النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: لا يأتون بمثله...محمد قطب.

  1. افتراضي لا يأتون بمثله...محمد قطب.

    ا
    مقدمة
    منذ فترة من الزمن، ظهر على ((الإنترنت)) كلام مسجوع من تأليف عربى لا يدين بالإسلام، يعيش فى أمريكا، يحاول فيه أن يقلد النسق القرآنى، من حيث تقسيم الكلام إلى عبارات مسجوعة تنتهى بحرف الميم أو النون مسبوقة بمد يائى أو واوى0 وظن المسكين أنه قد أتى بما لم تستطعه الأوائل، كما قال الشاعر:
    وإنى وإن كنت الأخيرة زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل( )
    كما ظن أنه بعمله هذا قد أبطل التحدى الذى تحدى الله به الإنس والجن حين قال سبحانه:(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً)( )0 وكأنه يقول: هاأنذا قد أتيت يمثله! وإذاً فقد أبطلت التحدى، وأبطلت دعوى الإعجاز القرآنى الذى قامت عليه رسالة محمد 00 وإذاً فالإسلام ليس من عند الله، إنما هو صناعة بشرية قام بها محمد!
    ولعل المسكين لم يعلم أن مسيلمة الكذاب قد قام بمثل هذا العمل من قبل، وأتى بسجعات مثل سجعاته قال إنها مثل القرآن0 ومر الزمن وبطلت سجعات مسيلمة، وبقى القرآن يتحدى الإنس والجن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها0
    ولكن هذه الأضحوكة الساذجة التى قام بها مسيلمة المتأمرك- وإن لم يدع بها النبوة كسلفه الجاهلى- حفزتنى إلى أن أعاود الكتابة فى موضوع كنت قد أشرت إليه فى كتاب سابق بعنوان((دراسات قرآنية))، وهو موضوع الإعجاز الشامل للقرآن الذى لا ينحصر فى الإعجاز البيانى، الذى توجه إليه الاهتمام الأكبر فى كتابات الأقدمين، لأسباب لا يصعب إدراكها0
    لقد كان العرب فى جاهليتهم قوما أولى فصاحة نادرة، وكانوا يعتزون بفصاحتهم إلى الحد الذى أطلقوا على غير الناطقين بلغتهم لفظة ((العجم)) ووصفوهم بـ ((العجمة))، وفيها إشارة واضحة إلى أنهم يعدونهم دونهم لا لسبب إلا لأنهم لا يستطيعون الكلام باللغة الفصيحة- لغتهم هم- التى يتميزون بها!
    وإذ كان ديدن الرسالات السماوية أنها تتحدى المنكرين بمعجزة تفوق قدراتهم البشرية، ليستيقنوا أنها من عند الله، ولو جحدوها ظاهرا، إمعانا فى الكفر والعناد كما قال سبحانه وتعالى عن موقف آل فرعون من معجزات موسى عليه السلام: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً)( )0
    إذ كان هذا ديدن الرسالات، فقد تحدى الله سبحانه وتعالى كل قوم فيما برعوا فيه وعدوه موضع فخرهم0 فتحدى قوم فرعون بآيات تفوق السحر الذى كانوا بارعين فيه، وكانوا يستخدمونه لفتنة الناس عن ربهم، وتأليه الفرعون بدلا من الله وتحدى قوم عيسى عليه السلام بآيات تفوق براعتهم فى الطب الذى كانوا يمارسونه ويعتزون بإتقانه؛ فأعطاه القدرة على نفخ الحياة فى الطين، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص، ليستيقنوا أنه من عند الله:
    ((ورسولاً إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين))( )0
    فلما بعث الله الرسول الخاتم فى العرب، كان من المناسب أن تكون الآية التى يتحدى بها المنكرين فصاحة من نوع ودرجة لا يقدرون على الإتيان بمثلها، لتستيقنها أنفسهم ولو جحدوا بها ظاهراً كقوم فرعون، فكانت معجزته الكبرى هى هذا القرآن، الذى تحداهم أن يأتوا بمثله فلم يستطيعوا، فتحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله فلم يستطيعوا، بصرف النظر عن المحاولة العابثة التى قام بها مسيلمة الكذاب، والمحاولة الأخرى التى قامت بها المتنبئة سجاح، فلم تستطع هذه ولا تلك أن تقنع العرب بأن القرآن يمكن أن يأتى أحد بمثله. (هذا بالإضافة إلى أن الله قد أراد أن تكون معجزة الرسول باقية على الزمن، لا تذهب بذهاب القوم الذين شاهدوها، لأن الله أراد أن يكون محمد خاتم النبيين، وأن تكون رسالته هى الرسالة الخاتمة، الباقية إلى آخر الزمان)0
    إذا أدركنا ذلك،أدركنا سر اهتمام القدامى من الكتاب العرب بالإعجاز البيانى فى القرآن، حيث كان هو موضع التحدى، وحيث كان عجز العرب- المعتزين بفصاحتهم- عن الإتيان بمثله، دليلا يقينيا على أن هذا القرآن هو كلام الله، وليس من كلام البشر، وأنه- بهذه الصفة- هو دليل صدق الرسول فى رسالته0
    نعم00 ولكن القرآن لم يكن معجزا فى بنائه اللفظى وحده وإن كان إعجازه اللفظى كافيا- وحده- للدلالة على أنه من عند الله، وكافيا- وحده- لإقامة التحدى أمام الإنس والجن إلى قيام الساعة‍‍‍‍‍‍!
    القرآن معجز فى جميع مجالاته، وعلى جميع أصعدته00
    وإذا كان القدامى- لأسباب مفهومة- قد وجهوا أكبر اهتمامهم للإعجاز البيانى، الذى تحدى القرآن به الجاهلية العربية وآلهتها المزيفة، فقد آن لنا أن نتدبر جوانب الإعجاز الأخرى فى هذا الكتاب المعجز، التى لا تقل إعجازا عن الإعجاز البيانى، والتى نحن فى حاجة إلى تدبرها، وبيانها، وإبرازها، لتحدى الجاهلية المعاصرة، التى تتخذ صورة ((العلمانية))، وترفع شعارات((العلم))و((العقلانية))و((التنوير))؛ لتفتن الناس عن ربهم ودينهم، وتؤله((الإنسان)) بدلا من الله، وتسعى- بحماقة- إلى تدمير الإنسان، بإبعاده عن مصدر النور الحقيقى:
    ((الله نور السموات والأرض))( )0
    ((يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون* هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون))( )0
    ولن يفى كتاب واحد- مهما تضخمت صفحاته- بالحديث عن كل مجالات الإعجاز فى القرآن، فهى فى حاجة إلى أن يتفرغ لها كتاب وباحثون، بحيث تتكون من مجموع بحوثهم مكتبة كاملة من إعجاز القرآن، سواء الإعجاز البيانى الذى لا تنفد عجائبه، أو الإعجاز الدعوى، بوصفه كتاب دعوة قد أبرز عقيدة التوحيد الصافية كما لم يبرزها كتاب قط، ودخل بها إلى قلوب البشر من جميع منافذها وأقطارها كما لم يفعل كتاب قط، أو الإعجاز التشريعى الذى تضمن شريعة متكاملة وافية بحياة البشر ومتطلبات وجودهم لا فى زمان نزولها فحسب، بل مهما امتد بهم الزمن وتعددت مجالات الوجود، أو الإعجاز التربوى الذى أخرج خير أمة أخرجت للناس، أو الإعجاز العلمى الذى تتكشف آياته كلما زاد البشر علماً بما حولهم من الكون00
    ولكن ضخامة الجهد المطلوب، وسعة الميادين المفتوحة للدراسة والبحث، لا تمنعنى أن أدلى بجهدى المتواضع الذى لا أبغى به أكثر من أن يكون مجرد إرشادات، لعلها تحفز الباحثين إلى أن يبحثوا، والمفكرين إلى أن يتدبروا كما أمرهم الله: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) ( ) 0
    أرجو الله أن يجعل هذا العمل خالص لوجهه، وأن يتقبل منى جهدى على ضآلته، وأن يعيننى على ذكره وشكره وحسن عبادته؛ فما أحوجنى إلى عونه، وما أحوجنى إلى رضاه، وما أحوجنى إلى عفوه عن الزلات والهفوات والغفلات00 اللهم عفوك ورضاك يا أكرم الأكرمين0

    يتبع إن شاء الله
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  2. افتراضي

    من الإعجاز البيانى
    كتب الكثير عن الإعجاز البيانى للقرآن،ولست هنا أضيف شيئاً إلى ما قيل، وإنما هى وقفات سريعة تمثل بعض إنطباعاتى فى هذا المجال0
    أشرت من قبل فى كتاب ((دراسات قرآنية)) إلى ما يطلق عليه ظاهرة التكرار فى القرآن0 وقلت إن القرآن نادر جدا فى القرآن الكريم لا يتجاوز آيات معدودة جاءت بنصها فى أكثر من سورة0 ولكن الظاهرة الحقيقية ليست هى التكرار إنما هى التشابه الذى يؤدى إلى التنوع، وقلت إنها كثمار الجنة تبدو لأول وهلة أنها هى هى، ولكنها عند المذاق يتبين الفرق بينها وبين ما كان من قبل: (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً) ( )0
    وهذا التشابه الذى يؤدى إلى التنويع هو ذاته لون من الإعجاز0 فالموضوع الواحد يعرض مرارا، ولكنه يعرض فى كل مرة مختلفا عما سبقه نوعا من الاختلاف، فيكون جديدا فى كل مرة، ويكون- مع التلاوة المستمرة للقرآن- متجددا على الدوام0
    وقد يكون الاختلاف فى حرف واحد، ولكنه يغير الصورة!
    خذ هذا النموذج:
    ((وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم)) ( )0
    ((وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم))( )0
    هناك نوعان من الاختلاف بين الآيتين – وإن كان موضوعهما واحدا – فالآية الأولى خطاب من الله تبارك وتعالى إلى بنى إسرائيل يذكرهم بنعمه عليهم، ويمن عليهم بأنه نجاهم من آل فرعون الذين يسومونهم سوء العذاب، والثانية خطاب من موسى عليه السلام إلى قومه يذكرهم بنعم الله عليهم، ويذكرهم بالذات بتلك النعمة الكبرى، وهى تنجيتهم من آل فرعون الذين يسومونهم سوء العذاب، بالإضافة إلى التغيير فى صيغة الفعل: نجيناكم وأنجاكم، أحدهما متعد بالتضعييف والآخر متعد بالهمزة، وأحدهما بضمير المتكلم والثانى بضمير الغائب0
    ولكن انظر إلى الجزء الخاص بالعذاب الذى كان يوقعه آل فرعون ببنى إسرائيل. إن فيه اختلافا بين الآيتين يحدث تغييرا فى الصورة :
    ((يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم))0
    ((يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم))0
    إن الفارق بين العبارتين حرف واحد، هو الواو التى جاءت فى الآية الثانية قبل كلمة ((يذبحون))، ولكن انظر كم أحدث الحرف الواحد من الاختلاف بين الصورتين!
    فى الصورة الأولى ينحصر العذاب فى قتل الأولاد واستحياء النساء، وفى الثانية يصبح هذا الأمر واحدا فقط من ألوان العذاب التى تصب على بنى إسرائيل، وإن كان السياق يوحى بأنه من أبرزها، وأشدها وأخبثها. إذ أجمل ((سوء العذاب)) وفصل قتل الأولاد واستحياء النساء))0
    ذلك مجرد نموذج ينفى خاطر ((التكرار)) الذى يتوهمه قارئ القرآن لأول وهلة، ويبرز بدلا منه ظاهرة ((التشابه)) التى تؤدى إلى التنويع، والتى تشبه ثمار الجنة الموصوفة فى القرآن الكريم0
    فإذا تدبرنا مجالين بالذات يوهمان بالتكرار للوهلة الأولى، بينما حقيقتهما التشابه وليس التكرار، فذانك هما قصص الأنبياء مع أقوامهم، وصور النعيم والعذاب فى اليوم الآخر، وهما من أكثر الموضوعات ورودا فى القرآن الكريم، ولكن بشكل مختلف فى كل مرة، وذلك – فى ذاته – كما أشرنا من قبل لون من الإعجاز، لا يرد بهذه الصورة فى كلام البشر المحدودى القدرة فى مجال التعبير0
    خذ هذا النموذج من قصة نوح فى ثلاث سور من سور القرآن0
    من سورة هود :
    ((ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إنى لكم نذير مبين(25) أن لا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم(26) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين(27) قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وآتانى رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون(28) ويا قوم لا أسألكم عليه ما لا إن أجرى إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكنى أراكم قوما تجهلون(29) ويا قوم من ينصرنى من الله إن طردتهم أفلا تذكرون(30) ولا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إنى ملك ولا أقول للذين تزدرى أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما فى أنفسهم إنى إذا لمن الظالمين(31) قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين(32) قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين(33) ولا ينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وغليه ترجعون(34) أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامى وأنا برئ مما تجرمون(35) وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون(36) واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون(37) ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون(38) فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم(39) حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل(40) وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربى لغفور رحيم(41) وهى تجرى بهم فى موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين(42) قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين(43) وقيل يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء أقلعى وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين))( )
    ومن سورة الأعراف:
    ((لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (59) قال الملأ من قومه إنا لنراك فى ضلال مبين(60) قال يا قوم ليس بى ضلالة ولكنى رسول من رب العالمين)(61) أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون(62) أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون(63) فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين))( )0
    ومن سورة الشعراء :
    ((كذبت قوم نوح المرسلين(105) إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون(106) إنى لكم رسول أمين(107) فاتقوا الله وأطيعون(108) وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين(109) فاتقوا الله وأطيعون(110) قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون(111) قال وما علمى بما كانوا يعملون(112) أن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون(113) وما أنا بطارد المؤمنين(114) إن أنا إلا نذير مبين(115) قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين(116) قال رب إن قومى كذبون(117) فافتح بينى وبينهم فتحاً ونجنى ومن معى من المؤمنين(118) فأنجيناه ومن معه فى الفلك المشحون(119) ثم أغرقنا بعد الباقين(120) إن فى ذلك لآية وما أكثرهم مؤمنين(121) وإن ربك لهو العزيز الرحيم)) ( )0
    ومن سورة الشعراء :
    ((كذبت قوم نوح المرسلين(105) إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون(106) إنى لكم رسول أمين(107) فأتقوا الله وأطيعون(108) وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين(109) فاتقوا الله وأطيعون(110) قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون(111) قال وما علمى بما كانوا يعملون (112) إن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون()113) وما أنا بطارد المؤمنين (114) إن أنا إلا نذير مبين(115) قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين(116) قال رب إن قومى كذبون(117) فافتح بينى وبينهم فتحا ونجنى ومن معى من المؤمنين(118) فأنجيناه ومن معه فى الفلك المشحون(119) ثم أغرقنا بعد الباقين (120) إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين(121) وإن ربك لهو العزيز الرحيم))(2)0
    إنها قصة واحدة 00 قصة نوح مع قومه، وجدالهم معه، وردوده عليهم، وتكذيبهم له، وإغراقهم فى النهاية ونجاة المؤمنين0
    ولكن هل هى واحدة فى السرد القرآنى، أم إنها صور متعددة وإن تشابهت فى عمومياتها، وفى بدئها وفى نهايتك؟
    إن اختلاف الصور فى طرق السرد المختلفة هو فى ذاته جمال، لأنه يعطى فى كل مرة جوا مختلفا للقصة فى نفس القارئ، والسامع، فكأنها قصة جديدة، مع أن الأشخاص هم هم، والوقائع هى هى فى النهاية0
    ولكن القصص فى القرآن لا يرد لمجرد القصص، وإن كان مشتملا من الناحية الفنية الجمالية على عناصر الجمال الفنى التى تجعل له مدخلا لطيفا إلى النفس، فيكون أبلغ تأثيرا فيها، مما لو كان مجرد فكرة أو قضية تخاطب العقل وحده ولا تخاطب الوجدان0
    ولكن الروعة فى هذا القصص أنه – مع جماله الفنى – يؤدى هدفا دعويا مما يشتمل عليه كتاب الدعوة الأعظم، فى تناسق كامل بين الهدف الدعوى والجمال الفنى.. وإذ كانت الأهداف الدعوية كثيرة ومتعددة ومختلفة، يجئ القصص القرآنى فى صورة مختلفة فى كل مرة، متناسقة مع الهدف المقصود من إيراد القصة، مع توافر الجمال الفنى فى كل مرة0
    ولنراجع قصة نوح فى السور الثلاث التى أثبتناها منذ قليل، لنرى تناسقها فى كل مرة مع الهدف من إيراد القصة00
    الهدف من إيراد القصة فى سورة هود – كما هو مذكور فى سياق السورة – ثلاثة أمور:
    ((ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد(100) وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شىء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب(101) وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد (102) إن فى ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود))( )
    ((وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك فى هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين))( )0
    فهى إنذار للناس لكى يحذروا عذاب الآخرة ويتقوه .. وهى تثبيت لقلب الرسول، وهى موعظة وذكرى للمؤمنين0
    وكان من المناسب لهذه الأهداف الثلاثة تطويل العرض، والإكثار من ذكر التفاصيل فيما وقع بين كل رسول وقومه. وكان ذلك مناسبا بصفة خاصة للهدف المتعلق بتثبيت قلب الرسول وهو يلقى العنت من قومه : من تكذيبهم وجدلهم واللدد فى خصومتهم.. فها هو ذا رسول سابق من رسل الله قد لقى مثل ذلك العنت، وصبر عليه، ثم نجاه الله وقضى على الذين كذبوه00
    أما الهدف فى سورة الأعراف – كما جاء فى سياق الصورة – فهو هذا البيان:
    ((وما أرسلنا فى قرية من نبى إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون(94) ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون))( )0
    فالتركيز هنا هو على الأخذ المباغت، وليس على ما جرى من أحداث بين الرسول وقومه، فلا يركز عليها فى السياق0
    وأما فى سورة الشعراء فهدف إيراد القصة – كما هو مذكور فى السورة – أن الكفار يطالبون الرسول  بآية تجعلهم يصدقون أنه رسول من عند الله. فجاء التركيز فى القصة على الآية، وهى إهلاك المكذبين وتنجية المؤمنين، وليس على تفاصيل الأحداث كما كان الحال فى سورة هود0
    وهكذا يتم للقصة جمالها الفنى مع وفائها – فى كل مرة – بالهدف من إيراد القصة، وتتنوع الصور فى كل مرة بما يناسب سياق العرض00
    وذلك من الإعجاز 00

    يتبع إن شاء الله
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  3. افتراضي

    سبق وقرأت الكتاب وهو رائع بحق
    فجزاك الله خير الجزاء على نقله لنا
    وجزى الله كاتبه خير الجزاء على تأليفه

    ولن يفى كتاب واحد- مهما تضخمت صفحاته- بالحديث عن كل مجالات الإعجاز فى القرآن، فهى فى حاجة إلى أن يتفرغ لها كتاب وباحثون، بحيث تتكون من مجموع بحوثهم مكتبة كاملة من إعجاز القرآن، سواء الإعجاز البيانى الذى لا تنفد عجائبه، أو الإعجاز الدعوى، بوصفه كتاب دعوة قد أبرز عقيدة التوحيد الصافية كما لم يبرزها كتاب قط، ودخل بها إلى قلوب البشر من جميع منافذها وأقطارها كما لم يفعل كتاب قط، أو الإعجاز التشريعى الذى تضمن شريعة متكاملة وافية بحياة البشر ومتطلبات وجودهم لا فى زمان نزولها فحسب، بل مهما امتد بهم الزمن وتعددت مجالات الوجود، أو الإعجاز التربوى الذى أخرج خير أمة أخرجت للناس، أو الإعجاز العلمى الذى تتكشف آياته كلما زاد البشر علماً بما حولهم من الكون00
    ذات منتدى استفزني أحد التائهين بموضوع كتبه وأطلق عليه اسم سورة كذا
    فقرأته وأردت الرد عليه فلم أجد ما أقول
    فما كتبه ليس إلا تقليد ببغائي لكلمات الله
    وليس إلا نفاقاً وكذباً يزعم فيه الكاتب أن القارىء سيدخل الجنة إن هو فعل كذا
    وسيدخل النار إن فعل ذاك
    هذا رغم أنه لا يؤمن لا بجنة
    ولا بنار
    ثم إن كلامه فارغ من أي إعجاز كالذي ورد في فقرة كاتبنا الكبير في الفقرة المقتبسة

  4. افتراضي

    جزاكم الله خيرا يا أختي الفاضلة وقد سررت بمرورك الكريم




    * * *
    والشأن كذلك فى مشاهد القيامة، وهى كثيرة متنوعة، تعرض أحيانا فى اختصار شديد، فى كلمات معدودات، وأحيانا بالتفصيل فى آيات متواليات، وفى كل مرة تعطى جوا خاصا، يتناسب – من جهة – مع قصر السورة أو طولها، ومن جهة أخرى مع السياق المعروض فى السورة، ولكل سورة من سور القرآن جوها الخاص وسياقها الخاص، وإن اشتركت جميعا فى هدف واحد كبير مشترك، هو هداية للناس إلى ربهم، وتعريفهم به، وبما يجب عليهم تجاهه – سبحانه – من خالص العبادة وخالص الطاعة0
    خذ مثالا من أمثلة الإيجاز البليغ ، سورة القارعة :
    ((القارعة(1) ما القارعة (2) وما أدراك ما القارعة(3) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث(4) وتكون الجبال كالعهن المنفوش(5) فأما من ثقلت موازينه(6) فهو فى عيشة راضية(7) وأما من خفت موازينه(8) فأمه هاوية (9) وما أدراك ما هية (10) نار حامية))( )
    وخذ صورة أخرى أكثر تفصيلا، ولكن فى غير طول، فى سورة الغاشية :
    ((هل أتاك حديث الغاشية (1) وجوه يومئذ خاشعة(2) عاملة ناصبة(3) تصلى ناراً حامية(4) تسقى من عين آنية(5) ليس لهم طعام إلا من ضريع(6) لا يسمن ولا يغنى من جوع(7) وجوه يومئذ ناعمة(8) لسعيها راضية(9) فى جنة عالية(10) لا تسمع فيها لاغية(11) فيها عين جارية(12) فيها سرر مرفوع (13) وأكواب موضوعة(14) ونمارق مصفوفة(15) وزرابى مبثوثة))( )0
    وخذ وصفا أكثر تفصيلا للعذاب، فى سورة الحج:
    ((هذان خصمان اختصموا فى ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم(19) يصهر به ما فى بطونهم والجلود(20) ولهم مقامع من حديد(21) كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق)) ( )0
    أو هذا المشهد من سورة الواقعة:
    ((وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال(41) فى سموم وحميم(42) وظل من يحموم(43) لا بارد ولا كريم(44) إنهم كانوا قبل ذلك مترفين(45) وكانوا يصرون على الحنث العظيم(46) وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعثون(47) أو آباؤنا الأولون(48) قل أن الأولين والآخرين(49) لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم(50) ثم إنكم أيها الضالون المكذبون(51) لآكلون من شجر من زقوم(52) فمالئون منها البطون(53) فشاربون عليه من الحميم(54) فشاربون شرب الهيم(55) هذا نزلهم يوم الدين))( )
    ثم خذ هذا المشهد المفصل للنعيم، من سورة الإنسان:
    ((فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً(11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا(13) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا(14) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا(15) قوارير من فضة قدروها تقديرا(16) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا(17) عينا فيها تسمى سلسبيلا(18) ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثوراً(19) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكاً كبيرا(20) عاليهم ثياب من سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهوراً(21) عن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً))( )0
    ماذا تجد فى نفسك حين تتبع هذه المشاهد فى القرآن الكريم؟
    إنك أولاً فى عرض متنوع على الدوام، سواء من حيث الإيجاز والتطويل، أو من حيث مفردات الوصف للنعيم والعذاب، التى تختلف فى كل معرض عنها فى المعرض الآخر، والتى تشكل فى كل مرة صورة مختلفة عن الصورة الأخرى، حتى إن اتحدث فى عموميتها0
    وأنت ثانياً فى عرض حى متدفق الحيوية، لا تملك ألا تنفعل به نفسك، ويتأثر به وجدانك0 بل لا تملك إلا أن تعيش فيه كأنه حاضر أمامك اللحظة، يحيط بك من كل جانب، ويأخذ عليك أقطار نفسك، بل يصل التأثر به أن يعيش الإنسان فيه كأنه حاضر، وكأن الحياة الدنيا- التى هى الحاضر فى الحقيقة- كانت واقعا قديما، حدث ذات يوم ثم مضى وانقضى، وليست هى التى يعيشها الإنسان فى هذه اللحظة، فيظل خاطر الآخرة حيا فى النفس لا يفارقها، يما تشتمل عليه من صور النعيم والعذاب، الأولى تدفع الشوق إلى الجنة، والثانية تحذر من الوقوع فى العذاب0 وذلك من الإعجاز00
    * * *
    وثمة مجال ثالث يبدو فيه التنويع- لا التكرار- أوضح ما يكون، ذلك مجال الآيات الدالة على قدرة الله00
    إن القرآن- كما قلنا- كتاب هداية، مهمته الأولى هداية الناس إلى ربهم، وإلى الصراط المستقيم:
    ((قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين(15) يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)) ( )
    وأوسع الأبواب التى ترد فى القرآن لتعريف الناس بربهم هو الآيات الدالة على قدرة الله، والتى تؤدى بالقلب البشرى- حين يتدبرها على حقيقتها- أن ينبذ الآلهة الزائفة كلها، ويتعلق بالإله الحق، الذى لا إله غيره، ويعبده وحده بلا شريك0
    وفى مكان آخر من الكتاب سنتكلم عن هذه النقطة فى مجال الإعجاز الدعوى، والإعجاز التربوى0 إنما نريد هنا أن نتحدث عنها من ناحية دخولها فى ظاهرة التنويع، التى يخيل للإنسان للوهلة الأولى أنها تكرار، ولكنها ليست تكراراً فى الحقيقة، إنما هى عرض متنوع على الدوام0
    الآيات فى مجملها واحد: خلق السموات والأرض، وخلق الناس، وتدبير الكون، والهيمنة التامة على كل ما فى الوجود ومن فى الوجود، سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل، والحاكمية المطلقة على كل شئ فى الكون المادى أوفى حياة البشر0
    ولكن هذه الأمور لا تأتى فى صورة واحدة00 بل فى مئات الصور فى القرآن من أوله إلى آخره0
    وتختلف الصور00 مرة من حيث الطول والقصر، ومرة من حيث المفردات المذكورة فى كل منها، ومرة من حيث الحجم الذى تأخذه كل مفردة من المفردات فى سياق السورة0
    فخلق السموات والأرض ربما كان أكثر الآيات ورودا فى معرض إثبات قدرة الله التى لا تحدها حدود. ولكن هذه القضية الواحدة ترد فى صور شتى تجعلها جديدة وقائمة بذاتها فى كل مرة:
    ((هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شىء عليم))( )0
    ((إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون))( )0
    ((هو الذى أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون(10) ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن ذلك لآية لقوم يتفكرون(11) وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون(12) وما ذرأ لكم فى الأرض مختلفا ألوانه إن فى ذلك لآية لقوم يذكرون(13) وهو الذى سخر البحر لتأكلون منه لحما طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون(14) وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون(15) وعلامات وبالنجم هم يهتدون(16) أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون))( )
    فكيف ترى فى هذه الآيات ؟!
    أهى ذات المشاهد المألوفة التى يتبلد عليها الحس لأنها مكرورة أمامه؟ أم إنها أمر آخر جديد يهز الوجدان ويحرك المشاعر؟!
    وما الجديد فيها؟!
    إن الجديد فيها شيئان يبرزهما السياق. الأول أن السياق يعرضها لا على أنها ((مرئيات)) أمام الإنسان يطلب منه أن يشاهدها، أو حتى أن يلتفت إليها التفاتا خاصا.. إنما يصلها مباشرة بالقدرة القادرة التى أوجدتها، والتى تحركها وتدبر أمرها.. تصلها بالله؛ فيشاهدها الإنسان – مع السياق القرآنى- فى ثوب جديد غير ذلك الذى تبلد عليه الحس. فتنتفض حية فى الوجدان، لأن الوجدان يتابع فيها يد الصانع القادر الجليل، فى كل شىء بمفرده، وفى المجموع الذى تكونه المفردات.. فينبض القلب بالتأثر العميق( )0
    أما الشىء الآخر فهو التنوع المستمر فى العرض.. إن له خاصية ذات تأثير، هى إحياء المشهد المعروض كأنه فى كل مرة جديد 00
    وذلك من الإعجاز 00
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  5. افتراضي

    ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن التنويع ذاته هو آية من آيات الله التى يشار إليها نصا فى معرض الحديث عن آيات الله فى الخلق0
    ((ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين))( )0
    ((ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود(27) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور))( )0
    ويلفت النظر فى هذا النص الأخير أن التعبير عن التنويعن جاء من خلال التنويع فى بعض ألفاظ العبارة ذاتها، ما بين التذكير والتأنيث، والرفع والنصب:
    (( مختلفا ألوانها ))
    (( مختلف ألوانها))
    ((مختلف ألوانه))
    خذ كذلك هذا النص من سورة الأنعام :
    ((إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحى من الميت ومخرج الميت من الحى ذلكم الله فأنى تؤفكون(95) فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم(96) وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون(97) وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون(98) وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شىء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره وينعه إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون))( )0
    إن التنويع فى عبارات الآيات واضح بصورة تلفت النظر 00
    ففى الآية الأولى لم يقل: يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى كما هو المعتاد فى الآيات الأخرى، ولكن قال: ((ومخرج الميت من الحى)) وهذا تنويع 0000
    وفى الآية الثانية لم يقل: فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا كما هو المعتاد فى عطف الاسم على الاسم، ولكن قال : ((وجعل الليل سكنا)) وهذا تنويع 00
    وفى الآية الرابعة لم يقل: هو الذى أنشأكم من نفس واحدة فجعل لها مستقرا ومستودعا كما يتوقع أ، يكون السياق العادى فيجرى العطف بين فعل وفعل، إنما حذف الفعل الثانى وجئ بمعموله مرفوعاً كأنه نائب فاعل ( فجعل لها مستقر ومستودع) وهذا تنويع00
    وفى الآية الخامسة تكرر الفعل ( فأخرجنا) ((فأخرجنا)) فى الزمن الماضى وجاء بعده المضارع (نخرج) وفى هذا تنويع.. ثم تجاور فى العبارة اسمان مرفوعان بالضمة (قنوان دانية)، واسمان أحدهما منصوب بالكسرة والثانى مجرور بالكسرة (وجنات من أعناب) وسامان منصوبان بالفتحة (والزيتون والرومان). وأخيرا جاءت كلمة فى صيغتين مختلفتين (مشتبها) و (متشابه) وذلك كله تنويع00
    وذلك من الإعجاز 0
    * * *
    ثم يلفت النظر نوع آخر من التنويع فى عرض آيات القدرة الربانية 00
    ففضلا عن كون التنويع يذكر – فى ذاته – على أنه من آيات الله الدالة على القدرة التى لا تحدها حدود، والتى لا تخلق فحسب، بل تخلق أنواعا مختلفة من كل شىء، وفضلا عن التنويع الذى يرد فى العبارات ليلفت النظر إلى ظاهرة التنويع فى الخلق، فإن إيراد آيات القدرة يأخذ فى كل مرة (جو) السورة الذى ترد فيه 0
    فالآيات فى مجملها واحدة كما أشرنا من قبل: خلق السموات والأرض، وخلق الناس، وتدبير الكون، والهيمنة التامة على كل ما فى الوجود وكل من فى الوجود، سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل، والحاكمية المطلقة على كل شىء فى الكون المادى أو فى حياة البشر.. ولكنها حين تعرض فى سورة يغلب عليها جو الرضا الربانى على المؤمنين، أو التذكير اللطيف الذى يدعو الناس إلى الإيمان، تأخذ صورة مختلفة عنها هى ذاتها حين تعرض فى سورة يغلب عليها جو الغضب الربانى على الكفار أو جو النذير 00
    ولنعد إلى المثال الذى ذكرناه آنفا من سورة الأنعام، الذى جاء فى آخره قوله: (( إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون) بمعنى أنه جاء فى معرض التذكير بآيات الله لدعوة الناس إلى الإيمان. ولنضع إلى جانبه هذه الآيات من سورة يس، التى تشمل ((الموجودات)) نفسها أو الآيات نفسها، ولكن فى جو مشحون بالغضب على الكافرين المعاندين، ولننظر كيف تختلف طريقة العرض:
    ((وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون(33) وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون(34) ليأكلون من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون(35) سبحان الذى خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون(36) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون(37) والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم(38) والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم(39) لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون(40) وآية لهم أنا حملنا ذريتهم فى الفلك المشحون(41) وخلقنا لهم من مثله ما يركبون(42) وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43) إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين))( )0
    فالعيون تفجر، والليل يسلخ منه النهار، والظلام يسود فجأة، وآخر صورة للقمر هى كونه كالعرجون القديم، والشمس لا تدرك القمر ولا ينبغى لها والليل لا يسبق النهار، ولا ينبغى له. والفلك مشحون. وهم منذرون بإمكان إغراقهم فى وضع لا ينجدهم فيه أحد ولا يسعى لإنقاذهم أحد !
    وما أبعد هذه الصورة عن الصورة الواردة فى سورة الأنعام، وإن كانت كلتاهما تتحدث عن الشمس والقمر والزرع والثمار !
    وذلك من الإعجاز 00
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  6. افتراضي

    كنا حتى الآن نتحدث عن ظاهرة واحدة من ظواهر الإعجاز البيانى فى القرآن الكريم، هى ظاهرة التنويع، وذلك فى مجالات رئيسة ثلاثة : قصص الأنبياء مع أقوامه، ومشاهد القيامة، وآيات الله فى الكون. ولكن الظاهرة لا تنحصر – كما ألمحنا فى أول الكلام – فى هذه المجالات الثلاثة، فهى ظاهرة عامة فى القرآن كله، وفى كل موضوعاته، ضربنا لها مثلا فى قوله تعالى فى (سورة البقرة:25) ((يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم)). وقوله تعالى فى (سورة إبراهيم:6) ((يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم))، والأمثلة كثيرة فى القرآن الكريم تلفت انتباه كل قارئ يقرأ بوعى، سواء أدرك الحكمة فيها أم لم يدركها، كقوله تعالى: ((وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى))( ) وقوله تعالى: ((وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى))( )، فالتركيز فى الأولى على المجئ من أقصى المدينة، بما يوحى بأهمية الأمر الذى حفز الرجل على قطع تلك المسافة الكبيرة، والتركيز فى الثانية على الرجل ذاته، بما يوحى باهتمامه الخاص بالأمر، وأنه حريص على سلامة موسى عليه السلام (والراجح أنه هو الرجل المؤمن من آل فرعون الذى ناصر موسى فيما بعد فى مواجهة فرعون). وقوله تعالى عن اليهود ((يحرفون الكلم عن مواضعه)( ) وقوله عنهم ((يحرفون الكلم من بعد مواضعه))( ). ففى الأولى يشير إلى تحريفهم لكلام الله، وما فى ذلك من لؤم والتواء، وفى الثانية يشير إلى تجرؤهم على الله سبحانه وتعالى بأن يقرر الأمر فيقرروا غيره من بعد تقرير الله له، وما فى ذلك من توقح وتمرد على رب العالمين. وفى مثل تلك المواضع يكون للتنويع دلالة خاصة تضاف إلى مجرد التنويع، الذى هو فى ذاته هدف مقصود0
    وذلك من الإعجاز 00
    * * *
    ولكن ظاهرة التنويع – على تعدد مجالاتها فى القرآن الكريم – ليست وحدها التى تحمل الإعجاز البيانى فيه. فللإعجاز البيانى فى القرآن تجليات كثيرة فى مجالات كثيرة، ليس من الضرورى أن تكون ظاهرة عامة فى كل مرة، فقد تكون فى آية، وقد تكون فى حرف من آية، كما سنضرب الأمثلة من أماكن متفرقة من كتاب الله الكريم، لمجرد التوضيح لا على سبيل الحصر.. فالأمر يفوق الحصر!
    فى دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فى سورة البقرة، وردت هذه الآيات:
    ((وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم(127) ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم(128) ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم))()0
    لاحظ نغمة المد فى هذه الكلمات بما يناسب جو الدعاء (منا إنك) ((ومن ذريتنا أمة)) ((وتب علينا إنك 00)0
    ثم لاحظ تغير النغمة بما يوحى بانتهاء الدعاء : ((ويزكيهم إنك 00))0
    إن حركات المد فى العبارات الأولى تشعرك بالاستغراق فى الدعاء، والرغبة فى التعبير عن مشاعر عميقة تملأ قلبيهما وهما يتوجهان هذا التوجه الخاشع بين يدى الله وهما يقيمان قواعد البيت، بينما الياء فى كلمة (ويزكيهم) توحى بأن الدعاء قد وصل إلى غايته، وأنه يوشك أن ينتهى، بعد أن بثا مشاعرهما لله العلى العظيم. وحين تصور الكلمات – وهى مجرد كلمات – مشهداً كاملاً جياشا على هذا النحو، وتعطى صورة الأكف المرفوعة بالضراعة، ثم حركة الأكف وقد أوشكت أن تفرغ من الدعاء هابطة إلى أسفل.. يكون هذا من الإعجاز0
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قرات مؤخرا سورة كتبها ملحد وسماها سورة الصاعقة ! هل تريدونى ان انقلها لنضحك قليلا على ما يفعله القوم ؟

  8. افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين ..

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

    أخي الحبيب أبو مارية .. جزاك الله سبحانه و تعالى خيرًا على نقلك لهذا الكتاب الرائع .. هو منشور على الشبكة بالمناسبة فإن كنت تنسخه بنفسك فاعلم أن الله سبحانه و تعالى يحبك أن جعل لك كل هذا الأجر العظيم إن شاء الله سبحانه و تعالى رغم أنه كان من الممكن أن تنقله نقلًا .. !

    يمكنك أن تنقل السورة المزعومة أخي الحبيب حازم .. على أني أرجو أن يقوم الأخ متعلم أو الأخ أبو مريم بنقد الكلام المكتوب نقدًا واضحًا ليستبين الحق للجميع .. و أرجو أن ينضم كاتبها للمناقشة وقتها ..

    علمًا بانه قد تم نسفها نسفًا في نفس المنتدى الذي كتبت فيه ! ..

    و الحمد لله رب العالمين ..

    و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
    [frame="13 70"]
    [grade="00BFFF 4169E1 0000FF"]إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
    وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ
    وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [/grade]
    [/frame]

  9. افتراضي

    لا فرق بينها وبين ما سبق من مثيلاتها

    ومن الغريب أنني لم أملك القدرة على إتمام قراءة أي منها

    فما إن يبدأ المرء بالقراءة حتى يشعر بتفاهة ما يقرأ

    بينما لو قرأت كتاب الله 24 ساعة في اليوم ما زادني ذلك إلى رغبة في المزيد من قراءته

    هذا إضافة إلى عدم وجود أي نوع من الإعجاز مما هو موجود في كتاب الله

    وما ظنه الكاتب إعجازاً لغوياً جاء من نسفه بعدة أسطر

    لا أعتقد الكاتب يأتي هنا لمناقشة شيء فهو يعرف نتيجة ذلك

    لذا لا أعتقد ضرورة نشرها هنا فقد نُسفت هناك بفضل من الله

  10. افتراضي

    الأخ الحبيب حسم مجدي، انا انقله من ملف ورد(نسخ ولصق) ولله الحمد ولكني وجدت هذه الطريقة أفضل حتى أقرا بنفسي الكتاب لأني أكره القراءة من ملفات الورد وحتى يطالع الزوار الكتاب شيئا فشيئا معي!

    ونواصل مع الأستاذ الجليل محمد قطب
    * * *
    فى سورة آل عمران ترد هذه الآيات :
    ((كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب( ) هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء))( )0
    المشهد هو مريم منقطعة للعبادة فى المحراب، وزكريا لا يفتأ يدخل عليها يتفقد أحوالها، فهو كفيلها المسئول عن تربيتها ورعايتها، فيجد عندها رزقا متجددا فيسألها: من أين لها هذا وهى لا تبارح المكان ولا تسعى على الرزق، فتجيبه فى براءة وبساطة : ((هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)). فتجيش نفس زكريا بمشاعر هائلة، وهو يرى الفيض الإلهى يفيض على مريم، وهى الطفلة التى لا حول لها ولا طول. فيشتاق.. يشتاق إلى الذرية، ولم يكن قد رزق بالولد بعد، ويشتاق إلى أن يفيض الله عليه من نعمائه كما أفاض على هذه الطفلة الصغيرة التى كلفه الله برعايتها.. ((هنالك)) دعا زكريا ربه00
    ((هنالك)) .. ما دلالة اللام فى هنالك؟!
    إن اللغويين والبلاغيين يقولون إنها تعبر عن البعد. فالشىء يشار له بكلمة ((هنا)) إذا كان حاضرا قريبا تدركه العين أو اليد لقربه. ويشار إليه بكلمة ((هناك)) إذا كان بعيداً عن متناول اليد.. ثم إذا اشتد بعده يشار إليه بكلمة ((هنالك)) بزيادة اللام لتعطى مزيدا من البعد 00
    فأين البعد هنا ؟
    هذا هو المحراب، وهذه هى مريم، كلاهما حاضر قريب. وهذا هو زكريا معها فى نفس المكان00
    لا بعد فى المكان، ولا بعد فى الزمان0
    إنما البعد فى أغوار النفس !
    ((هنالك)) فى أعماق نفس زكريا تحرك الشوق.. الشوق إلى الذرية. والشوق إلى الفيض الإلهى الذى يفيض بالخير، وبالرحمة وبالعطاء، وبالرضوان..
    هل تحس مدى العمق فى المشهد .. العمق الواغل فى أعماق النفس؟
    إنه الإعجاز 00
    * * *
    يقول تعالى فى سورة فاطر :
    ((.. وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء ولو كان ذا قربى))()0
    فماذا يوحى إليك النص؟ وما الصورة التى تتبادر إلى ذهنك؟
    إن المقصود بالنص هو النفس الإنسانية المثقلة بالذنوب، يقف صاحبها يوم القيامة مثقلاً بذنوبه، كما ورد فى نصوص أخرى0
    ((ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون))()0
    ((وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون))()0
    ((.. وقد أتيناك من لدنا ذكراً(99) من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً(100) خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا))()0
    (( .. وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون))()0
    نعم .. ولكن!
    إن حذف الموصوف (نفس) مع إبقاء الصفة (مثقلة) وتأنيثها، وإطلاقها بغير موصوف معين، يورد على الخاطر صورة المرأة الحامل، المثقلة بحملها.. كم تعانى منه؟!
    وإن تدع البشر جمعيا إلى حملها – فضلا عن أولى القربى – فهل يستطيع أحد أن يحمل عنها حملها أو يخفف عنها شيئاً مما تعانيه من ذلك الحمل؟!
    إنه حملها الخاص الذى لا يملك أحد على وجه الأرض كلها أن يحمل ((شيئا)) منه، وهى معاناتها الخاصة التى لا يستطيع أحد أن يعاونها فيها، فضلا عن أن يخففها عنها00
    كم تبلغ هذه الصورة فى تعميق المعنى المقصود، الذى يرد أحيانا بصيغ أخرى:
    ((ولا تزر وازرة وزر أخرى))( ) ، ((كل نفس بما كسبت رهينة))( )00
    وكم تؤثر هذه الصورة فى نفس من((كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد))( ) إنه الإعجاز00
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  11. افتراضي

    * * *
    يقول تعالى فى سورة الرعد:
    ((قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار(16) أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض كذلك يضرب الله الأمثال))0 ( )
    الأمثال لها وقع خاص فى النفوس، لأنها ترسم صورة موازية للمعنى المقصود00 تحوى غالباً أموراً من مألوفات الحياة، يستطيع الناس بسهولة أن يتعرفوا عليها ويتمثلوها فى أذهانهم0 ثم يقطع الخيال رحلة ممتعة ينتقل فيها من هذه الأمور المألوفة إلى المعنى ((الموازى))، فيتجسم المعنى وينبض بالحيوية حين يدرك الإنسان وجه الشبه بينه وبين الصورة الواردة فى المثل، ويتضاعف حجمه فى الحس لأن الإنسان يراه مرتين: مرة فى الصورة المجردة، ومرة فى المثل المضروب0
    وفى القرآن ترد أمثال كثيرة، تجسم المعانى التى يراد تجسيمها، وتضاعف وقعها فى النفوس0 وتجئ الإشارة إلى ذكر الأمثال فى القرآن فى مثل قوله تعالى: ((ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل))0( )
    ولكن هذا المثل المضروب فى سورة الرعد له خصوصية حتى بين الأمثال:
    إنه يبدأ بكلام لا تحسبه فى بادئ الأمر مثلا يضرب، لأنه حقيقة واقعة من حقائق ((الطبيعة)) التى خلقها الله، تجئ فى معرض ذكر القدرة الإلهية:((الله حالق كل شئ وهو الواحد القهار(16) أنزل من السماء ماء000))0
    ولكن هذه الحقيقة مرتبطة بالمثل0 فهى حقيقة وهى مثل يضرب ذات الوقت00
    هذا الماء الذى نزل بقدرة الله سالت منه أودية، كل واد بحسب سعته، وجرى الماء فى الوديان فاحتمل السيل زبدا رابيا00 إلى هنا يتم تقرير هذه الحقيقة الواقعة التى تقع فى الطبيعة، ويسجل السياق وجود الزبد مع اندفاع الماء، وهذه أيضاً حقيقة تقع فى الطبيعة00
    ولكن يأخذ المثل فى التشكل عند هذه النقطة، ثم يمضى شوطا آخر00
    ((ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله))0
    فالزبد ليس حادثا فى ((الطبيعة)) فقط، بل فيما يصنع الإنسان كذلك0 فالناس يوقدون على الذهب والفضة، ليصهروهما، ثم يشكلون من المادة المنصهرة حلياً ومتاعا متعدد الأشكال، ولكن ظاهرة الزبد تلاحقهم أيضا فيما يصنعون00 وإلى هنا تقرر حقيقة جديدة: أن الزبد ظاهرة ملازمة سواء فى الطبيعة التى خلقها الله، أو فيما يصنع الإنسان بيده00
    ويبدأ المثل يتشكل بصورة أوضح، وذلك حين يقول الله سبحانه وتعالى: ((كذلك يضرب الله الحق والباطل))0 فالحق والباطل موجودان متجاورين متلازمين فى حياة الناس، بقدر من الله، ولكن لفترة من الوقت، ولمرحلة من المراحل00 ثم يأتى ما قدره الله وما قرره منذ الأزل ((فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض)) وتلك هى النهاية التى تستقر فيها الأمور فى وضعها الأخير00
    ولكى ندرك مرمى المثل لابد أن نشير إلى واقع الدعوة فى الفترة المكية، وإلى حال المؤمنين يومئذ( )0
    كان الباطل منتفشا فى مكة، والمشركون ظاهرين، يجولون ويصولون، مزهوين بكثرتهم وقوتهم وغلبتهم على المؤمنين وقهرهم لهم0 والمؤمنون فى ضعفهم وذلهم وهوانهم على الناس كما وصف رسول الله حاله وهو يشكو حاله إلى الله: ((إليك أشكو ضعفى وذلتى وهوانى على الناس))،والعذاب يصب عليهم صبا من جانب المشركين00
    هنا مضرب المثل فى صورتين: صورة الرابى فوق الماء، والزبد المغشى للذهب والفضة المصهورتين00
    ويريد الله سبحانه وتعالى أن يسرى عن رسول الله وعن المؤمنين الغارقين فى العذاب0 إن ما هم فيه ليس هو نهاية المطاف! إنها مرحلة موقوتة00 ثم يتبدل الحال!
    فأما السيل فبعد فترة يصفو، وينفثئ الزبد الذى يعلوه، ويذهب جفاء00 يذهب بددا00 ويبقى الماء يسقى الحرث والنسل، وينبت الزرع، وينتفع الناس به، ويفرحون بالخير الذى جاء معه0
    وأما الزبد الذى يعلو الذهب والفضة فى عملية الصهر فيلقى جانبا، ويذهب بددا، وأما المعدن الصافى فيبقى نقيا خالصا ينتفع به الناس0
    ذلك هو المثل. أما الصورة ((الموازية)) المطلوب إبرازها فهى أن انتفاش الباطل وهيمنة الكفار فى مكة زائلان بحول الله وقوته. ويبقى الحق، ويعلو، وينتصر، ويخلص له الجو، ويصبح هو القوة الممكنة فى الأرض، ويدخل الناس فى دين الله أفواجا، بعد فترة الصراع التى يخوضها الحق مع الباطل: ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين))( )0
    إنه مثل رائع، يجسد علو الباطل فترة من الوقت، ثم تبدده فى النهاية وانتصار الحق..
    ولكن روعته تزداد فى الحس حين ينعم الإنسان النظر فى تفصيلاته..
    من سنن الله أن يسبق انتصار الحق وتمكنه فى الأرض فترة يعلو فيها الباطل ويتنفش. ومن سنة الله فى الوقت ذاته أن يبتلى المؤمنون على يد الكفار :
    ((أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون() ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين))( )0
    ويبين الله حكة الابتلاء فى قوله تعالى: ((وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين))( )فمحق الكافرين يأتى بعد تمحيص المؤمنين وتمحيص المؤمنين يأتى من خلال الابتلاء00
    وتبلغ الروعة فى المثل قمتها فى تصوير حالة الابتلاء.. إنها ((فتنة)) ينصهر فيها المؤمنون كما يفتن الذهب والفضة على الناس( )، كما ورد فى سورة العنكبوت: ((أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون(2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين))( )0
    وفى عملية الانصهار التى تتم فى الابتلاء تذهب أدران النفوس، وتصفو، وتخلص لله، كما يذهب ما يعلق بالذهب والفضة من أوشاب، لا تزول إلا ((بالفتنة)) على النار، ثم يبقى الجوهر الصافى الذى يستمتع به الناس0
    ألا إنه إعجاز 00
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. لماذا نقول أن القرآن من عند الله ؟؟ ولماذا لا يأتون بمثله ؟؟
    بواسطة قلب معلق بالله في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-22-2012, 07:00 PM
  2. التطور نظرية فى أزمة ...كتاب أصدره مايكل دنتون عالم بيولوجيا أسترالي
    بواسطة أحمد مناع في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-10-2011, 12:06 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء