ترجمة فورية

قد يعيش الإنسان زمناً.. بلا طعام
وقد نحيا يوما أو بعض يوم.. بلا ماء
وربما نصبر على دقائق معدودات.. بلا هواء
إلا أننا.. سبقنا الجميع بإنجاز معجز !
نجحنا فى أن نصمد بلا كرامة..قرابة خمسين عاماً
_______________________________

يتساءل بعض الأغبياء عن سر "الإنفلات" و"التفلت" الذى نلاحظه هذه الأيام.. والذى لم يعد قاصراً على كونه "سلوك شخصى" أو "تهور فردى" فى ردة الأفعال أو فى تناول الأمور.. وإنما وصل الأمر إلى مرحلة أشبه بالتحول التدريجى فى مجتمعاتنا "الطيبة".. التى مُلأت ربوعها بالمادة الأصلية للسذاجة !.. فما كنا نراه فكراً شاذاً.. أصبح الآن ظاهرة عامة.. وما كنا نتعامل معه (بلا حكمة) على أنه إستثناء للقاعدة.. صار الآن (بجدارة).. قاعدة لا إستثناء لها !!

فى زمن مضى.. كان القوى يحكم الضعيفَ بضعفه وقلة حيلته.. وكان هذا تصوراً مقبولاً لعلاقة تسير بإتجاه واحد على الدوام.. صفعٌ يليه صراخ ! أما الآن.. فقد تغيرت المفاهيم وصار الوهم حقيقة.. والحقيقة كضرب الودع.. كلاهما يبحث عن "نصاب محترف" لكى يبيعها لنا فى قوارير نجسة !.. وربما أصبح الوهم الذى كنا نرفضه فى عديد من أغانينا الوطنية.. هو الحقيقة الوحيدة.. الصالحة للتعامل مع غيرنا.. من أعدائنا الطيبين !

لم يعد "الصفع" يستجلب صراخاً على أسوأ تقدير.. ولا نريد أن نشطح بخيالنا لنفكر كجنس بشرى لم ينقرض بعد.. لنطمع فى "صفع".. يستجلب نخوة.. فمروءة.. فشهامة.. فغليان وغضب.. لينتهى الأمر بصفعات وصواعق على رؤوس المجرمين !... وإنما نحاول أن نكون أقرب إلى الواقع منا إلى مرابض الخيال "المجانى" .. فنقول أن صفع وجوهنا.. أصبح سنة "مؤكدة".. لا يجوز التفريط فيها بأى حال.. وعادة ما تستخرج تلك السنّة من تحت أظافرنا.. سلاماً بلا حياء !

وتحت وطأة المعايير الفاسدة.. ولأننا مجبرون على تجرع الكذب والأوهام كعلاج فاشل .. لمرض "الكرامة" .. لجأ المعنيون بقتل ضمائرنا ونحر رجولتنا.. إلى توزيع "المخدرات الإجتماعية" بالمجان.. على مجانين النخوة.. و"ملاحيس" الكرامة.. ليعلنوا نهايةً لهذه الفتنة.. وليقضوا على بذور "الولاء والبراء" فى عقولنا.. وليطفئوا جذوة "الرجولة" فى صدرونا.. فى عملية خصاء "فكرى" ونفسى للأجيال التى مازالت تحلم.. بطعم العزة !

وحين ينعق المغفلون.. يتساءلون عن سبب التهور الأحمق.. والحماسة الغوغائية.. والإندفاع الأهوج الذى أصاب شبابنا وأكبادنا.. فلا نملك إجابة إلا التقيأَ فى وجوه النخاسين ! .. فمن تحريم "الكلام" المفيد وإباحة الهراء.. ومن قصف الرقاب والإثخان فى الضعفاء والمساكين.. وتكميم الأفواه.. ونهى الأنفس عن الخوض فى سيرة "أعداءنا" الطيبيبن (أصدقاء اليوم).. بحجة إثارة العنف !.. وبيع الأوطان.. وفرض الخصاء على البالغين.. فيا ترى.. من أين يأتى هذا التفلت المبين ؟!

لعلنا نفهم يوماً.. ويرزقنا الله عز وجل القدرة على فط طلاسم "السحرة والمشعوذين".. الذين يزينون الفاحشة السياسية العظمى فى أعين الشباب القاصر فكرياً والمعوق نفسياً.. بأن جعلوا العدو حبيب.. والسلام المجانى هدفاً (إستراتيجياً) لا بديل عنه.. ولعق الحثالة الفكرية من أحذية الأعداء هدفاً (حضارياً) لإنتشالنا من حضيض الجهل والتخلف.. إلى رياض جهنم ! .. وأن نعمل على نزع أعصابنا بأظفارنا من بين اللحم والعظم.. لنتخلص من ألم مزمن مهين.. إسمه "الكرامة" !!


طلاسم

خمسون عاما مضت
الطريق أمامنا.. خال من العلامات
وما زلنا متأهبين.. يزين العرق جباهنا
فى إنتظار العلامات..
أن توضع على رأس أى جثة.. ملقاة هناك
لنبدأَ المسير..
قبل ان يسرقوا منا أقدامنا..
ويبقى الطريق بلا سائرين