افترض أن هناك شخصا (أ) في بناية على شكل كرة ..وهو في مركزها قابع ، لم يغادرها مذ سكنها، بعد مدة معينة لم يحدث شيء ..
شخص آخر(ب) في بناية أخرى مثلها ، وبعد نفس المدة تدلى من سقف البناية الكروية ، حبل ..وهو لا يرى منه
إلا القدر الممدود في داخل البناية ، ومحجوب عنه ما سوى ذلك ..
الماديون يقولون لا نؤمن إلا بالمحسوس ، ويظنون أن مقتضى العلم أوالعقل هو هذا ..دعونا نحلل القضية بيسر :
لو سئل (أ) : هل تؤمن بأن شيئا ما فوق سقف البناية يتسبب في إنزال الحبال: لعله يقول :لا أدري ..قد يكون وقد لا يكون ، وهذا شيء معقول ..
ولو سئل (ب) نفس السؤال .. :
-إذا قال لا أدري : فهذا يعني أن الحبل = لا حبل ..وهذا تناقض تام
-وإذا قال لا - هكذا بإطلاق -: فهذا يعني أنه : بلا عقل (مجنون ) وهو أسخم من سابقه لأنه فاقد أصلًا للأداة التي يمكن أن تميز بين التوافق والتناقض..مع أن حسه دله على أن الحبل في لحظة ز1..كان أقصر من لحظة ز2..وهكذا أثناء التدلي ..وحينئذ يصح أن يقال له : قولك (لا ) ، أردت به النفي ، والإرادة الحرة فرع الوعي ، وأنت فاقد له ..فلاؤك ونعَمُك سواء ..أو يقال :قولك لا ، كان بعد أن لم يكن ، ونحن إذ سمعناه لا نؤمن بأنك أحدثته-على مذهبك- ..فلاؤك صوت يساوي الصمت..ثم تناقض أيضا : وهو أنه أدلى بحكم غيبي وهو يزعم أنه يؤمن بالمحسوس فقط ، وذلك أن حكمه بالنفي (المتصور في حالة إمكان النفي )،إنما يصح أن يصدر ممن علا على السقف فلم ير شيئا ..أي حالة (أ) ، ولكن هذا المجنون قطع بهذا الحكم وهو لم يبرح مكانه !
Bookmarks