ثلاثة أبطال وجنازة
بسم الله الرحمن الرحيم----------------
"إسرائيل هي العدو .. من يساندها خائن يستحق القتل .. من يعبر حدودها إلى داخل أراضينا معتدٍ يستحق القتل "
هكذا ردد هذا الثلاثي العسكري تلك الكلمات في جلستهم .. الأول هو ضابط المخابرات القوي "محمود نور الدين" .. والثاني هو الملازم أول "خالد الإسلامبولي " والثالث هو مجرد مجند بسيط اسمه " سليمان خاطر" ..
هكذا اتفقوا في جلستهم تلك .. اتفقوا على أن يقوموا بحماية هذه المبادئ المنطقية التي أقسموا على تنفيذها ..
وبعد الاجتماع تحرك " نور الدين" نحو مكتبه في جهاز المخابرات .. جاءت الأنباء بأن مصر ستتحالف مع إسرائيل .. رأي العملاء والخونة يدخلون مكتبه في أريحية ليتفقدوا كل شئ فيه .. ركض صارخاً نحو مكتب مدير الجهاز .. وجده يجلس في هدوء عاجزاً مشيراً له بأن الأمور خرجت من بين يديه .. العملاء والجواسيس من الآن فصاعداً سيتحركون بكامل حريتهم في الجهاز وفي كامل الدولة !
كاد يصيبه الجنون .. أخرج مسدسه واتجه يبحث عنهم .. سيقتلهم ولن يسمح لهم بتدنيس أرضه والتجسس عليها ..
رأي الصهيوني (زيفي كيدار) عدوه المخابراتي اللعين .. لقد قرر (زيفي) أن يعيش على أرضه ! أن يعيش في مصر ! لم يصدق .. رفع مسدسه فوراً وأرداه قتيلاً .. لا لن يسمح لهؤلاء بتدنيس أرضه .. استمر في التحرك والبحث ..
في ذهول شاهد (ألبرت تراكشي) .. ياللهول .. تراكشي هنا في مصر .. تراكشي يتحرك بحريه في بلدنا ! تراكشي رجل الموساد الذي اشتهر بفقء أعين الأسرى المصريين لمجرد الشعور باللذة .. لا .. مستحيل .. رفع مسدسه مرة أخرى وأطلق النار على رأس (تراكشي) .. شعر بالراحة لثوان قبل أن يعاوده القلق والرعب من حجم الاختراق .. رأى رجال (المخابرات الأمريكية) هم الآخرون يتحركون بحرية أكبر .. جن جنونه .. رفع مسدسه مرة أخرى وقتل ثلاثة منهم .. لكنهم هذه المرة كانوا قد حددوا مكانه .. ركض رجال الأمن المصري نحوه وسحبوا منه مسدسه وانهالوا عليه باللكمات .. صرخوا فيه : أتقتل الضيوف الكرام ؟! أتقتل الضيوف الكرام ؟!
حاول أن يشرح .. حاول أن يبرر .. لكنهم لم يسمحوا له .. قذفوه في المعتقل بعدما جعلوه شبه عاجز من الضرب .. وجد هناك " خالد " الشاب صغير السن .. ماذا حدث ؟
كان خالد قد خرج من الاجتماع نحو وحدته في الجيش .. فوجئ برئيس الجمهورية يقف وسط الوحدة يشرح لهم أهدافهم العسكرية الجديدة .. أصابته السعاده وراح يستمع .. راح الرئيس يشرح لهم أن أعداء الأمس يتغيرون و يصبحون أصدقاء اليوم والغد .. لابد أن نتعاون مع الأعداء .. بل لابد أن لا نسميهم أعداء .. الإسرائيليون منذ اليوم هم الأصدقاء .. هناك من الإخوة من سيرفض هذا .. الأخ الرافض لهذا هو العدو الحقيقي .. منذ الآن سنتحالف مع إسرائيل ..منذ الآن إسرائيل ليست العدو !
انتفض خالد في ذعر ..لا .. ليس هذا هو ما أقسم عليه .. هذا حنث بالقسم .. هذا في عرف الجيش خيانة عظمى .. والخيانة العظمى لها جزاء واحد في الأعراف العسكرية التي نشأ عليها خالد .. الاعدام !
أخرج خالد مسدسه فوراً وأطلقه على الرئيس .. ركض رجال الأمن المصري نحوه وسحبوا منه مسدسه وانهالوا عليه باللكمات .. صرخوا فيه : أتقتل الرئيس العظيم ؟! أتقتل الرئيس العظيم ؟!
حاول أن يشرح .. حاول أن يبرر .. لكنهم لم يسمحوا له .. قذفوه في المعتقل بعدما جعلوه شبه عاجز من الضرب .. وجد هناك "سليمان خاطر" مشنوقاً .. تساءل في ذعر عن السبب .. وجد تحت جثة "سليمان" ورقه خطها بيده قبل الشنق يحكى فيها كل شئ ..
كان سليمان قد اتجه نحو الحدود .. وقف كالأسد رافعاً بندقيته ليحميها .. متذكراً قسمه على أن " من يعبر حدودها الى داخل أراضينا معتدٍ يستحق القتل " .. أثناء وقوفه شاهد مجموعة من اليهود يتحركون نحوه في صفاقة .. أصابه الذعر خوفاً على وطنه .. صرخ فيهم بأن يتوقفوا لكنهم استمروا في تحركهم نحوه بتحدٍ أكبر .. أطلق رصاصات تحذيرية لكنهم تبادلوا المزيد من الضحكات الساخرة .. يسخرون منه .. يتحدون وطنه .. يقتحمون أرضه .. وكما تقضي كل القوانين العالمية .. أطلق عليهم النيران جزاءً على اقتحام أرضه .. قتلهم وقتل سخريتهم وتحديهم واقتحامهم .. ذهب ليسلم نفسه إلى جيشه واثقاً من مساندتهم .. لكن ما إن رأوه حتى ركض رجال الأمن المصري نحوه وسحبوا منه سلاحه وانهالوا عليه باللكمات .. صرخوا فيه : أتقتل المدني البرئ ؟! أتقتل المدني البرئ ؟!
حاول أن يشرح .. حاول أن يبرر .. لكنهم لم يسمحوا له .. قذفوه في المعتقل بعدما جعلوه شبه عاجز من الضرب .. دخل عليه زنزانته شخص مصري وآخر يهودي .. قام اليهودي بتركيب المشنقة بينما كبله المصري ولف حبل المشنقة حول رقبته .. كتب بسرعه ما حدث له قبل أن .. قبل أن يتدلى من الحبل مقتولاً ..
بكى " خالد " كثيراً .. حكى لـ "نور الدين" ما قرأه .. دخل عليهما فجأة عسكري كبير .. أمر خالد بالتحرك نحو المشنقة .. نفس مشنقة "سليمان" .. سيعدمون عليها كل من تجرأ وعمل لمصلحة الوطن .. تحرك "خالد" نحوها سريعاً بلا مبالاة .. نطق الشهادة وبعد ثوان تدلت قدماه في الهواء .. انهار "نور الدين" في البكاء .. طالب بالإعدام لنفسه كي يلحق بهما .. لكن ذلك العسكري نظر له في سخرية .. أخبره بأن اليهود قرروا حبسه باقي عمره كي يصبح عبرة لمن يعتبر .. ستموت في السجن وسنقذفك في المقابر بلا مبالاة .. ولن نجعلك تحصل على الشهادة التي كنت تتمناها ! ستصبح أنت تاجراً كبيراً للمخدرات والإرهاب الدولي .. وسيصبح "سليمان خاطر" مجرد معتوه مجنون مريض نفسياً .. وسيصبح "خالد الإسلامبولي"إ سلامي ارهابي متطرف .. سنقتلكم وسنشوه سيرتكم بإعلامنا الحكومي وبكل الطرق ..
صرخ "نور الدين" في قهر .. راح يعيد القسم ..
" أقسم بالله العظيم أن اسرائيل هي العدو .. من يساندها خائن يستحق القتل .. من يعبر حدودها إلى داخل أراضينا معتدٍ يستحق القتل "
__________________________________________
من بعيد راقب ذلك الأصلع تلك الكلمات والأحداث في تدبر .. لقد فهم الدرس .. من يحافظ على ذلك القسم القديم سيلقى نهاية بشعة مريرة ، وهو يريد حياة مريحة كريمة و جنازة عسكرية مهيبة لائقة وذكرى براقة في الإعلام الحكومي .. لقد صمم على هذا ..
وبهدوء أقسم في داخله بما سيجعله ينال كل ما تمناه :
" أقسم بالله العظيم أن اسرائيل هي الصديق .. من يعاديها خائن يستحق القتل .. من يعبر حدودها إلى داخل أراضينا ضيفٌ يستحق التكريم " ..
هكذا تنال التكريم ..
والجنازة العسكرية ..
للكاتب / عمرو عبد العزيز
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عــمــر
Bookmarks