أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا
جزاك الله خير يا أخي مشاركة طيبة.
في هذه العبارة اخي خلاصة جيدة:
وباختصار بعبارة اخرى: هل يتوارد الى ذهنك بان موت النبي صلى الله عليه وسلم (وهو حق على كل انسان) بعد ان بلغ رسالة ربه يتعارض مع حفظ الله سبحانه له? الجواب لا - فاذا ذات الشيء الذي يجعلك تستثني موت النبي صلى الله عليه وسلم من عبارة الحفظ هو ما يجعلك تستثني بعض الامور (كسر رباعيته صلى الله عليه وسلم او غيرها) من عبارة الحفظ تلك - فهو متعلق بالحكمة الالهيةووعود الله الكريمة للمؤمنين تتحقق بالطريقة التي تتفق مع الحكمة من الخلق، وهي الابتلاء والامتحان، والتمييز والتمحيص.
اذا جوابا لسؤالك - هو حفظ للدين وحفظ في امور الدنيا - لكنه ليس مطلقا هكذا - وانما هو مقيد بالحكمة الالهية
والله اعلم
"العبد يسير إلى اللـه بين مطالعة المنة ومشاهدة التقصير!" ابن القيم
"عندما يمشي المرؤ على خطى الأنبياء في العفاف, يرى من نفسه القوة والعزة والكبرياء. بينما يعلم المتلوث بدنس الفحش الضعف من نفسه والضعة والتساقط أمام الشهوات"
خلاصة الكلام :
الحفظ حفظان , الأول حفظ الدين من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة وهذا الحفظ مُطلق لكل من حفظ الله بالتزام شرعه .
الثاني الحفظ الحسي أي حفظ الأهل والنفس والمال وهو الأصل والغالب ومُقيد بالمصلحة والحكمة من الخلق والاستثناء ابتلاء العبد بما عاقبته أحسن , ومن منافع التوكل على الله وحفظ الله في حال تقدير المكروه على العبد لحكمة يعلمها الله أن يكون التوكل والاستعانة بالله عوناً له على تحمل ما يحذره ويخافه حتى يكون المقدور خفيف الوقع عليه ويملأ قبه بالرضا عنه سبحانه وعن تدبيره وأن يثبته على الصراط المستقيم بعدم الجزع والاعتراض بل يكون البلاء إليه أحب إليه من رفعه لقوة تسليمه وإيمانه بحكمة ونصح ربه كماسُئِلَ بَعْضُ التَّابِعِينَ عَنْ حَالِهِ فِي مَرَضِهِ ، فَقَالَ : أَحَبُّهُ إِلَيْهِ أَحَبُّهُ إِلَيَّ .
ومن هذا الباب ماوردنا عن بلال بن رباح رضي الله عنه حين كان يعذب من قبل قريش بعد إعلان كلمة التوحيد وكان يعذب في رمضاء مكة حيث إنه سُئل كيف صبرت يابلال؟ قال: مزجت حلاوة الإيمان بمرارة العذاب فطغت حلاوة الإيمان على مرارة العذاب فصبرت .
وأقتبس هنا كلاماً جميلاً للدكتور بدر عبدالحميد هميسة إذ يقول فيه (ابن تيميه - رحمه الله- يدخل سجن القلعة ويغلق عليه الباب، فيبرز بلسم الحياة في تلك اللحظة -أعني الإيمان- فيقول: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ) ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أنَّى رُحت فهي معي لا تفارقني، حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة. إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، إنها جنة الإيمان.
المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه، والله لو بذلت ملء القلعة ذهبًا ما عدل ذلك عندي شكر نعمة الحبس، وما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير، اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، حاله:
أنا لست إلا مؤمنًا *** بالله في سري وجهري
أنا نبضة في صدر هذا *** الكون فهل يضيق صدري
يقول تلميذه [ابن القيم] -رحمه الله-: وعلم الله ما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والتنعم، وما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق ومع ذلك فهو من أطيب الناس عيشًا وأشرحهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، وأسرُّهم نفسًا، تلوح نظرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه؛ فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحًا وقوة وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها. راجع : بلسم الحياة : علي عبد الخالق القرني 5 وما بعدها .انتهى)
وبهذا التقرير يزول التعارض .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
Bookmarks