هناك شيء هام جداً لا يتطرق إليه كثيراً طلبة العلم الذين يردون على عدنان ابراهيم ....
فهؤلاء الدعاة جزاهم الله تعالى كل خير قاموا بتفنيد شبهات عدنان ابراهيم بالطريقة المعروفة ..... وأقصد عرض الشبهة ثم الرد عليها .......
لكنهم لم يُفسروا سبب إفتتان بعض الشباب بعدنان ابراهيم بالذات رغم أنه قد ظهر عشرات بل مئات من دعاة الضلال والتشكيك بالسنة النبوية خلال السنين الماضية ولم يحصل لهم نفس الزخم الذي ناله عدنان ابراهيم ..... !
فلماذا نال عدنان ابراهيم بالذات كل هذه الحظوة لدى هؤلاء الشباب ؟!
لو أجبنا على هذا السؤال لما تجشم الدعاة كل هذا الجهد في الرد على شبهات عدنان ابراهيم القديمة والمستهلكة والتي رد عليها كبار أئمة أهل السنة والجماعة قبل مئات السنين ....
إذن السؤال الحقيقي هو :
لماذا أعطى عدنان ابراهيم تلك الشبهات القديمة جاذبية خاصة لدى شريحة من الشباب ؟
إذا علمنا سبب جاذبيته ... فإنه بإذن الله تعالى سنتنتهي فتنته بكل يُسر وسهولة ....
من يتابع مقاطع عدنان ابراهيم على اليوتيوب يجد أن الغالبية الساحقة من جمهوره والمعجبين به هم من العوام وأنصاف المتعلمين الذين لا يعرفون أي شيء عن علم الحديث والمُحدثين .... ولا يعلمون أي شيء عن علماء أهل السنة ولا عن طبقاتهم ولا في أي قرن عاش هذا العالم أو ذاك وما هي الأحداث التي عاصرها ..... ولا يعلمون عن جهود علماء أهل السنة والجماعة في الرد على الفِرق المخالفة لأهل السنة طوال 1400 سنة .....
لكن السؤال المهم والبديهي :
لماذا عدنان ابراهيم بالذات استطاع أن ينال هذا الإعجاب من هؤلاء العوام ؟
ممن خلال متابعتي لعدد كبير من تعليقات اليوتيوب وجدت أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لهذا الإفتتان به ..... فإذا أثبتنا أن هذه الأسباب لا تعني بالضرورة صحة المنهج .... فإن ظاهرة عدنان ابراهيم ستنتهي بإذن الله تعالى ........
السبب الأول لإفتتان بعض الشباب بــ عدنان ابراهيم :
ثقافته العلمية الواسعة والمتنوعة وقوة ذاكرته التي تساعده على سرعة استحضار أي معلومة أو أي إقتباس يحتاجه خلال محاضراته وخُطبه ....
وهنا نسأل سؤالاً بسيطا للمفتونين بعدنان ابراهيم :
هل الثقافة الموسوعية وقوة الذاكرة دليل على صحة المنهج ؟
الإجابة لا طبعاً .....
هناك عدد كبير من المثفقين غير المسلمين ممن قرأ عدد لا يعلمه إلا الله تعالى من الكتب وأصبح عنده من التراكم المعرفي ما يملىء مجلدات ضخمه ....
فهل ثقافته الموسوعية الهائلة دليل على صحة منهجه ؟
الان أي شخص ينظر للتاريخ القديم والحديث سيجد عدداً كبيراً من المستشرقين الأوروبيين غير المسلمين الذين درسوا الإسلام دراسة مستفيضة ودرسوا القرآن والحديث وعلم الرجال ودرسوا تاريخ الإسلام والفقه الإسلامي والمذاهب بشكل أبهر كثيراً من علماء المسلمين !
وكان هدفهم من دراستهم تلك هو صد أوروبا عن الإسلام عن طريق الطعن في مصادر الإسلام وهي القرآن والحديث والطعن في علم الرجال والأسانيد والطعن في التاريخ الإسلامي ......
ولكي يصلوا إلى غايتهم تلك فقد بلغوا من المعرفة بالثقافة الإسلامية مبلغاً عظيماً !
لكنهم لم يدخلوا في الإسلام ..... فهل ثقافتهم الإسلامية الهائلة دليل على صحة منهجهم ......؟
طبعاً لا .....
السبب الثاني لإفتتان بعض الشباب بــ عدنان ابراهيم :
كثرة إستخدامه لكلمة العقل وحرية العقل والفكر .....
وهنا أيضاً نسأل سؤالاً بسيطاً للمفتونين بعدنان ابراهيم :
هناك 7 مليارات إنسان على سطح الأرض ..... وكل واحد منهم عنده عقل .... فأي عقل هو العقل الذي نفهم به الدين ؟
عقول النصارى جعلتهم يعبدون رجلاً نصف عاري معلق على الصليب .... فهل تقبلون بعقول النصارى ؟
عقول الهندوس جعلتهم يعبدون الأبقار ..... فهل تقبلون بعقول الهندوس ؟
عقول البوذيين جعلتهم يعبدون أصنام بوذا ... فهل تقبلون بعقول البوذيين ؟
عقول الملاحدة جعلتهم ينكرون وجود الخالق تبارك وتعالى .... فهل تقبلون بعقول الملاحدة ؟
ربما يرد علينا مُحبوا عدنان ابراهيم قائلين :
نحن نقصد العقل الموافق للقرآن ....
فنقول لهم إذن ... الشيعي له فهمه الخاص للقرآن المُخالف لفهم بقية الفِرق والمذاهب .... فهل تقبلون به ؟
المعتزلي له فهمه الخاص للقرآن المُخالف لفهم بقية الفِرق والمذاهب .... فهل تقبلون به ؟
الإباضي له فهمه الخاص للقرآن المُخالف لفهم بقية الفِرق والمذاهب ... فهل تقبلون به ؟
الذي لا يؤمن بالسنة النبوية - او ما يُسمى بالقرآنيين - لهم فهمهم الخاص للقرآن المُخالف لفهم بقية الفِرق والمذاهب .... فهل تقبلون به ؟
وهكذا كل فِرقة تنسب نفسها للإسلام تفهم القرآن بفهم خاص يختلف ويتناقض مع فهم بقية الفِرق المنتسبة للإسلام ....
فأي عقلٍ إذن نختار يا من تنادون بفهم القرآن عن طريق العقل ؟؟
ستقولون كيف نستخدم العقل إذن ؟
الجواب بكل سهولة هو أن العقل هو وسيلة لفهم الوحيين الكتاب والسنة كما نقله سلف الأمة من الصحابة وتابعيهم ....
الله تعالى أعطانا العقل لنفهم الكتاب والسنة ..... لذلك فإن المجنون الذي لا عقل له ليس عليه تكليف .... لأن وسيلة فهم القرآن والسنة عنده مفقودة .....
وقد رأينا ماذا فعلت عقول الهندوس والنصارى والبوذيين والملاحدة بأصحابها ....
فالقرآن والسنة يُفهمان كما فهمهما الصحابة رضي الله تعالى عنهم ..... وهم من اختارهم الله تعالى ليُصاحبوا سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وليشهدوا نزول آيات القرآن أمامهم مُباشرةً.....
فهل بعد هذا يتجرأ أحد على أن يتجاوز فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟
السبب الثالث لإفتتان بعض الشباب بــ عدنان ابراهيم :
قدرته الخطابية المتميزة وتمكنه من الكلام إرتجالاً لوقت طويل بدون إضطراب أو إرتجاج ......
وهنا نُعيد السؤال ذاته على محبي عدنان ابراهيم :
هل القدرة الخطابية دليل على صحة المنهج ؟
لو كان الأمر كذلك لكان هتلر اولى الناس بالحق !!
فقد كان يسيطر على الملايين بقدرته الخطابية الأخّاذة التي تُشبه التنويم المغناطيسي !
ولو استعرضنا التاريخ القديم والحديث لوجدنا عدداً لا يُحصى من الخطباء المفوهين غير المسلمين الذين أوتوا لساناً فصيحاً يسحر عقول المستمعين ....
إذن القدرة الخطابية المتميزة ليست دليلاً على صحة المنهج أيضاً ....
إذن نُلخِّص الموضوع :
لو قام طلبة العلم إضافةً لردهم على شبهاته .... لو أنهم قاموا بتهوين الأمور الثلاثة التي ابهرت بعض الشباب به لانتهت فتنته بسهولة .......
لذلك يجب على طلبة العلم التأكيد بالأمثلة على أن الثقافة الموسوعية والتمكن الخطابي والدندنة حول حرية العقل والفكر ليست دليلاً على صحة المنهج ........
إذن باختصار عناصر الجاذبية عند عدنان ابراهيم هي الثقافة الموسوعية ومنادته بحرية العقل والفكر والقدرة الخطابية والفصاحة .....
ركزوا على بطلان دلالة هذه العناصر الثلاثة على صحة المنهج ....
وأتمنى من أساتذتنا في منتدى التوحيد أن يعطوا أمثلة من غير المسلمين تنطبق عليهم هذه العناصر لكي يزداد الأمر وضوحاً لدى القارىء أنها ليست دليلاً على صحة المنهج ......
وصلِ اللهم وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....
Bookmarks