فلسفة
من أهم معالم فلسفة أبيقور(ت ~ 270 ق ) أن الإنسان إذا كان مكونًا من نفس وجسد ، فالخير هو في تحقيق سعادة هذين العنصرين ..إسعاد الجسد بتحقيق أكبر قدر من اللذة الخالية من الألم ، وإسعاد النفس بتحقيق الطمأنينة والسلام ، ولا تتحقق هذه الطمأنينة إلا بالتخلص مما يقلق النفس بترك الخوف من: الإله والموت ...أما الموت فمادام جائيا حين لا أكون حيًا فخارج نطاق اهتمامي ، ولا معنى للخوف منه إذًا ، والإله الكامل ليس من "اهتماماته" الإنسان فلا ثواب ولا عقاب ..فلا وجه للخوف منه كذلك..هذا ملخص فلسفة أبيقور في هذا الجانب.
---------
الإسلام : تتميز الواقعية في النظرة الإسلامية بأنها قائمة على العدل والحكمة بإعطاء كل ذي حق حقه لأجل مصدرها الرباني ، فالخوف من الموت على ضربين : خوف جبلّي مركوز في النفس..فهذا لانكير في قبوله إلا على سبيل التنكر للحقائق الثابتة وهو إذن مكابرة، ولا يعامل بإجراء فلسفي "عقلاني" بأن يقال : مادام الموت يأتي حين لا أكون إلخ..لأن إنكار هذه الحقائق ، من كُفران العقل أصلًا ..وخوفٌ من نوع آخر حقيقته تتعاظم في النفس من جراء انغماس العبد في المعاصي ، فيتولد عند العبد شعور بكراهية الموت لأنه سيلقى به الله عز وجل فيوافيه بما قدم من صحائف سود ..وهذان النوعان من الخوف مبيّنان في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين.. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقلت: يا نبي الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت، فقال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه ، وجزى الله خيرا أم المؤمنين على ما فسرت هذا الكلام النبوي الجليل كما في صحيح مسلم عن شريح بن هانيء حين سمع أبا هريرة رضي الله عنه يروي (من أحب لقاء الله ..الحديث) ، أتاها شريح فقال : سمعت أباهريرة يذكر حديثا عن رسول إن كان كذلك فقد هلكنا ! ، فقالت إن الهالك من هلك بقول رسول الله وما ذاك ؟ قال :قال رسول الله :من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ..إلخ وليس منا احد إلا يكره الموت ، فقالت :قد قاله رسول الله وليس بالذي تذهب إليه ولكن إذا شخَص البصر وحشرج الصدر واقشعرّ الجلد وتشنجت الأصابع فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء لقاء الله كره الله لقاءه ، ،...ولهذا كان من آيات الله في هذه القضية أن تحدى اليهود فقال (ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ) -يعني الموت-..وكان من لوازم ضعف الإيمان ما دل عليه حديث ثوبان في حديث تداعي الأمم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت..أخرجه الإمام أحمد في المسند وأبوداود في سننه ، يعني لأن الآثام مقعدة عن الجهاد في سبيل الله تعالى ..وجهاد العدو مظنة للموت..
وأما الإله سبحانه ، فمقتضى كماله ألا يكون رَكَز هذا الوجدان في أعماق الإنسان :عبثًا ، ومن كماله أن وضع شريعة تنضبط بها لذة الجسد فلا تطغى ، وغذّى بالشريعة الروح بما يليق بها فلا تبلى ..ومن كماله تبارك وتعالى أن جعل العقل فيه قابلية الاختيار حتى يحق معنى الاختبار ..ثم إن الله من كماله أيضا أن: وضع في النفس مُشيرات فطرية تزَعُه ليهتدي بها في ظلمات الشهوات لو كان يقظًا..فحين تقع في الذنب يلحقها في الأصل شعور سيء يدلي بسبب إلى الثبور، وحين تفعل الخير الذي يحبه الله ورسوله ، يعقبها أريحية وإشراق وسرور
Bookmarks