185

    (28) MW.Apr.35.p.123

    (29) سلسلة المعاهدات رقم 695

    (30) Penrose 313
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أقول (الأسمر) وفي قول المؤلفان : ((يشهد اليسوعيون (21) أن فرنسة أرادت بعد عهد من الاستعباد و الجهل غطى بلاد العلويين أن توجد للعلويين دستوراً محرراً (لانتزاعهم من الإسلام وإدخالهم في النصرانية).....)) في قولهما نظر, فإن العلويين ينتمون إلى الطائفة النصيرية وهم محسوبون على الإسلام والإسلام منهم براء .. فهم فرقة باطنية صرح علماء المسلمين بأنهم أكفر من اليهود والنصارى لأنهم يبطنون الكفر ويُـظهرون الإسلام ومن هؤلاء العلماء الأجلاء شيخ الإسلام ابن تيمية و حجة الإسلام أبو حامد الغزالي والإمام أحمد والإمام مالك ..

    وفيما يتعلق بموضوعنا .. فأقول إن الهدف من تنصير هؤلاء ولاشك هو جعلهم موالين لحكومة المستعمر , لقد فشل الاستعمار في تنصيرهم ولكنه نجح في اجتذابهم لخدمة مصالحه الاستعمارية وتسليمهم زمام الحكم في سورية و إليكم وثيقتان تبيّنان تواطؤ العلويين مع المستعمرين :

    الوثيقة الأولى :

    من سجلات وزارة الخارجية الفرنسية رقم 3547 تاريخ 15/ 6 / 1936 عريضة رفعها زعماء الطائفة النصيرية إلى رئيس وزراء فرنسا يلتمسون عدم جلاء فرنسا عن سوريا ، ويشيدون باليهود في فلسطين.



    نص الوثيقة :

    دولة ليون بلوم رئيس الحكومة الفرنسية

    إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس ، هو شعب يختلف في معتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم (السني ) . ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة من الداخل .

    إننا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على عدم إرسال المواد الغذائية لإخوانهم اليهود المنكوبين في فلسطين ، وإن هؤلاء اليهود الطيبين الذين جاءوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام ، ونثروا على أرض فلسطين الذهب والرخاء ، ولم يوقعوا الأذى بأحد ، ولم يأخذوا شيئا" بالقوة ، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة بالرغم من وجود إنكلترا في فلسطين وفرنسا في سوريا .

    إننا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم على الدفاع عن الشعب السوري ورغبته في تحقيق استقلاله ، ولكن سوريا لا تزال بعيدة عن هذا الهدف الشريف، خاضعة لروح الإقطاعية الدينية للمسلمين. ونحن الشعب العلوي الذي مثله الموقعون على هذه المذكرة ، نستصرخ حكومة فرنسا ضمانا لحريته واستقلاله ، ونضع بين يديها مصيره ومستقبله، وهو واثق أنه لابد واجد لديهم سندا" قويا" لشعب علوي صديق ، قدم لفرنسا خدمات عظيمة .

    التوقيع

    إبراهيم الكنج

    سليمان المرشد

    محمد سليمان الاحمد

    عزيز هواش

    محمد جنيد

    محمود جديد



    الوثيقة الثانية :

    الوثيقة المترجمة من الفرنسية والتي رفعها النصيريون إلى الحكومة الفرنسية بمناسبة التفاوض على منح الاستقلال لسوريا في عام 1936م

    فخامة العميد السامي

    بواسطة دولة حاكم اللاذقية الأفخم

    نتشرف نحن رؤساء العشائر والزعماء والنواب العلويون بعرض ما يأتي :

    لقد جاءت حكومة الانتداب إلى بلادنا ونحن مستقلون عن كل سلطة في العالم بقوة سلاحنا ومنعة جبالنا. وهذا الاستقلال الغريزي دفع فريقاً منا في بادئ الأمر إلى محاربة الجيش الافرنسي احتفاظاً فيه ولكن الفريق الأكبر منا وثق بشرف فرنسا وتاريخها فوضعنا يدنا بيد الانتداب الذي قدر لنا هذه الثقة فحفظ لنا استقلالنا ونظمه .

    ومن ذلك الحين أخلصنا لفرنسا إخلاصاً لا حد له . وزاد في هذا الإخلاص أن جميع المفوضين السامين كانوا يصرحون ويعدون باسم فرنسا بضمان هذا الاستقلال وحمايته وكنا نتقبل هذه الوعود والتصريحات كما نتقبل كلام الله . إذ أنه لم يخطر في بالنا قط أنه يمكن لفرنسي يمثل حكومته أن يعد ثم يحنث في وعده .

    وكم كانت دهشتنا عظيمة حين رأينا الافرنسيين المسئولين لأول صدمة صغيرة يتلقونها من السوريين يتناسون جميع وعودهم السابقة ويعدون السوريين بتصريح رسمي بإمكان إلحاقنا في سوريا . كأن استقلالنا هو هبة من فرنسا تعطيها حين تريد وتمنعها حين تريد . وزاد في دهشتنا أن قضيتنا مع الأسف لم تكن أثناء المفاوضات الفرنسية السورية موضع نظر وعطف ومحافظة من الافرنسيين على شرف وعودهم بل كانت كما كتبته جميع الصحف موضع مساومة . بل كانت أكثر من ذلك عملية بيع وشراء كأننا من عبيد إفريقيا يباعون لأسيادهم دون أخذ موافقتهم وهذا أمر لم نكن نتصوره ولا في الأحلام .

    تجاه ذلك رأينا أن نحدد موقفنا مع فخامتكم بصراحة متناهية لأننا أمام كارثة عظمى وعلى وشك الاستشهاد في ميدان الشرف .

    إننا نطالب فرنسا العظيمة بالمحافظة على وعودها وشرف قراراتها ونزيد على ذلك أننا لا نسمح حتى ولا لفرنسا الكريمة المحسنة أن تتصرف باستقلالنا وتهبه هدية لمن تريد . متناسية إخلاصنا وتضحيتنا وثقتنا من جهة ووعودها وتأكيداتها من جهة أخرى غير مهتمة بحكم التاريخ .

    سيدي

    عطفاً على برقياتنا وكتبنا السابقة نتشرف بعرض ما يأتي :

    إن العلويين يشكلون الأكثرية الساحقة من سكان حكومة اللاذقية يرفضون الرفض الجازم رجوعهم إلى التيار الإسلامي السوري ويذكرون فخامتكم ورجال البرلمان الافرنسي (كلمة غير معروفة) والأحزاب بتعهدات المفوضين السامين باحترام استقلال العلويين وعدم إحداث أي تغيير إلا بعد أخذ رأي العلويين وموافقتهم . وهذه التعهدات تفيد في نظرنا على الأقل كل حكومة افرنسية بل تفيد شرف فرنسا وكرامتها .

    إننا نؤكد لفخامتكم بمناسبة المفاوضات الافرنسية السورية أن كل اتفاق مع السوريين على قضيتنا مهما كان صغيراً لا يقيدنا بشيء مطلقاً ولا نعترف به ولا بقانونية بل نعده خروجاً من قبل المفاوض الافرنسي على مبادئ افرنسا السامية وعلى وعودها بل على مبادئ الإنسانية التي تجيز لشعب أن يتحكم بمستقبل شعب آخر دون رضاه .

    ونعتقد أن يستحيل على فرنسا الممثلة بأحزابها البرلمانية أن تقرر عبودية شعب صغير صديق لأعدائه التاريخيين الدينيين ولكي تتأكدوا من عمق الهوة التي تفصل بيننا وبين السوريين وتتصوروا الكارثة المفجعة التي نحن على أبوابها نرجوكم التفضل بإرسال لجنة تحقيق نيابة لتطالع على الحالة كما هي ولترى هل في الإمكان إلحاق العلويين بسوريا دون التعرض لمأساة دامية تكون لطخة سوداء في تاريخ فرنسا مع إيقاف المفاوضات الافرنسية السورية فيما يختص بالعلويين لانتهاء مهمة هذه اللجنة . ولا يمنع هذا إصرارنا السابق على ذهاب وفد منا إلى باريس ونعيد ثانية لفخامتكم أننا لا نعترف مهما كلفنا الأمر بكل حل أو تعهد في قضيتنا لا يؤخذ رأينا أو موافقتنا عليه وإذا كنتم تريدون تطبيق مبادئكم الإنسانية على الشعب السوري السني رغم عداوته لكم فلنا وطيد الأمل تطبيقها علينا نحن العلويين لأننا أصدقاء مخلصون .

    وتفضلوا يا صاحب الفخامة بقبول أخلص الاحترام

    رئيس المجلس التمثيلي : إبراهيم الكنج .

    أعضاء : عزيز هواش . محمد سلمان الأحمد . محمد جناد

    أعضاء : صقر خير بك . يوسف الحامد

    11 حزيران 1936م





    علم دولة العلويين (1923- 1930)
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    السياسة طريق التبشير (4- الحياة القومية والاقتصادية

    الدعوات الإقليمية والصهيونية)


    عزم الأجانب على أن يفسدوا حياة الشرق القومية والاقتصادية ويفككوا عرى وحدته الوطنية ويخمدوا جذوته الروحية حتى يصبح الشرق بين أرجلهم أشلاءً لا تستطيع حراكاً , ولقد استعانت الدول الأجنبية على ذلك في الشرق بالرهبان السود (اليسوعيين) وخلق الحركات الشعوبية كالفرعونية والآشورية , ثم باليهود والصهيونية .



    حذار من اليسوعيين


    إن البلاد الشرقية يجب أن تتبصر وتحذر من اليسوعيين خاصة , فإنهم لا يألون جهداً في التدخل في السياسة المحلية وحبك المؤامرات (1) حتى أن البابا نفسه قد غضب عليهم مرات كثيرة من جراء ما جرّوه من الفساد و أحدثوه من القلاقل السياسية (2)

    وفطنت الدول الغربية كلها إلى دسائس اليسوعيين ..

    فأخرجتهم حكومة البرتغال من بلادها ومستعمراتها عام 1757 م و طردتهم فرنسة من بلادها عام 1765 و 1767 و من اسبانية عام 1676 أيضاً ثم طرد نابليون من بقي منهم عام 1804 ولما تكاثر اليسوعيون في أوربة عاودت فرنسة طردهم عام 1880 و عام 1901 وكذلك عادت اسبانية طردهم عام 1820 ثم أخرجتهم نهائياً عام 1835 وكذلك عادت البرتغال إلى طردهم عام 1834 وقضت روسية من عام 1813 إلى 1820 حتى استطاعت طردهم .. وكذلك فعلت هولندة وسويسرا وألمانية في الأعوام 1816 و1848 و1872 على التوالي (3) فعسى أن يستفيد العرب و المسلمون من هذا الاختبار المر الذي لقيه العالم المسيحي نفسه على أيدي اليسوعيين



    الحروب والتبشير


    زعم نفر من المبشرين أن الحرب العالمية دلت على أن ما من ديانة تستطيع أن تنقذ العالم كالنصرانية وهذا يوجب عليهم أن يضطلعوا بتبعات عظيمة (4) , ولكنهم في ذلك مخطئون فالحرب العالمية أعلنت اندحار النمسا وألمانية المسيحيتان وانتصار اليابان الغير مسيحية , والحرب العالمية الثانية أعلنت هزيمة ألمانية المسيحية وانتصار روسية اللادينية , أما الدول المسيحية التي انتصرت في الحربين فلم تنتصر بالمبادئ المسيحية .

    و مع أن هؤلاء المبشرون يرون أن الإسلام قد تجلى منذ مطلع القرن العشرين قوياً في مظاهر مختلفة , منها انتشاره الواسع في إفريقية وفي حركة الوحدة الإسلامية قبل الحرب العالمية الأولى , ثم قيام المملكة الحجازية , فإنه قد تبدى لهم ضعيفاً في خيبة الجهاد الذي أعلنه ملوك المسلمين في الحروب العالمية الأولى وفي إلغاء الخلافة في تركية (5)

    وهكذا نجد أن ثمة اتجاهاً واسعاً في الغرب لتفسير كل شيء على أساس ديني , وعلى أساس ديني معاد للإسلام , بعيد عن العلم كل البعد , حتى في وضع المبادئ العلمية , أو التي يدّعون أنها علمية .



    التعاون بين التبشير والسياسة


    بعد انتشار الإسلام في الشرق أصبحت الكنائس النصرانية قليلة منثورة كأنه جزر صغار في بحر متسع الأكناف , وكانت هذه الكنائس على قلتها أيضاً متعادية متخاصمة (6) وساءت أحوال الكنائس والقسيسين على سبيل المثال في عام 1821 كان مائة وثمانون قسيساً أرثوذكسياً في القدس ليس فيهم سوى عشرة فقط على شيء من التثقيف اللاهوتي (7). لذلك أول ما فكر فيه المبشرون هو إصلاح أمر هذه الكنائس للاستعانة بها على المسلمين (8) من أجل ذلك شعر البروتستانت مثلاً بأن جهودهم جيب أن تنصرف أولاً إلى التبشير بين أتباع الكنائس الشرقية الأرثوذكسية (كما جرى في سورية) (9)

    لذلك نشأ صراع بين هذه الطوائف لكن سرعان ما تنبه المبشرون إلى ذلك وتذكروا أنهم جاؤوا للسيطرة السياسية وما التبشير إلا إلى ذلك و هكذا قال جسب : جيب ألا يكون ثمة نعوت مثل هذه : أمريكي , إنكليزي , اسكتلندي أو ألماني , تنعت أعمالنا التي نقوم بها في سبيل (المسيح) , إن الخصم المشترك متحد في مقاومتنا .. فليكن اسمنا "نصارى" (10)

    ولا يخفي المبشرون نياتهم الحقيقية فقد قال جسب (11) : من العناية الإلهية العظيمة أن المطبعة الأميركية والمدارس الأميركية في سورية كانت وسيلة لإعداد رجال ونساء كثا ليكونوا مواطنين أميركيين أما انكلترا التي كانت دائماً تريد الاحتفاظ بقناة السويس لأنها طريق الإمبراطورية البريطانية إلى الهند واسترالية والصين (12) فقد توسلت إلى تثبيت نفوذها برجال الدين من قومها من ذلك أنها عهدت إلى القسيس روبنسون وهو من الإرسالية المشيخية الأيرلندية (13) بأن يُثقِّف ابني سعيد بك جنبلاط (أحد رجال الإقطاع الكبار من الدروز في لبنان) على نفقتها وعدت ذلك ضماناً لجعل الدروز في المستقبل أكثر هدوءاً نحوها (14).

    وكانت إيطالية ترمي إلى بلوغ أغراض سياسية في الشرق فزرعت في البلاد مدارس دينية مع أنها قد صادرت أموال الأديرة في إيطالية نفسها (15) وكذلك فعلت روسيا حتى استطاعت هي أيضاً أن تنفذ إلى الإمبراطورية العثمانية المتداعية الأركان (16)

    على أن أكثر الدول الأوربية نشاطاً تبشيرياً سياسياً في سورية ولبنان خاصة كانت فرنسة , فرنسة التي كانت تطرد الرهبان من أرضها ثم تحتضنهم في الخارج ليحققوا لها شهواتها الاستعمارية (17) واعتقدت فرنسة أن اللغة هي التي توجه الثقافة , ولذلك أنفقت على مدارسها وعلى المدارس التي تعلم اللغة الفرنسية بسخاء (18)

    وفي تموز من عام 1908 أعلنت الحرية العثمانية وكان إعلان الحرة في تاريخ الإمبراطورية العثمانية يوازي الثورة الفرنسية في تاريخ فرنسة ومع ذلك لم يهتم المبشرون بهذا الحدث العظيم إلا بمقدار ما سيخدم غاياتهم التبشيرية ويسهل نفوذهم إلى أرجاء الإمبراطورية .



    الحركة القومية في الإمبراطورية العثمانية


    اتسعت الحركات القومية بعد عام 1908 ومع أن الديانة المسيحية كديانة تبشيرية مناقضة للقومية إلا أن التبشير لم يقف موقفاً داعماً ولا مناهضاً للقومية وأراد أن يحولها إلى خدمة أهدافه . وكذلك لم جبن المبشرون أمام الأممية بل أحبوا أن يستغلوها قائلين : إن أبوة الله تشمل جميع الشعوب وإن الأخوة تضم جميع البشر وإذا لم تكن الأممية نصرانية فيجب أن ننصرها كل ذلك حتى يستطيع المبشرون أن ينصّروا جميع الشعوب على السواء (19) وكذلك لما انتهت الحرب العالمية الأولى وأُنشئت عصبة الأمم زعم المبشرون أن التبشير يساعد عصبة الأمم ويحقق أهدافها (20). ولكن عصبة الأمم ماتت ثم خابت أهدافها .

    المبشرون لم يتخذوا موقفاً صريحاً من القومية شانهم في كل أمر ولكنهم كانوا يودون أن تبقى الأمور غامضة وعلى شي من الفوضى حتى يتمكنوا من القيام بالتبشير ثم يربطوا الصابئين إلى مذهبهم إلى عجلة الأمة التي يخدمون أهدافها .



    التبشير والوطنية


    ولقد خشي المبشرون النهضة الوطنية في مصر لأن القومية المصرية إسلامية في حقيقتها ويغمط هؤلاء المبشرون مصر والمصريين حقوقهم ويخالفون الواقع بقولهم إن الوطنية المصرية قد نشأت لأن الإنكليز كانوا يحاربون المسلمين في معاملتهم فأشعل ذلك حب الاستقلال في صدورهم (21) و عن أيسر نظرة في التاريخ تدل على أن الإنكليز لم يعاملوا المسلمين في مصر معاملة تتفق مع كرامة الشعوب , حتى أن حافظ إبراهيم قال عن ذلك :

    إذا شئت أن تلقى السعادة بينهم * فلا تك مصرياً ولا تك مسلماً
    ولقد أجفل المبشرون لما سمعوا النداء الوطني "مصر للمصريين" فقالوا أن هذا يعني أن "مصر للمسلمين" ولذلك رجا المبشر صموئيل زويمر في ذلك الحين من بريطانية أن تبدل سياستها تبديلاً أساسياً في وقت قريب و أن تعلن حياداً تاماً يُشعر مصر بقوة بريطانية وبنعمها (22) ومعنى ذلك عند زويمر بلا ريب "فتح مصر للتبشير بالقوة" .

    ولقد خاب المبشرون في وقف التيارات القومية الصحيحة عمدوا في كل بلد إلى أقلية غير مسلمة في الأكثر وحاولوا أن يضموا إليها أحياناً نفراً بارزين من المسلمين ,كما اتفق لهم في مصر فقط , ليلفقوا لأهل كل قطر مسلم قومية وهمية جديدة . لقد أرادوا أن يبعثوا "الفرعونية" من خلال حجارة الأهرام في مصر , و"الفينيقية" من خرائب الساحل الممتد من يافا إلى اللاذقية على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط , ثم إنهم لفقوا في العراق دعوة آشورية لم يكتب لها أن تولد حية .

    (1) Enc . Br . xv , 345 c,d

    (2) ibid.445.f

    (3) ibid 345 ff.

    (4) Missionary Outlook 51

    (5) ibid 65-6

    (6) Gairdner 276

    (7) Richter 63f

    (8) Gairdner 277

    (9) Richter 66 .

    (10) Jessup 229

    (11) Jessup 756

    (12) ibid 748

    (13) Irish Presbyterian Mission

    (14) Jessup 267

    (15) Richter 226 : Jessup 680 etc

    (16) Richter 226 f.

    (17) ibid 226

    (18) ibid 25 .

    (19) cf. Missionary Outlook 3.5.4.39ff .43 ff

    (20) ibid 71 ff

    (21) Islam and Missions 25

    (22) ibid 25f.
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الفصل الثامن

    التبـشــير والحـركــات القـومـيـة


    جميع الحركات القومية التي قامت في البلاد العربية اتسمت في أول أمرها بميل بارز إلى التسامح الديني ما لبث أن تحول إلى ميل عن الدين بهدف إضعاف الشعور الإسلامي خاصة في البلاد الإسلامية , فالصلة بين سورية ولبنان ومصر والجزائر ومراكش تقوم بحسب الأحزاب القومية على العروبة , وأما تركية وإيران وباكستان واندونيسيا فهي عندهم كالأرجنتين والمكسيك وهنغارية والدنمرك وانكلترا وفرنسة سواء بسواء . وبعض الأحزاب القومية أو الوطنية كالحزب القومي السوري وحزب الكتائب اللبنانية تنظر إلى اليمن ومصر وتونس كما تنظر إلى النرويج وفنلندة .. أما البرازيل والولايات المتحدة وفرنسة نفسها فهي أقرب إلى هذين الحزبين من اليمن وطرابلس الغرب لكثرة المهاجرين واتساع المصالح الاقتصادية بين سورية ولبنان وبين البرازيل والولايات المتحدة وفرنسة والمناطق التي تستعمرها فرنسة بينما هذه الصلات مع اليمن وطرابلس الغرب قليلة وضعيفة جداً .

    و أعلنت هذه الأحزاب موقفها (الغير ودي) اتجاه الإسلام في مهرجان الجزائر المقام في بيروت عام 1956 بهتافات تزعم أن الجهاد في الجزائر هو جهاد العرب دفاعاً عن الجزائر العربية فـقط .

    هذه الهتافات كشفت لنا أن بعض الذين يذهبون مذهب القومية في الحياة السياسية من العرب يُسقطون الدين من حسابهم وبعضهم الآخر يخاصمون الدين مخاصمة شديدة والمقصود بالدين هنا الإسلام , وحجة هؤلاء القوميين أن البلاد العربية تضم مذاهب وأدياناً مختلفة , ففيها مسلمون ونصارى ويهود , من أجل ذلك يقتضي للتعايش السياسي في البلاد العربية ألا يكون العنصر الديني في الحياة العامة بارزاً ,...

    هذا من الناحية النظرية أما من الناحية العملية فإن العنصر الديني في جهاد الجزائر بارز جداً حتى أن غي موليه رئيس الوزارة الفرنسية أعلن حينها بأن الحركة الإسلامية التي تتسع في إفريقيا هي التي تهدد الإمبراطورية الفرنسة في المغرب . وكذلك أعلن جورج بيدو الذي سبق له أن تولى وزارة الخارجية الفرنسية أنه لن يترك الهلال يتغلب على الصليب (1)

    التبشير يتعاون مع الصهيونية


    استغل المبشرون الصهيونية لأنهم كانوا يتفقون معها في عدائهم للعرب والمسلمين , ولم يصر المبشرون على إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين إلا لأن إنشاؤه يضعف من العرب إضعافاً شديداً ويفتح أبواب فلسطين العربية أمام التبشير , وإلا لأن فلسطين إحدى نقاط الهجوم على العالم العربي الإسلامي .

    والتاريخ يحكي لنا تشرد اليهود وطردهم من الإمبراطوريات القديمة كالإمبراطورية الرومانية حيث تفرقوا في اليمن والحجاز وعندما جاء الإسلام نظّم الرسول صلى الله عليه وسلم ضدهم غزواً بعد أن تآمروا على الإسلام ولم تكن تلك المعاملة خشنة قاسية كما نظر إليها المستشرقون (2) فاليهود كان منهم المنافقين والجواسيس الذين عقدوا الحلف تلو الحلف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يثبون على الإسلام وأهله عند الفرص وكان منهم المتآمرون الذين يجمعون أعداء الإسلام ويمولونهم بالسلاح ..

    و على أي حال لم تكن معاملة المسلمين لهم ظالمة أو شديدة كمعاملة الرومانيين والآشوريين والمصريين ولا معاملة اليهود أنفسهم لسائر الشعوب إذا وجدوا إليها سبيلا وما أمر فلسطين منا ببعيد .

    فالمسلمون لم يقاتلوا اليهود لأنهم يهود بل قاتلوهم لما كثر منهم الاعتداء سراً وعلانية ..

    *
    ومنذ عام 1809 فكر المبشرون باستغلال اليهود لنشر النصرانية بينهم ولمقاومة العرب والمسلمين بهم . حيث أسس الانكليز الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود! , ولقد كانت آمالهم عند تأسيسه عظيمة جداً حيث رأوا أن العمل يجب أن يبدأ بأن يساق اليهود المتفرقون في الأرض إلى فلسطين وهكذا بدأوا يشجعون اليهود على الهجرة وعزموا على أن يبدأ التبشير بينهم بعد ذلك مباشرة وظن المبشرون أن الفرصة سانحة لتحقيق هذا الهدف حينما أرسل الخديوي المصري الثائر محمد على ابنه إلى الشام (سوريا) واستولى على فلسطين ذلك لأن موقف محمد علي من الإرساليات التبشيرية كان موقف صداقة وتسامح وهكذا انتهز المبشرون هذه الفرصة السانحة ووضعوا أساس ما دعوه "كنيسة صهيون" أول كنيسة بروتستانتية في الإمبراطورية العثمانية ولكن فأل المبشرين قد خاب فإن محمد علي انسحب عام 1840 من الشام فعاد الأتراك إلى موقفهم الشديد الأول من الإرساليات التبشيرية (3)

    على أن المبشرين حاولوا مرة ثانية أن يستغلوا القضية اليهودية في سبيل أهدافهم فقد أسس الملك فريدريك ولهلم الرابع ملك بروسية (1840-1861) الأسقفية الإنكليزية البروسية في القدس لتكون مركزاً بروتستانتياً لإصلاح الكنائس الشرقية عامة ولتنصير اليهود خاصة (4) إن المبشرين كانوا جد مقتنعين بأن جمع اليهود في فلسطين يسهل لهم مهمتهم في الوصول إلى المسلمين من أجل ذلك أرادوا أن يفتحوا أبواب فلسطين على مصراعيها لهجرة اليهود (5) فلي من المستغرب إذن أن نجد سبعاً وعشرين جمعية تبشيرية مختلفة الجنسيات كانت تعمل بلا ملل في فلسطين (6)

    وهكذا كانت البابوية والبروتستانتية والصهيونية تتنافس فيما بينها في فلسطين وكان روتشيلد الممول اليهودي يساعدهم جميعاً ! (7)

    ويبدو بوضوح من مراجع مختلفة أن الأوربيين لم يكونوا يريدون إنشاء دولة يهودية على النحو الذي حدث الآن ذلك لأنهم لم يكونوا يريدون أن يهودوا فلسطين بل كانت غايتهم الأولى أن يتخذوا اليهود (فزاعة) للعرب وأرادوا التخلص من اليهود في أوربة (8) و تحطيم وحدة الشرق بوضع عدو للعرب والمسلمين في أقدس بقعة لهم على الشاطئ الشرفي للبحر الأبيض المتوسط . و بذلك يثير اليهود القلاقل السياسية والاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية للعرب والمسلمين يتمكن بها الأوربيون من التدخل في كل حين بين الخصمين للسيطرة عليهما ..

    و كان تأسيس الدولة اليهودية أمراً مقرراً عند المبشرين فقد كتب المبشر جون فان أس (9) في عام 1943 عن دولة اليهود وتقسيماتها .

    ويرى لورنس براون (10) - وأكثر المبشرين على رأيه - أن القضية الإسلامية تختلف عن القضية اليهودية فلا خوف من اليهود بل من الإسلام دين الدعوة الذي ينتشر بين النصارى وغيرهم . الإسلام الذي أخضع أوربة في مرات عدة ولم يكن الإسلام قط دين أقلية .. ويعلن لورنس براون أن اليهود أصدقاء للمبشرين و بالتالي فإن كل عدو لليهود فهو العدو الألد لهم , كما أن البلاشفة حلفاء لهم (11) , أما الشعوب الصفر فإن هناك دول ديمقراطية كبيرة تتكفل بمقاومتها .. ولكن الخطر في رأيه كامن في نظام الإسلام وقدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته وأنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوربي (12)

    ويظهر دور التبشير أو تطابق مصالح المبشرين مع الاستعمار في قضية فلسطين منذ القرن التاسع عشر حيث كانت تود بريطانية استعمار فلسطين وإقامة الحامية فيها لحراسة طريق الهند ولم يكن بإمكانها أن تفعل ذلك إلا من طريق التبشير , جاء في كتاب "التوراة والسيف" (13) في صدد نقل فلسطين إلى المذهب الإنكليكاني (مذهب الدولة في انكلترا) فصل كامل على اللورد شافتسبري (أحد الذسن اهتموا بالتبشير) الذي كان يمثل فكرة تنصير فلسطين ورد اليهود منصرين إليها أو تنصيرهم بعد ردهم إليها وإعلان الحماية (البريطانية) عليها ولقد روّج اللورد بالمرستون وزير الخارجية البريطانية آنذاك لهذه الدعوة برسالة وجهها إلى جريدة التايمز اللندنية فنشرتها في السابع عشر من آب عام 1840 ..

    ورأى الانكليز في فلسطين وسيلة ضرورية للدفاع عن الإمبراطورية (14) و تعدد العوامل السياسية الإنكليزية في شأن فلسطين ولكن كان بعضها ستاراً فقد ألفت بربارة توخمان (أو تتشمان) وهي يهودية أمريكية كتاباً اسمه "التوراة والسيف" أو "انكلترا وفلسطين منذ العصر البرونزي إلى بلفور" ذكرت فيه أن محاولة الاستيلاء على فلسطين جاء تحت عامل آخر هو العامل الصليبي الديني في أجلى مظاهره حيث تقول (15) : ((وهكذا دخل الجنرال أللنبي إلى القدس عام 1918 فنجح حيث كان ريتشرد (ريكاردوس قلب الأسد) قد أخفق ولولا ذلك الانتصار لما كانت إعادة إسرائيل إلى الآن قد أصبحت حقيقة واقعة , وكذلك لم يكن بإمكان أللنبي أن ينجح لولا محاولة ريتشرد : أي لو لم تكن النصرانية قد أقامت , في الأصل , الأساس الذي يحمل النصارى على التعلق بالأرض المقدسة , وإن من غريب التهكم أن يكون اليهود قد استعادوا موطنهم , وإلى حد ما , بفعل الدين الذي أعطوه للأميين)) (16)

    و تؤكد الكاتبة أن وعد بلفور كان إعلاناً سياسياً فقط و أن الانتداب هو الذي فسح في القانون العام مجالاً لإقامة إسرائيل في فلسطين (17)



    (1) L'Alge'rie hors de loi 267-268

    (2) Wismar 60.cf.51-61

    (3) Richter 263

    (4) ibid 237

    (5) Chritian Mission 188

    (6) Richer 238

    (7) Jessup 657

    (8) Richter 231

    (9) John Van Ess 192

    (10) Browne 7 ff

    (11) أصدر المؤلف كتابه عام 1944

    (12) Browne 9.10

    (13) راجع ص113وما بعدها

    (14) Bibble and Sword XIII

    (15) Idem

    (16) الأميون هم جميع الناس من غير اليهود .

    (17) Bible and Sword XIV
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    370
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أعتتذ عن اتمام التلخيص حالياً وإليكم بعض المراجع ذات الصلة
    http://www.asmar.hajznet.com/1.zip
    و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
    { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [فصلت-44]

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الاستعمار الثقافي
    بواسطة مواطن في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-21-2012, 10:00 AM
  2. التبصير ببعد السلفية عن التكفير
    بواسطة جـواد في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-12-2008, 10:38 PM
  3. مشاركات: 40
    آخر مشاركة: 09-20-2008, 09:32 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء