النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: العلمانية بين تسييس الكفر وتكفير السياسة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي العلمانية بين تسييس الكفر وتكفير السياسة

    بقلم : د.يحيى هاشم حسن فرغل

    لماذا يتخندق المسلمون في مركز الدفاع ضد اتهام العلمانيين لهم بتكفير الآخر عن طريق تديين السياسة وتسييس الدين ؟ بينما هم – أي العلمانيين – يرتكبون خطيئة تكفير السياسة وتسييس الكفر ؟
    أليس اعتراضهم على تسييس الدين يعني تسييس الكفر
    وأليس اعتراضهم على تديين السياسة يعني تكفيرالسياسة ؟
    وأليس هذا معنى قولهم : لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة ولكن بصورة أدق ؟
    و " من فمك أدينك " كما جاء في الكتاب المقدس ؟
    وإذا كان من حقهم أن يقولوا :" لا دين في السياسة " " تطهيرا للدين " باعتبار فهمهم الماكيافيليي لأبعاد السياسة المشبوهة ودخائلها الدنيئة .. أفلا يسلبون عن أنفسهم الحق في أن يقولوا " لا سياسة في الدين " " ارتفاعا به فوق شئون الدنيا " باعتبار جهلهم العميق بأركان الدين وشموله لأبعاد الحياة الدنيا ودخائل الإنسان ؟
    وإذا كانوا في مقياس الحقيقة مخطئين في معنى السياسة فليس بالضرورة إن تكون السياسة مكيافيلية أفلا يكونون من باب أولى مخطئين في فهمهم لمعنى "الدين " فليس بالضرورة أن يكون الدين انسحابيا ؟

    وإذا كان شيخ الأزهر قد روج للعلمانية ضمنا في موقفه من فرنسا وهي تمنع الحجاب ، ثم في ترويجه لمصطلح ( فحيثما تكون المصلحة يكون حكمها – أي الشريعة - وحيثما تنتفي المصلحة ينتفي حكمها…) كما شرحنا في المقال السابق .. فإن بعض شيوخ الأوقاف قد أجازها صراحة بمنطق أنها بكسر العين تعني العلم ، وبفتحها تعني العالم وكلاهما مقبول إسلاميا !! ( في حديث بتليفزيون القاهرة بتاريخ 3\3 \ 2004)
    وشيخ الأوقاف أشبه في هذا بزعيم فيلسوف (!) يـُسأل عن الديموقراطية فيقول هي الحكم من فوق " الكراسي " ! أو هو أشبه ببابا الفاتيكان لو أنه افتراضا سئل عن الإسلام فقال إنه مقبول في نظر الكنيسة لأنه يعني السلام !!
    وبابا الكنيسة لا يمكن أن يفعل ذلك لأنه يدرك ما لم يدركه شيخ الأوقاف أو الزعيم الفيلسوف من أن الكلام عن المصطلحات إنما يرجع فيه إلى واضعيها ، ولو أردنا عربيا أن ننسب إلى العلم لقلنا علمية ، ولو أردنا أن ننسب إلى العالم لقلنا عالمية ، أما أن تنطق علمانية فخطؤها عربيا يعني أن نرجع إلى الذين نحتوها لنعرف منهم ماذا يريدون ؟

    إن لفظة العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة ( Secularism ) في الإنجليزية، أو(Secularite) بالفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ "العلم" ومشتقاته على الإطلاق. فالعلم في الإنجليزية والفرنسية معناه (Science) والمذهب العلمي (Scientism) والنسبة إلى العلم هي ( Scientific ) أو (Scientifique ) في الفرنسية.
    والترجمة الصحيحة لمفهوم العلمانية هي (اللادينية) أو (الدنيوية).
    تقول دائرة المعارف البريطانية مادة ( Secularism ) : (هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيهم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها).
    أما معجم أكسفورد فيشرح الكلمة بمعني : " دنيوي ، أو مادي، ليس دينيا ولا روحيا: مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنيسة. وبمعنى ألا يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية"
    وفي "المعجم الدولي الثالث الجديد" جاء شرح مادة: ( Secularism) على أنها: "اتجاه في الحياة أو في أي شأن خاص يقوم على مبدأ أن الدين أو الاعتبارات الدينية يجب ألا تتدخل في الحكومة، أو استبعاد هذه الاعتبارات استبعادا مقصوداً، فهي تعنى "السياسة اللادينية البحتة في الحكومة "
    وبالرجوع إلى معجم ويبستر فإن ( العلماني : يعني " الدنيوي أو اللاديني والأشياء الدنيوية المتمايزة عن الأشياء الروحية . والعلمانية : رؤية للحياة أو أي أمر محدد يعتمد أساسا على استبعاد الدين وكل الاعتبارات الدينية وتجاهلها ، ومن ثم فهي نظام أخلاقي اجتماعي يعتمد على أن المستويات والسلوكيات الاجتماعية يجب أن تحدد من خلال الرجوع إلى الحياة المعاشة والرفاهية الاجتماعية دون الرجوع إلى الدين )

    هذا وإن كان بعض الكتاب يحاولون فض الاشتباك بين الإسلام والعلمانية حيث يرجعون إلى تعريف معجم لاروس الفرنسي للعلمانية بأنها " فصل الكنيسة عن الدولة"séparation de l’Eglise et de l’Etat قائلين : إنه أدق تعريف لها وإذن فشأنها متصل بالكنيسة ولا شأن لها بالإسلام : ( لأنه – أي هذا التعريف – يضعها في سياقها الثقافي والاجتماعي، ويكشف عن حدودها الزمانية والمكانية، على خلاف التعريف المبهم الذي يستخدمه أنصاف المثقفين !! في الوطن العربي، حين يجردون العلمانية من سياقها التاريخي ويسبغونها بصبغة عالمية، فيعرفونها بأنها "فصل الدين عن الدولة".) إذا كان ذلك كذلك فإن التطبيق الواقعي لها في منبتها وتسويقها في بلادنا الإسلامية آل إلى وضع كلمة " الدين " موضع كلمة " الكنيسة" وحيث لا كنيسة للإسلام اخذوا يطالبون بإبعاد " الدين " عن الدولة في مختلف ممارساتها الخاصة بتنظيم شئون الحياة في السياسة والتربية والإعلام والثقافة والفن والعلم على السواء ، واسألوا أوربا وفي المقدمة منها فرنسا لماذا تمنع الحجاب ؟
    وهذا ما بدأ تطبيقه بتوسع مندفع منذ ما يقرب من قرن ، في بعض البلاد الإسلامية مثل تركيا ، وببطء محسوب في بلاد أخرى مثل مصر

    في تركيا التي نعرف ما حدث فيها للخلافة العثمانية التي تآمر الغرب على إسقاطها في بداية القرن العشرين بعد أن ظلت أكثر من أربعة قرون القلعة الشامخة التي تحمي المسلمين وتذود عنهم كلاب أوربا المسعورة وتبث الرعب في رجالها البغاة وتصل إلى مخادعهم لتملأها بكوابيس الذل والهوان
    صحيح أن هذه الامبراطورية الإسلامية كانت قد شاخت وسرت في جسمها أمراض الحضارات الكبيرة وأنها كانت في حاجة إلى دم جديد أو إلى مركز إشعاع إسلامي جديد لكن غير الصحيح هو ما تولى كبره الغرب في تآمره على توزيع ميراث هذا الرجل المريض ودفن دولة الإسلام الكبرى إلى الأبد باسم العلمانية وبـأيدي العلمانيين الخونة من زعماء تركيا
    ومن المضحك المبكي أن الزعيم التركي الذي تولى إنفاذ المؤامرة الذي أعطي لاحقا لقب " أتاتورك " أو " أبوالأتراك " قدم نفسه في البداية باعتباره منقذا للخلافة وللأمة الإسلامية ، وفي بيان أصدره بمناسبة افتتاح مجلس الأمة التركي عام 1920 قال : ( إن افتتاح المجلس في يوم الجمعة هو من أجل الاستفادة من بركة هذا اليوم !! وباشتراك جميع النواب في صلاة الجمعة بجامع " حاجي بيرام " سيؤخذ الفيض من نور القرآن والصلوات على الرسول ..سنبدأ من الآن في جميع أرجاء الوطن المقدس والجريح بقراءة القرآن والبخاري الشريف ، وستتلى الأسماء السلطانية من فوق المنابر في يوم الجمعة بعد الأذان ، وعندما تتلى الأسماء السلطانية لمولانا وسلطاننا وخليفتنا فستتلى الأدعية من أجل خلاص حضرته السامية ومن أجل خلاص بلده وخلاص رعيته وتحقيق السعادة لهم في أقرب وقت ) !!
    ولكنه بعد عامين فقط من هذا الكلام في عام 1922 أعلن أن تجربته أثبتت إمكانية الفصل بين السلطنة والخلافة ، وأن مجلس الأمة التركي يستطيع أن يمثل الحاكمية والسلطنة وبذلك تعود السلطنة إلى الأمة !!
    وكانت هذه هي الخطوة التمهيدية لإلغاء الخلافة بعد ذلك في شهر مارس من عام 1924 بالقوانين الثلاثة الشهيرة التي حملت أرقام 429 – 430 - 431 وينص أولها على إلغاء الخلافة وطرد الخليفة هو وأسرته من البلاد ، وينص الثاني على إلغاء وزارة الأوقاف وينص الثالث على أن تلحق المؤسسات العلمية والدينية بوزارة المعارف
    وتتابعت الخطوات بعد ذلك إلى حد الاعتداء على الإسلام نفسه
    ففي مذكرات علي كيليج أحد رجال أتاتورك أن قضية العلمانية أثيرت في اجتماعات مجلس الأمة في حضور مصطفى كمال فقام أحد العلماء من أعضاء المجلس وقال : " الكل يتحدث عن العلمانية ولكني لا أستطيع فهم معناها على وجه التحديد " عندئذ قاطعه مصطفى كمال بحدة وقال " إنها تعني أن نكون آدميين يا شيخنا آدميين " تماما كما يسخر أي علماني اليوم بمخاطبة رجل الدين قائلا بنبرة استخفاف " … يامولانا "
    وبينما كانت الدعوة إلى العلمانية تشتد فإن الحملة على الشريعة كانت تمضي معها في خط مواز – على حد تعبير الأستاذ فهمي هويدي - وكان مصطفى كمال هو الذي قاد تلك الحملة حيث بدأها بأن قال غامزا : ( إن الدين المتعلق بالضمير شيء والشريعة التي تريد أن يتجمد المجتمع وأمور الدنيا عند القرن السابع الميلادي (!!) شيء آخر ) . لاحظ أن العبارة تتردد بنصها الآن في أوساط العلمانيين . وأفضل منها ما تقوله أي راقصة محترفة ( أنا قلبي عمران بربنا ) !!
    ومما قال أيضا : ( إن التشريع والقضاء في أمة عصرية يجب أن يكونا مطابقين لأحوال الزمان والمكان ) لاحظ أن العبارة تتردد بنصها الآن في أوساط بعض المفتين
    أما وزير العدل في حكومته محمود أسعد فقد هاجم الشريعة ووصفها بأنها قانون الصحراء – قارن هذا بمقالات أحمد عبد المعطي حجازي عن الموازنة بين الحضارة الزراعية بمصر وثقافة الصحراء التي يحملها ( المتشددون ) في الإسلام : الأهرام 18\5\1988
    وقال أتاتورك أيضا وهو في سياق الزحف نحو إلغاء الشريعة في بلد الخلافة الإسلامية : ( إن الشعب التركي جدير بأن يفكر بنفسه دون أن يتقيد بما فكر فيه غيره من قبله ، لقد كانت كل مادة من مواد كتبنا القضائية تبدأ بكلمة قال " المقدسة " أما الآن فلا يهمنا أصلا ماذا قالوا في الماضي ، بل يهمنا أن نفكر نحن ، وأن نقول نحن ، وقد شاعت في أنقرة عبارة تقول " لا نريد شرعا فيه قال وقالوا ، لكنا نريد شرعا فيه قلنا ونقول . ! )
    ومن المقصود بـ " قال المقدسة تلك " ؟
    فإذا كانت الشريعة تحتوي " قال الله ، وقال الرسول ، وقال الشيخ فلان ؟ فأيها المقصود ؟

    وهكذا تم إفراز القانون المدني الجديد الذي جاء ترجمة للقانون المدني السويسري ، البديل الذي حل محل الشريعة الإسلامية ، وقد اعتبره أتاتورك تحقيقا للنصر النهائي في سبيل المدنية في عصر تأسيس الجمهورية
    وقد واجهت الكماليين في القانون السويسري مشكلات : منها أنه يحرم زواج الإخوة من الرضاعة استنادا إلى اجتهادات الكنيسة الفرنسية ، فعرضوا الأمر على أتاتورك الذي أغضبه هذا التماثل مع الشريعة الإسلامية ، مما دفع ناقلي القانون إلى إلغاء هذا الحظر والسماح للتركي بأن يتزوج أخته من الرضاع إمعانا في رفض الشريعة الإسلامية !!
    في هذا الصدد يعلق الكاتب الفرنسي موريس برنو قائلا ( إن الكماليين عندما استبعدوا الشريعة وظنوا أنهم تخلصوا من عبء كلمات مثل قال وقالوا فإنهم لم يفعلوا أكثر من استعارة القانون المدني السويسري لتطبيقه ، غير مدركين أنه ينبع من مصدرين : أحدهما روماني والآخر مسيحيي ، أي انهم استعانوا بقانون له مصادره الأقدم عهدا من الفقه الإسلامي ) !!
    فانظر كيد القدر بمن يكيدون لشريعة الله .
    لم يقف جهد أتاتورك وجماعته عند هذا الحد – على حد تعبير الأستاذ فهمي هويدي - ولكن الأمر تجاوز تعطيل الشريعة إلى دوائر أخرى : حولت الخلافة إلى دائرة صغيرة تابعة إلى وزارة الداخلية ، وأغلقت كل مدارس التعليم الديني ، وكل التكايا والزوايا والأضرحة ، ومقار الطرق الصوفية ، وألغيت أعياد الفطر والأضحى لعدة سنوات ، ومنع أداء فريضة الحج ، ومنع الأذان باللغة العربية ، واستمر هذا االمنع حتى عام 1950 أي بعد وفاة أتاتورك
    وطرحت فكرة ترجمة القرآن بالتركية لتكون الصلاة بها ولكن لم يكتب لهذا الاقتراح أن ينفذ وألغيت عطلة الجمعة أيضا ، واستبدل بها الأحد
    ومنع الحجاب ومنع تعدد الزوجات وأبيح زواج المسلمة بغير المسلم
    وصدر قانون يمنع ارتداء الطربوش و استبدال القبعة به التي كان الناس يعتبرونها لباس أهل الكفر لأن حافة القبعة تحول دون السجود في الصلاة
    وتقرر إلغاء الحرف العربي واستبدل به الحروف اللاتينية
    وصار ذكر الشريعة من المحظورات التي يعاقب عليها القانون بالسجن 12 عاما وكان المتحدثون يتحايلون على ذلك بالإشارة إليها باسم "الحق " أو وجدان الأمة !! " مللي شعور "
    وكانت الذروة للالتحاق بالغرب أن طلب أتاتورك وهو على فراش المرض قبل وفاته من السفير البريطاني في أنقرة أن يخلفه في حكم تركيا ؟ ! طبقا لما أعلنته صحيفة الصنداي تايمز بعددها بتاريخ 14\2\1968 نقلا عن ابن السفير البريطاني الأسبق السير بيرسون ديكسون . المصدر مقال الأستاذ فهمي هويدي بجريدة الأهرام ، وكتاب " الصنم " لضابط تركي ترجم إلى العربية في السبعينات وطبع في بيروت والكويت ، وكتاب " النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة " لشيخ الإسلام في عهد السلطان عبد الحميد الشيخ مصطفى صبري طبع القاهرة عام 1950 و 1985

    هذا هو أتاتورك الذي جرى ترويج زعامته بمصر دعما للاتجاهات العلمانية بها ، والذي مدحه الغرب على نحو ما تقول فيه الكاتبة الإنجليزية جراس إليسون في كتابها " تركيا اليوم " ( إن القدر قد ارتفع به إلى أعلى ذروة في بلاده ، ولكنك لا تلمح عليه أنه صاحب مطامع شخصية أو خاضع لأية رغبة في المال أو الأسرة أو الأسرة ، ولو تسنى بقاء السلطان لبقي على عرشه فقد رجاه مرة أن يتقدم بنفسه ليتسلم أزمة الأمور ، ولما ألقى إليه الشعب الشاكر مقاليد السلطنة والخلافة رفضها بتاتا على إخلاص الشعب وجده في اقتراحه ) أليس تعليقا مضحكا هو من شر البلية ؟ وهل غاب عن الكاتبة الموقرة أن الرجل إنما جاء لهدم السلطنة والخلافة أصلا ؟
    ويقول فيه عباس محمود العقاد وهو بصدد الطعن في النظم الدكتاتورية والترويج للديموقراطية ( ومصطفى كمال بعد : عالم في فنه ، مطلع واسع الاطلاع على سير القادة والعظماء خطيب فصيح ، وكاتب أديب ، وسائس موفق السياسة ، ومصلح بصير بدخائل النفوس ومواقع الإصلاح ، ورجل اجتماع مستظرف الكياسة ، وإنسان تشرف به الإنسانية ، ويعد في الذروة العليا بين الرجال العاملين . إلى مثل هذه الزعامة تحتاج الأمم . لأن الأمم لا تطلب الزعماء إلا لينهضوا بها فوق ضعف الحرص والضرورة ، وفوق كل الشهوات الباطلة والعروض الزائلة ) ياسلام !! أنظر كتاب " الحكم المطلق " لعباس محمود العقاد مطبعة البلاغ ص 43 – 44
    هكذا تضلل الشعوب
    وهكذا تتسلل العلمانية في سياق هذا التضليل
    وهكذا سقطت تركيا معقل الخلافة العثمانية والدولة الإسلامية في حظيرة العلمانية ، وانفرط عقد الشعوب الإسلامية المعقودة حباتها بها وتداعت الأكلة الناقمة المنهومة إلى قصعتها الثرية .
    وهكذا تتم المؤامرات التاريخية فاضحة لذيولها من المتسترين عليها تحت غطاء الاستخفاف بما يسمونه ساخرين " نظرية المؤامرة "
    وإلى هذا التضليل الذي لم يقابل من الشعوب بوعي مناسب ولم يقاوم بجدية كافية .. ينتسب تاريخ اضمحلال المسلمين – جزاء وفاقا - في القرن العشرين والذي بعده : بدءا من دم الخليفة مرورا بدم التركي والمصري والمغربي والبلقاني والشامي والفلسطيني والعراقي وصولا إلى دماء الشهداء المخلصين القادمين من بعد

    يتبع

  2. افتراضي

    مقال رائع بحق .
    أحسنت يا أيها الصياد الماهر!
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مارية القرشي
    مقال رائع بحق .
    أحسنت يا أيها الصياد الماهر!
    نعم اخى هو مقال رائع والاروع منه كاتبه فقد وجدت موقعه بعد ان دلنى عليه احد الاخوة ووجدت فيه مقالات عديدة قيمة عن العلمانية وبيان بطلانها وان شاء الله انقلها كلها ونتمنى من الادارة لو تراسل هذا الدكتور فمقالاته فعلا قيمة وسوف يكون مكسب كبير لنا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هذا ما بدأ تطبيقه بتوسع مندفع منذ ما يقرب من قرن ، في تركيا ، وكان قد بدأ من قبل ولكن ببطء محسوب في مصرما يزال يجر ذيوله حتى اليوم
    دخلت بوادر العلمانية مصر – كما يقول الدكتور السيد أحمد فرج- ( مع الحملة الفرنسية ومن يومها عششت في أرضها ولم تخرج أبدا ، تثيرها أحداث فتظهر في ميادان الفكر الديني والسياسي ، وتحجبها أحداث فتختفي إلى حين تظهرها أحداث أخرى وهكذا ، وقد يختلف الشكل الذي تظهر به في كل مرة ولكن الغاية واحدة دائما ") جذور العلمانية ط 3 ص3
    ووصف أرنولد توينبي محمد علي بأنه كنابليون " علماني أراد أن يقيم دولة علمانية " جذور ص 11
    وينسب الشيخ محمد عبده إلى محمد علي مواقف اشتباه بالعلمنة لا تحسب للدين على الأقل فيقول إنه ( أطلع نجم العلم في البلاد ، ولكنه لم يفكر في بناء التربية على قاعدة من الدين والأدب .. أو وضع حكومة منظمة يقام بها الشرع ويستقر العدل )
    ثم يقول : ( وقد لا يستحيي بعض الأحداث من أن يقول : إن محمد علي جعل من جدران سلطانه بنية من الدين .. فليقل لنا أحد من الناس : أي عمل من أعماله ظهرت فيه رائحة للدين الإسلامي .. إلا مسألة الوهابية ، وأهل الدين يعلمون أن الإغارة فيها كانت على الدين لا للدين
    نعم أخذ ما كان للمساجد من الرزق ، وأبدله بشيء من النقد يسمى فائض روزنامة لا يساوي جزءا من الألف من إيرادها ، وأخذ من أوقاف الجامع الأزهر ما لو بقي له اليوم لكانت غلته لا تقل عن مليون جنيه في السنة ، { } وقرر له ما يساوي أربعة آلاف جنيه في السنة ، وقصارى أمره في الدين أنه كان يستميل بعض العلماء بالخلع ، أو إجلاسهم على الموائد .. أما أفاضل العلماء فقد كانوا عليه في سخط ماتوا عليه ) جذور ص 33 نقلا عن مجلة المنار 5\5\175 - 183
    وابحث عن ميزانية الأزهر اليوم وضاعفها ألف مرة لتعلم مدى الضربة التي وجهت إليه والتي ما يزال يعاني أثرها القاتل حتى اليوم إذ حولته موضوعيا إلى جهاز خاضع للسلطة ولو كانت علمانية . فهل أدرك أواعترض أحد من أجداد من يعيرونه اليوم بتبعيته للسلطان ؟
    لكن ما الفرق بين موائد محمد علي ، وموائد المندوب السامي البريطاني اللورد كرومر ، وموائد الأحزاب العلمانية من بعد ؟ ولحساب من يكون هذا الفرق ؟

    استمر هذا التيار الذي أراده محمد علي قرابة أربعين عاما ، ثم توقف قليلا حتى جاء عهد سعيد 1854 م ، وهي السنة التي دخل فيها المبشران الأمريكيان مكاج وبارنت مصر ليبدآ نشاط الإرساليات الأمريكية
    وأهدى سعيد 1862 للإرسالية الأمريكية مبنى كبيرا ليباشروا فيه نشاطهم ، فمنحوه لقب " الأمير الطيب المستنير " واستمرت هذه الإرساليات في ظل الحكومات العلمانية التي تدعمها القوى العلمانية الأوربية ،
    وجاء إسماعيل بعد سعيد فألغى المحاكم الشرعية واستبدل بها القانون الفرنسي الجنائي والمدني الذي ترجمه قلم الترجمة برئاسة رفاعة الطهطاوي عام 1863
    وفي هذا العهد طور المبشرون جهودهم في خدمة الفكرة الاستعمارية في العصر الحديث مما دعا الاستعماري الإنجليزي بيتر سميث أن يقول في بداية القرن العشرين ( " باءت الحروب الصليبية بالفشل ولكن حادثا خطيرا حدث بعد ذلك فقد بعثت انجلترا بحملتها الصليبية الثامنة ، وفازت في هذه المرة " ولهذا سميت حملة اللنبي على القدس أثناء الحرب العالمية الأولى في الكتابات الغربية بالحملة الصليبية الثامنة أو الأخيرة ) أنظر " الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية " للدكتور وليم سليمان ، نشر وزارة الثقافة دار الكاتب العربي - ص 18
    ومنذ ذلك الوقت سار التبشير والاستعمار والعلمانية جنبا إلى جنب .
    وفي دراسة له نسب الأستاذ الدكتور عزت قرني - - إلى رفاعة الطهطاوي " علمانية المقصد" ، ورفاعة هو رجل الأزهر الذي بعثه محمد على إلى فرنسا ثم عاد ليقوم بدور مرموق في مجال التشريع والتوجيه ، وبالرغم من هذا الوصف " علمانية المقصد " فإن الدكتور عزت قرني يحتفظ له بالتمسك بعرى الدين قائلا : ( فهذا الرجل العلماني المقصد !! " محترم " للدين !! و " موقر" لشرائعه !! ومندد بالمظالم ، ولكنه موظف كبير عايش محمد علي وإبراهيم وعباس وسعيد وإسماعيل ورضي عنه معظمهم ، وأنعموا عليه الرتب والتشريفات وألحقوها بإقطاعات هامة حتى ترك لورثته عند وفاته ما يزيد على الألف وستمائة فدان ) !!! جذور ص12- و 37 نقلا عن عزت قرني ، العدالة والحرية في فجر النهضة الحديثة سلسلة عالم المعرفة بالكويت ط 1980 ص103
    وهكذا فإن الدكتور عزت ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد : شكك في تعارض العلمانية مع الإسلام ، كما شكك في " ذمة " الطهطاوي

    أما الدكتور محمد عمارة فينفي القول باتجاه مصر إلى العلمانية في عهد محمد علي إلى إسماعيل .. باستثناء شواهد عن تزايد النفوذ الأجنبي تحت ضغط الدول الاستعمارية ، وبوادر في القضاء الأجنبي ، مستشهدا بتعليق للقاضي الهولندي " فان بملين " بالمحاكم المختلطة إذ يقول عن القضاء القنصلي : ( إنه وليد الاغتصاب الواقع من الأقوياء على الضعفاء ) كما يقول عن قضاء المحاكم المختلطة وكان قاضيا بها ( إنه ركن قوي من أركان السيطرة الأوربية على مصر )
    ثم يتساءل الدكتور محمد عمارة : ( فأين هي علمانية مصر في عهد إسماعيل ؟ إن إسماعيل لم يرد لمصر أن تكون قطعة من أوربا وإنما الذي فرض ذلك عليه هو الاستعمار .. وإن قانون مصر وقضاءها لم يتحول إلى العلمانية على عهد الخديوي إسماعيل .. وما الاختراق الجزئي الذي تمثل في المحاكم القنصلية والمختلطة إلا اغتصاب استعماري لجزء من السيادة الوطنية في مؤسسة التشريع والقضاء )
    ثم يقول : ( ولم يكن الطهطاوي وأعلام مصر في عهد إسماعيل بالعلمانيين الذين يخونون شريعة الأمة ومنظومتها القانونية ، وهم رغم ترجمتهم لقانون نابوليون كانوا المدافعين عن جدارة فقه المعاملات الإسلامي بتنظيم المعاملات الحديثة .. والساعين لتقنين هذا الفقه تقنينا حديثا محاولين بذلك مقاومة العلمانية التي كانت سلاحا من أسلحة الغزو الاستعماري الزاحف على بلادنا في عصر إسماعيل )

    وإذا كان الدكتورمحمد عمارة ينفي علمانية هذه الشخصيات فإنه لا ينفي البوادر العلمانية التي بدأت تتسلل في عهدهم شيئا فشيئا على يد الاستعمار
    وهو يقرر في الوقت نفسه أن الأحداث تلاحقت بعد ذلك ، وشهدت الساحة المصرية سباقا محموما بين القوى الوطنية وبين الاستعمار الغربي الذي سعى لاغتصاب مصر اغتصابا كاملا
    فلما هزمت الثورة العرابية واحتلت إنجلترا مصر في سبتمبر 1882 نهض الاستعمار الإنجليزي ممثلا في اللورد كرومر ( 1841 – 1917 ) بتوسيع ثغرة العلمانية التي حدثت في عصر إسماعيل ، وكان الانقلاب العلماني الحقيقي الشامل الذي عمت به البلوى في قانون مصر وقضائها
    وكان لا بد لهذا الواقع العلماني الذي زرع في مصر من فكر" يبيض " وجهه ويحسن صورته ويدعو إلى تعميمه في ميادين الثقافة والتعليم ، وهو الدور الذي لعبته مدرسة المقطم من أمثال : يعقوب صروف وشاهين مكاريوس وفارس نمر وشبلي شميل ونقولا حداد وجورجي زيدان وفرح انطوان
    وشيئا فشيئا اتسع نطاق هذه المدرسة ليضم عددا من الكتاب والمفكرين المصريين وكان من أبرز هؤلاء الكتاب سلامة موسى ( 1888- 1958 ) وتلاميذه في جانب وأحمد لطفي السيد باشا وتلاميذه في جانب آخر ) أنظر محمد عمارة " العلمانية ونهضتنا الحديثة " ص 114- 145- 152

    وينسب بعض الباحثين إلى الشيخ محمد عبده رفضه للعلمانية طبقا لكتابه " الإسلام دين العلم والمدنية " وهذا بديهي لمثله ، ومن ذلك قوله في رده على هانوتو ( إني أعرف ما سردته لي عن تاريخ السلطتين الدينية والسياسية في أوربا .. ولكن ذلك مستحيل في الشرق ولا سيما في الحكومات الإسلامية ، والذين يقولون به من الأجانب ليسوا إلا خصوما للمسلمين لاعتقاد هؤلاء أن في فصل السلطتين ضعفا ترومه أوربا لتنال بغيتها منهم ) أنظر " الإسلام دين العلم والمدنية " للإمام محمد عبده ، عرض وتحقيق وتعليق طاهر الطناحي نشر دار الهلال غير مؤرخ ص 46

    ومع هذا فإن آخرين ينسبون إلى اللورد كرومر كيف اتخذ الشيخ تكأة لسياسته في توطين العلمانية بمصر ، وقد جاء ما يفيد ذلك في تقرير اللورد كرومر لسنة 1905 الذي كتبه بمناسبة وفاة محمد عبده وجاء فيه ما ترجمته ( والأيام وحدها هي التي ستكشف عما إذا كانت الآراء التي تعتنقها المدرسة التي تزعمها الشيخ محمد عبده سوف تستطيع التسرب إلى المجتمع الإسلامي ، وأنا شديد الرجاء في أن تنجح في اكتساب الأنصار تدريجيا ، فلا ريب أن مستقبل الإصلاح الإسلامي في صورته الصحيحة المبشرة بالآمال يكمن في هذا الطريق الذي رسمه الشيخ محمد عبده ، وإن أتباعه ليستحقون أن يعاونوا بكل ما هو مستطاع من عطف الأوربي وتشجيعه ) ومما جاء بتقريره المشار إليه أن اتباع الشيخ محمد عبده يقفون في منتصف الطريق بين الطرفين المتناقضين وهما " المحافظون من المسلمين الذين يتمسكون بالأساليب القديمة في كل شأن من الشئون ويصرون على ذلك ، كما أنهم من ناحية أخرى تفصلهم هوة واسعة عن ذلك النفر من المتفرنجين الذين لم يبق لهم من إسلامهم إلا الأسماء )
    ولعل هذه النقطة " المنتصف " بالإضافة إلى ما كان من نشاط الشيخ الاجتماعي والسياسي المشهود في أروقة المتفرنجين وقوة صلته باللورد كرومر ورجال السفارة هي التي جعلت الشيخ موضع الشبهة ، وهدفا للسهام تنهال عليه ولا تزال من الطرف الأول . ساعد عليها أن كان الشيخ شديد الطعن في رجال الأزهر الذي كان يطلق عليه وصف " الاصطبل " و " المخروب " و" المارستان " وهم عادة من الطرف الأول . (!!) أنظر الدكتور محمد محمد حسين في كتابه " الإسلام والحضارة الغربية نشر مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة السابعة لعام 1985 ص80 - 81

    ومهما يكن فمع جهود المعارضين للعلمانية تفوق دعاة العلمانية ، لأن خطتهم كانت واضحة ومدروسة ومستمرة استمرار الزحف الصليبي " فوق الألفي " بينما كانت خطط الإسلاميين وليدة الأحداث ، تظهر كردود فعل وقتية ثم تخبو وتختفي كأن لم تكن ، ونجحت من ثم خطة الاستعمار والمبشرين في فصل الدين ( الإسلامي ) عن السلطة السياسية بدون جلبة ولا ضوضاء

    وقد بلغت هذه الخطة ذروتها على يد اللورد كرومر في مصر الذي ( بدأ حملته في أواخر 1906 منددا بالمصلحين الإسلاميين الذين أظهروا ميلا إلى إيقاظ العالم الإسلامي - ومعترفا في تقرير له نشرته مجلة المنار - بأن الحركة الوطنية المصرية في وقته مصبوغة صبغا شديدا بصبغة الجامعة الإسلامية ، ذاهبا إلى أن المقصود بالجامعة الإسلامية بوجه الإجمال : اجتماع المسلمين في العالم كله على تحدي قوات الدول المسيحية ومقاومتها ، مقررا أن الحركة الإسلامية تستلزم السعي في إصلاح أمر الإسلام على النهج الإسلامي ، وبعبارة أخرى السعي في القرن العشرين في إعادة مبادئ وضعت منذ أكثر من ألف سنة (!!) لهيئة اجتماعية في حالة من الفطرة والسذاجة .. مناقضة لأهل هذا العصر ) جذور ص 44 – 46 - 49 نقلا عن تقرير له نشرته جريدة المنار 10\214 – 218 ‍
    وتصدى الشيخ محمد رشيد رضا للرد على مزاعم كرومر الواردة في هذا التقرير وإن كان الشيخ رشيد رضا قد بدا منهزما في رده نافيا تفكير المصلحين في الجامعة الإسلامية ، راجعا بهم إلى محض الدعوة الوطنية السياسية " ولم تفتأ هذه الدعوة أن علا صوتها شيئا فشيئا من تركيا ذاتها حيث أدت إلى تمزيق دولة الخلافة ، ولقد أدى ذلك التطور إلى الأدنى – وفقا لرأي الدكتور السيد فرج - من فكرة الجامعة الإسلامية إلى فكرة الوطنية إلى حدوث أمرين خطيرين وكان كلاهما ذا قوة سلبية مدمرة للأمة الإسلامية
    أولهما : أن وقف المسلم العربي في وجه المسلم التركي فيما بعد في الحرب العالمية التي أدارها الاستعمار الغربي خصمهما معا
    ثانيهما : أن تلقف المثقفون العرب المسيحيون وتبعهم المسلمون وكلهم علمانيون الفكرة الوطنية فرفعوا أصواتهم يرددون أن الوقت لم يعد مناسبا لرابطة إسلامية . جذور ص 48- 49

    وقامت تيارات الماسونية والتبشير والتعليم والبعثات التعليمية والصحافة بتعبيد الأرض لبذر بذور العلمانية وتعهدها بالرعاية والتطبيق
    تيار الماسونية التي يقول عنها الشيخ رشيد رضا ( لم يكن لها من ثمرة إلا إعداد النفوس لفصل السياسة والحكومة من الدين ، والاستغناء عن الشرع بالقوانين ، والمؤاخاة بين المسلمين وغيرهم وموالاتهم لهم ) مجلة المنار 15\33

    وتيار التبشير الذي بلغ عدد الأمريكيين المنخرطين في مؤسساته في أنحاء العالم 27733 طبقا لإحصاء عام 1958 – د وليم سليمان مرجع سابق ص 54 –
    وجاءت مهمة مجلس الكنائس العالمي الذي يحركه رئيسه الفخري العلماني الأمريكي جون رالي موط من أجل العمل وفقا للخطة الاستعمارية في " إبعاد الدين عن الحياة في البلاد الإسلامية من كل مشاركة أو اقتراب في الحياة السياسية أو الاجتماعية او الاقتصادية إبعادا تاما قبل اهتمامهم بالتبشير بالدين المسيحي " . جذور العلمانية ص 53-54

    وتيار المدارس التي أنشأها الأوربيون في أنحاء بلاد الخلافة العثمانية والتي اعترف المبشرون بأهميتها في تربية الأجيال الجديدة من المسلمين على تقبل الأفكار العلمانية ، وظهر ذلك الاعتراف في مؤتمرهم الذي عقد في عاصمة الدولة العثمانية في العقد الثاني من القرن العشرين ، وقد نشر هذا الاعتراف في مجلة " العالم الإسلامي " التي يحررها هؤلاء المبشرون باللغة الإنجليزية والفرنسية وقد جاء فيه ما نصه : ( اتفقت آراء سفراء الدول الكبرى في عاصمة السلطنة العثمانية على أن معاهد التعليم الثانوية التي أسسها الأوربيون كان لها تأثير كبير في حل المسألة الشرقية ، يرجح على تأثير العمل المشترك الذي قامت به دول أوربا كلها ) جذور العلمانية للدكتور السيد فرج ص 31 نقلا عن المنار للشيخ رشيد رضا 12\824

    وكما كان للمدارس المحلية المتفرنجة فقد كان للبعثات التعليمية للخارج دور شديد الأهمية
    وكما يقول الدكتور السيد أحمد فرج : شهدت العشرينات من القرن العشرين في مصر أعنف موجة ثقافية تعمل للانسلاخ الكامل من الإسلام ، وقد تزعمها المثقفون الذين تربوا تربية أوربية وتثقفوا بثقافة غربية في معاهد العلم الإنجليزية والفرنسية ، وكان من الطبيعي أن يعود هؤلاء الشباب بعد تعليمهم في انجلترا وفرنسا بآراء حديثة ، تتمثل في التحرر الفكري ، وتتجه بأنظارها إلى هذه الدول الأوربية كمثل أعلى تحاول تقليده ، وأكملت هذه المجموعة من الجيل الناشئ مجهودات بعثات التبشير والبعثات العلمانية التي كانت تعمل داخل الإقليم منذ سنوات ، وأصبح اتجاه الجامعة الإسلامية بالنسبة إليها يعد تقليديا أو قديما ، ويمثل حركة رجعية ترجع بالأمة إلى بضعة قرون ، وتزايد من ثم الشعور بفكرة الوطنية أو القومية

    وهكذا قامت هذه التيارات من الماسونية والتبشير والمدارس المتفرنجة والبعثات التعليمية للخارج بدور هام في تنفيذ الخطة التي كان من المفترض أن تقوم على التسلل شيئا فشيئا بهدوء ودون جلبة أو ضوضاء في تونس ومصر خلافا للطريقة الجافة المتسرعة التي تم بها العمل في تركيا
    ففي تونس ، يقول هانوتو وزير خارجية فرنسا في مقاله الشهير الذي رد عليه الشيخ محمد عبده : ( تمكنا بواسطة ما أدخلناه من التعديلات الطفيفة شيئا فشيئا من التداخل في شئون البلاد والقبض على أزمتها بدون شعور من أهلها وقام بإعمال هذا التغيير والتبديل وهذا النسخ والتحويل عدد قليل من الموظفين التونسيين ) ويستطرد هانوتو قائلا ( إذن يوجد الآن بلد من بلاد الإسلام قد انفصم الحبل بينه وبين البلاد الإسلامية الأخرى شديدة الاتصال ببعضها ، إذن توجد أرض تنفلت شيئا فشيئا من مكة ومن الماضي الإسلامي .. أرض يصح أن تتخذ مثالا يقاس عليه ) جذور ص 51 نقلا عن د سامي عزيز في كتابه الصحافة المصرية ص 101
    وما فعله الفرنسيون في تونس فعله الإنجليز في مصر يقول اللورد كرومر ( على الإنجليز مهمة كبرى هي محاولة ربط مصر بهم ، وصبغها بصبغتهم أو الصبغة التي ترضى فيما بعد أن تكون البلاد جزءا لا يتجزأ من الدولة البريطانية ، كل هذا دون إثارة إحدى الدول ، ودون عنف ، ودون اتخاذ إجراءات قاسية ، ولكن بهدوء وصبر وطول أناة … وبالمصريين المتربين تربية أوربية ) جذور ص 52 نقلا عن د سامي عزيز – الصحافة المصرية ص 224 ، واللورد كرومر : عباس حلمي مطبعة محمد محمد مطر ص 46

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وقامت الصحف والمجلات الخادمة لأغراض الاستعمار بدورها الظاهر في بذر بذور العلمانية
    فبالإضافة لمؤسسة المقطم المسيحية كانت الصهيونية قد أنشأت لها جرائد ومجلات في مصر تمهد لاحتلال فلسطين قبل انعقاد مؤتمر بال عام 1897 مثل : جريدة الحقيقة 1889 ومجلة الزراعة 1890 ومجلة نهضة إسرائيل عام 1890
    وظهرت المجلات التي أصدرها أصحاب دار المقطم - مجلة المقتطف العلمية 1885 ومجلة اللطائف الأدبية 1886 وصحيفة المقطم السياسية 1889 - والتي تربى أصحابها الثلاثة في أكبر مدرسة تبشيرية في الشرق في ذلك الحين وهي الكلية الأمريكية في بيروت ، واقترن أحدهم وهو فارس نمر بابنة قنصل انجلترا بالإسكندرية ، وسافر إلى انجلترا واجتمع بكبار السياسيين فيها ، وشرب أفكارهم قبل إصدار جريدة المقطم بعام ليبثوا فيها الأفكار العلمانية التي يجب أن ينفثها للمصريين – انظر سامي عزيز في كتابه : " الصحافة المصرية وموقفها من الاحتلال الإنجليزي نشر دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ص 97 –

    وقد بذر هؤلاء بذورهم العلمانية على أساس الضرورة والمصلحة وأنها تحتم على المصريين أن يرتبطوا بالغرب ، وأن يأخذوا بكل ما يقدمه الأوربيون من خير للمسلمين ، ثم انتقل هذا الرأي إلى المسلمين ، وانتشر بينهم في صورة مبدأ التوفيق بين " الإسلامية والأوربية " الذي استخدمه الصحفيون المسلمون بعد الصحفيين المسيحيين ليكون ذريعة لهم في تملق الاستعمار والتعاون معه والدعوة لمبادئه ، حتى تكون رأي عام يرى أنه لا خطر على البلاد من هذا التقليد ، بل على العكس يكمن فيه سر تقدم البلاد ومدنيتها
    واستعانت إحدى هذه الصحف بعناوين لمقالاتهم من آيات قرآنية لتخدم أغراض المحتلين كقوله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " !! " ومما جاء بأحد مقالاتهم : ( أن عقلاء الأمة والخبيرين منهم بأغوار السياسة لا يكرهون احتلال الإنجليز ، لا حبا في ذاتهم ولكن لما يرونه من المنافع لبني جنسهم مما يحصل بأيدي الإنجليز ، ودفع المضرات التي لا يمكن دفعها بدونهم ) أنظر سامي عزيز المصدر السابق ص 139
    ولقد أثرت هذه النزعة كما يقول الدكتور السيد فرج في الصحافة المصرية التي يحررها مسلمون ، فبعد ربع قرن من هذه الدعوة للمصريين بضرورة موالاة المحتلين الغربيين للمصلحة نادى من أطلقوا عليه أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد باشا بضرورة نبذ فكرة الإسلامية ، نبذا تاما بدافع المصلحة أيضا وذلك في جريدته " السياسة " في يناير 1912 ، داعيا إلى عدم معاونة بعض المسلمين الذين بدأوا في جمع المساعدات لأشقائهم في ليبيا الذين وقعوا تحت الاستعمار الإيطالي ) جذور العلمانية ص 56 - 61 ، نقلا عن مجلة المنار 15\34
    وأخذ يندد بمن سماهم البلهاء من المجاهدين ومن قدموا المعونة لليبيين ، وفي مقدمتهم عزيز المصري وعبد الرحمن عزام ، وفاجأ الناس بسلسلة مقالات في الجريدة التي كان يصدرها ويملكها بعنوان " سياسة المصالح لا سياسة العواطف " ورأى فيها أن من مصلحة مصر نبذ الليبيين ، وعدم معادة الإيطاليين ، وأن مصلحة مصر تناقض مصالح شقيقاتها العربيات ، وكان من أسوأ ما جاء في هذه الجريدة استنكاره ( للحركة الحاضرة بمصر – آنذاك – لأن إعانة ليبيا على حرب إيطاليا قد ظهرت بشكل الجهاد الديني وهذا خطأ ضار بمصر ) جذور العلمانية ص 74-75 ، نقلا عن مجلة المنار 15\34 متجاهلا شعار الجندي الإيطالي في هذه الحرب : ( سأبذل دمي في سبيل محو هذه الأمة ، ولأحارب الديانة الإسلامية التي تجيز البنات الأبكار للسلطان ، سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن ) أنظر الأمير شكيب أرسلان " لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم " ، نشر دار مكتبة الحياة في بيروت ط 1965 ص 52
    وغالى لطفي السيد وجيله في نبذ الإسلامية والدعوة إلى الوطنية ، فقال في عام 1913 ما يقوله بعض القوميين والوطنيين اليوم ( كان من السلف من يقول بأن أرض الإسلام وطن لكل المسلمين ، تلك قاعدة استعمارية !! تتمشى مع العنصر القوي الذي يفتح البلاد باسم الدين …. أما الآن فلم يبق إلا أن يحل محل هذه القاعدة المذهب الوحيد .. مذهب الوطنية ) جذور ص 75 نقلا عن محمد جابر الأنصاري – تحولات الفكر في الشرق العربي من 1930 – 1970 ص 120 سلسلة عالم المعرفة الكويت 1980
    وعمل لطفي السيد بكل طاقته لحذف فكرة الإسلامية من أذهان المسلمين بمصر ، وكان يقدمها كمثال في هذا المجال فيقول : ( إن أول معنى للقومية المصرية وتحديد الوطنية المصرية يكون في الاحتفاظ بها والغيرة عليها غيرة التركي على وطنه والإنجليزي على قوميته ، لا أن نجعل أنفسنا وبلادا أخرى على المشاع وسط ما يسمى خطأ بالجامعة الإسلامية ، ) جذور 75 نقلا عن احمد لطفي السيد – " مبادئ في السياسة والأدب والاجتماع " كتاب الهلال أغسطس 1963 ص 126
    ومن اللافت للنظر أن كان لطفي السيد من طليعة الباشوات الذين أيدوا ثورة 1952 بالرغم مما بدر منها من طابع استبدادي

    وفي هذا السياق نشأت طبقة الباشوات المثقفين المتفرنجين من أمثال : سعد زغلول وعلى عبد الرازق ، ومحمد حسين هيكل ، وقاسم أمين ، وطه حسين الذي يقول في مقال نشرته جريدة كوكب الشرق عام 1933 ( إن المصريين قد خضعوا لضروب من البغض ، وألوان من العداوات ، جاءتهم من الفرس واليونان ، وجاءتهم من العرب ) محمد جابر الأنصاري مرجع سابق ص 1329
    هكذا قــُدر – كما يقول الدكتور السيد فرج – : ( أن يتسرب الضعف والانهيار الكامل لفكرة " الإسلامية " حتى لم يعد جماهير المسلمين أنفسهم يأبهون بها ، وقامت الثورات العربية ضد الاستعمار الغربي ولم يكن طابعها إسلاميا ) ص 76

    ويجتهد الدكتور محمد عمارة في نفي ما يزعم من أن سعد زغلول كان علمانيا وينقل عن سكرتيره استنكاره لكتاب " الإسلام وأصول الحكم " لعلي عبد الرازق ، واتهامه لصاحبه بالجهل ، وموافقته على قرار هيئة كبار العلماء بإخراجه من زمرة علماء الأزهر ، يقول سعد زغلول ( فذلك أمر لا علاقة له مطلقا بحرية الرأي التي تنعيها " السياسة " ) والمقصود جريدة " السياسة " التي يرأسها أحمد لطفي السيد الخصم السياسي لسعد زغلول ويستمر سعد زغلول بما يعتبر اعتراضا قويا على القول بعلمانية الإسلام قائلا : ( إن الإسلام دين مدني ودين حكم .. ولا يزال حتى اليوم مصدر الأمن والطمأنينة للذين يحكمون بالإسلام .. وأن القول بالعلمانية لهو هدم لقواعد الإسلام الراسخة .. ) ؟! نقلا عن كتاب " سعد زغلول ذكريات تاريخية " لمحمد إبراهيم الجزيري ص 92-93
    كذلك يؤكد الدكتور محمد عمارة تراجع علي عبد الرازق صاحب كتاب " الإسلام وأصول الحكم إذ يقول : إن ( علي عبد الرازق تراجع عن موقفه في صمت إذ رفض إعادة طبع كتابه وشرع في كتابة هذا التراجع لكن الأجل لم يمهله وفقا لرواية ابنه ) لكن كيف " يعلن " المفكر رأيه فإذا تراجع تراجع في " صمت " ؟ ولماذا ينتظر أن يكتب ؟ وما معنى هذا التراجع بالنسبة لمن ابلغهم رأيه من قبل " علنا " ؟ وياله من " علن " على مستوى " العالم " ؟
    أما الدكتور محمد حسين هيكل فقد تراجع عن علمانيته كما يظهر بخاصة من بعض كتبه " في حياة محمد " و " منزل الوحي " " وأبو بكر الصديق " " والفاروق عمر " " والحضارة الإسلامية "

    وإنه ليسرنا تبرئة زعمائنا ومفكرينا من هذه الوصمة ، وتراجعهم عما بدءوا فيه ، لكن هذا لا ينفي أن موجة العلمانية في مصر صارت عارمة وأفرزت ما أفرزته على المستوى الشعبي وبخاصة في المجال الفكري والثقافي والتشريعي
    يقول السلطان عبد الحميد : ( هاهم – أي الإنكليز – قد أخضعوا المصريين بأفكارهم لدرجة أن البعض منهم يؤمن الآن بأن طريق الإنكليز هو السبيل إلى الأمن والنجاة ، ويفضل القومية على الدين (!!) إنهم يظنون أن حضارتهم ستمتزج بحضارة الغرب دون أن يشعروا بأن هناك تضادا بين الحضارة الإسلامية والحضارة النصرانية بحيث لا يمكن أبدا التوفيق بينهما ) أنظر مذكرات السلطان عبد الحميد ص 133
    وعلى كل حال ومع التجاوز عن تحليل مواقف شخصيات بعينها فإن التيار العلماني بلغ ذروته في ثورة 1919 ولولاها ( ما كان يمكن للفكر السياسي أن ينتقل من فكر العصور الوسطى إلى علمانية وليبرالية القرن العشرين ) على حد تعبير الدكتور مصطفى الفقي في بحثه بعنوان " الأقباط في السياسة المصرية " ضمن كتاب " الشعب الواحد والوطن الواحد " مركز الدراسات السياسية بالأهرام لعام 1982 ص 87

    وبعد ثورة 1919 أبيح لكل الأفكار العلمانية والليبرالية أن ترعى في مصر وتسرح وتمرح ، وأصبح لكل فكر وافد ملتقطوه كالوجودية والاشتراكية والشيوعية واالبراجماتية

    وقام حزب الوفد بدوره على المستوى الجماهيري بتجميعهم حول شعاره العتيد : الدين لله والوطن للجميع " ولكنه تنازل عنه بعد ظهور الصحوة الإسلامية في عنفوانها كما جاء في بيان الوفد الجديد 11\3\1984 فقد أعلن رئيسه آنذاك أنه يرفض العلمانية التي تؤدي إلى الفصل بين الدين والدولة كما يرفض الدولة الدينية ! " الوفد 22\3\1984 ، وعارضه كثيرون من الوفديين المنسلخين عنه ، ونشر أحدهم مقالا في جريدة الأحرار 2\4\1984 ينكر على الوفد ردته عن العلمانية ، واشترط بعض الوفديين لرفض العلمانية رفض بعض شرائع الإسلام كقطع يد السارق !!! .
    ولم يكن هذا الزحف العلماني بغير رد فعل على الجانب الآخر وكان من مظهره المصاحب لتطورات القرن العشرين نشوء الصحوة الإسلامية على يد جماعة الإخوان المسلمين ، والتي أسسها الشهيد حسن البنا عام 1929 والتي سيطرت على الشارع لفترة طويلة ، تيقظت فيها العلمانية للخطر القادم من جهتها ، وحيث كانت وما زالت وحيدة في مواجهتها للتيار العلماني شديد التغلغل فقد نالها في هذه الدورة ما لم ينل مثيلاتها من هذا التيار أو ذاك ، إذ تعرضت لعملية استئصال بشري ومؤسسي وثقافي لا يزال يمارس ضدها حتى اليوم

    وبالرغم من ذر الرماد في العيون ضحكا على ذقون من لا يزال يتمسك بأهداب الصحوة .. عندما جاء النص في دستور بعض البلاد الإسلامية على أن " الإسلام هو دين الدولة " ، وأن الشريعة " مصدر " أو " المصدر" للتشريع ، تهدئة للصحوة الإسلامية فإن مظاهر تطبيق العلمانية في بلاد الإسلام استمرت متوسعة إلى حد يفوق الحصر: وجرى التطبيق باستبعاد الدين ، اللهم إلا في منبر الدعاية والتأييد :
    فبالإضافة إلى شعار حزب " الغالبية" : " الدين لله والوطن للجميع " ومحاولة تعديله ثم محاولة الرد على هذا التعديل
    أطلق زعيم حزب " الغالبين " شعاره الأشد صرامة ووضوحا " لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة "
    وقالوا للأزهر الذي كان ينادي بتطبيق الشريعة : عليك أولا بتقديم مشروعات قوانين من الشريعة الإسلامية ، فلما فرغ من ذلك في عهد الدكتور عبد الحليم محمود حيث أتم مشروعه الكبير في تقنين المذاهب ، ثم في تقنين الشريعة بعامة ، وقدمه لمجلس الشعب فيما سمي " تقنين الشريعة الإسلامية" واحتفى به زمنا رئيس المجلس آنذاك الدكتور صوفي أبو طالب .. قالوا بتواضع شديد : مالنا ولذاك : يكفينا مراجعة ما صدر إن كان مخالفا للشريعة أم لا ، ثم انتقلوا إلى مستوى أكثر تواضعا : يكفينا مراجعة ما سوف يصدر ، ولترقد ترسانة القوانين المخالفة في أمان ، ثم .. ثم ضرب عن ذلك كله صفحا ، وزغردت العلمانية على الأشهاد .
    وقررت كل سلطة ما قررت في موضعها :
    قال القابضون على قانون الطوارئ : " لا حزب سياسيا بشعار ديني "
    ولا دخل للدين في معاهدات الصلح والتطبيع مع العدو
    وتقرر أنه لا حجاب للمشتغلات بالتدريس
    وأنه : لا دخل للدين في الاقتصاد والتجارة والبنوك مهما كانت ربوية إلا إذا تقدم الشيخ لتشريعها
    وأنه : لا دخل للدين بالسياحة
    وأنه : لا دخل للدين بملابس الرياضيين المكشوفة للجماهير
    وأنه : لا دخل للدين فيما يصدره المشرعون من قوانين مخالفة له في جرائم وآداب
    وأنه : لا دخل للدين بأحكام القضاء عند تطبيق قوانين مخالفة له في جرائم وآداب ومخالفات ومنازعات
    وأنه : لا دخل للدين بما يدور أو يتقرر في مؤسسات الشرطة وشوارعها وسجونها
    وأـنه : لا دخل للدين في عقيدة الجندي الذي يعدونه للسلم اكثر مما يعدونه للقتال
    وأنه : لا دخل لمنابر المساجد بما يدور سياسيا وما يدور عسكريا وما يدور ثقافيا
    وأنه لا دخل للدين بالفن وهو شعار وزارات الثقافة والإعلام وهي تصدر الكتب والقصص واللوحات وتقيم المؤتمرات وتدير المعاهد الفنية والصالات الاستعراضية والقنوات التليفزيونية وتنتج أو تراقبا المسرحيات والأفلام والمسلسلات والغنائيات والموسيقيات و" الفيديوهات كليبات " !!
    وتقرر منع المحجبات من الخروج على شاشة التليفزيون
    وأنه لا دخل للدين بحرية المرأة في الملبس والاختلاط في الشارع أو النوادي أو دور التعليم
    وأنه لا دخل للدين بتحريم شيء من " التبرج " للمرأة الراغبة في الاستعراض ولو أدى الأمر إلى الإثارة ثم التحرش الجنسي الذي على الرجال أن يدفعوا ثمنه
    ولا بأس من ارتكاب شيء من التناقض في شئون المرأة – مثلا – حيث يتم الاستجابة لتعليمات الحداثة والتمكين فيما يتعلق بشئون الأسرة ، والاستجابة لتعليمات الدولة في الدعوة لصلاتها في بيتها ومنعها من الصلاة بالمسجد خوفا من شيوع مظهر الحجاب في الطرقات الذي يصاحب خروجها إلى هذه الصلاة عادة !! طالما كان هذا التناقض من أجل عيون العلمانية .
    ولنقرأ هذا المنشور الطريف الصادر من وزارة الشئون الدينية بتونس
    ( الموضوع: خطبة الجمعة ليوم 21 مايو ‏2004‏‏‏
    المرجع: منشور وزارة الشؤون الدينية عدد 003786 بتاريخ 27 إبريل ‏2004‏‏‏
    المصاحيب: وثــــائق
    وبعد، فتبعا لمنشور وزارة الشؤون الدينية المذكور بالمرجع أعلاه والمتعلق بخطبة الجمعة ليوم 21 مايو 2004 وإسهاما من الخطاب الديني في احتفال بلادنا باليوم العالمي للأسرة الموافق ليوم 15 مايو 2004:
    المرغوب منكم تخصيص الخطبة الأولى ليوم الجمعة 21 مايو 2004 لموضوع عناية الدين الإسلامي الحنيف بالأسرة باعتبارها الخلية الأولى في المجتمع مع بيان دورها في توجيه السلوك الاجتماعي والتربية على مكارم الأخلاق واستعراض المكاسب والإجراءات التي تحققت لفائدتها بحرص موصول من لدن سيادة الرئيس "زين العابدين بن علي"، هذا ويتم تخصيص الخطبة الثانية لبيان صلاة المرأة في بيتها وعدم مطالبتها دينيا بالخروج إلى المساجد.
    وتجدون صحبة هذا وثائق تتضمن نصوصا دينية وأخرى تتضمن بيانات حول مكاسب الأسرة في تونس قصد الاستئناس بها عند إعداد خطبكم !!.
    والسـلام . ( نقلا من إسلام أون لاين 31\5\2004 )

    إنه مثال وياله من مثال ناطق بجوهر العلمانية حيث يعني : حصار الدين في داخل جدران المسجد ، محكوما عليه بأن لا تبدو لحركته في داخل المسجد انعكاسات بحركة – أي حركة - في خارجه
    إنها العلمانية التي تعني بكل وضوح استبعاد الدين عن كل ما يتصل بما هو خارج حدود المسجد
    فإذا زعموا أنها لا تصطدم بتعاليم المسيحية فهل يجرؤن على الزعم بأنها لا تصطدم مع تعاليم الإسلام ؟ ذلك ما نتولى الرد عليه في مقال قادم
    والله علم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    الدولة
    :: طيبة الطيبة ::
    المشاركات
    58
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله بك أخي الكريم .

    ونتمنى منك أن تزودنا بموقع الدكتور الفاضل كي نستفيد جميعا منه في جمع هذيان أحذية الغرب ( العلمانيون ) .

  7. #7

    افتراضي

    يرفع للأهمية البالغة ..
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  8. #8

    افتراضي

    بارك الله فيكم . ارجو من الاخوة الكرام التصدى الى هذا التيار الشديد على مصر
    من العلمانيين واللبراليين
    والله ان شباب مصر اكثرهم لمخدوعين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-12-2011, 11:21 PM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-21-2007, 01:06 AM
  3. محاولة تشخيص حالة شاعر الغسق
    بواسطة قسورة في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-01-2006, 07:06 PM
  4. جذور العلمانية ( 2 ) فكرة الحقيقة المزدوجة والمراوغة العلمانية أمام الإرهاب الكنسي
    بواسطة د. أحمد إدريس الطعان في المنتدى د. أحمد إدريس الطعان
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-27-2005, 02:26 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء