من صفحة الشيخ علي الفيس بوك :
" المهم في الموقف من إعصار ساندي وأمثاله : أن لا يكون حزن من حزن له من المسلمين مذيبا شعوره ببغض كفر الكافرين ، ولا يكون منسيا له اعتداء الظالمين . وأن يكون فرح من فرح به من المسلمين : ليس شماتة ، ولا مميتا للشعور الإنساني تجاه آلام الأبرياء .هذا هو ضابط الأمر ، وإحكام هذا الكلام المختصر يغني عما سواه .
ولتفصيل ذلك أقول :
من حزن بسبب إعصار ساندي فلا إثم عليه ؛ إذا كان حزنه بسبب شعور إنساني تجاه آلام الناس ومظاهر الخوف والهلع التي تبدو على وجوه الأطفال وآبائهم . وهذا الشعور الإنساني ، لا يقف الموقف منه عند عدم تأثيمه فقط ، بل هو شعور كريم ممدوح ؛ لأنه شعور إنساني نبيل يستحق الثناء .
ومن فرح لإعصار ساندي ؛ لأنه صُرف عنه وعن وطنه ؛ فهذا شعور إنساني طبيعي ، لا يأثم عليه أيضا . ولا بد أن يحمدالله كل من صُرف عنه ابتلاء ؛ إذ لا عاصم له من الله بابتلائه بمثله .
ومن فرح لإعصار ساندي ؛ لأنه تذكير بقوة الله تعالى وبعجز البشر ، فهو فرح مشروع . خاصة مع شيوع الفكر المغتر بالقدرة البشرية غرورا مقيتا لا تكاد تعرف البشرية له مثيلا على امتداد تاريخها ، ولأن هذا الإعصار ريما أعاد للعقل البشري اتزانه ، ليدرك هذا الإنسان المغرور ضعفه وعجزه أمام قوى الطبيعة ( كما يسميها الملحدون ) وقوى الطبيعة التي خلقها وقدرها الخالق سبحانه ( كما يقول غير الملحدين ) .
ومن فرح لأن هذا الإعصار ربما أذاق الحكومة الأمريكية ذل نكبة طالما أذاقت هي شعوبا ودولا أخرى بعضا من ويلاتها ، فهذا شعور طبيعي أيضا ، ولا يمكن أن نجرم هذا الشعور . لكنه شعور يتوجه للحكومة خاصة ، لا للشعوب .
ومن فرح لأن هذا الإعصار شفى غيظه من دولة مازالت ترعى الإرهاب الصهيوني في فلسطين ، وتحتل بلادا من بلاد المسلمين وتغتصب خيراتها ، فهو شعور ديني واجب ، لأن الحكومات الأمريكية المتعاقبة كانت ومازالت تمارس هذا الظلم والطغيان .
وهذه المشاعر المتضاربة ( بين فرحها وحزنها ) ، والتي قد تتعاقب في على القلب السوي ، رغم تضادها ، المهم تجاهها هو ضبطها بما قدمت به الكلام .
ولا تستغربوا إمكان اجتماع المشاعر المتضادة في قلب واحد : فرؤية طفل عدوك وهو يُقتل ، وهو طفل لعدو طاغية كان بقتل الأطفال الأبرياء ، مشهد يجتمع فيه الشعوران المتضادان : فهو يُحزنك أن ترى طفلا يُعذب ، بل يجب عليك منع هذا الفعل أن يقع لو كنت تقدر على منعه . وإن كنت في ذات الوقت ، وإن تم ذبح طفل ذلك العدو السفاح دون إرادتك ، سيشعرك ذلك أيضا بارتياح ، لجريان عدالة القدر عليه في الدنيا قبل الآخرة ، بابتلائه بمثل ما ابتلى به الآخرين .
فهنا يجتمع الحزن والفرح ، وقد يغلب أحدهما الآخر ، لكن لا يحق لك بحجة الحزن على طفل ذلك المجرم أن تتسامح مع إجرامه ، ولا يبيح لك إجرامه أن تبيح الإجرام ضد طفله البريء .
ولذلك فإني أستغرب غاية الاستغراب ممن يجعل إعلان الفرح بمثل هذه الكوارث من دلائل صحة المعتقد وكمال الولاء والبراء ، ناسيا هذا الفرق : فشعورك بالفرح إن صح ووجب من وجه ، فلا يصحح لك ذلك أن يصبح شماتة بإعلانه وإسماع المبتلين به بلسان الساخر المعير !! "
###حاتم بن عارف العوني _حفظه الله _
Bookmarks