النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أصل الإنسان

  1. افتراضي أصل الإنسان




    ما يلى هو ترجمة للفصل السابع من كتاب Darwinism Refuted

    أصل الإنسان



    لقد طرح دارون مزاعمه عن كون الإنسان والقردة انحدرا من سلف مشترك فى كتابه " انحدار الإنسان " The Descent of Man الذى نشر عام 1871 .

    ومنذ ذلك الحين فلقد حاول أتباع طريقة دارون أن يثبتوا مزاعمه . وبالرغم من البحث الذى أُجرى حتى الأن فإن دعوى تطور الإنسان عن نوع آخر لم يدعمها دليل علمى ملموس لاسيما فى مجال الحفريات .

    ورجل الشارع على الأغلب ليس على وعى بهذه الحقيقة . ويعتقد أن دعوى تطور الإنسان مدعومة بقدر عظيم من الأدلة العلمية الراسخة .

    والسبب فى ذلك أن هذا الموضوع وبشكل متكرر يُناقش فى وسائل الإعلام ويقدم على أنه حقيقة علمية مثبتة .لكن الخبراء المضطلعين بالموضوع على وعى بأنه ليس ثم َّ أساس علمى لدعوى تطور الإنسان .

    ديفيد بيلبيم David Pilbeam من جامعة هارفارد وهو متخصص فى مجال الأنثروبولوجيا القديمة paleoanthropology يدلى بالتعليق التالى :

    لو أنك أحضرت عالما متخصصا فى مجال آخر وأطلعته على الدليل المهذول الذى حصلنا عليه فإنه سيجيبك لاشك بالقول : دعك من هذا فليس ثم دليل كاف للإستمرار فى ذلك . (181)

    وليام فيكس William Fix وهو متخصص فى نفس المجال يدلى بالتعليق التالى :

    كما رأينا هناك العديد من العلماء والمتخصصين فى تبسيط العلوم popularizers اليوم الذين لديهم تهور وطيش بحيث يخبرونا أنه ليس هناك من شك يكتنف كيفية نشأة الإنسان . لو أنهم فقط يمتلكون الدليل ...... (182)

    هذا الزعم الخاص بالتطور والذى يفتقر إلى أى دليل يبتدأ شجرة عائلة الإنسان بمجموعة من الغوريلات التى زعموا أنها تشكل جنسا genus مميزا يسمى " أُوسترالوبيتيكوس " Australopithecus .

    ووفقا لهذا الزعم فإن الأوسترالوبيتيكوس بدأ بشكل متدرج يمشى منتصبا ونما مخه ومر بسلسلة من المراحل حتى انتهى إلى الحالة التى عليها الإنسان اليوم ( هومو سابينز Homo sapiens ) .

    غير أن السجل الحفرى لا يدعم هذا السيناريو . وبالرغم من الزعم القائل بأن جميع أنواع الأشكال الانتقالية موجودة فإن ثمة حاجز لا يمكن اختراقه بين البقايا الحفرية للإنسان و القردة . بالإضافة إلى ذلك فإن الكائنات التى تم تصويرها على انها أسلاف لبعضها البعض هى فى الواقع كائنات متعاصرة عاشت فى نفس الفترة .

    إرنست ماير وهو أحد أهم المدافعين عن نظرية التطور فى القرن العشرين يؤكد فى كتابه " حجة واحدة مطولة " على أن " الألغاز التاريخية على وجه الخصوص كأصل الحياة أو الهوموسابينز عسرة للغاية وربما لا نجد لها تفسيرا نهائيا يشفى الغلة . (183)

    لكن ما هو الأساس الذى تنبنى عليه الأطروحة المتعلقة بتطور الإنسان والذى يقدمه علماء التطور ؟

    إنه وجود عدد وفير من الحفريات والتى بناءا عليها يمكن لعلماء التطور أن يقدموا تفسيرات تخيلية .

    لقد وُجد عبر التاريخ أكثر من 6000 نوع من القرود ومعظم هذه الأنواع قد انقرض و اليوم الموجود منها فقط 120 نوع . فستة آلاف نوع من القرود ـ معظمها قد انقرض ـ يشكل مصدرا غنيا للتطوريين .

    ومن ناحية اخرى فثمَّ تنوع معتبر فى التركيب التشريحى للسلالات البشرية المختلفة . فضلا عن ذلك فالتنوع فى الأجناس فى عصور ما قبل التاريخ كان أعظم لأنه بمرور الزمن فإن الأجناس المختلفة اختلطت ببعضها البعض واشتبهت وبالرغم من ذلك فثمة اختلافات مهمة لا تزال بين المجموعات الإنسانية التى تعيش فى العالم اليوم على سبيل المثال الإسكندافيين والأقزام الأفارقة والإنويت ( الإسكيمو ) وسكان استراليا الأصليين و غير ذلك كثير .

    ليس ثمَّ دليل يوضح أن الحفريات المسماة " هومينيد " بواسطة علماء الحفريات التطوريين لا تنتمى فى الواقع لأحد الأنواع المختلفة للقرود أو الأعراق البائدة للإنسان.

    وبصياغة أخرى فإنه لم يتم العثور فى الأحافير على مثال لنمط انتقالى بين الإنسان والقردة .

    وبعد هذه التوضيحات المجملة دعونا الآن نتفحص معا فرضية تطور الإنسان .

    الشجرة العائلية التخيلية للإنسان :

    الدعوى الداروينية تقول بأن الإنسان الحديث هو متطور عن نوع ما من المخلوقات يشبه القردة .

    وخلال هذه العملية التطورية المزعومة ، والتى يفترض أنها بدأت منذ 5 إلى 6 ميلون سنة ، زُعم أن ثمة أنماط مرحلية وجدت بين الإنسان الحديث و بين أسلافه .

    ووفقا لهذا السيناريو التخيلى بالكامل فإنه تم إدراج الأربع فئات التالية :

    1 ـ الأسترالوبيتيكيات

    2 ـ هومو هابيليس

    3 ـ هومو إيريكتس

    لقد دعى التطوريون السلف المزعوم للإنسان الذى يشبه القردة أوسترالوبيتيكس والذى يعنى القرد الجنوبى . والأسترالوبيتيكس ، والذى ما هو إلا نوع قديم منقرض من القردة ، وجد بأشكال متنوعة .بعضها ضخم قوى البنية والنوع الآخر أصغر حجما وضعيف البنية .

    ويصنف التطوريون المرحلة التالية من التطور البشرى أنها الجنس " هومو " والتى تعنى الإنسان .

    ووفقا للتطوريين فإن الكائنات الحية فى سلسلة " الهومو " أكثر تطورا من الأسترالوبيتيكس وليست مختلفة كثيرا عن الإنسان الحديث .

    والإنسان الحديث والذى يسمى " هومو سابينز " نشأ ، فيما يزعمون ، فى المرحلة الأخيرة من عملية تطور سلسلة " الهومو " هذه .

    حفريات مثل " إنسان جاوه " و " إنسان بكين " و " لوسى " والتى تظهر فى وسائل الإعلام وإصدارات التطوريين وكتبهم الجامعية هى ضمن أحد المجموعات الأربعة المذكورة أعلاه .

    وكل من هذه المجموعات يفترض أيضا أنها تنقسم إلى أنواع وأنواع فرعية بحسب الحال .

    ولقد اقترح البعض أن أنماطا إنتقالية تخيلية فى الماضى مثل رامابيتيكس لابد أن تستبعد من الشجرة العائلية التخيلية بعد أن تبين أنها قردة عادية .(184)

    من خلال وضع مخطط للعلاقات فى السلسلة على النحو التالى : الأسترالوبيتيكيات > هومو هابيليس > هومو إيريكتس > هومو سابينز . فإن التطوريين يعنون بذلك أن كل شكل من هذه الأشكال هو سلف للذى يليه .

    لكن الكشوف الحديثة بواسطة علماء الإنسانيات القديمة أسفرت عن نتيجة مفادها أن الأسترالوبيتيكيات والهومو هابيليس والهومو إيريكتس وجدت فى أرجاء مختلفة من العالم فى ذات الوقت فضلا عن ذلك فإن الكائنات البشرية المصنفة على أنها هومو إيريكتس من المحتمل أنها عاشت حتى فترة حديثة العهد جدا ففى مقال بعنوان " الهومو إيريكتس الأقرب عهدا الذى عثر عليه فى جاوه : تعاصر محتمل مع الهومو سابينز فى جنوب شرق آسيا " ذُكر أن حفريات الهومو إيريكتس التى تم العثور عليها فى جاوه متوسط أعمارها ما بين 27 + أو – 2 إلى 53.3 + أو – 4 آلاف سنة وهذا يجعل كون الهوموإيريكتس تداخلت زمنيا مع الهوموسابينز فى جنوب شرق آسيا أمرا محتملا . (185)

    بالإضافة إلى ذلك فإن الهوموسابينز نياندرتال ( الإنسان النياندرتالى ) والهوموسابينز سابينز ( الإنسان الحديث ) من الواضح أنهما تعايشا .

    وهذا الوضع يشير بوضوح إلى فساد الدعوى القائلة بأن أحدهما سلف للآخر .

    جوهريا فإن الكشوفات والأبحاث العلمية أسفرت عن ان السجل الحفرى لا يرجح وجود عملية تطورية كما يفترض التطوريون . فإن الحفريات التى يزعم التطوريون أنها أسلاف الإنسان إما أنها تنتمى إلى أعراق إنسانية متنوعة أو إلى أنواع من القردة .

    والآن أى أحافير هى أحافير بشرية وأيها قردة ؟ هل من الممكن بالنسبة لكل أحفورة منها أن تعتبر نمطا انتقاليا ؟

    للإجابة على تلك الأسئلة دعونا نلقى نظرة فاحصة على كل فئة .



    الأسترالوبيتكس Australopithecus :

    الفئة الأولى ، الجنس الأوسترالوبيتكى ، تعنى القرد الجنوبى كما سبق أن ذكرنا . يفترض أن هذه المخلوقات ظهرت لأول مرة منذ أربعة ملايين سنة فى أفريقيا وظلت حتى مليون سنة مضت قبل الآن .

    وثمَّ عدد من الانواع المختلفة التى تنتمى لجنس الأسترالوبيتيكس . يفترض التطوريون أن أقدم هذه الأنواع هو أ . أفارينسيس ومن بعده جاء أ. أفاريكانوس ومن ثم أ. روبَسْتَس والذى كان يتميز بعظام ضخمة نسبيا .

    أما بالنسبة ل أ. بوازى فإن بعض الباحثين يعده نوعا منفصلا والبعض الآخر يعتبره نوعا فرعيا من أ. روبَسْتَس .

    كل أنواع الأسترالوبيتيكس هى قردة منقرضة و التى تشبه القردة الحالية . وسعة الجمجمة لديها مثل أو أقل بقليل من الشامبنزى الحالى . ولديها أجزاء بارزة فى أيديها وأقدامها تمكنها من تسلق الأشجار

    وأقدامها مصممة بحيث تمكنها من التشبث بجزوع الأشجار . والكثير من الصفات الأخرى مثل تفاصيل الجماجم و تقارب العينين وضروسها الحادة وبنية الفك السفلى والأذرع الطويلة والأرجل القصيرة كل ذلك يشكل دليلا على أنها لم تكن شيئا مختلفا عن قرود اليوم غير أن التطوريين يزعمون أن الأسترالوبيتيكيات بالرغم من كونها لها نفس البنية التشريحية للقردة فإنها على خلاف القردة كانت تمشى منتصبة القامة مثل الإنسان .

    الدعوى القائلة بأن الأسترالوبيتيكيات مشت منتصبة القامة هى رؤية تمسك بها علماء الإنسانيات القديمة من أمثال ريتشارد ليكى ودونالد يوهانسون لعقود غير أن العديد من العلماء الذين قاموا بقدر عظيم من البحوث على البنية الهيكلية للأسترالوبيتيكس أثبتوا عدم صحة هذه الدعوى

    فلقد أُجرى بحث مكثف بواسطة عالمى تشريح مشهورين على مستوى العالم من إنجلترا والولايات المتحدة وهما اللورد سولى زوكرمان والبروفيسور تشارلز أوكسنارد على عينات متنوعة من الأسترالوبيتيكيات وقد أسفر البحث عن أن هذه المخلوقات لم تمشى منتصبة بالطريقة الآدمية .

    وبعد أن قام بدراسة عظام هذه الأحافير لمدة 15 سنة ـ وذلك بفضل منح من الحكومة البريطانية ـ توصل اللورد زوكرمان وفريق من خمسة أخصائيين إلى نتيجة مفادها أن الأسترالوبيتيكيات ما هى إلا نوع من القردة العادية وأنها لم تكن تمشى على رجلين كالإنسان بالرغم من كون اللورد زوكرمان هو بنفسه تطورى . (186)

    وكذلك تشارلز أوكسنارد عالم التشريح المؤيد للتطور والذى اشتهر ببحثه فى هذا الشأن شبه البنية الهيكلية للأسترالوبيتيكيات بتلك التى للقردة المسماة " أورانج أوتان " الموجودة حاليا . (187)

    كون الأسترالوبيتيكات لا يمكن أن تعد سلفا للإنسان حقيقة قبلت بها بعض المصادر التطورية مؤخرا .فلقد جعلت المجلة الفرنسية العلمية زائعة الصيت سينْس إي فى Science et vie

    من الموضوع عنوانا لغلاف العدد الصادر بتاريخ مايو 1999 . فتحت العنوان الرئيسى " وداعا لوسى " Adieu lucy ـ و لوسى هى أهم مثال حفرى على النوع أ. أفارينسيس ـ ذكرت المجلة أن قردة النوع أسترالوبيتيكس لابد أن تزال من شجرة عائلة الإنسان .

    و فى مقال مبنى على اكتشاف نوع جديد من الأسترالوبيتيكيات يعرف ببساطة كـ

    St W 573

    نقرأ الجمل التالية :

    نظرية جديدة تنص على أن النوع أسترالوبيتيكس ليس بسلف للإنسان ...إن النتائج التى تم التوصل إليها بواسطة المرأة الوحيدة التى رُخِّص لها فى أن تفحص الأحفورة St W 573

    مختلفة عن النظريات الاعتيادية المتعلقة بأسلاف الإنسان فهذا يقوض مفهوم شجرة العائلة البشرية .

    الرئيسيات الكبيرة والتى اعتُبرت أسلافا للإنسان تم استبعادها من معادلة شجرة العائلة هذه . فالنوعين البشرى والأسترالوبيتيكس لا يظهران على نفس الفرع فأسلاف الإنسان المباشرين فى انتظار الكشف عنهم . (188)



    يتبع

  2. #2

  3. افتراضي

    هومو هابيليس Homo Habilis :



    التشابه الكبير بين بنية الهياكل العظمية والجماجم الخاصة بالأسترالوبيتيكيات وتلك الخاصة بالشيمبانزى مقرونا بتهاوى دعوى أن الأسترالوبيتيكيات مشت منتصبة قد وضع علماء الإنسانيات القديمة التطوريين فى إشكالية كبيرة .

    والسبب فى ذلك أنه وفقا للمخطط التطورى التخيلى فإن الهومو إيريكتس جاءت بعد الأسترالوبيتيكيات . ذلك أن إسم الجنس " هومو " ( والذى يعنى الإنسان ) يتضمن أن الهومو إيريكتس هو أحد الأنواع البشرية وأنه مشى منتصبا . كما أن سعة الجمجمة لديه تعادل ضعف سعة جمجمة الأسترالوبيتيكيات .

    فالتحول المباشر من الأسترالوبيتيكيات والتى هى قردة تشبه الشيمبانزى إلى الهومو إيريكتس والذى يمتلك هيكلا عظميا لا يختلف فى شىء عن هيكل الإنسان المعاصر هو أمر غير مطروح أو غير وارد حتى بالنسبة لنظرية التطور .

    ولذا فثمة حاجة ماسة لحلقات وصل ( أى أنماط انتقالية ) . ولذا فلقد نشأ مفهوم الهوموهابيليس من هذه الضرورة .

    ولقد صدر تصنيف الهومو هابيليس فى سيتينيات القرن المنصرم بواسطة آل ليكى the Leakeys وهى عائلة من المنقبين عن الحفريات .

    ووفقا لآل ليكى فإن هذا النوع الجديد الذى صنفوه على أنه هومو هابيليس كان يمتلك جماجم ضخمة نسبيا إضافة للقدرة على المشى فى وضع الانتصاب واستعمال الأدوات الحجرية والخشبية . وعليه فلربما كانت سلفا للإنسان .

    غير أن حفريات جديدة لهذا النوع تم الكشف عنها فى نهاية الثمانينيات من نفس القرن غيرت هذه الفكرة تماما .

    فبعض الباحثين من أمثال برنارد وود Bernard Wood و لورنج براس C. Loring Brace نصوا على أن الهومو هابيليس والتى تعنى ( الإنسان الماهر ) أى الذى له القدرة على استخدام الأدوات لابد أن تصنف على أنها أسترالوبيتيكس هابيليس ! معتمدين فى ذلك على تلك الحفريات المكتشفة حديثا . ذلك أن الهوموهابيليس يشترك فى كثير من الصفات مع القردة الاسترالوبيتيكوس . فلديها أذرع طويلة وأرجل قصيرة وهياكل عظمية تشبه الاسترالوبيتيكوس تماما .

    كما أن أصابع اليد والقدم كانت ملائمة للتسلق كما أن الفك لديها كان كثير الشبه بفك القردة الحالية وسعة الجمجمة لديها والتى يبلغ متوسطها حوالى 600سنتيمتر مكعب هى أيضا فى سياق الدلالة على كونها مجرد قردة عادية .

    ولقد أسفر البحث الذى أجرى فى السنوات التى تلت العمل الذى قام به وود وبراس عن أن الهوموهابيليس لم تكن بالفعل مختلفة عن الأسترالوبيتيكوس . فالحفرية OH62 والتى هى عبارة عن جمجمة وهيكل عظمى والتى عثر عليها تيم وايت Tim White أظهرت أن هذا النوع كان يمتلك جماجم ذات سعة صغيرة كما أنه كان لديها أذرع طويلة وأرجل قصيرة والتى مكنتها من تسلق الأشجار كما تفعل القردة الحالية .

    الدراسات التحليلة المفصلة التى قامت بها عالمة الإنسانيات الأمريكية هولى سميث Holly Smith عام 1994 أظهرت أن الهومو هابيليس ليست بشرية بالمرة بل بالأحرى وبشكل قاطع قردة . ففى معرض حديثها عن الدراسات التحليلية عن أسنان الأسترالوبيتيكيس والهو هابليس والهومو إيريكتس والهومو نياندرتالينسيس قالت سميث : إن أنماط نمو أسنان الأسترالوبيتيكوس والهوموهابيليس تظل مصنفة على أنها فى إطار القردة الأفريقية بينما تصنف الأنماط الخاصة بالهومو إيريكتس والنياندرتال على أنها بشرية . (189)

    وفى نفس العام فلقد توصل كل من علماء التشريح فريد سبور Fred Spoor وبرنارد وود Bernard Wood وفرانز زونيفيلد Frans Zonneveld من خلال منهجية مختلفة تماما إلى نفس النتيجة .

    ولقد ارتكزت هذه المنهجية على التحليل المقارن للقنوات النصف الدائرية semicircular canals فى الأذن الداخلية لكل من الإنسان والقردة والتى تمكنها من الحفاط على توازنها .

    ولقد توصل سبور و وود و زونيفيلد إلى نتيجة مؤداها أنه:

    ضمن الحفريات المصنفة على أنها بشرية فإن أقدم نوع يظهر الشكل الخارجى morphology للإنسان العصرى modern human هو الهومو إيريكتس وفى المقابل فإن أبعاد القنوات شبه الدائرية فى الأذن الداخلية لجماجم عثر عليها فى أفريقيا الجنوبية ويعتقد أنها تنتمى للأسترالوبيتيكوس والبارا أنثروبوس Paranthropus تشبه تلك الخاصة بالقردة الضخمة الباقية حاليا. (190)

    ولقد قام كل من وود و سبور و زونفيلد بدراسة على عينة من الهوموهابيليس ألا وهى Stw 53 وتبين لهم أن هذه كانت تعتمد على المشى على قدمين بشكل أقل من الأسترالوبيتيكوس . وهذا يعنى أن الهوموهابيليس كانت تشبه القردة إلى حد أبعد من الأسترالوبيتيكوس . ومن ثم توصلوا إلى نتيجة مفادها أن Stw 53 لا تمثل نمطا وسيطا بين الشكل الخارجى للأسترالوبيتيكوس والهومو إيريكتس . (191)



    ولقد أسفر هذا الاكتشاف عن نتيجتين مهمتين :

    أولا : الهومو هابيليس لا تنتمى للجنس البشرى بل تنتمى للأسترالوبيتيكوس أى القردة .

    ثانيا : أن الهوموهابيليس والأسترالوبيتيكوس هى مخلوقات كانت تمشى منحنبة للأمام بمعنى أن الهيكل العظمى الخاص بها هو هيكل القردة ومن ثم فلا علاقة لها بالإنسان لا من قريب ولا من بعيد .



    التصور الخاطىء المتعلق بالهومو رودولفينسيس Homo rudolfensis :



    المصطلح " هومو رودولفينسيس " هو مصطلح خاص بأجزاء أحفورية عثر عليها عام

    1972 . والنوع الذى تمثله هذه الأجزاء الحفرية تم تسميته بهذا الإسم نسبة لبحيرة رودولف بكينيا والتى عثر على الأحفورة بالقرب منها .

    ويقبل جمهور علماء الإنسانيات القديمة بأن هذه الأحفورة لا تشكل نوعا مستقل بل فى الواقع لا تتميز عن الهوموهابيليس .

    ولقد قدم ريتشارد ليكى Richard Leakey ـ الذى قام بالكشف عن الحفرية ـ الجمجمة المسماة KNM-ER 1470 ـ والتى قال أن عمرها 2.8 مليون سنة ـ على أنها أعظم اكتشاف فى تاريخ علم الإنسانيات anthropology . ووفقا لليكى فإن هذه الحفرية التى تمتلك جمجمة ذات سعة صغيرة مثل الأسترالوبيتيكوس ولها وجه يشبه إنسان اليوم تمثل حلقة الوصل المفقودة بين الإنسان والأسترالوبيتيكوس .

    لكن بعد فترة وجيزة تم إدراك حقيقة أن وجه الجمجمة KNM-ER 1470 الذى يشبه وجه الإنسان ـ والذى كثيرا ما كان يظهر على أغلفة الجرائد العلمية والمجلات الشعبية العلمية ـ هو نتيجة تجميع خاطىء لأجزاء الجمجمة والذى من الممكن أنه كان متعمدا .

    البروفيسور تيم بروماج Tim Bromage الذى أجرى دراسات على تشريح الوجه الآدمى أخرج هذه الحقيقة للنور من خلال المحاكاة الحاسوبية computer simulations عام 1992 : عندما أعيد بناءها [KNM-ER 1470] للمرة الأولى فإن الوجه تم تركيبه فى الجمجمة فى وضع رأسى تقريبا مشابها فى ذلك الأوجه المفلطحة للإنسان العصرى غير أن الدراسات الحديثة عن العلاقات التشريحية أظهرت أنه لابد أن الوجه أثناء الحياة كان ناتئا للإمام إلى حد كبير مُظْهِراً هيئة كهيئة القردة مثل الأسترالوبيتيكوس . ( 192 )

    عالم الإنسانيات القديمة كرونين J. E. Cronin يدلى بالتعليق التالى على هذه المسألة :

    الجزء الذى يقع مابين الأنف والفك العلوى naso-alveolar clivus المائل للإنبساط ( مستدعيا إلى الذهن صورة أوجه الأسترالوبيتيكوس المقعرة ) وصغر أقصى اتساع عرضى للجمجمة ونتوءات الأنياب القوية والضروس الضخمة ( كما تدل عليه بقايا الجذور ) كلها صفات بدائية نسبيا تضع العينة [KNM-ER 1470] فى مصاف الـأسترالوبيتيكوس أفريكانوس . (193)

    لقد توصل لورنج براس C. Loring Brace من جامعة ميتشجن إلى نفس النتيجة . فنتيجة للدراسات التحليلية التى أجراها علىالفك و بنية الأسنان فى الجمجمة 1470 فلقد أخبر أنه من خلال حجم سقف الفم palate واتساع الحيز المخصص لجذور الأسنان يتضح أن ER 1470 كان لها وجه وأسنان فى حجم تلك الخاصة بالأسترالوبيتيكوس . (194)

    عالم الإنسانيات القديمة ألان واكر Alan Walker من جامعة جونز هوبكنز قام بإجراء قدر من البحث على KNM-ER 1470 نظير ما قام به ريتشارد ليكى و توصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الحفرية لا يجب أن تصنف على أنها آدمية بل بطريق الأولى بل على أنها ضمن جنس " الأسترالوبيتيكوس " (195)

    وبإختصار فإن تصنيفات مثل هومو هابيليس وهومو رودولفينسيس والتى تقدم على أنها حلقات وصل بين الهومو إيريكتس والأسترالوبيتيكوس هى تصنيفات تخيلية تماما . ولقد تم التأكيد من قبل العديد من الباحثين اليوم على أن هذه المخلوقات تنتمى إلى الأسترالوبيتيكيات . فكل سماتها التشريحية تدل على أنها أنواع من القردة .

    إن هذه الحقيقة تم التأكيد عليها من قبل اثنين من علماء الإنسانيات الا وهما برنارد وود Bernard Wood ومارك كولارد Mark Collard واللذان نُشر بحثهما عام 1999 فى مجلة العلم Science . ولقد بيّنا أن الهومو هابيليس والهومو رودولفينسيس هى فئات تخيلية وأن الأحافير التى تنتمى لها لابد أن توضع فى إطار الجنس " أسترالوبيتيكوس " :

    مؤخرا فإن أنواع متحفرة تم تعيينها على أنها آدمية بناءا على حجم المخ المطلق واستنتاجات متعلقة بالقدرة على الكلام ووظيفة اليد وبعض التكهنات المختصة بالقدرة على تصميم أدوات حجرية . فمع وجود القليل من الاستثناءات ، فإن تعريف و إستخدام مفهوم الجنس genus فى إطار تطور الإنسان وتحديد معالم الجنس " هومو " ( الجنس البشرى) تم التعامل معه وكأنه ليس منطويا على إشكاليات . غير أن معلومات جديدة و تفسيرات حديثة للدليل المتاح والقصور فى السجل الباليوأنثروبولوجى يبطل المعايير الموجودة لنسبة المجموعات أو الفئات Taxa إلى الجنس البشرى ... وفى الممارسة العملية فإن الأنواع الآدمية المتحفرة يتم تعيينها على أنها آدمية بناءا على واحد أو أكثر من معايير أربعة ..... لقد صار من الواضح بالرغم من ذلك أن لاشىء من تلك المعايير مُرْضِيا ....

    إن مفهوم السعة الدماغية الدُّنيا Cerebral rubicon هو فى الحقيقة مُشْكِل لأن السعة الدماغية المطلقة قيمتها البيولوجية محل شك . وبشكل مماثل فإنه ثمَّ دليل مقنع على أن الوظيفة الكلامية لا يمكن أن تُستنبط بشكل يُعَوَّل عليه من خلال المظهر الإجمالى gross appearance للمخ كما أن الأجزاء المتعلقة بالكلام من المخ لم يتم تعيين مواقعها بشكل جيد على نحو ما هو مُتَضَمَّن فى الدراسات السابقة .

    .... وبعبارة أخرى فمع تعيين المادة المتاحة hypodigms من الهوموهابليس والهومو رودولفينسيس على أنها تنتمى للجنس " هومو " فإن الجنس هومو Homo ليس جنسا صالحا ...

    ولذا فإن الهوموهابيليس والهومو ردودولفينسيس ( أو الهومو هابيليس سينسو ليتو Homo habilis sensu lato بالنسبة لتلك التى تنتمى للقسم الفرعى التصنيفى " الآدميات البدائية " ) لابد أن تتم إزالتها من الجنس هومو Homo . إن البديل التصنيفى الواضح ، والذى يعنى أن يتم نقل الفئتين ( الهوموهابيليس والهومو ردودولفينسيس ) كلتيهما إلى أحد الأجناس الآدمية hominin genera البدائية المتاحة ، ينطوى على إشكاليات . غير أننا نرجح ، للوقت الراهن ، أن يتم نقل الفئتين إلى الجنس " أسترالوبيتيكوس" . (196)

    إن استنتاجات وود وكولارد تعزز النتيجة التى تمسكنها بها فى هذا الكتاب ألا وهى : أن أسلاف الإنسان البدائية لم توجد يوما من الأيام . فالمخلوقات التى يزعمون أنها كذلك هى فى الحقيقة قردة تنتمى للأسترالوبيتيكوس كما أن السجل الحفرى أظهر أنه ليس ثمة حلقة وصل بين هذه القردة البائدة والأحفوريات الآدمية أى الأنواع الآدمية التى تظهر فجأة فى السجل الحفرى .

  4. افتراضي

    مرحبا بك أخينا العزيز

  5. افتراضي

    الهومو إيركتس Homo erectus :



    حسبما ورد في المخطط الخيالى للتطوريين ينقسم التطور الداخلي لأنواع الإنسان إلى الأقسام الآتية: أولاً، الإنسان منتصب القامة، ثم الهوموسابينز العتيق والإنسان النياندرتالي Homo sapiens neanderthalensis، وفى النهاية الإنسان الكرومانونى (Cro-Magnon)، ومع ذلك، فإن كل هذه التصنيفات ما هي -في الواقع- سوى أجناس بشرية متفردة ، ولا يزيد الاختلاف بينها عن الاختلاف بين الأسكيمو والافارقة أو بين قزم وأوروبي.
    فلنجرپ أولاً الإنسان منتصب القامة، الذي يشار إليه بوصفه أكثر أنواع البشر بدائية. وكما يدل الاسم فإن مصطلح Homo erectus يعني الإنسان الذي يمشي منتصب القامة. وقد اضطر التطوريون إلى تمييز هذا الإنسان عن سابقيه بإضافة صفة الانتصاب؛ ذلك أن كل الحفريات المتاحة للإنسان منتصب القامة تتسم باستقامة الظهر بدرجة لم تُلحَظ في أية عينة من عينات الaustralopithecines أو ال Homo habilis. ولا يوجد أي فرق بين الهيكل العظمى ، باستثناء الجمجمة ، للإنسان الحديث وذلك الذى يخص الإنسان منتصب القامة.
    السبب الرئيسي الذي جعل التطوريون يصفون الإنسان منتصب القامة بأنه بدائي هو سعة جمجمته (900 - 1100 سم3)، التي تعتبر أصغر من متوسط السعة لدى الإنسان الحديث، وكذلك نتوءات حاجبه الغليظة. ومع ذلك، فإن هناك كثيراً من الأشخاص الذين يعيشون في العالم اليوم لديهم نفس السعة الدماغية للإنسان منتصب القامة ( الأقزام على سبيل المثال)، وهناك أجناس أخرى لديها حواجب بارزة ( سكان أستراليا الأصليين على سبيل المثال), ومما هو متفق عليه عامة أن الاختلافات في سعة الجمجمة لا تدل بالضرورة على وجود اختلافات في الذكاء أو القدرات , فالذكاء يعتمد على التنظيم الداخلي للمخ أكثر من حجمه. (197)
    والحفريات التى جعلت الانسان منتصب القامة معروف للعالم كله هما إنسان بكين وإنسان جاوة في آسيا. ومع ذلك بمرور الوقت فإن هاتين الحفرتين لم يعد ممكنا الاعتماد عليهما؛ لأن إنسان بكين يتكون من بعض العناصر المكونة من الجص و التى فقدت أصولها، و إنسان جاوة يتكون من جزء من جمجمةٍ أضيف إليه عظمة من الحوض تم العثور عليها على بعد ياردات من الجمجمة دون دليل على أن هاتين القطعتين تنتميان إلى نفس المخلوق. لهذا السبب، حظيت حفريات الإنسان منتصب القامة التي عثر عليها في أفريقيا بأهمية متزايدة.(ومما هو جدير بالذكر ان الحفريات التى يقال انها تعود لأنسان منتصب القامة تم تضمينها فى جنس اخر تحت اسم Homo ergaster بواسطة بعض التطوريين , وهناك عدم اتفاق بين الخبراء حول هذه المسألة , وسوف نتعامل مع هذه الحفريات على انها كلها تنتمى الى ال homo erectus )
    ان أشهر العينات المكتشفة في أفريقيا للإنسان منتصب القامة هي حفرية Narikotome homo erectus أو غلام توركانا (Turkana Boy) التي وجدت بالقرب من بحيرة توركانا في كينيا. وقد تم التأكيد على أن الحفرية لغلام في الثانية عشر من عمره كان سيصبح طوله في سن المراهقة 1.83 متر. ولا يختلف التركيب الهيكلى المنتصب للحفرية عن ذلك الخاص بالإنسان العصري . وقال عالم الإنسانيات القديمة الأمريكي ألان واكر Alan Walker إنه يشك في ان عالم الباثولوجى العادى يستطيع ان يذكر الفرق بين الهيكل العظمي لهذه الحفرية و ذلك الخاص بالإنسان العصري , وبالنسبة للجمجمة قال واكر Walker انه ضحك عندما رآها لأنها أشبه ما تكون بجمجمة الإنسان النياندرتالي (198) , وكما سنرى في الفصل التالى يعد الإنسان النياندرتالي أحد أجناس الإنسان العصري , ومن ثم فان الانسان المنتصب homo erectus هو جنس بشرى عصرى ايضا .
    وحتى التطورى ريتشارد ليكيRichard Leakey يقول أن الاختلافات الموجودة بين الإنسان منتصب القامة وبين الإنسان العصري ليست أكثر من مجرد تفاوت بين الاجناس :
    سيرى المرء أيضاً اختلافات في شكل الجمجمة ودرجة بروز الوجه وغلظة الحواجب، وغير ذلك. ولكن هذه الاختلافات ليست أكثر بروزا على الأرجح من الاختلافات التي نراها اليوم بين الأجناس المنفصلة جغرافيا للإنسان العصري. ويظهر هذا التنوع البيولوجي عندما تنفصل الجماعات جغرافياً عن بعضها لفترات زمنية طويلة. (199)
    وقد أجرى البروفسور وليام لافلن William Laughlin من جامعة كونكتكت Connecticut فحوصات تشريحية شاملة للأسكيمو وسكان جزر أليوت ولاحظ ان هذه الشعوب تتشابه بصورة غير عادية مع الإنسان منتصب القامة. والاستنتاج الذي توصل إليه لافلن Laughlin هو أن كل هذه الأجناس المميزة هي في الواقع أجناس مختلفة من ال Homo sapiens أي الإنسان العصري :
    عندما نتأمل الاختلافات الشاسعة الموجودة بين المجموعات النائية أمثال الأسكيمو والبوشمان، التي من المعروف أنها تنتمي إلى نوع الHomo sapiens ، يبدو من المبرَّر أن نستنتج أن ال Sinanthropus ( عينة منتصبة ) تنتمي إلى نفس هذا النوع المتنوع. (200)

    وقد اصبح الان كون ال Homo erectus مجموعة تصنيفية taxon زائدة حقيقة واضحة فى المجتمع العلمى , وان هذه الحفريات المندرجة تحت مجموعة ال Homo erectus لا تختلف عن ال Homo sapiens بالدرجة التى تجعلها جنس مختلف .

    فى مجلة العالم الامريكى American Scientist تم تلخيص المناقشة حول هذا الموضوع ونتيجة المؤتمر المنعقد بخصوصه عام 2000 فى الكلمات الاتية :





    اغلب المشاركين فى مؤتمر سينكينبيرج انخرطوا فى مناظرة حامية حول الوضع التصنيفى للهومو إيريكتس فلقد انتصروا بضراوة لفكرة أن الهومو إيريكتس ليس له أى صلاحية فى أن يكون نوعا مستقلا ولابد أن يمحى كليةً .

    فالأعضاء المنتمية للجنس البشرى منذ مليونى عام وحتى الآن هى نوع واحد متنوع لدرجة عالية وواسع الإنتشار ألا وهو الهوموسابينز بلا أقسام فرعية . فموضوع المؤتمر ـ وهو الهومو إيريكتس ـ لم يوجد يوما من الأيام .(201)



    ويمكن تلخيص الاستنتاج الذى توصل اليه العلماء المدافعين عن الطرح السابق ذكره فى كون الهومو إيريكتس ليس مختلفا عن الهوموسابينز بل هو عرق فى إطار النوع هومو سابينز .

    ومن ناحية اخرى توجد فجوة واسعة بين الهومو سابينز والأسترالوبيتيكوس وهذا يعنى أن الإنسان العصرى ظهر فجأة فى السجل الحفرى بلا تاريخ تطورى مسبق .







    النياندرتاليون سماتهم التشريحية وثقافتهم :



    النياندرتاليون

    Neanderthals

    (Homo neanderthalensis)

    هم كائنات بشرية ظهرت فجأة منذ 100.000 عام فى أوروبا واختفت أو تم استيعابها ودمجها من خلال الاختلاط بالأجناس الأخرى بسرعة منذ 35.000 عام . والشىء الوحيد الذى يفرقها عن الإنسان العصرى هو أن هياكلها العظمية أكثر غلظة والسعة الدماغية أكبر بشكل طفيف .

    لقد كان النياندرتاليون عرقا بشريا وهذه حقيقة مقبولة لدى الجميع تقريبا اليوم . لقد كانت للتطوريين محاولات مستميته فى سبيل اثبات أن النياندرتاليون آدميات بدائية غير أن كافة ما تم اكتشافه يدل على أن النياندرتاليون لا يختلفون فى شىء عن إنسان قوى البنية يمشى فى الشارع اليوم .

    أحد العلماء البارزين والمعتبرين إريك ترنكوس Erik Trinkaus من جامعة نيوميكسيكو و هو من علماء الإنسانيات القديمة كتب قائلا :

    إن المقارنة التفصيلية بين البقايا الهيكلية للإنسان النياندرتالى والإنسان العصرى لم تسفر عن وجود أى شىء فى السمات التشريحية للإنسان النياندرتالى يدل بشكل قاطع على وجود قدرات حركية أو يدوية أو ذهنية أو كلامية ذات مستوى أدنى من التى للإنسان العصرى .(202)

    فالعديد من الباحثين يُعرِّفون الإنسان النياندرتالى على أنه نوع فرعى subspecies من الإنسان العصرى ويسمونه

    هومو سابينز نياندرتالينسيس Homo sapiens neanderthalensis .



    وعلى الجانب الآخر فلقد أظهر السجل الحفرى أن النياندرتاليين كانت لديهم ثقافة متقدمة . وأحد النماذج الشيقة على ذلك هو آلة فلوت ( آلة موسيقية ) متحفرة مصنوعة بواسطة النياندرتاليين .

    هذا الفلوت المصنوع من عظام الفخذ لأحد الدببه عثر عليه بواسطة أحد علماء الاثار وهو إيفان ترك Ivan Turk فى يوغسلافيا الجنوبية بأحد الكهوف فى يوليو عام 1995 .

    ولقد قام المختص بفنون الموسيقى بوب فينك Bob Fink بتحليلها . لقد أثبت فينك أن هذا الفلوت ـ والذى يعتقد أنه عمره من خلال تقنية الكربون المشع ما بين 43.000 و 67.000 سنة ـ أصدر 4 نبرات وكان له نغمات كاملة ونغمات نصفية . ولقد أظهر هذا الاكتشاف أن النياندرتاليين استخدموا سلم النغمات السباعى seven-note scale وهو الصيغة الأساسية للموسيقى الغربية .

    لقد نص فينك على أن المسافة بين الثقب الثانى والثالث من الفلوت ضعف المسافة بين الثالث والرابع .

    وهذا يعنى أن المسافة الأولى تمثل نغمة كاملة والثانية تمثل نصف نغمة . يقول فنك : هذه النغمات لا مفر دياتونيكية Diatonic و تحاكى مقطوعة شبه تامة a near-perfect fit فى إطار أى سُلّم دياتونيكى قياسى standard diatonic scale قديما كان أو حديث ومن ثم فإن هذا يظهر أن النياندرتاليين كان لديهم أذن ومعرفة موسيقية . (203)

    بعض الاكتشافات الحفرية الأخرى أظهرت أن النياندرتاليين كانوا يدفنون موتاهم ويقومون على رعاية المرضى ويلبسون القلائد ونحوها من الحلى وأدوات الزينة .(204)

    وإبرة خياطة عمرها 27.000 عام ثبت أنها كانت تستخدم بواسطة النياندرتاليين عثر عليها أيضا فى التنقيبات الحفرية .

    هذه الإبرة المصنوعة من العظام كانت إلى درجة فائقة مستقيمة ولها ثقب يُمرر الخيط من خلاله . (205)

    فأناسىٌّ يرتدون الملابس ويشعرون بالحاجة للمِخْيَط لا يمكن أن يُعدوا بدائيين .

    إن أفضل البحوث حول قدرة النياندرتاليين على صناعة الأدوات هو ما قام به كل من أستاذ علم الإنسانيات ستيفين كوهن Steven L. Kuhn وعالمة الآثار مارى ستينر Mary C. Stiner من جامعة نيوميكسكو . وبالرغم من كون الاثنين من مؤيدى نظرية التطور فإن نتائج البحوث الأثرية والدراسات التحليلية التى قاموا بها أظهرت أن النياندرتاليين الذين قطنوا كهوفا على الساحل الجنوبى الغربى لإيطاليا قاموا بإجراء نشاطات تتطلب قدرة معقدة على التفكير نظير تلك التى للإنسان العصرى . (206)



    لقد عثر كوهن وستينر على عدد من الأدوات داخل تلك الكهوف . والأدوات التى عثر عليها كانت أدوات حادة مدببه قاطعة متضمنة حراب مصنوعة بعناية من خلال كشط طبقات من الحجر الصوان . فصناعة نصال حادة من هذا النوع من خلال كشط طبقات لاشك دال على الذكاء والمهارة .

    لقد أظهر البحث أن أهم المشاكل التى تُواجَه خلال هذه العملية هى الكسور التى تحدث نتيجة الضغط على نصل الأداة الحجرية ولذا فإن الفرد الذى يقوم بهذه العلمية لابد أن يقوم بعمل تقدير دقيق للقوة المستخدمة من أجل أن يبقى على النصل مستقيما وللزاوية الدقيقة التى يضرب عندها إذا ما كان يقوم بصناعة آلة ذات زوايا .

    مارجريت كونكى Margaret Conkey من جامعة كاليفورنيا توضح كيف أن الأدوات كانت تصنع فى الفترات التى سبقت النياندرتاليين أيضا بواسطة جماعات من الأناس الأذكياء الذين كانوا على وعى بما يفعلوه :

    إذا ما نظرت للأشياء التى صنعها الآدميون القدماء بأيديهم ، Levallois cores وما شاكل ،

    فليس هذا بشىء أخرق فلقد كان لديهم تقدير للمادة التى يتعاملون معها وفهم لعالمهم . (207)

    وبإختصار فإن المكتشفات العلمية تظهر أن النياندرتاليين هم عرق بشرى لا يختلفون عنا فى شىء على مستوى القدرات الذهنية والمهارة اليدوية وهذا العرق إما أنه اختفى من خلال الاستيعاب assimilating عن طريق الاختلاط بالاعراق الأخرى أو باد بشكل ما غير معلوم . غير أنهم وبكل تأكيد لم يكونوا آدميين بدائيين ولا أنصاف قردة .

  6. افتراضي

    الهومو سابينز العتيق Archaic Homo sapiens والهومو هايدلبيرجينسيس Homo heidelbergensis والإنسان الكرومانونى Cro-Magnon Man :



    الهوموسابينز العتيق هو الخطوة الأخيرة قبل الإنسان العصرى فى المخطط التطورى التخيلى .

    وفى الواقع فإن التطوررين ليس لديهم الكثير كى يقولوه عن هذه الحفريات حيث أن الفروقات بينها وبين الإنسان العصرى طفيفة للغاية .

    حتى إن بعض الباحثين أوضحوا أن ممثلين عن هذا العرق لايزالون على قيد الحياة فى يومنا هذا مشيرين إلى أهل أستراليا الأصليين كمثال . فكما هو الحال بالنسبة للإنسان العتيق فإن الأستراليين الأصليين لديهم حواجب بارزة وغليظة وبنية الفك جانحة نحو الداخل والسعة الدماغية أضأل بشكل طفيف .

    والمجموعة المسماة هومو هايديلبيرجنسيس فى الكتابات التطورية لا تختلف حقيقة فى شىء عن الهومو سابينز العتيق .

    فكل الحفريات المدرجة تحت تصنيف الهومو هايديلبيرجنسيس ترجح أن أناسا كانوا مشابهين جدا من الناحية التشريحية للأوربيين فى العصر الحديث عاشوا منذ 500.000 أو حتى منذ 740.000 سنة فى إنجلترا وأسبانيا .

    إنه من المقدر أن الإنسان الكرومانونى عاش قبل 30.000 سنة وقد كان لديه دماغ يشبه القبة

    وجبهة عريضة والسعة الدماغية لديه ( 1600 سم 3 ) هى أكبر بقليل من متوسط السعة الدماغية لدى الإنسان العصرى .

    والجمجمة بها بروز غليظ فى الحاجبين ونتوء عظمى فى الخلف وهو ما يميز الإنسان النياندرتالى والإنسان المنتصب القامة .

    وبالرغم من كون الإنسان الكرومانونى يعتبر عرقا أوروبيا إلا أن بنية وحجم دماغ الإنسان الكرومانونى تشبه إلى حد بعيد تلك الخاصة ببعض الأعراق التى تعيش الآن فى أفريقيا و بعض المناطق الحارة .

    واستنادا إلى هذا التشابه لقد عُدَّ الإنسان الكرومانونى على أنه عرق أفريقى عتيق .

    بعض الكشوفات الحديثة المتعلقة بعلم الإنسانيات القديمة أظهرت أن العرقين الكرومانونى والنياندرتالى اختلطا ببعضهما البعض ووضعا لبنة الأعراق الموجودة فى يومنا هذا .

    وبناءا على ما سبق فليس هناك شىء من تلك الكائنات الآدمية هو فى الواقع نوعا بدائيا فلقد كانوا آدميين مختلفين عاشوا فى أزمان مبكرة وإما أنهم تم استيعابهم ودمجهم أو اختلطوا بالأعراق الأخرى

    أو على الجانب الآخر بادوا واختفوا من التاريخ .



    سقوط شجرة العائلة :



    ما تفحصناه حتى الآن يعطى صورة واضحة فحواها أن : السيناريو المتعلق بتطور الإنسان ما هو إلا رواية خيالية .

    فلكى تمثل شجرة العائلة هذه حقيقة واقعية لابد أن يكون هناك تطور تدريجى من القردة للإنسان وسجل حفرى يعكس مراحل هذه العملية التطورية . لكن على الرغم من ذلك فثمة فجوة هائلة بين الإنسان والقردة .

    فالبُنى الهيكيلية والسعات الدماغية ومعايير من عينة المشى فى وضع الانتصاب او بانحناء للأمام بشكل حاد تميز الآدميين عن القردة .

    وثمَّ اكتشاف آخر يدل على أنه ليس هناك علاقة فى إطار شجرة عائلية بين تلك الأنواع المختلفة وهو أن الأنواع التى تقدم على أنها أسلاف لبعضها البعض فى الحقيقة تواجدت فى ذات الوقت . فلو أن الأسترالوبيتيكوس كما يدعى التطوريون تحولت إلى الهومو هابيليس ومن ثم للهومو إيريكتس فإن الفترات الزمنية التى تواجدت فيها هذه الأنواع لابد وأنها تلت بعضها البعض أو بعبارة أخرى جاءت واحدة تلو الأخرى . غير أنه ليس هناك فى السجل الحفرى ترتيبا زمنيا بهذا الشكل .

    فوفقا لتقديرات التطوريين فإن الأسترالوبيتيكيات عاشت ما بين 4 ملايين إلى مليون سنة مضت قبل الأن

    وفى المقابل يعتقد أن المخلوقات المسماة هومو هابيليس عاشت حتى 1.7 أو 1.9 مليون سنة مضت قبل الآن . والهومو رودولفينسيس والتى من المفترض أنها أكثر تقدما يقدر عمرها بحوالى 2.5 إلى 2.8 مليون سنة وهذا يعنى أن الرودولفينسيس أقدم بحوالى مليون سنة من الهومو هابيليس التى يدعون أنها سلف للهومو رودولفينسيس . ومن ناحية أخرى فإن الهومو إيريكتس ترجع إلى حوالى 1.6 إلى 1.8 مليون سنة مضت . وهذا يعنى أن الهومو إيريكتس ظهر على الأرض فى نفس الإطار الزمنى الذى ظهر فيه ما يسمها بسلفه ألا وهو الهوموهابيليس .

    ألان واكر يقرر هذه الحقيقة بقوله : إن هناك دليل من شرق أفريقيا على بقاء أفراد صغيرة من الأسترالوبيتيكوس حتى وقت متأخر والتى تعاصرت فى البداية مع الهومو هابيليس ثم مع الهومو إيريكتس . (208)

    ولويس ليكى Louis Leakey عثر على حفريات من الاسترالوبيتيكوس والهوموهابيليس والهومو إيريكتس تقريبا جنبا إلى جنب فى منطقة أولدوفاى جورج Olduvai Gorge بتنزانيا فى طبقة المهاد الثانى Bed II layer . (209)

    فشجرة العائلة هذه لم توجد يوما بكل تأكيد .

    ستيفين جاى جولد Stephen Jay Gould عالم الحفريات من جامعة هارفارد يشرح هذه الإخفاق التام الذى تواجهه نظرية التطور بالرغم من كونه هو بنفسه من دعاة التطور بالقول :

    ما الذى صار له وجود أو تحقق من السُّلم إذا ما كان هناك ثلاثة أنسال أو ذرارى lineages متعايشة من العائلة البشرية hominids وأعنى بذلك أ. أفريكانوس و روبَسْتَس والهومو هابيليس . وأى واحد منها من الواضح انه ليس ناشئا من الآخر . وفوق هذا لم يُظهر أى واحد منها أية نزعة تطورية مدة بقاءه على الأرض . (210)

    وعندما ننتقل من الهومو إيريكتس للهومو سابينز لا نجد أيضا أى شجرة عائلية نتكلم عنها .

    وثمَّ دليل يظهر أن الهومو إيريكتس والهوموسابينز العتيق عاشا حتى 27.000 عام قبل الآن بل وحتى وقت متأخر كعشرة آلاف سنة قبل الآن .

    ففى مستنقع كاو Kow بأستراليا تم العثور على جمامجم للهومو إيريكتس يقدر عمرها بحوالى 13 ألف عام . وفى جزيرة جاوه عُثر على بقايا من الهومو إيريكتس يقدر عمرها بسبعة وعشرين ألف عام .

    (211)

    وواحدا من أكثر الاكتشافات إثارة للدهشة فى تلك المنطقة هو حفريات تعود للهومو إيريكتس والإنسان النياندرتالى والهومو سابينز يقدر عمرها بثلاثين ألف عام عثر عليها فى جاوه عام 1996 . ولقد كتبت جريدة نيويورك تايمز فى قصة الغلاف : حتى حوالى عقدين من الزمن قبل الآن لقد تصور العلماء الأرومة (سلسلة النسب) الآدمية على أنها تقدم منمق من نوع للنوع الذى يليه . وتصوروا بشكل عام أنه من غير الممكن لنوعين أن يتداخلا فى الزمان أو المكان . (212)

    فهذا الإكتشاف يثبت مرة أخرى بطلان سيناريو شجرة العائلة التطورية المتعلق بنشأة الإنسان .



    أحدث الأدلة " ساهل أنثروبوس تشادنسيس "Sahelanthropus tchadensis وحلقة الوصل المفقودة التى لم توجد يوما :





    إن أحدث الأدلة التى تطيح بالمزاعم التطورية حول منشأ الإنسان هو حفرية جديدة تم التنقيب عنها فى إحدى دول أفريقيا الوسطى ، وهى تشاد فى ، صيف عام 2002 .

    لقد وضعت الحفرية الهرة وسط الحمائم فى عالم الداروينية .ففى مقالها التى أعلنت فيه خبر إكتشاف الحفرية لقد سلمت الجريدة المرموقة ذائعة الصيت " الطبيعة " بأن الجمجمة الجديدة

    التى تم العثور عليها من الممكن أن تقلل من شأن أفكارنا الحالية عن التطور . (213)

    ويقول دانيل ليبرمان Daniel Lieberman من جامعة هارفارد أن هذا الاكتشاف سيكون له مفعول قنبلة نووية صغيرة . (214)

    والسبب فى ذلك أن الحفرية الجديدة والتى يقدر عمرها بسبعة ملايين من السنين تحاكى بنيتها الآدميين ـ وهذا وفقا للمعاير التى استخدمها التطوريون لحد الآن ـ لدرجة أكبر من النوع أسترالوبيتيكوس والذى يقدر عمره بخمسة ملايين من السنين والذى يُدعى أنه السلف الأقدم للإنسان .

    وهذا يظهر أن العلاقات التطورية المقررة بين أنواع القردة البائدة بناءا على المعيار ، الذى هو إلى حد بعيد ذاتى subjective ومنحاز ، " درجة التشابه مع الآدميين "

    هو فى الحقيقة تخيلى بالكامل .



    جون ويتفيلد John Whitfield فى مقال له بعنوان " أقدم أعضاء العائلة البشرية التى تم العثور عليها " فى جريدة الطبيعة والصادرة بتاريخ 11 يوليو

    2002 . يؤكد على هذه الرؤية مقتبسا من برنارد وود عالم الإنسانيات من جامعة جورج واشنطن :

    عندما التحقت بكلية الطب عام 1964 لقد بدا التطور البشرى مثل السلم ، يقول برناد وود . ولقد تدرج السلم من القرد للإنسان من خلال تطور أنماط وسيطة كل نمط منها يشبه القردة بدرجة

    أقل من سابقه. والأن التطور الادمى يشبه الشجرة . لدينا الآن مجموعة متنوعة من حفريات العائلة البشرية hominids ... فكيف هى متعلقة ببعضها البعض وأيا منها ، إن كان واحدا منها كذلك ، هى أسلاف آدمية لا يزال مثار جدل . (115)

    تعليقات رئيس تحرير جريدة الطبيعة وعالم الإنسانيات القديمة المعتبر هنرى جى Henry Gee عن الأحفورة المكتشفة هى جديرة بالذكر ففى مقاله المنشور بجريدة الجارديان يشير

    جى للجدل الثائر حول الأحفورة بقوله :

    وبصرف النظر عما سيتمخض عنه الجدل الثائر الآن فإن الجمجمة تظهر أن فكرتنا القديمة عن حلقة الوصل المفقودة هى مجرد هراء... ويجب أن يكون من الواضح فى أذهاننا أن فكرة



    حلقة الوصل المفقودة والتى دائما ما كانت مضطربة ، الآن لا يمكن الدفاع عنها .(216)

  7. افتراضي

    الهومو سابينز العتيق Archaic Homo sapiens والهومو هايدلبيرجينسيس Homo heidelbergensis والإنسان الكرومانونى Cro-Magnon Man :



    الهوموسابينز العتيق هو الخطوة الأخيرة قبل الإنسان العصرى فى المخطط التطورى التخيلى .

    وفى الواقع فإن التطوررين ليس لديهم الكثير كى يقولوه عن هذه الحفريات حيث أن الفروقات بينها وبين الإنسان العصرى طفيفة للغاية .

    حتى إن بعض الباحثين أوضحوا أن ممثلين عن هذا العرق لايزالون على قيد الحياة فى يومنا هذا مشيرين إلى أهل أستراليا الأصليين كمثال . فكما هو الحال بالنسبة للإنسان العتيق فإن الأستراليين الأصليين لديهم حواجب بارزة وغليظة وبنية الفك جانحة نحو الداخل والسعة الدماغية أضأل بشكل طفيف .

    والمجموعة المسماة هومو هايديلبيرجنسيس فى الكتابات التطورية لا تختلف حقيقة فى شىء عن الهومو سابينز العتيق .

    فكل الحفريات المدرجة تحت تصنيف الهومو هايديلبيرجنسيس ترجح أن أناسا كانوا مشابهين جدا من الناحية التشريحية للأوربيين فى العصر الحديث عاشوا منذ 500.000 أو حتى منذ 740.000 سنة فى إنجلترا وأسبانيا .

    إنه من المقدر أن الإنسان الكرومانونى عاش قبل 30.000 سنة وقد كان لديه دماغ يشبه القبة

    وجبهة عريضة والسعة الدماغية لديه ( 1600 سم 3 ) هى أكبر بقليل من متوسط السعة الدماغية لدى الإنسان العصرى .

    والجمجمة بها بروز غليظ فى الحاجبين ونتوء عظمى فى الخلف وهو ما يميز الإنسان النياندرتالى والإنسان المنتصب القامة .

    وبالرغم من كون الإنسان الكرومانونى يعتبر عرقا أوروبيا إلا أن بنية وحجم دماغ الإنسان الكرومانونى تشبه إلى حد بعيد تلك الخاصة ببعض الأعراق التى تعيش الآن فى أفريقيا و بعض المناطق الحارة .

    واستنادا إلى هذا التشابه لقد عُدَّ الإنسان الكرومانونى على أنه عرق أفريقى عتيق .

    بعض الكشوفات الحديثة المتعلقة بعلم الإنسانيات القديمة أظهرت أن العرقين الكرومانونى والنياندرتالى اختلطا ببعضهما البعض ووضعا لبنة الأعراق الموجودة فى يومنا هذا .

    وبناءا على ما سبق فليس هناك شىء من تلك الكائنات الآدمية هو فى الواقع نوعا بدائيا فلقد كانوا آدميين مختلفين عاشوا فى أزمان مبكرة وإما أنهم تم استيعابهم ودمجهم أو اختلطوا بالأعراق الأخرى

    أو على الجانب الآخر بادوا واختفوا من التاريخ .



    سقوط شجرة العائلة :



    ما تفحصناه حتى الآن يعطى صورة واضحة فحواها أن : السيناريو المتعلق بتطور الإنسان ما هو إلا رواية خيالية .

    فلكى تمثل شجرة العائلة هذه حقيقة واقعية لابد أن يكون هناك تطور تدريجى من القردة للإنسان وسجل حفرى يعكس مراحل هذه العملية التطورية . لكن على الرغم من ذلك فثمة فجوة هائلة بين الإنسان والقردة .

    فالبُنى الهيكيلية والسعات الدماغية ومعايير من عينة المشى فى وضع الانتصاب او بانحناء للأمام بشكل حاد تميز الآدميين عن القردة .

    وثمَّ اكتشاف آخر يدل على أنه ليس هناك علاقة فى إطار شجرة عائلية بين تلك الأنواع المختلفة وهو أن الأنواع التى تقدم على أنها أسلاف لبعضها البعض فى الحقيقة تواجدت فى ذات الوقت . فلو أن الأسترالوبيتيكوس كما يدعى التطوريون تحولت إلى الهومو هابيليس ومن ثم للهومو إيريكتس فإن الفترات الزمنية التى تواجدت فيها هذه الأنواع لابد وأنها تلت بعضها البعض أو بعبارة أخرى جاءت واحدة تلو الأخرى . غير أنه ليس هناك فى السجل الحفرى ترتيبا زمنيا بهذا الشكل .

    فوفقا لتقديرات التطوريين فإن الأسترالوبيتيكيات عاشت ما بين 4 ملايين إلى مليون سنة مضت قبل الأن

    وفى المقابل يعتقد أن المخلوقات المسماة هومو هابيليس عاشت حتى 1.7 أو 1.9 مليون سنة مضت قبل الآن . والهومو رودولفينسيس والتى من المفترض أنها أكثر تقدما يقدر عمرها بحوالى 2.5 إلى 2.8 مليون سنة وهذا يعنى أن الرودولفينسيس أقدم بحوالى مليون سنة من الهومو هابيليس التى يدعون أنها سلف للهومو رودولفينسيس . ومن ناحية أخرى فإن الهومو إيريكتس ترجع إلى حوالى 1.6 إلى 1.8 مليون سنة مضت . وهذا يعنى أن الهومو إيريكتس ظهر على الأرض فى نفس الإطار الزمنى الذى ظهر فيه ما يسمها بسلفه ألا وهو الهوموهابيليس .

    ألان واكر يقرر هذه الحقيقة بقوله : إن هناك دليل من شرق أفريقيا على بقاء أفراد صغيرة من الأسترالوبيتيكوس حتى وقت متأخر والتى تعاصرت فى البداية مع الهومو هابيليس ثم مع الهومو إيريكتس . (208)

    ولويس ليكى Louis Leakey عثر على حفريات من الاسترالوبيتيكوس والهوموهابيليس والهومو إيريكتس تقريبا جنبا إلى جنب فى منطقة أولدوفاى جورج Olduvai Gorge بتنزانيا فى طبقة المهاد الثانى Bed II layer
    (209)

    فشجرة العائلة هذه لم توجد يوما بكل تأكيد .

    ستيفين جاى جولد Stephen Jay Gould عالم الحفريات من جامعة هارفارد يشرح هذه الإخفاق التام الذى تواجهه نظرية التطور بالرغم من كونه هو بنفسه من دعاة التطور بالقول :

    ما الذى صار له وجود أو تحقق من السُّلم إذا ما كان هناك ثلاثة أنسال أو ذرارى lineages متعايشة من العائلة البشرية hominids وأعنى بذلك أ. أفريكانوس و روبَسْتَس والهومو هابيليس . وأى واحد منها من الواضح انه ليس ناشئا من الآخر . وفوق هذا لم يُظهر أى واحد منها أية نزعة تطورية مدة بقاءه على الأرض . (210)

    وعندما ننتقل من الهومو إيريكتس للهومو سابينز لا نجد أيضا أى شجرة عائلية نتكلم عنها .

    وثمَّ دليل يظهر أن الهومو إيريكتس والهوموسابينز العتيق عاشا حتى 27.000 عام قبل الآن بل وحتى وقت متأخر كعشرة آلاف سنة قبل الآن .

    ففى مستنقع كاو Kow بأستراليا تم العثور على جمامجم للهومو إيريكتس يقدر عمرها بحوالى 13 ألف عام . وفى جزيرة جاوه عُثر على بقايا من الهومو إيريكتس يقدر عمرها بسبعة وعشرين ألف عام .

    (211)

    وواحدا من أكثر الاكتشافات إثارة للدهشة فى تلك المنطقة هو حفريات تعود للهومو إيريكتس والإنسان النياندرتالى والهومو سابينز يقدر عمرها بثلاثين ألف عام عثر عليها فى جاوه عام 1996 . ولقد كتبت جريدة نيويورك تايمز فى قصة الغلاف : حتى حوالى عقدين من الزمن قبل الآن لقد تصور العلماء الأرومة (سلسلة النسب) الآدمية على أنها تقدم منمق من نوع للنوع الذى يليه . وتصوروا بشكل عام أنه من غير الممكن لنوعين أن يتداخلا فى الزمان أو المكان . (212)

    فهذا الإكتشاف يثبت مرة أخرى بطلان سيناريو شجرة العائلة التطورية المتعلق بنشأة الإنسان .



    أحدث الأدلة " ساهل أنثروبوس تشادنسيس "Sahelanthropus tchadensis وحلقة الوصل المفقودة التى لم توجد يوما :





    إن أحدث الأدلة التى تطيح بالمزاعم التطورية حول منشأ الإنسان هو حفرية جديدة تم التنقيب عنها فى إحدى دول أفريقيا الوسطى ، وهى تشاد فى ، صيف عام 2002 .

    لقد وضعت الحفرية الهرة وسط الحمائم فى عالم الداروينية .ففى مقالها التى أعلنت فيه خبر إكتشاف الحفرية لقد سلمت الجريدة المرموقة ذائعة الصيت " الطبيعة " بأن الجمجمة الجديدة

    التى تم العثور عليها من الممكن أن تقلل من شأن أفكارنا الحالية عن التطور . (213)

    ويقول دانيل ليبرمان Daniel Lieberman من جامعة هارفارد أن هذا الاكتشاف سيكون له مفعول قنبلة نووية صغيرة . (214)

    والسبب فى ذلك أن الحفرية الجديدة والتى يقدر عمرها بسبعة ملايين من السنين تحاكى بنيتها الآدميين ـ وهذا وفقا للمعاير التى استخدمها التطوريون لحد الآن ـ لدرجة أكبر من النوع أسترالوبيتيكوس والذى يقدر عمره بخمسة ملايين من السنين والذى يُدعى أنه السلف الأقدم للإنسان .

    وهذا يظهر أن العلاقات التطورية المقررة بين أنواع القردة البائدة بناءا على المعيار ، الذى هو إلى حد بعيد ذاتى subjective ومنحاز ، " درجة التشابه مع الآدميين "

    هو فى الحقيقة تخيلى بالكامل .



    جون ويتفيلد John Whitfield فى مقال له بعنوان " أقدم أعضاء العائلة البشرية التى تم العثور عليها " فى جريدة الطبيعة والصادرة بتاريخ 11 يوليو

    2002 . يؤكد على هذه الرؤية مقتبسا من برنارد وود عالم الإنسانيات من جامعة جورج واشنطن :

    عندما التحقت بكلية الطب عام 1964 لقد بدا التطور البشرى مثل السلم ، يقول برناد وود . ولقد تدرج السلم من القرد للإنسان من خلال تطور أنماط وسيطة كل نمط منها يشبه القردة بدرجة

    أقل من سابقه. والأن التطور الادمى يشبه الشجرة . لدينا الآن مجموعة متنوعة من حفريات العائلة البشرية hominids ... فكيف هى متعلقة ببعضها البعض وأيا منها ، إن كان واحدا منها كذلك ، هى أسلاف آدمية لا يزال مثار جدل . (115)

    تعليقات رئيس تحرير جريدة الطبيعة وعالم الإنسانيات القديمة المعتبر هنرى جى Henry Gee عن الأحفورة المكتشفة هى جديرة بالذكر ففى مقاله المنشور بجريدة الجارديان يشير

    جى للجدل الثائر حول الأحفورة بقوله :

    وبصرف النظر عما سيتمخض عنه الجدل الثائر الآن فإن الجمجمة تظهر أن فكرتنا القديمة عن حلقة الوصل المفقودة هى مجرد هراء... ويجب أن يكون من الواضح فى أذهاننا أن فكرة



    حلقة الوصل المفقودة والتى دائما ما كانت مضطربة ، الآن لا يمكن الدفاع عنها .(216)

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سؤال: عقل الإنسان اخترع الكمبيوتر فهل للطبيعة عقل لتخترع الإنسان
    بواسطة Mohammed في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-09-2010, 09:27 AM
  2. عجز الإنسان في الوصول إلى الإنسان
    بواسطة ياسين اليحياوي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-14-2009, 02:18 AM
  3. مشاركات: 30
    آخر مشاركة: 09-06-2009, 09:04 AM
  4. مقارنة بين وثيقة حقوق الإنسان والعقاب الديني .. مقارنة بين الإنسان واللاإنسان
    بواسطة elserdap في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-11-2007, 03:04 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء