صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 19

الموضوع: دعوة للمشاركة : التحقيق في معنى احفظ الله يحفظك .

  1. افتراضي دعوة للمشاركة : التحقيق في معنى احفظ الله يحفظك .

    قال أهل العلم في شرحهم لحديث احفظ الله يحفظك , حفظ العبد لربه يعني القيام بحقوقه وفعل أوامره واجتناب نواهيه وأما حفظ الله للعبد فله وجهين :
    الوجه الأول هو حفظ الله للعبد في دينه بأن يحفظه من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة وأن يثبته على الصراط المستقيم , وتفسير حفظ الله للعبد بهذا الوجه وهذه الصورة لا خلاف بين أهل العلم بحملها عليه والواقع يؤكد ذلك.
    الوجه الثاني وهو المُشكل والذي فيه إشكال عندي هو أنه حفظ الله للعبد في مصالح دنياه في بدنه وأهله وماله وولده ونحو ذلك وهذا الحفظ غير محصور على المؤمنين بل يشترك فيه الكفار والفساق إلا أنه في حق المؤمنين هو من باب الجزاء لهم والوعد لهم بهذا الحفظ ماداموا يحفظونه بالاستقامة على دينه وأما الكفار والفساق فالله عز وجل يحفظهم لكن بلا وعد منه فقد يسلبهم هذا الحفظ في أي وقت وذلك أنه لم يعدهم بشيء .
    الإشكال الذي أتمنى منكم أن تتفاعلون معي وتحاولون كشفه عني: هو أن تفسير حفظ الله للعبد بالوجه الثاني غير صحيح على إطلاقه إذ كيف نجمع بين قوله عليه الصلاة والسلام : "احفظ الله يحفظك" على مفهوم أن الحفظ يشمل الحفظ الدنيوي ، وبين أنهُ سُحِرْ وقد شجًََت رباعيته يوم أحد وهناك من أهل العلم من يقول: إنه قتل بالشاة المسمومة؟ وكذلك ما ورد عن بني إسرائيل أنهم قتلوا أنبياءهم مع أنهم يحفظون الله بالاستقامة على طاعته وكذلك مقتل عثمان وعمر وهو يصلي ومقتل الحسين وسعيد بن جبير على يد الحجاج وغيرهم كثير؟
    أنا أعلم أن ما يصيب أولياء الله إنما هو لرفعة درجاتهم ولكن سؤالي دقيق وهو لماذا أصابهم ما أصابهم وقد وعدهم الله بحفظه أم أن تفسير أهل العلم بالحفظ الدنيوي تفسير غير دقيق؟
    وعموماً الذي يظهر أن المراد بحفظ الله للعبد هو حفظه في دينه مطلقاً وحفظه في مصالح دنياه باستثناء بعض الأقدار المؤلمة التي عاقبتها إلى خير وفلاح يقيناً أي بمعنى أدق أن المراد بحفظ الله للعبد في دنياه هو أن يقضي الله الخير للعبد حيث كان ثم يُرضيه به ، وإن كان في قالب ضراء فينظر العبد القاصر بخفايا الأمور ومآلاتها، وأن تكون العاقبة له ولو بعد حين وبهذا التفسير يزول الإشكال.
    الرجاء من إخواني الأعضاء تعليقهم على ما ذهبت إليه .
    ولمزيد من الفائدة فقد بحثت هذه المسألة قبل فترة وقد جعلتها على هيأة سؤال وهي مُستفادة من فتاوى موقع إسلام ويب وفتاوى سليمان الماجد حفظه الله وفتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله وغيره.
    السؤال: قرأت كثيراً عن التوكل، ولكن عندي شبهات أرجو كشفها، وهي: هل التوكل يرد المقدور؟ وهل التوكل يؤدي إلى وقوع المقدور حسب ما يريد العبد؟ وهل معنى الحسب والكفاية في قوله تعالى: ومن يتوكل على الله فهو حسبه"، وقوله: "أليس الله بكاف عبده" أن يقضي الله الخير للعبد حيث كان ثم يُرضيه به، وإن كان في قالب ضراء فينظر العبد القاصر بخفايا الأمور ومآلاتها، وأن تكون العاقبة له ولو بعد حين كما قال تعالى: "والعاقبة للمتقين"؟ وكيف نجمع بين قوله عليه الصلاة والسلام : "احفظ الله يحفظك"، وقوله تعالى: "والله يعصمك من الناس" وبين أنهُ سُحِرْ وقد شجًََت رباعيته يوم أحد وهناك من أهل العلم من يقول: إنه قتل بالشاة المسمومة؟ وكذلك ما ورد عن بني إسرائيل أنهم قتلوا أنبياءهم مع أنهم يحفظون الله بالاستقامة على طاعته؟
    الجواب:
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
    فالتوكل وغيره من الأسباب الشرعية كالدعاء وتقوى الله تعالى والاستغفار، مما يُستدفع به المقدور المكروه،ويُستجلب به المقدور المحبوب، بل هو من أعظم أسباب ذلك، قال الشيخ حافظ حكمي في (معارج القبول): ليس في فعل الأسباب ما ينافي التوكل مع اعتماد القلب على خالق السبب، وليس التوكل بترك الأسباب، بل التوكل من الأسباب وهو أعظمها وأنفعها وأنجحها وأرجحها. اهـ.
    وفي (زاد المعاد) لابن القيم: القدر يُدفع بعضه ببعض، كما يُدفع قدر المرض بالدواء، وقدر الذنوب بالتوبة، وقدر العدو بالجهاد، فكلاهما من القدر ... والله يلوم على العجز ويحب الكيس ويأمر به، والكيس هو مباشرة الأسباب التي ربط الله بها مسبباتها النافعة للعبد في معاشه ومعاده، فهذه تفتح عمل الخير. وأما العجز فإنه يفتح عمل الشيطان. اهـ.
    وقال في (مدارج السالكين): من صدق توكله على الله في حصول شيء ناله. اهـ.
    ومن الوقائع النبوية في دفع المكروه بصدق التوكل على الله تعالى ما رواه جابر بن عبد الله قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب بن خصفة، فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال: من يمنعك مني؟! قال: الله عز وجل. فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ. قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله فأتى قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس. رواه البخاري ومسلم وأحمد واللفظ له.
    وفي ذلك نزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المائدة: 11}
    قال ابن كثير: يعني: من توكل على الله كفاه الله ما أهمه، وحفظه من شر الناس وعصمه. اهـ.
    ومن ذلك أيضا رد النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر حين قال له في الغار أثناء الهجرة: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال صلوات الله وسلامه عليه: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما. متفق عليه.
    وفي ذلك نزل قوله تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {التوبة: 40}.
    ويدل على عموم هذا المعنى الآيتان اللتان ذكرهما السائل، قوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ {الزمر: 36}
    قال البغوي يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم، وقرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي: (عباده) بالجمع يعني: الأنبياء عليهم السلام، قصدهم قومهم بالسوء كما قال: (وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه)(غافر: 5) فكفاهم الله شر من عاداهم. اهـ.
    وقوله سبحانه: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 3}
    قال العلامة ابن عاشور في (التحرير والتنوير): وجملة { إن الله بالغ أمره } في موضع العلة لجملة { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } ، أي لا تستبعدوا وقوع ما وعدكم الله حين ترون أسباب ذلك مفقودة، فإن الله إذا وعد وعداً فقد أراده، وإذا أراد الله أمراً يسر أسبابه. ولعل قوله: { قد جعل الله لكل شيء قدراً } إشارة إلى هذا المعنى ، أي علم الله أن يكفي من يتوكل عليه مهمَّه فقدر لذلك أسبابه كما قدر أسباب الأشياء كلها، فلا تشكوا في إنجاز وعده، فإنه إذا أراد أمراً يسر أسبابه من حيث لا يحتسب الناس وتصاريف الله تعالى خفية عجيبة. اهـ.
    وهنا لابد من التنبيه على أن تحقيق هذا الوعد الكريم لا يعلم كيفيته وموعده إلا الله، فلا يُقال: كيف ولا متى ؟ ولكن يوقن بذلك وينتظر الفرج ويرضى بتدبير الله له، ولهذا خُتِمت الآية بما ختِمت به، قال السعدي: { فهو حسبه } أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له؛ فلهذا قال تعالى: { إن الله بالغ أمره } أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه { قد جعل الله لكل شيء قدرا } أي: وقتا ومقدارا، لا يتعداه ولا يقصر عنه اهـ.
    ووعود الله الكريمة للمؤمنين تتحقق بالطريقة التي تتفق مع الحكمة من الخلق، وهي الابتلاء والامتحان، والتمييز والتمحيص.
    وأما الجمع بين قوله تعالى: وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ {المائدة:67} وحديث: "احفظ الله يحفظك"، وبين ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم في بدنه من بلاء، فقال ابن عادل في (اللباب): الجواب أن قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) المراد به عصمة القلب والإيمان لا عصمة الجسد عما يرد عليه من الأمور الحادثة الدنيوية، فإنه عليه السلام قد سحر وكسرت رباعيته ورمي عليه الكرش والثرب وآذاه جماعة من قريش اهـ.
    وقال أحد أهل العلم عن ذلك ما نصه : نظراً لشدة عداوة الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم، وكثرتهم وقوتهم، وحرصهم على قتله صلى الله عليه وسلم والتخلص منه بكل وسيلة اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم الحرس في بداية الأمر كما تُمليه السنن الكونية والطبيعة البشرية.. فلما نزل عليه قول الله تبارك وتعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ {المائدة: 67}. ترك الحرس فلم يصل إليه عدوّ بقتل ولا أسر ولا قهر.. مع كثرة الأعداء وكثرة محاولاتهم،والأمثلة على ذلك كثيرة ثابتة فمنها محاولة عمير بن وهب وصفوان بن أمية، ومحاولة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس، ومحاولة بني قينقاع، ومحاولة اليهودية التي أهدت للنبي ذراع الشاة المسمومة،وهي ثابتة في كتب السنة، ولكن الله سبحانه وتعالى عصمه من تلك المحاولات ومن غيرها. وقد استشكل بعضهم أن اليهود سحروه ووضعوا له السم وأن قريشاً شجوه وكسروا رباعيته... ولا إشكال في ذلك، فما أصابه صلى الله عليه وسلم من الآلام والأذى ... في سبيل الله إنما هو لرفع درجاته وتعظيم أجره عند الله تعالى، وليتأسى به الدعاة والعلماء المصلحون .. من بعده. فالله سبحانه وتعالى ضمن له العصمة والسلامة من القتل والأسر وزوال العقل وتلف الجملة.. حتى يبلغ رسالته ويكمل دينه. وأما عوارض الأذى فلا تمنع عصمة الجملة، ولم تكن تهم النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان الذي يهمَه هو الخوف من القضاء على شخصه قبل أن يبلغ رسالة ربه. وعندما أكمل الله الدين لعباده وأتم عليهم نعمته بكمال تشريعه وأصبح رجال الإسلام الذين تعهدهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتربية قادة قادرين على حمل الدين وتبليغه أجرى الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم سنته الماضية في خلقه، كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {آل عمران: 185}. وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يحس بأن مهمته في هذه الحياة قد انتهت،وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده... فأشار إلى ذلك في حجة الوداع عندما خطب في تلك الجموع الحاشدة، فبين لهم شرائع الإسلام وأوصاهم وصية مودع.. وقال: لعلي لا ألقاكم في موضعي هذا بعد عامي هذا !. فلم يكن موته صلى الله عليه وسلم فجأة ولا بسبب قتل أو اغتيال وإنما كانت موتة طبيعية بسبب الحمى والصداع الذي كان من أسبابه آثار تلك الأكلة المسمومة التي تناولها بخيبر، فلم تؤثر عليه في ذلك الوقت، فقاد الجيوش بعد ذلك ودخل المعارك الكبرى وانتصر فيها، وفاوض الأعداء، واستقبل الوفود، ومارس حياته العادية اليومية بصورة طبيعية حتى وافاه الأجل المحتوم بصورة طبيعية. وتأثير السم عليه بعد ذلك عند نهاية الأجل إنما هو لرفع درجاته وعلو منزلته عند الله تعالى، ولينال بذلك مقام الشهداء. وبهذا نعلم أنه لا تعارض بين عصمة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبين ما لقيه صلى الله عليه وسلم من الأذى.
    وقال الشيخ ابن باز عن نفس هذا الإشكال ما نصه ما يلي: لم يترتب على ذلك شيء مما يضر الناس أو يُخل بالرسالة أو بالوحي، والله جل وعلا عصمه من الناس مما يمنع وصول الرسالة وتبليغها، أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء فإنه لم يعصم منه عليه الصلاة والسلام, بل أصابه شيء من ذلك, فقد جرح يوم أحد, وكسرت البيضة على رأسه, ودخلت في وجنتيه بعض حلقات المغفر, وسقط في بعض الحفر التي كانت هناك, وقد ضيقوا عليه في مكة تضييقا شديدا, فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل, ومما كتبه الله عليه, ورفع الله به درجاته, وأعلى به مقامه, وضاعف به حسناته, ولكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة, ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وسلم. اهـ. والله أعلم.
    وأما وقع للأنبياء والأولياء من أنواع الابتلاء لايُقال أنه من ضعف التوكل ، ولا يدل على نقصه عندهم ؛ بل التوكل عقيدة سابقة للمخوف يريدها الله من العبد ، ومن منافعها أن تكون عونا له على تحمل ما يحذره ويخافه ، وما يقع بعد ذلك منه إنما هو ابتلاء وامتحان ، أو كفارة ورفع درجة ، تزيد الإيمان والتقوى ؛ قال تعالى : "ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما". والله أعلم .
    قلتُ الحفظ حفظان , الأول حفظ الدين من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة وهذا الحفظ مطلق لكل من حفظ الله بالتزام شرعه .
    الثاني الحفظ الحسي أي حفظ الأهل والنفس والمال وهو الأصل ومقيد بالمصلحة والحكمة من الخلق والاستثناء ابتلاء العبد بما عاقبته أحسن , وبهذا يزول التعارض .


  2. افتراضي

    هل من أحد لديه إضافة أو تعليق ؟

  3. #3

    افتراضي

    كِلا الوجهين صحيح , إنما كان استشكالك أخي لعدم معرفة وإدراك الحكمة من كل مقدور قدره الله , فقد قرّر الواقِع والمُشاهدة أنّ الكثير من أهل البلاء كانوا ممن ينطبق عليهم ( إحفظ الله ) في كل أمورهم وتفاصيل حياتهم , فهل يُقال أنهم فاتهم الحفظ ولم يَنطبِق عليهم المعنى ؟ لا بالطبع , فهذه حكمة وهذه حكمة , والمؤمن بالذّات همّهُ ومرمى عينهُ وقرّتها هي الدار الآخرة , فكان من حفظ الله له أن يرزقه مايُنقّيه من شوائب الإثم والمعصية ليلقى ربّهُ مبرءاً من كل عيب فيستحق ماتمنّى وماعاش عليه , وخطأ تقديرنا لما هو وماهو شر لنا يتأتّى من عدم معرفتنا بما أُخفي لنا من حكمة هي لنا خير دوماً وإن بدت غير ذلِك , فقد قال ابن مسعود عليه رضوان الله : "إن العبد ليهمّ بالأمر من التجارة أو الإمارة فينظر الله إليه فيقول للملائكة: اصرفوه عنه، فإني إن يسرته له أدخلته النار فيصرفه الله عنه، فيظل يتطير، يقول: سبقني فلان، دهاني فلان، وما هو إلا فضل الله عز وجل .."
    ومن نوع حفظ الله للعبد علمه سُبحانه بمايُصلحه ويُقرّبه وعلمه بما يُغويه ويطغيه , فيرزقه بحفظه له كل مايُقرّبه من الجنّة والمغفرة وتكفير الذنوب وهذا خيرُ حفظٍ يأمله مؤمنٌ مسلم , فإن علم من الإنسان أنه سيصلُح دينه بالبلاء كان حفظاً بتحقيق فعل الشرط , وإن علم أنه يصلُح بالعافية فهو كذلِك ...إنّما يقيناً فهو محفوظٌ من الله بكل ماتحمِل كلمة الحفظ من معنى بالتأكيد إنما نجهل الحِكَم ومن هنا ظهرَ الإستشكال ... والله أعلى وأعلم
    أعظَم مَن عُرِف عنه إنكار الصانع هو " فِرعون " ، ومع ذلك فإن ذلك الإنكار ليس حقيقيا ، فإن الله عزّ وَجَلّ قال عن آل فرعون :(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)
    وبُرهان ذلك أن فِرعون لَمّا أحسّ بالغَرَق أظْهَر مكنون نفسه ومخبوء فؤاده على لسانه ، فقال الله عزّ وَجَلّ عن فرعون : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

  4. #4

    افتراضي

    السلام ...
    اذا كان يمكن ان يكون البلاء من الله حفظ { وهو الصحيح } فلا جدوى من تقسيمات دنوية حسب تفسير الحفظ ...
    وانما كان يمكن التقسيم ال قسمين لا ثالث لهما
    1/ الحفظ في الدنيا .
    2/ الحفظ في الآخرة .
    الاول الحفظ من كل ما لا يرضي الله لك .عموما .
    والثاني .الحفظ من كل سوء الآخرة { الموقف .الصراط ..و.و..} .
    وبالتالي ...انت في حفظ الله دوم حياتك عموما .
    فالتكثير من اقوال العلماء فانما يتناول تقسيمات دنيوية مع وجودها في { حفظ الله دوم حياتك عموما } .
    وشكرا على الجهود .

  5. #5

    افتراضي

    الوجه الثاني وهو المُشكل والذي فيه إشكال عندي هو أنه حفظ الله للعبد في مصالح دنياه في بدنه وأهله وماله وولده ونحو ذلك وهذا الحفظ غير محصور على المؤمنين بل يشترك فيه الكفار والفساق إلا أنه في حق المؤمنين هو من باب الجزاء لهم والوعد لهم بهذا الحفظ ماداموا يحفظونه بالاستقامة على دينه وأما الكفار والفساق فالله عز وجل يحفظهم لكن بلا وعد منه فقد يسلبهم هذا الحفظ في أي وقت وذلك أنه لم يعدهم بشيء .
    لى ملاحظة على هذا الكلام ..فالنعم التى ينعم الله بها على المؤمنين فى الدنيا قد تكون من باب الوعد نعم أما الجزاء فلو كنت تقصد ان عملهم كان سببا فنعم ولو كنت تقصد أن النعم كانت جزء من الثواب فلا أظن أن هذا صحيح ... فعلى أحد القولين (وإن كان هذا ليس هو قول الجمهور) فى قوله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أن هذه النعم التى يتنعم بها المؤمنون فى الدنيا خالصة أى لا تنقص من ثوابهم فى الآخرة ولكنها ليست خالصة للكافرين لأنهم يعاقبون علي عدم شكرها
    تفسير السعدى :


    يقول تعالى منكرا على من تعنت، وحرم ما أحل اللّه من الطيبات { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } من أنواع اللباس على اختلاف أصنافه، والطيبات من الرزق، من مأكل ومشرب بجميع أنواعه، أي: مَن هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم اللّه بها على العباد، ومن ذا الذي يضيق عليهم ما وسَّعه اللّه؟". وهذا التوسيع من اللّه لعباده بالطيبات، جعله لهم ليستعينوا به على عبادته، فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين، ولهذا قال: { قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي: لا تبعة عليهم فيها. ومفهوم الآية أن من لم يؤمن باللّه، بل استعان بها على معاصيه، فإنها غير خالصة له ولا مباحة، بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها، ويُسأل عن النعيم يوم القيامة. { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ } أي: نوضحها ونبينها { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } لأنهم الذين ينتفعون بما فصله اللّه من الآيات، ويعلمون أنها من عند اللّه، فيعقلونها ويفهمونها.

    تفسير قرطبى:
    قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
    يعني بحقها من توحيد الله تعالى والتصديق له ; فإن الله ينعم ويرزق , فإن وحده المنعم عليه وصدقه فقد قام بحق النعمة , وإن كفر فقد أمكن الشيطان من نفسه . وفي صحيح الحديث ( لا أحد أصبر على أذى من الله يعافيهم ويرزقهم وهم يدعون له الصاحبة والولد ) . وتم الكلام على " الحياة الدنيا " . ثم قال " خالصة " بالرفع وهي قراءة ابن عباس ونافع . " خالصة يوم القيامة " أي يخلص الله الطيبات في الآخرة للذين آمنوا , وليس للمشركين فيها شيء كما كان لهم في الدنيا من الاشتراك فيها . ومجاز الآية : قل هي للذين آمنوا مشتركة في الدنيا مع غيرهم , وهي للمؤمنين خالصة يوم القيامة . فـ " خالصة " مستأنف على خبر مبتدأ مضمر . وهذا قول ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة والسدي وابن جريج وابن زيد . وقيل : المعنى أن هذه الطيبات الموجودات في الدنيا هي خالصة يوم القيامة , للمؤمنين في الدنيا ; وخلوصها أنهم لا يعاقبون عليها ولا يعذبون فقوله : " في الحياة الدنيا " متعلق بـ " آمنوا " . وإلى هذا يشير تفسير سعيد بن جبير . انتهى


    واما بالنسبة للكافرين فأيضا الأمر ليس أنهم ليس لهم وعد لأن الله وعدهم فقال تعالى (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ)
    تفسير الطبرى :
    القول في تأويل قوله تعالى : مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15)

    قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: من كان يريد بعمله الحياة الدنيا، وإيّاها وَزينتها يطلب به ، (6) نوفّ إليهم أجور أعمالهم فيها وثوابها (7) ، (وهم فيها) يقول: وهم في الدنيا ، (لا يبخسون) ، يقول: لا ينقصون أجرها، ولكنهم يوفونه فيها. (8)

    * * *

    وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

    *ذكر من قال ذلك:

    18012- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) الآية، وهي ما يعطيهم الله من الدنيا بحسناتهم ، وذلك أنهم لا يظلمون نقيرًا. يقول: من عمل صالحًا التماس الدنيا ، صومًا أو صلاةً أو تهجدًا بالليل، لا يعمله إلا لالتماس الدنيا ، يقول الله: أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعملُ التماس الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين.

    18013- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها) ، قال: ثوابَ ما عملوا في الدنيا من خير أعطوه في الدنيا، وليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صَنَعوا فيها.

    * * *

    18014- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفّ إليهم أعمالهم فيها) ، قال: وَزْنَ ما عملوا من خير أعطوا في الدنيا، (9) وليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها. قال: هي مثل الآية التي في الروم: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ ، [سورة الروم: 39]

    18015- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن سعيد بن جبير: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) ، قال: من عمل للدنيا وُفِّيهُ في الدنيا.

    18016- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) ، قال: من عمل عملا مما أمر الله به ، من صلاة أو صدقة ، لا يريد بها وجهَ الله ، أعطاه الله في الدنيا ثوابَ ذلك مثلَ ما أنفق ، فذلك قوله: (نوفّ إليهم أعمالهم فيها) ، في الدنيا، (وهم فيها لا يبخسون) ، أجر ما عملوا فيها، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا ، الآية.

    18017- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن عيسى ، يعني ابن ميمون ، عن مجاهد في قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) ، قال: ممن لا يقبل منه ، جُوزِي به ، يُعطَى ثوابَه.

    18018- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن عيسى الجرشي، عن مجاهد: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها)، قال: ممن لا يقبل منه ، يعجّل له في الدنيا. (10)

    18019- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون) ، أي: لا يظلمون. يقول: من كانت الدنيا همَّه وسَدَمه (11) وطَلِبته ونيّته، جازاه الله بحسناته في الدنيا، ثم يفضي إلى الآخرة، وليس له حسنة يعطى بها جزاءً. وأما المؤمن ، فيجازى بحسناته في الدنيا ، ويثاب عليها في الآخرة ، (وهم فيها لا يبخسون) أي : في الآخرة لا يظلمون.

    18020- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق ، جميعًا، عن معمر، عن قتادة: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها)، الآية، قال: من كان إنما هِمّته الدنيا ، إياها يطلب ، أعطاه الله مالا وأعطاه فيها ما يعيش، وكان ذلك قصاصًا له بعمله.(وهم فيها لا يبخسون) ، قال: لا يظلمون.

    18021-. . .. قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ليث بن أبي سلم، عن محمد بن كعب القرظي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحسن من محسن ، فقد وقع أجره على الله في عاجل الدنيا وآجل الآخرة . (12)

    18022- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها) ، الآية، يقول: من عمل عملا صالحًا في غير تقوى ، يعني من أهل الشرك ، أعطي على ذلك أجرًا في الدنيا: يصل رحمًا، يعطي سائلا يرحم مضطرًّا ، في نحو هذا من أعمال البرّ ، يعجل الله له ثواب عمله في الدنيا، ويُوسِّع عليه في المعيشة والرزق، ويقرُّ عينه فيما خَوَّله، ويدفع عنه من مكاره الدنيا ، في نحو هذا، وليس له في الآخرة من نصيب.

    18023- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا حفص بن عمر أبو عمر الضرير قال ، حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس في قوله: (نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون) ، قال: هي في اليهود والنصارى.

    18024-. . . . قال، حدثنا حفص بن عمر قال ، حدثنا يزيد بن زريع، عن أبي رجاء الأزدي، عن الحسن: (نوف إليهم أعمالهم فيها) ، قال: طيباتهم.

    18025- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، مثله.

    18026- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، مثله.

    18027- حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن وهيب: أنه بلغه أن مجاهدًا كان يقول في هذه الآية: هم أهل الرياء، هم أهل الرياء.

    18028-. . . . قال، أخبرنا ابن المبارك، عن حيوة بن شريح قال ، حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان، أن عقبة بن مسلم حدثه، أنّ شُفيّ بن ماتع الأصبحي حدثه: أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال من هذا؟ فقالوا أبو هريرة! فدنوت منه حتى قعدت بين يديه ، وهو يحدِّث الناس، فلما سكت وَخَلا (13) قلت: أنشدك بحقِّ ، وبحقِّ، (14) لما حدثتني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عَقَلته وعلمتَه . قال: فقال أبو هريرة: أفعل، لأحدثنك حديثًا حدّثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ! ثم نَشَغ نشغةً، (15) ثم أفاق فقال: لأحدثنك حديثًا حدّثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ، ما فيه أحدٌ غيري وغيره ! ثم نشَغ أبو هريرة نشغةً شديدة، ثم مال خارًّا على وجهه، واشتدّ به طويلا ثم أفاق فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ، نـزل إلى القيامة ليقضي بينهم ، (16) وكل أمة جاثيةٌ، فأوّل من يدعى به رجلٌ جمع القرآن، ورجل قُتِل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنـزلتُ على رسولي؟ قال: بلى يا رب ! قال: فماذا عملت فيما عُلِّمت؟ قال: كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار! فيقول الله له: كذبت ! وتقول له الملائكة: كذبت ! ويقول الله له: بل أردت أن يقال: " فلان قارئ" فقد قيل ذلك ! ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسِّع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب ! قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم ، وأتصدَّق. فيقول الله له: كذبت ! وتقول الملائكة: كذبت ! ويقول الله له: بل أردت أن يقال: " فلان جواد "، فقد قيل ذلك! ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقال له: فيماذا قُتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك، فقاتلت حتى قتلت. فيقول الله له: كذبت ! وتقول له الملائكة: كذبت ! ويقول الله له: بل أردت أن يقال: " فلان جريء "، وقد قيل ذلك ! ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة ، أولئك الثلاثة أول خلق الله تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة. (17)

    ، قال الوليد أبو عثمان: فأخبرني عقبة أن شفيًّا هو الذي دخل على معاوية، فأخبره بهذا.

    قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حكيم : أنه كان سيَّافًا لمعاوية، قال: فدخل عليه رجل فحدّثه بهذا عن أبي هريرة، فقال أبو هريرة : وقد فعل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بقي من الناس! ثم بكى معاوية بكاءً شديدًا حتى ظننا أنه هلك، وقلنا: [قد جاءنا ] هذا الرجل بشرٍّ ! (18) ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه فقال: صدق الله ورسوله : (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها) ، وقرأ إلى: وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . (19)

    18029- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن عيسى بن ميمون، عن مجاهد: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) الآية، قال: ممن لا يتقبل منه، يصوم ويصلي يريد به الدنيا، ويدفع عنه هَمّ الآخرة (20) ، (وهم فيها لا يبخسون)، لا ينقصون.
    انتهى

    وقال أحد أهل العلم عن ذلك ما نصه : نظراً لشدة عداوة الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم، وكثرتهم وقوتهم، وحرصهم على قتله صلى الله عليه وسلم والتخلص منه بكل وسيلة اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم الحرس في بداية الأمر كما تُمليه السنن الكونية والطبيعة البشرية.. فلما نزل عليه قول الله تبارك وتعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ {المائدة: 67}. ترك الحرس فلم يصل إليه عدوّ بقتل ولا أسر ولا قهر.. مع كثرة الأعداء وكثرة محاولاتهم،والأمثلة على ذلك كثيرة ثابتة فمنها محاولة عمير بن وهب وصفوان بن أمية، ومحاولة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس، ومحاولة بني قينقاع، ومحاولة اليهودية التي أهدت للنبي ذراع الشاة المسمومة،وهي ثابتة في كتب السنة، ولكن الله سبحانه وتعالى عصمه من تلك المحاولات ومن غيرها. وقد استشكل بعضهم أن اليهود سحروه ووضعوا له السم وأن قريشاً شجوه وكسروا رباعيته... ولا إشكال في ذلك، فما أصابه صلى الله عليه وسلم من الآلام والأذى ... في سبيل الله إنما هو لرفع درجاته وتعظيم أجره عند الله تعالى، وليتأسى به الدعاة والعلماء المصلحون .. من بعده. فالله سبحانه وتعالى ضمن له العصمة والسلامة من القتل والأسر وزوال العقل وتلف الجملة.. حتى يبلغ رسالته ويكمل دينه. وأما عوارض الأذى فلا تمنع عصمة الجملة، ولم تكن تهم النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان الذي يهمَه هو الخوف من القضاء على شخصه قبل أن يبلغ رسالة ربه. وعندما أكمل الله الدين لعباده وأتم عليهم نعمته بكمال تشريعه وأصبح رجال الإسلام الذين تعهدهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتربية قادة قادرين على حمل الدين وتبليغه أجرى الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم سنته الماضية في خلقه، كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {آل عمران: 185}. وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يحس بأن مهمته في هذه الحياة قد انتهت،وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده... فأشار إلى ذلك في حجة الوداع عندما خطب في تلك الجموع الحاشدة، فبين لهم شرائع الإسلام وأوصاهم وصية مودع.. وقال: لعلي لا ألقاكم في موضعي هذا بعد عامي هذا !. فلم يكن موته صلى الله عليه وسلم فجأة ولا بسبب قتل أو اغتيال وإنما كانت موتة طبيعية بسبب الحمى والصداع الذي كان من أسبابه آثار تلك الأكلة المسمومة التي تناولها بخيبر، فلم تؤثر عليه في ذلك الوقت، فقاد الجيوش بعد ذلك ودخل المعارك الكبرى وانتصر فيها، وفاوض الأعداء، واستقبل الوفود، ومارس حياته العادية اليومية بصورة طبيعية حتى وافاه الأجل المحتوم بصورة طبيعية. وتأثير السم عليه بعد ذلك عند نهاية الأجل إنما هو لرفع درجاته وعلو منزلته عند الله تعالى، ولينال بذلك مقام الشهداء. وبهذا نعلم أنه لا تعارض بين عصمة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبين ما لقيه صلى الله عليه وسلم من الأذى.وقال الشيخ ابن باز عن نفس هذا الإشكال ما نصه ما يلي: لم يترتب على ذلك شيء مما يضر الناس أو يُخل بالرسالة أو بالوحي، والله جل وعلا عصمه من الناس مما يمنع وصول الرسالة وتبليغها، أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء فإنه لم يعصم منه عليه الصلاة والسلام, بل أصابه شيء من ذلك, فقد جرح يوم أحد, وكسرت البيضة على رأسه, ودخلت في وجنتيه بعض حلقات المغفر, وسقط في بعض الحفر التي كانت هناك, وقد ضيقوا عليه في مكة تضييقا شديدا, فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل, ومما كتبه الله عليه, ورفع الله به درجاته, وأعلى به مقامه, وضاعف به حسناته, ولكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة, ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وسلم.
    الثاني الحفظ الحسي أي حفظ الأهل والنفس والمال وهو الأصل ومقيد بالمصلحة والحكمة من الخلق والاستثناء ابتلاء العبد بما عاقبته أحسن , وبهذا يزول التعارض .
    هذا الجمع الذى فى كلام العلماء جيد جدا ويوضح كيفية الجمع بين المصائب التى تصيب المؤمنين بل وحتى القتل أيضا وبين حفظ الله لهم وكذلك الجمع بين عصمة النبى صلى الله عليه وسلم وبين ما أصابه من أذى
    ويمكنك الإستئناس بقول النبى صلى الله عليه وسلم (عَجَبًا لأَمْرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ ليسَ ذلكَ لأَحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ) رواهُ مُسْلِمٌ .
    التعديل الأخير تم 10-17-2012 الساعة 12:17 AM
    مجموعة ورينا نفسك على الفيسبوك
    مدونتي

  6. افتراضي

    جزاكم الله خير يا أخوة على تعليقاتكم ومازلت في انتظار المزيد من آراء واجتهادات الأخوة.

  7. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو ذر الغفارى مشاهدة المشاركة
    لى ملاحظة على هذا الكلام ..فالنعم التى ينعم الله بها على المؤمنين فى الدنيا قد تكون من باب الوعد نعم أما الجزاء فلو كنت تقصد ان عملهم كان سببا فنعم ولو كنت تقصد أن النعم كانت جزء من الثواب فلا أظن أن هذا صحيح ...
    نعم أقصد أن عملهم كان سبباً لا عوضاً فالجزاء هنا جزاء السببية لا جزاء المعاوضة .
    أرجو من الأخوة ألا يشتتوا الموضوع وطرح رأيهم بخصوص السؤال المطروح :
    الإشكال الذي أتمنى منكم أن تتفاعلون معي وتحاولون كشفه عني: هو أن تفسير حفظ الله للعبد بالوجه الثاني غير صحيح على إطلاقه إذ كيف نجمع بين قوله عليه الصلاة والسلام : "احفظ الله يحفظك" على مفهوم أن الحفظ يشمل الحفظ الدنيوي ، وبين أنهُ سُحِرْ وقد شجًََت رباعيته يوم أحد وهناك من أهل العلم من يقول: إنه قتل بالشاة المسمومة؟ وكذلك ما ورد عن بني إسرائيل أنهم قتلوا أنبياءهم مع أنهم يحفظون الله بالاستقامة على طاعته وكذلك مقتل عثمان وعمر وهو يصلي ومقتل الحسين وسعيد بن جبير على يد الحجاج وغيرهم كثير؟
    أنا أعلم أن ما يصيب أولياء الله إنما هو لرفعة درجاتهم ولكن سؤالي دقيق وهو لماذا أصابهم ما أصابهم وقد وعدهم الله بحفظه أم أن تفسير أهل العلم بالحفظ الدنيوي تفسير غير دقيق؟
    وعموماً الذي يظهر أن المراد بحفظ الله للعبد هو حفظه في دينه مطلقاً وحفظه في مصالح دنياه باستثناء بعض الأقدار المؤلمة التي عاقبتها إلى خير وفلاح يقيناً أي بمعنى أدق أن المراد بحفظ الله للعبد في دنياه هو أن يقضي الله الخير للعبد حيث كان ثم يُرضيه به ، وإن كان في قالب ضراء فينظر العبد القاصر بخفايا الأمور ومآلاتها، وأن تكون العاقبة له ولو بعد حين وبهذا التفسير يزول الإشكال.


  8. افتراضي

    للرفع والفائدة والتذكير لمن لديه إضافة؟

  9. افتراضي

    للرفع والفائدة والتذكير لمن لديه إضافة؟

  10. افتراضي

    أجاب الأخ الفاضل وطالب العلم عبد الجليل مبرور العضو المتميز في ملتقى بداية المجتهد على نفس الإشكال بمايلي :
    الجواب عن الإشكال :
    هو أن الله يحب أن يعبد بالشكر والصبر، وأن يُحمد على السراء والضراء، وهذا هو التمحيص.
    لقوله تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) إظهارا للصادق من الكاذب.

    وسأنقل كلاما جميلا لابن تيمية في ذلك ، حيث يقول رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى :

    "وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْحَمْدِ وَأُمَّتُهُ هُمْ الْحَمَّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ . وَالْحَمْدُ عَلَى الضَّرَّاءِ يُوجِبُهُ مَشْهَدَانِ :
    أَحَدُهُمَا : عِلْمُ الْعَبْدِ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مُسْتَوْجِبٌ لِذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ لِنَفْسِهِ ؛ فَإِنَّهُ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَأَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . الْخَبِيرُ الرَّحِيمُ .

    وَالثَّانِي : عِلْمُهُ بِأَنَّ اخْتِيَارَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ اخْتِيَارِهِ لِنَفْسِهِ كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرِهِ عَنْ { النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدِ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ } فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ كُلَّ قَضَاءٍ يَقْضِيهِ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي يَصْبِرُ عَلَى الْبَلَاءِ وَيَشْكُرُ عَلَى السَّرَّاءِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ . قَالَ تَعَالَى : { إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } وَذَكَرَهُمَا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ . فَأَمَّا مَنْ لَا يَصْبِرُ عَلَى الْبَلَاءِ وَلَا يَشْكُرُ عَلَى الرَّخَاءِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ خَيْرًا لَهُ .

    وَلِهَذَا أُجِيبُ مَنْ أَوْرَدَ هَذَا عَلَى مَا يُقْضَى عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ الْمَعَاصِي بِجَوَابَيْنِ .
    أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ لَا مَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } أَيْ مِنْ سَرَّاءَ { وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } أَيْ مِنْ ضَرَّاءَ . وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أَيْ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً } وَقَالَ تَعَالَى : { إنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا } فَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ يُرَادُ بِهَا المسار وَالْمَضَارُّ وَيُرَادُ بِهَا الطَّاعَاتُ وَالْمَعَاصِي .

    ( وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ الصَّبَّارِ الشَّكُورِ . وَالذُّنُوبُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَقَدْ تَرْتَفِعُ دَرَجَتُهُ بِالتَّوْبَةِ . قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : كَانَ دَاوُد بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ كَانَ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ }
    وَالْمُؤْمِنُ إذَا فَعَلَ سَيِّئَةً فَإِنَّ عُقُوبَتَهَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ بِعَشَرَةِ أَسْبَابٍ :
    أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ . أَوْ يَسْتَغْفِرُ فَيُغْفَرُ لَهُ أَوْ يَعْمَلُ حَسَنَاتٍ تَمْحُوهَا فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ . أَوْ يَدْعُو لَهُ إخْوَانُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا . أَوْ يَهْدُونَ لَهُ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ مَا يَنْفَعُهُ اللَّهُ بِهِ أَوْ يَشْفَعُ فِيهِ نَبِيُّهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . أَوْ يَبْتَلِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا بِمَصَائِبَ تُكَفِّرُ عَنْهُ أَوْ يَبْتَلِيهِ فِي الْبَرْزَخِ بِالصَّعْقَةِ فَيُكَفِّرُ بِهَا عَنْهُ . أَوْ يَبْتَلِيهِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا بِمَا يُكَفِّرُ عَنْهُ . أَوْ يَرْحَمُهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .

    فَمَنْ أَخْطَأَتْهُ هَذِهِ الْعَشَرَةُ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِيمَا يَرْوِي عَنْهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَا عِبَادِي إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوفِيكُمْ إيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ } .
    إلى أن قال رحمه الله تعالى :
    وَالنَّاسُ " أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ " :
    مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ صَبْرٌ بِقَسْوَةِ .
    وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ رَحْمَةٌ بِجَزَعِ .
    وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ الْقَسْوَةُ وَالْجَزَعُ .
    وَالْمُؤْمِنُ الْمَحْمُودُ الَّذِي يَصْبِرُ عَلَى مَا يُصِيبُهُ وَيَرْحَمُ النَّاسَ .

    وقال في مكان آخر :
    وَمَا يُصِيبُ الْعَبْدَ مِنْ النِّعَمِ فَاَللَّهُ أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ وَمَا يُصِيبُهُ مِنْ الشَّرِّ فَبِذُنُوبِهِ وَمَعَاصِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } أَيْ مَا أَصَابَك مِنْ خِصْبٍ وَنَصْرٍ وَهُدًى فَاَللَّهُ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْك وَمَا أَصَابَك مِنْ حُزْنٍ وَذُلٍّ وَشَرٍّ فَبِذُنُوبِك وَخَطَايَاك وَكُلُّ الْأَشْيَاءِ كَائِنَةٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُؤْمِنَ الْعَبْدُ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَأَنْ يُوقِنَ الْعَبْدُ بِشَرْعِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ .

    وقال أيضا :
    وَمَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ إنْ كَانَ يَسُرُّهُ : فَهُوَ نِعْمَةٌ بَيِّنَةٌ . وَإِنْ كَانَ يَسُوءُهُ : فَهُوَ نِعْمَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ خَطَايَاهُ . وَيُثَابُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ . وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ حِكْمَةٌ وَرَحْمَةٌ لَا يَعْلَمُهَا { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } . وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ { وَاَللَّهِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ . إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ . وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ } .
    وَإِذَا كَانَ هَذَا وَهَذَا : فَكِلَاهُمَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ . وَكِلْتَا النِّعْمَتَيْنِ تَحْتَاجُ مَعَ الشُّكْرِ إلَى الصَّبْرِ .
    أَمَّا نِعْمَةُ الضَّرَّاءِ : فَاحْتِيَاجُهَا إلَى الصَّبْرِ ظَاهِرٌ .
    وَأَمَّا نِعْمَةُ السَّرَّاءِ : فَتَحْتَاجُ إلَى الصَّبْرِ عَلَى الطَّاعَةِ فِيهَا .

  11. افتراضي

    هل من إضافة أو تعليق؟

  12. افتراضي

    الحفظ ليس فقط من أفات الدنيا فلا ينجي حذر من قدر وبعض الافات تعد شهادة وتمحيص للمؤمن كالامراض والقتل والطاعون وغيرها أذا أحتسب الاجر فيها
    أشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل .....
    وعلى المؤمن الايمان بالقضاء خيره وشره وهذه عقيده
    كثير ما تجد في كتاب الله كلمة كسبوا وأكتسبوا وهما متضادتان في المعنى
    مثال الذين تخلفوا عن الجهاد أخبر الله تعالى بأن الشيطان أستزلهم ببعض ذنوبهم فقعدوا مع القاعدين هذا مثال
    وتقراء في كتاب الله تعالى لها ما كسبت أي الحسنات وهي تأتي من حفظ الانسان لاوامر الله وترك نواهيه
    وعليها ماإكتسبت أي السيأت وتكتسب بترك أوامره والوقوع فيما نهى عنه
    ما أتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا

  13. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلوا على رسول الله مشاهدة المشاركة
    الحفظ ليس فقط من أفات الدنيا فلا ينجي حذر من قدر وبعض الافات تعد شهادة وتمحيص للمؤمن كالامراض والقتل والطاعون وغيرها أذا أحتسب الاجر فيها
    أشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل .....
    وعلى المؤمن الايمان بالقضاء خيره وشره وهذه عقيده
    كثير ما تجد في كتاب الله كلمة كسبوا وأكتسبوا وهما متضادتان في المعنى
    مثال الذين تخلفوا عن الجهاد أخبر الله تعالى بأن الشيطان أستزلهم ببعض ذنوبهم فقعدوا مع القاعدين هذا مثال
    وتقراء في كتاب الله تعالى لها ما كسبت أي الحسنات وهي تأتي من حفظ الانسان لاوامر الله وترك نواهيه
    وعليها ماإكتسبت أي السيأت وتكتسب بترك أوامره والوقوع فيما نهى عنه
    ما أتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا
    لو وضحت أخي فكرتك أكثر ؟

  14. افتراضي

    في مسالة أحفظ الله يحفظك
    حفظ الانسان لله هو طاعته واجتناب نواهيه
    هذا خاص بالمسلمين
    لأن الذنوب والخطايا والسيأت التي يقترفها المسلم تحسب عليه والصغائر اذا تهاون بها المسلم تلحقها بالكبائر
    ويحفظك ليس مقتصر على الحفظ من أفات الذنيا كالحرق والغرق والهدم والتردي وكلها تعوذ رسول الله منها وغيرها كذلك
    ولكنها تشمل الضلال بمعنى إذا تهاون المسلم في أوامر الله وتعرض للزلات والخطايا والسيئات فإنه يعرض نفسه للضلال لأن الشيطان يستحوذ عليه فيوسوس له ويضله عن طريق الحق
    انظر خواتيم سورة البقره
    وكذلك الذين يرتكبون اثام ومعاصي وسيأت فهو سبب لغوايتهم مثال الصحابة الذين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله للقتال
    والذين فروا من أرض المعركة كان فرارهم وتخلفهم بسبب ذنوب قد ارتكبوها ولم يحفظوا الله
    قول الله تعالى
    ( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ( 155 ) )

    ( إن الذين تولوا منكم ) أي انهزموا ، ( منكم ) يا معشر المسلمين ، ( يوم التقى الجمعان ) جمع المسلمين وجمع المشركين يوم أحد وكان قد انهزم أكثر المسلمين ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة عشر رجلا ستة من المهاجرين : وهم أبو بكر وعمر وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم .

    قوله تعالى : ( إنما استزلهم الشيطان ) أي : طلب زلتهم كما يقال : استعجلت فلانا إذا طلبت عجلته وقيل : حملهم على الزلة وهي الخطيئة وقيل : أزل واستزل بمعنى واحد ، ( ببعض ما كسبوا ) أي : بشؤم ذنوبهم ، قال بعضهم : بتركهم المركز ، وقال الحسن : ما كسبوا هو قبولهم من الشيطان ما وسوس إليهم من الهزيمة ،

    وكذلك في وصف الدجال أن على جبهته ك ف ر يقرؤه كل مؤمن
    ويتبع الدجال المنافقين وعباد الهوى نستجير بالله من فتنة المسيخ الدجال ومن حال اهل النار

  15. افتراضي

    وحفظ الله للإنسان المسلم هو حمايته من الغواية وهدايته لطريق الخير والحق

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. احفظ الله يحفظك
    بواسطة ثمامه بن اثال في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-14-2010, 02:49 PM
  2. دعوة للمشاركة
    بواسطة mougahid في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-16-2007, 10:12 PM
  3. دعوة للمشاركة فى بحث علمى هااااااااااام
    بواسطة ابو اويس الاريسي في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-14-2006, 05:39 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء