و لكن السائل ما زال لم يهدأ .. و ما زال يريد الإجابة على أسئلة أخرى ! ..
فقد يسأل السائل : قد أطنبت في الكلام و جئتنا بالأمثلة لتقربها إلى الأفهام .. فما جوابك إن قلت لك أني لم أختر أصلًا وجودي هنا ؟! .. و أني لم أكن أريد أن أخلق أصلًا في هذه الدنيا ؟!
و أقول مستعينًا بالله سبحانه و تعالى ..
إنك يا انسان لا تذكر ماذا فعلت أو أكلت بالماضي القريب .. فمن طبعك النسيان ! ..
فمعنى أنك موجود تكلمني الآن و أنا موجود أكلمك الآن .. معناه انك اخترت بنفسك أن تكون هنا و ارتضيت حمل الأمانة و دخول الاختبار ..
و قبل أن تتسرع بنفي ذلك .. أقرأ قول الله سبحانه و تعالى ..
" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ "
أي أنك يا انسان قبلت حمل الأمانة فعلًا .. !
و الأمانة هنا من ضمن معانيها كما في معنى كلام ابن عباس .. التخيير .. و حرية الاختيار .. فإن أصلحت جزيت .. و إن أسأت عوقبت ..
فلا مكان لسؤالك هنا أصلًا .. !
و هنا يسألني السائل ساخرًا : و لماذا خلقنا الله سبحانه و تعالى مخيرين أصلًا ؟!
و يستطرد في خبث و شبح ابتسامة تتوارى خلف خلجات شفتيه : طبعًا ستقول لي إن الله سبحانه و تعالى حر فيما يخلق !! ..
و هنا أقول بعون الله سبحانه و تعالى ..
قد صدقت فيما قلت .. فإن الله سبحانه و تعالى يقول : -
" لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ "
Bookmarks